الأخبار
ارتفاع درجات الحرارة يفاقم معاناة النازحين في غزة ويزيد من البؤس اليوميالأمم المتحدة: إزالة الركام من قطاع غزة قد تستغرق 14 عاماًتصاعد الاحتجاجات الطلابية في الجامعات الأميركية ضد الحرب الإسرائيلية على غزةتفاصيل المقترح المصري الجديد بشأن صفقة التبادل ووقف إطلاق النار بغزةإعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزة
2024/4/27
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

من دون سلاح يقتلون الماعز الفلسطيني بقلم:شوقية عروق منصور

تاريخ النشر : 2015-09-02
من دون سلاح يقتلون الماعز الفلسطيني بقلم:شوقية عروق منصور
يتفنن الانسان في القتل والتعذيب ، يخترع ويكتشف ويطور أسلحته ، ولكن تبقى الأسلحة الأولى التي برز بها ولم يطورها  العض والتمزيق ، اعتقدت أن الانسان لن يلجأ الى هذه الأسلحة التي لا تكلفه شيئاً ، فقط قد يدخله الى أجواء الهمجية – العض همجية أما الرصاصة والمدفع والقنبلة فهي أدوات لعب -  لكن عندما رأيتهم يعضون ويمزقون الماعز عرفت أن الانسان مهما تطور هناك في أعماقه ذلك الوحشي الذي يكبر ويصغر حسب الظروف ،  لم يغب أبداً رغم قناع الحضارة والتطور الزائف ، وأكبر مثال على وحشيته رؤيته للقتلى والدمار والعنف والتخريب كأنها فصولاً طبيعية تمر بها البشرية .  

مهرجان سنوي  في إحدى القرى النيبالية ،  تقوم فكرة المهرجان على تمزيق الماعز وهي على قيد الحياة من قبل بعض القرويين بأيديهم وأسنانهم ، ويجب أن يتم عن طريق تعذيبها مثلاً يلقون بماعز أبن خمسة أشهر في بركة مياه ثم يقفز  الرجال الى البركة ويأخذون بتمزيق الماعز بالأيدي والأسنان ، والرجل الذي يقضي نهائياً عليها يتوج قائداً لمهرجان العام .

الجمعيات التي تدافع عن  حقوق الحيوان في العالم اعترضت ، ورفعت شعارات ضد الحكومة النيبالية التي تسمح بهذا القتل والتعذيب ، لكن هذا التقليد الذي يقام سنوياً على مدى 900 عام ينتصر على كل الشعارات التي يطرحها هؤلاء الذين يدافعون عن حقوق الحيوانات .

هذه الجمعيات تعترض وتنشر صور الماعز الممزقة ، في المقابل جمعيات حقوق الانسان تصمت عندما ترى جثث الأطفال والشيوخ والشباب والنساء ملقاة على شواطىء الدول الأوروبية بعد أن قذفها البحر ، أو حين تضبط شاحنة  مركونة على الرصيف في احدى الدول الأوروبية فتكتشف الشرطة عند فتحها أن هناك جثثاً متراكمة ، متراصة كانت تعود لبشر أحلامهم العريضة أدت بهم الى الهروب من عزرائيل الوطن فوجدوا قباض الأرواح في تلك الشاحنات ، جثث تعود الى جنسيات عديدة سورية وعراقية وليبية وفلسطينية ، مع أن جثثنا في الموت شرق .. الا أن  جثث الفلسطينيين تتوهج في عتمة اللجوء ، لأن مسيرة حياتهم لم تقف يوماً في محطات الراحة والاستقرار ، بل كانت هذه المسيرة عبارة عن مصعد يتنقل  من طابق الى آخر ، وكل طابق عبارة عن جحيم يتغير حسب المزاج السياسي القائم  ، أما درجات حرارة احتراقه وأوجاعه وسجونه فهي واحدة  ، لم يهدأ الجسد الفلسطيني  يوماً وبقي جسده حقيبة سفره ، حتى أصبح  ملجأ الجسد في النهاية أعماق البحر الذي يقذفه بعد أن يعذبه الى شاطىء  لا يعرف رمله كيف يحضنه ، بل يتركه الرمل خيطاً في ثوب شقاء الانسان .

ليست فقط جمعيات حقوق الانسان تصمت وتضع القرود الثلاثة أمامها ( لا أسمع ، لا أرى ، لا أتكلم ) أيضاً شعوب العالم العربي المنقوعة بالفقر والأوجاع والتفكك والنيران والارهاب صامتة  ، كأن موت هؤلاء غرقاً  في البحر أو اختناقاً في شاحنة لا يمثل لهم سوى الهروب من صورة الموت لأنهم مرشحون غداً لهذه الصورة ، حتى أصبحت هذه المناظر عادية .. كأنها أحد اعلانات البؤس الفلسطيني المكتوب على جدار الوجود ( أنت فلسطيني أنت كتلة عذاب ) .

لكن صمت السلطة الفلسطينية وحماس أمام هول منظر الجثث الفلسطينية الملقاة بعنف الموت الغاضب ، مرمية على الشواطىء كقطع خبز الحنين أمام طيور الخوف ، يحيرني ويثير التساؤل كأن هؤلاء لا يمتون لهم بصلة  ، لم نسمع عن مسؤولين أو سفراء فلسطينيين في الدول التي يلجأ اليها الفلسطينيين الهاربين يمدون لهم يد المساعدة ، كل فلسطيني – يقلع شوكه بيده -  ، لم نسمع عبارات الاستنكار والمظاهرات والاحتجاجات الشعبية ضد هذا الموت الهارب  ، حتى يسقط التساؤل المر الكاوي ، هل هناك فجوة كبيرة بين اللاجئين الفلسطينيين في الخارج وبين الفلسطينيين في الضفة والقطاع ؟ هل هذا الصمت المزري جزءاً من مرحلة السلام الزائف والمفاوضات العبثية ؟ هل المعاناة من الاحتلال وبطشه واستيطانه ومصادرة الأراضي له تأثير اللامبالاة نحو الأشقاء  ؟ هل الثورة الفلسطينية التي خرجت من جيب " فتح " و كان شعارها الطلقة الأولى ترهلت  أمام الواقع الذي بدأ يفرز قرارات تتلخص – من دون سلاح – حيث دخلت هذه العبارة سلك الأغاني التي تُبث عبر شاشة تلفزيون فلسطين هذه الأيام وتتحدث الأغنية عن الجهود الدبلوماسية والشعبية لمقاومة المحتل ( احنا ثورتنا سلمية .. مقاومتنا الشرعية من دون سلاح ) تريد الأغنية التأكيد على السلم والسلام وسلالم الاستقرار المعلقة بين عمارة الدولة الاسرائيلية وبين كوخ البصمة الفلسطينية .

هل النضال والكفاح الذي رافق منظمة التحرير في بداياتها وعملياتها الفدائية كانت خاطئة ؟؟ اذن لماذا يومياً تبُث اغنية من ( من دون سلاح ) ؟ هل تُعتبر هذه الأغنية ختام فصل مسرحي فلسطيني بدأ منذ عقدين وأكثر ؟ ولماذا في هذا الوقت بالذات تخرج هذه الأغنية من وكرها ؟

في نيبال يعضون ويمزقون الماعز .. والفلسطيني الهارب من لجوئه المشتعل في سوريا والعراق وليبيا وغيره من الدول العربية  يعض الحلم ولا يتركه ، حتى لو وصل به الى أيدي تجار الموت .  

وسائل الاعلام  تستنكر عض الماعز وتمزيقه ويتهمون النيباليين بالتوحش .. أما نحن فيقدم لنا سفير الموت أوراق اعتماده كل لحظة تحت أعين وتصفيق المتوحشين الجدد .. 
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف