الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/24
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

الأبعاد السياسية والقانونية للانتهاكات الإسرائيلية لحق الشعب الفلسطيني في مصادر المياه

تاريخ النشر : 2015-09-01
الأبعاد السياسية والقانونية للانتهاكات الإسرائيلية لحق الشعب الفلسطيني في مصادر المياه
أكاديمية الإدارة والسياسة للدراسات العليا- غزة تخصص دبلوماسية وعلاقات دولية

برنامج الدراسات العليا المشترك بين أكاديمية الإدارة والسياسة للدراسات العليا وجامعة الأقصى

الأبعاد السياسية والقانونية للانتهاكات الإسرائيلية لحق الشعب الفلسطيني في مصادر المياه

إعداد الطالب

نهاد محمود رشدي الخطيب


إشراف الدكتور

محمد نعمان النحال

 
قدمت هذه الرسالة استكمالاً لمتطلبات الحصول على درجة الماجستير في تخصص الدبلوماسية والعلاقات الدولية


1436ه/2015م

شكر وتقدير   الحمدلله رب  العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم النبيين

"اللهم  لا سهل إلا ماجعلته سهلاً وأنت تجعل الحزن إن شئت سهلاً"

"اللهم لا علم لنا إلا ماعلمتنا إنك أنت العليم الحكيم."

 بعد أن منّ الله على بإتمام هذه الدراسة، فإنه يسعدني أن أتقدم بوافر الشكر وعظيم الامتنان لكل من ساعدني على إتمامها بهذا الشكل وأخص بالذكر :-

الدكتور محمد نعمان النحال – المشرف- على توجيهاته القيمة وصبره.

إدارة مصلحة مياه بلديات الساحل ومديرها العام المهندس منذر شبلاق .

المهندس ربحي الشيخ نائب رئيس سلطة المياه الفلسطينية الذي ساعدني بالنصح وزودني ببعض المراجع، وفتح لي قنوات اتصال مع بعض الشخصيات المهمة العاملة في مجال المياه.                                   المهندس فضل كعوش رئيس سلطة المياه الفلسطينية الأسبق ورئيس لجنة المياه في المفاوضات المتعددة، و عضو اللجنة العليا لشؤون المفاوضات الذي زودني بمادة ثرية عن مسيرة التفاوض الفلسطينية الإسرائيلية في موضوع المياه.

 زوجتي الغالية الحبيبة ، رفيقة الدرب  أم محمود وأولادي فلذات كبدي وعائلتي الكبيرة على صبرهم وتشجيعهم .

 وزملائي في العمل وأصدقائي وأخص بالذكر المهندس يحيى أبو عبيد "أبو ضياء"

و كل من ساعدني في عملية الطباعة والتنسيق وخصوصاً الدكتور: خليل عبد الفتاح حماد على تدقيق الرسالة لغوياً.

أساتذتي في الكلية كلٌ بإسمه ولقبه

وإلى كل أولئك الذين وقفوا بجانبي بدعواتهم المخلصة الصادقة.


إهداء أهدي هذا الجهد المتواضع إلى روح والدي المرحوم المربي الفاضل / محمود رشدي الخطيب الذي زرع بداخلنا منذ نعومة أظفارنا النزوع نحو المعرفة، وإلى روح والدتي المرحومة الحاجة/ أم إياد التي علمتنا أن الحياة تضحية واجتهاد، وإلى روحي أخويّ الشهيدين إياد الذي قضى مبطونا في بلاد الغربة ومجدى الذي قابل ربه وهو ممتشقا سلاحه في ساحة الوغي، وأيضا إلى أطفالي محمود وعطاف وسلمى ورغد وأميمة ويوسف وأقول لهم: إن المعرفة تساوي الحياة ذاتها، وإنها غير مرتبطة بمرحلة عمرية

 و أخيراً أضع هذا الجهد بين يدي صانع القرار الفلسطيني وأستودعه ذاكرة التاريخ لكي تستفيد منه الأجيال القادمة كمساهمة متواضعة مني عسى ان يكون قبس من نور على طريق النضال والتحرير و إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها الفدس الشريف

.
ملخص تعرضت مصادر المياه الفلسطينية إلى كثير من الانتهاكات من قِبل الجانب الإسرائيلي  ، تلك الانتهاكات التي لم تحظ بالقدر الكافي من الاهتمام، من الساسة الفلسطينيين بشكل عام، والمفاوضين منهم بشكل خاص، بما يتناسب مع الأهمية الكبيرة لموضوع المياه للشعب الفلسطيني، ابتداءً كسبب للحياة نفسها، وانتهاءً بالدور الحيوي الذي تلعبه المياه في البناء والتنمية للكيان الفلسطيني، وتحاول هذه الدراسة إلقاء الضوء على الأبعاد السياسية والقانونية لتلك الانتهاكات.

وقد قسم الباحث الدراسة إلى الإطار النظري و أربعة فصول، فبعد أن عرض أهمية الدراسة وأسئلتها والمنهج البحثي المتبع ، تناول في الفصل التمهيدي المصادر المائية في فلسطين التاريخية، أي ما قبل نشأة الكيان الصهيوني , حيث تم استعراض مصادر المياه السطحية مثل نهر الأردن وبحيرة طبريا كخزان مياه طبيعي في فلسطين، والأودية في الضفة الغربية ، مثل وادي الباذان ، وكذلك وادي غزة، مع الإشارة إلى وادي السلقا ووادي بيت حانون، وأيضا استعرض الباحث مصادر المياه الجوفية في فلسطين وهي مجموعة من الأحواض الجوفية تقع أسفل المناطق الفلسطينية وهي الحوض الجبلي أسفل الضفة الغربية ويتكون من ثلاثة أحواض رئيسة وهي الحوض الغربي والحوض الشرقي، والحوض الشمالي الشرقي، وأيضا تمت الإشارة إلى حوض الكرمل في منطقة حيفا وإلى الحوض الساحلي الذي يشكل الحوض المائي أسفل قطاع غزة جزءاً منه، وفي الفصل الأول تطرق الباحث إلى صور الانتهاكات الفلسطينية لمصادر المياه الفلسطينية من خلال تحويل مجرى نهر الأردن وكذلك استغلال الأحواض الجوفية ومنع الفلسطينيين من الاستفادة منها بالقوة العسكرية، وفي الفصل الثاني تتناول الدراسة الأبعاد السياسية للانتهاكات الإسرائيلية لمصادر المياه الفلسطينية من خلال محورين الأول الإشارة إلى مركزية دور المياه في إنشاء الكيان وبقائه ونموه من خلال جلب مزيداً من المستوطنين وما يستلزم ذلك من توفر كميات إضافية من المياه تم التخطيط لسلبها من المياه الفلسطينية والمحور الآخر تقليل كمية المياه المتوفرة للفلسطينيين لمنع أو إعاقة إنشاء وتنمية كيان فلسطيني، وفي الفصل الثالث تستعرض الدراسة الأبعاد القانونية للانتهاكات الإسرائيلية لمصادر المياه الفلسطينية من خلال استعراض الاتفاقيات الدولية التي تنظم المياه المشتركة بين الدول وكذلك التطرق إلى التجربة التفاوضية الفلسطينية في مجال المياه والأخطاء والقصور في بعض جوانبها والى الأساليب الإسرائيلية في التفاوض والى ضرورة أن تأخذ قضية المياه حيزا أكبر من اهتمام القيادة السياسية الفلسطينية.

وتم تحديد الحقوق المائية الفلسطينية بوضوح أكبر من ذي قبل، وكذلك صور الانتهاكات الإسرائيلية لمصادر المياه الفلسطينية والمكانة المتدنية التي تحتلها قضية المياه على الأجندة السياسية الفلسطينية، وتم إيضاح الأساليب التفاوضية الإسرائيلية والثغرات في القانون الدولي التي يحاول الإسرائيليون من خلالها تبرير استيلائهم غير القانوني على المياه الفلسطينية ويوصى الباحث بضرورة الاهتمام بالجوانب القانونية لقضية المياه والإحاطة بالقوانين الدولية التي تحفظ الحقوق المائية الفلسطينية، وأن تحتل المياه مكانة تتناسب مع أهميتها لدى القيادة الفلسطينية، وكذلك تطوير استراتيجية تفاوضية كفؤة تشمل تدريب كوادر تفاوضية تجيد التعامل مع الكيان الصهيوني باللغة التي يفهمها، وعلى أسس عصرية مع الإحاطة التامة بالجوانب القانونية والسياسية لقضية المياه.


ABSTRACT The palestinian water resources have long been a subject for Israeli violations, those violations were never given proper attention from the Palestinian politicians in general, and from the negotiators in particular, that is tantamount to the importance they deserve for the Palestinians as an essential substance for their life and for the vital role in the creation and development of the Palestinian entity, this study is trying to shed some light on the political and legal dimensions of these violations.

 The study were divided into the theoretical framework and four chapters , after reviewing the importance of the study , its questions and the research methodology that has been followed , the preliminary chapter was  dedicated for water resources in historical Palestine , before the announcement of the Zionist entity, were the surface water like Jordan river ,Tiberias lake as natural reservoir of Palestine , the wadis in the west bank and also the Wadi Gaza ,Salqa and Bait Hanoun wadis in Gaza strip, the ground water resources were reviewed, the mountain aquifer beneath the west bank comprising three sub aquifers the western, the eastern and the north eastern one , the Carmel aquifer in Haifa area ,also the coastal aquifer which includes also Gaza strip aquifer.In the first chapter the researcher has gone through the Israeli violations of the Palestinian water resources through the diversion of Jordan river water course ,also the exploitation of the water aquifers to the maximum limit and at the same time depriving the Palestinians by military force from utilizing their water. In the second chapter the study tackled the political dimension of the Israeli violations of the Palestinian water rights from two aspects, the first one is pinpointing the central role the water in the establishment ,the development and sustainability of the entity through bringing more settlers that entails extra quantities of water that planned to be taken from the Palestinian water, and the other aspect is to lessen the quantities of water available to the Palestinians in an endeavor to prevent or hampering establishment of Palestinian entity.

In the third chapter the legal dimensions of the Israeli violations of the Palestinian water resources were reviewed through mentioning the international agreements that regulates the shared water resources, also the Palestinian negotiation experience in the water sector and its shortcomings  was reviewed, the Israeli negotiating tactics and the necessity that greater importance should be given to the water issue.

The water rights were determined with greater clarity and the violations of water resources also , the little importance attached to the water issue by the Palestinian politicians were pointed at, also the Israeli negotiating tactics were articulated and the loopholes in the international law through which the Israelis tried to justify their illegal control of the Palestinian waters , the researcher recommend to give more attention to the legal aspects of the water issue and, having good knowledge of the international water laws that help the Palestinians protect their rights ,giving the water issue the importance it deserves in the Palestinian political agenda ,development of negotiating strategy that includes training negotiating personnel capable of dealing with the Zionist entity in the language which he understands and on modern basis with complete understanding of political and legal aspects of the water issue.


قائمة المحتويات  

 TOC o "1-3" h z u شكر وتقدير. PAGEREF _Toc413843555 h ‌ب 

إهداء PAGEREF _Toc413843556 h ‌د 

ملخص... PAGEREF _Toc413843557 h ‌ه 

ABSTRACT. PAGEREF _Toc413843558 h ‌ز 

قائمة المحتويات. PAGEREF _Toc413843559 h ‌ط 

مقدمة: PAGEREF _Toc413843560 h ‌ل 

الفصل التمهيدي مصادر المياه في فلسطين. PAGEREF _Toc413843561 h 1 

تمهيد PAGEREF _Toc413843562 h 2 

المبحث الأول  مصادر المياه السطحية في فلسطين. PAGEREF _Toc413843563 h 2 

المطلب الأول: الأنهار: PAGEREF _Toc413843564 h 6 

المطلب الثاني: الأودية: PAGEREF _Toc413843565 h 12 

المبحث الثاني  أحواض المياه الجوفية في الأراضي الفلسطينية PAGEREF _Toc413843566 h 14 

المطلب الأول: الحوض الشرقي والحوض الشمالي الشرقي: PAGEREF _Toc413843567 h 15 

المطلب الثاني: الحوض الغربي والحوض الساحلي وحوض الكرمل: PAGEREF _Toc413843568 h 19
الفصل الأول  الانتهاكات الإسرائيلية لمصادر  المياه الفلسطينية  PAGEREF _Toc413843569 h 23 

تمهيد PAGEREF _Toc413843570 h 24 

المبحث الأول الانتهاكات الإسرائيلية للمياه السطحية PAGEREF _Toc413843571 h 24 

تمهيد PAGEREF _Toc413843572 h 24 

المطلب الأول: حوض نهر الأردن: PAGEREF _Toc413843573 h 25 

المطلب الثاني: وادي غزة: PAGEREF _Toc413843574 h 28 

المبحث الثاني  الانتهاكات الإسرائيلية للأحواض الجوفية المشتركة PAGEREF _Toc413843575 h 31 

تمهيد PAGEREF _Toc413843576 h 31 

المطلب الأول: الأحواض الجبلية: PAGEREF _Toc413843577 h 31 

المطلب الثاني: الحوض الساحلي: PAGEREF _Toc413843578 h 37 

الفصل الثاني  الأبعاد السياسية للانتهاكات الإسرائيلية لحق الشعب الفلسطيني في مصادر المياه. PAGEREF _Toc413843579 h 39 

تمهيد PAGEREF _Toc413843580 h 40 

المبحث الأول مصادر المياه في المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية PAGEREF _Toc413843581 h 40 

تمهيد PAGEREF _Toc413843582 h 40 

المطلب الأول: خلفية تاريخية: PAGEREF _Toc413843583 h 41 

المطلب الثاني: منظور إسلامي لمسألة المياه: PAGEREF _Toc413843584 h 42 

المطلب الثالث: أسباب الرغبة الإسرائيلية في الاستحواذ على مصادر المياه في فلسطين التاريخية: PAGEREF _Toc413843585 h 44 

المطلب الرابع: مصادر المياه في الأجندة التفاوضية الفلسطينية: PAGEREF _Toc413843586 h 48 

المطلب الخامس: مبدأ الاستعمال المسبق أو التاريخي: PAGEREF _Toc413843587 h 52 

المطلب السادس: شروط التفاوض الناجح: PAGEREF _Toc413843588 h 56 

المطلب السابع: المياه في الاتفاقيات الفلسطينية الإسرائيلية: PAGEREF _Toc413843589 h 61 

المطلب الثامن: الأداء التفاوضي الفلسطيني: PAGEREF _Toc413843590 h 65 

المطلب التاسع: ملامح السلوك التفاوضي الإسرائيلي: PAGEREF _Toc413843591 h 67 

المبحث الثاني  قبول فلسطين دولة عضو مراقب في الأمم المتحدة وأثره السياسي على الحقوق المائية الفلسطينية PAGEREF _Toc413843592 h 70 

تمهيد PAGEREF _Toc413843593 h 70 

المطلب الأول: انضمام فلسطين إلى الأمم المتحدة كدولة عضو مراقب  PAGEREF _Toc413843594 h 70 

المطلب الثاني: عناصر القوة في الموقف التفاوضي الفلسطيني بعد الاعتراف الأممي. PAGEREF _Toc413843595 h 71 

الفصل الثالث  الأبعاد القانونية للانتهاكات الإسرائيلية لحق  الشعب الفلسطيني في مصادر المياه. PAGEREF _Toc413843596 h 77 

تمهيد PAGEREF _Toc413843597 h 78 

المبحث الأول  القوانين الدولية التي خرقتها إسرائيل في مجال مصادر المياه PAGEREF _Toc413843598 h 78 

المطلب الأول: التطور التاريخي لقانون المياه الدولي: PAGEREF _Toc413843599 h 78 

المطلب الثاني: اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لقانون الاستعمالات غير الملاحية لمجاري المياه الدولية 1997م PAGEREF _Toc413843600 h 82 

المطلب الثالث: قواعد هلسنكي لاستعمال مياه الأنهار الدولية 1966: PAGEREF _Toc413843601 h 89 

المبحث الثاني  أثر قبول فلسطين دولة عضو مراقب العضوية في الأمم المتحدة على الحقوق المائية الفلسطينية PAGEREF _Toc413843602 h 91 

تمهيد PAGEREF _Toc413843603 h 91 

المطلب الأول: الآليات القانونية لحماية الحقوق المائية الفلسطينية: PAGEREF _Toc413843604 h 91 

المطلب الثاني: أثر الاعتراف الأممي بالدولة الفلسطينية على استراتيجية التفاوض: PAGEREF _Toc413843605 h 93 

المبحث الثالث المسؤولية الدولية المترتبة على انتهاك إسرائيل لمصادر المياه الفلسطينية PAGEREF _Toc413843606 h 102 

المطلب الأول: مفهوم المسؤولية الدولية: PAGEREF _Toc413843607 h 102 

المطلب الثاني: الضرر المترتب على انتهاك إسرائيل للحقوق المائية الفلسطينية: PAGEREF _Toc413843608 h 103 

المطلب الثالث: النتائج المترتبة على تحقق المسؤولية الدولية: PAGEREF _Toc413843609 h 104 

الخاتمة. PAGEREF _Toc413843610 h 112 

أولاً: النتائج: PAGEREF _Toc413843611 h 112 

ثانياً: التوصيات. PAGEREF _Toc413843612 h 114 

المراجع. PAGEREF _Toc413843613 h 116 

بسم الله الرحمن الرحيم

مقدمة:     ينظر الإسرائيليون إلى مسألة سيطرتهم على مصادر المياه في فلسطين التاريخية وما حولها على أنها المكافئ الموضوعي لوجود الدولة ذاتها  فهم قد أدركوا بشكل مبكر جدا أهمية السيطرة على منابع المياه ومصادرها ربما قبل أن تتجسد الدولة واقعا ملموسا، حيث كان البعد المائي موجودا وبقوة في خططهم الإستراتيجية لإقامة الدولة. ففي عام  1919 وجه الوفد الصهيوني الى مؤتمر الصلح بباريس مذكرة  إلى المؤتمرين، يطلب فيها منهم أن تبدأ حدود الدولة العبرية في نقطة ما على شاطئ  البحر المتوسط شمال نهر الليطاني  وأن تمتد شرقاً لتشمل منابع أنهار الحاصباني والدان ونهر بانياس .

وبعد قيام الدولة أولت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة قضية المياه أهمية قصوى ,لأنهم كانوا  يدركون أنه ليس بالإمكان على الإطلاق أن ينشأ كيانهم وينمو ويتطور دون وجود كميات كافية من المياه. وحتى في جميع الحروب التي خاضها الكيان الصهيوني المحتل وخصوصاً التوسع الإقليمي الكبير الذي حدث نتيجة حرب حزيران 1967 كانت عيون الساسة الإسرائيليين  على مصادر المياه وكانوا حريصين على أن تكون تحت سيطرتهم، حيث أن جزءا هاما من مصادر المياه التي يحتاجها الكيان الصهيوني تقع خارج الحدود التاريخية لفلسطين.  وقد عمل الكيان الصهيوني على ضمان السيطرة على تلك الينابيع والمصادر، وربما في خضم المعركة الوطنية الشاملة وبجوانبها المتعددة التي يخوضها الفلسطينيون والى حد ما العرب لم تنل مشكلة المياه المستلبة حقها من الاهتمام من قبل الساسة والحقوقيون العرب حيث عمد الاحتلال الي الدفع باتجاه لعبة صفرية يأخد هو كل ما يستطيع أن يأخذه بناء على معادلة قوة ظالمة.

والآن بعد أن حصلت فلسطين على صفة دولة عضو مراقب في الأمم المتحدة ، وتشُكل  جغرافيا فلسطينية معترف بها دولياً، وبعد أن أصبحت العلاقات بين العرب والاسرائيليون قائمة على أساس الشطر الأخر من نظرية المباريات في العلاقات الدوليةwin-win strategy) )  ، فإن هذا يخلق أرضية جديدة للفلسطينيين  لخوض معركة سياسية وقانونية مع  الاحتلال الإسرائيلي ، في مجال الإنتهاكات الاسرائيلية لحق الشعب الفلسطيني في المياه الفلسطينية ، كما يتيح للدبلوماسي الفلسطيني فرصة سياسية ، للمطالبة بالحقوق المائية الفلسطينية.


مشكلة الدراسة

تتمثل مشكلة البحث في السؤال الرئيس وهو "ما الأبعاد السياسية والقانونية  للانتهاكات  الإسرائيلية لحقوق  الشعب الفلسطيني في مصادر المياه " ؟ 

وينبثق عن هذا السؤال الرئيس  الأسئلة الفرعية الآتية:

1 –  ما هي  المصادر المائية المشتركة في فلسطين  مع الكيان الصهيوني ؟

2 –  كيف  انتهك الكيان الصهيوني  مصادر المياه الفلسطينية  ؟

3-  ماذا كانت الأبعاد السياسية لإنتهاكات الكيان الصهيوني  لحق الشعب الفلسطيني في مصادر     المياه ؟

4-  ماذا كانت الأبعاد القانونية  لإنتهاكات الكيان الصهيوني  لحق الشعب الفلسطيني في مصادر المياه ؟

5- كيف يمكن الحفاظ على حق الشعب الفلسطيني في مصادر المياه من الناحية السياسية والقانونية ؟

أهداف الدراسة:

تهدف الدراسة إلى ما يلي:

1-     إلقاء الضوء على المصادر المائية الفلسطينية .

2-     توضيح  صور الانتهاكات الإسرائيلية  لمصادر المياه الفلسطينية.

3-     استعراض الأبعاد السياسية للانتهاكات الإسرائيلية لحق الشعب الفلسطيني في مصادر المياه.

4-     مناقشة الأبعاد القانونية للانتهاكات الإسرائيلية لحق الشعب الفلسطيني في مصادر المياه

5-     حصر ومناقشة  الإجراءات والمقترحات الممكنة للحفاظ على حق الشعب الفلسطيني في مصادر المياه من الناحية السياسية والقانونية .

أهمية الدراسة:

      تتمثل الأهمية العلمية للبحث في  مناقشة  الأبعاد السياسية والقانونية  للانتهاكات الإسرائيلية لحق الشعب الفلسطيني في مصادر المياه  والتعرف على الإجراءات والمقترحات الممكنة للحفاظ على حق الشعب الفلسطيني في مصادر المياه من الناحية السياسية والقانونية, أما الأهمية العملية  فتتمثل في مساعدة الدبلوماسية الفلسطينية في الدفاع عن الحقوق المائية الفلسطينية ، سواء أكان ذلك في جولات التفاوض أو أمام المؤسسات والمحافل الدولية.

منهج الدراسة:

     سيعتمد الباحث على المنهج الوصفي التحليلي القائم على تحليل المضمون للوثائق  والكتابات التي تناولت موضوع البحث حيث أن هذا المنهج  هو الأنسب  لمثل هذا النوع من المواضيع .

حدود الدراسة:

    الحد الزماني للدراسة يغطي الفترة الزمنية الممتدة من بداية الانتداب البريطاني على فلسطين وحتى نهاية عام 2015 ميلادية أما الحد المكاني فيشمل حدود فلسطين التاريخية.

الدراسات السابقة:

1- وليد عربيد (2013) : المياه عامل استراتيجي في الصراع العربي-الإسرائيلي ،

يناقش المؤلف الأبعاد الإستراتيجية لقضية المياه العربية مع تركيز على  محاولات إسرائيل ربط الليطاني بنهر الأردن جيولوجيا من أجل المطالبة بحصتها منه،ضمن محاولات الكيان الصهيوني التي لم تتوقف للإستيلاء على مصادر المياه العربية.

2- فضل كعوش (2012) : سقطت الذرائع الإسرائيلية بشأن حقوق المياه الفلسطينية

" وفق القانون الدولي فلسطين لها حقوق المشاطئة في كافة أحواض المياه الجوفية المشتركة."

       يشير فضل كعوش إلى انعكاس الاعتراف الأممي بفلسطين دولة غير عضو على صيرورة المفاوضات الفلسطينية مع إسرائيل  وذلك من واقع التجربة المريرة مع الاحتلال في الفترة التي تسبق ذلك التطور الدبلوماسي بالغ الأهمية

   3-  فضل كعوش (2013) ::  دراسة شاملة للجوانب القانونية والفنية حول طبيعة الانتهاكات الإسرائيلية لقانون المياه الدولي بشأن الحقوق المائية الفلسطينية في أحواض المياه المشتركة.

   يستعرض فضل  كعوش من واقع خبرته كعضو في اللجنة العليا للمفاوضات ومسئول لجنة المياه ، صيرورة المفاوضات والأساليب الاسرائيلية في التفاوض ومسلكية المفاضون الإسرائيليون،وكذلك يستعرض بشكل مسهب، القواعد القانونية التي انتهكها الكيان الصهيوني باستغلاله المياه الفلسطينية   .

4- الصراع حول المياه الدولية في ضوء القانون والاتفاقيات الدولية،  دراسة تطبيقية علي نهر النيل،  إعداد  د. عبد الله حامد إدريس  ، أفاق افريقية ،العدد(39)  

تعتبر الدراسة من الدراسات الهامة حيث يتطرق الباحث الى القوانين الدولية التي عالجت موضوع المياه مند عام 1911 م أي قبل نشوء الأمم المتحدة ونشوء النظام الدولي بشكله الحالي كما أنها عمدت الي تأصيل قوانين المياه  من الناحية الشرعية الإسلامية وهذا جديد في الأبحاث  المتعلقة بالموضوع .

5- محمد بني هاني (2006)  : مصادرة إسرائيل للمياه العربية، مصادرة إسرائيل للمياه الأردنية  ، ،المؤلف استشاري دولي في شؤون المياه والري، جامعة الدول العربية -مركز الدراسات المائية والأمن المائي العربي ، دمشق .

تعطي الدراسة خلفية تاريخية عن الأطماع الإسرائيلية في المياه العربية ، وكذلك الى الصراع السياسي بين الدول العربية واسرائيل من خلال سياسي ودبلوماسي من الولايات المتحدة والأمم المتحدة حول قضية المياه المشتركة  وتحذر من خطورة   المخططات الإسرائيلية على المياه العربية قديما وحديثا،ويؤكد على ضرورة ايلاء موضوع المياه أهمية أكبر لقيمتها الإستراتيجية العالية في موضوع البناء والتنمية.

6  - المياه في الإستراتيجية الإسرائيلية وآليات ووسائل تحقيقها.، إعداد الدكتور عبد الله الدروبي  مدير إدارة الموارد المائية ، المركز العربي لدراسات المناطق الجافة والأراضي القاحلة.

      من منشورات الجامعة العربية ويشير المؤلف إلى الوسائل المختلفة التي لجأ إليها الكيان الصهيوني في السيطرة على المياه العربية في وادي الأردن والأحواض المائية في الضفة الغربية وغزة وكالمتوقع يطلق صرخة تحذير من النوايا الإسرائيلية.

7-    ياسر ابراهيم سلامة (2008) : السياسة المائية الإسرائيلية وأثرها في الضفة الغربية"دراسة في الجغرافيا السياسية"، رسالة ماجستير غير منشورة ،كلية الدراسات العليا،جامعة النجاح الوطنية،نابلس –فلسطين.

يستعرض الباحث مصادر المياه الفلسطينية ، والمشاريع الإستعمارية التي استهدفتها لصالح اسرائيل ، مع التركيز على نهر الأردن، ويناقش السياسة المائية الاسرائيلية وضرورة مواجهتها على المستوى الداخلي ، من خلال وضع سياسات واستراتيجيات لإستدامة هذه المصادر المائية ، وكذلك على المستوى الإقليمي بالعمل المشترك مع الدول العربية ،لإستغلال موارد المياه واسترداد الحقوق.  

8-   خالد العرموطي (1999 ) : دبلوماسية المياه "رؤية سياسية وقانونية لمسألة المياه في حوض نهر الأردن

الناشر مطبعة الخدمات العربية.

يستعرض الباحث موارد المياه في فلسطين والسعي الاسرائيلي للسيطرة عليهابإقامة المستوطنات فوق أماكن الأحواض  المائية وإصدار القوانين التي تقيد الإستفادة الفلسطينية من المياه ، وخلص الى ضرورة الربط بين توفر كميات مناسبة من  المياه والإستقرار السياسي في فلسطين ،  وأكد على أن الصراع حول المياه بين الإسرائيليين والفلسطينيين هو صراع وجودي بسبب محدودية الموارد و زيادة السكان. 

9- Daibes-Murad, Fadia. New legal Framework for Managing the world’s shared ground waters.  IWA publishing Alliance house 2005.

                     " إطار قانوني جديد لإدارة المياه الجوفية المشتركة"

         خلصت الدكتورة دعيبس في أطروحتها للدكتوراه الى ضرورة تطوير إطار قانوني لللتعامل على أساسه بين الدول التي تتشارك في أحواض جوفية وتناولت الوضع الفلسطيني مع الاسرائليين كدراسة حالة، ودعت الى مقاربة تدريجية لتطبيق قواعد القانون الدولي مع وجود طرف ثالث كوسيط لتقريب وجهات النظر وكذلك أكدت على أهمية زيادة إلمام الفلسطينيين بالقواعد القانونية الدولية التي تخص المياه.

10-   I.  Sawalhi, Bassam . A. Mimi, Ziad . S.Aliewi, Amjad .Multi-Criteria Decision tool for allocating the waters of the Jordan basin between all riparians. 6-8 August AWRA/IWLRI-UNIVERSITY OF DUNDEE INTERNATIONAL SPECIALTY CONFERENCE 2001.

           "أداة قرار متعددة المعايير لتحصيص مياه حوض نهر الأردن بين كل المتشاطئين"

يشير المؤلفون الى أهمية حوض الأردن للدول المشاطئة وإلى ضرورة تعزيز المسار القانوني لحل إشكالية تقاسم المياه حسب قواعدالقانون الدولي للمياه المتعارف عليها ويعرضون نموذجا رياضيا لتقاسم مياه النهر قائما على أساس إعطاء أوزان للعوامل التي أساسها يتم تقسيم المياه والواردة في قواعد هلسنكي لمياه الأنهار المشتركة للعام 1966م واتفاقية الأمم المتحدة الإطارية للإستعمالات غير الملاحية لمجاري المياه الدولية للعام 1997.

 
الفصل التمهيدي
مصادر المياه في فلسطين  


المبحث الأول: مصادر المياه السطحية في فلسطين.

المبحث الثاني: أحواض المياه الجوفية في فلسطين.

تمهيد تقع فلسطين من الناحية المناخية في المنطقة القاحلة وشبه القاحلة وتتدرج كمية الأمطار نزولا من الشمال الى الجنوب، فتصل في مناطق شمال فلسطين الى حوالي 600مم في سنويا ، في حين تبلغ في الوسط الى حوالي 400مم سنويا في حين تصل الى صفر تقريبا في صحراء النقب جنوبا، ورغم ذلك ، وتنقسم مصادر المياه في فلسطين الى نوعين ، المياه السطحية وتتمثل في نهر الأردن الذي تتشاطئ عليه مع أربع دول أخرى (بإعتبار اسرائيل دولة مشاطئة) ، وكذلك وادي غزة الذي ينبع من جبال الخليل الغربية ويصب في البحر المتوسط، والنوع الأخر وهو أحواض المياه الجوفية وتتمثل في الخزان الجبلي الذي يقع أسفل الضفة الغربية والحوض الساحلي الذي يشمل منطقة السهل الساحلي لفلسطين كلهاوأحواض أخري نستعرضها فيما يلي.

المبحث الأول
مصادر المياه السطحية في فلسطين كانت فلسطين –دائماً- جزءاً من الوطن الأصلي للإنسان الأول ومهداً للديانات السماوية الرئيسة، ومكاناً لنشوء الحضارات القديمة، ومعبراً للقوافل التجارية والغزوات العسكرية عبر العصور المختلفة.

 وتتمتع فلسطين بموقع بؤري جاذب لكل من يرغب في الاستقرار والعيش الرغيد، مما جعلها دائماً محط أنظار الطامعين للسيطرة عليها والاستفادة من مزاياها، و تطل فلسطين على الساحل الشرقي للبحر المتوسط، حيث يبلغ طول الساحل الفلسطيني 224 كيلو متراً , وتطل جنوباً على خليج العقبة بساحل يبلغ 10.5 كيلو مترات، ويبلغ طول حدودها مع سوريا في الشمال الشرقي 70 كيلو متراً، وحدودها مع لبنان شمالاً 79 كيلو متراً، ويحدها شرقاً الأردن بحدود يصل طولها إلى 360 كيلو متراً، ويحدها جنوب غرباً مع مصر حدود طولها 240 كيلو متراً([1]).

 وهي أيضاً عامل صلة ووصل بين قارات العالم القديم (آسيا وأوروبا وأفريقيا) فمنها يسهل الانتشار إلى ما حولها من مناطق.

 وهي من الناحية الجغرافية تقع بين خطي طول 34.15 و35.40 شرقاً وبين دائرتي عرض 29.30 و33.15 شمالاً ([2]).

انظر (الشكل رقم 1)

 يرتبط مناخ فلسطين ارتباطا وثيقا بتضاريسها، وكذلك بموقعها الجغرافي، هذا ونميز في فلسطين بين  ثلاث وحدات جغرافية متمايزة بشكل واضح وهي:

·        السهول الساحلية الغنية المتصلة جنوبا بصحراء النقب.

·        التلال الوسطى التي تبلغ 1205م في جبل الجرمق قرب صفد.

·        غور الأردن ووادي عربة، وهذا أعمق منخفض على سطح الأرض، إذ يهبط إلى400 متر تحت سطح البحر.([3])


(الشكل رقم 1)

 المصدر www.arch.blogspot.com

وتتنوع طبوغرافية فلسطين ففيها الجبل كما في الضفة الغربية، وكذلك جبال الجليل مثل جبل الكرمل وفيها الصحراء الجافة الجرداء مثل صحراء النقب التي تبلغ مساحتها حوالي 40% من مساحة فلسطين ،وفيها المناطق المنخفضة عن مستوى سطح البحر مثل الحدود الشرقية المتاخمة لحفرة الانهدام أو ما يعرف  الصدع الجيولوجي الممتد عبر قارتي أسيا وأفريقيا لمسافة تزيد على ستة ألاف كيلومتر من جنوب تركيا شمالا إلى جنوب البحر الأحمر جنوبا، وحسب موقع شبكة طقس فلسطين فإن أهم العوامل المؤثرة في مناخ فلسطين هي الموقع والتضاريس والبحر المتوسط ([4]).

1- الموقع : تقع فلسطين في شرق البحر المتوسط على يمين المنخفضات الجوية المؤثرة في شرقي حوض البحر المتوسط شتاءً، فتسقط أمطار غزيرة على شمال فلسطين و تتناقص كميات الأمطار بالاتجاه جنوباً، وقد ساعد البحر المتوسط على اعتدال درجات الحرارة صيفاً و شتاءً، وارتفاع نسبة الرطوبة في المناطق الساحلية، كما أن موقع فلسطين في شرق البحر المتوسط في نصف الكرة الشمالي، جعلها تتأثر بنطاقات مراكز الضغط الجوي (المرتفع الآزوري و السيبيري) ومنخفضات البحر المتوسط و منخفض البحر الأحمر([5]).

2- التضاريس : تعتبر تضاريس فلسطين من أكثر العوامل الجغرافية تأثيراً على التباين المكاني لعناصر المناخ، حيث يأخذ توزيع الأمطار و الحرارة و الرطوبة شكل نطاقات طولية تمتد من الشمال إلى الجنوب، و تتطابق حدودها مع حدود التضاريس و تمتد في نفس الاتجاه نفسه فتؤثر التضاريس في معدلات درجات الحرارة التي ترتفع في المناطق المنخفضة كالأغوار و تنخفض في المناطق المرتفعة، و تؤثر التضاريس في تباين كميات المطار حيث تقل الأمطار في مدينة بئر السبع (250 ملم)، بينما تزداد لتصل إلى 600ملم في مدينة الخليل التي تقع في المرتفعات الجبلية إلى الشرق من مدينة الخليل.([6])

3- البحر المتوسط : يؤثر البحر المتوسط في مناخ فلسطين تأثيراً واضحاً، فالمناطق الساحلية أكثر اعتدالاً و أمطاراً من المناطق الداخلية باستثناء مناطق المرتفعات الجبلية. فمدينة غزة الساحلية تنخفض فيها درجات الحرارة صيفاً مقارنة مع مدينة بئر السبع الواقعة إلى الشرق منها، وفي الشتاء تكون درجات الحرارة في غزة أعلى منها في بئر السبع، و كذلك الأمطار التي تتناقص كلما ابتعدنا عن الساحل أى عن حركة المنخفض الجوي في شرق حوض البحر المتوسط "([7]).

المطلب الأول: الأنهار:  نهر الأردن هو أحد الأنهار دائمة الجريان في المنطقة العربية، والوحيد في فلسطين حيث يتشارك الفلسطينيون به مع أربع دول أخرى هي: لبنان وسوريا والأردن الكيان الصهيوني، وهو ذو أهمية تاريخية ودينية كبيرة جداً. ونهر الأردن يتكون من أربعة مكونات رئيسة وهي: المجرى الرئيسي وبحيرة طبريا والأودية التي تغذيه ونهر اليرموك، ويبدأ المجرى الرئسي في التشكل في نقطة تبعد خمسة كيلومترات عن الحدود مع لبنان داخل الأراضي الفلسطينية([8])، ويتشكل من ثلاثة أنهار صغيرة هي:

1- نهر الدان: ينبع هذا النهر من الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948 من نقطة على ارتفاع (90) متراً فوق سطح البحر، ويبلغ معدل التدفق السنوي حوالي 310 مليون متر مكعب، وهو أكثر الروافد مساهمة في نهر الأردن.([9])

2- نهر بانياس: وينبع هذا النهر من سفوح جبل حرمون في الأراضي السورية على ارتفاع (329) من سطح البحر، ويشق طريقه في مجرى ضيق لمسافة 9 كيلومترات حتى يتصل بالدان، ويبلغ معدل الجريان السنوي 160 مليون متر مكعب من المياه.([10])

3- نهر الحاصباني: وينبع هذا النهر في الأراضي اللبنانية من ارتفاع (900) متر ويتصل بالدان وبانياس ويبلغ معدل الجريان السنوي حوالي 285 مليون متر مكعب من المياه، وجدير بالذكر أن نهيراً صغيراً يدعى بالبراغيث يصب في نهر الحاصباني قبل اتصاله بالدان وبانياس، ومصدر نهر الحاصباني تبعاً الوزاني وحاصبيا.([11])

 بالإضافة إلى ما سبق فإن عدداً من الينابيع والأودية تصب في نهر الأردن بما يعادل حوالي 140 مليون متر مكعب سنوياً من جانبي النهر، ويستمر النهر في الانسياب جنوباً حتى يبلغ بحيرة طبريا، ويسمى النهر حتى هذه النقطة على بحيرة طبريا بالحوض العلوي لنهر الأردن أو نهر الأردن العلوي أو نهر الشريعة. ويبلغ مجموع كميات المياه من كافة المصادر لحوض نهر الأردن العلوي ما يعادل حوالي مليار ومائة مليون متر مكعب (1.1 مليار متر مكعب) من المياه سنوياً.(انظر الشكل رقم3).

وحسب تقديرات أريك جونسون الوسيط الأمريكي للسلام في عام 1953، فإن معدل الجريان السنوي لنهر الأردن بعد إضافة بعض الجداول والينابيع، وكذلك نهر اليرموك تبلغ حوالي )1.287) مليار ومائتي ألف وسبعة وثمانين متراً مكعباً اقترح توزيعها على الشكل الآتي([12]):

لبنان : 35 مليون متر مكعب

سوريا : 132 مليون لتر مكعب

إسرائيل : 400 مليون متر مكعب

الأردن : 720 مليون متر مكعب (505 مليون متر مكعب للضفة الشرقية و215 مليون متر مكعب للضفة الغربية)

وقد التزمت إسرائيل بحصتها حتى عام 1967م حيث قامت من خلال التوسع الإقليمي الكبير بالسيطرة على كل منابع نهر الأردن ونسبة أكبر من نهر اليرموك.

ويرى الباحث أن الأرقام الواردة في خطة جونسون والتي تعطي اسرائيل منفردة 400 مليون متر مكعب سنويا من المياه، في حين تعطي الفلسطينيون والأردنيون ، حيث الكثافة السكانية المرتفعة 720مليون متر مكعب أي أقل من حصة الإسرائيليين وكذلك تعطي السوريين واللبنانيين كميات قليلة نسبيا رغم مساهمتهما الكبيرة في مياه النهر وهذا بالتأكيد  يعكس وجهة نظر الولايات المتحدة الأمريكية المنحازة إلى الجانب الإسرائيلي، و لم يوافق عليها الطرف الفلسطيني.



شكل رقم (2)

المصدر( اليعقوبي، أحمد , عبد الغفور، ديب :نبذه حول مصادر المياه الفلسطينية., منشورات سلطة المياه الفلسطينية ,يونيو 2011ص 11)


شكل رقم (3)

المصدر http://www.watersexpert.se/Deroby.htm نقلا عن الموسوعة الفلسطينية 1984

لقد كانت خطة جونسون أول محاولة أمريكية مدعومة دوليا لتقسيم مياه النهر بين الدول المشاطئة خصوصا أنها جاءت بعد المناوشات العسكرية السورية الإسرائيلية على خلفية المحاولة العربية لتحويل مجرى نهر اليرموك. ويطلق مسمى " نهر الأردن السفلي" على ذلك  الجزء من النهر الذي يبدأ من جنوب بحيرة طبريا وحتى نقطة المصب في البحر الميت ، والذي يطل شاطئه الغربي على الضفة الغربية والتي يتم من خلالها احتساب الاستحقاق الفلسطيني من مياه نهر الأردن والتي يبلغ 215 مليون متر مكعب حسب خطة جونسون.(انظر الشكلين رقم2 ورقم 3)

ويبلغ طول نهر الأردن حوالي 140 كيلو متراً إذا تم حساب طوله على أساس خط مستقيم، بينما يبلغ طوله 350 كيلو متراً بقياس طوله كخط متعرج([13]) وتلك هي المسافة من نقطة التكوين وهي التقاء الروافد الثلاثة الأساسية وحتى المصب في بحيرة طبرية مروراً بسهل الحولة ومستنقعاتها، التي تم تجفيفها من قبل السلطات الإسرائيلية، لتصبح مجرى واحداً ضيقاً، وهذا ما يسمى نهر الأردن العلوي أو نهر الشريعة، والجزء المتبقي من بوابة ( دجانيا) جنوب بحيرة طبريا وحتى المصب في البحر الميت يسمى "نهر الأردن السفلي".([14])

بحيرة طبريا: عند الحديث عن نهر الأردن لا بد من التوقف عند بحيرة طبريا والتي هي بدورها تعتبر جزءاً من حوض نهر الأردن بحيث تمثل خزاناً للمياه العذبة حيث تبلغ مساحتها 165 كم2، وتتسع لحوالي (4.3) مليار متر مكعب من المياه ويبلغ مستوى المياه 213 متراً تحت سطح البحر وتبلغ أعمق نقطة فيها (259) متراً تحت سطح البحر، حيث يبلغ ارتفاع الماء حوالي (46) متراً([15]).

ونظراً لوجود بعض الينابيع المالحة أسفل البحيرة والبعض الآخر على جوانبها، فإن نسبة الملوحة في البحيرة تتراوح بين 280-410 ملغم من أيون الكلوريد المسبب للطعم المالح لكل لتر وتصل إلى 680 في جنوب البحيرة عند بوابة دجانيا([16]).

نهر اليرموك: هو نهر ينبع من الأراضي السورية ويسير بمحاذاة الحدود السورية الأردنية حتى يلتقي مع نهر الأردن في نقطة على بعد (15) كيلومترا شمالي منطقة الحولة. يبلغ معدل الجريان السنوي ما يقارب (420) مليون متر مكعب، وعليه فهو أكبر رافد من روافد نهر الأردن([17]).

المطلب الثاني: الأودية:  الوادي هو عبارة عن نهر موسمي ، أي أنه يتكون وتجري المياه فيه في موسم الأمطار فقط, و يوجد في فلسطين كثير من الأودية التي ينظر إليها على أنها مصدر من مصادر المياه في فلسطين، وهناك في فلسطين مجموعتان من الأودية، أودية غزة وأودية الضفة الغربية.

الفرع الأول: أودية غزة: أشار تقرير سلطة المياه السنوي لعام 2011 الصادر عن سلطة المياه الوطنية الفلسطينية([18]) إلى وادي غزة على أنه ينبع من الحدود الشرقية لقطاع غزة في الوقت الذي ينبع فيه الوادي من السفوح الشرقية لجبال الخليل ، ولم يشر التقرير إلى معدل الجريان السنوي فيما يبدو أنه نقص في معلومات سلطة المياه على الرغم من أنه أكبر وادي في قطاع غزة، وحسب مركز المعلومات الوطني – وفا –فإن طول الوادي في قطاع غزة حوالي ثمانية كيلومترات، في حين يبلغ إجمالي طوله من المنبع إلى المصب حوالي 160 كيلو متراً بدءا من منطقة السموع في جبال الخليل، إلى مصبه في البحر الأبيض المتوسط على شاطئ غزة، وتبلغ مساحة الحوض حوالي 3500 كيلو متر مربع، كما يبلغ معدل الجريان السنوي فيه حوالي 35 مليون متر مكعب(([19]))وذلك قبل أن تقيم السلطات الإسرائيلية السدود على مجراه للاستفادة منه بالكامل، وقبل أن يعبر الوادي الحدود الشرقية لقطاع غزة, ويسمى وادي غزة ايضا بوادي بيسور.([20])

وهناك واديان آخران في قطاع غزة لا يعرف مقدار الجريان السطحي فيهما، ولا تتم الاستفادة منهما بأي شكل من الأشكال وهما وادي بيت حانون في وسط القطاع والذي ينتهي من الجهة الشمالية في الأراضي المحتلة عام 1948، وكذلك وادي السلقا والذي يقع في وسط قطاع غزة وينتهي به الأمر في غرب مدينة دير البلح([21]).

الفرع الثاني : أودية الضفة الغربية: وهذه الأودية تمثل جزءاً من مصادر التغذية لنهر الأردن وهي جزء من المياه السطحية في فلسطين. وقد أشار تقرير المياه السنوي لعام 2011 الصادر عن سلطة المياه الوطنية الفلسطينية إلى وجود 33، واديا يبلغ مجموع السريان السنوي فيها حوالي 131 مليون متر مكعب في السنة([22]).

وتفيض هذه الوديان الرئيسة في ثلاثة اتجاهات: ([23])

-       تسعة أودية تفيض باتجاه حوض الأردن مثل ، الفارعة والمالح والعوجا.

-       ثمانية أودية تفيض باتجاه البحر الميت مثل وادي ممران ووادي النار ووادي أو مروان.

-       ستة عشر واديا تفيض باتجاه البحر الأبيض المتوسط مثل ، وادي سريدة، قانا ووادي الديب.

المبحث الثاني
أحواض المياه الجوفية في الأراضي الفلسطينية  تعتبر الأمطار المصدر الرئيس للمياه الجوفية في فلسطين ,حيث يبلغ معدل الأمطار السنوي في شمال الضفة الغربية حوالي700 ملم، ويصل إلى حوالي 100 ملم في المناطق الشمالية الغربية من البحر الميت([24]).

 وأما في غزة فقد سجل أعلى معدل مطري حوالي 450 ملم في المناطق الشمالية من القطاع , فيما يصل إلى حوالي 225 ملم في جنوب القطاع، بينما يصل المعدل العام لكل القطاع حواي 365 ملم سنويا([25])، و بالطبع يتبخر الجزء الأكبر من هذه الأمطار، وما يتبقى منها فإنه يتسرب إلى باطن الأرض عبر طبقات الصخور إلى أن يصل إلى مكامن المياه الجوفية والتي يتراوح عمقها ما بين 100 إلى 400 متر، وهي طبقات صخرية وأجزاء طينية غير نفاذة، ويتم السحب منها من خلال الضخ الميكانيكي ليعاد شحنها بالمياه العذبة في المواسم التالية ، أي أنها مصادر متجددة للمياه العذبة. وتسمى أحواض المياه الجوفية والتي تمتد في باطن الأرض تحت الضفة الغربية ، في أدبيات العاملين في مجال المياه ، بالحوض الجبلي، وهو ينقسم إلى ثلاثة أقسام وذلك حسب التموضع الجغرافي والميول الهيدروليكية أي اتجاه سريان الماء تحت الأرض ،

فمثلاً: في الخزان الغربي تتحرك المياه الجوفية باتجاه الغرب إلى البحر المتوسط، وفي الخزان الشرقي فإن المياه الجوفية تتحرك شرقاً باتجاه حوض نهر الأردن، والخزان الشمال الشرقي فإن المياه الجوفية تتحرك شمالاً وشرقاً باتجاه سهول بيسان وطبرية وسهل مرج ابن عامر. ([26]) (انظر الشكل4)

المطلب الأول: الحوض الشرقي والحوض الشمالي الشرقي: 1-    الحوض الشرقي:

يقع هذا الحوض بكامله داخل حدود الضفة الغربية في وادي نهر الأردن والمرتفعات الشرقية من القدس وبيت لحم والخليل، وتتكون صخور هذا الحوض من الصخور الجيرية والحورية والدلوماتية والترسبات الحديثة،وتبلغ مساحة الحوض 2895 كيلومتر مربع ،
 
شكل رقم (4)

المصدر اليعقوبي، أحمد , عبد الغفور، ديب :نبذه حول مصادر المياه الفلسطينية., منشورات سلطة المياه الفلسطينية ,يونيو 2011 ص33 نقلا عن وزارة التخطيط الفلسطينية

ويعتبر بذلك الحوض الأول في الضفة الغربية من حيث المساحة ، فمساحتة تساوي (51.3 %) من المجموع الكلي للأحواض، ويتكون من ستة أحواض فرعية هي حوض بردلة ، البقعة ،الفارعة، فصايل- العوجا،رام الله القدس وحوض صحراء جنوب القدس([27]). ويحتوي هذا الحوض من الصخور على اثنين من الكمائن المائية الجوفية، وبالنسبة إلى الأجزاء الجنوبية من هذا الحوض المائي باتجاه عين الفشخة ، فإن هناك ينابيع تصب جميعها في محمية الفشخة، ويبلغ تصريف هذه الينابيع سنويا ما بين 40-85 مليون متر مكعب ، وقد قام الكيان الصهيوني بحفر آبار إرتوازية في المرتفعات الشمالية الغربية وحصلت على مياه حلوة لصالح المستوطنين، هذا ويقوم الفلسطينيون في منطقة أريحا باستغلال الخزان الجوفي باستخراج كمية مياه تتراوح ما بين 8-9 مليون متر مكعب في السنة لغايات الشرب والزراعة([28]).

ويضم هذا الحوض كافة المساقط المائية المنحدرة باتجاه الشرق من مناطق شمال الضفة مثل، جنين وطوباس وحتي الخليل جنوبا، وتقدر كمية المياه المتجددة سنوياً في هذا الحوض حوالي 175 مليون متر مكعب سنوياً، يعتبر حوالي 55 مليون متر مكعب منها في عداد المياه المسوس (المالحة) التي تصرف إلى البحر الميت، و ويحصل الفلسطينيون على حوالي 65 مليون متر مكعب من المياه المتجددة سنويا من هذا الحوض بينما يحصل الإسرائيليون على 40 مليون متر مكعب أي أن هذا الحوض غير مستغل بكامل طاقته([29]).

ولا يستفيد الفلسطينيون من كامل حصتهم من المياه ،لآن الكيان الصهيوني يرفض لإعطائهم تصاريح لحفر أبار جديدة ، وخصوصا أن هذا الحوض يشمل منطقة الأغوار والتي هي منطقة عسكرية مغلقة.

2-    الحوض الشمالي الشرقي :

يقع هذا الحوض المائي في المنطقة الشمالية الشرقية من الضفة الغربية ، ويضم كافة المساقط المائية المنحدرة من محافظات طوباس وجنين ونابلس باتجاه الحدود الشمالية للضفة الغربية واتجاه المياه شمالاً وشمال شرق وشمال غرب ، مما تسبب في ظهور مجموعة من الينابيع مثل ، رأس العين، بيت الماء، عورتا، عسكر، طالبان، السدرة، الفارعة وينابيع أخرى([30]) ، وتبلغ مساحته الإجمالية 981 كيلومتر مربع حيث يتداخل مع فلسطين المحتلة ، وينقسم الى حوضين :

1- حوض نابلس – جنين – جلبون وتبلغ مساحته 500كيلومتر مربع وتتراوح كمية المياه المضخوخة منه 92-104متر مكعب في سنة.

2-حوض تعنك – جنين([31])

تبلغ كمية المياه المتجددة فيه حوالي 158 مليون متر مكعب.يحصل الفلسطينيون من هذا الحوض على 33مليون متر مكعب، بينما يحصل الإسرائيليون على 125 مليون متر مكعب([32]).

 

المطلب الثاني: الحوض الغربي والحوض الساحلي وحوض الكرمل: 1-   الحوض الغربي:

كما نرى في الشكل رقم (5) فإن هذا الحوض الجوفي هو أكبر وأهم الأحواض الجوفية في الضفة الغربية، و يشمل كافة المناطق والمنحدرات الجبلية التي تتجه مياهها تجاه الجزء الغربي من الضفة الغربية حيث الأجزاء الغربية من محافظات طولكرم ونابلس ورام الله والخليل، وتبلغ كمية المياه المتجددة في هذا الحوض 362 مليون متر مكعب سنوياً، وحركة المياه الجوفية هي باتجاه الغرب كما ذكرنا ويحصل الفلسطينيون على حوالي 20مليون متر مكعب من مياه هذا الحوض سنويا رغم أن 95% من مساقط التغذية لهذا الحوض تقع في الضفة الغربية، بينما يسحب الإسرائيليون حوالي 340 مليون متر مكعب سنويا من مياه هذا الحوض من مجموعة من الآبار العميقة داخل الخط الأخضر([33]).

ويبلغ عدد الآبار الفلسطينية في الحوض الغربي 137 بئرا بمعدل استخراج 21 مليون متر مكعب سنويا، ويبلغ عدد الآبار الإسرائيلية في هذا الحوض في منطقة الضفة الغربية بمعدل ضخ يبلغ 2 مليون متر مكعب سنويا في حين حفر الكيان الصهيوني حوالي 500 بئر للسحب من هذا الخزان فيما وراء الخط الأخضر, تضخ أكثر من معدل التغذية السنوية للحوض.([34])

 

 

2-   الحوض الجوفي الساحلي:

 يعتبر الخزان الجوفي الساحلي أكبر خزان مائي جوفي في فلسطين، حيث يبلغ طوله حوالي 120 كيلو متراً، ممتداً من جبال الكرمل شمالاً وحتى جنوب قطاع غزة بعرض من 3-10 كم في الشمال، ويصل إلى 20 كم في الجنوب([35]). وبهذا يكون شاملاً لخزان مياه قطاع غزة الجوفي، وهو عبارة عن ترسبات من الحصى والصلصال الرملي المتداخل مع طبقات الطين، وسمك هذه الترسبات بين 50 - 160 متراً وتقل سماكتها كلما اتجهنا إلى الشرق باتجاه السلسلة الجبلية.

 وتبلغ كمية المياه المتجددة في الحوض الساحلي كله حوالي 970 مليون متر مكعب سنوياً([36])، بينما تدعي إسرائيل ولأسباب سياسية أن السحب الآمن من كامل الحوض المائي الأصلي هو (395) مليون متر مكعب، وذلك في الدراسة المائية الإسرائيلية المقدمة للبنك الدولي في العام 1994م.



شكل رقم (5)

المصدر http://www.amnesty.org/

          منظمة العفو الدولية

ويبلغ نصيب حوض قطاع غزة حوالي (45) مليون متر مكعب من المياه المتجددة سنويا([37])، على الرغم من أن قطاع غزة يستخرج ما يساوي (180) مليون متر مكعب([38])، أي أن هناك ضغطاً مائياً أو سحباً جائراً بما يساوي 135 مليون متر مكعب سنوياً، مما أدى إلى ازدياد ملوحة المياه وظهور ما يسمى بتسرب مياه البحر إلى الخزان الجوفي مما يهدد بتدميره.

3-   حوض الكرمل:

 يقع حوض الكرمل تحت مناطق جبل الكرمل وحيفا، ويمتد إلى داخل سهل مرج ابن عامر، ويشكل نظاما هيدروجيولوجيا موحدا لمجرى مياه دولي مشترك مع مجاري الأحواض الجوفية الجبلية في الضفة الغربية، وتقدر طاقته المائية السنوية المتجددة بحوالي47 مليون متر مكعب يسحبها الإسرائيليون ويستفيدون منها بشكل كامل، يتغذى هذا الحوض بشكل رئيس من مياه الأودية والسيول الموسمية المنحدرة من مناطق الشمال الغربي للضفة الغربية.([39])

وبهذا نرى أن كميات المياه المتجددة في الأحواض الجوفية الفلسطينية ، تكفي للإحتياجات الفلسطينية وهي موزعة جغرافياً بشكل يجعل من السهل على المستهلكين الفلسطينيين الوصول إليها .


الفصل الأول
الانتهاكات الإسرائيلية لمصادر
المياه الفلسطينية  

 

المبحث الأول: المياه السطحية.

المبحث الثاني: الانتهاكات الإسرائيلية للأحواض الجوفية المشتركة.
 

تمهيد بدأت الأطماع الإسرائيلية في مصادر المياه الفلسطينية خصوصا، ومصادر المياه في الدول العربية المجاورة ، قبل قيام اسرائيل ، أي عندما كانت عملية إقامة الدولة في طور التخطيط أي منذ العام 1873م تقريبا، وسيطرت اسرائيل منذ قيامها فعليا على مياه نهر الأردن ، ومياه  وادي غزة ، وبعد حرب  العام 1967 واحتلالها للضفة الغربية ، أكملت سيطرتها على بقي المصادر بالسيطرة على أحواض الضفة الغربية وحوض قطاع غزة ، وتم ذلك كله بشكل يخالف قواعد القانون الدولي التي تجِرم على القوة المحتلة التصرف بالموارد الطبيعية للشعب الخاضع للإحتلال، وتم ذلك بالإستناد فقط الى القوة العسكرية الهائلة التي تمتلكها وأيضا الى عجز عربي وصمت دولي مريب.

المبحث الأول
الانتهاكات الإسرائيلية للمياه السطحية تمهيد الأنهار الدولية هي الأنهار الصالحة للملاحة والتي تمر في أراضي دولتين أو أكثر ، أو متاخمة لأراضيهما، حيث تنشأ النزاعات بين الدول المشاطئة لرغبة كل دولة بالإستحواذ على أكبر كمية ممكنة من مياه النهر وخصوصا مع الزيادة المضطردة في عدد السكان والتوسع في التنمية الزراعية والصناعية  عندها، ويترافق ذلك  مع  محدودية الموارد المائية في أغلب الحالات ، وقد كان السائد في موضوع الأنهار الدولية ، أن المقصود بالنهر الدولي هو مجراه الطبيعي إلا أن القانونيون الدوليون قد وسًعوا هذا المفهوم ليشمل الحوض كله بإدخال مفهوم الروافد والينابيع التي تغذي النهر ،وما ترويه من حقول و مزارع بغض النظر عن قربها أو بعدها عن مجرى النهر ، وهناك تطور أخر على مفهوم النهر الدولي ، وهو الربط بين المياه السطحية والجوفية المتصلة بها في حوض النهر.([40])

المطلب الأول: حوض نهر الأردن: كما أشرنا من قبل فإن السيطرة على منابع المياه وتوفيرها بكمية كافية كان الهاجس الأول لليهود عندما قرروا الاستيطان في فلسطين، وكان هذا بعداً واضحاً في تفكيرهم وتخطيطهم الاستراتيجي وفي سعيهم الدؤوب لإقامة دولتهم في فلسطين العربية والمسلمة، ففي عام 1875م أرسلت الجمعية الملكية البريطانية بعثة إلى فلسطين للإجابة عن سؤالين:

السؤال الأول: هل تصلح صحراء النقب لتوطين اليهود فيها؟

السؤال الثاني: هل توجد مياه كافية في المكان لاستصلاحها وتوطين اليهود فيها؟

وكانت إجابة البعثة في تقريرها إلى الجمعية الملكية البريطانية أن المكان يكفي لاستيعاب (15) مليون يهودي، ولكن لابد من جلب المياه من الشمال ، لكي تصبح المنطقة صالحة للحياة([41]).

وقد أشار بن غوريون في معرض حديثه عن النقب إلى أنهم يخوضون مع العرب معركة المياه، وعلى نتائجها يتحدد مستقبل وجودهم هنا ، وذلك في عام 1955م.

 ويرجح الباحث أنه في هذه الفترة بدأت تتبلور فكرة نقل مياه نهر الأردن من نقطة تجمعها في طبريا إلى شمال النقب من أجل الري والزراعة، وإقامة قاعدة صناعية للدولة القادمة.

ويستند الباحث في رأيه هذا إلى انطلاق مشروع نقل مياه نهر الأردن في أواخر الخمسينات، وتشير الدراسات إلى أن المشروع يتكون من مرحلتين :الأولى مدتها أربع سنوات وتتكون من محطات ضخ عملاقة على الحافة الشمالية الغربية لبحيرة طبريا في منطقة (الطابغة) ومن ثم ضخ المياه إلى سهل البطوف وسلمون كخزانات طبيعية، وكذلك حفر نفق كبير في الجليل الأوسط طوله 6700 متر، ليتم بعدها تدشين أنابيب مياه عملاقة يبلغ قطر الواحدة 108 إنشاً وطولها ثمانون كيلومتراً تكفي لضخ كمية تعادل 550 مليون متر مكعب سنوياً تصل إلى سهول رأس العين في (تل أبيب)، والمرحلة الثانية:تبدأ بتفرع الخط الرئيس من ضواحي تل أبيب، فرعين أحدهما قطرة 60 إنشاً يمتد إلى النقب الغربي و جوار حدود قطاع غزة الشرقية ، والثاني قطره 70 إنش يمتد إلى النقب الشرقي إلى مدينة بئر السبع المحتلة([42]).

وبهذا يتحقق حلمهم بتعمير النقب وجلب مزيد من المستوطنين. ولا يجوز في القانون الدولي حسب إعلان مدريد 1911 ([43]) تغيير مجرى النهر الدولي لسببين:

-       الأول يجب إشباع حاجة الدول المتشاطئة قبل التصرف بالفائض من قبل طرف واحد من الأطراف المتشاطئة.

- الثاني يجب أخذ موافقة جميع الأطراف.

وهذا لم يحصل حيث إن الجميع ، السورين واللبنانين والأردنين والفلسطينين بحاجة إلى المياه، وجميعهم لم يوافق ،حيث استمر العرب لعدة عقود يتخذون موقفا موحدا من مطامع

اسرائيل لسلب المياه العربية([44])، مما يعني أن إسرائيل طبقت شريعة الغاب مستندة إلى ضعفهم وقوتها العسكرية، وكذلك إلى دعم الدول الاستعمارية الكبرى.

الشكل رقم (6)

المصدر م. أحمد اليعقوبي , و م. ديب عبد الغفور, نبذه حول مصادر المياه الفلسطينية، منشورات سلطة المياه الفلسطينية ,يونيو 2011 ص33 نقلا عن وزارة التخطيط الفلسطينية.

المطلب الثاني: وادي غزة:  أكبر أودية فلسطين (إذا استثني وادي الأردن) وهو أكبر وادٍ في قطاع غزة من حيث مساحة حوض تغذيته وتصريفه، ويقع حوض وادي غزة في منطقة قليلة الأمطار، تتراوح كمياتها من 350 مم في الشمال و 100 مم في الجنوب. وهذا يفسر النظام المطري – السيلي لوادي غزة. وادي غزة هو حاصل اجتماع عدد كبير من الأودية، وانتهازها كلها في مجرى واحد. وهذا المجرى هو الوادي الرئيس الذي يشغل الشريط الجنوبي الغربي الممتد من الجنوب الشرقي في اتجاه الشمال الغربي من حوض وادي غزة، ([45]) ويبلغ طوله من المنبع في جبال السموع في منطقة الخليل إلى المصب في البحر المتوسط على شاطئ قطاع غزة حوالي (160) كيلو متراً ، وأما في قطاع غزة، فيبلغ طوله حوالي ثمانية كيلومترات، وتبلغ مساحة الحوض حوالي 3500 كيلو متر مربع، يبلغ معدل الجريان السنوي حوالي 35 مليون متر مكعب، ويصب في البحر الأبيض المتوسط.([46])

 واسم وادي غزة لا يطلق عملياً إلا على مجراه الأدنى، في حين يطلق على أجزاء مجراه الأوسط والأعلى أسماء متعددة، منها: وادي الثلاثة، وادي شنيق، وادي الخلصة ووادي ثميلة. تتألف بدايات وادي غزة من عدد من المسيلات والمجاري السيلية الصغيرة التي تنحدر من مرتفعات يبلغ متوسط علوها عن مستوى سطح البحر 500 م شمالي جبل المحيا (أو المحاوية)، و600 م في مرتفعات شجرة البقار، و675م في جبال الحشيرة. فمن هذه المناطق الثلاث الواقعة إلى الشمال الغربي والغرب والجنوب الغربي من منخفض الحشيرة وتجويفها في النقب الشمالي. تتجمع مياه الأمطار والسيول لتلتقي في ثلاثة أودية صغيرة، هي وادي الراعي القادم من جبال الحشيرة، وادي حلقيم، ووادي غزة. ويتخلل الوادي بعد ذلك ممر ضيق عبر صخور مرتفعات شجرة البقار، بأكواع عميقة محفورة في صخور كلسية –دولوميتية عائدة للعصر للسيوماني (الكريتاسي). ويكون فوق الارتفاع مدخل وادي غزة ومخرجه من المرتفعات المذكورة 100 م لمسافة لا تتجاوز 8 كم. وبعد خروج الوادي من مرتفعات شجرة البقار يتخذ خط سيره محوراً شمالياً حتى موقع بئر الثميلة، حيث يرفده من الشرق وادي بئر حيل (أو الثميلة أيضاً). ويطلق على وادي غزة اسم وادي الثميلة بدءاً من هذا الموقع وفي اتجاه شمال الشمال الغربي، حتى خرائب موقع الخلصة وآثارها.([47])

مياه وادي غزة مياه عذبة، لأنها أساساً مياه أمطار حيث تبلغ نسبة أيون الكلوريد والمسبب للملوحة حوالي 35 جزءاً بالمليون، ولكن إسرائيل أقامت السدود على الحدود الشرقية لقطاع غزة، وذلك لحجز المياه عن سكان القطاع الذين يعانون من العطش، وتقوم بضخ المياه لدى مناطق شمال النقب، كما قامت بحفر أبار مياه امتصاصية داخل أحواض الأودية لسحب وضخ المياه الجوفية في نظامالتحويل الناقل، وفي هذا أيضاً انتهاك للقانون الدولي الذي يقوم على الاستعمال المنصف والتعاون وعدم الإضرار بالغير، ولكن غطرسة القوة لها منطق آخر.انظر الشكل رقم (7)

شكل رقم (7)

http://www.lib.utexas.edu/maps/middle_east_and_asia/gaza_1992.jpg المصدر

المبحث الثاني
الانتهاكات الإسرائيلية للأحواض الجوفية المشتركة تمهيد تقع فلسطين كلها ،بإستثناء منطقة النقب الصحراوية ، على أحواض مائية جوفية ، ففي الشمال حوضي الكرمل وبيسان ، وفي الوسط الحوض الجبلي في الضفة الغربية والذي يتكون من ثلاث أحواض رئيسة وهي الحوض الشرقي والحوض الشمالي الشرقي والحوض الغربي والتي بدورها تتكون من أحواض فرعية وكذلك الحوض الساحلي والذي يكاد يشمل منطقة السهل الساحلي كلها ، وتستغل اسرائيل مياه هذه الأحواض كلهاإلا القليل ، مما لا يكفي الفلسطينيين للشرب والزراعة و جوانب حياتهم الأخرى، وقد كانت القوة هي وسيلة اسرائيل الوحيدة للسيطرة على هذه الأحواض من خلال سلسلة من الأوامر العسكرية التي سنستعرضها في هذا المبحث.

المطلب الأول: الأحواض الجبلية:  يرى بعض المحللين السياسيين الإسرائيلين والاستراتيجيين أن موضوع حاجة إسرائيل إلى المياه في ظل النوايا التوسعية الكبيرة لها والتي قد لا تقف بهم عند حدود النيل والفرات، بل إلى مكة ويثرب والحجاز، أن تلك الحاجة كانت من أهم أسباب التوسع الإقليمي الكبير في حرب العام 1967م والتي يسميها البعض حرب غنائم المياه والتي فيها أحكمت إسرائيل السيطرة على منابع نهر الأردن وجزء أكبر من مياه نهر اليرموك، وكذلك الأحواض الجبلية في الضفة الغربية، وكذلك وادي غزة، تلك الحرب التي أضافت فيها إسرائيل إلى مساحتها الأولى مساحة الضفة الغربية كاملة والجولان وشبه جزيرة سيناء، وكانت الطريقة التي تعاملت بها سلطات الاحتلال الجديدة في الضفة الغربية مع الأحواض الجوفية الثلاثة بمثابة حلقة جديدة من حلقات النهب المنظم للمياه الفلسطينية والمخالف للقوانين والأعراف الدولية والتي لا تعطي لقوة الاحتلال أية حقوق سيادية على الأرض وما تحت الأرض على البشر أيضاً ولكن ينظر إلى الاحتلال كسلطة أمر واقع .

 ولكن إسرائيل وقبل انتهاء العمليات العسكرية في يوم السابع من حزيران عام 1967م أصدرت الأمر العسكري الأول والذي ينص على أن "كافة المياه الموجودة في الأراضي التي تم احتلالها مجدداً هي ملك لدولة إسرائيل" وبهذا أرسلت سلطات الاحتلال الجديدة للفلسطينيين إشارتين، الأولى أنها وضعت يدها على الخزانات الجوفية في أكبر عملية سرقة ونهب في التاريخ الإنساني والإشارة الثانية أنه كون أول أمر عسكري إسرائيلي يختص بموضوع المياه فذلك يشير إلى الأهمية الاستثنائية التي توليها إسرائيل لموضوع المياه.

وقد تتالت بعد ذلك الأوامر العسكرية التي تخص موضوع المياه نوجزها كما يلي([48]):

1.    الأمر العسكري (92) والصادر بتاريخ 15/8/1967 والذي ينص على "منح كامل الصلاحيات بالسيطرة على كافة المسائل المتعلقة بالمياه لضابط المياه الإسرائيلي المعين من قبل سلطات الإحتلال الإسرائيلية".

2.    الأمر العسكري رقم (58) والصادر بتاريخ 19/8/1967م وينص على "يمنع منعاً باتاً إنشاء أية منشأة مائية جديدة بدون ترخيص، ولضابط المياه الإسرائيلي حق رفض أي ترخيص دون إعطاء الأسباب".

3.    الأمر العسكري رقم (158) الصادر في 1/10/1967م والذي يقضي بوضع جميع الآبار والينابيع ومشاريع المياه تحت السلطة المباشرة للحكم العسكري الإسرائيلي.

4.    الأمر العسكري رقم (291) لعام 1967م وينص على "جميع مصادر المياه في الأراضي الفلسطينية أصبحت ملكاً للدولة وفقاً للقانون الإسرائيلي الصادر عام 1959م".

5.    الأمر العسكري رقم (948) الذي صدر في 14/11/1974م وينص على "إلزام كل مواطن في قطاع غزة بالحصول على موافقة الحاكم العسكري الإسرائيلي إذا أراد تنفيذ أي مشروع يتعلق بالمياه".

وهذه السلسلة الطويلة من القرارات التي تعزز القبضة الإسرائيلية على مصادر المياه الفلسطينية والأحواض الجوفية خاصة وهي -في مجملها- ترمي إلى:

·        وضع سقف لكمية المياه التي يسمح لأصحاب الآبار في الضفة الغربية وقطاع غزة بضخها بحيث لا يزيد عن 100 متر مكعب يومياً.

·        منع حفر آبار جديدة لأغراض الزراعة ووضع قيود عليها.

·        استخراج تصاريح حفر الآبار الجديدة واستخدام الينابيع.

·        مصادرة آبار المزارعين الفلسطينيين لصالح المستوطنات الإسرائيلية.

·        تحديد أعماق حفر الآبار بما لا يزيد من 120-140 متراً.

لقد عمدت إسرائيل إلى إعلان منطقة غور الأردن منطقة عسكرية لمنع الفلسطينيين من الوصول الى الشاطئ الغربي لنهر الأردن، والاستفادة ممَّا تبقى منه بعد أن حولت السواد الأعظم منه إلى بحيرة طبريا ومنها إلى النقب عبر الخط الناقل.

وبحسب منشورات سلطة المياه الفلسطينية([49]) فإن بإمكان الفلسطينيين والإسرائيليين سحب كمية مياه من الأحواض الجوفية الفلسطينية كالآتي (بالمليون متر مكعب/ سنوياً):

البيان الإسرائيليون الفلسطينيون الحوض الغربي 340 22 الحوض الشمالي الشرقي 103 42 الحوض الشرقي 40 54 المجموع 483 118

انظر الشكل رقم (8)

 وطبعاً تكون المياه كلها متجددة، أي أن السحب يكون سحباً آمناً، ولكن الفلسطينيين في واقع الحال لا يستفيدون من كل الكمية المقررة لهم في الاتفاقية ، حتى أن سقف ما يسحبونه لا يتجاوز الـ98 مليون متر مكعب سنوياً، وذلك أنهم لا يملكون الآبار الكافية لسحب كل الكمية المقررة لهم في الاتفاقية الانتقالية للعام 1995م ولا يستطيعون حفر آبار جديدة إلا بموافقة إسرائيلية لا تأتي غالباً، وهذه الموافقة هي ما نصت عليه الاتفاقية الانتقالية، وهذا يعتبر انتهاكاً للاتفاقية الموقعة بين الطرفين.([50])

 وهذا يحصل في الوقت الذي يتجاوز فيه الإسرائيليون حصتهم من السحب عن الحد الذي سمحت به الاتفاقية المذكورة، حيث يصل السحب الإسرائيلي إلى 556 مليون كوب سنوياً وبعملية حسابية بسيطة نجد أن الفلسطينيين يستفيدون بـ 15% من كمية المياه المستخرجة من الأحواض الجوفية الفلسطينية في حين يستأثر الإسرائيليون بالباقي.([51])

شكل رقم (8)

المصدر: خارطة اتفاق أوسلو بخصوص المياه - سلطة المياه الفلسطينية http://www.pwa.ps/ar_page.aspx?id=YOiUSWa1465699620aYOiUSW


المطلب الثاني: الحوض الساحلي:  تجدر بنا الإشارة إلى الخزان الجوفي الساحلي والذي يعتبر أكبر خزان مائي جوفي في فلسطين، حيث يبلغ طوله حوالي 120 كيلو متراً ممتداً من جبال الكرمل شمالاً وحتى جنوب قطاع غزة بعرض من 3-10 كم في الشمال ويصل إلى 20 كم في الجنوب، وبهذا يكون شاملاً لخزان مياه قطاع غزة الجوفي، ويشير الباحث إلى أن الفلسطينيين يعتقدون بعدم وجود مياه عذبة صالحة للشرب في النصف الشرقي من قطاع غزة، فهي إما غير موجودة أو غير صالحة، وهذا ما يتناقض مع حيثية كون الخزان الجوف الساحلي في هذه المنطقة يصل إلى 20 كيلو متراً يومياً ويقول المهندس عمر شديد في كتابة المياه والأمن المائي الفلسطيني ".([52])

"إن السحب الآمن من هذا الحوض يقدر بــــ 476 مليون متر مكعب، في حين تقول إسرائيل إن السحب الآمن من كامل الحوض المائي الأصلي هو 395 مليون متر مكعب وذلك في الدراسة المائية الإسرائيلية المقدمة للبنك الدولي في العام 1994م"([53]).

ويقول نفس المصدر أيضاً: "لقد قامت إسرائيل بحفر الآبار الارتوازية داخل وخارج الخط الأخضر لقطاع غزة، وفي المجرى العلوي لمجاري المياه الجوفية الباطنية والتي تغذي منطقة القطاع مما تسبب في نقص التغذية وبالتالي نقص المخزون الجوفي من المياه. كما قامت إسرائيل بحفر مجموعة من الآبار الارتوازية في مناطق تتواجد فيها المياه الجوفية ذات النوعية الجيدة لتأمين المياه للاستعمالات المنزلية والزراعية في المستوطنات المقامة داخل حدود قطاع غزة وخارجه"([54]).

وقد تقلصت مساحة الأحواض من 75 كيلومتر مربع الى 45 كيلومتر مربع في المنطقة الشمالية من قطاع غزة، ومن 45 كيلومتر مربع الى 35 كيلومتر مربع في المنطقة الجنوبية من قطاع غزة وذلك خلال الفترة من 1972 الى 1995 وذلك بسبب استغلال اسرائيل لهذه الأحواض بشكل جائر لتلبية احتياجات مستوطناتها في المنطقة.([55])

وهذا السلوك الاسرائيلي يعتبر انتهاكاً لمصادر المياه المشتركة، وهي الحوض المشترك ويتناقض مع مبدأ الاستخدام المنصف، وكذلك مبدأ عدم إحداث ضرر للغير فيما يتعلق باستخدام الأحواض الجوفية المشتركة كما تنص على ذلك اتفاقيات هلسنكي واتفاقية 1997 والتي تتعلق باستخدامات مصادر المياه المشتركة لأعراض غير ملاحية.

لقد سيطرت اسرائيل على موارد المياه التي تغذي المناطق الفلسطينية والتي هي موضوع النقاش في مسألة المياه بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي ،وكانت تلك السيطرة حرمان للأطراف العربية الأخرى من مياه حوض النهر كسوريا والأردن ،وكانت السيطرة قبل عام 1967 تمثل 3%من منطقة الحوض،فأصبحت بعد الحرب  أكثر من 90% لتشمل الجزء الأكبر الأهم من الحوض.([56]) )

نرى أن دولة الكيان الصهيون وباستخدام القوة قد قامت بالسيطرة على مصادر المياه الفلسطينية جميعها سواء السطحية أم الجوفية بدون أية مراعاة للقوانين والقواعد الدولية التي تحدد للقوة المحتلة حدود مسلكيتها بما يتعلق بالموارد الطبيعية للشعب المحتل  بالإضافة الى المخالفات الأخرى وفي نفس الوقت لم تمنح الشعب الفلسطيني إلا القليل مما يحتاجه  من مياهه.

الفصل الثاني
الأبعاد السياسية للانتهاكات الإسرائيلية لحق الشعب الفلسطيني في مصادر المياه  

المبحث الأول: مصادر المياه في المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية.

المبحث الثاني: قبول فلسطين دولة عضو مراقب في الأمم المتحدة واثره السياسي على الحقوق المائية الفلسطينية.

 

تمهيد          كانت الأبعاد السياسية لسيطرة اسرائيل على مصادر المياه الفلسطينية حاضرة دائما في أذهان الساسة الإسرائيليين ، والبعد الأول كان هو حيازة كمية كافية من المياه لإقامة الدولة نفسها ، وما يكفي لإدامة عملية تطورها الزراعي والصناعي  ، وكذلك تحقيق مستوى رفاهية متناسب مع المستوى الإجتماعي الذي يمكن أن يشكل نقطة جذب للمهاجرين اليهود  اليها في المقام الأول. ويأتي في المقام الثاني، العمل على منع قيام أي كيان فلسطيني بين البحر والنهر ، وهذا هدف رئيس يعمل الصهاينة ويسعون عليه  (أي أن لا يتشكل كيان فلسطيني) ، ولازال لديهم الأمل المقترن بالعمل الدؤوب لإستجلاب مزيدا من المهاجرين اليهود لتثبيت دعائم دولتهم التي يعتقدون أنها تعاني أخطارا وجودية.

المبحث الأول
مصادر المياه في المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية تمهيد خاض الفلسطينيون تجربة تفاوضية شاقة مع الإسرائيليين في موضوع المياه ، ويرى الباحث أنه لايمكن فهم المنطلقات التفاوضية الإسرائيلية دون الرجوع الى المنهج التاريخي في البحث من خلال استعراض المركبات التاريخية و الدينية لنظرة الإسرائيليين لموضوع المياه، وكذلك كان لا بد من استعراض نقاط القوة والضعف في الأداء التفاوضي الفلسطيني ومعرفة مكامن الخلل لكي يتم تلافيها مستقبلا ، بحيث يتم إثراء مسيرة العمل السياسي الفلسطيني، وتطوير استراتيجيات مناسبة للتعامل مع الأساليب الإسرائيلية في التفاوض وأيضا  التعرض من خلال رؤية جانبية للطريقة التي تمت بها معالجة مسألة المياه في الإتفاقيات  الفلسطينية الإسرائيلية ، وتشخيص المثالب التي كانت السببب في قصور التجربة التفاوضية الفلسطينية ، التي قطعا لم تكن بمستوى الطموح الفلسطيني .

المطلب الأول: خلفية تاريخية-أهمية المياه في الفكر الديني والفكر الصهيوني :  لا يمكن الحديث عن الأبعاد السياسية للانتهاكات الإسرائيلية لحق الشعب الفلسطيني في مصادر المياه الفلسطينية خصوصاً والمصادر المائية العربية بشكل عام دون استعراض للخلفية التاريخية والدينية لنشأة الكيان الصهيوني ، فلقد احتلت المياه مكاناً مهماً واستراتيجياً في الخطط اليهودية والغربية لإقامة دولة الكيان لسبب بسيط وهو إدراك صحيح وواعٍ لأهمية المياه في قيام وبقاء وتطور الكيان المفترض، فقد قال لهم الرب في زعمهم مخاطبا يشوع "إن موسى عبدي قد مات فالآن قم اعبر هذا الأردن أنت وكل هذا الشعب إلى الأرض التي أنا معطيها لهم أي لبني إسرائيل، كل موضع تدوسه بطون أقدامكم لكم أعطيته، كما كلمت موسى من البرية ولبنان هذا إلى النهر الكبير نهر الفرات جميع أرض الحثيين وإلى البحر الكبير نحو مغرب الشمس يكون تخمكم "([57]).

 وفي الربع الأخير في القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين ، عندما بدأ التخطيط والتنفيذ الفعليين لإقامة الكيان الصهيوني بدأت تصريحات الزعماء اليهود والبعثات التي أرسلوها بضرورة أن تشمل حدود الدولة منابع الأنهار في شمال فلسطين، وكذلك جزءاً هاماً من نهر اليرموك الذي يحاذي الحدود السورية الأردنية والجزء الجنوبي من نهر الليطاني، "ففي مذكرة إلى مجلس العشرة في باريس سنة 1919، اعتبرت الوكالة اليهودية أن جبل الشيخ هو الأب الحقيقي للمياه في فلسطين([58])، وفي رسالة وجهها "حاييم وايزمن" إلى مؤتمر السلام في باريس ذكر أنه لا إمكانية لإقامة وطن قومي يهودي بدون مصادر مياه الأردن والليطاني.([59]) وكذلك شدّد "بن غوريون" في مذكرة أرسلها إلى حزب العمال البريطاني أن أهم أنهار "إسرائيل" هي الأردن والليطاني واليرموك([60]). وتمسّك اليهود بمنطقة الجليل الأعلى ومصادر المياه فيها، وذلك خلال مشروع التقسيم عام 1947."([61]) وعليه فإنه من السهل فهم الأبعاد السياسية للرغبة الإسرائيلية في الاستحواذ على مصادر المياه في فلسطين التاريخية والدول العربية المجاورة لها.

المطلب الثاني: منظور إسلامي لمسألة المياه:  يقول الله سبحانه وتعالى: " وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ "([62]) صدق الله العظيم. ولا يختلف اثنان في أن الماء الذي جعله الله شرطاً وجودياً للحياة نفسها هو من أعظم النعم التي أنعم الله بها على الإنسان، فحياة الإنسان وطهارته وسلامة بدنه من الأمراض وسلامة بيئته وسبب زراعته لغذائه وطعام حيواناته. كلها متوقفة على وجود الماء حيث يقول الله سبحانه وتعالى في "يُنبِتُ لَكُم بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالأَعْنَابَ وَمِن كُل الثَّمَرَاتِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ"([63]).

ولقد ورد ذكر الماء في القرآن الكريم في خمسمائة آية توضح معانيه وأنواعه وأوعيته ومجاريه واستخداماته المتعددة" ([64]).

وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "الناس شركاء في ثلاث: الماء والكلأ والنار" والشراكة هنا تعني المساواة بين الناس في الحقوق، ولكن حكمة الله أن يترك طريقة تقسيم هذه الموارد ومنها المياه بالطبع إلى الإنسان، وذلك باختلاف الظروف والأشكال ولكن المشرع وضع القاعدة العامة وهي الشراكة التي تنطوي على فكرة المساواة. وقد اعتنى الإسلام بتنظيم التعامل مع المياه بعدما أبرز أهميتها في الآيات سالفة الذكر من خلال الاهتمام بتوفير مصادر المياه من خلال تشجيع المسلمين على توفير مصادره وجعل إسبال آبار المياه من أعظم القربات عند الله مثلما حصل مع سيدنا عثمان رضي الله عنه من شراء بئر رومية من اليهودي وجعلها سبيلاً للمسلمين، وهذا ما يسمى في علوم المياه الحديثة إدارة العرض، من جانب آخر حث المسلمين على عدم إهدار الموراد والاسراف في استعمال المياه، حيث نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الإسراف في استعمال الماء في الوضوء حتى لو كنا على نهر جار، فكيف بالإسراف في أمور أخرى أقل شأناً، وهذا ما يسمى في الاتجاه الحديث للكتابة عن المياه بإدارة الطلب، وهذا لم ينتبه إليها فقهاء المياه المعاصرون في الغرب إلا حديثاً كوسيلة من وسائل تخفيف أزمة المياه التي تزداد تفاقماً في العالم حالياً... وإذا كان النظام الدولي المعاصر الذي يسيطر عليه الغرب هو الذي وضع قوانين للمياه فيها نوع من العدالة النسبية بين الأمم في الأحواض النهرية أو الجوفية المشتركة، وجعل هناك قضاء دولياً يتم اللجوء إليه عند الاختلاف في قضايا المياه، فنحن نسجل هنا أن أول محكمة للمياه نشأت في التاريخ كانت إسلامية حيث ظهرت محكمة المياه الأول في تاريخ الإنسان في مدينة بلنسية بالأندلس في عهد عبد الرحمن الناصر سنة 318 هجرية، ولا تزال آثارها باقية حتى الآن، وكانت لوائح تلك المحكمة تنص على أن القاضي يجب أن يتوجه في ذلك الزمن إلى المحكمة كل يوم خميس، لكي يستمع مع باقي القضاة إلى مظالم السقاة، ويحضر اجتماع الحراس الموكول إليهم حراسة السواقي، وتنتخب هيئة المحكمة (المياه) من بين القضاة (الرئيس ونائب الرئيس والأعضاء) بالتصويت، وتدور مناقشتها علناً وإضافة إلى اختصاص المحكمة في الفصل في المنازعات المائية تختص أيضاً بتحصيل الغرامات والإشراف على تنفيذ ما يصدر عنها من أحكام ([65]).

المطلب الثالث: أسباب الرغبة الإسرائيلية في الاستحواذ على مصادر المياه في فلسطين التاريخية: 1- ضمان بقاء الكيان الصهيوني :

لا يمكن تصور قيام الكيان الصهيوني ولا أي تجمع بشرى آخر بدون توفر كميات كافية من المياه، فالحياة بدون المياه لا تستقيم بل لم تكن لتنشأ أصلا. فالاستعمال الشخصي للمياه للنظافة والتي يساعد على حفظ المستويات المطلوبة من الحالة الصحية، ويؤدي إلى الاستقرار الاجتماعي ويحقق بالإضافة إلى عوامل أخرى منها المصالح الصناعية والزراعية، وكل ذلك يؤدي إلى الاستقرار السياسي الذي هو مؤشر من المؤشرات على كون الكيان الاسرائيلي ماضياً على طريق البقاء والنمو كما يرى المخططون الاستراتيجيون.

2- جلب المزيد من المهاجرين اليهود إلى فلسطين :

 كانت دائماً الخطط التوسعية في عملية جلب مزيد من المهاجرين إلى" أرض الميعاد" كما يحلو لهم أن يسموا أرض فلسطين، كانت دائماً مرتبطة بتوفر كميات اضافية من المياه، حيث إن أحلامهم لا تتوقف عند الحدود الفلسطينية التاريخية الانتدابية، فحلمهم يغطي المنطقة بين النهرين الكبيرين النيل والفرات، ويصل إلى مكة المكرمة والأماكن الإسلامية المقدسة في شبه الجزيرة العربية ، وما يدل على ذلك الخطان الأزرقان في العلم الإسرائيلي اللذان يشيران إلى نهري النيل والفرات، وكذلك ما هو مكتوب على باب الكنيست "من الفرات إلى النيل ملكك إسرائيل" ولابد من الإشارة هنا بالطبع إلى أن الدولة الإسرائيلية هي الدولة الوحيدة في العالم التي حصلت على شهادة الميلاد والعضوية لاحقاً بدون أن تحدد لنفسها حدوداً، وبدون أن تشير في دستورها أو نظامها الداخلي إلى حدود ثابتة يعترف بها العالم على أساسها ، كما قال موشي دايان عندما سئل عن حدود إسرائيل فقال: "حدود إسرائيل حيث تصل جنازير دباباتنا([66])"!.ولكن العالم الغربي الذي أوجد إسرائيل ليتخلص من المشكلة اليهودية على حساب الشعب الفلسطيني ، لا يهتم بمثل هذه المقولات، ويعامل هذا الكيان المصطنع بأفضلية سياسية واضحة ويوفر له كل إمكانيات البقاء والصمود في منطقة تتميز بالعداء الشديد له، وبالطبع لأسباب أخرى كثيرة ويعطي الإسرائيليون أهمية استراتيجية كبيرة لموضوع إسكان منطقة النقب، لأنهم يرون فيها مخرجاً للتكدس الإسرائيلي في الشريط الضيق، حيث تشير المعطيات إلى إنه يحتشد حوالي 80-90% من سكان إسرائيل في منطقة تمتد نحو120 كلم على طول الشاطئ بين حيفا وأسدود، وهذا ما يشكل تهديداً امنياً حقيقياً لإسرائيل نتيجة العمق الاستراتيجي الضيق الذي يجتمع فيه غالبية السكان في إسرائيل، وما يشكل ذلك من خسائر بشرية فادحة في حال تعرضت إسرائيل لهجمات تطال تلك المنطقة الجغرافية من إسرائيل، الأمر الذي يحد كثيراً من قدرة إسرائيل على المناورة والحركة([67]).

ويوجد في هذا إضعاف بنيوي للدولة التي يتركز فيها السكان في شريط ضيق، وهناك مساحات كبيرة جداً نسبياً غير مأهولة، لذا فإن منطقة النقب هي أمل إسرائيل للمستقبل من الناحية العسكرية والاقتصادية والجغرافية وكذلك الزراعية، وكل هذه العوامل تعتمد فيه، ضمن أمور أخرى ، على توفر المياه في هذه المنطقة كشرط ضروري لإعمارها، من هنا كان لابد أن تستحوذ إسرائيل بكل أساليب الاحتيال والسرقة على ما كل تستطيع السيطرة عليه من المياه التي تزداد أهميتها باضطراد، كلما زادت المخاطر الوجودية التي تحيط بالدولة وهي كثيرة ليس أقلها البيئة المعادية والتطور التكنولوجي بشكل عام، وما ينعكس منه على أنظمة التسليح والمعدات العسكرية بشكل خاص والذي يتطلب باستمرار تغييرات في الاستراتيجية العسكرية الإسرائيلية بحيث تكون مرنة جداً، لكي تواكب التطورات المماثلة في البيئة المحيطة.

وهناك جانب آخر لابد من التطرق إليه وهو، أن توفير حياة ذات مستوى رفاهية عالية جداً للمستوطنين الأوائل أو الرواد كما يطلق عليهم وحتى للمستوطنين الحاليين في مناطق الاحتلال الإسرائيلي عام 1967م هو شرط ضروري لبقائهم في مناطق الاستيطان الجديدة- وهذا ما لا يمكن أن يحدث بدون وجود مياه كافية - كما كانت هذه المسألة نقطة جذب لأسلافهم الذي انطلت عليهم الدعاية الصهيونية عن أرض العسل التي تطرح ثمارها 7 مرات في العام الواحد.

3- منع قيام كيان فلسطيني:

 روجت الدوائر الصهيونية في الغرب قبل قيام الكيان الصهيوني مقولة أن فلسطين أرض بلا شعب لشعب بلا أرض، وهو الشعب اليهودي حتى يستسيغ المواطنون الغربيون فكرة اغتصاب أرض فلسطين من شعبها الذي تواترت أجياله على العيش الهادئ والمسالم عبر التاريخ ,ولا يقلل من شرعية وجود الشعب الفلسطيني على هذه الأرض فترات الغزو الأجنبي القصيرة نسبياً، ومنها الغزوة الإسرائيلية الحالية التي حتي هذه اللحظة لم تستمر طويلاً إذا ما قورنت بغزاة آخرين مثل احتلال فرنسا للجزائر الذي استمر 130 سنة ، مما يعنى أن عمر الكيان الصهيوني مازال صغيرا نسبيا لو قارناه بعمر الاحتلال الفرنسي للجزائر الذي امتد أكثر من ذلك، ورغم ذلك فقد مارس الفلسطينيين كل أشكال المقاومة في رد فعلهم المشروع على اغتصاب أرضهم وتهجيرهم منها بالقوة الغاشمة الصهيونية والذي هيأت لها القوات البريطانية التي كانت تسيطر على فلسطين باسم الانتداب الأممي كل أسباب النجاح، وتنوعت أشكال المقاومة الفلسطينية من المظاهرات والإضرابات والعصيان المدني وحتى المقاومة العسكرية بأدوات بسيطة ومحدودة وبنادق قديمة ولقد أدت الثورات الفلسطينية المتتابعة إلى إقناع العالم بوجود الشعب الفلسطيني والذي توج باعتراف الكيان الإسرائيلي بوجود الشعب الفلسطيني وبمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلا له، وهذا الاعتراف الذي يعني أن هذا الشعب له حقوق منها حق تقرير المصير بالطبع وحقه في السيطرة على موارده الطبيعية وعلى رأسها المياه حيث نجد أن الكيان الصهيوني في مفاوضاته واتفاقاته اللاحقة مع الفلسطينيين يسعى لكي يضع يده على مصادر المياه في منطقة الضفة الغربية وقطاع غزة بعد أن كان قد وضع يده على مصادر المياه الفلسطينية في شمال فلسطين ومياه حوض نهر الأردن.

 إن محاولات الجانب الإسرائيلي في الاستحواذ والسيطرة على المياه الفلسطينية قبل وبعد اتفاقات أوسلو، هي محاولات في جوهرها تهدف إلى منع قيام كيان فلسطيني مستقل له السيطرة والسيادة الكاملة على ثرواته الطبيعية التي تعتبر شرطاً ضرورياً للبقاء والنمو بالنسبة للكيان الجديد، وبالتالي، فإن معركة المياه مع الكيان الإسرائيلي معركة مفتوحة إلى أن يتم التوصل إلى اتفاقات، وهذه مسألة محل شك من قبل تيارات فكرية وسياسية نافذة في المجتمع الفلسطيني، حيث يعتقد البعض أن الصراع مع العدو صراع وجود لا صراع حدود فضلا عن أن يكون صراع مياه، وبناءً على ذلك يجب على الفلسطينيين حتي في المفاوضات المتعلقة بالمراحل الانتقالية أن يتمسكوا بحقوقهم المائية وليس ما يعرضه عليهم الإسرائيليون من تلبية احتياجاتهم على أرضية إنسانية.

المطلب الرابع: مصادر المياه في الأجندة التفاوضية الفلسطينية: هناك تعريفات كثيرة للتفاوض من وجهة نظر علماء الاجتماع والإدارة، وكذلك خبراء علم السياسة، ونقدم هنا أحدها وهو تعريف الدكتور محمد حسن الحضيري حيث يقول: "التفاوض هو موقف تعبيري حركي قائم بين طرفين أو أكثر حول قضية من القضايا ويتم من خلاله عرض وتقريب وتكييف وجهات النظر واستخدام كافة أساليب الإقناع للحفاظ على مصالح قائمة أو الحصول على منفعة جديدة بإجبار الخصم على القيام بعمل معين أو الامتناع عن عمل معين في إطار علاقة الارتباط من أطراف العملية التفاوضية تجاه أنفسهم أو تجاه الغير".([68])

 

ولا تحتل قضية المياه في الأراضي الفلسطينية المحتلة مكانا مناسبا في الأجندة السياسية الفلسطينية، وذلك منذ أن بدأت العملية السياسية في النصف الأول من عقد التسعينات من القرن الماضي وحتى يومنا هذا، على الرغم من الأهمية الفائقة للمياه ليس باعتبارها شرطا ضروريا للوجود الإنساني فقط بل أيضا لما لها من أبعاد تنموية، اجتماعية و اقتصادية وسياسية في نشأة وديمومة أي كيان سياسي، فكانت المياه دائما في نهاية قائمة أجندة السياسيين الفلسطينيين أو غير موجودة أصلا في تلك القائمة وبمعنى آخر غير مطروقة رغم أنها يجب أن تكون حاضرة في كل المحافل وعلى طاولات المفاوضات في كل فرصة ممكنة، ويجب أن تشغل حيزا مهماً في العمل الدعائي الفلسطيني الموجه للضمير الإنساني فضلا عن كونها موضوعا أساسيا وركيزة مهمةً من ركائز التخطيط الإستراتيجي الفلسطيني على المستوى الداخلي وفي كل المجالات، فهي قطعا أهم من مشاكل الحدود والمستوطنات و الجدار وربما لا تسبقها في الأهمية إلا قضية الأرض نفسها، ومسألة عدم إعطاء المياه الأهمية التي تستحقها في الأجندة الفلسطينية يمكن ملاحظتها بسهولة من خلال المتابعة اليومية لعملية التفاوض مع دولة الكيان الصهيوني، حيث إن المياه احتلت المكانة الأخيرة في قضايا الحل الدائم ولا يمكن اعتبارها من قضايا الرأي العام في الأوساط الفلسطينية على الرغم من  أهميتها الفائقة.

وقد لفت موضوع عدم الاهتمام بقضية المياه من قبل السياسيين الفلسطينيين وحتى من قبل النخب الاجتماعية المؤثرة نظر خبير ألماني في مجال المياه في الشرق الأوسط السيد / كلمنز مسرشميدت (Clemens.Messerschmitt) فكتب تحت عنوان " الصمت المدوي حول أزمة المياه في الأراضي الفلسطينية المحتلة " ([69]) أن هناك أربعة أسباب محتملة أوردها كالتالي :-

1-   قد تكون مشكلة المياه طبقية أي مرتبطة بالطبقات الاجتماعية للشعب الفلسطيني، وعليه فإنه من المنطقي أن دوائر النفوذ في المجتمع الفلسطيني أو الطبقة العليا تكون متأثرة بشكل أقل من الطبقات الأخرى في موضوع المياه، وبالتالي فإن لديها دافعية أقل للاهتمام بالمشكلة وحلها ويقول ، إنه لو كانت هناك خطوط مياه جافة أو كان هناك مرض وبائي منتشر في رام الله، فإن الصحافة ستكتب وسيهتم الجميع لحل المشكلة وربما تتناثر لتصل خارج الحدود.

2-  يتم النقاش العام في فلسطين حول المياه في إطار أسطورة المطلق والطبيعي أي أنها مشكلة قدرية لها علاقة بالطبيعة والمطر، ويدعم هذه الرواية ويسوقها الإسرائيليون والغرب حتى يخففوا من اندفاع الفلسطينيين نحو المطالبة باستعادة حقوقهم المائية، وللأسف فإن بعض الفلسطينيين العاملين في مجال المياه يتقبلون الفكرة ويصدقونها.

3-  المياه كسلعة وصناعة تحقق أرباحا أقل من أية صناعة أخرى مثل البترول مثلا، فهي من وجهة نظرهم ليست سلعة اقتصادية استراتيجية وليست لها أهمية كبيرة في الاقتصاد السياسي.

4-  مشكلة المياه في الأراضي الفلسطينية المحتلة تأخذ نصيب الأسد من الاهتمام والدعم المالي لفلسطين على أرضية تعزيز فرص نجاح اتفاقيات السلام، وبالرغم من ذلك فإن المشاريع في الأراضي المحتلة لم تصل إلى أفضل مستوى ممكن بسبب قيود الاحتلال، حيث أن اتفاقيات أوسلو جعلت إسرائيل المنظم الحقيقي لقطاع المياه، وعليه فإن قليلا من التقدم قد حصل مثلا في زيادة إمدادات المياه للفئات المحرومة، كما يقول تقرير البنك الدولي 2009 فلذلك فإن حرص العاملين الفلسطينيين في مجال المياه على استمرار الدعم المالي يدفعهم إلى تجاهل الأسباب الحقيقية للمشكلة المائية والعمل على حلها و يقول السيد / كلمنز مسرشميدت (Clemens.Messerschmitt) "من منا لم ير الخبراء المائيين الفلسطينيين يتوقفون عن توجيه النقد للمشاريع فقط عندما يصبحون شركاء في هذه المشاريع ".

ويخلص الخبير إلى أن المياه والمفاوضات حول المياه وهي ذات التأثير الكبير على الشعب الفلسطيني ليست قضية نقاش عام في أوساط الشعب الفلسطيني، ويتم التعامل معها على أنها قضية بالغة السرية في المجتمع الفلسطيني والسرية دائما تخدم الطرف القوي في المفاوضات وهو هنا بالطبع ليس الجانب الفلسطيني والذي يحتاج إلى الدعم الشعبي في المفاوضات، وهذه مسألة لا يمكن فهمها ولا تبريرها([70]).

ويتفق الباحث مع معظم ما قاله الخبير الألماني، ويرى ضرورة إعادة تقييم الاستراتيجية التفاوضية الفلسطينية بخصوص المياه وإثارة الموضوع على المستوى الشعبي كقضية رأي عام.

 ويعتبر التفاوض الأسلوب السلمي الحضاري الوحيد أمام الأطراف المختلفة حول قضية ما لتسوية الخلافات، لأن البديل هو الحرب بكل ما تعنيه من دمار وقتل وتخريب.

المطلب الخامس: مبدأ الاستعمال المسبق أو التاريخي:  يشير مبدأ الاستعمال المسبق أو التاريخي للمياه أن الأول في الاستعمال للمياه زمنياً هو صاحب الحق الأول في الاستعمال, و الشخص أو الجهة التي تستعمل الماء أولاً تسمى المستعمل الكبير، وأما المستعملون اللاحقون فيسمون المستعملين الصغار، ويكتسب المستعمل الكبير حقاً يسمى حق الأولوية([71]) وللحفاظ على حق المستعمل الكبير في حصته من المياه لجأت كثير من الدول إلى طرق وآليات محددة وعادلة لتحديد الحصص وإدارة الحقوق المائية، وهذا ما جاءت به اتفاقية هلسنكي 1966([72])، وظهر بوضوح في" اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية للاستعمالات غير الملاحية لمياه المجاري الدولية 1997"([73])، حيث وضعت عوامل وحيثيات يتم على أساسها تحديد الحصص بدون ملامسة خصوصية أية حالة معينة، حيث إن هذه الاتفاقية تفترض أن الدول المتشاركة في الأحواض المائية مضطرة للتفاوض على تقسيم الحصص في إطار الخطوط الاسترشادية التي وضعتها الاتفاقية، ويمكن اللجوء إلى آليات أخرى مثل اللجوء الى القضاء الدولي للوصول إلى حلول في حال فشلت المفاوضات العادية.

لقد ظل مبدأ الاستعمال المسبق حجر الزاوية في المقاربة التفاوضية الإسرائيلية مع الفلسطينيين، وذهبت بعض الدراسات الأجنبية في مجال المياه إلى أن الفلسطينيين قبل عام 1967 كانوا قد استعملوا الحوض الجوفي الغربي بشكل محدود من خلال مجموعة من الينابيع والآبار التقليدية في مناطق قلقيلية وطولكرم في حدود (20-30) مليون متر مكعب في السنة، وأما في منطقة نابلس فقد استغل الفلسطينيون بالطرق البدائية ذاتها ما يقارب 25 مليون متر مكعب من الحوض الشمالي الشرقي، وأما في الحوض الشرقي فقد استغل الفلسطينيون حوالي 60 مليون متر مكعب سنوياً، 20 مليون منها مياه مالحة، وكذلك قام الفلسطينيون بسحب المياه من نهر الأردن في نقاط متعددة، وهذا ما منعته إسرائيل بعد احتلالها للضفة الغربية عام 1967([74]). وينقل Hillel Shuval عن جاد إسحق وهو باحث فلسطيني في معهد أريج للبحوث التطبيقية في بيت لحم، أن الفلسطينيين قبل عام 1967 قد قاموا بزراعة 3000 هكتار من مياه نهر الأردن بمعدل 10.000 متر مكعب لكل هكتار في السنة، ويخلص إلى أن الفلسطينيين كانوا يستفيدون من نهر الأردن بحوالي 30 مليون متر مكعب سنوياً.

 قد أفادت بعض الدراسات أنه منذ ما يقرب من ثمانين عاماً أي قبل نشأة دولة إسرائيل بفترة طويلة، فإن المزارعين اليهود في وادي الأردن، "بيت شان، وادي جزرائيل والخضيرة و بتح هتكفاه، نهر اليركون، نهر أبو فطرس" كانوا يستخدمون كميات كبيرة من المياه في نطاق السحب الآمن من الخزان الجبلي والينابيع والآبار العميقة، وذلك بواسطة الفلاحين أو من خلال شركة ميكوروت أو من خلال مبادرات، محلية منظمة، وكل هؤلاء كان يحصلون على موافقات رسمية من السلطات الانتدابية البريطانية حيث منحت المهندس "بنحاس روتنبرج" وهو مهندس يهودي، امتيازاً حصرياً لاستعمال مياه نهر اليركون([75]).

 و حتى اللحظة  تستخرج سلطات الاحتلال الإسرائيلي المياه من الحوض الغربي من خلال 300 بئر موجود إلى الغرب من الخط الأخضر مستفيدة من الميل الهيدوليكي لمياه الحوض الغربي باتجاه الغرب ،ومن الميل الهيروليكي لمياه الحوض الشمالي الشرقي باتجاه الشمال والشرق.

 وقد كانت تستفيد قبل احتلالها للضفة الغربية عام 1967 من 80% من مياه الحوضين الغربي والشمالي الشرقي، وذلك بشكل غير مشروع وهو ما يؤكده أستاذ القانوني الإسرائيلي "أيال بيفنيستي".

ولذلك يرى الباحث أن الإسرائيليين وخصوصا الجهات الأكاديمية (التي من المفترض فيها الحيادية)، تحاول أن تثبت أن استهلاك المياه من قبل الفلسطينيين كان محدوداً وغير منظم بينما الاستهلاك الإسرائيلي يمتد إلى ما يفوق 80 عاماً في الماضي، وأنه كان منظماً وبكميات كبيرة .وتنكر هذه الجهات أن الفلسطينيين الذين يعيشون على هذه الأرض منذ 4000 سنة ، شربوا وزرعوا أرضهم من هذه المياه ولم يكن ينافسهم أحد. كما يرى الباحث أن استعمال اليهود للمياه كان محدودا من خلال عدد قليل من الآبار، وأن عدد اليهود لم يتجاوز عند إقامة الدولة أكثر من (650) ألفاً بينما كان عدد الفلسطينيين (1.4)مليون ، وأن عددا منهم كانوا عمالا لدى المزارعين الفلسطينيين. كما يرى الباحث أن سلطات الانتداب البريطاني لم تكن تملك السلطة القانونية لتمنح حق استعمال المياه لهؤلاء الغرباء الذين جاءوا من أصقاع الأرض، لتنفيذ مخطط صهيوني ومشروع استعماري غربي.

 ومن جانب آخر فإن مبدأ الاستعمال المسبق أو التاريخي كان عاملاً واحداً من بين أحد عشر عاملاً وضعتها الاتفاقيات الدولية (اتفاقية هلسنكي واتفاقية الأمم المتحدة عام 1997) يتم على أساسها تقسيم المياه بعد منح العوامل الأخرى أوزاناً محددة من قبل جهات محايدة متفق عليها، يتم على أساسها احتساب الكميات المستحقة من المياه لكل دولة من الدول المتشاطئة في الأحواض المائية أو السطحية المشتركة[76].

 وفي كتاب "المياه في المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية "تحدث الأستاذ شريف الموسى عن مبدأ الاستعمال المسبق للمياه على أساس أنه في أصله لا يعتمد على القانون الدولي العرفي للمياه ولا على المبادئ العامة للقوانين التي تعترف بها الأمم المتحدة، والمسألة في نظره لا تتعدى ما يقوله مبدأ الاستخدام العادل من أنه (أي مبدأ الاستعمال المسبق) أحد العوامل التي يجب أن تتم موازنتها ضد عوامل أخرى.([77])

 وفي السياق نفسه يحاول المؤلف أن يعقد مقارنة على أساس طول الفترة الزمنية التي استعمل فيها الإسرائيليون المياه الفلسطينية بشكل مسبق مع استعمال المصريين لمياه النيل، حيث إن مدة استعمال الإسرائيليين للمياه كانت قصيرة ، جدا لدرجة أنه لا يمكن الاعتداد بها، وكذلك فإن هذا الاستعمال قد فرض بالقوة أو بالتهديد باستخدام القوة في وجه الاحتجاجات المتكررة من قبل الفلسطينيين والعرب الآخرين على ضفاف نهر حوض الأردن، ومن المنطقي ، أنه إذا كان للإسرائيليين حق الاستعمال المسبق في خزان الجبل، فإن للاجئين الفلسطينيين بالمنطق الحق نفسه في الوصول إلى الخزانات الساحلية أو غيرها في فلسطين الانتدابية. وقد حرم اللاجئون الفلسطينيون الوصول إلى هذه المصادر المائية بسبب طردهم سنة 1948 الذي تتحمل إسرائيل على الأقل مسؤوليته الجزئية كما هو معروف على نطاق واسع([78]).

إذن هناك عدة شروط ضرورية يجب توفرها لدى أي طرف يريد أن يخوض عملية تفاوضية ناجحة، نستعرضها فيما يلي مع إسقاطها على الحالة الفلسطينية.

المطلب السادس: شروط التفاوض الناجح: 1-القوة التفاوضية: ونعني بها هنا مقدار السلطة وحرية الحركة والقرار التي يتمتع بها المفاوض وذلك من قبل دولته (([79]))وهنا لا أعتقد أن المفاوض الفلسطيني قد واجه أية مشكلة، حيث تمتع المفاوضون دائماً بثقة القيادة ولديهم التفويض المناسب. مع وجود حالة تنسيق طبيعية دائمة مع الأطر القيادية المكلّفة بمتابعة المفاوضات مع تمسك القيادة بحقها في أن تكون صاحبة القرار النهائي.

2-القدرة التفاوضية وتعني هنا الخصائص الشخصية والكفاءة الفنية، والبراعة والإلمام بظروف العملية التفاوضية([80]). وهذه المسألة تظل دائماً محل نقاش، ولكن من الثابت أيضاً أن الفرق المفاوضة الفلسطينية لم يكن لديها مفاوضون محترفون لمواجهة نظرائهم الإسرائيليين، وهذه المسألة في غاية الخطورة حيث ترتب عليها أخطاء كارثية اقترفها المفاوض الفلسطيني ومنها على سبيل المثال لا الحصر موافقته على إعطاء إسرائيل حق الفيتو في عملية الإدارة المشتركة للأحواض المائية الثلاثة في الضفة الغربية المحتلة، ويرى الباحث أن المسألة أصبحت تبدو وكأن الإسرائيليين قد حصلوا من الفلسطينيين على موافقة قانونية لإدارة الخزان الجوفي بعد أن كانت العملية غير قانونية وغير مشروعة في عهد ما قبل المفاوضات.

3-المعلومات التفاوضية: المعلومات مهمة جداً لدى الفريق التفاوضي سواء معلومات عن القضية محل التفاوض أم عن الفريق المفاوض للطرف الآخر، وهنا كانت لدى الفريق الفلسطيني المفاوض ولدى الفلسطينيين بشكل عام إشكالية كبرى، حيث أدى انقطاع الفلسطينيين عن موضوع المياه لمدة تقرب من ثلاثين عاماً إلى وجود ثغرة معلوماتية خطيرة جدا جعلتهم في وضع صعب، إذ كانوا يستجدون من خصمهم المعلومات عن قضايا المياه التي تخصهم ولم يعرف أبداً عن الكيان الصهيوني النزاهة والمصداقية([81]).

 فعندما تتفاوض على قضية لا تمتلك معلومات ذات قيمة عنها فأنت عملياً لا تملك إلا أن توافق على كل ما يقوله خصمك، وبهذا تتحول المفاوضات إلى إملاءات.

 وقد تعامل الإسرائيليون مع قضية المياه على أنها قضية سياسية وهي بالفعل كذلك، وبناء عليه قاموا بإخفاء كل ما لديهم من معلومات عن موضوع المياه لإفراغها من أية مضمون فني، وحتى ما كانت تنشره المؤسسات ومراكز الأبحاث الخاصة بهم لا يمكن الاعتماد على مصداقيتها أخلاقياً.

 وحتى المعلومات التي كانت تعلنها البعثات الأجنبية والمؤسسات البحثية في الغرب عن المياه في الفترة ما قبل 67 وما قبل 48 أيضاً، فهذه لا يمكن الوثوق بها بشكل كاف، لأنها معلومات مكيفة سياسياً لتخدم أجندة الحركة الصهيونية التي كانت خلف أغلب هذه البعثات من أجل إرسال رسائل سياسية تخدم هدف تهجير اليهود إلى فلسطين أو توطين اللاجئين الفلسطينيين في أماكن تواجدهم الجديدة، ولعل لجنة جونسون التي أرسلها الرئيس الأمريكي لحل الخلاف حول مياه نهر الأردن قامت بإعطاء الأردن كمية معقولة من مياه النهر (كان الأردن يمثل الضفتين الشرقية والغربية) تبلغ حوالي 756 مليون متر مكعب سنوياً، وذلك من أجل تسهيل عملية توطين اللاجئين شرق الأردن آنذاك والتي هي خير مثال على ذلك([82]).

 إن توفر معلومات عن أشخاص الفريق المفاوض الآخر من حيث معرفة تاريخ كل شخص العلمي والأكاديمي، وسيرته العسكرية وربما ظروف نشأته وصفاته الشخصية وميوله المزاجية، تساعد الفريق التفاوضي على فهم نفسية ودوافع سلوك الشخص الآخر، ويساعد كثيراً على خفض درجة التوتر، ويعطي المفاوض وضوح رؤية أكبر، خصوصاً لو كان المفاوض الفلسطيني له درجة من الخبرة في مجال علم النفس.

 ويرى الباحث أن أحدا من الفريق الفلسطيني المفاوض لم يكن لديه المعلومات الكافية عن الفريق الاسرائيلي ربما لأنهم لم يدركوا أهمية ذلك، وربما أيضاً لصعوبة الحصول على مثل هذه المعلومات عن الطرف الإسرائيلي و ربما لتغيير طواقم التفاوض الإسرائيلية كثيراً، وتبديل الأشخاص لاعتبارات إسرائيلية صرفة.

4-الخبرة التفاوضية: ويقصد بها المهارات اللازم توافرها في المفاوض والتي تتشكل عنده بعد مروره بعدة تجارب تفاوضية أو على الأقل الاطلاع على تجارب تفاوضية ناجحة مر بها الآخرون من الأصدقاء وربما من الأعداء أيضاً، مما يجعله يتعامل بمرونة مع مفاهيم النظرية التفاوضية والاستراتيجية التفاوضية التي يكون قد تم الاتفاق عليها في الغرف الخلفية لقاعات التفاوض([83]).

 لم يخض المفاوض الفلسطيني مفاوضات سابقة، ولا يعتقد الباحث أنه قد اطلع بما يكفي على تجارب الآخرين في التفاوض ولو على تجربة من سبقونا من المصريين والأردنيين اللذين خاضا تجارب تفاوضية طويلة مع الإسرائيليين، ولديهم خبرة كافية عن الأسلوب التفاوضي الإسرائيلي الشاق والمرير والمزعج.

5-توازن القوى بين الطرفين لا شك أن توازن القوى يلعب دوراً حاسماً في تحديد النتيجة النهائية للعملية التفاوضية، وليس المقصود هنا بتوازن القوى هو موازين القوة العسكرية فقط بل المقصود عناصر القوة الشاملة والتي تشمل القوة القانونية المدعومة بمواثيق ومعاهدات دولية، وكذلك الدعم الجماهيري الذي تحظى به القضية المطروحة للتفاوض من قبل الجماهير التي تمس هذه القضية مصالحها، وكذلك مدى الدعم السياسي الخارجي من القوى الإقليمية والدولية التي تحظى به هذه القضية، ومدى مساهمتها سلباً أو إيجاباً في تكريس الاستقرار في النظام السياسي العالمي([84]). وأيضاً مدى رمزيتها من حيث كونها تشير إلى الجانب الصحيح في الصراع بين الحق والباطل أو بين الشعوب المستضعفة المغلوبة والمضطهدة والقوى الاستعمارية الظالمة والغاشمة والتي لا تنظر إلى القضايا الدولية إلا من منظار مصالحها المادية الضيقة، وليس من خلال مبادئ الحق والعدل.

 وتعتمد الاستفادة من هذه العناصر في العملية التفاوضية على براعة وخبرة المفاوض في عرض القضية وفي التعامل مع ردود فعل الخصم التفاوضي.

 وقد حرصت إسرائيل على الابتعاد قدر ما تستطيع عن القانون الدولي ,وذلك لأن الابتعاد القانون الدولي والشرعية الدولية يفقد الفلسطينيون واحدا من أهم أوراقهم السياسية والتفاوضية مع الإسرائيليين مما يضيف إلى حالة عدم التوازن في القوى بين الطرفين وكانت حجة الإسرائيليين دوما أن المفاوضين الفلسطينيين ليسوا كياناً قانونياً. تنطبق عليه القوانين الدولية وإنما هم جماعة سياسية ([85]) تعيش على هذه الأرض التي يملكونها هم، وهذا كان بالطبع قبل الاعتراف الدولي بفلسطين  دولة عضو مراقب في الأمم المتحدة على الأراضي التي احتلت عام 1967م، وهذا الاعتراف الذي وضع العملية التفاوضية من الناحية القانونية أمام فتح جديد، ووضع في يد المفاوض الفلسطيني أسلحة جديدة في معركته السياسية القانونية في المحافل الدولية لعله يستفيد منها ويستخدمها بمهارة لحساب قضية في مواضيع المياه وغيرها.

 و يرى الباحث أن الجوانب الفنية الثلاثة وهي الخبرة التفاوضية، المعلومات التفاوضية، الكوادر الفلسطينية التفاوضية، لم تكن على أي قدر من الجاهزية لخوض معركة تفاوضية مع الطرف الإسرائيلي الذي يمتلك المعلومات الكاملة ، ولديه الخبرة الكافية ولديه الكوادر البشرية الممتازة المدربة والمجهزة لكل ما تحتاج إليه، وإذا أضفنا إلى تلك العوامل عاملين آخرين لم يكونا أبداً في صالح المفاوض الفلسطيني ، فسنجد أن المعركة التفاوضية لم تكن في صالح الطرف الفلسطيني، وهذان العاملان هما:

1-أن الجانب الإسرائيلي لم يكن لديه الرغبة في الوصول إلى اتفاق قائم على مبادئ العدل والحق والإنصاف بشأن المياه .

2-أن موازين القوى العسكرية والسيطرة العسكرية الإسرائيلية على الأرض، وكذلك المكونات الأخرى لموازين القوى مثل، الموقف العربي الضعيف، والضغط السياسي والمالي الأوروبي والأمريكي ، كل ذلك انعكس حتماً على مائدة التفاوض على حساب الطرف الفلسطيني.

المطلب السابع: المياه في الاتفاقيات الفلسطينية الإسرائيلية:  لقد وقّع الفلسطينيون والإسرائيليون ثلاث اتفاقيات تضمنت في نصوصها قضية المياه وهي:

1-الأولى اتفاقية إعلان المبادئ بتاريخ 13/9/1993([86]) في واشنطن، وقد جاء فيها ما يتعلق بموضوع المياه ما نصه "يتفق الجانبان على تشكيل لجنة إسرائيلية فلسطينية دائمة للتعاون الاقتصادي من أجل تطوير وتطبيق البرامج المحددة في البوتوكلات المرفقة (كملحق3 وملحق4)"([87]) وقد جاء في الملحق (3)  فيما يتعلق بالمياه الآتي "1. التعاون في مجال المياه، بما في ذلك مشروع تطوير المياه، يقوم بإعداده خبراء من الجانبين، والذي سيحدد كذلك شكل التعاون في إدارة موارد المياه في الضفة الغربية وقطاع غزة، وسيتضمن مقترحات لدراسات وخطط حول حقوق المياه لكل طرف، وكذلك حول الاستخدام المنصف لموارد المياه المشتركة وذلك للتنفيذ خلال وما بعد الفترة الانتقالية"([88]).

 ونحن هنا أمام نصٍ فضفاض يتحدث عن برنامج مشترك لتطوير المياه وإدارة مواردها ثم يتحدث عن خطط ودراسات حقوق كل جانب، فالأولوية هنا لتنمية الموارد دون تحديد حقوق كل طرف في هذه الموارد، وهذا الغموض ليس من باب المصادفة، بل إن له بعدا في التفكير الإسرائيلي ظهر كثيرا في تصريحات الوفد الإسرائيلي والتي مفادها أن توقيع أية اتفاقية حول المياه بين الفلسطينيين والإسرائيليين لا يعني أنهم (أي الإسرائيليين) مستعدون للتنازل عن أية قطرة مياه مما يستعملونه حالياً.

 وعندما يجري الحديث عن مشاريع مشتركة لتنمية الموارد المائية، فهناك نية مسبقة لعدم الحديث عن الحقوق المائية الفلسطينية المستندة إلى مبادئ القانون الدولي، ومن ثم يتحدث عن حقوق كل جانب تحددها دراسات، الأمر الذي يثير العديد من التساؤلات ومنها هل الحقوق غامضة إلى هذا الحد ؟ ولماذا لم يشر إلى آليات دولية قانونية معروفة واتفاقيات دولية واضحة يتم من خلالها تقاسم المياه بالشكل العادل والمنصف للطرفين؟ وعلى أية حال كانت أوسلو بمثابة إعلان مبادئ وكان لا بد من توضيح كل هذه المسائل في اتفاقيات مفصلة في مراحل قادمة.

الثانية: هي اتفاقية غزة- أريحا- والموقعة في 4 مايو 1994 والتي تتعلق بنقل السلطات والمسؤوليات من الإدارة المدنية([89]).

 ويرى الباحث أنه في هذه الاتفاقية والتي تخص منطقتي غزة وأريحا ، لجأ الإسرائيليون إلى إظهار قلقهم على الموارد، حيث نصت الاتفاقية على منح السلطة الفلسطينية جميع الصلاحيات من إدارة وصيانة النظام المائي وحفر الآبار لكن بدون الإضرار بالموارد، إن الغموض الذي يتضمنه لفظ "الإضرار" فتح المجال للجانب الإسرائيلي لتفسير " الإضرار" على طريقتهم التي تحقق أهدافهم الخاصة في الاستفادة القصوى من المياه الفلسطينية بحجة الحفاظ على الموارد.

كما تميزت الاتفاقية بكثرة النصوص التي تشترط تشكيل لجان مشتركة لبحث المشاكل العالقة والأمور ذات الاهتمام المشترك للحفاظ على الموارد، وهذه اللجان تعمل بالتوافق بين الطرفين، ولا يوجد مرجعية حين الاختلاف سواء أكانت مرجعية فنية أم سياسية أم قانونية. وبالتالي استطاعت الاتفاقية أن تحقق مصالح استراتيجية تخدم المستوطنات ومعسكرات الجيش إلى جانب المدن والقرى الإسرائيلية.

الثالثة: الاتفاق الإسرائيلي –الفلسطيني الانتقالي للضفة الغربية وقطاع غزة

الملحق 3 - البروتوكول الخاص بالشؤون المدنية :

تم التوقيع على الاتفاقية الانتقالية المؤقتة بين الفلسطينيين والإسرائيليين وتسمى أحياناً (أوسلو2) في 28سبتمبر 1995، وكانت المادة المخصصة للمياه والصرف الصحي هي المادة (40) بجميع بنودها وهي تقع في الملحق 3 - البروتوكول الخاص بالشؤون المدنية([90]) والتي يعترف الإسرائيليون في البند الأول من هذه المادة بالحقوق المائية الفلسطينية في الضفة الغربية، وهذا تطور مفاجئ بالغ الأهمية في الموقف الإسرائيلي والذي حرص منذ البداية على التعامل مع المسألة المائية مع الفلسطينيين على أنها مسألة احتياجات وليست مسألة حقوق.

 وقد تم تأجيل التفاوض حول هذه الحقوق إلى مفاوضات الوضع النهائي، ونظر الفلسطينيون بحسن نية، تصل إلى مستوى السذاجة، إلى قضية التأجيل، في الوقت نفسه كانت السلطات الإسرائيلية تعمل على تحويل الأوضاع المؤقتة إلى أوضاع دائمة حيث كرر إسحق رابين رئيس وزراء إسرائيل الأسبق أكثر من مرة أن التواريخ ليست مقدسة. ولذلك يرى الباحث أن هذه الموافقة الفلسطينية كانت واحدة من أكبر الأخطاء في المسيرة التفاوضية الفلسطينية.

 كما تضمنت الاتفاقية على إلحاح إسرائيلي متكرر على سعي الطرفين لتطوير مصادر مياه إضافية، في إشارة ضمنية واضحة إلى عدم رغبة الإسرائيليين التخلي عما يملكونه من مياه حتى لو لم يكن من حقهم، وليس أدل على ذلك من تصريح مئير بن مئير رئيس الوفد الإسرائيلي في اللجنة العليا المشتركة لموضوع المياه لصحيفة هآرتس في 27/8/1998 من أنه" ليس هناك إمكانية لحصول الفلسطينيين على كميات إضافية من المياه وفق ما نصت عليه الاتفاقيات"

 ويشير البند التاسع إلى مساعدة فنية يقدمها الإسرائيليون للفلسطينيين في تحديد أماكن حفر الآبار الجديدة([91])، وهذا يؤكد الفقر المعلوماتي الذي عاني منه الفلسطينيون. كما أن البند التاسع يعطي الإسرائيليين فرصة التحكم في أماكن الآبار بما يخدم أهدافهم.ولم يشر البند المذكور إلى معنى كلمة مساعدة، وهل تعني سلطة الرفض أو القبول، أم أنه أمر استشاري قط. ولكن ربما التطور الأبرز الثاني في هذه الاتفاقية كان تشكيل ما سمي حينئذ بلجنة المياه المشتركة (Joint water committee-JWC) التي لديها وظيفة التنسيق اليومي في مواضيع المياه المشتركة من إدارة للموارد المائية والنظام المائي والاتفاق على المشاريع المستقبلية في الضفة الغربية. كما تم الاتفاق على أن قرارات اللجنة تكون بالإجماع. و تتكون اللجنة من ستة أشخاص ثلاثة فلسطينيين وثلاثة إسرائيليين، وبهذا أصبح لإسرائيل سلطة قانونية بموافقة فلسطينية على مصادر المياه في الضفة الغربية كلها، من خلال حق الفيتو على أية مشاريع فلسطينية لاستخراج مياه كافية لإرواء المدن والقرى الفلسطينية، و هذا واحد من الأخطاء الكبيرة التي ارتكبها المفاوض الفلسطيني. أما في قطاع غزة فقد أكدت الاتفاقية على عدم تغيير الأوضاع والاتفاقيات السائدة في قطاع غزة.

ويرى الباحث أن الاتفاقية تضمنت إسهاباً واضحاً في الشرح عن مجالات التعاون بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، ولكن في كل المجالات ظلت اليد الإسرائيلية هي العليا، لأنهم يمتلكون القوة والمعلومات والخبرة ومعرفة ممتازة بالقانون الدولي على الرغم من عدم احترامهم له.

المطلب الثامن: الأداء التفاوضي الفلسطيني:  هناك العديد من المسائل المتعلقة بالأداء التفاوضي الفلسطيني والتي يمكن الوقوف عليها ومنها :

1- المعرفة بطبيعة المفاوض الآخر وحسن النية:

 لم يدرك المفاوض الفلسطيني الطبيعة الدينية والتاريخية لموقف المفاوض الإسرائيلي من قضية المياه من حيث المراوغة في عملية التفاوض.

 وفيما يتعلق بالبعد التاريخي لم يهتم المفاوض وصانع القرار الفلسطيني بالسعي اليهودي الصهيوني لجعل مصادر المياه في فلسطين ضمن حدود " الدولة الإسرائيلية" منذ ما يقرب من ثمانين عاماً قبل أن تتجسد الدولة واقعا، وهذا ما يعطي موضوع المياه أهمية وقداسة أكبر. وفي عام 1955 صرح بن غوريون "إننا نخوض مع العرب معركة المياه وعلى نتائجها يتوقف وجودنا هنا([92])". ولمَّا كانت المياه بالنسبة لهم مسألة حياة أو موت فقد ظلت خططهم التوسعية مرتبطة ارتباطاً عضويا بكميات ومصادر المياه التي يسيطرون عليها.

 أما من حيث حسن النية فقد أبدى الفلسطينيون كثيراً من المرونة والتساهل والتغاضي عن التفاصيل الصغيرة على أساس أن هذه الاتفاقيات ذات طبيعة انتقالية و لها آجال محددة ، بينما قابلهم الطرف الإسرائيلي بسلوك مختلف يعبر عن نواياه في السيطرة على مصادر المياه وعدم منح الفلسطينيين أية حقوق متعلقة بهذا الشأن ، ومن هنا كان الترويج لمقولة أن الموارد المائية في المنطقة لم تعد تكفي لتلبية احتياجات سكانها، وأن الخزانات الجوفية قد استنزفت وأصبحت ملوثة ما يعني أن اسرائيل غير مستعدة للتفاوض حول الموارد المائيةالتي تستخدمها حاليا([93]).

2-  الطبيعة المؤقتة للاتفاقيات والإدارة المشتركة:

 الاتفاقات الفلسطينية الإسرائيلية تمت صياغتها بحيث تخدم فترة 5 سنوات، وهي المرحلة الانتقالية، التي اعتقد الفلسطينيون بحسن نية أنها ستنتهي بهم إلى إقامة دولتهم العتيدة.

 كما أن الإدارة المشتركة للأحواض المائية في الضفة الغربية منحت الجانب الإسرائيلي حق الفيتو فيما يتعلق بإدارة الخزان الجوفي والمشاريع الاستخراجية اللازمة. وبالتالي حرمت الجانب الفلسطيني من استغلال موارده الطبيعية.

3-  تأجيل بحث قضية المياه والحقوق المائية الفلسطينية إلى مفاوضات الوضع النهائي :

         تم تأجيل بحث قضايا المياه والحقوق المائية الفلسطينية، مما أدى إلى جعل الموارد المائية الفلسطينية تحت رحمة الإسرائيليين، وأن تظل تلك الموارد نفسها في حالة استنزاف من قبل الإسرائيليين إلى أن يتم التوصل إلى اتفاق نهائي بخصوص المشكلة الفلسطينية.

المطلب التاسع: ملامح السلوك التفاوضي الإسرائيلي: 1-  رفض الالتزام بأي مرجعيات تفاوضية:

 رفض الإسرائيليون الالتزام بأي مرجعيات تفاوضية مثل القانون الدولي أو قرارات الشرعية الدولية، على الرغم من إجحافها بالحق الفلسطيني عامة وبحقوقه المائية على وجه الخصوص، حيث رفض المفاوضون الإسرائيليون التعامل مع المفاوضين الفلسطينيين على أنهم أصحاب حقوق يقرها القانون الدولي والشرائع الدولية، بل أصروا على التعامل معهم ليس ممثلون لدولة وإنما ممثلين لحركة تحرر، وهي منظمة التحرير الفلسطينية. وكانوا يواجهونهم بالكلام "عودوا للقانون الدولي واقرؤوه بتمعن، أنتم لستم طرفاً في هذا القانون أنتم لا تمثلون دولة". ([94]) وعليه فإن مسألة تعاطيهم مع مسألة المياه كانت على أساس احتياجات انسانية وليست حقوقاً، وهذا توجه خطير على الحقوق المائية الفلسطينية.

2-  العنجهية والتعالي في أسلوب التعامل

 كان ذلك واضحا من خلال الإشارة والتصرف على أساس أن هذه المياه تخصهم وحدهم حيث إنها موجودة في الأرض التي منحهم إياها الرب، فهي حق تاريخي سماوي لا مجال لأحد مشاركتهم بها. كما أن القانون الدولي الحديث من وجهة نظرهم يمنحهم هذا الحق استنادا لمبدأ الاستعمال المسبق (First in time ,first in right ) حيث كانوا أول من استفاد من هذه المياه، و متجاهلين الحقيقة، وهي أن الفلسطينيين يستعملون هذه المياه من أربعة آلاف عام ونيف. ([95])

3-  رفض التوافق حول أي أجندة تفاوضية:

 تركز موقف المفاوض الإسرائيلي على تطوير مصادر مشتركة للمياه غير التقليدية بحيث يستفيد منها الطرفان، و بحث إمكانية تمويل مشاريع من طرف ثالث، أـما الحقوق المائية الفلسطينية فكان واضحا تعمد تجاهلها في المناقشة.

 قد ظل المفاوض الإسرائيلي يرفض التوافق على أجندة تفاوضية بخصوص مواضيع المياه بشكل واضح، حيث رفضوا استلام ومناقشة مسودة الأجندة الفلسطينية حول قضايا المياه خلال جميع اللقاءات الثمانية التي تمت خلال عام 2008، لأن هذه الأجندة الفلسطينية تضمنت بنوداً غير مقبولة للتفاوض من وجهة نظرهم على الرغم من أنها كانت تقوم على أساس مرجعيات القانون الدولي والشرعية الدولية([96]).

4 - المماطلة والتسويف:

 المماطلة والتسويف وكسب الوقت كانت مظاهر الأسلوب المعتمد لدى المفاوضين الإسرائيليين حيث كان واضحاً أنهم لا يريدون التفاوض فهم يأتون إلى الاجتماعات بدون أوراق وبدون مسودة أجندة اجتماع تفاوضية، وكان المغزى من ذلك هو رسالة إلى المجتمع الدولي أنهم يتفاوضون، وأن الآخرين هم الذين يعرقلون ويضعون العقبات أمام عملية التفاوض، وهذا المنهج في العقلية التفاوضية الإسرائيلية كان هو الغالب في كل المفاضات وليس فقط في موضوع المياه([97]).

ومن هنا نرى حجم الانتهاكات الإسرائيلية لمصادر المياه الفلسطينية ،وأبعادها السياسية المجحفة بأية احتمالات لحل سلمي للقضية الفلسطينية ، قائم على حل الدولتين ، الذي تتبناه الأسرة الدولية، وكذلك أوضحنا طبيعة أساليب المفاوض الإسرائيلي وتكتيكاته التفاوضية ، و أوجه القصور في الأداء التفاوضي الفلسطيني للإستفادة في مفاوضات المستقبل ،وعدم تكرارها وليس لمجرد توجيه الإنتقاد.

المبحث الثاني
قبول فلسطين دولة عضو مراقب في الأمم المتحدة وأثره السياسي على الحقوق المائية الفلسطينية تمهيد أضاف الإعتراف الأممي بفلسطين دولة عضو مراقب في الأمم المتحدة بعض المصداقية والقوة الى الموقف التفاوضي الفلسطيني، فهو أولاً  إقرار بجغرافيا فلسطينية متوافق عليها دوليا ،ما يجعل للمطالبة الفلسطينية بالحقوق المائية  التي تتيحها هذه الجغرافيا بالإستناد الى قواعد القانون لدولي للمياه ،بعدا سياسيا يمكن الإتكاء عليه في المفاوضات مع اسرائيل وكذلك في الحملات الدبلوماسية التي تستهدف انتزاع الحقوق الفلسطينية كلها وبالأخص منها الحقوق المائية، حيث لم يعد بإمكان الإسرائيليين التهرب من الإقرار بحقوق الفلسطينيين المائية تحت دعاوى مختلفة مثل أن يقول الإسرائيليون أن الضفة الغربية وقطاع غزة أرض متنازع عليها وليست أرضا محتلة، وربما يصبح ذلك قاعدة انطلاق للمطالبة بحقوق أخرى كالتعويض مثلا ، عن استغلال اسرائيل للموارد المائية الفلسطينية طوال فترة الإحتلال.

المطلب الأول: انضمام فلسطين إلى الأمم المتحدة كدولة عضو مراقب  ينظر كثير من السياسيين المؤدين لفكرة حل الدولتين إلى تاريخ التاسع والعشرين من نوفمبر 2012، وهو اليوم الذي حصلت فيه فلسطين على اعتراف أممي كدولة عضو مراقب في الأمم المتحدة على أنه قد يكون لحظة حاسمة باتجاه حسم الصراع التاريخي في فلسطين باتجاه الاعتراف بدولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران 1967، والتي كان يصر الإسرائيليون على أنها أرض متنازع عليها، لا تخضع إلى أي مرجعية دولية سياسية كانت أم قضائية ([98]).

 ويرى الباحث إن خطوة الاعتراف الأممي بفلسطين كدولة عضو مراقب كانت خطوة مؤثرة لحسم الصراع سياسياً وقانونياً باتجاه الحسم الفعلي للصراع على الأرض، والذي يتمثل بالانسحاب الإسرائيلي إلى حدود الرابع من حزيران 1967 وإقامة دولة فلسطينية كاملة السيادة تسيطر على مواردها كاملة وتمارس دورها في هيئة الأمم المتحدة كأية دولة أخرى ملتزمة بالقانون الدولي.

المطلب الثاني: عناصر القوة في الموقف التفاوضي الفلسطيني بعد الاعتراف الأممي  الاعتراف بالدولة هو التسليم والإقرار بوجود هذه الدولة وأهليتها للالتزام بالواجبات التي يفرضها عليها هذا الاعتراف، وكذلك يصبح لهذه الدولة الحق في المطالبة بحقوقها أو امتيازاتها كعضو في منظومة الأمم ولديها الحق في عقد الاتفاقات والتحالفات، كما يصبح لديها الحق في اللجوء إلى أجهزة القضاء الدولي للحصول على حقوقها كمحكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية.

 إن اعتراف الأمم المتحدة بدولة فلسطين عام (2012م) ينعكس بشكل واضح على موضوع المطالبة بالحقوق المائية الفلسطينية من خلال المفاوضات، والتي لم يكن الإسرائيليون يرغبون في المفاوضات التي جرت سابقاً في الوصول إلى هذه النقطة، حيث أصبح لهذه المفاوضات مرجعيات تتمثل فيما يأتي:

1- اعتاد المفاوضون الإسرائيليون دائماً في المفاوضات السابقة على رفض الاحتكام إلى مرجعيات قانونية دولية مثل الاتفاقيات الدولية وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، على أساس أن الفلسطينيين لا يمثلون كياناً سياسياً([99]) ولا يمثلون أحد أشخاص القانون الدولي الذي تسري عليه أحكام القانون الدولي.

       ويرى الباحث أن الاعتراف بالدولة الفلسطينية يعزز حق المفاوض الفلسطيني بالمطالبة بحقوقه والاحتكام للقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية، وإلزام الطرف الإسرائيلي بذلك قبل الدخول في مفاوضات جديدة.

2-أصبح بإمكان الفلسطينيين التلويح بورقة الاحتكام إلى القضاء الدولي من خلال التوجه لمحكمة العدل الدولية، وكذلك المحكمة الجنائية الدولية ضد الأفراد والمسؤولين الإسرائيليين الذين يرتكبون جرائم ضد الإنسانية في مجالي المياه والبيئة في حدود الرابع من حزيران، حيث أصبحت تنطبق على هذه المنطقة اتفاقية جنيف الرابعة والتي تنص على أن قوات الاحتلال هي سلطة مؤقته لا تمتلك أي نوع من الصلاحيات السيادية، ولا يحق لها ممارسة هذه السيادة والاعتداء على الموارد الطبيعية للشعب المحتل تحت أية ذريعة.

3-لم يعد بإمكان الإسرائيليين التصرف على أساس إعطاء الفلسطينيين ما يحتاجونه من المياه لأغراض الشرب فقط، ومنع المياه للزراعة والتي تعتبر حتى الآن العمود الفقري للاقتصاد الفلسطيني، وذلك على أساس مبدأ الحاجة وليس مبدأ الحقوق، فلم يعد ممكناً ولا مقبولاً من الفلسطينيين قبول مبدأ الحاجة، وإنما هناك حقوق يجب استعادتها.

4-أحواض الضفة الغربية لا يستفيد منها الفلسطينيون بأكثر من 15% والباقي يستعمله الإسرائيليون، رغم أن (95%) من هذه الأحواض يقع في الضفة الغربية، والباقي يقع في الأرض الفلسطينية فيما قبل الرابع من حزيران، 1967، أما الكمية الباقية فيتم سحبها من الآبار الكثيرة التي تقع ضمن الخط الأخضر أو في المنطقة التي أصبحت في حدود "إسرائيل" بفعل جدار العزل العنصري الذي أقامته دولة الاحتلال والذي ينظر إليه الإسرائيليون على أنه يمثل الحدود المائية للكيان الصهيوني، على الرغم من أن المدن والقرى الفلسطينية في الضفة الغربية تعاني من أزمة مياه في فصل  الصيف، بينما يتمتع المستوطنون اليهود في الضفة الغربية بحوالي 10 أضعاف ما يحصل عليه الفلسطيني([100])، حيث يشير تقرير EWASH  إلى" أن معدل الاستهلاك اليومي للمواطن الفلسطيني بلغ ​​(50) لترا من المياه، وهو أدنى بكثير من المعدلات التي تضعها منظمة الصحة العالمية كحد أدنى للاستهلاك والبالغة (100) لتر من المياه للفرد، بينما يبلغ معدل استهلاك الفرد الإسرائيلي  (من غير المستوطنين ) ما لا يقل عن أربعة أضعاف ما يحصل عليه المواطن ​​الفلسطيني من المياه العذبة المتاحة له، وأحيانا يرتفع إلى 300 لترا.

وتعيش المجتمعات المستضعفة في الضفة الغربية ( مثل المخيمات والقرى النائية والتجمعات البدوية وهي كثيرة على الخارطة الجغرافية الفلسطينية) على ما لا يصل إلى (20) لترا في اليوم للفرد الواحد، وهو الحد الأدنى الذي أوصت به منظمة الصحة العالمية في حالات الطوارئ لاستمرار الحياة..([101])

5- أصبح بإمكان الفلسطينيين المطالبة بالتعويض المالي عن كميات المياه التي استغلها الإسرائيليون في المرحلة منذ عام 1967 وحتى يومنا هذا، وهي كميات قدر الخبراء قيمتها المالية  بحوالي ربع تريليون دولار. ([102])

6- موضوع نهر الأردن فكون الضفة الغربية مشاطئة له في منطقة الغور، يعيد النزاع حول مياه حوض نهر الأردن إلى نقطة الصفر، ولأن فلسطين دولة مشاطئة للنهر، فينعقد لها الحق في المطالبة بنصيبها استنادا إلى القوانين و الاتفاقيات الدولية وخصوصا اتفاقيات هلسنكي 1966، وكذلك اتفاقيات الأمم المتحدة للاستعمالات غير الملاحية لمجاري المياه الدولية المشتركة لعام 1997 التي دخلت حيز التطبيق حديثا (في العام 2014 م).

7- لم يعد بإمكان الإسرائيليين والأردنيين التصرف في موضوع قناة البحرين بمعزل عن الطرف الفلسطيني نظرا لانعكاساتها المباشرة على البحر الميت والذي يشاطئ الأراضي الفلسطينية في الضلع الشمالي الغربي منه، وكذلك أيضأ الاستفادة المشتركة للأطراف المشاطئة بما فيها فلسطين في أي مشروعات اقتصادية أو سياحية في منطقة البحر الميت خصوصاً موضوع أملاح البوتاسيوم والتي يشتهر بها البحر الميت.

8- أصبح لدى الفلسطينيين القدرة والصفة القانونية للمطالبة في المحافل الدولية وفي المفاوضات بوقف الانتهاكات الإسرائيلية بحق وادي غزة وإعطاء الفلسطينيين حصة من المياه التي يحتجزونها خلف السدود في الحدود الشرقية لقطاع غزة، وذلك وفقا للاتفاقيات الدولية، علما بأن الجريان السنوي لوادي غزة يبلغ حوالي (35) مليون متر مكعب سنوياً[103]، وهو في الأساس ينبع من جبال السموع في منطقة الخليل، وعليه فهو ينبع من أرض فلسطينية ويصب في بحر غزة الفلسطيني، إن سيطرة السلطات الإسرائيلية على مياه وادي غزة حرمت الفلسطينيين من الاستفادة منه وعرضتهم لأضرار بسبب فتح بوابات السدود عند ارتفاع منسوب المياه خلفها وبدون إنذار مسبق حيث تندفع المياه بكميات كبيرة وتسبب الأذى والدمار للقاطنين على جانبي الوادي من القرى المشاطئة له.

9- ظل الإسرائيليون يصرون على أنهم يناقشون المسألة من الناحية الفنية وغير مخولين بنقاش المسألة من الزاوية السياسية، وبالتالي المطلوب من المفاوض الفلسطيني أن يتمترس على استخدام البعد السياسي لموضوع المياه والمطالبة بالحقوق كاملة، فإذا ما حصل على حقوقه أصبح بالإمكان مناقشة أية مشاريع مشتركة لإيجاد مصادر مياه إضافية أو غير تقليدية.

10-حرص الإسرائيليون في كل الجولات التفاوضية على الفصل بين الفلسطينين وكل مظاهر السيادة، والتي من أبرزها السيطرة على الثروات الطبيعية على الرغم من أن هذا الموضوع لا يجب أن يكون محلا للنفاوض.

11-تتيح أنظمة البنك الدولي، الذي يعتبر من أهم المقرضين الدوليين لمشاريع المياه الكبيرة التي تلجأ إليها الدول التي تريد أن تحصل على حصة أكبر مما يتيح لها القانون، تتيح للدول المتضررة اللجوء إلى ما يسمى النقض المالي، وذلك من خلال سياسة مصاغة بعناية تتعلق بالأنهار المتحاصة، إذ إن سياسة البنك تعتمد على رفض التمويل إذا ما اعترضت (دولة) متشاطئة أخرى على المشروع، وهذا لايعني من الناحية النظرية حق النقض للدول أسفل النهر ولكن من النادر أن يمضى البنك بمنح قرض في وجه معارضة دول أسفل النهر، وهي لا تمنحه إلا بعد دراسات شاملة وتيقنها من افتقادها للأساس.([104])

ويرى الباحث أن الاعتراف الأممي بفلسطين فتح آفاقاً سياسية ودبلوماسية كبيرة أمام الفلسطينيين لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من فلسطين التاريخية. إن (22%) من مساحة فلسطين التاريخية ليست طموحاً لأحد، ولكن العوامل السياسية والجغرافية والتاريخية وتعقيدات النظام العربي العاجز والنظام الدولي المهيمن قد لا تسمح لهم بأكثر من ذلك في الوقت الحاضر إلى أن تتهيأ الفرصة لهم، كي يتمكنوا من استعادة كافة حقوقهم.

 إلا أن خبراء القانون الدولي يقولون "إن التشريع الراهن لمجاري المياه الدولية لا يوفر قواعد محكمة الانطباق على كل حالة من الأحوال والقواعد والمبادئ الأساسية التي توجد حقوق دول مجرى المياه والتزاماتها حوله، تتسم بالعمومية والمرونة يعينها فحسب عدد من المتغيرات القانونية. وتترتب على الدول المتشاطئة مسؤولية التوصل إلى اتفاقيات حول التنظيم الملائم لإدارة مجرى مياه معين.([105])

استعرض الباحث التجربة التفاوضية الفلسطينية وكذلك الطريقة التي تم فيها إدماج موضوع المياه في الإتفاقيات الفلسطينية الإسرائيلية ، وكذلك عناصر القوة في الموقف التفاوضي الفلسطيني خصوصاً بعد الإعتراف الأممي بفلسطين دولة عضو مراقب في الأمم المتحدة.


الفصل الثالث
الأبعاد القانونية للانتهاكات الإسرائيلية لحق
الشعب الفلسطيني في مصادر المياه  

المبحث الأول: قواعد القانون الدولي التي خرقتها إسرائيل في مجال مصادر المياه

المبحث الثاني: أثر قبول فلسطين دولة عضو  مراقب في الأمم المتحدة على الحقوق المائية الفلسطينية.

المبحث الثالث: المسؤولية الدولية المترتبة على انتهاك إسرائيل لمصادر المياه الفلسطينية.

 

 

 

 

 

تمهيد  أغلب المؤشرات تشير الى أن البعد القانوني للإنتهاكات الإسرائيلية لمصادر المياه الفلسطينية كان البعد شبه الغائب أو الأقل حضوراً في المعالجة الفلسطينية لقضية المياه ،وذلك قبل حصول فلسطين على مكانة عضو غير كامل العضوية في الأمم المتحدة ، وقد بدا ذلك جليا في الخطاب الفلسطيني العلني في المحافل الدولية ، فبدلا من اللجوء الى اللغة التي يفهمها قطاعات واسعة من الرأي العام العالمي والمتمثلة بلغة القانون الدولي والحقائق المثبتة على الأرض بشهادة جهات دولية ذات مصداقية عالية ، كان الخطاب الفلسطيني عاطفيا وضبابيا،وانعكس ذلك على سيرورة المفاوضات وعلى نتائجها، كان من المفروض الإلمام أكثر بقواعد القانون الدولي للمياه التي خرقتها اسرائيل والثغرات القانونية في الموقف التفاوضي الإسرائيلي . والآن وبعد التغير في الوضع القانوني لفلسطين ، أصبح ضروريا الإعداد لإستراتيجية تفاوضية مرتكزة على قواعد القانون الدولي للمياه التي تعطي الفلسطينيين الكثير من الحقوق التي اغتصبها الاسرائيليون وتشمل هذه الاستراتيجية تثبيت المسئولية الدولية المترتبة على اسرئيل نتيجة انتهاكها لموارد المياه الفلسطينية وملاحقتها بتبعات ونتائج هذه المسئولية.

المبحث الأول
 القوانين الدولية التي خرقتها إسرائيل في مجال مصادر المياه المطلب الأول: التطور التاريخي لقانون المياه الدولي: القانون الدولي هو" مجموعة القواعد القانونية والاتفاقية الصادرة نتيجة التراضي الصريح أو الضمني للدول. والتي تنظم المجتمع الدولي وتكون ملزمة لجميع الدول في تصرفاتها على المستوى الخارجي، كما تحدد حقوق كل دولة وواجباتها في مواجهة غيرها من الدول." ([106]) وقد أشار النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية في المادة 38 إلى مصادر القانون الدولي ، على النحو الأتي :

أ-الاتفاقات الدولية والعامة والخاصة التي تضع قواعد معترفاً بها صراحة من جانب الدول المتنازعة.

ب-العرف الدولي أو العادات الدولية المرعية المعتبرة بمثابة قانون دل عليه تواتر الاستعمال.

ج-مبادئ القانون العامة التي أقرتها الأمم المتمدنة.

د-أحكام المحاكم ومذاهب كبار المؤلفين في القانون العام في مختلف الأمم، ويعتبر هذا أو ذلك مصدراً احتياطياً لقواعد القانون الدولي.

 وقد ظهرت في العصر الحديث، عصر التنظيم الدولي ، الحاجة الى تنظيم العلاقة بين الدول المتشاركة في الأحواض المائية الجوفية أو المياه السطحية من أنهار وغيرها، وقد قامت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (FAO) بتجميع مصادر قانون المياه الدولي من اتفاقيات إطارية ، وإعلانات دولية ، ومشاريع قرارات ، وقرارات ، والتي تم تبنيها من مؤسسات دولية غير حكومية ومحاكم دولية , وذلك في مجال الموارد المائية الدولية، وقامت بنشره في وثيقة مشهورة في عام 1998. ([107]) وكان من أهم تلك الوثائق إعلان مدريد الصادر في مدريد بتاريخ 20 إبريل1911. لقد كان هذا الإعلان باكورة اصدارات معهد القانون الدولي . حيث تعامل بشكل مبكر مع الأنهار الدولية، أي تلك التي تجري في أراضي أكثر من دولة، حيث أشار الإعلان في البند الأول من مادته الثانية ، أنه في حال مرور أنهار دولية في حدود دولة ما بشكل طبيعي أو منذ زمن بعيد، فإنه لا يجوز لهذه الدولة تغيير النقطة التي يدخل منها النهر إلى حدود الدولة بدون موافقة الدول الأخرى([108]).

 وفي البند السادس من المادة الثانية يشير إلى عدم جواز إحداث تغيرات على الأنهار التي تخرج من البحيرات والتي تتجه إلى دول أخرى دون موافقة تلك الدول([109]).

 ويرى الباحث أن إقفال المخرج الجنوبي لبحيرة طبرية، وكذلك إنشاء ناقل المياه الوطني الإسرائيلي، يعتبر بمثابة تحويل لمجرى نهر الأردن، وذلك يعتبر مخالفة صريحة لإعلان مدريد وخصوصا المادتين (الثانية والسادسة) من البند الأول السالفتي الذكر، كما يعتبر استئثاراَ إسرائيليا بمياه نهر الأردن كاملة وتدمير مجمل النظام البيئي جنوب طبريا، من أجل ري الأراضي شمال النقب وجزءٍ من السهل الساحلي ، عوضاً عن الأراضي التي من المفروض أن يرويها النهر لو لم يتم تغيير مساره، وهي في مجملها أراضاً فلسطينية في منطقة الغور في الضفة الغربية والتي تعتبر، سلة غلال فلسطين قبل تنفيذ هذه الإجراءات الإسرائيلية بحق نهر الأردن،.

ورغم أن إتفاقية  لاهاي  (1907) تشير الى التزامات القوات المحتلة في الأراضي التي تخضع لإحتلالها فيما يتعلق بالمحافظة على مصادر المياه ، إلا أن إعلان مدريد 1911 كان أول القرارات التي تبناها معهد القانون الدولي (IIL)([110]) وكان التركيز واضحاً في الإعلان على مبدأ عدم إحداث أي أضرار للغير أي الدول المشاطئة الأخرى.

 بينما ركزت قرارات اتحاد القانون الدولي (ILA)([111]) على مبدأ الاستخدام المنصف والمعقول للمياه من قبل الدول المتشاركة في حوض نهر دولي([112]).

 وقد ظهر تركيز اتحاد القانون الدولي على مبدأ الاستخدام المنصف والمعقول للمياه في إعلان (هلسنكي) الصادر عن اتحاد القانون الدولي في دورة اجتماعاته في عام 1966 والتي ركزَت على استعمال مياه الأنهار الدولية الملاحية وغير الملاحية، حيث أعادت تعريف الحوض المائي (حوض التصريف) بما يشمل المياه السطحية والأحواض الجوفية في حال وجود اتصال هيدروجيولوجي بينهما، أو كونهما يتجهان نحو مصب واحد، وهذه هي المرة الأولى التي يتم فيها التعرض إلى الأحواض الجوفية العابرة للحدود من خلال وثيقة دولية قانونية[113] .

 وقد أشارت اتفاقية هلسنكي إلى (11) معيارا ً، تعتبر أساسات أو حيثيات يتم تقسيم المياه بين الدول المتشاركة في الأحواض الجوفية أو المياه السطحية على أسسها، من ضمنها مبدأ الاستعمال المسبق .

 من المعروف أن القواعد القانونية التي تصدر عن معهد القانون الدولي واتحاد القانون الدولي غير ملزمة في حد ذاتها إلا أنها ظلت لفترة 30(ثلاثين) سنة بعد إصدارها المبدأ الرئيس الذي يتم الرجوع إليه عند الحاجة إلى الإشارة إلى القانون الدولي إلى أن تم في عام 1997 إصدار اتفاقية 1997 الإطارية الصادرة عن الأمم المتحدة.

 وقد قام اتحاد القانون الدولي الذي أصدر قوانين هلسنكي بتطويرها وإضافة عناصر أخرى إليها وإصدارها في إعلان يضم مجموعة القوانين الجديدة في إعلان صدر عن دورة اجتماعاته في برلين 2004، وذلك بعد صدور اتفاقية 1997 الإطارية بحوالي 7 سنوات([114]).

المطلب الثاني: اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لقانون الاستعمالات غير الملاحية لمجاري المياه الدولية 1997م  عام 1947 أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراً بإنشاء لجنة القانون الدوليILC-(International Law Commission ) من ستة خبراء، يتم انتخابهم من خلال ترشيحات الدول الأعضاء، مهمتها تدوين قواعد القانون الدولي العرفي والتطوير التدريجي للقوانين الموجودة .

 وفي 8 ديسمبر عام 1970 طلبت الجمعية العامة للأمم المتحدة من لجنة القانون الدولي (ILC) دراسة موضوع مجاري المياه الدولية، وقد بدأت اللجنة عملها في سنة 1971 وأنجزت المسودة في عام 1994 ، وبعد ثلاث سنوات من المناقشة بين الدول الأعضاء في الجمعية العامة ثم إقرار المسودة من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة في 21 مايو 1997([115]).

 ومن قواعد هذه الاتفاقية أنها تدخل حيز التنفيذ بعد (90) يوماً من إيداع وثائق التصديق على الاتفاقية من العضو رقم 35 عليها ، وقد دخلت هذه الاتفاقية حيز التنفيذ في 17 اغسطس 2014 رغم أن الجمعية العامة للأمم المتحدة قد أقرتها في 21 مايو 1997، ويرجع عدم توقيع بعض الدول على هذه الاتفاقية إلى تعارضها مع مصالحها، ومع ذلك فإن للاتفاقية قيمة استرشادية للقضاة الدوليين، حيث إنهم يعودون إلى نصوصها حين الحاجة، وقد كانت دولة فيتنام هي العضو في الأمم المتحدة رقم 35 الذي يوقع الاتفاقية في 21 مايو 2014 ، مع العلم أن دولة فلسطين قد طلبت الانضمام إلى الاتفاقية مطلع عام 2015 حيث وقع الرئيس الفلسطيني وثائق الانضمام إلى الاتفاقية الإطارية.

 وبالطبع فإنها اتفاقية شاملة تضم أعمال معهد القانون الدولي واتحاد القانون الدولي معاً وتشمل مبدأ الاستعمال المنصف والمعقول لمياه مجاري المياه الدولية المشتركة، وكذلك مبدأ عدم إحداث أضرار للغير كما جاء في قوانين هلسنكي الشهيرة. إن وجود حوالي 300 نهر دولي و 100 بحيرة دولية و عدد كبير من الخزانات الجوفية تشترك فيها أكثر من دولة يعتبر مصدر تحدٍ للقضاء الدولي في العصر الحديث الذي يتزايد فيه عدد السكان وتنقص فيه الموارد، مما يتطلب تطويراً دائماً ومتابعة لمنع حدوث حروب وأزمات.([116])

 وتضم اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بخصوص الاستعمالات غير الملاحية لمجاري المياه الدولية 1997م (37) مادة في سبعة أبواب، الباب الأول مقدمة والباب الثاني مبادئ عامة والباب الثالث التدابير المزمع اتخاذها والباب الرابع الحماية والصون والإدارة والباب الخامس الأحوال الضارة وحالات الطوارئ والباب السادس أحكام متنوعة والباب السابع أحكام ختامية، وقد ألحق بالاتفاقية ملحق يحدد الإجراءات الواجب اتباعها في حالة موافقة الدول على إخضاع نزاع للتحكيم، ولقد اعتمدت هذه الاتفاقية تعريفاً محدداً للمجرى المائي الدولي بعدما كان موضوع للأخذ والرد والغموض لفترة طويلة في دهاليز القضاء الدولي وبين الخبراء القانونيين الدوليين، حيث حددت الاتفاقية في المادة الثانية "أن المجرى المائي الدولي هو شبكة المياه السطحية والمياه الجوفية التي تشكل معاً بحكم علاقاتهما الطبيعية بعضها ببعض نظاماً مائياً متصلاً وموحداً، وتقع أجزاء هذا النظام في دول مختلفة تسمى كل دولة منها بدولة المجرى المائي والتي يقع داخل إقليمها جزء من المجرى[117]".

 وتشير الاتفاقية في مادتها الأولى إلى ضرورة اتخاذ الدول المتشاركة في المجاري المائية الإجراءات اللازمة لحمايتها وحسن التصرف فيها والمقصود المجاري المائية ومياهها.

 وقد أشار المهندس فضل كعوش الرئيس السابق لسلطة المياه الفلسطينية ورئيس اللجنة العليا للمفاوضات حول المياه في المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية إلى" وفق المعطيات والحقائق الهيدرولوجية فإن أهم وأكبر أحواض المياه المشتركة بين الفلسطينيين والإسرائيليين تشكل مجاري مياه مشتركة بين الطرفين، تشمل نظامين رئيسين ،هما :

نظام أحواض المياه الجوفية ويضم مجموعة الأحواض الجوفية الجبلية والحوض الساحلي وحوض جبل الكرمل، وتسيطر وتستغل إسرائيل أكثر من 90% من الطاقة المائية المتحدة سنوياً لهذه الأحواض . أما النظام المائي الثاني المشترك هو، حوض نهر الأردن، وهو مجرى مائي ودولي يتشاطأ في حوضه خمسة أطراف، الأردن، سوريا، لبنان، فلسطين، والكيان الصهيوني ، وتسيطر إسرائيل وتستغل أكثر من 87% من موارده حوض نهر الأردن ([118]) . وإذا حاولنا اسقاط بعض بنود هذه الاتفاقية على الممارسات الإسرائيلية في النظامين المائيين المشتركين بيننا وبين الإسرائيليين ، فإننا سنكتشف بشكل واضح أن إسرائيل لم تلتزم بنصوص الاتفاقيات ولا بروحها طبعاً، فهي تعتبر (الدولة المارقة)  التي تعتبر نفسها خارج منظومة الأمم وتعكس تصريحاتها حالة من عدم الإرتياح من المنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة.

 وتهدف اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لقانون الاستعمالات غير الملاحية لمجاري المياه الدولية 1997م إلى حماية المجاري المائية وحسن التصرف فيها([119]) . وفي مخالفة واضحة لهذه المادة قامت إسرائيل بالآتي:

1- تحويل المجرى الطبيعي لنهر الأردن من خلال إقفال المخرج الجنوبي لبحيرة طبرية، وما ترتب علي ذلك من حرمان لشركائها في الحوض الفلسطينيين والأردنيين المشاطئين لنهر الأردن من حقوقهم الكاملة في المياه. ([120])

2- قامت بتحويل ينابيع مالحة تصب في بحيرة طبرية إلى المجرى الطبيعي لنهر الأردن جنوب بحيرة طبرياً، وكذلك مياه الصرف الزراعي الملوثة بالأسمدة مما أحدث أضراراً لا يمكن إصلاحها لمجمل النظام البيئي لحوض نهر الأردن جنوب بحيرة طبرية.

كل ذلك في مخالفة للمادة الأولى من الاتفاقية.

 وتشير الاتفاقية بصراحة إلى ضرورة المشاركة والاستعمال العادل والمحكم للمياه المشتركة أي أن تقوم الدول ذات المجرى المائي باستعمال المجرى المائي في أراضيها بصورة عادلة منصفة وأن تقوم بتنميته وتطويره بهدف الوصول إلى الاستعمال العالمي المستديم والمريح لها، وأن تحافظ على شراكتها به مع الآخرين، وهذه الشراكة التي تحمل في طياتها جانبين هما حق استعمال المجرى المائي وواجب التعاون في المحافظة عليه، وتنميته كما هو مقرر في صلب الاتفاقية([121]).

 وفي الحالة الإسرائيلية مع نهر الأردن قامت إسرائيل بالاستحواذ على 87% من موارد المياه وفي حوض نهر الأردن. وكذلك تلويث الجزء الجنوبي من النهر بإلقاء مخلفات ملوثة فيه، فهي لا تحافظ عليه ولا تنميه ولا تستخدمه بصورة عادلة ومنصفة وغير معنية بمصالح الآخرين.

 وقد أشارت الاتفاقية إلى المبدأ الرئيس في قانون المياه الدولي، وهو مبدأ الاستخدام المنصف والمعقول لمجاري المياه الدولية ([122]) (وهنا نحن نتحدث بالطبع عن الاستعمالات غير الملاحية) والذي يدعو إلى ضرورة الأخذ بعدد من الاعتبارات والظروف عند توزيع كميات المياه المشتركة بين الدول المتشاطئة على الحوض ومنها:

1-العوامل الجغرافية والهيدرولوجية والهيدروجولوجية والمناخية والأيكولوجية.

2-المتطلبات الاجتماعية والاقتصادية للبلدان التي تشملها أحواض المجاري المائية.

3-السكان المرتبطون بالمجاري المائية في كل دولة بها مجرى مائي.

4-انعكاس استعمالات المجاري المائية في دولة المجرى المائي على الدولة الثانية.

5-الاستعمال المسبق لمجرى المياه الدولية بما فيه الاستعمال الحالي.

6-المحافظة على المجرى المائي وحمايته وتنميته والاقتصاد في استعماله والمصاريف المرتبطة بهذه الإجراءات.

7-مدى توفر بدائل للمياه من ذات نوعية وقيمة مياه المجرى المائي الدولي المشترك لدى أي من الدول.

8-تعطي أوزاناً للعوامل السابقة من قبل لجان للخبراء يتفق عليهم بين الدول وعلى أساسها ويتم تحديد حصة كل دولة من الدول المتشاطئة.

9- تدعو هذه الفقرة إلى تعزيز وتطوير فرص التعاون بعد تطبيق نظام الحصص التي يتم الاتفاق عليه[123].

وهذه الفقرة أو المادة وإن كانت تحمل حلولاً مستقبلية للمشاكل الناشئة عن مشاركة مجموعة من الدول في المجرى المائي فإنها تؤشر إلى عمق الجريمة التي ارتكبتها إسرائيل بحق شركائها في نهر الأردن باستحواذها على أغلب مياه النهر بدون الرجوع إلى آليات القانون الدولي الخاص بالمياه، والتي تهدف إلى التقاسم العادل لمياه نهر الأردن، وحرمت شركاءها في النهر من حقوقهم في المياه، وهي بهذا تخالف هذه الفقرة بالكامل.

 وتشير هذه الاتفاقية إلى ضرورة عدم أو تحريم إلحاق الأذى من قبل دولة مشاطئة إلى دول مشاطئة أخرى([124]) ، وعلى أي دولة تستفيد من المجرى المائي اتخاذ كل التدابير للحيلولة دون التسبب في ضرر ذي شأن للغير، وعند حدوث الضرر فإن على تلك الدولة اتخاذ كل الإجراءات لوقف أو تخفيف الضرر الذي أحدثته، والبدء في الحديث عن تعويض الدولة المتضررة عما لحق بها، ويمكن اللجوء إلى القضاء في حالة عدم الاتفاق، وفي حالة إسرائيل مع نهر الأردن ففي السياق التحليلي لهذه الفترة نجد أننا أمام حجم أضرار هائلة لا يمكن تقديرها على وجه الاطلاق مثل:

1-حرمان باقي المتشاركين في الحوض من المياه، وما نتج عنه من تأثير على حياة الإنسان الذي فقد سبل الحياة في أرضه فكيف يمكن تعويضه.!!

2-تدمير النظام البيئي بالكامل في حوض النهر جنوب طبريا بسبب حجز المياه، وهنا ايضا كيف يمكن تقدير هذه الأضرار.؟!

3-تحويل مياه الصرف الزراعي الملوثة بالأسمدة، وكذلك مياه الينابيع المالحة إلى حوض النهر جنوب بحيرة طبريا، مما أدى إلى التدمير الكامل للحوض والذي يتطلب إصلاحه مبالغ طائلة من الصعب تقديرها .

 وبهذا نجد أنفسنا أمام أضرار مائية وبيئية وأيكولوجية وإنسانية واجتماعية واقتصادية لا يمكن إصلاحها أو تعويضها، وترقى إلى مستوى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسان.

 وتؤكد هذه الاتفاقية على ضرورة تعاون الدول المتشاطئة في حوض نهر دولي على أساس التكافؤ في السيادة والسلامة الإقليمية والفائدة المتبادلة([125]) وتشير أيضاً إلى إمكانية إنشاء أليات قانونية أو لجان مشتركة لتسهيل التعاون حول الاستفادة من مياه الحوض وتنميته والمحافظة عليه، وهنا نجد أنفسنا أيضاً أمام مخالفة إسرائيلية جديدة حيث لا تتعاون إسرائيل مع الدول المتشاطئة معها، ولو من خلال وسيط ثالث حيث كانت الدول العربية تقاطع إسرائيل وترفض الحديث معها.

 المطلب الثالث: قواعد هلسنكي لاستعمال مياه الأنهار الدولية 1966([126]):            تعتبر اتفاقية هلسنكي هي أول محاولة جادة لتدوين قواعد القانون الدولي المائي العرفي ، وأيضاً تقع ضمن سياق التطوير التدريجي لقوانين المياه، وقد ظلت لمدة واحد وثلاثين سنة تشكل مجموعة القوانين الرئيسة والأساسية التي يشار إليها في قرارات الأمم المتحدة ومجالس القضاء الدولي حتى قامت الجمعية العامة للأمم المتحدة بإقرار اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية للاستعمالات غير الملاحية لمجاري المياه الدولية عام1997م والتي اعتمدت أساسا على ما ورد في قواعد هلسنكي مع التوسع والتحديث الذي يتناسب مع التشابك والتعقيد المصاحب لتطور مشكلات المياه في العالم.

وعلى الرغم من أن عنوان الاتفاقية يشير إلى الأنهار الدولية إلا أنها في واقع الحال تتعامل مع المياه الجوفية المتصلة، بالمياه السطحية وهذا شيء جديد كما ورد في البند الأول في الاتفاقية، وكذلك تعاملت مع الاستعمالات الملاحية لمجاري الأنهار الدولية([127]). وبعد أن أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة الاتفاقية الإطارية المتعلقة بالاستخدامات غير الملاحية لمياه المجاري الدولية 1997م، عمدت جمعية القانون الدولي إلى تطوير اتفاقيات هلسنكي وأقر في دورته المنعقدة في برلين 2004 اتفاقية برلين 2004 والتي تشمل كل المسائل المتعلقة بمجاري المياه الدولية، وتعتمد اتفاقية برلين 2004 على اتفاقيات هلسنكي واتفاقية الأمم المتحدة الإطارية 2004.

المبحث الثاني
أثر قبول فلسطين دولة عضو مراقب في الأمم المتحدة على الحقوق المائية الفلسطينية تمهيد يعتبر قبول فلسطين دولة عضو مراقب في الأمم المتحدة نقطة تحول جذرية في التكييف القانوني لمسألة الإنتهاكات الإسرائيلية لمصادر المياه الفلسطينية، وذلك من خلال بناء استراتيجية تفاوضية يكون أولى ملامحها هو الإحتكام الى قواعد القانون الدولي للمياه و المتمثل في الإتفاقيات الدولية مثل اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية للاستعمالات غير الملاحية لمجاري المياه الدولية للعام 1997 وأيضا قرارات الأمم المتحدة بكافة أذرعها مثل، مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة والمجلس الإقتصادي والإجتماعي وإلى الميثاق العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق السياسية والمدنية وإلى الاتفاقيات الدولية الموقعة بين الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي ، وكذلك للجوء إلى القضاء الدولي المتمثل بمحكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية،وأيضا الدفع بإتجاه أن تكون قواعد القانون الدولي هي أساس أي تحرك فلسطيني في موضوع تحصيل الحقوق المائية الفلسطينية بما فيها التعويض عن الأضرار التي لحقت بالشعب الفلسطيني ومصادر مياهه نتيجة الإحتلال. 

المطلب الأول: الآليات القانونية لحماية الحقوق المائية الفلسطينية: إن القرار الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة باعتبار فلسطين دولة مراقب غير عضو في الأمم المتحدة، يعني أن ، الدول الأعضاء في الأمم المتحدة سواء التي صوتت بنعم أم لا في الجمعية العامة، أصبح لزاماً عليها التعامل مع دولة فلسطين كحالة قانونية قائمة بذاتها لها مركز قانوني وملتزمة بالقوانين التي تحكم العلاقات بين الدول من حيث الواجبات والالتزامات. وقد أصبح لفلسطين جغرافية محددة يمكن على أساسها المطالبة بالحقوق التي تنبثق عن هذه الجغرافيا حسب الأصول المعمول بها سواء أكانت قواعد عرفية أم مكتوبة من قواعد القانون الدولي. ولعل حدوث هذا الاعتراف بالدولة الفلسطينية كدولة غير عضو بعد أن خاض الفلسطينيون تجربة تفاوض صعبة ومريرة وفاشلة مع الإسرائيليين يمكن النظر إليها كميزة ، حيث أصبح لدى الفلسطينيين خبرة تفاوضية و اكتسبوا تجربة غنية في التفاوض مع دولة تتسلح بالقدرة العالية على المناورة السياسية، وهذا لا يتناقض مع كونها أي دولة الكيان الصهيوني ظالمة ومعتدية على الرغم من أن هذه المفاوضات لم تصل إلى أية اتفاق ، إلا أنه من المتوقع أن يكونوا قد عرفوا الأساليب التفاوضية الإسرائيلية واستوعبوها جيداً، وكذلك الأسانيد القائمة على فهم عميق للقوانين الدولية. وهذا يفتح أفاق جديدة للعمل السياسي والدبلوماسي أمام المفاوض الفلسطيني ، وذلك على أرضية قانونية صلبة إذا ما تمكنا من دراسة وفهم القوانين الدولية ومعرفة الحقوق المائية الفلسطينية التي تسمح لنا بها هذه القوانين واختيار عناصر تفاوضية كفؤة وقادرة على مقارعة الإسرائيليين في ساحات العمل السياسي والدبلوماسي متسلحين بالمعرفة والقوة، وفيما يلي بعض أدوات الكفاح في جانبه القانوني التي يجب على المفاوض الفلسطيني الاستفادة منها لتعزيز قدرته على الإقناع بل قوته التفاوضية بشكل عام، وذلك في إطار ما يمكن إنقاذه من الحقوق الفلسطينية بشكل عام والحقوق المائية بشكل خاص، وهذا ما سيتم استعراضه في المطلب التالي.

المطلب الثاني: أثر الاعتراف الأممي بالدولة الفلسطينية على استراتيجية التفاوض: الفرع الأول: الاحتكام إلى قواعد القانون الدولي للمياه:  أصبحت فلسطين بموجب الاعتراف الأممي بها دولة عضو مراقب في الأمم المتحدة، وعليه فهي تفاوض الكيان الصهيوني من موقع الندية الكاملة، ولا يوجد أدنى مبرر لعدم اللجوء إلى القوانين التي تحكم وتنظم العلاقات بين الدول المتكافئة من حيث المقدرة على المطالبة بالحقوق على أساس مبدأ المساواة بين الدول، ويرى الباحث أنه لا يوجد مبرر أيضاً للمفاوض الفلسطيني أن يناقش قضايا المياه أو أية قضايا أخرى بعيداً عن القوانين الدولية، وربما يكون هذا واحداً من الأسباب التي تفسر الغضب الإسرائيلي والأمريكي من حصول فلسطين على صفة دولة عضو مراقب في الأمم المتحدة. فعلى المفاوض الفلسطيني عدم الالتفات إلى المقاربة الإسرائيلية القائمة على أساس تزويد الفلسطينيين بالمياه على أنها احتياجات قائمة على البعد الإنساني، وضرورة التمسك بالحق الفلسطيني في المياه كحق مكفول بالقواعد الدولية. وقد أصر الجانب الإسرائيلي على رفض كافة المرجعيات التفاوضية التي يطالب بها الفلسطينيون وعلى رأسها القانون الدولي وخاصة ما يرتبط بمباديء وقواعد قانون المياه الدولي، وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، وظلوا يلجأون إلى الاعتماد على الأسلوب البراغماتي للتفاوض، واستبعاد كلي للقانون الدولي([128]).

ومن أبرز المصادر القانونية التي يمكن للمفاوض الفلسطيني الإستناد إليها ما يلي :

أولا : الاتفاقيات الدولية مثل:

·        اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بخصوص الاستعمالات غير الملاحية لمجاري المياه الدولية 1997.

·        قوانين هلسنكي 1966 المتعلقة باستعمالات المجاري المائية المشتركة وقوانين برلين 2004 والتي تعتبر امتداداً لقوانين هلسنكي بعد التحديث والتطوير.

ثانيا: قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة:

1- قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة:

من المعروف أن قرارات الأمم المتحدة التي صدرت بشأن القضية الفلسطينية (او ما سمي بالصراع العربي الاسرائيلي) أكثر من القرارات التي صدرت بشأن أية قضية أخرى منذ إنشاء الأمم المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية. فمنذ عام 1947 وحتى عام 2004 فقط، أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة 820 قرارا بشأن القضية الفلسطينية([129]) ونحن هنا لسنا بصدد استعراض ومناقشة هذه القرارات، لكونها تقع خارج نطاق بحثنا هذا والمتعلق بالحقوق المائية للشعب الفلسطيني، ولكن سنبحث القرارات التي تتعامل مع موضوع المياه وخصوصاً أكثرها حداثة ومواكبة للتطورات شبه اليومية للاعتداءات الإسرائيلية على مصادر المياه الفلسطينية. ولعل أبرز هذه القرارات هو القرار الذي يحمل الرقم 66/225 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 22 ديسمبر 2011 في دورة انعقادها السادسة والستين، بعنوان "السيادة الدائمة للشعب الفلسطيني في الأرض الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس الشرقية، وللسكان العرب في الجولان السوري المحتل على مواردهم الطبيعية".

وتبدأ ديباجة القرار بالإشارة إلى قرارها (أي الجمعية العامة للأمم المتحدة) والذي يحمل الرقم 65/179 والصادرة في الدورة السابقة للجمعية العامة نفسها بتاريخ 20 ديسمبر 2010 والذي هو نسخة طبق الأصل من هذا القرار موضوع حديثنا، وكذلك هناك إشارة أخرى لقرار المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة رقم 2011/41 والذي يتعاطى مع موضوع الموارد المائية الفلسطينية ويقول القرار: إن الجمعية العامة تعيد تأكيد مبدأ السيادة الدائمة للشعوب الواقعة تحت الاحتلال الأجنبي على مواردها الطبيعية "وفي مكان آخر" تعرب عن قلقها إزاء استغلال إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال للموارد الطبيعية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية وفي الأراضي العربية الأخرى التي تحتلها إسرائيل منذ عام 1967م.

وهناك إشارة أخرى إلى المستوطنات، وإذ تدرك ما للمستوطنات الإسرائيلية من أثر ضار على الموارد الطبيعية الفلسطينية وغيرها من الموارد الطبيعية العربية وخصوصاً بسبب مصادرة الأراضي وتحويل مسار الموارد المائية بالقوة والأثر الضار للعواقب الاقتصادية الاجتماعية الواضحة في هذا الصدد.([130])

بناءً على ما سبق فإن الجمعية العامة قررت الآتي:

ا-تعيد تأكيد الحقوق غير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني وسكان الجولان السوري المحتل على مواردهم الطبيعية بما فيها الأرض والمياه وموارد الطاقة.

2- تطالب الجمعية العامة إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال, بالكف عن استغلال الموارد الطبيعية في الأرضي الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس الشرقية وفي الجولان السوري المحتل أو إتلافها أو التسبب في ضياعها أو استنفادها أو تعريضها للخطر.

إن هذا القرار جاء بناءً على تقرير أعدته اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (الإسكواESCWA ) عن الانعكاسات الاقتصادية والاجتماعية للاحتلال الإسرائيلي على الأحوال المعيشية للشعب الفلسطيني في الأراضي الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس الشرقية والجولان السوري المحتل بعد زيارات ميدانية للأرضي المحتلة ولقاء جميع الأطراف، وهذه اللجنة لها مصداقية عالية لحياديتها ودقة التوصيف للحالة الفلسطينية في الأرض الفلسطينية المحتلة، وقد تم تقديم التقرير للأمين العام للأمم المتحدة الذي أحاله إلى الجمعية العمومية، وهذا يعني أن لدى الفلسطينيين شهادة دولية موثقة بالانتهاكات الإسرائيلية للحقوق المائية الفلسطينية التي تم توثيقها في هذا القرار بدون الدخول في تفاصيل الانتهاكات، وهذا يعتبر إدانة كاملة لممارسات إسرائيل في مجال المياه والموارد الطبيعية، ويؤكد عزلة دولة الكيان ويوضح تحديها للقانون الدولي ولإرادة المجتمع الدولي بشكل عام([131]).

2- قرارات المجلس الاقتصادي والاجتماعي:

وهنا تجدر الإشارة إلى قرار المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة رقم 2011/41 بعنوان "الانعكاسات الاقتصادية والاجتماعية للاحتلال الإسرائيلي على الأحوال المعيشية للشعب الفلسطيني في الأراضي الفلسطينية المحتلة" بما فيها القدس الشرقية وللسكان العرب في الجولان السوري المحتل الصادر عن الجلسة العامة للمجلس الاقتصادي والاجتماعي في دورته التاسعة والأربعين بتاريخ 25 يوليو 2011م، ويبدأ القرار ديباجته بالإشارة إلى قراراته السابقة بهذا الخصوص رقم 2010 المؤرخ في يوليو 2010م وإلى قرار الجمعية العامة رقم 65/179 المؤرخ 20 ديسمبر 2010 وإذ يسترشد بمبادئ ميثاق الأمم المتحدة التي تؤكد عدم جواز الاستيلاء على الأرض بالقوة([132]).

ويشير إلى تأكيد انطباق اتفاقية جنيف الرابعة المتعلقة بحماية المدنيين وقت الحرب المؤرخة في 15 أغسطس 1949م على الأراضي الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس الشرقية، وإذ يشير إلى العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

ويعيد تأكيد مبدأ السيادة الدائمة للشعوب الواقعة تحت الاحتلال الأجنبي على مواردها الطبيعية، وإذ يعرب عن قلقه في هذا الصدد إزاء قيام إسرائيل السلطة القائمة بالاحتلال باستغلال الموارد الطبيعية في الأراضي الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس الشرقية و في الجولان السوري المحتل.

يدعو القرار إلى سلسلة من المطالب موجهة إلى دولة الاحتلال الإسرائيلي، ففي البند الثامن "يعيد تأكيد الحق غير القابل للتصرف للشعب الفلسطيني والسكان العرب في الجولان السوري المحتل في جميع مواردهم الطبيعية والاقتصادية ويطالب إلى إسرائيل ،السلطة القائمة بالاحتلال، عدم استغلال تلك الموارد أو تعريضها للخطر أو التسبب في فقدانها أو استنفاذها".

وفي البند رقم (10) يطالب إسرائيل أن تنهي فوراً استغلالها للموارد الطبيعية بما فيها المياه والمعادن، وأن تتوقف عن إلقاء جميع النفايات في الأرضي الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس الشرقية والجولان السوري المحتل الذي يلحق أضراراً جسيمة بمواردها الطبيعية وعلى وجه التحديد الموارد المائية والأراضي وموارد الطاقة، وتشكل خطراً جسيماً على البيئة وصحة السكان المدنيين ، ويطالب أيضاً إسرائيل (السلطة القائمة بالاحتلال) أن تزيل جميع العوائق التي تحول دون تنفيذ المشاريع البيئية بالغة الأهمية بما في ذلك محطات معالجة مياه الصرف الصحي في قطاع غزة.

3- العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية:

 جاء في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية السياسية الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 26 ديسمبر 1966 برقم 2200 والذي دخل إلى حيز النفاذ بتاريخ 23/3/1976 والذي يعتبر وثيقة دولية ملزمة لجميع الذين وقعوها([133])، جاء في المادة رقم (1) البند رقم (2) ما نصه لجميع الشعوب سعياً وراء أهدافها الخاصة التصرف الحر بثرواتها ومواردها الطبيعية دونما إخلال بأية التزامات منبثقة عن مقتضيات التعاون الاقتصادي الدولي القائم على مبدأ المنفعة المتبادلة وعن القانون الدولي، ولا يجوز بأية حال حرمان أي شعب من أسباب عيشه الخاصة.

وهذه إشارة واضحة أخرى إلى الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني في أسباب عيشه وموارده الطبيعية والتي تأتي المياه على رأسها.

وبهذا نرى أن إسرائيل قد خالفت نصاً وروحاً وبشهادات دولية موثقة ومحايدة القوانين الدولية المتصلة بالحقوق المائية الفلسطينية غير القابلة للتصرف، ونوضح للسياسيين والمفاوضين و الدبلوماسيين الفلسطينيين  هذه المعطيات، لكي ينطلقوا ويتجدد عزمهم على المطالبة والتمسك بحقوقهم مهما طال الأمد فالحقوق لا تسقط بالتقادم ولا يضيع حق وراءه مطالب.

ثالثا: الاتفاقيات الموقعة بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي:

وهي اتفاقيات دولية ملزمة ونخص بالذكر (اتفاقية أوسلو 2) أو اتفاقية طابا الموقعة في مايو 1995 وتحديداً المادة رقم 40 من الاتفاقية والتي تتعامل مع موضوع المياه والصرف الصحي والتي يعترف الكيان الصهيوني  في مادتها الأولى بالحقوق المائية الفلسطينية على أن يتم التعامل معها في مفاوضات الوضع النهائي([134])، وهنا من الواجب مناقشة موضوع مدى الفائدة التي تعود على الطرف الفلسطيني من تأجيل  الحديث في موضوع  استرجاع الحقوق المائية الفلسطينيية ، وربطها  بمفاوضات الوضع النهائي التي تم وضع سقف زمني لها لا يتجاوز عام 2000م، ولم يكن أحداُ يتخيل أن يتم تأجيل المفاوضات النهائية حول المياه إلى ما لا نهاية ، خصوصاً مع النمو المتزايد للاحتياجات المائية الفلسطينية، وكذلك الاستغلال الإسرائيلي الأقصى للموارد المائية الفلسطينية في مخالفة واضحة لقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة سالفة ، وبهذا يكون الوقت في جانب الطرف الإسرائيلي المستفيد من التسويف والمماطلة والتأجيل، وهذه قد تكون نقطة انطلاق جديدة للمطالبة بالحقوق المائية الفلسطينية من جديد وعدم ربطها بقضايا أخرى.

الفرع الثاني : اللجوء إلى القضاء الدولي: أصبح بإمكان الفلسطينيين بعد الاعتراف بهم كدولة عضو مراقب في الامم المتحدة  ، اللجوء لمؤسسات القضاء الدولي، وهي تتمثل في محكمة العدل الدولية، والتي سبق أن حصل الفلسطينيون منها على حكم لصالحهم بخصوص الجدار، و يمكنهم الحصول على قرارات أخرى في مواضيع الحق الفلسطيني في المياه، وهذا و إن لم يكن له تأثير قانوني ملزم، فإنه يضع  الكيان الصهيوني ومؤيديه في موقع شديد الحرج من ازدواجية المعايير فيما يتعلق بالقوانين الدولية، وكذلك يمكن اللجوء إلى المحكمة الجنائية الدولية للتفاوض حول الانتهاكات الإسرائيلية لمصادر المياه الفلسطينية والتي تخالف اتفاقية جنيف الرابعة والتي تتعامل مع حماية المدنيين وقت الحرب، والتي تشير إشارة واضحة على عدم جواز الاستيلاء على أو هدم المنشآت العامة التي تقع في المناطق المحتلة، والذي يسبب ضرراً وإزعاجاً للسكان المدنيين، وتحرم على الدولة المحتلة التصرف في الممتلكات العامة والخاصة والتي منها بالطبع مصادر المياه، إن استصدار أحكام من الجنائية الدولية ضد مسؤولين وأفراد إسرائيليين بسبب جرائم المياه، لذو تأثير شديد وقاسيٍ على هؤلاء المغتصبين، وهنا لابد من التركيز على التعامل الفلسطيني باهتمام أكبر بمواضيع القضاء الدولي، لأنه أحد أسلحتهم المهمة والفعالة في الحصول على حقوقهم في مصادرهم المائية ومنع استغلالها إلى أقصى حد ممكن.

الفرع الثالث: تفعيل الحراك السياسي والدبلوماسي : إن إجبار الكيان الصهيوني  على دفع ثمن سياسي ودبلوماسي باهظ في المحافل السياسية الدولية من خلال إظهار اعتداءاته وعدوانيته وعنصريته وسرقته للموارد المائية الفلسطينية يعتبر وسيلة فعالة للضغط على هذا الكيان لإعادة الحقوق المائية إلى أصحابها، ولكن هذا يعتمد على تعبئة الجهاز السياسي والدبلوماسي الفلسطيني معنوياً ضد الاحتلال وتزويده  بالمعلومات المهمة فيما يتعلق بانتهاكات الاحتلال لمصادر المياه الفلسطينية، وربط ذلك بالقوانين الدولية التي ينتهكها الاحتلال، وهذا عمل شاق ومثمر، ولكن ذلك يتطلب خطوة ضرورية تقوم بها القيادة الفلسطينية تتمثل بالانضمام إلى المنظمات الدولية دون إبطاء ، مما يجعل المسرح مهيئاً لمعركة سياسية ودبلوماسية مضمونة النتائج، والاستفادة من الخبرات المحلية والدولية في القانون والسياسة والدبلوماسية والعلاقات العامة.

وغني عن القول إن جمع وتوثيق كل الاعتداءات الإسرائيلية على مصادر المياه الفلسطينية توثيقاً بالصور والأرقام وبشهادات دولية إن أمكن يعطي زحماً أكبر لأية حملة علاقات عامة دبلوماسية ضد ممارسات الكيان الصهيوني الغاصب والمعتدي.

بناءً على ما سبق ، فقد أصبح لفلسطين حقوق قانونية كدولة وعليها التزامات وعلى القيادة الوطنية سبر أغوار هذه الحقوق، والاستفادة منها إلى الحد الأقصى للضغط على الكيان الإسرائيلي سياسياً ودبلوماسياً ومعنوياً لاستعادة هذه الحقوق وإجباره على دفع ثمنٍ باهظٍ لممارساته واستغلاله لمثل هذه الحقوق.

 

 


 

المبحث الثالث
المسؤولية الدولية المترتبة على انتهاك إسرائيل لمصادر المياه الفلسطينية المطلب الأول: مفهوم المسؤولية الدولية: يشار في القانون الدولي إلى المسؤولية الدولية على أنها" الإلتزام الذي يفرضه القانون الدولي على الشخص بإصلاح الضرر لصالح من كان ضحية تصرف مخالف لأحكام القانون الدولي أو تحمل العقاب نتيجة هذه المخالفة ".([135])

وهناك ثلاثة عناصر يجب توافرها لإثارة المسؤولية الدولية[136]:

أولاً: الضرر، وهو العنصر الأول المطلوب توفره لأنه إذا انعدم الضرر انعدمت العقوبة , وعند مناقشة موضوع الضرر يتم التطرق إلى عدة جوانب، هل الضرر مادي أم معنوي أو هل هو مباشر أو غير مباشر، وهل تمت إزالته أم لا، ويرى المختصون " أن الضرر المحتمل وليس الناتج هو الذي يستوجب التعويض .

ثانياً: الفعل غير المشروع، حيث يجب أن يكون الضرر ناتجا عن فعل غير مشروع بحسب القوانين الدولية.

ثالثاً: أن يكون الفعل منسوبا إلى الدولة.

لقد حرّم القانون الدولي المعاصر استعمال القوة لفض المنازعات بين الأمم بعدما كانت قوانين عصبة الأمم قد قيّدت هذا الاستعمال فقط، حيث كان استعمال القوة لفض المنازعات بين الأمم مباحاً في بداية العصر الحديث أو عصر التنظيم الدولي، فقد أشارت المادة الثانية في ميثاق الأمم المتحدة (2/4) إلى" يمتنع أعضاء الهيئة جميعاً في علاقاتهم الدولية عن التهديد باستخدام القوة أو استخدامها ضد سلامة الأراضي أو الاستقلال السياسي لأية دولة أو على أي وجه آخر لا يتفق وأهداف الأمم المتحدة" وقد أشار الدكتور/ مصطفى أحمد أبو الخير رئيس المجلس الاستشاري للجمعية الفلسطينية لحقوق الإنسان (راصد) في بحث بعنوان: التعويض عن الاحتلال في القانون الدولي إلى " اعتبار الاحتلال جريمة دولية من جرائم الحرب التي يجب محاكمة من قام بها حتى رؤساء الدول لم يعد لهم حصانة من ذلك، وهذا ما نص عليه النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية في المادة (27) منه ، ومن قبل نصت المادة (25) من ذات النظام الأساسي على المسؤولية الدولية الجنائية للأفراد"( ([137]))

المطلب الثاني: الضرر المترتب على انتهاك إسرائيل للحقوق المائية الفلسطينية: لاشك أن انتهاك إسرائيل لمصادر المياه الفلسطينية، وتسخيرها لأهدافها الخاصة قد أوقع ضررا للفلسطينيين، أصحاب الأرض الأصليين، فحرمان الفلسطينيين من حقهم في مياههم قد أثر سلبا في جميع نواحي حياتهم، فالزراعة التي هي العمود الفقري للاقتصاد الفلسطيني قد عانت بشكل سلبي من القيود التي وضعها الإسرائيليون على استخراج المياه من قبل المزارعين الفلسطينيين وكذلك سيطرة الإسرائيليين على مياه نهر الأردن حرمت منطقة الأغوار من أسباب الحياه نفسها فضلا عن التطور والازدهار، وهذا قد أثر كثيرا على التطور الاقتصادي والاجتماعي ،ما أجبر الفلسطينيين على تغيير أنماط حياتهم كلها.

وفي هذا الصدد، يقول شريف الموسى في كتابه، "المياه في المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية" في استعراضه لبعض الآثار التي نتجت عن الانتهاكات الإسرائيلية لمصادر المياه الفلسطينية إن “السياسة الإسرائيلية تجاه قطاع المياه الفلسطيني حدت من التوسع الزراعي في الضفة الغربية منذ عام 1967، وأبقت مياه الاستعمال المنزلي في مستوى منخفض، الأمر الذي أثر سلبياً في مستوى المعيشة وأضعف التطور المؤسساتي المحلي، وقد طالب الفلسطينيون بالتعويض عن هذه الأضرار الناجمة عن ذلك([138])" , وفي نفس السياق نفسه، يقول  أن "الاتفاقات المرحلية لا تشمل أية مواد خاصة بالتعويضات و هذا لا يمنع من إثارة الموضوع خلال مفاوضات الحل النهائي".

المطلب الثالث: النتائج المترتبة على تحقق المسؤولية الدولية: الفرع الأول : إعادة الحقوق المائية الفلسطينية:  في حال توفر عناصر المسؤولية الدولية، فإن الدولة المعتدية أو المخطئة ملزمة حسب القوانين الدولية بثلاثة إجراءات هي :

1-   الكف عن الفعل غير المشروع دولياً وتقديم ضمانات بعدم التكرار.([139])

2-  الرد العيني أي وقف الضرر وإعادة الحال إلى الوضع الذي كان عليه موجودا أو الذي كان من شأنه أن يوجد لولم يرتكب الفعل غير المشروع "([140]).

3-  التعويض ولسد أية ثغرات قد تتبقى وصولا إلى الجبر الكامل للضرر ويكون بواسطة التعويض المالي، وهو الأكثر شيوعا ويتم بشكل رضائي، أو المعنوي بالاعتذار.([141])

ويرى الباحث أن الحقوق المائية المطلوب إعادتها إلى الفلسطينيين هي كالآتي:

·        حقوق سيادية ومشاركة قانونية كاملة في إدارة الحوض كطرف مشاطئ وشريك كامل وعلى نفس المستوى مع بقية الأطراف المشاطئه الأخرى في حوض نهر ألأردن وبحيرة طبريا، وحصة في مياه نهر الأردن مقدرة سابقا وفق خطة جونستون بحوالي 220 مليون متر مكعب، ووفق الخطة العربية 320 مليون متر مكعب.

·        إزالة الحواجز المقامة على مداخل وادي غزة والتي تمنع مرور المياه إلى مجرى الوادي داخل مناطق القطاع، بما في ذلك المنشآت والآبار الامتصاصية، لإعادة المياه إلى مجرى هذا الحوض، كما كانت عليه في السابق، بما يمكن الفلسطينيين من الانتفاع بمياهه، وحماية بيئته الطبيعية في الجزء الواقع داخل قطاع غزة.

·        حق السيطرة والتصرف الكامل بحقوق المياه الفلسطينية في مصادر مياه الأحواض الجوفية بعد الاتفاق بشأنها على أساس مبادئ الشرعية الدولية المتعلقة بالأحواض المشتركة مثل الانتفاع والإستخدام المنصف والمعقول، مع مراعاة كل طرف لمصالح الطرف الآخر والالتزام بالتعاون لضمان الاستدامة والحماية الكافية للأحواض ودون أي نوع من التدخل من قبل الجانب ألأسرائيلي.

الفرع الثاني: التعويضات:  يعتبر مبدأ التعويض من المبادئ المستقرة في القانون الدولي حين تتسبب دولة بأضرار لدولة أخرى، وذلك استنادا إلى القاعدة القانونية السائدة في الأنظمة القانونية في العالم وهي "كل خطأ سبّب ضرراً للغير يُلزم مرتكبه بالتعويض"([142]).

 وحيث إن الاحتلال يعتبر جريمة دولية في نظر القانون الدولي فإن أي ضرر نتج عن هذا الاحتلال أو الضرر يلزم مرتكبه بالتعويض، حسب القانون الدولي، و قد تم إنضاج البيئة المواتية للمطالبة الفلسطينية بالتعويض عن الأضرار التي سببها الاحتلال لفلسطين والفلسطينيين.

 وللحالة الفلسطينية خصوصية أكثر تزيد قوة الأساس القانوني للمطالبة الفلسطينية بالتعويض عن الأضرار التي سببتها  الكيان الصهيوني  لهم باحتلالها أرضهم وتشريدهم ونقصد هنا القرار (194) الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 11/12/1948، والذي كما يقول المصدر ذاته إن القرار (194) هو "أهم مصدر للحقوق الفلسطينية وموافق للقانون الدولي وكونه قراراً من الجمعية العامة للأمم المتحدة التي تعتبر قراراتها توصيات غير ملزمة عادة لا يقلل من أهميته، لأن المجتمع الدولي أكد عليه 110 مرات على مدى (50) عاماً في قرارات للجمعية العامة ومجلس الأمن التابعين للأمم المتحدة، وهذا يدل بوضوح على إجماع دولي يرقى إلى صفة الإلزام)([143]).

 وينص القرار 194، في مادته الحادية عشرة ،على " تقرر – أي الجمعية العامة للأمم المتحدة- وجوب السماح بالعودة ، في أقرب وقت ممكن للاجئين الراغبين، في العودة إلى ديارهم والعيش بسلام، مع جيرانهم ،ووجوب دفع تعويضات ، عن ممتلكات الذين يقررون عدم العودة إلى ديارهم ، وعن كل مفقود ، أو مصاب بضرر، عندما يكون من الواجب وفقاً لمبادئ القانون الدولي أن يعوض عن ذلك الفقدان أو الضرر، من قبل الحكومات والسلطات المسئولة".

 وفي المادة اللاحقة يشير القرار إلى أن الجمعية العامة للأمم المتحدة تصدر تعليماتها إلى لجنة التوفيق لتسهيل إعادة اللاجئين وتوطينهم من جديد وإعادة تأهيلهم الاقتصادي والاجتماعي وكذلك دفع التعويضات والمحافظة على الاتصال الوثيق بمدير إغاثة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين ومن خلاله بالهيئات والوكالات المتخصصة المناسبة في منظمة الأمم المتحدة".([144])

وبهذا النص نرى -بوضوح- أن التعويض الذي هو حق تكفله القواعد القانونية المستقرة في القانون الدولي ينطبق في الحالة الفلسطينية في اتجاهين: أولاً: على ممتلكات من لا يرغبون في العودة وهذه حالة نظرية بحتة إذ لا يعقل أن هناك من لا يرغبون في العودة إلى أرض فلسطين وإن وجدت فهي الاستثناء الذي لا يلغي القاعدة، وثانياً: على من يرغب في العودة بعد تسهيل مهمته والتعويض عن كل مصاب أو ضرر لحق به نتيجة الاحتلال الإسرائيلي وممارساته.

 ويخلط بعض السياسيين بين حق العودة والتعويض على أساس أن أيا منهما يعتبر بديلا للآخر وهذا ليس صحيحا، فالدكتور السيد مصطفى أبو الخير يتناول مفهومه للتعويض على أساس أن " التعويض ليس مقابلاً لحق العودة، لأن ذلك يعتبر بيعاً للأراضي الفلسطينية، ولكن التعويض مقابل الخسائر المادية الفردية مثل تدمير البيوت، واستغلال الممتلكات لمدة تصل إلى (66) عاما حتى تاريخه، وكذلك الخسائر المعنوية الفردية مثل المعاناة واللجوء وفقدان أفراد الأسرة والخسائر المادية الجماعية مثل الطرق والمطارات. السكك الحديدية والموانئ والمياه والمعادن والأماكن المقدسة... إلخ.

 وقد أشار الدكتور أبو الخير إلى أن التعويض يشمل خمسة أنواع، نذكر منها النوع الثاني، وهو ما يهمنا في هذه الدراسة، حيث ينص على أن " الخسائر المادية العامة وتشمل الطرق والموانئ والمطارات والمحاجر والمياه والزيت والمعادن والثروة السمكية والشواطئ والغابات".([145])

وهنا أيضاً لابد في معرض حديثنا عن المرجعيات القانونية التي تقوم عليها المطالبة الفلسطينية بالتعويضات من دولة الاحتلال أن نشير إلى ما ورد في قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 66/225 المتخذ في 22 ديسمبر 2011 وهو بعنوان "السيادة" الدائمة للشعب الفلسطيني في الأرض الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس الشرقية وللسكان العرب في الجولان السوري المحتل على مواردهم الطبيعية "وذلك في دورة انعقادها (الجمعية العامة) السادسة والستين ما ورد في البند الثالث "تعترف (أي الجمعية العامة) بحق الشعب الفلسطيني في المطالبة بالتعويض نتيجة لاستغلال موارده الطبيعية أو إتلافها أو ضياعها أو استنفاذها أو تعريضها للخطر بأي شكل من الأشكال، بسبب التدابير غير المشروعة التي تتخذها إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، وتعرب عن الأمل في أن تعالج هذه المسـألة في إطار مفاوضات الوضع النهائي بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي" وهذا يعني أن العالم ممثلاً في هيئة الأمم يقر بحقنا في التعويض عن مواردنا الطبيعية، ويبقى على الفلسطينيين من خلال قيادتهم السياسية ومفاوضيهم ألا يتنازلوا أو يؤجلوا أو يقلصوا من هذه التعويضات أو ينظروا  إليها باعتبارها شأناً أقل أهمية مما هو فعلاً في واقع الحال والسوابق التاريخية في مسألة التعويض كثيرة أخرها ربما التعويضات التي دفعها العراق إلى الكويت، وكذلك التعويضات التي دفعتها ألمانيا إلى اليهود بعد إقامة إسرائيل والتي ينظر إليها المؤرخون على أنها كانت الدعامة الأساسية في قيام الدولة واستمرارها، ولا ننسى التعويضات التي دفعتها ألمانيا إلى الولايات المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية، وهنا نؤكد على وجوب عدم التنازل عن الحق الفلسطيني في التعويضات، وأن ينطلقوا من قاعدة أمرة في القانون الدولية لا يجوز مخالفتها، ولا حتى الاتفاق على ما يخالفها وكذلك الإيمان في أن حقنا في التعويض حق فردي وجماعي لا تلغيه أية اتفاقات موقعة بين دولتين.

 ويرى الباحث أن مسألة التعويضات مسألة شائكة في تناولها عند حصول مفاوضات أو اتفاق حول المياه أو حتى عند بحث التعويضات العامة التي تخص الفلسطينيين فيما يتعلق بالأضرار التي أصابتهم نتيجة الاحتلال الإسرائيلي لبلادهم وطردهم وتشريدهم واستغلال مياه وموارد الأراضي المحتلة بعد عام 1967 وذلك لسببين، الأول: هو أن مسألة التعويضات لا تحتل حيزاً مناسبا في الخطاب السياسي والدبلوماسي والتفاوضي الفلسطيني، والسبب الثاني هو ضخامة وتشعب الأضرار غير المباشرة التي نتجت عن انتهاك إسرائيل لمصادر المياه الفلسطينية مما يتطلب عملا شاقا، ويكون مثار خلافات قانونية كثيرة مع الكيان الصهيوني , ولكن هذا لا يمنع بتاتاً تقدير هذه التعويضات بما هو متاح من إمكانيات حساب الأضرار المباشرة وغير المباشرة، ويشير الدكتور السيد أبو الخير في بحثه السالف الذكر عن حق اللاجئين الفلسطينيين في التعويض في القانون الدولي إلى "قيمة التعويض قدروها عام 1950 بمبلغ 350 مليون جنيه (إسترليني) علماً بأنه وفقاً لتقدير العديد من المختصين والخبراء في الأمم المتحدة تبلغ قيمة هذه الخسائر للأضرار والممتلكات الفلسطينية اليوم حوالي 625 مليار دولار، وهذه الأرقام تشمل بالطبع تعويضات خاصة بالمياه وإن لم يكن هناك إشارة إلى حصة المياه من هذه التعويضات، وأما فضل كعوش فقد أشار إلى موضوع التقدير الكمي للتعويضات عن المياه الفلسطينية المسروقة وذلك في بحثه المعنون بـ" سقطت الذرائع الإسرائيلية بشأن الحقوق المائية الفلسطينية([146])" فقد أشار تحت عنوان حجم الموارد المائية الفلسطينية المنهوبة من قبل الإسرائيليين منذ العام 1967 وقيمتها الاقتصادية " يقدر حجم الموارد المائية الفلسطينية المنهوبة من قبل الإسرائيليين منذ العام 1967م بحوالي 850 مليون متر مكعب في السنة موزعة على المصادر التالية:

·        من المجرى الرئيسي لنهر الأردن بمعدل 220 مليون متر مكعب في السنة من أحواض المياه الجوفية بمعدل 600 مليون متر مكعب في السنة. من الأودية الشرقية لقطاع غزة بمعدل 30 مليون متر مكعب.

·        حجم المياه المنهوبة على مدى 45 عاماً تقدر بحوالي 38.3 مليار متر مكعب القيمة الاقتصادية للموارد المائية الفلسطينية المنهوبة منذ العام 1967 تقدر بحوالي 97.5 مليار دولار على أساس عائد المتر المكعب من الزراعة والصناعة بمعدل 12 شيكلاً، وهي ما تعرف اقتصادياً بقيمة الظل. الأضرار التي لحقت بالفلسطينيين في كافة الجوانب المعنوية، الاجتماعية البيئة والصحة في الضفة الغربية وقطاع غزة على السواء، تفوق مبلغ 280 مليار دولار وفق دراسة بحثية، أعدت سابقاً عام 2005 بهذا الشأن، من قبل خبراء أجانب، بتمويل من قبل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي"([147]).

 ويرى الباحث أيضاً أن مسألة التعويضات ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالحقوق بحيث يجب التمسك بها وإبرازها وتحضير الأسانيد القانونية التي تدعم المطالبة الفلسطينية بها، وعلى الساسة الفلسطينيين إعطاء المسألة ما تستحقه من اهتمام، فهي بالإضافة إلى أنها حق جماعي هي حق فردي لا يجوز ولا يمكن التنازل عنه حتى من قبل الجهات السيادية الحاكمة، وسواء أثيرت المطالبة بالتعويضات المتعلقة بالمياه بصورة منفصلة أم تم إدراجها في الاتفاق العام، فإن على الفلسطينيين أن يحددوها تحديداً معقولاً وأن يتوسعوا في تقديم حججهم القانونية والفنية.

         إن ولوج الفلسطينيين الى القضاء الدولي ضمن معركتهم الوطنية للحصول على حقوقهم المائية ، بات ضروريا ،ولم يعد من الجائز عدم الإهتمام بالعمل القانوني الدولي على أساس أن النظام الدولي الذي تسيطر عليه الدول الإستعمارية منحاز الى الكيان الصهيوني، وذلك شريطة أن يوفروا الإمكانات البشرية والمادية اللازمة لخوض المواجهة مع الكيان الصهيوني في ساحات القضاء الدولي، حيث بالإمكان تفنيد مزاعم الإحتلال وادعائاته الباطل بالإلتزام بالقانون الدولي  .   وكذلك يجب على الفسطينيين، وبشكل قوى، إعادة طرح مسألة التعويضات ، لأنها استحقاق وطني ، يجب إيلائه ما يستحق من الإهتمام.


الخاتمة  في هذه الدراسة استعرض  الباحث مصادر المياه السطحية في فلسطين مثل حوض وادي الأردن وحوض وادي غزة، وكذلك مصادر المياه الجوفية التي تتمثل في الأحواض الجبلية الثلاث أسفل أراضي الضفة الغربية، وكذلك الحوض الساحلي الذي يشمل حوض قطاع غزة. ثم تناول طبيعة الانتهاكات الإسرائيلية لمصادر المياه الفلسطينية، ومن ثم أوضح الأبعاد السياسية للإستراتيجية الإسرائيلية لانتهاكها حق الشعب الفلسطيني في مصادر المياه الفلسطينية، وكذلك الأبعاد القانونية لهذه الانتهاكات. وعلى أثر هذا البحث توصل الباحث إلى مجموعة من النتائج والتوصيات وهي كالتالي:

أولاً: النتائج: 1-  يتشارك الفلسطينيون والإسرائيليون في المصادر المائية على اعتبار أن حدود الرابع من حزيران 1967 حدوداً فاصلة بينهما، وتتمثل هذه المصادر في الأحواض الجوفية الفلسطينية في الضفة الفلسطينية والحوض الساحلي وحوض نهر الأردن ووادي غزة.

2-  يسيطر الكيان الصهيوني على مياه الأحواض الجوفية بالكامل ولا يسمح للفلسطينيين باستخراج المياه سوى (80) مليون متر مكعب، بينما يقوم ببيعهم باقي احتياجاتهم من المياه، الأمر الذي يعني عدم اعتراف الكيان الصهيوني بحق الشعب الفلسطيني في السيادة على موارده المائية.

3-  لا يستفيد الفلسطينيون من الحوض الساحلي باستثناء الجزء الذي يقع تحت قطاع غزة، ويستخرجون منه حوالي 130 مليون متر مكعب، على الرغم من أن كمية المياه المتوفرة لا تتجاوز 80 مليون متر مكعب، مما يؤدي إلى وجود فجوة يتم تعويضها بالسحب من مياه البحر ما يؤدي إلى تسرب مياه البحر المالحة إلى الخزان الجوفي. الأمر الذي يؤدي إلى تدمير الخزان الجوفي في قطاع غزة تدريجياً، حيث وصلت مياه البحر المالحة إلى مسافة كيلو متر تحت سطح الأرض باتجاه اليابسة في غزة مما ينذر بعواقب وخيمة.

4-  تسيطر "إسرائيل" على مياه حوض نهر الأردن بالكامل دون وجه حق، وحرمت الأردن من الإستفادة من حقه في مصادر المياه باستثناء القليل مما يتم الحصول عليه من نهر اليرموك قبل وصوله إلى الحدود الأردنية الفلسطينية. كما قام الكيان الصهيوني بتحويل مجرى نهر الأردن عبر قنوات وأنفاق لري جزء من منطقة الساحل الفلسطيني الذي يقع تحت الاحتلال وجزء آخر شمال النقب يعادل 550 مليون متر مكعب، وذلك عبر خط المياه الرئيسي الذي يصل شمال دولة الاحتلال بوسطها، وهو ما يسمى بـ "الناقل القطري الإسرائيلي".

5-  تقوم السلطات الإسرائيلية بحرمان الفلسطينيين من حقهم في مياه وادي غزة التي يبلغ جريانها السطحي حوالي 35 مليون متر مكعب في السنة. كما تقوم السلطات الإسرائيلية بشكل مفاجئ بفتح السدود التي تحجز مياه الوادي عن قطاع غزة، الأمر الذي يؤدي إلى دمار كبير في ممتلكات المواطنين الفلسطينيين.  

6-   إن حرمان السلطات الإسرائيلية للفلسطينيين من الحصول على حقهم في مصادر المياه، يعيق استقلال الدولة الفلسطينية وممارستها لحقها في استغلال مواردها الطبيعية.

7-  سيطرة "إسرائيل" على مصادر المياه يؤثر بشكل سلبي على سير المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين، حيث تعتبر مصادر المياه ورقة ضغط تستخدمها الحكومة الإسرائيلية ضد المفاوض الفلسطيني من أجل قبول المستوطنات على الأراضي الفلسطينية.

8-          الأداء التفاوضي الفلسطيني كان ضعيفاً، حيث إن المفاوض الفلسطيني كان يعاني من ضعف الخبرة وقلة المعلومات فيما يتعلق بمصادر المياه، الأمر الذي أدى إلى موافقته أحياناً على منح الجانب الإسرائيلي حق الفيتو على استغلال الفلسطينيين لمياههم الجوفية، أو موافقته على  تأجيل الاتفاق على القضايا المائية أحياناً أخرى.

ثانياً: التوصيات 1-  يجب أن تحتل قضية المياه حيزاً أكبر من الاهتمام الفلسطيني ومنزلة أرفع على أجندة العمل والنشاط السياسي والدبلوماسي والقانوني .

2-  على المفاوض الفلسطيني الإلمام الكامل والشامل بتفاصيل ودقائق الوضع المائي من الناحية الجيولوجية والهيدرولوجية والهيدروجولوجية، وألا يسلم بالإدعاءات الإسرائيلية والمعلومات التي يسوقها المفاوض الإسرائيلي لخدمة مصالحه على حساب الحق الفلسطيني.

3-  ضرورة التنسيق بين الحكومة الفلسطينية والأردنية كأطراف مشاطئة في حوض نهر الأردن من أجل فتح ملف نهر الأردن دبلوماسياً وسياسياً وتشكيل ضغط دائم على الحكومة الإسرائيلية، كي تستجيب لحقوق الطرفين.

4-  شروع الحكومة الفلسطينية في التحرك سياسياً وقانونياً للمطالبة بالتعويض من الحكومة الإسرائيلية نتيجة استغلالها غير المشروع للموارد المائية الفلسطينية.

5-   على الجانب الفلسطيني استثمار قرار الأمم المتحدة عام 2012 بقبول فلسطين دولة  عضو مراقب  بالأمم المتحدة ، وكذلك انضمام فلسطين للعديد من المنظمات والاتفاقيات الدولية، وذلك لتعزيز مطالبة دولة فلسطين لحقها في السيادة على مواردها المائية.

6-  قيام الحكومة الفلسطينية بإعداد ملف قانوني خاص بانتهاكات "إسرائيل" للحقوق المائية الفلسطينية وتحريكه أمام المحكمة الجنائية الدولية كجريمة حرب، باعتبار أن هذه الانتهاكات تشكل مخالفة جسيمة لاتفاقية جنيف الرابعة.

7-       العمل على تطوير المؤسسات الفلسطينية ذات الاختصاص كي تكون قادرة - ضمن رؤية وطنية استراتيجية- على استغلال المياه في ضوء الواقع المجحف بالحقوق الفلسطينية.

        المراجع  


المراجع:     

أولاً:  المراجع العربية

1-           أبو الخير، السيد مصطفى .التعويض عن الاحتلال في القانون الدولي. الجمعية الفلسطينية لحقوق الإنسان 11/1/2013، صيدا لبنان.

2-           أبو الخير، السيد مصطفى. حق اللاجئين الفلسطينيين في التعويض في القانون الدولي. بحث مقدم إلى المؤتمر الفكري والسياسي الثالث لحق العودة 2010، غزة –فلسطين.

3-           الإتفاق الإنتقالي غزة- أريحا ،4 مايو 1994.

4-            اتفاقية إعلان المبادئ بين الفلسطينيين والإسرائيليين ،13 سبتمبر 1993(الملحق الثالث).

5-           إتفاقية الأمم المتحدة الإطارية للإستعمالات غير الملاحية لمجاري المياه الدولية  لعام  1997.

6-           اتفاقية طابا (أوسلو 2) 28 سبتمبر 1995 ، البند الأول من الفقرة 40.

7-           إعلان مدريد 1911 – معهد القانون الدولي (ILA).

8-           إلى قرار المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة رقم 2011/41 بعنوان "الانعكاسات الاقتصادية والاجتماعية للاحتلال الإسرائيلي على الأحوال المعيشية للشعب الفلسطيني في الأراضي الفلسطينية المحتلة" بما فيها القدس الشرقية وللسكان العرب في الجولان السوري المحتل الصادر عن الجلسة العامة للمجلس الاقتصادي والاجتماعي في دورته التاسعة والأربعين بتاريخ 25 يوليو 2011م.

9-           بني هاني، محمد. ندوة حول مصادرة إسرائيل للمياه العربية. مركز الدراسات المائية والأمن المائي العربي، جامعة الدول العربية.(2006) دمشق.

10-      البيومي غانم، إبراهيم فقه إدارة وحماية بيئته في نظام الوقف الإسلامي، المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية بمصر.

11-      جي.أ.ألن وشبلي ملاط.المياه في الشرق الأوسط. منشورات وزارة الثقافة السورية. دمشق. 1997 ص395.

12-      حسين علي. فتحي،المياه وأوراق اللعبة السياسية في الشرق الأوسط ،مكتبة مدبولي،1997.

13-      حميدة، عبد الرحمن.جغرافية الوطن العربي.دار الفكر دمشق، 1977، ص300.

14-      خدام، منذر.الأمن المائي العربي الواقع والتحديات . مركز دراسات الوحدة العربية , بيروت لبنان 1999.

15-      دبلوماسية المياه "رؤية سياسية وقانونية لمسألة المياه في حوض نهر الأردن، الناشر مطبعة الخدمات العربية 1999، د.خالد العرموطي.

16-       دياب،مغاوري شحاته.مستقبل المياه في العالم العربي.الدار العربية للنشر،الطبعة الأولى 2000.

17-      زكريا، دعاء.تنمية الموارد المائية في العالم العربي. الدار الثقافية للنشر.الطبعة الأولى 2009.

18-      السياسة المائية الإسرائيلية وأثرها في الضفة الغربية"دراسة في الجغرافيا السياسية"،   ياسر ابراهيم عمر سلامة، رسالة ماجستير،كلية الدراسات العليا،جامعة النجاح الوطنية،نابلس –فلسطين 2008.

19-      شديد، المهندس عمر. المياه والأمن الفلسطيني، دار مجدلاوي للنشر عمان- الأردن 1999.

20-      صباريني، غازي حسين.الوجيز في مبادئ القانون الدولي العام.دار الثقافة للنشر والتوزيع، 2005، الأردن.

21-      الصراع حول المياه الدولية في ضوء القانون والاتفاقيات الدولية،  دراسة تطبيقية علي نهر النيل، د. عبد الله حامد إدريس.أفاق افريقية ، العدد (39)

22-      الطائي، عادل أحمد. القانون الدولي العام. دار الثقافة للنشر والتوزيع، الطبعة الثانية 2010، الأردن..

23-      العضايلة،د.عادل.الصراع على المياه في الشرق الأوسط (الحرب والسلام )،الطبعة الأولى،2005 دار الشروق.

24-      العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية السياسية الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 26 ديسمبر 1966 برقم 2200 ، 23/3/1976.

25-       قانون مصادر المياه، مؤتمر برلين 2004- جمعية القانون الدولي.

26-      قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 66/225 بتاريخ 22 ديسمبر 2011، الدورة السادسة والستون بعنوان  "السيادة الدائمة للشعب الفلسطيني في الأرض الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس الشرقية وللسكان العرب في الجولان السوري المحتل على مواردهم الطبيعية".

27-      قواعد هلسنكي لإستعمال مياه الأنهار الدولية، 1966.

28-      كعوش، فضل: دراسة شاملة للجوانب القانونية والفنية حول طبيعة الانتهاكات الإسرائيلية لقانون المياه الدولي بشأن الحقوق المائية الفلسطينية في أحواض المياه المشتركة، www.amad.ps ،21/12/2013.

29-      مخيمر، سامر. حجازي، خالد: أزمة المياه في المنطقة العربية - الحقائق والبدائل الممكنة. المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب–الكويت 1996

30-      المدهون، نافذ الوجيز في القانون الدولي. منشورات الجامعة الاسلامية، غزة - فلسطين 2010

31-      ﻤﻠﺨﺹ ﺘﻨﻔﻴﺫﻱ للإستراتيجية ﺍﻟﻘﻁﺎﻋﻴﺔ ﻟﻠﻤﻴﺎﻩ ﻓﻲ ﻓﻠﺴﻁﻴﻥ 2013-2011، منشورات سلطة المياه الوطنية الفلسطينية- رام الله فلسطين 2010.

32-      الموسا، شريف. المياه في المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية، مؤسسة الدراسات الفلسطينية - الطبعة الأولى، ديسمبر. بيروت 1997.

33-      ندوة المشكلات المائية في الوطن العربي،مجموعة مؤلفين ،تحرير د. احمد يوسف،معهد البحوث والدراسات العربية،اكتوبر 1995،القاهرة.

34-       ندوة حول : مصادرة إسرائيل للمياه العربية، مصادرة إسرائيل للمياه الأردنية،إعداد الدكتور المهندس محمد بني هاني، استشاري دولي في شؤون المياه والري، جامعة الدول العربية -مركز الدراسات المائية والأمن المائي العربي ، دمشق / نيسان / إبريل 2006.

35-      اليعقوبي، احمد. عبد الغفور، وم.ديب. نبذه حول مصادر المياه الفلسطينية، نشورات سلطة المياه الفلسطينية , رام الله فلسطين يونيو 2011.

ثانيا:  المراجع  الإنجليزية

English References                                                                      

1-    Al-Kafarneh, Ahmad Aref. Assistant Professor in Political science. Rivers in International Law, Case Study: The River Jordan. EuroJournals Publishing Inc, 2012.

2-    Daibes-Murad, Fadia. New legal framework for managing the world’s shared ground waters. IWA publishing Alliance house 2005.

3-    J.H Phillips, David. Freelance Consultant, England…etal. The Jordan River Basin: 1. Clarification of the allocation of Allocations in the Jonson Plan. Water International.Volume 32,Number1. March 2007,Page 16-38.

4-    M.A.Salman, Salman. Water Resources Development Vol.23, No.4 625-64, World Bank December 2007

5-    Messerschmitt, Clemens. El –Jazairi, Lara. Khatib, Imad. Al Haj Daoud, Ayman.Water, {Values and Rights}, Proceedings of the 2nd international conference on water values and rights, Palestine Academy press 2009, Ramallah – Palestine

6-    Sawalhi, Bassam. A. Mimi, Ziad. S.Aliewi, Amjad.Multi-Criteria Decision tool for allocating the waters of the Jordan basin between all riparians. 6-8 August AWRA/IWLRI-UNIVERSITY OF DUNDEE INTERNATIONAL SPECIALTY CONFERENCE 2001.

7-    Selby, Jan. Cooperation, Domination and colonization. The Israeli- Palestinian joint Water Committee, department of international relation, University Sussex, Brighton, UK: Volume 6 /Issue 1.2013

8-    Shuval, Hillel. Dweik, Hassan.Water Resources in the middle east , Israel- Palestinian water issue from conflict to cooperation.Hexagon Series on Human and evviromental security and peace, Verlg Vol.2.Springer, Dr. Christian witschel Jerusalim, 2007.

9-    SOURCES OF INTERNATIONAL WATER LAW, Development Law Service, FAO Legal Office, Rome, 1998.

10-       Tanzi, Attila. Chairman, Legal Board of the 1992 UNECE Water Convention, Full Professor of International Law INTERNATIONAL LAW AND TRANSBOUNDARY WATER RESOURCES A Framework for Shared Optimal Utilization, University of Bolonia, Italy-2010.

11-       W. Dellapenna, Joseph. The customary international law of transboundary fresh waters.Villanova University School of Law, Pennsylvania. 19085-1682, USA, Int. J. Global Environmental Issues, Vol. 1, Nos. 3/4, 2001

مواقع الإنترنت:

1-  إدارة الأزمات الدولية-للدكتور هشام عوكل, الأستاذ المشارك في جامعةهولندا الحرة منشور في مدونته وذلك نقلا عن الدكتور محمد حسن الخضيري. www.Hichamoukal.net

2-  إسرائيل:" لم تعد توجد مياه لتقاسمها مع الفلسطينيين" إعداد : المهندس فضل كعوش -وكالة سما الإخبارية http://samanews.com/ar/index.php?act=post&id=182826

3-    جغرافية فلسطين. http://www.paltaqs.ps/single.php?id=55

4-    خالد وليد- الأمن الاسرائيلي في استراتيجيته الجديدة، مركز القدس للدراسات. http://www1.alqudscenter.org/ar/activities/view/3247

5-    دكتور السيد مصطفى أبو الخير: التعويض عن الاحتلال في القانون الدولي، الجمعية الفلسطينية لحقوق الإنسان العدد www.pal-monitor.org بتاريخ 11/1/2013.

6-    عبد الفتاح القلقيلي. منظمة التحرير الفلسطينية والأمم المتحدة.مركز بديل http://www.badil.org/haq-alawda/item/1528-art-04#

7-  مركز المعلومات الوطني الفلسطيني – وفا. [email protected] .

8-  منظمة الأغذية والزراعة الدولية. www.FAO.org

9-    الموسوعة الفلسطينية http://www.palestinapedia.net/%D8%BA%D8%B2%D8%A9- %D9%88%D8%A7%D8%AF%D9%8A/#st

10-       المياه في المفاوضات النهائية – موقع وزارة الخارجية الفلسطينية http://www.mofa.pna.ps/


([1])http://www.wafainfo.ps/atemplate.aspx?id=2401

             مركز المعلومات الوطني ،جغرافية فلسطين .

([2]) نفس المصدر.

([3]) حميدة، عبد الرحمن: جغرافية الوطن العربي، دار الفكرالمعاصر، دمشق، 1977، ص300.

([4]) موقع جغرافية فلسطين http://www.paltaqs.ps/single.php?id=55

([5]) نفس المصدر

([6]) موقع جغرافية فلسطين http://www.paltaqs.ps/single.php?id=55

([7]) نفس المصدر

([8]) شديد ،عمر : الأمن المائي الفلسطيني ,دار مجدلاوي للنشر،عمان، ط1 1999,ص105.

([9])المرجع السابق  ,ص105.

([10]) نفس المصدر ص105.

([11]) نفس المصدر ص105.

([12]) الموسى، شريف : المياه في المفاوضات العربية الإسرائيلية", مؤسسة الدراسات الفلسطينية، الطبعة الأولى 1997, ص 33.

([13])اليعقوبي، أحمد , عبد الغفور، ديب :نبذه حول مصادر المياه الفلسطينية., منشورات سلطة المياه الفلسطينية ,يونيو 2011ص21.

([14])الموسى، شريف : المياه في المفاوضات العربية الإسرائيلية  ،مرجع سابق, ص 20.

([15]) شديد ،عمر : الأمن المائي الفلسطيني.. مرجع سابق .. ص106.

 ([16])   نفس المرجع.

([17])اليعقوبي، أحمد . عبد الغفور، ديب :نبذه حول مصادر المياه الفلسطينية., مرجع سابق ،ص 9.

([18]) Annual Water Status Report 2011, سلطة المياه الفلسطينية , ص 22.

([19]) (مركز المعلومات الوطني الفلسطيني – وفا) [email protected]

([20]) الموسى، شريف : المياه في المفاوضات العربية الإسرائيلية  ،مرجع سابق, ص 16.

([21]) اليعقوبي، أحمد . عبد الغفور، ديب :نبذه حول مصادر المياه الفلسطينية., مرجع سابق ،ص 34.

([22])Annual Water Status Report 2011, سلطة المياه الفلسطينية , ص 21

([23])نفس المرجع ،ص 22.

([24])اليعقوبي، أحمد . عبد الغفور، ديب :نبذه حول مصادر المياه الفلسطينية., مرجع سابق ،ص 33.

([25]) اليعقوبي، أحمد . عبد الغفور، ديب :نبذه حول مصادر المياه الفلسطينية, مرجع سابق، ص 33.

([26]) الموسى، شريف: المياه في المفاوضات العربية الإسرائيلية، مرجع سابق, ص 14.

 

([27]) سلامة ، ياسر :السياسة المائية الإسرائيلية وأثرها في الضفة الغربية"دراسة في الجغرافيا السياسية"،رسالة ماجستيرغير منشورة ،كلية الدراسات العليا،جامعة النجاح الوطنية،نابلس –فلسطين 2008:ص62.

([28]) شديد ،عمر : الأمن المائي الفلسطيني.. مرجع سابق .. ص 129

([29]) كعوش،فضل :  دراسة شاملة للجوانب القانونية والفنية حول طبيعة الانتهاكات الإسرائيلية لقانون المياه الدولي بشأن الحقوق المائية الفلسطينية في أحواض المياه المشتركة، ص 12. www.amad.ps   ،21/12/2013

([30]) شديد ،عمر : الأمن المائي الفلسطيني.. مرجع سابق .. ص 128.

([31]) سلامة ، ياسر :السياسة المائية الإسرائيلية وأثرها في الضفة الغربية"دراسة في الجغرافيا السياسية"،مرجع سابق ،ص 62.

([32]) كعوش ، مرجع سابق ، ص11.   

([33]) كعوش، مرجع سابق، ص 11.

([34]) اليعقوبي، أحمد . عبد الغفور، ديب :نبذه حول مصادر المياه الفلسطينية., مرجع سابق ، ص 23.

([35]) شديد ،عمر : الأمن المائي الفلسطيني.. مرجع سابق .. ص 140.

([36]) نفس المصدر، ص140.

([37]) كعوش، مرجع سابق ، ص 13.

([38]) Annual Water Status Report 2011, سلطة المياه الفلسطينية , ص 38.

([39])كعوش، مرجع سابق ، ص 13.

([40]) العرموطي خالد:دبلوماسية المياه "رؤية سياسية قانونية لمسألة المياه على حوض نهر الأردن "مطبعة الخدمات العربية ،1999ص69.

([41]) شديد،عمر: الأمن المائي الفلسطيني, مرجع سابق،ص177.

([42]) بني هاني، محمد.ندوة حول مصادرة إسرائيل للمياه العربية. مركز الدراسات المائية والأمن المائي العربي، جامعة الدول العربية، دمشق،(2006).

 ([43]) منظمة العفو الدولية

 Studies And Declarations made by International Non-Governmental Organizations.

http://www.fao.org/search/en/?

([44]) بني هاني، محمد.ندوة حول مصادرة إسرائيل للمياه العربية. مركز الدراسات المائية والأمن المائي العربي،مرجع سابق.

([45])http://www.palestinapedia.net/

الموسوعة الفلسطينية -وادي غزة.

([46])http://www.wafainfo.ps/atemplate.aspx?id=2401

مركز المعلومات الوطني الفلسطيني – وفا.

([47]) الموسوعة الفلسطينية -وادي غزة.

http://www.palestinapedia.net/

 

([48])الأوامر العسكرية الإسرائيلية التي أصدرتها السلطات الإسرائيلية بشأن المياه منذ عام 1967 - مركز المعلومات الوطني الفلسطيني – وفا http://www.wafainfo.ps/atemplate.aspx?id=8462.

([49]) الأرقام مستخلصة من الخريطة المرفقة بالمادة 40 من اتفاق أوسلو 2 الشكل رقم "(8) وهي من منشورات سلطة المياه الفلسطينية.

([50]) Selby, Jan. Cooperation, Domination and Colonization. The Israeli- Palestinian Joint Water Committee, department of International Relation, University Sussex, Brighton, UK: Volume 6 /Issue 1.2013

([51]) Annual Water Status Report 2011, سلطة المياه الفلسطينية , ص15                                       

(([52])  شديد ، عمر: الأمن المائي الفلسطيني.. مرجع سابق .. ص 140.

(([53])   نفس المصدر :ص141.

(([54])  نفس المصدر :ص136.

(([55])  العضايلة،عادل :الصراع على المياه في الشرق الأوسط (الحرب والسلام )، مرجع سابق، ص 158.

(([56])  العرموطي خالد:دبلوماسية المياه "رؤية سياسية قانونية لمسألة المياه على حوض نهر الأردن،  مرجع سابق، ص 93

([57]) شديد ،عمر : الأمن المائي الفلسطيني، مصدر سابق ،ص 171.

([58]) نفس المرجع،ص 179.

([59])شديد ،عمر : الأمن المائي الفلسطيني، مرجع سابق,ص180.

([60]) المياه في المفاوضات النهائية – موقع وزارة الخارجية الفلسطينيةhttp://www.mofa.pna.ps/

([61]) نفس المصدر.

([62]) سورة الأنبياء – الأية 30.

([63]) سورة النحل -الآية 11.

([64])غانم، إبراهيم البيومي: فقه إدارة وحماية بيئته في نظام الوقف الإسلامي ،المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية بمصر. وزارة الأوقاف - سلطنة عمان(2010)، ص1.

([65])غانم، إبراهيم البيومي: فقه إدارة وحماية بيئته في نظام الوقف الإسلامي ،..مرجع سابق ،ص5.

([66]) وليد ،خالد : الأمن الاسرائيلي في استراتيجيته الجديدة. منشورة على الرابط الالكتروني

 http://www1.alqudscenter.org/ar/activities/view/3247/

([67]) وليد ،خالد : الأمن الاسرائيلي في استراتيجيته الجديدة، مرجع سابق.

([68])- هشام عوكل، إدارة الأزمات الدولية،انظر في مدونته www.Hichamoukal.net.

 

([69]) Clemens Messerschmitt , and others ,Water {Values and Rights } Proceedings of the 2nd international conference on water values and rights held in Ramallah – Palestine , Palestine Academy press 2009 Germany , p 2.84.

([70])Clemens Messerschmitt , and others, Water {Values and Rights} Proceedings of the 2nd international conference on water values and rights held in Ramallah – Palestine , Palestine Academy press 2009 Germany,op,cit , p 2.89.

([71]) T. Kanti Saha , Legal Framework for Trans-Boundary Ground Water Resources for Sharing in Regions of Africa, Water Values and rights ,p 2.211

([72])The Helsinki Rules on the Uses of Waters of International Rivers-1966,Chapter two, article 5 ,item 2.

([73]) اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية للاستعمالات غير الملاحية لمياه المجاري الدولية 1997 -الجزء الثاني، الفصل السادس - النسخة العربية.

([74]) Hillel Shuval (Water Resources of the Middle East from Conflict to Cooperation) Verlg Vol.2.Springer, Dr. Christian witschel Jerusalim, 2007,page 9-10.

([75]) Hillel Shuval (Water Resources of the middle east from conflict to cooperation) op,cit,p 9-10.

[76] انظر المادة الثانية من الإتفاقية

([77])  الموسى ،شريف:  المياه في المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية...مرجع سابق... صفحة 58.

([78]) نفس المرجع.

([79]) عوكل ، هشام :  إدارة الأزمات الدولية....مرجع سابق .

([80]) عوكل ،هشام :  إدارة الأزمات الدولية....مرجع سابق.

([81]) شديد ،عمر : الأمن المائي الفلسطيني.. مرجع سابق .. ص 340.

([82])شديد ،عمر : الأمن المائي الفلسطيني.. مرجع ، سابق ، ص 213.

([83])عوكل ،هشام :  إدارة الأزمات الدولية،مرجع سابق.

([84])عوكل ،هشام :  إدارة الأزمات الدولية، مرجع سابق.

([85]) كعوش،فضل: سقطت الذرائع الإسرائيلية بشأن الحقوق المائية الفلسطينية ،الكرامة برس ،22/12/2012.

 

([86]) http://www.alburayj.com/

([87]) البند 11 من اتفاقية اعلان المبادئ.

([88]) الملحق الثالث بروتوكول حول التعاون الإسرائيلي- الفلسطيني في البرامج الاقتصادية والتنموية.

([89]) انظر نص الإتفاقية

([90]) انظر الملحق 3 من بوتوكول الشئون المدنية ، المادة 40في اتفاقية (اوسلو2).

([91]) انظر البند السابع من المادة 40 اتفاقية طابا (اوسلو2)

([92]) سلامة ، ياسر :السياسة المائية الإسرائيلية وأثرها في الضفة الغربية"دراسة في الجغرافيا السياسية"،مرجع سابق ،ص75.

([93]) العضايلة،عادل :الصراع على المياه في الشرق الأوسط (الحرب والسلام )،مرجع سابق ،ص243.

([94]) كعوش،فضل: سقطت الذرائع الإسرائيلية بشأن الحقوق المائية الفلسطينية ،الكرامة برس ،22/12/2012.

([95])كعوش،فضل: سقطت الذرائع الإسرائيلية بشأن الحقوق المائية الفلسطينية، مرجع سابق.

([96]) نفس المرجع .

([97])كعوش،فضل: سقطت الذرائع الإسرائيلية بشأن الحقوق المائية الفلسطينية، مرجع سابق.

([98]) أوسلو والاتفاقيات الفلسطينية-الإسرائيلية / الموسوعة الفلسطينية.منشور على الرابط الالكتروني

 http://www.palestinapedia.net /

 

([99])كعوش،فضل: سقطت الذرائع الإسرائيلية بشأن الحقوق المائية الفلسطينية ،الكرامة برس ،22/12/2012.

.

([100]) تقرير EWASH وهي ائتلاف من المظمات العاملة في الأراضي الفلسطينية المحتلة في مجال المياه والصرف الصحي والصحة. http://www.ewash.org/en/arabic.php?sub_id=23

([101])  نفس المرجع

([102])كعوش،فضل : سقطت الذرائع الإسرائيلية بشأن الحقوق المائية الفلسطينية،مرجع سابق ..

 تمت الإشارة فيه  الى دراسة بحثية أعدها خبراء مياه بتمويل من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي UNDP 2005.

[103] (مركز المعلومات الوطني الفلسطيني – وفا) [email protected]

           

([104]) جي.أ.ألن وشبلي ملاط.المياه في الشرق الأوسط. منشورات وزارة الثقافة السورية. دمشق. 1997 ، ص395.

([105]) نفس المرجع، ص225.

([106])المدهون،نافذ : الوجيز في القانون الدولي ، منشورات الجامعة الإسلامية، غزة – فلسطين، 2010.

([107]) منظمة العفو الدولية، STUDIES AND DECLARATIONS MADE BY INTERNATIONAL NON-GOVERNMENTAL ORGANIZATION، op,cit.

([108])منظمة العفو الدولية، STUDIES AND DECLARATIONS MADE BY INTERNATIONAL NON-GOVERNMENTAL ORGANIZATION، مرجع سابق ، اعلان مدريد، 1911، المادة الثانية، البند الأول.

([109]) المصدر السابق، اعلان مدريد، 1911، المادة الثانية، البند السادس.

([110]) معهد القانون الدولي (IIL-International Institute of Law)، هو مؤسسة غير حكومية تم تأسيسه في عام 1873 في بروكسل و هو يتخصص في مجالات القانون الدولي، وتتم العضوية فيه بالاختيار والدعوة و الاختيار، ويتبني المعهد مشاريع قرارات وقوانين بهدف تدوين القانون الدولي وهذه التوصيات ومشاريع القرارات غير ملزمة قانونياً حيث يتم التعامل معها بشكل استرشادي، وهذا يختلف عن الاتفاقات الإطارية والثنائية التي تعتبر ملزمة قانونياً حيث إن الدول توقع عليها وتصادق عليها أيضاً ,ولكن التوصيات والقوانين ومشاريع القرارات التي تتبناها المنظمات غير الحكومية تقي مرجعية قانونية في مجالس القضاء الدولي كونها تدوين للقوانين العرفية التي سادت لوقت طويل، وكذلك لأنها تعكس خبرة واحترام أعضاء المنظمتين وتظل جزءاً من التراث القانوني الدولي والفقه الدولي.

([111]) جمعية (اتحاد) القانون الدولي (ILA-International Law Association)، هو مؤسسة غير حكومية تم تأسيسه في عام 1873 في بروكسل و هو يتخصص في مجالات القانون الدولي، وتكون العضوية فيه لكل المحامين الدوليين بالتزكية والتوصية، ويتبني المعهد مشاريع قرارات وقوانين بهدف تدوين القانون الدولي.

([112]) M.A.Salman, Salman. Water Resources Development Vol.23, No.4, World Bank, December 2007, pp 625-64.

[113] أنظر نص قواعد هلسنكي لعام 1966

([114])انظر ،  قانون مصادر المياه، مؤتمر برلين 2004- جمعية القانون الدولي

 ([115])Salman M.A.Salman, The world bank, Washington DC VSA, World bank legal vice presidency, 2007.

([116]) Ibid

[117] انظر نص الأتفاقية

([118])كعوش، مرجع سابق ، ص1

([119]) انظر المادة رقم (1) من الاتفاقية.

([120])كعوش ، مرجع سابق ، ص7

([121]) انظر المادة رقم (2)من الاتفاقية.

([122]) انظر المادة رقم (6)من الاتفاقية.

[123] انظر المادة رقم (6)من الاتفاقية

([124]) انظر المادة رقم (7)من الاتفاقية.

([125]) انظر المادة رقم (8)من الاتفاقية.

([126])يستعمل مصطلح " قواعد هلسنكي" في الأدبيات القانونية ذات العلاقة تعبيرا عن القواعد الواردة في اتفاقية هلسنكي لإستعمال مياه الأنهار الدولية 1966، وهي عبارة عن ستة فصول ، تشمل 23 مادة تنظم قضايا الأحواض (الأنهار) التي تشمل المياه السطحية، وكذلك المياه الجوفية المرتبطة بها، وقد تبناها اتحاد القانون الدولي في مؤتمره الثاني والخمسون المعقد في هلسنكي في أغسطس 1966.

 

([127]) انظر البند الأول من اتفاقية هلسنكي1966.

([128]) كعوش، فضل. "إسرائيل: لم تعد توجد مياه لتقاسمها مع الفلسطينيين ".وكالة سما الإخبارية.27/12/2013 http://samanews.com/ar/index.php?act=post&id=182826.

([129]) عبد الفتاح القلقيلي.منظمة التحرير الفلسطينية والأمم المتحدة.مركز بديل

. http://www.badil.org/haq-alawda/item/1528-art-04#

([130]) انظر نص قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 66/225 والصادر بتاريخ 22 ديسمبر2011م في الدورة السادسة والستين.

([131]) انظر ديباجة قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 66/225 والصادر بتاريخ 22 ديسمبر2011م في الدورة السادسة والستين.

([132]) انظر قرار المجلس الإقتصادي والإجتماعي التابع للأمم المتحدة  رق 41/2011 بعنوان" الإنعكاسات الإقتصادية والإجتماعيةللإحتلال الاسرائيلي على الأحوال المعيشية للشعب الفلسطيني في الأراضي الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس الشرقية والسكان العرب في الجولان السوري المحتل، الدورة 49 بتاريخ 25 يوليو 2011.

([133]) انظر نص  العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية السياسية الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 26 ديسمبر 1966 برقم 2200

([134]) انظر المادة 40 من اتفاقية طابا ( أوسلو2)

([135]) صباريني، غازي حسين.الوجيز في مبادئ القانون الدولي العام.دار الثقافة للنشروالتوزيع، 2005، الأردن.ص299.

([136]) المرجع السابق ، ص 335-337

([137])  مصطفى أبو الخير: التعويض عن الاحتلال في القانون الدولي

 الجمعية الفلسطينية لحقوق الإنسان/ العدد بتاريخ 11/1/2013، 

([138])الموسى، شريف : الموسا، شريف : المياه في المفاوضات العربية الإسرائيلية  ،مرجع سابق, ص 80.

([139]) الطائي، عادل أحمد:. القانون الدولي العام. ط2، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان- الأردن  2010، ص 291.

وقد نصت المادة (30)من مشروع معاهدة مسؤولية الدول على أنه " على الدولة المسؤولة عن الفعل غير المشروع دوليا بأن تكف عن العمل إن كان مستمرا.

([140])المرجع السابق، ص 293.   نقلا عن: تقرير لجنة القانون الدول عن أعمال الدورة (45)منشورا في حولية اللجنة (1993) المجلد الثاني، الجزء الثاني (النص العربي) ص (123)

([141]) المرجع السابق، ص299.

([142]) أبو الخير , السيد مصطفى.حق اللاجئين الفلسطينيين في التعويض في القانون الدولي – مرجع سابق".

([143])نفس المرجع.

([144]) انظر نص القرار194.

([145])أبو الخير ،حق اللاجئين الفلسطينيين في التعويض في القانون الدولي "..مرجع سابق.

([146]) كعوش،فضل : سقطت الذرائع الإسرائيلية بشأن الحقوق المائية الفلسطينية ،مرجع سابق .

([147]) نفس المرجع
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف