معادلة "طلعت ريحتكم"
31-8-2015
بقلم : حمدي فراج
حققت المظاهرات الاحتجاجية اللبنانية التي نظمت مؤخرا في بيروت والتي ادرجت تحت شعار "طلعت ريحتكم" نجاحا ملحوظا في العدد والعدة ، وكانت القشة هذه المرة التي قصمت ظهر البعير ، متعلقة بأكوام القمامة التي تراكمت في شوارع المدينة الجميلة ، فانتزعت ، كل منحى جمالي ، و خلّقت لدى البيروتيين خصوصا ، واللبنانيين عموما ، شعورا عاليا بالمهانة والصغار والاحتقار ، وكأنهم وحدهم دون غيرهم من يخرجون فضلات ويخلّفون قمامة وقاذورات .
ورغم ان العديد من المثقفين العرب ، حذر من مغبة ربط النضال الشعبي اللبناني ، بهكذا موضوع تحقيري توسيخي تزبيلي ، الا ان الجماهير لم تأبه بذلك ، وكان جل همها ان تثور ، بغض النظر عن المحرك والباعث ، فهناك عشرات القضايا الجوهرية العالقة التي يعاني منها المواطن اللبناني منذ عشرات السنين ، دون ان تجد لها حلا حقيقيا ، ومن بينها انتخاب رئيسا لهم ، لعذر اشد قبحا من الذنب ، متعلق بموافقة السعودية عليه .
لقد كان لاختيار الشعار "طلعت ريحتكم" الاثر الاكبر في نزول الناس الى الشارع ، رغم ملاحظة غياب الاحزاب عن هذه التظاهرات في البداية . كان الشعار واضحا صارخا فاضحا ، قصيرا بكلمتين ، مفهوما (بالعامية) ، بحيث لا يتعذر على الجماهير الشعبية فهمه وهضمه ، وبالقدر الذي نجح في ان يلف هذه الجماهير من حوله ، نجح في استثارة الاستفزاز لدى الحكومة ومكوناتها ومقوماتها ، ولهذا سرعان ما ذهبت لقمع المتظاهرين بشدة ، اسفرت عن جرحى بالعشرات .
لقد شعرت هذه الجماهير ، بهذا الشعار الصارخ ، انها ليست امام حالة تجميلية او تكتيكية او سياسية ديبلوماسية تذر مزيدا من الرماد في عيونها ، ولهذا شعرت انه يمثلها وتتماثل به ، وانه شمولي غير تجزيئي ، لا يستثني هذه الجهة او تلك .
وبالتأكيد ، فإن هذه الجماهير العريضة ، تدرك ان معركتها قد ابتدأت ، وان شعارها "طلعت ريحتكم" لا يقتصر على اكوام القمامة ، التي سرعان ما ذهبت الحكومة لرفعها ونقلها والتخلص منها ، لآن الجماهير تدرك انها يجب ان تتصدى للأسباب ، لا للنتائج ، لمكامن انبعاث الرائحة الكريهة ، لا للمكرهة او للكومة ، للمستنقع الاسن ، لا للمستنقعين ، الذي استمرى قادة لبنان العروج عليه واستسهلوا المكوث فيه .
ان الطائفية في لبنان ، هي هذا المستنقع ، وهي التي مزقت نسيج هذا الشعب العريق عدة مرات ، وهي التي تقف وراء معظم مشاكله المفتعلة ، بما في ذلك عدم التمكن من انتخاب رئيس ماروني ، ومسلم سني للوزراء ، ومسلم شيعي للبرلمان ، وهي بالتالي المسؤولة عن تفشي الفساد في البلاد والزبالة في الشوارع . بل هي المسؤولة عن تفشي كل ادران الفكر الاصولي التكفيري الاجرامي في بلادنا . الا اذا اعتقد البعض ان زبالة الشوارع أكثر خطرا من داعش واضرابها .
بقلم : حمدي فراج
حققت المظاهرات الاحتجاجية اللبنانية التي نظمت مؤخرا في بيروت والتي ادرجت تحت شعار "طلعت ريحتكم" نجاحا ملحوظا في العدد والعدة ، وكانت القشة هذه المرة التي قصمت ظهر البعير ، متعلقة بأكوام القمامة التي تراكمت في شوارع المدينة الجميلة ، فانتزعت ، كل منحى جمالي ، و خلّقت لدى البيروتيين خصوصا ، واللبنانيين عموما ، شعورا عاليا بالمهانة والصغار والاحتقار ، وكأنهم وحدهم دون غيرهم من يخرجون فضلات ويخلّفون قمامة وقاذورات .
ورغم ان العديد من المثقفين العرب ، حذر من مغبة ربط النضال الشعبي اللبناني ، بهكذا موضوع تحقيري توسيخي تزبيلي ، الا ان الجماهير لم تأبه بذلك ، وكان جل همها ان تثور ، بغض النظر عن المحرك والباعث ، فهناك عشرات القضايا الجوهرية العالقة التي يعاني منها المواطن اللبناني منذ عشرات السنين ، دون ان تجد لها حلا حقيقيا ، ومن بينها انتخاب رئيسا لهم ، لعذر اشد قبحا من الذنب ، متعلق بموافقة السعودية عليه .
لقد كان لاختيار الشعار "طلعت ريحتكم" الاثر الاكبر في نزول الناس الى الشارع ، رغم ملاحظة غياب الاحزاب عن هذه التظاهرات في البداية . كان الشعار واضحا صارخا فاضحا ، قصيرا بكلمتين ، مفهوما (بالعامية) ، بحيث لا يتعذر على الجماهير الشعبية فهمه وهضمه ، وبالقدر الذي نجح في ان يلف هذه الجماهير من حوله ، نجح في استثارة الاستفزاز لدى الحكومة ومكوناتها ومقوماتها ، ولهذا سرعان ما ذهبت لقمع المتظاهرين بشدة ، اسفرت عن جرحى بالعشرات .
لقد شعرت هذه الجماهير ، بهذا الشعار الصارخ ، انها ليست امام حالة تجميلية او تكتيكية او سياسية ديبلوماسية تذر مزيدا من الرماد في عيونها ، ولهذا شعرت انه يمثلها وتتماثل به ، وانه شمولي غير تجزيئي ، لا يستثني هذه الجهة او تلك .
وبالتأكيد ، فإن هذه الجماهير العريضة ، تدرك ان معركتها قد ابتدأت ، وان شعارها "طلعت ريحتكم" لا يقتصر على اكوام القمامة ، التي سرعان ما ذهبت الحكومة لرفعها ونقلها والتخلص منها ، لآن الجماهير تدرك انها يجب ان تتصدى للأسباب ، لا للنتائج ، لمكامن انبعاث الرائحة الكريهة ، لا للمكرهة او للكومة ، للمستنقع الاسن ، لا للمستنقعين ، الذي استمرى قادة لبنان العروج عليه واستسهلوا المكوث فيه .
ان الطائفية في لبنان ، هي هذا المستنقع ، وهي التي مزقت نسيج هذا الشعب العريق عدة مرات ، وهي التي تقف وراء معظم مشاكله المفتعلة ، بما في ذلك عدم التمكن من انتخاب رئيس ماروني ، ومسلم سني للوزراء ، ومسلم شيعي للبرلمان ، وهي بالتالي المسؤولة عن تفشي الفساد في البلاد والزبالة في الشوارع . بل هي المسؤولة عن تفشي كل ادران الفكر الاصولي التكفيري الاجرامي في بلادنا . الا اذا اعتقد البعض ان زبالة الشوارع أكثر خطرا من داعش واضرابها .