الأمن و الطبيعة
في الغردقة .. هل بدأوا في التأكل !!
كتب / وائل المهدي
أي بلد أو مدينة تريد أن تضع أسمها علي الخريطة السياحية العالمية يجب أن يكون لديها ركائز و مقومات أساسية و أهمها الأمن ثم الطبيعة ، و إن كان الأمن في المقدمة لأن في وجوده يكون الاستقرار و البناء ، و بدونه لا إستقرار و لا عمار حتي و لو وجدت بقية المقومات و منها الطبيعية الربانية و الثروة الطبيعية .
و مدينة الغردقة أنعم الله عليها بطبيعة ربانية خلابة من خلال موقعها الفريد المتميز المحتضن بين سلسلة جبلية و ساحل البحر و ما يحتويه من جزر متعددة و شعاب مرجانية غنية بالأسماك النادرة الأشكال و الألوان ، بالإضافة للطقس المتميز و شمس الشتاء الدافئة و الطقس الجاف الذي ميز مدينة الغردقة عن بقية محافظات مصر و كذلك ميزها عن بقية مدن العالم ، فكانت محط أنظار العالم و صارت قبلة لكل من يهوي الغوص و عالم البحار و الهدوء و لكل من يفتقد دفء الشمس في الشتاء .
و لكن دائما اليد البشرية تفسد الطبيعة اذا زادت إستخدامها ، مع تزايد النشاط العمراني و بناء القري و المنتجعات السياحية علي شواطيء مدينة الغردقة و هذا كان أول خطأ في حق الطبيعة و هو البناء في حرم البحر و علي الشواطيء مباشرة ، لدرجة انهم قاموا بردم مساحات كبيرة من البحر ليقيموا عليها الفنادق و القرى السياحية و يعد ذلك جريمة في حق الطبيعية نتج عنها موت و تدمير للبيئة البحرية علي ساحل مدينة الغردقة ، و تلاها بعد ذلك زيادة في حركة الأنشطة البحرية في الجزر و فوق الشعب المرجانية و ادي ذلك لتدمير كثير من الشعب المرجانية التي تحيط بالجزر التي هي مزار للسياح الأجانب و بذلك تأكلت و فقدنا جزء كبير من الطبيعة التي هي رأس مال مدينة الغردقة و التى يتم الدعاية و التسويق لها سياحيا من خلالها .
و كذلك أنعم الله عليها بنعمة الأمن و الأمان ، فكانت الغردقة منذ ثلاثة عقود و مع بداية نهضتها السياحية لا يوجد بها غير مواطنيها الأصليين و الود و المحبة كانت متبادلة فيما بينهم ، و الكثافة السكانية فيها كانت منخفضة لدرجة أن سكان مدينة الغردقة كانوا يعرفون بعضهم جيدا ، أفراحهم كانت واحدة و أيضاً أحزانهم واحدة ، بالإضافة لجهود رجال الأمن فيها الذين لم يألوا جهدا في الحفاظ على الأمن و استقرار مدينة الغردقة.
و مع تزايد الرقعة العمرانية و السياحية صارت الغردقة جاذبة للعمالة الوافدة من محافظات أخري و كان لهم دور رائع في بناء مدينة الغردقة الحديثة ، لكن أيضا الخارجين عن القانون و أصحاب السوابق و الهاربين من الأحكام الجنائية استغلوا تشجيع و ترغيب الشباب للعمل في الغردقة و فتح أبوابها لكل القادمين من محافظات أخري و جعلوها بؤرة جديدة لهم للهروب اليها و ممارسة إجرامهم فيها .
فتزايدت حوادث السرقة و النصب و القتل و زادت معدل الجريمة عموما بعد أن كانت الغردقة مثالا للأمن و الأمان ، و بالتالي ضاعف رجال الأمن من جهودهم في أحكام سيطرتهم على معدل الجريمة ، و تم إصدار قرار بمنع دخول أي مواطن لمدينة الغردقة إلا إذا كان يحمل إقامة دائمة أو من العاملين فيها مع تقديم ما يثبت ذلك ، و كان ذلك قرار صائب لأن من يأتي الغردقة يأتي للعمل و إذا كان ليس لديه عمل فيها فلا داعي لتواجده ، و نتيجة ذلك القرار تم القبض و ترحيل المئات من الهاربين من الأحكام و المسجلين خطر و كذلك ترحيل كل العاطلين و من ليس لديهم عمل أو سبب لتواجده قي الغردقة و استعادة مدينة الغردقة الأمن نوعا ما بعدما انخفضت معدل الجريمة .
و لكن بعد أحداث 25 يناير و حالة الإنفلات الأمني التي شهدتها مصر تم الغاء القرار و عادت الغردقة لتكون قبلة للمجرمين و الخارجين عن القانون و زادت فيها جرائم السرقة و النصب و الدعارة ، لدرجة أن المجرمين لم يستهدفوا المواطنين و سكان مدينة الغردقة فقط و إنما إجرامهم وصل للسياح الأجانب ، فكثير منهم تعرض للسرقة و التحرش .
و رغم جهود رجال الأمن و إنتشار الكمائن الأمنية سواء المتحركة و الثابتة إلا أنهم لم يسيطروا علي معدل الجريمة المتزايد ، و علي سبيل المثال زادت حالات سرقة المنازل و الشقق السكنية و لم يستطيع رجال الأمن أن يقبضوا علي حرامي متلبس بالسرقة و هذا طبيعي لأنه لا يمكن تعيين شرطي في كل منزل لحراسته ، و إنما المواطنين هم من يقوموا بالقبض علي الحرامية و بعدها يتم استدعاء الشرطة للقبض عليهم ، و نتيجة نقص في الإجراءات أو استغلال ثغرات قانونية يتم إخلاء سبيل هؤلاء من النيابة و يعودوا مرة أخرى لممارسة نشاطهم الإجرامي و ذلك ينطبق علي جرائم الدعارة و المخدرات .
و كما قالوا الوقاية خير من العلاج لذلك يجب أن يتم إعادة النظر في تفعيل و تطبيق قرار منع دخول الأفراد لمدينة الغردقة إلا للمقيمين فيها إقامة دائمة أو من لديه عمل مع مراعاة البعد الإنساني أثناء تطبيق القرار ، و ذلك حفاظا علي الأمن فيها و علي صناعة السياحة و ايضا حفاظا علي مجهود رجال الشرطة و عدم إنهاكهم و جعلهم كأنهم يحرثون في البحر ، يجب اتخاذ كافة التدابير اللازمة للمحافظة على أهم مقومات السياحة في مدينة الغردقة فلا نريد أن تتأكل ركيزة الأمن و تضعف كما تأكلت الطبيعة في مدينة الغردقة .
في الغردقة .. هل بدأوا في التأكل !!
كتب / وائل المهدي
أي بلد أو مدينة تريد أن تضع أسمها علي الخريطة السياحية العالمية يجب أن يكون لديها ركائز و مقومات أساسية و أهمها الأمن ثم الطبيعة ، و إن كان الأمن في المقدمة لأن في وجوده يكون الاستقرار و البناء ، و بدونه لا إستقرار و لا عمار حتي و لو وجدت بقية المقومات و منها الطبيعية الربانية و الثروة الطبيعية .
و مدينة الغردقة أنعم الله عليها بطبيعة ربانية خلابة من خلال موقعها الفريد المتميز المحتضن بين سلسلة جبلية و ساحل البحر و ما يحتويه من جزر متعددة و شعاب مرجانية غنية بالأسماك النادرة الأشكال و الألوان ، بالإضافة للطقس المتميز و شمس الشتاء الدافئة و الطقس الجاف الذي ميز مدينة الغردقة عن بقية محافظات مصر و كذلك ميزها عن بقية مدن العالم ، فكانت محط أنظار العالم و صارت قبلة لكل من يهوي الغوص و عالم البحار و الهدوء و لكل من يفتقد دفء الشمس في الشتاء .
و لكن دائما اليد البشرية تفسد الطبيعة اذا زادت إستخدامها ، مع تزايد النشاط العمراني و بناء القري و المنتجعات السياحية علي شواطيء مدينة الغردقة و هذا كان أول خطأ في حق الطبيعة و هو البناء في حرم البحر و علي الشواطيء مباشرة ، لدرجة انهم قاموا بردم مساحات كبيرة من البحر ليقيموا عليها الفنادق و القرى السياحية و يعد ذلك جريمة في حق الطبيعية نتج عنها موت و تدمير للبيئة البحرية علي ساحل مدينة الغردقة ، و تلاها بعد ذلك زيادة في حركة الأنشطة البحرية في الجزر و فوق الشعب المرجانية و ادي ذلك لتدمير كثير من الشعب المرجانية التي تحيط بالجزر التي هي مزار للسياح الأجانب و بذلك تأكلت و فقدنا جزء كبير من الطبيعة التي هي رأس مال مدينة الغردقة و التى يتم الدعاية و التسويق لها سياحيا من خلالها .
و كذلك أنعم الله عليها بنعمة الأمن و الأمان ، فكانت الغردقة منذ ثلاثة عقود و مع بداية نهضتها السياحية لا يوجد بها غير مواطنيها الأصليين و الود و المحبة كانت متبادلة فيما بينهم ، و الكثافة السكانية فيها كانت منخفضة لدرجة أن سكان مدينة الغردقة كانوا يعرفون بعضهم جيدا ، أفراحهم كانت واحدة و أيضاً أحزانهم واحدة ، بالإضافة لجهود رجال الأمن فيها الذين لم يألوا جهدا في الحفاظ على الأمن و استقرار مدينة الغردقة.
و مع تزايد الرقعة العمرانية و السياحية صارت الغردقة جاذبة للعمالة الوافدة من محافظات أخري و كان لهم دور رائع في بناء مدينة الغردقة الحديثة ، لكن أيضا الخارجين عن القانون و أصحاب السوابق و الهاربين من الأحكام الجنائية استغلوا تشجيع و ترغيب الشباب للعمل في الغردقة و فتح أبوابها لكل القادمين من محافظات أخري و جعلوها بؤرة جديدة لهم للهروب اليها و ممارسة إجرامهم فيها .
فتزايدت حوادث السرقة و النصب و القتل و زادت معدل الجريمة عموما بعد أن كانت الغردقة مثالا للأمن و الأمان ، و بالتالي ضاعف رجال الأمن من جهودهم في أحكام سيطرتهم على معدل الجريمة ، و تم إصدار قرار بمنع دخول أي مواطن لمدينة الغردقة إلا إذا كان يحمل إقامة دائمة أو من العاملين فيها مع تقديم ما يثبت ذلك ، و كان ذلك قرار صائب لأن من يأتي الغردقة يأتي للعمل و إذا كان ليس لديه عمل فيها فلا داعي لتواجده ، و نتيجة ذلك القرار تم القبض و ترحيل المئات من الهاربين من الأحكام و المسجلين خطر و كذلك ترحيل كل العاطلين و من ليس لديهم عمل أو سبب لتواجده قي الغردقة و استعادة مدينة الغردقة الأمن نوعا ما بعدما انخفضت معدل الجريمة .
و لكن بعد أحداث 25 يناير و حالة الإنفلات الأمني التي شهدتها مصر تم الغاء القرار و عادت الغردقة لتكون قبلة للمجرمين و الخارجين عن القانون و زادت فيها جرائم السرقة و النصب و الدعارة ، لدرجة أن المجرمين لم يستهدفوا المواطنين و سكان مدينة الغردقة فقط و إنما إجرامهم وصل للسياح الأجانب ، فكثير منهم تعرض للسرقة و التحرش .
و رغم جهود رجال الأمن و إنتشار الكمائن الأمنية سواء المتحركة و الثابتة إلا أنهم لم يسيطروا علي معدل الجريمة المتزايد ، و علي سبيل المثال زادت حالات سرقة المنازل و الشقق السكنية و لم يستطيع رجال الأمن أن يقبضوا علي حرامي متلبس بالسرقة و هذا طبيعي لأنه لا يمكن تعيين شرطي في كل منزل لحراسته ، و إنما المواطنين هم من يقوموا بالقبض علي الحرامية و بعدها يتم استدعاء الشرطة للقبض عليهم ، و نتيجة نقص في الإجراءات أو استغلال ثغرات قانونية يتم إخلاء سبيل هؤلاء من النيابة و يعودوا مرة أخرى لممارسة نشاطهم الإجرامي و ذلك ينطبق علي جرائم الدعارة و المخدرات .
و كما قالوا الوقاية خير من العلاج لذلك يجب أن يتم إعادة النظر في تفعيل و تطبيق قرار منع دخول الأفراد لمدينة الغردقة إلا للمقيمين فيها إقامة دائمة أو من لديه عمل مع مراعاة البعد الإنساني أثناء تطبيق القرار ، و ذلك حفاظا علي الأمن فيها و علي صناعة السياحة و ايضا حفاظا علي مجهود رجال الشرطة و عدم إنهاكهم و جعلهم كأنهم يحرثون في البحر ، يجب اتخاذ كافة التدابير اللازمة للمحافظة على أهم مقومات السياحة في مدينة الغردقة فلا نريد أن تتأكل ركيزة الأمن و تضعف كما تأكلت الطبيعة في مدينة الغردقة .