الأخبار
سرايا القدس تستهدف تجمعاً لجنود الاحتلال بمحيط مستشفى الشفاءقرار تجنيد يهود (الحريديم) يشعل أزمة بإسرائيلطالع التشكيل الوزاري الجديد لحكومة محمد مصطفىمحمد مصطفى يقدم برنامج عمل حكومته للرئيس عباسماذا قال نتنياهو عن مصير قيادة حماس بغزة؟"قطاع غزة على شفا مجاعة من صنع الإنسان" مؤسسة بريطانية تطالب بإنقاذ غزةأخر تطورات العملية العسكرية بمستشفى الشفاء .. الاحتلال ينفذ إعدامات ميدانية لـ 200 فلسطينيما هي الخطة التي تعمل عليها حكومة الاحتلال لاجتياح رفح؟علماء فلك يحددون موعد عيد الفطر لعام 2024برلمانيون بريطانيون يطالبون بوقف توريد الأسلحة إلى إسرائيلالصحة تناشد الفلسطينيين بعدم التواجد عند دوار الكويتي والنابلسيالمنسق الأممي للسلام في الشرق الأوسط: لا غنى عن (أونروا) للوصل للاستقرار الإقليميمقررة الأمم المتحدة تتعرضت للتهديد خلال إعدادها تقرير يثبت أن إسرائيل ترتكبت جرائم حربجيش الاحتلال يشن حملة اعتقالات بمدن الضفةتركيا تكشف حقيقة توفيرها عتاد عسكري لإسرائيل
2024/3/28
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

كم جيلا يحتاج الفلسطينيون لاعادة التوازن الثوري؟!بقلم:ابتسام اسكافي

تاريخ النشر : 2015-08-30
كم جيلا يحتاج الفلسطينيون لاعادة التوازن الثوري؟!بقلم:ابتسام اسكافي
كم جيلا يحتاج الفلسطينيون لاعادة التوازن الثوري؟!

ابتسام اسكافي

الاوضاع في فلسطين انقلبت راسا على عقب، بخلاف ايام المد الثوري الذي استحضر فلسطينيا عبر مراحل تاريخية ابرزها ثورة 36، والانتفاضة الاولى وغيرها من المحطات التي شكلت مداً اولياً يصعد احيانا ويهبط احيانا اخرى. لكنها اليوم تراجعت إلى ادنى مستوياتها التي لا امل في عودتها في القريب رغم وجود بعض المحاولات الفردية التي تاتي كرد فعل وليس كفعل منتظم في اطاره العام.

اليوم يعيش الشعب الفلسطيني حالة من المد والجزر العشوائي الفردي بين الاحلام والواقع، بين القدرات وقلة الحيلة، بين الفساد والاستقامة، بين مسار المداهنة السياسية ومسار الثورات والانتفاضات الماضية، بين الخطاب الشعبوي والخطاب الثوري المفقود لقضية ما زالت تختلف في أنموذجها عن بقية النماذج السابقة في كونها قضية هوية تقاوم جميع أشكال الاستبداد الداخلي والخارجي.

فاذا ما نظرنا إلى الاسباب الداعمة لاستمرار المد الثوري فهي كثيرة ومتعددة ومتشعبة وتتشابه في بعض جوانبها مع احداث التاريخ الماضية فزمن الدولة العثمانية على سبيل المثال لا الحصر اغرق الناس بالقروض المالية للسلطة العثمانية فقد أصبحت الكثير من العائلات المدينية تحوز اقطاعات واسعة تمتد أحيانا لتشمل عدة قرى ليفتح هذا التطور المجال لبلورة طبقة إقطاعية لم تكن مصالحها تتوافق وتلتقي مع مصالح السلطنة، لكنها كانت ممزقة بالصراعات الداخلية وبعيدة كل البعد عن عالم الفقراء، اليوم نجد تلك الحالة فلسطينيا وان بشكل مختلف بصورته الخارجية ومسمياته السياسية، تطغى اليوم مصالح من يملك على مصالح من لا يملك، كذلك التسويات والتدخلات العربية والاسلامية لا زالت مستمرة حول القضية الفلسطينية والنماذج كثيرة، مع ذلك وغيره انقلبت بوصلة الشعب تجاه وطنه وساهم في وضع اسس ثورة 36، ليبدأ الإضراب لمدة ستة أشهر، حيث امتنع الناس عن تسديد الضرائب، واستمرت الصدامات وسرعان ما تشكلت لجان قومية أخرى وعمت الروح النضالية كافة المنطقة وجميع قطاعات الشعب، واستمرت عمليات الإغارة على المستعمرات اليهودية كرد طبيعي على مقتل الفلسطينيين. ولكن سياسة التخاذل العربية غيرت حساب الثورة، هذه الحالة استمرت مع احداث الانتفاضة الاولى التي لم يسطر التاريخ مثيلا لها حيث حل فيها اهم عنصر يوازن العمل الثوري وهو عنصر المساواة في الحقوق والواجبات، والعلاقة بين القائد والمواطن.

اليوم، نعاني فقدان عنصر المساواة حيث التغييرات الجذرية الحاصلة تضاف كعناصر ضعف وليس قوة للحالة الفلسطينية، فعلى صعيد عنصر الدولة فهي كغيرها من الدول تاخذ بالتراجع وفقدان الثقة من قبل الشعب، فعندما تتراجع قدرات الدولة كمؤسسات الى الوراء تحدث فراغا سياسيا واقتصاديا واجتماعيا يضاف إلى ضعف التعبئة والتنشئة السياسية الصحيحة للأجيال القادمة وهذه كانت مهمة الاحزاب الفلسطينية المفقودة والمنعية اليوم، حيث من المفترض ان تتمترس الاتحادات والأحزاب ومؤسسات التربية الوطنية عند الخطوط الاولى للقضية. لكن في ظل هذا التراجع التفكيكي فانه تم إحداث تركيب  من الناحية السياسية اهمه في طريقة التعامل مع المحتل وهي الطريقة المختلفة عن احداث التاريخ الفلسطيني كله وايضا حلول عنصر العولمة الذي ادى الى تدهور مكانة الدولة الوطنية واتساع وانتشار المنظمات غير الحكومية التي ترفع شعار حقوق الإنسان. ولذلك فإن ضعف الاحزاب المقاومة ومكانتها ومكانة الحكومات عند المواطنين أخذت تتراجع بشكل انزلاقي تاهت خلاله الثقة العامة ليقابله زيادة في فعاليات المنظمات غير الحكومية التي تتجاوز الحدود. ليحل التداخل بين الحقوق الوطنية والتحررية والحريات العامة والعولمة والاحتلال، وتاليا فقدان الاستقرار المؤسساتي والحزبي والثوري والتوازن الشعبي في التعامل مع تلك المجموعة السابقة.

 العنصر الاخر ذات الارتباط، يتمثل في كوننا تغيرنا في اسلوب تعاملنا مع المحتل مع ملاحظة  ان التطورات الحالية في ظل العولمة غيرت في الشكل الخارجي للاحتلال لكنها لم تغير من طبيعته الأساسية الاحتلالية الاستعمارية الجوهرية، لقد عجزنا امام العولمة وادواتها في ايجاد اسلوب للتعامل مع الاحتلال وفقدنا تحقيق التوازن بين الاحتياجات الاجتماعية والوطنية وتحقيق التكامل الاقتصادي واهمها التقارب الفكري لمواجهة المحتل فبات صد اعداد الفقراء المتزايد وكبح وجدانهم يحل محل استقطاب الفقراء واعادة الحياة إلى نفوسهم من اجل الوطن .  

تحفيز صوت المواطن حل محلة شراء صمته وصوته من اجل وظيفة، وهنا غاب عنصر التوازن الحقيقي وهو الانسان حيث بغيابه غاب عنصر الصراع الذاتي المنادي بضرورة التحرك من اجل حقوق اسمى واكبر من الوظيفة. فالثورة عملية صراع وتدافع مستمرة بين القديم والجديد، لكن الجديد ليس ببسيط على الرغم من مظهرة الخارجي المؤقت وغير الدائم، وحسن النية مع مؤسسات ما هو موجود لا ينفع وطنيا، لانه يبقينا في حالة تراجع ثوري منظم لا يقبل حسن النوايا، في وقت تزداد فيه قوة من يملكون حسن التخطيط والتكتيك المضاد. لتزيد القوى الثورية من تفتتها وتشرذمها، حيث فقدان التوازن في الاهداف ورؤاها، والقدرة على اختراقها وهو ما يحدث اليوم، حيث يحل محل التوازن تمدد للقوى السلطوية بشقيها الحكومي وغير الحكومي على حساب القوى الثورية التقدمية التي ترتضي لنفسها هذا الوضع حتى انها لا تحاول، استعادة سيطرتها على المؤسسات الدولانية، ولا تستخدم ادواتها التحررية ولا تسعى لحماية تاريخها وافرادها وهم ابناء الشعب ولا مستقبلهم. حتى باتت غير قادرة على وقف تشويه نفسها وهو التشويه الذي يمتد تلقائيا إلى تشويه الثورة ومكانتها وكل من يرتبط بها، لتتحول من قوة تحدث النظام والتوازن إلى قوى تكرس الفوضى وعدم الاستقرار. وهنا فالمد الثوري والفوضى يسيران في خطين متناقضين لا يلتقيان.

وحالة التوازن التي تحمل في طياتها الهدف الوطني ليست هي حالة التوازن الموجود اليوم حيث تتوازن تلك القوى تحت شعار "التعايش والعيش كما نحن إلى ابد الابدين" وما نراه اليوم ليس عملا وطنيا بل صفقات سياسية ظاهرا وباطنا غير مفهومة، حيث يحاول كل طرف تسجيل نقاط على الآخر.

اما الحسم الثوري، وخصوصا في الحالة الفلسطينية فهو مكلف وباهظ الثمن بشريا، يضاف اليه الانزلاق الداخلي القاتل حيث لم يعد ممكنا حساب الناجح من الخاسر وهي مرحلة يجب ان يتضح ويتمايز فيها العنوان الثوري، لحسم الصراع الداخلي كما الخارجي مع المحتل تحديدا.

كما هي الحالة، التي تستوجب كتابة عنوان المرحلة حيث لم يعد التفاوض أو المساومة، هو العنوان، بل الحسم والإنجاز. لاننا بحاجة إلى كتابة معادلات النصر لا الخسارة حتى ونحن في المنزلة الصفرية، ففلسطين لا تقبل القسمة على خمسة او اكثر.

التمهيد للاصالة الثورية مكلف وقلب الأوضاع رأساً على عقب باهظ جدا لكنها ليست ككلفة الرجعية السياسية والوطنية وليست ككلفة احتلال الوطن، وهنا من المؤكد ان اجيال فلسطين السابقة واللاحقة تحفظ العنوان الثوري بالفطرة لكنها فطرة بحاجة إلى تشكيل وطني يتطلب مدا فكريا لجيل شبابي كامل. قد يطول لكنه لا يقصر. 
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف