الأخبار
بلومبرغ: إسرائيل تطلب المزيد من المركبات القتالية وقذائف الدبابات من الولايات المتحدةانفجارات ضخمة جراء هجوم مجهول على قاعدة للحشد الشعبي جنوب بغدادالإمارات تطلق عملية إغاثة واسعة في ثاني أكبر مدن قطاع غزةوفاة الفنان صلاح السعدني عمدة الدراما المصريةشهداء في عدوان إسرائيلي مستمر على مخيم نور شمس بطولكرمجمهورية بربادوس تعترف رسمياً بدولة فلسطينإسرائيل تبحث عن طوق نجاة لنتنياهو من تهمة ارتكاب جرائم حرب بغزةصحيفة أمريكية: حماس تبحث نقل قيادتها السياسية إلى خارج قطرعشرة شهداء بينهم أطفال في عدة استهدافات بمدينة رفح"عملية بطيئة وتدريجية".. تفاصيل اجتماع أميركي إسرائيلي بشأن اجتياح رفحالولايات المتحدة تستخدم الفيتو ضد عضوية فلسطين الكاملة بالأمم المتحدةقطر تُعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بغزة.. لهذا السببالمتطرف بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ السجوننتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيران
2024/4/20
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

التغريبة السورية السنية .. مسؤولية من ؟ بقلم:د. معتز محمد زين

تاريخ النشر : 2015-08-30
التغريبة السورية السنية .. مسؤولية من ؟ بقلم:د. معتز محمد زين
التغريبة السورية السنية .. مسؤولية من ؟؟

يمكن لأي مراقب للأزمة السورية أن يلحظ وجود رغبة أو على الأقل قبول لدى العديد من القوى الإقليمية والدولية في إجراء تغيير جذري بالتركيبة السكانية للمنطقة يخدم مصالح وخطط وأهداف هذه القوى .. يتلخص هذا التغيير في خفض نسبة السكان السنة عبر التهجير من جهة ، والصمت الرهيب المريب عن قتلهم الجماعي الممنهج وتدمير مناطقهم وضرب البنى التحتية
لمدنهم من جهة أخرى ...

أربع سنوات عجاف تشهدها سوريا عموما ، ومناطق السنة خصوصا .. براميل الحقد الطائفي الساقطة على رؤوسهم ورؤوس أطفالهم لم تتوقف يوما على مرأى العالم أجمع .. أسواقهم تقصف .. مدارسهم تدمر .. مخابزهم تستهدف .. مصانعهم تفكك وتسرق .. منازلهم وحوانيتهم تنهب ويقام لها أسواق تسمى باسمهم .. يتحالف معظم العالم ضدهم ليضعهم
بين خيارين أحلاهما علقم .. إما العودة منكسرين إلى بيت الطاعة الأسدية ، أو الدخول مجبرين إلى عصور داعش الحجرية .. وعندما فشلوا في تثبيت واحد من الخيارين على الأرض وجعله أمرا واقعا ، لجأوا إلى الخيار الثالث الذي يحتاج لتحقيقه تغيير
التركيبة السكانية للمنطقة .. الأمر الذي يضع بعض الدول – وعلى رأسها تركيا ودول الخليج – أمام مسؤوليتها الأخلاقية من جهة وأمام تحقيق مصالحها الإستراتيجية التي يهددها هذا التغيير بشكل جدي وعميق من جهة أخرى ..

أمام هذا الواقع الضاغط إلى درجة الانفجار ، وأمام انسداد أفق إيجاد حل ينهي الأزمة السورية ، انقسم السكان في المناطق المحررة والمؤمنون بضرورة الثورة وحتمية استمرارها – وأنا هنا لا أتكلم عن المؤيدين للنظام – إلى قسمين .. قسم قرر الثبات والصمود والقتال دفاعا عن أرضه وأرض أجداده وتاريخه وثقافته مهما طال الزمن ومهما بلغت التضحيات .. وقسم لم يعد قادرا على مزيد من التحمل والصبر والصمود أمام جحود العالم وقذارة سياسييه فقرر الهجرة باحثا عن أرض تتوفر فيها أبسط احتياجات الإنسان من أمن وطعام وشراب ومأوى وكرامة .. هذه الهجرة تركت في المناطق المحررة فراغا من الفعاليات والكوادر العلمية والمهنية أحدثت خللا في بنية هذه المجتمعات وصعوبة في إدارتها وسد احتياجاتها التعليمية والمعاشية والتجارية والصناعية .. الأمر الذي دعا البعض إلى إلقاء اللوم على المهاجرين الذين تركوا مدنهم وقت الحاجة إليها وغادروها مفضلين مصالحهم ومصالح عوائلهم على مصلحة وطنهم ومدينتهم ومجتمعهم .. وهذه النقطة تحديدا هي الدافع لي لكتابة هذا المقال والتي تحتاج إلى إضاءة وتوضيح ..

في البداية ، لا يمكن لأحد أن يتردد للحظة واحدة في الإقرار بأن الفئة التي صمدت وقررت الثبات والدفاع عن أرضها وإعادة الحياة إليها رغم الموت الذي يحاصرها من كل جانب ، هي خلاصة الشجاعة والأصالة والإيمان والتحدي والإصرار .. إنهم شباب طاهر زرعوا أقدامهم في تراب بلدهم كأنها جذر شجرة رووها بعرقهم ودمائهم حتى باتت صلبة إلى الحد الذي فشلت معه حتى الآن رياح المؤامرات باقتلاعها رغم إغراءات الهجرة
وصعوبة البقاء ... هؤلاء – وبدون شك – هم حماة الأرض والعرض والكرامة والذين تدين بعض دول المنطقة لأقدامهم باستقرار بلادهم ووضع حد أمام زحف إيران الطائفي الرامي للسيطرة على المنطقة بأسرها ..

لكنني في الوقت ذاته لست مع إلقاء اللوم وتخوين الفئة التي قررت الهجرة والرحيل بحثا عن حياة أكثر أمنا ، ذلك أن الناس تتفاوت في ظروفها وإمكاناتها النفسية والمادية وقدرتها
على التحمل والتأقلم .. وقرار وقف أرتال المهاجرين يحتاج إلى فهم أسباب الهجرة ودوافعها ومن ثم إيجاد الحلول اللازمة لإيقافها ..

هناك ثلاثة أسباب رئيسية تقف وراء الهجرة المتزايدة من المناطق المحررة ..

1 – غياب الأمان في معظم تلك المناطق ، حيث يعمد
النظام وبشكل هادف إلى قصفها بشكل عشوائي وهمجي ومتكرر بالصواريخ والبراميل قاصدا قتل عدد كبير من المدنيين وإحداث أكبر قدر من الدمار في بيوتهم ومتاجرهم ومصادر رزقهم ، وضرب البنى التحتية في مناطقهم بهدف زرع الخوف في قلوب سكانها وتحويل مناطقهم إلى مناطق غير مستقرة وغير قابلة للحياة ..

2 - غياب الهيكل التعليمي في المناطق المحررة ، وعدم
وجود مدارس وجامعات معترف بها دوليا ، مما يعني بناء جيل غير متعلم وغير قادر على متابعة طموحه العلمي وتحصيله الدراسي ، ومعلوم أن المجتمع السوري عموما يهتم كثيرا
بمسألة التعليم ويعتبرها ضمانة مستقبلية لأولادهم ..

3 – عدم وجود إمكانات مادية كافية لدفع الحد الأدنى من رواتب الموظفين – في مختلف المجالات – واللازم لتأمين الاحتياجات اليومية للعائلة ، مما يعني توقف مؤسسات المجتمع المدني عن العمل وبالتالي شل الحياة المدنية في المناطق المحررة .

تشكل هذه العوامل الثلاثة الدافع الرئيسي لهجرة السنة المعارضين للنظام من المناطق المحررة ، ولا يمكن وقف شلال الهجرة السني إلا بإيجاد حلول لهذه العوامل .. وذلك من خلال وضع حد لعربدة النظام في سماء المناطق المحررة إما عبر إقامة مناطق عازلة حقيقية أو بتزويد الثوار بمضادات طيران قادرة على شل حركة الطيران الأسدي ، وإنشاء هيكل تعليمي وشبكة مدارس وجامعات معترف بها دوليا في المناطق المحررة ، وتأمين كفاية مادية قادرة بالحد الأدنى على تأمين رواتب الكوادر
العلمية والمهنية والإدارية التي تدير المناطق المحررة ...

هذه الحلول ليست ضمن طاقة الأفراد ، وإنما هي مهمة الدول المعنية بالحفاظ على التركيبة السكانية للمنطقة حفاظا على أمنها الداخلي ومصالحها الإستراتيجية التي يمكن أن تنهار في حال حدوث تغيير جذري في التركيبة السكانية ، ومهمة الهيئات السياسية الكبرى التي تدعي تمثيلها للثورة عبر الضغط على تلك الدول وحثها على تقديم الحلول السريعة لهذه المشاكل التي تدفع السنة للهجرة ..

أكرر وأقول .. أن تفهم هجرة البعض تحت ضغط الظروف وقلة الحيلة لا يعني أن هذا هو الخيار الأفضل ، وخاصة بالنسبة للشباب القادرين على حمل مسؤوليات الدفاع عن أرضهم وإعادة
الحياة إليها ، ففارق كبير بين من تشبث جسده بأرضه وتعلقت روحه بأشجارها وأنهارها وهوائها حتى أضحت مفارقة الأرض تعدل عنده مفارقة الروح للجسد ، فقرر أن يبذل من أجلها الدم والمال والوقت والحاضر وربما المستقبل ، وبين من ضعف أمام واقع صعب فقرر أن ينجو بجسده ولا أظنه ينجو بروحه .. سيحني التاريخ رأسه أمام الأول ويعرض بوجهه عن الثاني ..

د معتز محمد زين

30 / 8
/2015
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف