الأخبار
سرايا القدس تستهدف تجمعاً لجنود الاحتلال بمحيط مستشفى الشفاءقرار تجنيد يهود (الحريديم) يشعل أزمة بإسرائيلطالع التشكيل الوزاري الجديد لحكومة محمد مصطفىمحمد مصطفى يقدم برنامج عمل حكومته للرئيس عباسماذا قال نتنياهو عن مصير قيادة حماس بغزة؟"قطاع غزة على شفا مجاعة من صنع الإنسان" مؤسسة بريطانية تطالب بإنقاذ غزةأخر تطورات العملية العسكرية بمستشفى الشفاء .. الاحتلال ينفذ إعدامات ميدانية لـ 200 فلسطينيما هي الخطة التي تعمل عليها حكومة الاحتلال لاجتياح رفح؟علماء فلك يحددون موعد عيد الفطر لعام 2024برلمانيون بريطانيون يطالبون بوقف توريد الأسلحة إلى إسرائيلالصحة تناشد الفلسطينيين بعدم التواجد عند دوار الكويتي والنابلسيالمنسق الأممي للسلام في الشرق الأوسط: لا غنى عن (أونروا) للوصل للاستقرار الإقليميمقررة الأمم المتحدة تتعرضت للتهديد خلال إعدادها تقرير يثبت أن إسرائيل ترتكبت جرائم حربجيش الاحتلال يشن حملة اعتقالات بمدن الضفةتركيا تكشف حقيقة توفيرها عتاد عسكري لإسرائيل
2024/3/29
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

عنب بلدنا: الفن والأدب!بقلم:تحسين يقين

تاريخ النشر : 2015-08-30
عنب بلدنا: الفن والأدب!بقلم:تحسين يقين
عنب بلدنا: الفن والأدب!

إهداء إلى روح والدي الحاج يقين  

تحسين يقين

"في آب اقطع ولا تهاب"!

سيكون ناضجا وصلبا، وحلوا ليس شديد الحلاوة ولا حامضا كتموز!

هي الوسطية، في الطعم..وهي خبرة القرويين العميقة، التي أبدعت المثل الشعبي..

وهي عقلانية..

كنا نسعد بالفن والعنب..من بين الدوالي لسميرة توفيق إلى فيروز؛ فعندما سمعتها تشدو:

هل جلست العصر مثلي بين جفنات العنب

والعنـاقيـد تدلـت كـثريـات الذهب..

وقفت عند "العناقيد المتدلية كثريات الذهب"، وأعجبني التشبيه ووجه الشبه..

رحت أجلس تحت الدوالي، أشجار العنب، فأرى القطوف وصوت فيروز في سمعي وقلبي!

 لكنني وددت لو غنت "والقطوف تدلت"، لأننا نسمي عنقود العنب بالقطف..من قطف، فنحن نقطف العنب..أو نلقط العنب..

لما كبرنا قليلا، درسنا نصا من قصيدة الكواكب لجبران، والتي منها غنت فيروز..سررت بأبيات أخرى من القصيدة، وسررت بحياة الغاب البريئة، كما يناسب عمري كفتى رومانسيّ، حيث كتب المؤلفون شيئا عن الحياة التلقائية في القرية والطبيعة والحياة المصنوعة في المدينة..التي وقتها لم نكن قد اختبرناها، وكنا نعتبر زيارتها يوم عيد!

بعد ذلك بعام، اشتريت المجموعتين الكاملتين لجبران، وقرأت قصيدة المواكب كلها..كان رائعا أن اقرأ النص كله، أكبر من نص أغنية فيروز ونص الكتاب المدرسي..

اعتدت سماع "برنامج أغاني وعجباني" في صوت العرب، وقت الظهيرة، وكان برنامج تستضاف به إحدى الشخصيات أو النجوم، ليتحدث عن ذكرياته مع الأغاني، وأذكر وقتها أنني سمعت أغنية "عنب بلدنا" للفنانة شادية:

والله ان ما اسمريت يا عنب بلدنا لاجرى واندهلك عيال بلدنا .... والله

بعد 20 عاما رحت أبحث عنها في "اليوتيوب" فسعدت بها كثيرا..ثم ها أنذا أقتبس كلمات الأغنية من "الجوجول"..

يلفلفوا بين الاغصان ويقطفوك قبل الأوان ويقطفوك قبل الأوان والله والله

اسمر وطيب يا عنب يابو امر غريب .... يا عنب

ونقطفوك .... ونخطفوك ونحضنوك حتى لو تسمر الجلاليب

اتجدعن بس انت ويالا اسمر وطيب .... يا عنب

بلدنا كرمه فى الشمس نايمه لكن بسرعه تلاقيها قايمه

من بعد ما يروح التعب هاتمد ايدها ... مانت مواعدها

واهو ان معادها ... وانت مطبتش يا عنب

الشوق فى قلبى ... من شوقه غنى وايديا حيرانه بالمشنه

وانت عناقيد نايمه فى ايدى ... ياعنب يا جديد يالا يا سيدى..

ودوما كنت أكرر ما حفظت منها:

لا والله ان مااسمريت يا عنب بلدنا لاجرى واندهلك عيال بلدنا .... والله

وكنت وما زلت أتأمل وجه الشبه، فثمة تغزل في الأغنية الجميلة، أين منها شعراء الفصيحة!

هي حث على الحب..والنماء والخصوبة والنضج!

خليلي يا عنب

الدقاقوة أهل قريتي ينعشون السوق بالعنب قبل أن ينضج عنب الخليل..كان ذلك قبل غزو العنب الإسرائيلي..كنا نبيع مئات الأطنان في فلسطين والأردن ودول الخليج..ظل ذلك حتى أوائل الثمانينيات، حيث بدأت عملية ضربنا اقتصاديا كمزارعين..وتلك قصة "تطول، وأنا الليلة مشغول" بالفن والأدب وعنب بلدنا..لم أكن قد عرفت عنب الخليل بعد..وعندما شاهدن كرومهم ذات صيف ثمانيني عرفت كم هو عنب الخليل عظيما، فخف كلامي عن عنب بيت دقو!

عندما أتيحت لي فرصة تأليف كتاب اللغة العربية للصف الرابع، وضعت درسا عن العنب، وفيه أشرت لمواقعه في جبال فلسطين، لكن طاقم التأليف أبرزوا الخليل في النص والعنوان، فغرت، وقلت "الخليل ورارنا ورانا"..فنحن أيضا مزارعو عنب!..ووالدي من أشهرهم في الرعاية التي تستمر من التقليم حتى القطف، ومنتوجه من أجود الأصناف، وقد أورثنا حب العنب فواصلنا الاعتناء بكرومه وأضفنا المزيد..حبا ووفاء لوالدي..

من بيت دقو-القدس..إلى الخليل. في الطريق وعلى أبواب الخليل، تستقبلنا كروم العنب وبيوت القرويين على الجانبين فنتذكر قصيدة عز الدين المناصرة "يا عنب الخليل"، فيما ينغص مشهد المستوطنات صباحنا، والجيبات العسكرية..

تتميز المدينة بأن زراعة العنب لا تقتصر على القرويين حولها، بل نراه داخل المدينة كروما ومكعبات أمام البيوت. وتشتهر إذن بالدبس الذي يتم إنتاجه بطريقة غريبة، حيث يصفّى بواسطة حجر الجير.إضافة إلى الزبيب والملبن.

في كتب الرحالة!

وقد ذكره الرحالة بشيء من التفصيل كما حدثني الأخ معتصم الأشهب، الذي ذكر ادوارد روبنسون، وهو أحد الرحلة، الذي زار مدينة الخليل في عام 1838 فقد أشار "لواد صغير تملؤه أشجار الزيتون وكروم العنب المسورة... و"تملأ أشجار الكرمة المنطقة المحيطة بالخليل برمتها، والعنب هناك هو الأفضل في فلسطين قاطبة".

تعرض إدوارد روبنسون إلى البحث بشكل تفصيلي في وصف خصائص زراعة العنب في مدينة الخليل فيقول: "تجري زراعة الكرمة بشكل منفرد وفي صفوف مستقيمة، حيث تبعد الواحدة مسافة ثمانية أو عشرة أقدام عن الأخرى. تنمو شجرة الكرمة حتى تصبح على ارتفاع ستة أو ثمانية أقدام، وبعدها يتم تثبيتها على عمود قوي بشكل يجعل ما يزيد عن هذا الارتفاع يتجه إلى الانحدار. ثم تنمو البراعم من كل كرمة باتجاه الأخرى حتى تتكون هناك شبكة ممتدة من الأغصان المترابطة. وفي بعض الأحيان يكون هناك صفان من أشجار كرمة العنب ينحدر كل واحد منهما باتجاه الآخر لتكون الأغصان على شكل سقفية أو عريشة (معرش). ويتم تقطيع (قطف) هذه الثمار في فصل الخريف".

  في نهاية وصفه للعنب يقول روبنسون "يعتبر موسم قطف العنب موسم الفرح والمرح والسعادة للجميع، حيث تُهجر المدينة ويتجه سكانها إلى الكروم ويعيشون في أكواخ وخيم. ان شهرة هذا العنب تمتد إلى جميع أرجاء فلسطين، ولا تتم هناك صناعة النبيذ أو العرق من هذا العنب إلا من قبل بعض اليهود وحتى ذلك يكون بكميات قليلة. ويمتاز العنب بالجودة العالية، فحبات العنب الجيدة والجميلة يتم تجفيفها لعمل الزبيب والأخرى المتبقية يتم عصرها لتصبح عصير عنب يطبخ لكي يصبح محلولا شبيها بالقطر يدعى الدبس وهو منتشر كنوع من الحلويات يتم تناوله مع الوجبات. والدبس شبيه بالقطر غير الكثيف إلا أن طعمه أطيب بكثير..."

لقد دهشت لهذا الوصف الذي فاق قدرتي، بالرغم من كوني مزارع عنب.

يا عنب الخليل لمناصرة

وعنب الخليل المميز يقودنا نحو قصيدة شهيرة للشاعر الخليلي عز الدين المناصرة، وهذه مقتطفات منها:

خليلي أنتَ: يا عنب الخليل الحرّ

الخليل تفضّلهُ ﻓﻲ الصباح زبيباً ودبْساً،

إذا كانَ مَلْبَنُهُ صافياً كبنات الشآم.

سُكّراً كبياض خليليةٍ مثل شمس تغار من الشمسِ،

كي لا تغار من الورد، من حمرة الوجنتينِ،

ولين القوامْ.

عنبٌ دابوقيٌ كرحيق النحل على يافطةٍ بيضاء

عنب دابوقيّ يتدلّى من عُبّ الدالية كقرط الماسْ

عنب دابوقيٌ لا يشبهه أحدٌ ﻓﻲ الناس

عنب دابوقيٌ يصهل مثل مغنية خضراء

عنب دابوقيٌ يتمدد كامرأةٍ ﻓﻲ شمس المسطاح.

وللخليل سحرها الذي لا يقاوم..في العنب والتاريخ والجمال؛ فحين فتح الباب وظهرت فجأة فتاة شقراء من داخل العتمة المظلمة... بشرتها متوردة ذات عيون زرقاء.. وابتسامة على شفتيها تصل بسرعة إلى القلب، وقفت مشدوها لجمالها الفاتن من خلال ظلمة البيت القديم..

عدت إلى الحرم، وصورتها لا تفارق مخيلتي، وقررت الذهاب إلى بائع خيال عطريّ آخر، وأنا في صلاتي لا أنتهي!

هل كانت الصبية هي الخليلية البيضاء في قصيدة يا عنب الخليل..

لي مع العنب ذكريات جميلة جدا، ولي ذكرى واحدة ليست جميلة.. لا داع لها، سوى ما نالني من ضرّ بعد نشر مقالة هنا.. عن العنب الإسرائيلي..!

فيما بعد صرت ألوم الناس..على سوء اختيارهم للعنب "المهرمن" وترك العنب البلدي!

كل ذكرياتي مع العنب جميلة إلا واحدة!

ولا أريد تذكرها!

[email protected]
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف