الأخبار
سرايا القدس تستهدف تجمعاً لجنود الاحتلال بمحيط مستشفى الشفاءقرار تجنيد يهود (الحريديم) يشعل أزمة بإسرائيلطالع التشكيل الوزاري الجديد لحكومة محمد مصطفىمحمد مصطفى يقدم برنامج عمل حكومته للرئيس عباسماذا قال نتنياهو عن مصير قيادة حماس بغزة؟"قطاع غزة على شفا مجاعة من صنع الإنسان" مؤسسة بريطانية تطالب بإنقاذ غزةأخر تطورات العملية العسكرية بمستشفى الشفاء .. الاحتلال ينفذ إعدامات ميدانية لـ 200 فلسطينيما هي الخطة التي تعمل عليها حكومة الاحتلال لاجتياح رفح؟علماء فلك يحددون موعد عيد الفطر لعام 2024برلمانيون بريطانيون يطالبون بوقف توريد الأسلحة إلى إسرائيلالصحة تناشد الفلسطينيين بعدم التواجد عند دوار الكويتي والنابلسيالمنسق الأممي للسلام في الشرق الأوسط: لا غنى عن (أونروا) للوصل للاستقرار الإقليميمقررة الأمم المتحدة تتعرضت للتهديد خلال إعدادها تقرير يثبت أن إسرائيل ترتكبت جرائم حربجيش الاحتلال يشن حملة اعتقالات بمدن الضفةتركيا تكشف حقيقة توفيرها عتاد عسكري لإسرائيل
2024/3/28
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

الأونروا و الحقيقة الكامنة بقلم:حسين الخطيب

تاريخ النشر : 2015-08-29
الأونروا و الحقيقة الكامنة بقلم:حسين الخطيب
الأونروا و الحقيقة الكامنة

ارتُكبت أخطاءٌ كثيرةٌ في التاريخ، وعُقدت معاهدات ومؤتمرات، واتُخذت قرارات أدّت إلى نتائج سيئة في العديد من الأقطار، ولكن تاريخ الإنسانية لم يعرف مثيلاً لذلك القرار الذي اتخذته الأمم المتحدة، يوم 29 تشرين الثاني عام 1947، الذي عُرف بقرار تقسيم فلسطين، حيث وُصف هذا القرار بالقول: "إن ممثلي العالم المتمدن، لم يوقعوا أبدًا قرارًا تضمن مقدارًا من الظلم معادلاً لما تضمنه هذا القرار".

هذا القرار الذي خلق إلى الوجود، وعلى أرض فلسطين، كيانًا صهيونيًا عنصريّا غاصبًا، غير شرعي، وغير طبيعي من الناحيتين القانونية والسياسية وأدى إلى تشريد شعب فلسطين من وطنه، ومصادرة أراضيه، وممتلكاته ودياره، بسبب ما ارتكبته العصابات الإرهابية اليهودية الصهيونية، من أعمال فظيعة، كالمجازر، ونسف البيوت على رؤوس سكانها، وإلقاء القنابل على جموع الناس في الأماكن العامة، واغتيال الأفراد، وتدمير القرى، والآن وصل الأمر بهذه الشراذم الباغية الآثمة إلى إحراق أطفال فلسطين وهم أحياء، كما أنشأ هذا القرار مشكلة من أشد المشكلات الإنسانية والسياسية تهديدًا بالانفجار في زماننا الحالي، هي مشكلة اللاجئين الفلسطينيين.

"والعالم المتمدن" بدل أن يعمل على رفع الظلم الذي نزل بفلسطين وبشعب فلسطين، عمل على طمس هذه القضية في مهدها من خلال تبنِّيه لمفاهيم  خاطئة تفتقت عنها عقول جهنمية، تبزّ بعبقريتها الشريرة، أبشع ما وصل إليه دَرَك الإجرام، ويكفي الإطلاع على الخطوط العامة لهذه المفاهيم، وبشاعتها، لكي ندرك عمق المخططات التي رسمها أساطين الشر في الظلام، والخطر الحقيقي الذي يحيق بهذه القضية.

والمفهوم الخاطئ الأول: هو الظن بأن الفلسطينيين، يمكن أن يقبلوا الوضع الراهن الذي أنشأه الكيان الصهيوني بالقوة في فلسطين في عام 1948، وهذا المفهوم الخاطئ ناتج عن سياسة مدروسة مضلِّلة، فقد توهم الكيان الصهيوني وأصدقاؤه أنه بعد عام 1948 تهدأ المشاعر، ويذوب اللاجئون الفلسطينيون في البلدان العربية وهكذا تحل مشكلة فلسطين، أما المفهوم الخاطئ الثاني، يتعلق بإمكان توطين اللاجئين الفلسطينيين خارج ديارهم، فهذا الحل، هو الحل الجائر الشاذ الذي يسوقه الكيان الصهيوني للمشكلة التي خلقها عام 1948، ومنذ ذلك الحين والكيان الصهيوني يرى أن اللاجئين ينبغي توطينهم في البلدان العربية، وإدماجهم في الحياة الإقتصادية للمنطقة، ولتحقيق هذا الغرض، جرت في منتصف عام 1949 محاولة لتصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين بتوطينهم بعيداً عن ديارهم، ورعت هذه الخطة وزارة الخارجية الأميركية، وعملت لها لجنة التوفيق الخاصة بفلسطين، هذه اللجنة تضم الولايات المتحدة الأميركية، فرنسا وتركيا، وأنشئت بموجب قرار الأمم المتحدة الرقم 194/3 الصادر في 11 كانون الأول عام 1948، لتتولى مهام وسيط الأمم المتحدة  الراحل الكونت برنادوت الذي اغتالته العصابات الصهيونية في القدس يوم 17 أيلول عام 1948.

فقد قدَّم العضو الأميركي في هذه اللجنة "بورتر" إقتراحاً بتعيين لجنة للإستقصاء الإقتصادي في الشرق الأوسط، تكون مهمتها التوصية ببرنامج للتنمية في الشرق الأوسط، ولإعادة إدماج اللاجئين في الحياة الإقتصادية للمنطقة، على أساس الإكتفاء الذاتي، في أقصر وقت ممكن.

وقد عُيِّنت لجنة الاستقصاء الإقتصادي برئاسة الأميركي "غوردن كلاَّب" وبسرعة مدهشة قدمت تقريرها، وقد أوصت بعثة "كلاَّب" على ما سميت فيما بعد بـ:

أولاً: ببرنامج للأشغال العامة باعتبارها مشروعات أنموذجية في البلدان التي ينزل اللاجئون فيها، وذلك لتهيئة أسباب العمل للاجئين.

ثانياً: المبادرة إلى خفض قوائم اللاجئين بنسبة الثلث.
ثانياً: المبادرة إلى خفض قوائم اللاجئين بنسبة الثلث.

ثالثاً: إنهاء أعمال وكالة الإغاثة للاجئين في غضون ثمانية عشر شهراً.

للإطلاع: - كتاب "آز كاريت" (مهمة في فلسطين) 1948/1952 صفحة 154.

- كتاب "دون بيرتز" (إسرائيل والفلسطينيين العرب، 1958 صفحة 63).

وقد قبلت الجمعية العامة للأمم المتحدة التوصيتين الأولى والثانية ورفضت التوصية الثالثة، إنهاء أعمال وكالة الإغاثة، ولتحقيق هذا الهدف اتخذت الجمعية العامة القرار رقم 302 بتاريخ 8 كانون الأول عام 1949، الذي أنشئت بموجبه وكالة الأونروا والتي بدأت عملها فعلياً في أيار عام 1950، لهدف سامي نبيل هو إغاثة اللاجئين الفلسطينيين ولتحقيق الحقيقة الكامنة وهي توطين اللاجئين خارج وطنهم.

وبناء لذلك، اتخذت الأمم المتحدة بتاريخ 2 كانون الأول عام 1950 قراراً كلّفت بموجبه الأونروا بأن تهيئ صندوقاً قوامه 30 مليون دولار، على أن تستخدم في مشروعات قد تطلبها حكومات الشرق الأدنى، لتمكين اللاجئين من الوقوف على قدميهم ورفع أسمائهم من قوائم الإغاثة، وفي يوم 26 كانون الثاني عام 1952، اتخذت الأمم المتحدة قراراً وافقت بموجبه على برنامج لإنفاق 200 مليون دولار، على إعادة إدماج اللاجئين الفلسطينيين.

ولكن مشروعات الأشغال التي اقترحتها بعثة "كلاَّب" قد أخفقت إخفاقاً تاماً، ففي يوم 31 كانون الأول عام 1950 وهو اليوم الذي حددته هذه البعثة لإنهاء غوث اللاجئين لم يزد عدد الذين عثروا على عمل إلا على 12 ألف لاجئ من أصل مليون لاجئ، ولم يُستخدم من المئتي مليون دولار المخصصة لإدماج اللاجئين إلا خمسة في المئة.

أما سبب هذا الإخفاق فقد أعرب عنه السيد "هنري بويس" مفوض عام الأونروا في تقريره السنوي عن سير عمله الذي قدمه للأمم المتحدة للعام 1955/1956 فقال:

"إن مشكلة اللاجئين الفلسطينيين، إنما تتعلق بالإنسانية المعذَّبة وبالذكريات، وبحالة التمزق التي يعاني منها مئات الآلاف من أفراد بني البشر، وليست مجرد مشكلة اقتصادية تقبل الحلول الإقتصادية إلى آخر التقرير الذي ختمه بالقول: من السهل أن نفهم لما أدت رغبة اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى وطنهم إلى جعل أي تقدم واسع النطاق في مهمة الوكالة البعيدة المدى أمراً مستحيلاً، ألا وهي مهمة تحقيق إدماج اللاجئين في الحياة الإقتصادية للشرق الأدنى". "وثيقة الأمم المتحدة 3212 صفحة 1 و 2".

هنا سؤال يطرح نفسه: هل مفوض عام الأونروا في الشرق الأدنى لا يفهم طبيعة مهمته؟ الجواب بسيط: نعم يفهم.

وفي السنة التالية أعلن مفوض عام الأونروا "إن مشكلة اللاجئين الفلسطينيين كامنة في دائرة السياسية، وفي العواطف الإنسانية العميقة التأصل، وليست كامنة في مجال الإقتصاد، وإن اللاجئين الفلسطينيين، يعارضون بمرارة كل ما يحمل شبهة إسكانهم في أي مكان خارج وطنهم". "وثيقة الأمم المتحدة رقم 3369 شباط 1957".

كما جاء في تقرير آخر للمفوض العام لسنة 1957/1958:

"إن الغالبية العظمى من اللاجئين الفلسطينيين تتمسك بمطلبها الجماعي وهو أن ظُلمًا مروعًا قد أحاق بها، وتؤكد أن الحل الوحيد المقبول هو العودة إلى ديارها". ولم تُبدَ أي أمارات على أي تغيير في موقفهم الجماعي المعادي لأي مشروعات تنمية كبيرة تنطوي بالنسبة للاجئين على التوطين الدائم بعيدًا عن ديارتهم ولا اتخذ أي إجراء إيجابي من جانب حكومة اسرائيل لتسهيل تنفيذ قرار الجمعية العامة رقم 194، في ما يتعلق بإعادة اللاجئين إلى ديارهم وتعويضهم". - وثيقة الأمم المتحدة رقم 3212 صفحة (1) 

- وثيقة الأمم المتحدة رقم 3921 صفحة 1.

وأكدت لجنة التوفيق استحالة توطين اللاجئين الفلسطينيين في البلدان التي ينزل اللاجئون فيها أو على تهيئة عمل لهم في هذه البلدان. 

- وثيقة الأمم المتحدة رقم 5214 ص 1. 

كما أشارت وكالة الأونروا في أحد تقاريرها: إلى أن أربعة أخماس اللاجئين الفلسطينيين يعيشون في غزة والأردن، بحيث لو أصبح جميع اللاجئين في لبنان وسوريا قادرين على القيام بأعباء أنفسهم فإن الجزء الأكبر من المشكلة يبقى قائماً.

- "وثيقة الأمم المتحدة رقم 3212 ص 1.

أما وقد تبين أن إنهاء قضية اللاجئين الفلسطينيين عبر التوطين أمراً مستحيلاً، تم اللجوء إلى افتعال أزمات مالية مزمنة تواجهها الأونروا، وتزامن هذا أيضاً مع محاولة أخرى بمفهوم خاطئ آخر مخزي بل من أقبح وأبشع ما يمكن للعقل البشري أن يتخيله، وهو تعويض اللاجئين، وهذا ما تأكد من خلال ما سمّي بالمبادرة الفرنسية الأخيرة التي تقوم في جوهرها على إنهاء قضية اللاجئين بنقدهم تعويضاً عن وطنهم وأراضيهم وممتلكاتهمم. وهذه في حقيقة الأمر ليست مبادرة فرنسية بل مبادرة صهيونية،  أميركية بتواطؤ فرنسي، وهنا نسأل: عمَّ يتم التعويض؟ هل يتم عن القيمة المادية والسياسية لأراضي الفلسطينيين وديارهم وهي التي لا تقدر بثمن؟ أو عن 67 سنة من النفي والتشرد والحرمان؟ أو عن فقدان وطن الآباء والأجداد؟ أو عن حق السيادة الذي لا يباع ولا يمكن التصرف به أو التفريط فيه؟ إن دفع تعويض لن يحل قضية اللاجئين ولا قضية فلسطين، ولن يبيع أحدٌ حق مولده، ولن يفرط في وطنه لقاء مال، والواقع أن مجرد التفكير في حل مالي لقضية اللاجئين الفلسطينيين هو سُبَّةٌ للمُثُل الإنسانية العليا ولمبادئ الحضارة.

ومما يجدر بالذكر في هذا المقام أن نورد التعليق الذي ساقه الصحفي اليهودي "موشيه مينوحين" عندما نشرت جريدة النيويورك تايمز في 17 تشرين الأول عام 1961 خبرًا مؤداه "أن أملاك اللاجئين الفلسطينيين تقدر بـ 12 مليار دولار فقال "سواء صح هذا الرقم  أو كان شديد التضخم، فإن عرب فلسطين قد سلبوا ديارهم ووطنهم، وهو شيء لا يسعُ أحداً أن يشتريَهُ بكل ذهب العالم حين يتعلق الأمر بحب المرء لوطنه وشغفهِ بهِ".

نعم إنَّ حُبَّ الفلسطينيين لوطنهم خالط قلوبهم، وتغلغل في سُويْدائِها أي أن هذا الحب امتزج بدمائهم، ودخل في قلوبهم كما يدخل الصبغ في الثوب والماء في البدن.

تلك هي الحقيقة التي ينبغي على "العالم  المتمدن" أن يجابهها حين يقارب قضية اللاجئين الفلسطينيين.

مستر موشيه مينوحين: فعلاً لقد أصبت كبد الحقيقة، شكراً جزيلاً لك.
بقلم :-حسين الخطيب.

 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف