الأخبار
سرايا القدس تستهدف تجمعاً لجنود الاحتلال بمحيط مستشفى الشفاءقرار تجنيد يهود (الحريديم) يشعل أزمة بإسرائيلطالع التشكيل الوزاري الجديد لحكومة محمد مصطفىمحمد مصطفى يقدم برنامج عمل حكومته للرئيس عباسماذا قال نتنياهو عن مصير قيادة حماس بغزة؟"قطاع غزة على شفا مجاعة من صنع الإنسان" مؤسسة بريطانية تطالب بإنقاذ غزةأخر تطورات العملية العسكرية بمستشفى الشفاء .. الاحتلال ينفذ إعدامات ميدانية لـ 200 فلسطينيما هي الخطة التي تعمل عليها حكومة الاحتلال لاجتياح رفح؟علماء فلك يحددون موعد عيد الفطر لعام 2024برلمانيون بريطانيون يطالبون بوقف توريد الأسلحة إلى إسرائيلالصحة تناشد الفلسطينيين بعدم التواجد عند دوار الكويتي والنابلسيالمنسق الأممي للسلام في الشرق الأوسط: لا غنى عن (أونروا) للوصل للاستقرار الإقليميمقررة الأمم المتحدة تتعرضت للتهديد خلال إعدادها تقرير يثبت أن إسرائيل ترتكبت جرائم حربجيش الاحتلال يشن حملة اعتقالات بمدن الضفةتركيا تكشف حقيقة توفيرها عتاد عسكري لإسرائيل
2024/3/29
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

هل هزمت إيران على أرض اليمن؟ بقلم: د. محمد بنلحسن

تاريخ النشر : 2015-08-29
هل هزمت إيران على أرض اليمن؟ بقلم: د. محمد بنلحسن
هل هزمت إيران على أرض اليمن؟
د/ محمد بنلحسن

(أستاذ باحث المغرب)

شيدت إيران مفاعلات نووية بمساعدة خارجية، وحاولت تخصيب اليورانيوم من أجل صنع القنبلة النووية، وأثارت حفيظة العالم، وفي المقدمة، الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا الغربية،  وإسرائيل، إضافة إلى جيرانها العرب، والخليجين خاصة، مما أجج الرغبة لدى القوى العالمية لإجبارها على توقيع اتفاق نووي بعد سلسلة من اللقاءات والاجتماعات الماراطونية التي وصفت المفاوضات خلالها، بالصعبة والشاقة، اتفاق سمح لإيران بالاستخدام السلمي للطاقة النووية دون صنع القنبلة الفتاكة، والقبول بعمليات التفتيش لمنشآتها النووية .

إيران التي خرجت مزهوة  متفاخرة أمام العالم بعد التوقيع؛ الذي لم يجهز على حقها في استعمال الطاقة النووية، وجنبها ويلات الضربة العسكرية التي ظلت إسرائيل تلح عليها إلحاحا  لولا رباطة الجأش التي أبداها باراك أوباما؛ الرئيس الديموقراطي الذي لا يستعجل الحلول العسكرية، عكس سلفه الجمهوري، وهو الذي جعل ترحيل الجنود الأمريكيين؛ الذين ورطتهم الإدارة السابقة في مستنقع بلد الرافدين، هدفا لجملته الرئاسية .

يبدو أن إيران، لم، ولن، يهدأ لها بال، ولم، ولن، يستقر لها قرار، إلا ببسط نفوذها الواسع على جيرانها العرب، وقد ساعدتها الولايات المتحدة الأمريكية كثيرا بعد احتلال العراق، وإسقاط نظام الرئيس العراقي صدام حسين؛ الذي سبق له أن دخل مع إيران في حرب الخليج الأولى، وتمكن من تكسير شوكتها نسبيا، وكان على الأقل يحقق أمامها توازنا عسكريا في المنطقة، ساعد على كبح جماحها التوسعية تحت غطاء المذهبية الشيعية ...

سياسة بسط النفوذ، جسدتها إيران من خلال تدخلها المباشر والسافر في ثلاث دول عربية ذات شأن بالغ في منطقتنا العربية، وفي الشرق الأوسط خاصة، وهي لبنان؛ من خلال ذراعها العسكرية حزب الله، وفي سوريا؛ عبر حليفها الاستراتيجي الأسد؛ الذي تقيه حر المعارضة العسكرية في الداخل، والرغبات العارمة في الإطاحة به وعزله خارجيا؛ وأخيرا وليس آخرا، في العراق الذي سلمته قوات الاحتلال الأمريكية للشيعة حلفاء إيران في بلاد الرافدين.

 لم تفوت إيران الفرصة في اليمن؛ لاسيما حين رأت السلطة السياسية في اليمن في طريقها للتصدع بفعل مراوغات الرئيس المخلوع صالح، هكذا سعت لالتهام البلد العربي الرابع بتواطؤ مكشوف مع زعيم جماعة أنصار الله؛ عبد المالك الحوثي.

ما الذي جرى في اليمن ؟

لم يعمر طويلا الاتفاق الذي رعته دول مجلس التعاون الخليجي؛ والذي أفضى إلى تسليم الرئيس اليمني المخلوع عبد الله صالح السلطة لنائبه عبد ربه منصور هادي، حيث عمل الرئيس السابق وقواته على التنسيق مع الحوثيين؛ الذين استطاعوا بفضل الدعم الداخلي والخارجي، بسط قواتهم ونفوذهم على العاصمة، وكثير من المواقع الحيوية للبلاد في وقت لم تزدد سلطة الرئيس الشرعي عبد ربه منصور هادي إلا تراجعا وضعفا.

هكذا، تمكنت قوات عبد المالك الحوثي في 21 شتنبر 2014، من السيطرة على السلطة؛ التي أحكموا قبضتهم على مفاصلها بحلول 19 يناير 2015، وفي 22 يناير 2015 ، قدم الرئيس اليمني ورئيس حكومته، استقالتهما لاسيما بعد هجوم قوات الحوثيين على دار الرئاسة ، وبعد ذلك أصدر الانقلابيون إعلانا دستوريا وقاموا بحل البرلمان.

إن الانقلاب في اليمن الذي دبره الحوثيون وساندتم إيران بشكل أكبر، والذي لا يمكن عده انقلابا عسكريا فقط، لاسيما و نحن أمام زحف مذهبي شيعي مدعوم من إيران؛ إنه مشروع يتعدى مطالب الاستيلاء على الحكم، إلى تنفيذ مخطط إيراني خطير يستهدف الهيمنة على المنطقة .

إن الأطماع الإيرانية قديمة في اليمن ، وتدخلها السافر في دعم الحوثيين ليس جديدا، لقد تمظهرت أنماط العنف الذي مارسته جماعة الحوثي وأنصارها في اليمن من أتباع الرئيس المخلوع في الآتي:

1.    التظاهر للاحتجاج على الزيادات في الأسعار والغلاء

2.    الإنزال العسكري المسلح للأفراد والجماعات

3.    احتلال المباني الحكومية ومقار مؤسسات الدولة

4.    الزحف على المدن

5.    اغتيال المناوئين والمعارضين

6.    الازدواجية في الخطاب والممارسة؛ التفاوض والحوار ثم الزحف والسيطرة على المدن والمواقع

7.    التعاون مع قوات الرئيس المخلوع

8.    تلقي الدعم المادي والعسكري والمعنوي من إيران

9.    اختطاف موظفين سامين في الدولة

10. الضغط على الرئيس ، ورئيس حكومته للاستقالة

-         ما ردود الفعل بعد الانقلاب على الشرعية ؟

ردود الفعل في اليمن تجلت في مشاركة القبائل اليمنية التي ظلت متمسكة بالشرعية الرئاسية ممثلة في الرئيس عبد ربه منصور هادي، في عمليات المقاومة الشعبية واستطاعت هذه المقاومة أن تحقق انتصارات مهمة للغاية .

وقد نفذت المقاومة الشعبية عمليات نوعية ضد الحوثيين كما حصل في مدينة رداع التابعة لمحافظة البيضاء وسط اليمن أين نصب أفراد المقاومة كمائن للحوثيين، أدت لسقوط عشرات القتلى من الانقلابين .

لقد لاحقت عناصر المقاومة الشعبية المسلحين الحوثيين في كافة المدن الاستراتيجية؛ مثل عدن وتعز ومأرب وكبدوهم خسائر فادحة في الأرواح والعتاد وكذلك في مدينة أبين والضالع.

لقد شكلت المقاومة الشرسة التي شنها شباب وزعماء القبائل اليمينة أغلب مظاهر المقاومة المضادة؛ التي يمكن اعتبارها دفاعا عن الحق في الشرعية والوجود .

بالنسبة للرأي العام الداخلي ، انقسم قسمين كبيرين ، طرف انحاز للحوثيين ودعمهم انتقاما من الرئيس هادي ، ونذكر هنا بشكل خاص، الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح وقواته .

أما الطرف الثاني فيتمثل في القبائل التي ناصرت الرئيس المنقلب عليه، وأسست جبهة للمقاومة الشعبية ضد الحوثيين ومن يدعمهم .

لكن دول الجوار الخليجية، وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية، ما كانت لتسمح لإيران وحلفائها الحوثيين بتحقيق أطماعهم؛ لاسيما واليمن يمثل عمقا استراتيجيا حيويا بالنسبة للملكة العربية  السعودية باعتبار موقعه على حدودها الجنوبية...

تزعمت المملكة العربية السعودية يوم الخميس 25 مارس 2015، حملة عسكرية جوية أطلق عليها عاصفة الحزم، والتي شاركت فيها مجموعة من الدول الخليجية والعربية، من أجل دك مواقع الحوثيين؛ الذين بغوا في البلاد، وأكثروا فيها الفساد، وأبعدوا رئيسها الشرعي عن مقاليد الحكم.

لم تكن المعركة سهلة ضد ميليشيات الحوثي لاسيما بعد تحالفهم مع قوات المخلوع عبد الله صالح ، وعمل إيران على تزويدهم بالسلاح والعتاد؛ حيث حطت طائراتها بشكل مكثف بعد سيطرتهم على العاصمة صنعاء ، طائرات كان ظاهرها إيصال المساعدات الإنسانية ، وباطنها التزويد بالسلاح الثقيل والنوعي لحسم المعارك على الأرض !

هذه العاصفة الحازمة ستبدأ ثمارها في النضوج مع إطلالة شهر شوال المصادف لعيد الفطر المبارك؛ حيث تمكنت المقاومة الشعبية مدعومة بغطاء جوي للدول المشاركة في التحالف الذي قادته السعودية، في استرجاع مدينة عدن من النفوذ الحوثي في 17 يوليوز 2015، والسيطرة على قاعدة العند  الاستراتيجية في 4 أغسطس 2015، و محافظة شبوة السبت 15 غشت 2015، والزحف باتجاه مدينة تعز بعد ذلك، في انتظار انطلاق الحملة الكبرى نحو العاصمة صنعاء ....

إنها انتصارات متسارعة على الأرض، تعكس من جهة، فعالية الضربات الجوية التي لم تتوقف على مواقع الحوثيين، وقوات المخلوع صالح، كما أنها تبين بسالة أفراد المقاومة الشعبية المدعومة عربيا بالعتاد والتدريب والاستراتيجية من جهة أخرى .

أما بالنسبة للرأي العام الدولي، فقد أعلن انتصاره للشرعية ، لاسيما بعدما لم يعارض عاصفة الحزم التي أعلنتها الدول الخليجية ، وشاركت فيها مصر والمغرب ، وبعض الدول الافريقية ... باستثناء سلطنة عمان

وقد ساهمت الأمم المتحدة من خلال تصريح أمينها العام بان كي مون،  الذي طالب الحوثيين بالتراجع عن الإعلان الدستوري، والعودة لشرعية الرئيس المنقلب عليه عبد ربه منصور هادي، في توفير غطاء دولي لعاصفة الحزم، وفي إدانة جماعة الحوثي التي لم تحصل على الدعم والمساندة إلا من لدن دولة واحدة وهي إيران، ومن حزب الله اللبناني؛ الذراع العسكرية لإيران في جنوب لبنان .

هل هزمت إيران على أرض اليمن ؟

قد يكون من السابق لأوانه الجزم باندحار طرف ما كليا أمام الطرف الآخر، صحيح أن المعطيات العسكرية الميدانية تؤكد تراجع ميليشيات الحوثيين وأنصارهم، وفرارهم من المدن والمواقع الاستراتيجية ، لكن لازالت المعركة لم تحسم بعد مادامت صنعاء؛ عاصمة الشرعية لم تسترد بعد، كما الرئيس عبدربه منصور هادي؛ اللاجئ في السعودية ؛ لم يعد  لقصره الرئاسي بعد .

 قد يؤجل الحسم بضع أيام، أو أسابيعن أو شهور، لكن ماذا عن إيران، هل فعلا هزمت على أرض اليمن؟

إن الزج بإيران الدولة/ الجيش النظامي، والقول بهزيمتها المادية على أرض اليمن، حكم تعوزه الموضوعية، وتسوغه ربما العاطفة العربية فقط، الأصح في نظرنا هو القول باندحار حلفاء إيران أي؛ جماعة أنصار الله التي يتزعمها عبد المالك الحوثي ...وفي المحصلة نحن أمام تقلص للنفوذ الإيراني في اليمن، وهو الطموح العارم والجارف الذي كانت تسعى إيران لبلوغه بقوة كما يستفاد من خلال تصريحات مرشد الثورة خامنئي الذي أدلى بتصريحات تدعم انقلاب الحوثيين على الشرعية ...

إيران التي حاولت إيصال الدعم العسكري والمعنوي من خلال طائراتها وبواخرها إلى اليمن، لا يبدو أنها كانت تقوم بذلك مجانا، بل كانت تحركها الدوافع المذهبية والرغبة القديمة الجديدة في توسيع نطاق نفوذها وأحلامها التوسعية ...

لكن متى كان نفوذ إيران مباشرا من خلال الحضور الفعلي لجيشها النظامي، وقواتها العسكرية؟

إن المثال اللبناني، كما يجسده حزب الله في الجنوب، دليل ساطع على أن إيران لا تتدخل في دول

المنطقة العربية  بجيشها وقواتها ونفوذها المباشر، بل تسخر موالين لها، يتقاسمون معها المذهب

الشيعي، ويستفيدون من دعمها المادي والمعنوي، ومن التدريب العسكري...

هل فعلا لا يمكن الجزم  بهزيمة إيران إلا في حال دخولها مباشرة في حرب فقط ، كما وقع في حرب الخليج الأولى ضد العراق، بل إن هزيمتها يمكن أن تقاس بمدى انحسار نفوذها التي تمارسه في السر والعلن، بواسطة أتباعها، وعملائها ، و الموالين لها ، مثل جماعة أنصار الله الحوثي ...

إن الأقرب للعقلانية، التمييز بين اندحار الدولة بجميع مكوناتها وكياناتها، والعسكرية خاصة، وانحسار نفوذها، ومدها الذي توكل أطراف أخرى لممارسته خارج رقعتها الجغرافية ...

وبناء عليه، فإن الحاصل الآن في اليمن، هو مثال لهزيمة أنصار إيران مذهبيا على الأقل، وهي هزيمة مؤثرة نتائجها، وعواقبها ولاشك، في الامتداد الإيراني، والمشروع الفارسي عموما في المنطقة العربية ...

إن هذه الهزيمة قد لاحت بوادرها وعلاماتها من خلال الغطاء الشرعي الذي وفر لعاصفة الحزم التي قادتها العربية السعودية ...

عاصفة كانت بطلب من الشرعية اليمنية مجسدة في الرئيس المطاح به، عبد ربه منصور هادي.

هذه بعض الاستنتاجات الأولية لا يمكننا الجزم بديمومة صحتها، واستمرار منطقها الداخلي؛ مادامت المعارك لم تنتهي بعد، وعاصفة الحزم لم تهدأ، حيث علينا انتظار سيطرة المقاومة الشعبية، والقوات التابعة لشرعية الرئيس هادي ، على مجموع التراب اليمني ...

لابد من الاعتراف بأمر هام ههنا ، فما يمكن أن يسجل على الدول العربية والخليجية خاصة ، هو التباطؤ في التدخل في اليمن، فلو آزرت جامعة الدول العربية، ودول مجلس التعاون الخليجي خاصة، الرئيس عبد ربه منصور هادي عسكريا ولوجيستيكيا ، بعد توقيع المبادرة الخليجية التي منحت حصانة للمخلوع صالح، والتي استغلها للأسف في تدبير المكائد، ومؤازرة الحوثيين للاستيلاء على اليمن، لما استطاعت جماعة  أنصار الله من احتلال اليمن، والزحف نحو الحواضر الكبرى...

الأكيد أن مناورات إيران ومحاولاتها للتدخل في عالمنا العربي، في اليمن وسوريا ولبنان والعراق

خاصة، وفي البحرين أيضا،  لن تتوقف بعد الضربات الموجعة التي تلقاها حلفاؤها  الحوثيون في

اليمن،  لذا، فدولنا العربية مطالبة بالتزام الحيطة والحذر الشديدين في التعاطي مع نوايا إيران،

سواء الظاهرة أم المبطنة، لأن لها أجندتها الخاصة التي يؤطرها البعد المذهبي، ويحركها الفكر

التوسعي، فهي ولاشك، ستستثمر خروجها القوي من مفاوضاتها مع القوى العالمية الكبرى، ونيلها

اعترافا دوليا بالحق في الاستخدام السلمي للطاقة النووية ، لاستعراض قوتها وقدرتها على تحقيق

 مشاريعها ومراميها ...

[email protected]
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف