الأخبار
سرايا القدس تستهدف تجمعاً لجنود الاحتلال بمحيط مستشفى الشفاءقرار تجنيد يهود (الحريديم) يشعل أزمة بإسرائيلطالع التشكيل الوزاري الجديد لحكومة محمد مصطفىمحمد مصطفى يقدم برنامج عمل حكومته للرئيس عباسماذا قال نتنياهو عن مصير قيادة حماس بغزة؟"قطاع غزة على شفا مجاعة من صنع الإنسان" مؤسسة بريطانية تطالب بإنقاذ غزةأخر تطورات العملية العسكرية بمستشفى الشفاء .. الاحتلال ينفذ إعدامات ميدانية لـ 200 فلسطينيما هي الخطة التي تعمل عليها حكومة الاحتلال لاجتياح رفح؟علماء فلك يحددون موعد عيد الفطر لعام 2024برلمانيون بريطانيون يطالبون بوقف توريد الأسلحة إلى إسرائيلالصحة تناشد الفلسطينيين بعدم التواجد عند دوار الكويتي والنابلسيالمنسق الأممي للسلام في الشرق الأوسط: لا غنى عن (أونروا) للوصل للاستقرار الإقليميمقررة الأمم المتحدة تتعرضت للتهديد خلال إعدادها تقرير يثبت أن إسرائيل ترتكبت جرائم حربجيش الاحتلال يشن حملة اعتقالات بمدن الضفةتركيا تكشف حقيقة توفيرها عتاد عسكري لإسرائيل
2024/3/29
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

ما بين سُهادْ ورُقادْ بقلم:د٠محمد طرزان العيق

تاريخ النشر : 2015-08-25
ما بين سُهادْ ورُقادْ بقلم:د٠محمد طرزان العيق
ما بين سُهادْ ورُقادْ
*********************
قضَى سَحابَة نهارهِ مع رفيقَتِه ، فلقد كان اليومُ يوْمَ إجازة ، ولحسنِ حظِّ العاشقَيْنِ فلقد كانَ الجُّو معتدلاً ودافئاً على غير عادتِهِ ، فَفي مثل هذه الأيام من أواخِرَ الخريف من كلِّ عام، تسيطِرُ عادةً جحافلٌ هائِلة من غيومٍ سوداء على قبَّةِ السماء سيطرةً كاملة ، فتجدُ الشمسُ نفسَها محاصرةً بسدًّ رهيبٍ من السُّحب تمنَعُها من أنْ تُكَّحِلَ عينَها منْ جمالِ حَبيبتِها الأرض ومناجَاتِها ومنْحِها بَعضاً من خُصلاتِ أشعَتِها المُضيئة الدَّافئة فتبدو الأرضُ عندها حزينةً شاحِبة ويغلبُ عليها اللوْنُ الرمادِيٍّ الكئيب٠٠٠٠
ويخيَّلُ للناظرِ لأوَّلِ وَهلةٍ أنَّ الوقتَ قدْ تقدَّم ، فَيحسَبُ بأنَّ النهارَ يلْفظُ أنفاسَهُ الأخيرة ، مستسلماً لهجومِ جُنْدِ ظَلامِ الليلِ عليه!٠٠٠٠ غير أنَّ الحقيقةَ هي عكسُ ذلك بالمطلق ، فالنَّهارُ مازالَ في أُولى سَاعاتِه ، حتَّى أن عقربي السَّاعة كانتْ تفصلُ بينهُما -على الأقلٌّ مسيرةُ ساعةٍ أو قلْ أكثر- وبينَ موعدِ عِناقِهما اليوميِّ المعتادْ على تمامِ الساعة الثانية عشر والذي يعلِنُ صراحةً عن إنتصافِ النهارْ!٠٠
تمتَّعَ صاحِبُنا وصديقَتُه بهذا الجوِّ الرائع وكأنَّه كانَ، هكذا، بناءً على طَلبٍ خاصٍّ منهُما فتنقَّلا ، ويَدُها تتوسَّدُ يدَه ، من شارعٍ إلى آخرْ، ثمَّ جلسَا في مقهى رصيفٍ على نَاصيةِ الطريق ، فطلبَ الشَّابُ منَ النَّادِل لآنسِتِه ولنفْسهِ كأسيْن من عصيرِ الفواكه الطَّازَجة ٠٠٠٠وفي لحظةٍ غادرَهُما النادِلُ ليبقيا دون عَزولْ فتركت يديْها النَّاعمتَينِ بين راحَتيْ فتى أحلامِها فَحَنا بدوْرِه عليْهِما مشفِقاً وهو يداعبُهما بكلِّ لطافة وكأنَّ ما بينَ يديهِ هوَ أرنبٌ صغيرٌ وديع!٠٠٠٠
لمْ يشعر العاشِقان بمرورِ الوقتِ سراعاً فَغادَرا المكان إلى حديقةٍ كبيرَةٍ قريبة فتجوَّلا في دروبِها التي كانت تتفرَّعُ كجداولَ صغيرة بين جُزُرٍ متفرِّقة رائعة ، مزروعَة بشتَّى أنواع النباتاتِ والأزهارْ ، ثم إختارا واحداً من المطاعمِ العَديدة المتناثرةِ في أرجاء الحدَيقة الفسيحة وجلَسا فيه وطَلبا من الطعامِ ما تشتهِيهِ أنفسُهُم!٠٠٠
وبالفعلِ لم يشعُرا بالوقتِ إطلاقاً وعند حوالي الخامسة بعد الظُّهرِ ، رنَّ الهاتفُ المحمولُ للفتاة وكان والِدها على الطَّرفِ الآخرْ ، ودارَ بينهما حديثٌ مُقتضَب ، وعلى الرغم من أنَها إستَأذنتْ صديقَها وإنْزَوتْ بعيداً عن مائدَتِهم ، كي تأخذَ راحتَها في الكلام ، غير أنَّ تعابيرَ وجهْهِا ،الذي تجَهَّمَ وحركاتِ يديْها وجسمِها العصبيَّة قدْ وشَتّ بأنَّ هناكَ ثمَّةَ أمر جَلَلْ وبأنَّ الأمرَ لا يطمئنُ بخير!٠٠٠لم تدُمْ المكالمةُ طويلاً٠٠٠ وكما كانَتْ قد بدأتْ فجأةً ، فهكذا أُنْهيتْ أيضاً على حينِ غُرَّة ، فتوجَّس الفتى خِيفَة وأصيبَ بحالةِ قلقٍ خفيٍّ غامضْ إجْتاحَ جسمَهُ ، فلمَّا عادت صديقتُهُ إليه عجَزَتْ حتَّى عن رسْمِ إبتسامَتِها الخلَّابة ، التي لم تكنْ تُفارِقها طيلةَ النهارْ، وقالتْ بحزمٍ وصرامةْ وبدون مقدِّمات وبجدِّيةٍ حاسِمة بأنَّ عليهما مغادرةَ المكانْ فوراً ٠٠٠٠وبَدَا عليْها وكأنَّها تَتلو قراراً ، لا رجعةً عنه!٠٠٠ إمتثَلَ صاحبُنا لما أمَرَتْهُ بهِ ، فنقَدَ النادِلَ حسابَهُ وأكرَمَه رغمَ النهاية المأساويَّة والمفاجئة لجلستِهما الرومانسيَّة الحَالِمة٠٠٠٠
خرجَ الصديقانِ من الحَديقة بسرعةٍ ودونَ أنْ تَتَعانقَ يَداهُما هذه المرَّة ، كما إعْتادا ، وكانَا صَامتَيْن طوال الوقت وكأنَّ على رأسِيْهما الطيرُ ولمْ يتجرأ العاشقُ أنْ يكْسرَ جَليدَ الصَّمتِ الذي جَمَّدَ فجأَةً عَلاقَتَهُما الحَمِيميَّة فَتَركَ لصديقَتِه زِمامَ المبادرة !٠
تابعَ العاشِقان مَسيرَهُما وعنْد أحدِ المَفارِقِ تَوقَفا ، فنظرَ الشَابُ المُتَيَّمُ إلى مَحبوبَتِه وعَيناهُ شاخِصتانِ ضَارعتانْ ، ولسانُ حالِهِ يقول : رُوحِي رهنُ إشارةٍ من يديْكِ ، وقلبْي ينبضُ على دَفَقاتِ دَمِكِ في عُروقِي ، فلا تَقْطَعِي الأوُكسجينَ عنِّي ولا تُثْكُلِي بَدنِي على رُوحِي الهَائِمة٠٠٠٠
بيدَ أنَّ الفتاةَ كانتْ في عَالَمٍ آخَرْ ، وكأنَّها قد أُصيبتْ بصَمَمٍ حادْ ، أو لَكأنَ عقلها قد إنْفَرغَ مِن كلِّ كَلماتِ الحبِّ والغَرامْ ، وبَدا أنَّها قد فقَدَتْ ذاكِرَتها ونَسِيتْ أبجديَّة الحُبِّ والعَواطفِ تماماً وكأنَّها قد تحوَّلتْ إلى إنسانٍ آليٍّ (روبوت) عَديمِ الأحَاسيسْ والمشاعر الإنسانيّة!٠٠٠
أكادُ أُجزم أنَّ الفَتى أوْشكَ أنْ يدْخلَ في حَالةٍ من الإغْماءِ السَّرِيري ، لولا تلكْ الكلماتِ، التي إنطلَقتْ منْ فَمِ الفَتاةِ بصوْتٍ مَعْدنَيٍّ أجَشْ ، غَابتْ عنْهُ الرِّقةُ والعُذوبةُ تَماماً وأعْلنتْ ، بما يُشبهُ ''الفَرَمَانْ'' أو البَيانِ الأوَّل لإنقلابٍ عسكري(وبالفعل فلقدْ كَانتْ حالةُ الفتاة أشبَهُ بالإنْقلاب) ،أعلنَتْ فيهِ بأنَّه يجبُ أنْ ترحلَ وتُغادِرْ المكانَ فوراً!٠٠٠ وإستدارتْ بحركةٍ إنسيابية / دونَما حتَى كلمةَ وداعْ /تاركةً ظهرَها لِفَتَاها المَصْدُوم! ، ولكنَّها توقَّفَتْ فَجأةً ، وهي على بعدِ أمتارٍ منهُ ، ثمَّ إستدَارتْ نَحْوهَ مُجدَّداً٠٠٠٠ وهكذا إلتقتْ عيْنَاهُما ، بعدَ قُرابَة السَّاعَةِ من الموارَبة والمراوََغَة ، فإرتدَّتْ بعضُ مَلامِحِ الحياة إلى رُوحِ ومُحيَّا الفتَى المَكلومْ ، وقالتْ لهُ بِكَلماتٍ خالَطَتْها بعضُ الحِنِّية والعُذُوبَة : لا تَقلقْ ، الأمورُ ما زالتْ تحتَ السيْطرَة وسنَلتَقي قريباً وأطلقَتْ لهُ قبلَةً في الهواءِ فإنتَعشَ فُؤادُه وأرادَ أنْ يبادِلَها الكلامَ والتحيَّةْ ومَا أنْ همَّ بذلك حتَّى إستدارتْ مسرعةً -بِنَفسِ تلك الحركة الإنسيابيَّة اللعينة -وإستقلَّتْ أوَّلَ سيارةِ أُجرةٍ مَرَّتْ من أمَامِها وإنطلقتْ بها لا تَلْوي على شَيئْ ، تاركةً صَديقَهَا في حِيرةٍ وحَالةٍ لا يعلمُها إلَّا خَالقَهُ!٠٠٠
بقي العاشقُ مُتسمِّراً في مكانِه و هوَ لا يَكادُ يصدِّقُ ما قدْ حدثْ ، وراحَ يحدِّثُ نفسَه بأنَّ هذا إنْ هوَ إلَّا كابوسٌ مزعِجْ وبحركَة عفويَّة إمتَدَّتْ يُمناهُ إلى خَدِّهُ بحركَةٍ رشيقةٍ مُباغتَه ، فتلقَّى هذا الأَخيرُ(خدَّهُ) صفعةً قويَّة ، تردَّدَ صوتُها في أرجاءِ المكانْ وأيقظتْ الصَّفعَةُ الفتَى منْ أحْلامِ يقَظَتِهِ فأيقَنَ بأنَّ ما جَرى هو عينُ الحقيقةِ والواقعْ!!٠٠
قرَّرَ الشَّابُ الحزين العودَةَ إلى مَنزلِه مَشياً على الأقدام - رغْمَ طولِ المسافَة - عَلَّهُ يلتقطُ أنفاسَه ويستوْعبُ ما جَرى لهُ ، ويفكَّ طلاسِمَ هذه الأُحْجِية ، ولولا الألمَ الذي كانَ ما زالَ يَشعرْ به على خدِّه الأيمنْ ، لكَانَ دَخلَ مُجدَّداً في دوَّامةِ أحلامِ اليَقَظَة٠٠٠٠ وهكَذا مشى صاحبُنا بتَثاقُلٍ بإتجاهِ منزلِه وبعدَ حَوالِي ساعتين وصلَ إلى بيتِه ، فدَلَفَ إليهِ وهو مُنهَكُ القوى خائرُها ومشتَّتُ التَّفكِير وهو يستعيدُ/ غيرَ مُصدِّقٍ / أحداثَ هذاليوم!٠٠٠٠
حاولَ أنْ يُسرِّي عَن نَفْسه ، ففتحَ التِّلفازَ فعَجَزَتْ كلُّ القنواتِ ، على كثرتِها وتنوٍّعِها ، بِلفْتِ نظره وإثارةِ إهتِمامِه فأغلَقَه ، وحاول التَّلهِي بالطَّعامِ فَفشَلَ أيضَاً، بذلك فشلاً ذريعاً ولم يَستطعْ أنْ يستسيغَ الطعامْ ، نَاهيك عن إمكانِيَّة إبتلاعِه!٠٠٠٠أحسَّ بتعبٍ شديدْ ودبَّ في جَسدِه النَّعاسُ فَمَنَّى نَفسَه بأنَّهُ أخيراً سَيتريحْ٠
تقلَّبَ المسكينُ على فراشِه كثيراً ، وكانتْ ملامحُ الإرهاقِ والألمِ واضَحةً للعَيانْ ولم يجِدُ النَّوم طريقاً إلى عينَيْهِ٠٠٠كان المسكينُ يعانِي من وَخَزاتٍ مُؤلِمة٠٠٠لقد أَضناهُ السُّهادْ وبلَغَ مِنْهُ كلَّ مبلغْ٠٠٠لم يُطقِ الرُقادَ على الفراش أكثر من ذلكْ!٠٠٠نَهضَ متثاقِلاً ٠٠٠٠ثمَّ نظرَ إلى سريرِه متحسِّراً ولائِماً إيَّاه ، فلقد فَشلَ في أنْ يمنَحهُ الرَّاحَةَ المَنشودَة٠٠٠حاولَ البُكاءَ فَعَصتْهُ عيناهُ ولم تَتَجاوبْ مع رَغبَتِه !٠ نظرَ ببَلاهةٍ إلى سَقْفِ الغُرفة ونقَّل بَصرَه في أرجاءِ الغرفَة فرأى أنَّ السَّاعَة قد جَاوزتْ الثانية بعد منتصف الليل ، فصمَّمَ أنْ ينامْ لأنّه حقَّاً يشعرُ بنعاسٍ شديد ، ناهيكَ عن أنَّهُ لابدَّ أن ينهضَ باكراً منْ أجل عَملِه!٠٠٠
إسْتلْقى مُجدَّداً على سريرِه وأحسَّ بخَدَرٍ لَذيذْ وإسترخى بَدنَهُ والنعاسُ يداعبُ عينيْهِ وما أن تثاقلَ جَفنَاهُ حتَّى أحسَّ بوخز مؤلمٍ مجدَّداً ، فأطارَ ذلكَ ، جزئيَّاً ، حالةَ النَّعاسِ فإنقلبَ ،لا شعورياً، على جَنْبِه الآخَر ، فَأحسَّ لأوَّلِ وهلةٍ بالراحةِ وزوال الألمِ ٠لم يدم ذلك الشعورُ سوى ثوانٍ معدوداتْ وعاوَدَتْه ألامُ الوَخزِ منْ جَديد ، ولأنَّه كانَ مُصرَّاً على النَّوْمِ ، لذا حاولَ الصَّبرَ على الوجْعِ عَلَّه يَختفي ، ولكنْ على عكْسِ توقُعَاتِه فقد إزدادَتْ الألامُ ، فإنقَلَبَ على ظَهرِهِ هذه المرَّة فتكرَّرَ الأمرُ ، فحاولَ الإستلقاء ''طَبَّاً'' على بَطنِه فشعَرَ بآلامٍ مبرِّحَة ولا تُطاقْ ٠٠٠تبَّاً لآلامِ العَاشِقينْ ، أهذا هوَ الثَّمنُ الذي يتوجَّبُ علينَا دَفعَهُ؟!٠٠
دَخلَ الشَابُ المفجوعُ /على ما يبدو/ فيما يُشْبِهُ الهذَيانْ!!٠٠٠إنقلبَ على جَنبِهِ الأيمن فلم يُجديهِ ذلك فَتِيلاً ، فغَضِبَ غَضباً شَديداً ولَعنَ الحُبَّ وكل ألوانِ العِشْقِ وأصْحابِه ولَعنَ صَديقَتَه مرَاتٍ ومَرَّاتْ ، كما شتَمَ حظَّهُ العاثِرْ٠٠٠ أيَعقلُ أن تتحوَّل المُعاناة الروحيَّة إلى آلامٍ جَسديَّة؟! ، لوْ كانَ ذلكَ صَحيحاً ، ما عَشِقَ أحدٌ أحداً ولا غَازلَ مُراهِقٌ إبنةَ الجِيرانْ ، بل ربَّما توقَّف التَّناسلُ وإندثرتْ البشريَّة!٠٠
نهضَ غاضِباً مِنْ سَريرِه وقدْ طارَ النُّعاسُ كليَّاً مُحلِّقاً بعيداً في أرجاء الغرفة ، ثمَّ غادَرَها نِهائياً عبرَ طَاقَةٍ صغيرة في جدار غُرفة النوْم!!!٠٠٠جلسَ صاحبُنا على حافَّةِ السَّريرٍ وهو يقلِّبُ الأمرَ وقد حَسَبَ نفسَه فيلسوفَ زمَانِه وحَكيمَِ أوانِهِ ، وبينَما هو جالسٌ مع أفكارِه ، أحسَّ حينَ عدَّلَ من جلستِهِ فَجأةً ، بِوَخزَةٍ شَديدةٍ وألمٍ حارِقْ في مُؤخَّرتِه فَقَفزَ من الألمِ على أربَعَتِهْ٠٠٠ وقدْ إنتابتْهُ حالةٌ هِستيريَّة وفقدَ كليَّاً السَيطَرَةَ على أعصَابِه فصاحَ بأعلَى صوتِه ; لايمكنُ أنْ تكون هذه آلامُ عِشْقٍ ولا غرامْ!٠٠٠
لقد فقدَ صَوابَه أو لَكَأَنَّهُ قدْ أصابَه مَسٌ من الجنونْ وطَفَقَ على سريره متفحِّصَّاً فإذا بِه يلمَح شيئاً صَغيراً يلْمعُ في فِراشه!!٠٠٠ركزَّ البَحثَ وحاول أن يسترجِعَ أعصابَهُ وتفحَّصَ الفِراش بدقَّة وبكلِّ رَوِيَّة وإنتباهْ ، فإنتَابَتهُ دهشةٌ كبيرةٌ ،عَقَدتْ لِسانَهُ لِـ لُوَيْحِظاتٍ قصيرة ! ، فلقدْ رأى بأمِّ عينِهِ دبُّوسَاً كبيراً مُنْغرِسِاً في الفِراشْ!!!٠٠٠ وقد كان هذا هو بالضَّبطْ ما كانَ يسبِّبُ له تلكَ الآلامِ المُبْرِّحَة٠٠٠نزعَ الدبوسَ ،الذي كان كبيراً نسبيَّاً من الفرشَة و وضَعه على الطَّاولة في علبَةٍ صغيرة٠٠٠ صرَخَ دونَ أنْ يدري قائلاً بلهجتِه العاميَّة : ''يِضربْ الدبُّوس شو بِذِلْ'' وكرَّرها ثلاثاً ثم إنفجرَ ضَاحِكاً وقالْ : ''وأنا الساذجُ أحسَبُ ذلك من آلامِ الغرامِ والسهادْ وعذابِ البُعادْ٠٠٠٠ياما في الدّنيَا ناسْ متْخوْزِقينْ؟!٠٠٠'' وتملَكتْهُ حالةٌ غريبة لا يدري لها وصفاً فكانَ ما بين ضُحكٍ وحزنٍ ، يتلاعبانِ بمشَاعرِه وإحتارَ ما عَساهُ يَفعلْ؟!٠٠ أعليه أنْ يضْحَكَ على نفسِه أم يَبْكِيها!٠٠
نظرَ إلى ساعةِ الحائِطِ فَوجدَها قدْ قاربتْ السَّابعَةَ صباحاً وهذا هوَ موعدُ خروجِهِ إلى العمل٠٠دَخلَ الحمَّامَ وإغتسلَ سريعاً ، ثمَّ إرتَدى ثياباً جديدةً وإنطلقَ إلى عَمَلهِ وهناكَ نامَ في مكتبِهِ على كُرسيِّه المُريحْ وغَطَّ في نوْمٍ عميقْ!٠
صدقَ من قالْ : ''إذا عُرفَ السبَبْ بَطُلَ العجبْ''!٠٠٠٠

د٠محمد طرزان العيق
صوفيا/26.02.2014
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف