الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/26
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

الحلقة المفرغة بقلم: محمود حسونة

تاريخ النشر : 2015-08-05
الحلقة المفرغة بقلم: محمود حسونة
يظن الكثيرون أنّ عملية تقويم السلوك البشري سهلة !! فيحاولون تقويم السلوك بقولهم للفرد كن ... ولا تكن ... والذي لا يستجب له العذاب والعقاب !! وكأن السلوك البشري عجينة لينة يمكن تشكيلها كما نشاء !! فالمصلحون الوعّاظ يصبون وابل من الخطب والمواعظ على رؤوس الناس ثم يتوهمون أنهم سائرون في طريق الإصلاح بخطى واثقة بينما هم واقفون، بل يتراجعون إلى الخلف !!! فالإنسان بطبيعته لا يتأثر بالموعظة إلا حين يتلقاها، ثم ما تلبث أن تتلاشى !! إنّ للناس طبيعة بشرية وليست طبيعة ملائكية، هناك صفات أصيلة في النفس البشرية لا يمكن إصلاحها بالوعظ المجرد !! فالإنسان لا يستطيع ترك عاداته بإرادته ووعيه، فهي متغلغلة في أعماق عقله الباطن، يندفع بتيارها اندفاعا لا شعوريا لا سيطرة لتفكيره أو إرادته عليها، مستحيل أن تحول الناس عن طبيعتهم البشرية إلى طبيعة الملائكة، والمشكلة الكبرى أن الوعاظ الذين يدعون الإصلاح يعتقدون أو يزعمون أنّ الأخلاق سببا للظروف التي يعيشها الناس، فيظنون أنه بمجرد إصلاح الأخلاق نصبح سعداء مرفهين وتتحسن كل الظروف وتتلاشى جميع المشاكل !! إنّ الأخلاق تنتج عن ظروف متشابكة و إصلاحها يتطلب إصلاح الظروف التي نشأت وترعرعت فيها ، لن يتم تغيير أخلاق الناس بالوعظ فقط ، يستحيل أن تترك الناس طبيعتها البشرية التي جبلت عليها لتتحول إلى ملائكة ، فالفقير يندفع للتحايل و الخداع و الكذب و ربما للسرقة ؛ لكي يدفع عنه الجوع ، و الواعظ يطارده ويصرخ في وجهه بالزجر و المواعظ ، إلى أن يصبح متشائما يائسا من إصلاح نفسه ، فهو يرغب في الإصلاح لكن الظروف تفرض عليه غيرذلك ، فيجد نفسه ملتبسا بالذنوب ، فينتهز الواعظ الفرصة فيشعره بالذنب أمام الله و أمام القانون ، وبأنه يستحق العذاب في الآخرة و العقاب في الدنيا ، إن الواعظ بذلك يرفع مسؤولية الظلم عن الظالمين و يضعها في حجر المظلومين !! وبذلك يستريح الظالمين وهم يلهون بترفهم ورفاهيتهم ويثنون على الواعظ رشده وهدايته؛ فقد أزاح المصلحون تهمة الظلم عنهم إلى المظلوم البائس الذي يلهث ليلا ونهارا في سبيل لقمة عيشه، وبعد هذا يلاحقه الواعظون ويهددونه بعذاب الآخرة وشقاء الدنيا !! كأنهم يقولون له: ظلمت نفسك وبذلك تستحق ما أنت فيه !! فيستريح الظالم بلهوه ويهرع المظلوم يستجدي الرحمة، نسي المصلحون وتناسوا اللصوص العظام الذين ينهبوا الأموال بالجملة ويبذرونها على اللذات وعلى الحاشية والأقارب، ولاحقوا الفقير الذي نهب قرشا واحدا يزمجرون ويتوعدون بعذاب الله الذي لا رادّ له !! يصفقون للظالم ويبررون له؛ فهم ترعرعوا على فضلات موائده، ويزمجرون ويلعنون المظلوم فهو لا نفع ولا موائد له !! لا تبرير للسرقة سواء كانت بقرش أو بأطنان القروش، كذلك لا تبرير للظلم، وعلينا أن نقر ونتفهم نقائص الطبيعة البشرية عند كل البشر، قلا نبحث عن تبريرات للأفعال الشائنة للأقوياء، أما الضعفاء فلا تبرير لهم ويجب أن يكونوا على درجة خيالية من الكمال، وإلا فهم مذنبون ومجرمون، فيحق للقوي أن يظلم ويعربد، ولا يحق للضعيف البائس أن يتذمر ويشكو!!!
إن الفقير الضعيف هو من يتحمل عبء الظلم وهو صامت كالحجر، أما المترفون المنتفخون فيطلون ظلمهم بادعاءات براقة وللأسف يجدون جيشا من المصلحين المنتفعين والمتزلفين الذين يؤيدون ويطبلون ويزمرون لهم. المصلحون الواعظون المنتفعون المنافقون المنتفخون ينذرون البائسين المساكين، ويهللون ويوقرون ويغتبطون للأقوياء الظالمين، منطق عجيب !! لقد اعتاد الظالمون رؤية الناس تحفهم و تزفهم نفاقا؛ فظنوا أنهم على حق وأنهم أولياء صالحون في خدمة المصلحة العامة، بل ذابوا في ذلك، لقد خُدعوا هم أيضا وداروا في حلقة مفرغة لا نهاية لها، فهم يظلمون، فتصفق الناس لهم نفاقا و تزلفا ودرءا ، فيظنون أنهم عادلون محبوبون و الناس توقرهم و تحترمهم ، فيزداد ظلمهم!!!
إن أيّ الانسان يرغب من صميم نفسه أن يكون محترما بين الناس ويشار إليه بالبنان، ولكن الظروف القاهرة ترغمه فلا يبالي حين يسرق أو ينصب أو يرتشي، وهو يحفظ المواعظ وربما يرددها على مسامع الآخرين وينصحهم بها !! لكنه لا يعمل بها مادامت معاكسة له، وإذا إتهم أنكر واحتدّ (إنّ الفقر يتحدى كل فضيلة وسلام، لأنه يورث صاحبه درجة من الانحطاط والتذمر تكتسح كل شيء). كان محمد صلى الله عليه وسلم يكثر من دعاء (اللهمّ إني أعوذ بك من جهد البلاء) ولما سألوه عن جهد البلاء قال: (قلة المال وكثرة العيال)، قالها محمد وهو يعرف هشاشة الطبيعة البشرية، فلن تجد نفسا مطمئنة سوية عضها الفقر ونهشها بلا رحمة، فالفقير تفلت نفسه من عقالها، فيخدع ويكذب ويسرق وربما يقتل !! ليدفع عن نفسه فاقة الفقر، مهما صببت على رأسه من مواعظ فهو ليس ملاكا لا يأكل ولا يشرب ولا يشتهي، يقول أبو حنيفة: (لا تقبلوا شهادة من ليس في داره طحين)، وقالها عمر الفاروق: (لو كان الفقر رجلا لقتلته)، ويقول أبو ذر الغفاري: إذا ذهب الفقر إلى بلد قال له الكفر: خذني معك) الإنسان إذا فقر سرق وإلا بم تنصح فقيرا لا يجد قوت يومه، وأطفاله يتلون أمامه جوعا ؟! ثمّ تطلب منه أن يكون أمينا وصادقا ذلك مستحيل.

بقلم: محمود حسونة (أبو فيصل)
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف