الأخبار
2024/4/16
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

الإتفاق النووي الإيراني ..الرابحون والخاسرون بقلم:أسعد العزوني

تاريخ النشر : 2015-08-05
الإتفاق النووي الإيراني ..الرابحون والخاسرون بقلم:أسعد العزوني
الإتفاق النووي الإيراني ..الرابحون والخاسرون

أسعد العزوني

لا شك أن الإتفاق النووي الذي وقعته الجمهورية الإسلامية  الإيرانية ، مع المجموعة الغربية "5+1"، يؤرخ له ، ويعد من أهم الأحداث العالمية  التي شهدتها البشرية،لأهميته  وتداعياته ليس على إيران وحدها ، بل علينا نحن العرب العاربة والمستعربة التي بتنا كالأيتام على موائد اللئام ، وكل ذلك بأيدينا لأننا لم نحسن التعامل حتى مع أنفسنا، وظننا أن الآخر يكتفي بما ندفعه له من "أتاوات "على شكل رشا أو  عمولات صفقات أسلحة مهولة ،لا يتم تسليمها لنا ، وإن تسلمناها ، فإنها شبه صالحة  للإستعمال ضد النمل والصراصير.

قبل الغوص في التفاصيل ، لا بد من التعرض لبعض البدهيات منها : أن هذا الإتفاق ولد ليقر عالميا رغم ما نرى ونسمع من همبكات  وبكبكات هنا وهناك، وحتى لا نظلم أحدا ، فإن بعض المبكبكين  إنما رسموا خارطة بكبكتهم سلفا وبدأوا يحصدون ، فيما أن البعض الآخر ، لم يحسن البكبة وسيخسر كثيرا  والله المستعان.

من البدهيات أيضا أن العالم لا يحترم الضعيف ، وأن الطبيعة تكره الفراغ ، كما أن القوي يجد له مكانا على أي طاولة وفي أي مجلس ويتم إحترامه ، بينما الضعيف السفيه لن يجد له مكانا على أي طاولة  ، ولا في أي مكان حتى لو كان    يمتلك أموال قارون كلها  .

السؤال الكبير  الذي يطرح نفسه وبشدة هو : لماذا سكتنا عن إسرائيل النووية منذ منتصف ستينيات القرن المنصرم ، التي لم ترحمنا يوما  ، وثارت ثائرتنا  على برنامج إيران النووي السلمي؟ أليس ما فعلناه جريمة ضد أنفسنا لأننا نعمل على دفع إيران قسرا نحو الحضن الإسرائيلي ،  كما كانت إبان صديقنا الحميم  الشاه المخلوع المقبور،  الذي جعل إيران بنكا لإسرائيل وبئرا نفطيا لها ، وعينها على العراق من خلال  إشعال جبهة كردستان العراق  ضد الحكومة العراقية  لعشرات السنين ، وهذا ما جعلهم أول الكاسبين  من شطب العراق العربي ، وهام هم  يحضرون أنفسهم للإنفصال عن إيران وتركيا.

بعد هذه المقدمة الصادمة يجب علينا  تسليط الأضواء على الرابحين والخاسرين من هذا الإتفاق ، ونبدأ بالرابحين وأولهم  إيران  التي تبّتت بصمتها النووية  ، وأصبحت لاعبا رئيسيا   ليس في الخليج فقط  ، بل في الإقليم  ، لأنها  لعبت بالطريقة التي يتوجب على كل عاقل وحكيم  أن يلعبها  للحفاظ على مصالحه  ، ونيل الإحترام ، ففي الوقت الذي كان العرب يطاردون المقاومة الفلسطينية لمصلحة إسرائيل ،  جاءت إيران لتدعم هذه المقاومة  وتؤسس حزب الله الذي لقن إسرائيل درسا لن ينساه أحد في التاريخ .

أما الغرب فهو أيضا من الرابحين  ،لأنه  سيجني ثمار جهل العرب بمصالحهم ، وها نحن  نرى بعض الغرب بدأ  يشحذ الهمم لتحصيل الجزية المفروضة على العرب ، وتنظيف كل خزائنهم وحتى  خزائن بنوكه العائدة لهم ،لأنهم سفهاء ، بحجة أن  إيران باتت تشكل خطرا محدقا عليهم ، وانها أصبحت دولة نووية ، وعليه لا بد من  إمتلاك العرب للقنابل النووية المصنعة في الغرب  وبأي ثمن ، والتي أجزم أنها ستكون بدون فتيل ؟؟!!! علما أنه في حالة إسرائيل  فإن هذا الغرب قد إمتنع بضغط من إسرائيل  عن السماح لأي دولة عربية من إمتلاك  البرنامج النووي  ولنا في مصر والعراق والجزائر   خير مثال.

أما الرابح الثالث والأكثر جنيا للأرباح فهو إسرائيل ،  التي  تتقن البكبكة  والصراخ العالي وتحريك الساكن ، وتأليب مراكز الضغط اليهودي في الغرب على حكومات بلادهم ، وفي المقدمة أمريكا  التي وصلت الأمور بالكونغرس "الإسرائيلي" في واشنطن  ، بدعوة رئيس وزراء إسرائيل نتنياهو  لإلقاء خطاب  فيه دون علم من سيد البيت الأبيض أوباما، وأول ربح معلن حققته إسرائيل هو إجبار السلطات الأمريكية على الإفراج عن الجاسوس الأمريكي اليهودي الضابط جوناثان بولارد المتهم بالتجسس على الدول العربية  وعلى أمريكا لصالح إسرائيل.

بعد الإتفاق النووي الإيراني  وجدنا أنفسنا في مرحلة جديدة ، أوجبت علينا  إيجاد طريقة للتعامل مع الواقع ، هذا إن  وجدنا فسحة في ظل داعش ومشروع الشرق الأوسط الكبير ووثيقة كيفونيم الإسرائيلية التي تحاكي  مشروع الشرق الأوسط الكبير ،  وأقرت في شهر حزيران من عام 1982، والمطلوب  لقاء قمة فوري بين  زعماء العرب وإيران وتركيا للتباحث في تشكيل تحالف ينقذ ما يمكن إنقاذه وإلا فإننا نكون عربا ومسلمين في هذه المنطقة  كمن ألقى نفسه في التهلكة  .

 وحتى لا  ينفذ حاقد  من بعض الثنايا  أقول أن على إيران النووية  أن تبادر لإصلاح علاقاتها المتدهورة مع البعض  ، وخاصة من السنة  من خلال إصدار أمر فوري بوقف التدهور المذهبي وتعميق الخلاف بين الشيعة والسنة ،  وتوقف البعض  عن شتم الصحابة والنيل من نساء النبي صلى الله عليه وسلم.

بعد توقيع الإتفاق  ودخول إيران النادي النووي العالمي شاء من شاء وأغضب من غضب ، بدأنا نرى إنفراجات في اليمن  وإندحارا للحوثيين  لصالح الحكومة الشرعية ، كما بدأنا نسمع عن إمكانية التوصل إلى حل في سوريا ولست مستغربا إن  تم الإعلان عن  ضرورة  خلع الأسد من سوريا  ، كما أن الوضع في العراق قابل للحلحلة  ولكن القدر الصهيو – أمريكي القاضي بتقسيم العرب سينفذ.

الغريب في الأمر  وهذا مدعاة لقيام الباحثين بالغوص في هذا الموضوع هو أن المعارضين للإتفاق الإيراني النووي هم من الحلف الأمريكي وهم إسرائيل والسعودية ومصر ، والسؤال : ما الذي يحدث وهل هذه المعارضة جزء من الإتفاق؟

أختم بالرد على وزير خارجية أمريكا  السيد كيري الذي قال في الدوحة كلاما خطيرا وهو أن بلاده وقعت مع إيران  وهي لا تعلم نواياها  ، وأن إيران ما تزال  تشكل خطرا على دول الخليج العربية ، فأقول  له أن أمريكا على وجه الخصوص كانت على إتصال مع إسرائيل  وفي كل مفصل من مفاصل الإتفاق ، وأنها لم توقع مع إيران  إلا بعد الإتفاق على التفاصيل والجزئيات ، ولا أملك إلا القول أن هذا الإتفاق هو مصلحة أمريكية - أوروبية عليا.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف