(المُنبَتّ)
أحمد مظهر سعدو
من خلال حديث نبوي شريف يبدأ الروائي عبد الرحمن منيف الجزء الرابع من سلسلته الأدبية ( مدن الملح) ليكون عنوانها " المٌنبَتّ " ( فان المنبت لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى ). وقد جاء هذا الجزء ضمن /258/صفحة من القطع المتوسط ، حيث يبحر الكاتب الراحل في يمٍّ متلاطم الأمواج ، من الرمال المتحركة التي وسمت جل سلسلته الروائية المهمة ( مدن الملح) ، ولقد خصص الكاتب هذا الجزء للحديث عن صراعات الملك ، وانزياحات السلاطين ، ونزاعات الأسر المالكة في جزيرة العرب ، بل وفي سواها من أصقاع العرب السائدة والبائدة . ويدخل الكاتب في سرده الروائي ضمن بوتقة التفاصيل اليومية لأهل الحل والعقد ، وخلافاتهم وانفلاتاتهم ، المندرجة تحت هم الاستحواذ بالثروة والمرأة على حد سواء ..وكيف كان الارتباط بالغرب بدءً بالبريطانيين ، الى الأمريكان ومن ثم باقي أصقاع المعمورة ، وتلك الهموم اليومية ، قبل وإبان اكتشاف النفط ، وارتباط العقل بالصحراء والخيمة والخيل ، بينما العالم ينهب الثروات ويستولي على العقول والبترول . كما يمر الكاتب على تصرفات الملوك والسلاطين وأهل السلطة ، وكيف يتخلون عن أقرب الناس اليهم لغلطة بسيطة ليس إلا ، ليُرمى المرء في الشارع كأي جيفة من الجيف .
" فكل شيء في القصر ثقيل وخانق ، الأمر الذي دفع الكثيرين الى الصمت ، ودفعهم لأن يأووا الى فراشهم مبكرين " وكما عهدنا " عبد الرحمن منيف " فهو صاحب صياغة أدبية سردية ابداعية قل مثيلها ، ينقلنا من ساحة الى أخرى ، ومنحي الى سواه ، دون أن يُفقد العمل الروائي انسيابه ، وانشداد القارئ الى متابعته ، حتى كأن المرء يعيش تلك المرحلة ، ويدخل ضمن سراديب تلك الحياة اليومية لأهل الحل والعقد ... في ( المُنبت ) حلول حياتي يومي من أرض ( موران ) الى أرض الألمان ، و " رغم الغضب كانت أصوات البلابل تعيده الى الهدوء ، فيشعر بالضآلة وما يشبه التوازن . يقول لنفسه : الطيور والحيوانات أفضل من الانسان ، لأنها تعرف كيف تعيش . أما الانسان فيعرف شيئا واحدا : كيف يقضي على الآخر . ومن أجل القضاء على الآخر يبدد حياته كلها ، ثم ينتحر ".
التحديات التي كانت تواجه الكاتب في دهاليز روايته هي : كيف يمكنه أن يسحب ذلك على زمان قادم ، وليس زمان مضى وانقضى .. وكيف يمكن أن نسقطه - نحن معشر القراء - على آننا المعاش ، ولحظتنا الزمنية التي نعاقرها . وهو ان كان يصبو الى مستقبل أفضل وأرقى ، إلا أن همه الأساس كان : كيف يتعلم المرء من أخطاء المتحكمين فيه ، وكيف يعيد بناء ذاته على أسس اخرى ، هي اقرب الى الحياة منها الى الموت .. لكنه لا يجيبنا ابدا بل يتركنا متعلقين في اجابات المستقبل ، وفي أجزاء أخرى ، لا بد آتية من سلسلة رواية (مدن الملح) التي ستذوب يوما ما .
أحمد مظهر سعدو
من خلال حديث نبوي شريف يبدأ الروائي عبد الرحمن منيف الجزء الرابع من سلسلته الأدبية ( مدن الملح) ليكون عنوانها " المٌنبَتّ " ( فان المنبت لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى ). وقد جاء هذا الجزء ضمن /258/صفحة من القطع المتوسط ، حيث يبحر الكاتب الراحل في يمٍّ متلاطم الأمواج ، من الرمال المتحركة التي وسمت جل سلسلته الروائية المهمة ( مدن الملح) ، ولقد خصص الكاتب هذا الجزء للحديث عن صراعات الملك ، وانزياحات السلاطين ، ونزاعات الأسر المالكة في جزيرة العرب ، بل وفي سواها من أصقاع العرب السائدة والبائدة . ويدخل الكاتب في سرده الروائي ضمن بوتقة التفاصيل اليومية لأهل الحل والعقد ، وخلافاتهم وانفلاتاتهم ، المندرجة تحت هم الاستحواذ بالثروة والمرأة على حد سواء ..وكيف كان الارتباط بالغرب بدءً بالبريطانيين ، الى الأمريكان ومن ثم باقي أصقاع المعمورة ، وتلك الهموم اليومية ، قبل وإبان اكتشاف النفط ، وارتباط العقل بالصحراء والخيمة والخيل ، بينما العالم ينهب الثروات ويستولي على العقول والبترول . كما يمر الكاتب على تصرفات الملوك والسلاطين وأهل السلطة ، وكيف يتخلون عن أقرب الناس اليهم لغلطة بسيطة ليس إلا ، ليُرمى المرء في الشارع كأي جيفة من الجيف .
" فكل شيء في القصر ثقيل وخانق ، الأمر الذي دفع الكثيرين الى الصمت ، ودفعهم لأن يأووا الى فراشهم مبكرين " وكما عهدنا " عبد الرحمن منيف " فهو صاحب صياغة أدبية سردية ابداعية قل مثيلها ، ينقلنا من ساحة الى أخرى ، ومنحي الى سواه ، دون أن يُفقد العمل الروائي انسيابه ، وانشداد القارئ الى متابعته ، حتى كأن المرء يعيش تلك المرحلة ، ويدخل ضمن سراديب تلك الحياة اليومية لأهل الحل والعقد ... في ( المُنبت ) حلول حياتي يومي من أرض ( موران ) الى أرض الألمان ، و " رغم الغضب كانت أصوات البلابل تعيده الى الهدوء ، فيشعر بالضآلة وما يشبه التوازن . يقول لنفسه : الطيور والحيوانات أفضل من الانسان ، لأنها تعرف كيف تعيش . أما الانسان فيعرف شيئا واحدا : كيف يقضي على الآخر . ومن أجل القضاء على الآخر يبدد حياته كلها ، ثم ينتحر ".
التحديات التي كانت تواجه الكاتب في دهاليز روايته هي : كيف يمكنه أن يسحب ذلك على زمان قادم ، وليس زمان مضى وانقضى .. وكيف يمكن أن نسقطه - نحن معشر القراء - على آننا المعاش ، ولحظتنا الزمنية التي نعاقرها . وهو ان كان يصبو الى مستقبل أفضل وأرقى ، إلا أن همه الأساس كان : كيف يتعلم المرء من أخطاء المتحكمين فيه ، وكيف يعيد بناء ذاته على أسس اخرى ، هي اقرب الى الحياة منها الى الموت .. لكنه لا يجيبنا ابدا بل يتركنا متعلقين في اجابات المستقبل ، وفي أجزاء أخرى ، لا بد آتية من سلسلة رواية (مدن الملح) التي ستذوب يوما ما .