الأخبار
بلومبرغ: إسرائيل تطلب المزيد من المركبات القتالية وقذائف الدبابات من الولايات المتحدةانفجارات ضخمة جراء هجوم مجهول على قاعدة للحشد الشعبي جنوب بغدادالإمارات تطلق عملية إغاثة واسعة في ثاني أكبر مدن قطاع غزةوفاة الفنان صلاح السعدني عمدة الدراما المصريةشهداء في عدوان إسرائيلي مستمر على مخيم نور شمس بطولكرمجمهورية بربادوس تعترف رسمياً بدولة فلسطينإسرائيل تبحث عن طوق نجاة لنتنياهو من تهمة ارتكاب جرائم حرب بغزةصحيفة أمريكية: حماس تبحث نقل قيادتها السياسية إلى خارج قطرعشرة شهداء بينهم أطفال في عدة استهدافات بمدينة رفح"عملية بطيئة وتدريجية".. تفاصيل اجتماع أميركي إسرائيلي بشأن اجتياح رفحالولايات المتحدة تستخدم الفيتو ضد عضوية فلسطين الكاملة بالأمم المتحدةقطر تُعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بغزة.. لهذا السببالمتطرف بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ السجوننتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيران
2024/4/20
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

هجرة أطباء السودان بقلم: الطيب النقر

تاريخ النشر : 2015-08-02
هجرة أطباء السودان  بقلم: الطيب النقر
الطبيب الذي أضحك مطالع النجاة، وجدّد فوائد السعادة لمريض تخوّنه السُّقم، ودكّه المرض، وأنهكته العلة، أضحى مستعر الحزن، محتدم الهم، دائم الاستياء، فمن يرى بعينيه أفظع مناظر البؤس، ويسمع بأذنيه أحلك مآسي الحياة، أمسى يكابد ما يكابده جلّ هذا الشعب من الغلاء المرهق، والفقر المدقع، والعيش الخسيس، ولعل الشيء الذي لم يخطر ببال، أو يعلق بوهم، أو يجري في ظن، أن يصير من كان لا يجد في جسمه ما يشكوه، ولا في نفسه ما يرجوه، ولا في غده ما يخافه، عرضة لغوائل الفقر، وجرائر الجوع، من كان يتصور أن من يمتطي الفاره، ويلبس اللين القشيب، ويأكل الطيب، تتنكر له الأيام، وتصدف عنه السنون، ويزورّ عنه الدهر، فالطبيب الذي فشا ذكره على الألسنة، وعظمت مكانته في الأفئدة، استكان للشجن، وأخلد للحسرة، يستقبل صباحه الغض بالأمل الكاذب، ويودع أصيله الشاحب بالأماني الغر، وهو في غدوّه ورواحه يرجو أن يموت داء الفقر في مهده، وينكفئ وباء الملق عن قصده.
لقد وافاني خليل لي من قبيلة الأطباء التي احتوشتها المصائب، وكشرت في وجهها الخطوب، بحقائق بعثتني على التعاطف مع من تكدّمتهم المضارب، وتكهمتهم المخالب، وتنشبتهم الأظفار، فقد تبدّى لي أن هذه الشريحة التي كنت أحسبها تعيش عيش المترفين المسرفين، تقف على أرض هشة متداعية مائجة بالخوف والقلق والكآبة من مستقبل يكتنفه الظلام، مثلها مثل بقية رصفائها من شرائح هذا المجتمع التي افترستها الأحداث، وطحتحتها دوائر الأيام، فالفقر الذي أناخ بفناء الأطباء، ونزل بساحتهم، ناجم عن الراتب القليل الذي يتقاضونه نظير سعيهم الدائب لمعالجة من داستهم العلة بأخفافها، ووطئتهم الشُكاة بأظلافها، الأمر الذي يدفع الطبيب أن يعمل في عدة مواقع حتى يبعد عن نفسه وذويه شبح الفاقة، وهنا أيها السادة دون الإغراق في الدعوى، أو المبالغة في التصوير تكمن معاناة المواطن الذي يهرع إلى دار الشفاء بعد أن أصابته علة فادحة واعتراه مرض ثقيل، فيجدها خالية من الطبيب الذي يحسم عنه الداء، والشعب الذي لا يعرف غير الهيام بأودية العصور الخوالي قنط من تلك الوزارة التي خشعت أصواتها، وسكنت حركاتها، وأمست في حاجة ماسة لمن ينفض عنها غبار الخمول، ويمسح عن أجفانها فتور الوسن، ولعل تلك القراريط التي لا تسد الرمق هي التي دفعت جموع الحُكماء للهجرة إلى الخليج العربي وغيره من أصقاع الدنيا، فالواقع الذي لا تسومه مبالغة أن النطاسي الحاذق في تلك الديار يتقاضى راتبًا مجزيًا، وودول النفط تجزل لهم الهبات، وتسني لهم من الصلات، وتكثر لهم من الأعطية، وفي بلاد النيلين الشيء الذي يزيد الأمور ضغثاً على إبالة أن حكومتنا الحانية التي يجب أن تلم الشعث، وتسدد الثلم، لم تحرك ساكناً لمعالجة هذا الوضع الخطير فهجرة تلك العقول الجزلة لها مآلات سالبة على هذا المجتمع الذي سهم وجهه، وسدف سناؤه، والشواهد النيرة، والبراهين الساطعة، تؤكد أن هناك أطباء أضرّ بهم الإملاق، وعازهم القوت، أطباء لازمين حلس منازلهم بعد أن عجزت الدولة عن توظيفهم، أطباء تكاثف شعر رأسهم، وانسدلت لحاهم، توزعت أفكارهم، وتمزقت خواطرهم، في كيفية تحصيل الرزق العصي الذي أعياهم.
إن الطبيب الذي يُصلح الجسم، ويدفع السقم، ويرد العافية، بإذن المولى عزّ وجلّ، قمين بأن تُنضِر الدولة ما ذوى من حياته، وأن تُزكي تلك الوزارة التي ركد ماء وجهها خمود عزمها، وفتور همتها، بابتعاث مناط الثقة، ومعقد الرجاء، طبيبنا الألمعي إلى الخارج من أجل التدريب والمواكبة، فأقرب إلى الإجحاف، وأدنى إلى الشطط حصر من يلين كنفه للراغبين، وينبسط وجهه للطالبين، وتحن ضلوعه على المؤملين، في شهادة عجفاء يحوزها من البورد السوداني يوقع عليها طبيب مهفهف قادم من الخارج بعد أن يسأله في رتابة عن كنه المناظير وهو يرمق عدد الساعات التي أمضاها في تلك المستشفيات المتهالكة البنيان، المتداعية الأركان، والتي 

تفتقر للدواء والأجهزة الطبية المتطورة.ا

لطيب النقر

كوالالمبور-ماليزيا
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف