الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/25
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

اقتحامات الاحتلال الممنهجة للمسجد الأقصى المبارك هي محاولة لتهويده والاستيلاء عليه بقلم:د.تيسير التميمي

تاريخ النشر : 2015-08-01
هذا هو الإسلام
اقتحامات الاحتلال الممنهجة للمسجد الأقصى المبارك هي محاولة لتهويده والاستيلاء عليه
الشيخ الدكتور تيسير التميمي/قاضي قضاة فلسطين رئيس المجلس الأعلى للقضاء الشرعي سابقاً أمين سر الهيئة الإسلامية العليا بالقدس[email protected]
قبل أيام نفذت القوات الخاصة الإسرائيلية اقتحاماً عنيفاً للمسجد الأقصى المبارك لتأمين اقتحامه من قبل المستوطنين والجماعات اليهودية وبعض وزراء حكومة نتانياهو ؛ في جريمة حرب ضد الأمة الإسلامية كافة ، واستفزاز لمشاعرها الدينية ، ثم قامت بمهاجمة المصلين المسلمين والمعتكفين فيه ، وبإطلاق الأعيرة المطاطية والقنابل الصوتية وقنابل الغاز عليهم مما أوقع عشرات الإصابات بينهم ، وبالاعتداء بالضرب المبرح على سدنة المسجد ومنع موظفي الأوقاف دخوله والتحرك في ساحاته ، ثم بإغلاق أبوابه بالسلاسل ، واعتقلت عدداً من حرائر القدس المرابطات فيه والمدافعات عنه .
المسجد الأقصى المبارك ، هذا المكان المقدس الذي أقر أنبياء الله ورسله كافَّة بأنه مسجد رباني يخص المسلمين وحدهم ، وبأنْ لا علاقة لغيرهم به من قريب أو بعيد ، ففي نهاية رحلة المعراج هبط رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه وهبط معه الأنبياء والرسل فصلى بهم إماماً فيه كما روى مسلم رحمه الله في صحيحه ، فكانت صلاته بهم تأكيداً أن الإسلام كلمة الله الأخيرة إلى البشر أخذت تمامها على يد النبي الخاتم بعد أن مهّد لها رسل الله الأولون ، قال تعالى { مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً } الأحزاب 40 ، وكانت صلاته أيضاً تأكيداً لاستقرار نسب المسجد الأقصى المبارك إلى الالتصاق بالأمة الإسلامية واختصاصها وحدها به ، وهذا إلغاء أبديّ وطيّ سرمديّ لصفحة بني إسرائيل من التفضيل والاصطفاء ؛ فقد ظلت النبوات وقفاً فيهم حيناً من الدهر ، فلما خانوا العهود وأهدروا كرامة الوحي وأسقطوا أحكام السماء ، وقتلوا الأنبياء وشوّهوا سيرتهم بالأباطيل ؛ بل تطاولوا على الله سبحانه حلت بهم لعنته ؛ قال تعالى { فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِم بِآيَاتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمُ الأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً } النساء 155 ؛ فتقرر تحويل النبوة والرسالة عنهم إلى الأبد بعد ما غيروا وبدلوا فالله أعلم حيث يجعل رسالته .
وبقي المسجد الأقصى المبارك ومدينة القدس حراماً على اليهود باشتراط أهلها من النصارى منذ العهدة العمرية حتى احتلال ما بقي من الضفة الغربية عام 67 ، فلما وقعت هذه المدينة العربية تحت الاحتلال انتهكت إسرائيل حرمته وعملت على تدنيسه والاعتداء على قدسيته ، وبدأت محاولات تهويده وأجرت الحفريات تحت أساساته بحجة البحث عن الهيكل المزعوم أو أي أثر للتاريخ اليهودي فيه ، لكن بعد عدة سنوات من الحفريات خرج رئيس طاقم العمل خبير الآثار اليهودي مئير بن دوف في مؤتمر صحفي وصرح بأنه لم يجد أيّ أثر للهيكل ولا لغيره ، وعلى الرغم من ذلك أكد قرار الاستمرار بالحفريات حتى تقويض بنيان المسجد وإقامة الهيكل في مكانه ، وبالفعل ؛ ما زالت الحفريات مستمرة حتى الآن ؛ فنتج عنها انبعاجات في أسواره وانهيارات وتصدعات في ساحاته .
ويجب ألا ننسى جريمة إحراق المسجد التي خططت لها سلطات الاحتلال الإسرائيلية بتاريخ 21/8/1969م والتي أتت نيرانها على منبر صلاح الدين وأقسام كبيرة من سقفه ونوافذه الأثرية ، واستمرت الانتهاكات والمجازر العديدة ضد المصلين التي ادت إلى استشهاد العشرات وجرح المئات منهم ، فقامت سلطات الاحتلال بإنشاء مركز الشرطة وحرس الحدود في ساحاته وعلى أبوابه الرئيسة لتحكم القبضة عليه . وقامت أيضاً بافتتاح شبكة من الأنفاق تحت أساساته في تسعينات القرن الماضي ، فهب الشعب الفلسطيني في جميع مواقعه ضدها فاستشهد وجرح عدد منهم .
وشجعت سلطات الاحتلال أيضاً قطعان المستوطنين والجماعات اليهودية على اقتحام المسجد الأقصى المبارك بحماية من أذرعها العسكرية ، وازدادت هذه الاقتحامات فأصبحت يومية ؛ بل لقد قام أرئيل شارون وزير الحرب الإسرائيلي يوم الخميس 28/9/2000م باقتحامه بحماية مئات الجنود وبإطلاق تصريحات استفزازية ؛ مما أدى إلى اشتباك بين المصلين وجنود حمايته ؛ فأمر بإرسال طائرات الأباتشي في اليوم التالي لإطلاق النيران منها على المصلين وهم في الركعة الثانية من صلاة الجمعة ؛ مما أدى إلى استشهاد وجرح عشرات من المصلين ، وتسببت هذه الجريمة باشتعال انتفاضة الأقصى التي استمرت عدة سنوات ، ولكن سلطات الاحتلال الإسرائيلية كعادتها تعاقب الضحية وتكافئ الجاني فهذا الحدث أسفر عن انتخاب السفاح المجرم شارون رئيساً لوزراء الاحتلال .
ومنذ عدة سنوات أعلنت إسرائيل عن مخططها تحويل البلدة القديمة في القدس إلى مدينة يهودية ، وبدأت بتنفيذ هذه الخطة على قدم وساق ، فشرعت تقيم المستوطنات في مدينة القدس ، وأعلنت ما تسمى ببلدية القدس ساحات المسجد الأقصى المبارك حدائق عامة ، ومنعت سكان الضفة الغربية وقطاع غزة دخول القدس والمسجد الأقصى المبارك ، وحددت أعمار من يسمح لهم دخوله من الرجال والنساء ، وارتفعت وتيرة اقتحامه من قبل الجماعات اليهودية وأدائهم الصلوات التلمودية في ساحاته مما يؤدي في كل مرة إلى صدامات بينهم وبين المعتكفين المرابطين فيه ، وتقوم حالياً سلطات الاحتلال بتنفيذ مخطط تقسيمه زمانياً ومكانياً بكل السبل لخلق أمر واقع فيه بقوة السلاح ، كل ذلك بهدف هدم المسجد وإقامة الهيكل المزعوم في مكانه وتحويل البلدة القديمة إلى منطقة يهودية لتحقيق مكاسب سياسية أهمها إلغاء الهوية الإسلامية عن هذه الأرض المباركة وتصفية القضية الفلسطينية العادلة بشكل كامل لصالح المشروع الصهيوني .
لكن على سلطات الاحتلال الإسرائيلية إدراك حقيقة أساسية ثابتة هي : إن أيّ تقسيم للمسجد الأقصى المبارك أو انتهاك لقدسيته أو اقتحامه أو أداء الصلوات التلمودية في ساحاته هو انتهاك صارخ لكل الشرائع الإلهية والمواثيق الدولية التي تحرم ازدواج العبادة في مكان واحد ، والتي تمنع سلطات الاحتلال الاعتداء على دور العبادة للشعب الواقع تحت الاحتلال ، وعليها إدراك حقيقة أن المسجد الأقصى المبارك هو مسجد إسلامي خالص بكل ساحاته وأساساته وأبوابه وقبابه وأسواره وكل جزء فيه بقرار رباني ، قال تعالى { سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} الإسراء 1 .
إن الاحتلال يسعى من وراء ذلك إلى إشعال حرب دينية تهدد الأمن العالمي ، مغتراً بقوته وجبروته ، ومتجاهلاً أن المسجد الأقصى المبارك جزء من عقيدة المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها ، ومتجاهلاً السنة الكونية بأن القوي لا يبقى قوياً إلى الأبد والضعيف لا يبقى ضعيفاً إلى الأبد ، فالتاريخ الذي سادت فيه دول ثم بادت شاهد على ذلك ، قال تعالى عن عاد قوم هود عليه السلام { فَأَمَّا عَادٌ فاسْتَكْبَرُواْ فِي ٱلأَرْضِ بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ وَقَالُواْ مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّ ٱللَّهَ ٱلَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُواْ بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ } فصلت 15 ، فذهبت عاد إلى غير رجعة ، وبقيت رسالة التوحيد.
إن الفلسطينيين لن يبقوْا ضعفاء إلى الأبد ، بل سيأتي عليهم زمان يكونون فيه أقوياء بإيمانهم وعقيدتهم ووحدتهم وتمسكهم بثوابتهم الوطنية ، وسيطردون الاحتلال من أرضهم وسيقيمون دولتهم الفلسطينية الحرة المستقلة ذات السيادة الكاملة على أرضهم وعاصمتها مدينة القدس المباركة ، قال تعالى { وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ } النور 55 .
وقعت المدينة المقدسة والمسجد الأقصى المبارك تحت احتلالات كثيرة ؛ منها احتلال الفرنجة المعروف في المراجع التاريخية الأوربية بالحروب الصليبية ، فقد اتخذوه إسطبلاً لخيولهم ، لكن الأمة هبت لتحريره ونجحت في ذلك على يد الملك الناصر صلاح الدين الأيوبي ، فأعاده إلى سابق عهده ، وتم تنظيفه من كل الأذى وغُسِلَ بالماء الطهور ثم أعيد غسله بماء الورد والمسك ، وذهب الفرنجة (الصليبيون) إلى غير رجعة ، وبقي الأقصى وسيبقى مسجداً إسلامياً شامخاً .
إن أيَّ تغيير لهوية المسجد الأقصى المبارك ينافي القيم الدينية والأخلاقية والقانونية التي أجمع عليها العالم ، وهو إجراء باطل من الناحية القانونية لا يعتد به ، ولا يرتب لليهود أية حقوق فيه ، ولا ينشئ للحتلال أية التزامات أو آثار مخالفة لكونه مسجداً إسلامياً وجزءاً من عقيدة الأمة .
لكن المطلوب فلسطينياً لمواجهة كل هذه الجرائم والانتهاكات وحدة فصائل العمل الوطني وتبنيها برنامج عمل يقوم على أساس تضافر طاقاتها وإنجازاتها ، والمطلوب عربياً وإسلامياً حشد إمكانيات الأمة وتوجيهها نحو هدف مشترك لأبنائها جميعاً هو تطهير أرض الإسراء من دنس الاحتلال الغاشم ، وإنها لقادرة على ذلك لو صدقت إرادتها وعزيمتها .
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف