الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/25
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

استحمروا يرحمكم الولاة !بقلم:لدمية فريجة

تاريخ النشر : 2015-07-31
حدّثني صديق قفال :
في يوم غير مشابه لسائر الأيام استيقظتُ مُثقل الرأس خائر القوى كمن ظلّ الليل بطوله يحملُ أسفارا..لأجدني أعتلي منبرا لم أتمكّن من أن أتبيّن لونه السياسي فقد كان بألوان الطيف..أخطبُ في الناس محدّثا إياهم عن الاستحمار..دون أن أكون مُسترشدا بكتاب علي عزت بيجوفيتش رغم تأثّري الكبير بما كتب وإيماني العميق بأن لكلّ عصر"مستحمريه" ..فما أحدّث الناس عنه استحمار من نوع مختلف..فأنا هنا لا أتحدث من موقع المستهجن له ولا المنفّر منه..بل من موقع الداعي له المعدّد لفوائده..والمبجّل لكل من يحمل لقب "المستحمر" مشيرا إلى أن الاستحمار أنواع ودرجات أرقاها أن يكون لك أذنان طويلتان دون أن تتمكن من أن تسمع بهما ما يدور من "همز ولمز" داخل السلطة وخارجها فلا يعدو وجودهما سوى ديكور مكمّل لوجه أُجبرتَ على أن يكون لك وعلى أن يكون حاضرا في كلّ وثائقك الرسمية ..مواصلا خطبتي التي لا أنوي فيها الوداع إلا بعد تداول غير سلمي على المنبر، مطالبا الحضور بضرورة تعطيل حاسة النظر- وأنا هنا لا أدعو الجمهور للإصابة بوباء غامض يفقدهم حاسة البصر كما فعل جوزيه ساراماجوا بأبطال روايته "العمى"- كل ما رجوته منهم أنه وأمام كل محاولة مستميتة لرؤية الأيدي الخارجية التي تُستثار كلما دعت الحاجة الداخلية إلى ذلك وجب عليهم الاستعاضة عن البصر بفتوى القلب مستدلاً بأبيات من الشعر جادت بها عليّ ذاكرة ظننتها معطوبة:
إن يُذهبِ الله من عينيّ نورَهما..
فإن قلبـي بصيـرٌ مـا به ضررُ
أرى بقـلبي دنيـاي وآخرتي...
والقلبُ يُدرك مـا لا يدرك البصرُ
وبعد هذه الأبيات التي جلبت لي التصفيق وجدت أن الفرصة قد سنحت للحديث عن الصبر وفوائده فما فائدة أن تكون مستحمرا دون أن تكون صبورا ..إذ يجب على المستحمر أن يمتلك صبرا طويلا غير جميل..ليصطبر على رؤية سلالة وليّ أمره ونعمته فردا فردا..وأن يعتاد رؤية نفس الوجوه..في السلطة ..والأحزاب (لاأحزاب خارج السلطة)..والصحافة..حتى في المقاهي والحافلات ..في السهل والجبل..في الحضر والبدو..بل إن ّ صور فخامته وحاشيته تلاحقك في أكثر لحظاتك خصوصية وأنت تلبّي نداء الطبيعة في مرحاض عمومي ..تُشعرك بفضل ومنّة فخامته لعدم قضائك حاجتك في أبعد معتقل من المعتقلات التي تقع وراء الشمس.. لأعرّج بعد ذلك للحديث عن أهم نقطة ألا وهي ضرورة " تشذيب اللسان" إذ أنّ طول اللسان تهمة ولأجل ذلك تم تخصيص لجنة -غير موقرة حقيقةً- مهمتها توحيد المقاييس لكل الفئات نساءً ورجالا أطفالا وشيوخا..مع توفير خاصية تمنح مجاناً للأحزاب السياسيّة التي تفكر لأغراض "كرنفالية" أن تنشط خارج السلطة ألا وهي خاصية استبدال الكلام بالنهيق تحت شعار "إن أطرب الأصوات لصوت النهيق "..لأختتم خطابي بالإشارة إلى أن الاستحمار لا يُمكن أن يؤدّي الأغراض المتوخاة منه إلا بخطوة على درجة كبيرة من الأهمية ألا وهي: خلع العقل وكلّ ما له علاقة باستخدام هذه الميزة التي خُصّ بها البشر فما وجه الحاجة لعقل يجلب المفسدة ويدرأُ المصلحة، وما كدتُ أنهي خطابي هذا حتى اقتحمت -بكل ما لهذه الكلمة من معاني تدل على انعدام اللطف والرومانسيّة- زوجتي الغرفة مذكرة إياي بموعد يجمعني ببقال الحي الذي تراكمت ديوني لديه إلى الحدّ الذي بت فيه أتحاشى المرور بجانب محله كلما دعتني الحاجة للخروج إلى الشارع ، وماكدت أجيبها بضرورة تركي أنهي خطابي حتى تبيّنت ملامح وجهها الذي تحول إلى شكل حمار..وهو الأمر الذي دفعني للخروج مهرولا كي أتفقّد ولديّ وإذ بهما جحشان صغيران ..وهو ما كاد يعصف بما تبقى لدي من قدرة على الإدارك..لأخرج إلى الشارع كمن أُضرمت النيران ببيته فإذا بكل من في الخارج هم على شاكلة زوجتي وولديّ..وهو ما قادني إلى المقابر بعدما ضقت ذرعا بمن هم على شاكلة الأحياء وما هم بأحياء..طالبا العون ممن غادروا عالم الشهادة إلى عالم لا يُظلم فيه أحد جالساً بين القبور..ليأتيني العون من شخص لم أستطع أن أتبيّن ملامح وجهه ..قائلا بصوت تعتصره السخرية” :لقد فاتك أن ترى وجهك في المرآة..فتحسّس رأسك ..تحسّس رأسك ! "

لدمية فريجة
أستاذة العلوم السياسيّة والعلاقات الدوليّة
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف