الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/24
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

الترهل والفساد الإداري بمؤسسات الدولة بقلم:د. ناصر الأغا

تاريخ النشر : 2015-07-30
الترهل والفساد الإداري بمؤسسات الدولة

د. ناصر الأغا


قال تعالى: ﴿... فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى﴾ ( طه: 124 )

يعرف الفساد اصطلاحا: قفز الشيء من بيئة الاعتدال والاستقامة والرقي الذي تحدث عنه القرآن الكريم والرسول عليه الصلاة والسلام إلى بيئة الأمراض الاجتماعية مثل والواسطة والمحسوبية والشلالية والتعصب والحزبية والعنصرية والغنى الفاحش والفقر الشديد وانعدام الفوارق الاجتماعية...، لذلك يمكن القول أن الفساد هو استغلال السلطة أو المنصب لتحقيق هيبة اجتماعية أو مصلحة شخصية تتعارض مع القوانين وخرقه من أجل الربح واستغلال مقدرات الشعب، ويتنشر هذا الواقع في الدول العربية بشكل كبير جداً، نتيجة الهدر والترهل وتكاثف العاملين في المؤسسات التابعة للدولة أكثر مما يجب تحت مسميات عديدة منها تشغيل العاطلين عن العمل والاقرباء، وخريجي المعاهد والجامعات دون أن يكون لهم احتياج داخل مؤسسات الوطن، حيث أوضح الطويل في كتابه (الإدارة التربوية، 1999) إن الترهل والفساد الإداري مسميات لحالة مرضية يمكن أن تصيب النظم الاجتماعية وهى حالات بيرو باثولوجية Bureaupathology  أي أن لها علاقة بالاختلالات الإدارية في المنظمات الاجتماعية التي تنجم عنها العبث في مقدرات هذه النظم والاستغلال والتلاعب في حياة الشعب. فالترهل والفساد الإداري يعنيان سوء استخدام المنصب لغايات ومآرب شخصية. إن الترهل والفساد مؤشر على وجود أزمة أخلاقية في السلوك تعكس خللاَ في القيم وانحرافاَ في الاتجاهات عن مستوى الضوابط والمعايير السليمة مما يؤدى إلى فقدان الجهاز الإداري المعنى لكيانه الفعلي متجها به لتحقيق مصالح منظومة فاسدة من العاملين متعايشة داخل النظام. إذ إنه وبالرغم من احتفاظ النظام بشكليه الكيان الموٌحد إلا أن قواعد ونظم العمل الرسمية الموحدة فيه حلت محلها قواعد وإجراءات عمل متصارعة ومتضاربة وتخدم أهداف ومصالح التجمعات الفاسدة والمترهلة المتعايشة مع النظام.

 لذا يمكن تعديل معادلة الترهل والفساد الإداري التي وضعها الطويل في منشوراته لتصبح كالتالي: الترهل / الفساد الإداري = ( القوة + احتكار + حرية استنساب) – الخضوع للمساءلة والمحاسبة.
ويجب أن نأخذ بعين الاعتبار ان الفساد يبدأ بتصاعد درجات الانحراف الإداري حين يتجاوز صاحب السلطة أو المنصب القانون وسلطاته الممنوحة دون قصد سيئ بسبب الإهمال واللامبالاة، وهذا الانحراف لا يرقى إلى مستوي الفساد الإداري، ولكنه انحراف يتضاعف إذا لم يعاقب عليه القانون وقد يؤدي في النهاية إلى فساد إداري عقيم من الصعب معالجته.

عطفاً على ما سبق نؤكد أن الترهل والفساد الإداري في المجتمع يعزى إلى تراجع في المستوى الحضاري الذي تم توارثه بالعدوي الاجتماعية من الأخرين، والتراجع في النظم والقواعد التنظيمية وغياب المحاسبة والمساءلة، بالإضافة إلى أنه نتاج لعدم الكفاءة المؤسسية وضعف الاستقرار السياسي والأمني والرتابة الحكومية البيروقراطية والانقسامات الداخلية في البلد وضعف الأنظمة التشريعية والتنفيذية والقضائية. وهذا يدفعنا إلى البحث عن حلول ومبادرات نوعية جادة للكشف عن جوانب وأشكال الفساد، ودراسة أسبابه وواقعه ونتائجه بشكل علمي منطقي بواسطة فرق عمل وتفعيل مراحل صنع القرارات الجادة بهدف اتخاذ القرارات المناسبة بشكل منطقي لا يتعارض مع القوانين المرسومة في البلد، وهذا يتطلب وجود استقرار سياسي في المقام الأول، حيث أوضح البروفيسور هاني الطويل في مؤلفه حول الترهل والفساد الإداري، أن الفساد وعدم الاستقرار السياسي وجهان لعملة واحدة. فالسلطة المطلقة تقود إلى فساد مطلق. ونحن نضيف أن الفساد وغياب الأمانة وتدني الاستقرار السياسي أطراف سيئة لجسم واحد (المجتمع)، لذلك يجب أن يدرك جميع أفراد المجتمع معاني وجوهر الآية الكريمة من القرآن الكريم عملاً بقول الله تعالى:﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ﴾(الرعد:11).

نستنتج مما سبق: العمل بكل جدية على خلق بيئة سياسية نوعية تتصف بالحكمة والقيادة الموقفية لحماية الموظفين والأفراد من التدخلات الداخلية والخارجية، والتركيز على الحوافز المعنوية وغير المعنوية للتقليل من مشكلة الفساد والترهل ومحاصرته من التفشي في مؤسسات الوطن، مع خفض الضرائب والرسوم الجمركية والمخالفات وارتفاع الأسعار، وإيجاد أسعار صرف للعملات وتحديد الفوائد، ومتابعة السلع، وفتح سوق حرة... الخ، والقضاء على احتكارات المؤسسات المملوكة للحكومة وخصخصتها وإنفاذ قواعد الحيطة المصرفية ومعايير المراجعة الحسابية والمحاسبة بطريقة تتسم بالشفافية. ولكن هذه الإصلاحات يجب أن تكون مبنية على أساس تغيير النظم والهياكل والإجراءات وتدعيم نظم الرقابة الداخلية والخارجية. وهذا يتطلب وضع استراتيجية واضحة لمكافحة الترهل والفساد الإداري بجميع مؤسسات الدولة، تشمل صياغة أنظمة وقوانين واضحة لمعاقبة الفاسدون، وإنشاء فرق ولجان نزيهة للتحقيق في قضايا الفساد بجميع أشكالها، ورسم خطوط السلطة والاتصال وتولي المهام، وإيجاد صندوق الشكاوي في كل مؤسسة لأفراد المجتمع بهدف توفر المعلومات المناسبة من قبل أفراد المجتمع، لأنهم هم الأقدر على تحديد وكشف الفساد والترهل، وتفعيل عملية صنع القرار مع الصفوة الصفوة في المجتمع وفي مقدمتهم أساتذة الجامعات في البلد لدراسة واقع مشاكل الفساد، وتجسيد مفهوم التغيير عند الأفراد في المؤسسات عن طريق إصلاح الأنظمة الفاسدة، وتحرير العاملين من متاعب اليوم. ولكي نحقق الغايات المطلوبة يجب التركيز على الجوانب التي بينها "الطويل" في ضوء رؤيتنا الخاصة:

1.   الجانب الديني: تنمية المنظومة القيمية لدى الطلبة في المؤسسات التعليمية قبل أن يتولى الفرد وظيفته.

2.   الجانب البشري: توظيف الموظفين على أساس القانون والتعليمات المرسومة القائمة على الكفاءة والمهارة والخبرة والسمات الشخصية بما يتناسب مع الوظيفة.

3.   الجانب الإداري: التحلي بالأمانة الإدارية والعلمية والنزاهة واحترام الوقت والخطط المرسومة والمحافظة على أخلاقيات وقيم الوظيفة، وأسرار العمل.

4.   الجانب التثقيفي: تفعيل مهام المؤسسات النظامية وغير النظامية.

5.   الجانب السياسي: خلق نظام سياسي توفيقي يحتضن جميع فئات المجتمع والأقليات العرقية.

6.   الجانب الاقتصادي: تحويل المجتمع من مستهلك إل منتج وتوفير فرص العمل ومحاربة الأمراض الاجتماعية.

7.   الجانب التشريعي: محاربة الفساد ومراقبة المفسدين وتفعيل القوانين وتطويرها بما يتلائم مع تغييرات المجتمع وثقافته.

8.   الجانب القضائي: توفر النزاهة والاستقلالية والشفافية والوسطية والتحرر من الضغوط الداخلية والخارجية.

9.   الجانب الرقابي: رقابة جميع جوانب العمل وفق معايير الجودة الشاملة.

10.  الجانب الميداني: إجراء مسح ميداني يشمل جميع المؤسسات لمعرفة مُعدل البطالة المُقنعة، وتحديد أماكن وجود البطالة المُقنعة داخل كل قطاع،

11.  الجانب التقييمي: تقييم أثر البطالة على مستوى أداء المؤسسات، وتقييم أثر البطالة المُقنعة على مُستوى الاقتصاد الوطني العام.


الدكتور/ ناصر الأغا

[email protected]
 
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف