الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/25
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

بدر شاكر السيّاب والحُب اليائس بقلم محمود القاعود

تاريخ النشر : 2015-07-30
بدر شاكر السيّاب والحُب اليائس بقلم محمود القاعود
بدر شاكر السيّاب والحُب اليائس

بقلم / محمود القاعود (*)

الحُب لا يُطلب .. هكذا تُعورف منذ نشوء الحُب ! ومن غير المعقول تصوّر أن يذهب إنسان لامرأة – أو العكس -  يدعوها أن تُحبه وتهتم به وتشغف بحاله ومآله ! فمالم يكن نبوع الحب من الذات موجها إلى الذات الأخري .. فليس حُبا وإنما عبثا .. فالقلوب لها أسرار والأرواح سر الأسرار .

يقول ابن حزم  فى طوق الحمامة : " الحُب - أعزك الله - أوله هزل وآخره جد . دقت معانيه لجلالتها عن أن توصف ، فلا تدرك حقيقتها إلا بالمعاناة . وليس بمنكر في الديانة ولا بمحظور في الشريعة ، إذ القلوب بيد الله عز وجل " (1)

ومن هذا التعريف القصير والدقيق نجد خلاصة هذا الأمر الذى شغل الناس منذ القِدم وعانى منه الكثير وتغنى به وله الشعراء والكتاب على مر العصور .

السيّاب وثنائية المرض والحُب :

بدر شاكر السيّاب (2)  واحد من أبرز شعراء العصر الحديث ، وأحد روّاد " شعر التفعيلة" المتحرر من قواعد الشعر العمودي ، عانى السيّاب كثيرا فى حياته منذ الطفولة..  حيث نشأ فقيرا مهمشا وحتى المرض (الشلل) الذى أقعده عن الحركة سنوات ، ولا شك أن حياة السياب القلِقة أثرت فى حياته العاطفية ، بحيث كان الاضطراب هو الغالب فى علاقته ببنات حواء .

جاء شعر السيّاب بانعكاسات مرضه ، مفعما بالألم والسخط ، فكأنما يكتب بمشرط الجراح لا بقلم الشاعر المرهف ، وقد سجل العديد من تجاربه فى قصائده ، بتناقضاتها وسخطها وألمها وضجرها ، حتى يكاد القارئ للسياب يتوحد مع القصيدة بحرارتها اللاهبة .

وقد عبر عن اضطراب روحه التى تشبه الصحراء الجرداء ، فى قصيدته "نفس وقبر" :

نفسي من الآمال خاوية جرداء لا ماء ولا عُشُبُ

ما أرتجيه هو المحال وما لا أرتجيه هو الذي يَجِبُ

السيّاب يطلب الحُب !

" أحبيني" !  (3) هذا عنوان قصيدة السيّاب التى كتبها قبل وفاته يخاطب فيها الشاعرة البلجيكية لوك نوران ، دعاها فيها أن تحبه !  ثم أخذ يقص الماضي الأليم وتجاربه المضنية ليتماهى الماضى مع الحاضر لتتضح جدلية العشق والموت التى تشكل علامة سيميائية فريدة فى شعر السيّاب .

سبع سيدات – بما فيهن زوجته -  أحبهن السيّاب منذ الوعى بالعاطفة وحتى قُبيل الرحيل .. لكنهن لم يبادلنه الحُب ! كان الحُب من طرف السيّاب فقط ! وهذا ما زاد من معاناته وألمه ، وعندما شعر أن لوك نوران منحته الاهتمام والعاطفة بل كانت إحدي المعجبات بشعره ، سارع بالبحث عن الحُب المفقود ، ليرتمى فى أحضان الخيال الذى جسدته نوران ، فكتب قصيدته المزلزلة للوجدان .  

يبدأ السيّاب بكائيته  ويعترف بأن من أحبهن لم يبادلنه الحُب  :

أحبّيني

وما من عادتي نكرانُ ماضيَّ الذي كانا

ولكنْ كلُّ من أحببتُ قبلَكِ ما أحبّوني

ولا عطفوا عليَّ، عشقتُ سبعاً كنَّ أحيانا

ترفّ شعورهنَّ عليَّ، تحملني إلى الصينِ

سفائنُ من عطور نهودهنَّ، أغوص في بحرٍ من الأوهام والوجدِ

فألتقط المحارَ أظنّ فيه الدرَّ، ثم تُظلّني وحدي

جدائلُ نخلةٍ فرعاءْ

فأبحث بين أكوام المحارِ، لعلّ لؤلؤةً ستبزغ منه كالنجمه،

وإذ تَدمى يدايَ وتَنزع الأظفارُ عنها، لا ينزُّ هناك غيرُ

الماءْ

وغيرُ الطينِ من صدف المحارِ، فتقطر البسمه

وجد السيّاب المبرر الذى يُرسله لآخر حبة فى عقد الحبيبات الموهوم ، لعل حبها يدوم له ، فجميع من أحبهن لم يحبوه ، رغم أنه عاش معهن فى الخيال والأوهام ، وذهب بعيدا عن الناس .. لكن الواقع يصدمه بالحقيقة ، ثم يواصل نزف الاعترافات بالدموع ويحكي عن حبيبته الأولى وكيف باعته من أجل آخر يمتلك بعض المال  :

على ثغري دموعاً من قرار القلب تنبثقُ،

لأن جميع من أحببتُ قبلكِ ما أحبوّني،

وأُجلسهنَّ في شُرَف الخيالِ وتكشف الحُرَقُ

ظلالاً عن ملامحهنَّ: آهِ فتلك باعتني بمأفونِ

لأجل المالِ، ثم صحا فطلّقها وخلاّها !

بعدها أحب السيّاب امرأة تكبره فى العمر ، يقول النقاد أنها كانت من الطبقة المخملية ، فلم يُكتب النجاح لهذا الحُب ، وهو ما أثار سخط وغضب  السيّاب ، فراح يوبخها ويخبرها أن الحُسن لا يدوم والزمن يطحن ما هو أقوي من الحُسن : 

وتلك لأنها في العمر أكبرُ أم لأن الحسنَ أغراها

بأني غيرُ كفءٍ، خلّفتني كلّما شرب الندى وَرَقُ

وفتَّح برعمٌ مَثّلتُها وشممتُ ريّاها؟

وأمسِ رأيتُها في موقفٍ للباص تنتظرُ

فباعدتُ الخطى ونأيتُ عنها، لا أريد القربَ منها

هذه الشمطاءْ

لها الويلاتُ! ثم عرفتُها: أحسبتِ أن الحسن ينتصرُ

على زمنٍ تحطّم سورُ بابلَ منه، والعنقاءْ

رمادٌ منه لا يُذكيه بعثٌ فهو يستعرُ؟

ثم الحبيبة الثالثة التى يتغزل السيّاب فى حسنها وجمالها ، إلا أنها تتركه وتتزوج من شاب آخر :

وتلك كأن في غَمّازتيها يفتح السَّحَرُ
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف