الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/25
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

مقابرهم ومقابرنا ؟ بقلم:حميد طولست

تاريخ النشر : 2015-07-29
مقابرهم ومقابرنا ؟ بقلم:حميد طولست
مقابرهم ومقابرنا ؟؟

"المقابر المَشَاهد"cimetières paysage  نموذجا ..

لا أدري كم مرّة زرت فيها فرنسا ، لكني متأكد أنه في كل مرة أزورها فيها ، اكتشف أشياء جديدة ، وتتاح لي فرص التمتع بمشاهدات جديدة ، في كل مدنها وقراها المنظّمة و المليئة بشكل لافت بالمتروات وأجهزة الاتصال المتنوعة ومولات وباركات ألعاب بإشكال عجيبة وملاعب عملاقة وجسور متحركة وجامعات ومستشفيات ومصانع ودور سينما ومسارح ، ومباني زجاجية وخرسانية ناطحة للسماء ، ذات تصاميم هندسية رائعة مبتكرة ، كانت في وقت ما ضرباً من الخيال، إلى جانب ما يحف بها من حدائق غناء ، عامّة وخاصة ، المزروعة بأغرب النباتات والورود ، وشّوارعها الواسعة المرصوفة والنظيفة ، المزينة بالنافورات  والبحيرات الصغيرة والكبيرة ، الطبيعية والاصطناعية ، والمظللة بكل أنواع أشجار الزّينة المنمقة المشذبة ... ولا عجب في ذلك ، لأنها بلاد ، متقدّمة علميا ، صناعيّا ، وزراعيّا ، وعمرانيّا ، وحضاريّا وعسكريّا... ، وشعبها متشبع بالوطنية والتفاني في حماية مجاله البيئي والحفاظ على سلامة مقوماته ،التي هي أساس إلزامي لاستمرار حياة بشرية آمنة من مخاطر التلوث ..

ربما يستغرب القارئ الكريم من تذكيره بمعلومات يعتبرها عادية ، وهو على معرف تامة بها ، لوقوفه بنفسه عليها في سفرياته لمواطنها حقيقة أو افتراضيا ، عبر وسائل التواصل الإلكترونية التي حولت العالم إلى قرية صغيرة ، كما يقال ، وليطمئن قلب قارئي المحترم ، ويهدأ باله ، فإني أأكد له أني ما  ذكرت ذلك لجهله بها ، وإنما لأعرض ما وقفت عليه من مشاهد جديدة ، واستكشفته من ظواهر ومبادرات مبتكرة جديدة على دروب سفري في بلاد الله الواسعة  والتي كان آخرها ، وليس أخيرها ، هذه المرة مشهد "المقابر "cimetières" في بلاد الله المتقدمة ، نعم "المقابر" -أي المدافنالتي لا تقل أهمية في استقطاب السائحين ، من كنائس باريس ومتاحفها وقصورها وحصونها وحدائقها وأبراجها-  التي أتيحت لي فرصة زيارة بعضها والوقوف بيسر وسهولة ، على مدى اهتمام الإنسان الغربي عامة والفرنسي على وجه الخصوص بمقابره ، وتعامله معها على أنها ليست مجالا "ميتا" لمجرد أنها تأوي "الموتى"، بل جزءا "حيا" لا يتجزأ من المشهد العام ، والذي يكتسي عنده  -سواء في البوادي أو المدن - أهمية إنسانية وحضارية كبرى ، يتخذها مؤشرا على مدى تحضره وتجذر قيمه الإنسانية للكون والحياة والإنسان ، ويبوئها مكانة مركزية في تدبير لمجاله العام ، وحفاظه على بيئته وحماية طّبيعته وعمرانه ، ضمن إستراتيجية محكمة ومتكاملة لإعداد التراب وتأثيث المجال ، تحترم كرامة الإنسان الذي انتقل إلى رحمة الله والإنسان الحي أيضا ، تلك الإستراتيجية التي أصبح يطلق عليها اسم "المقابر المَشَاهد"cimetières paysage  . المفهوم المخالف كليا لعلاقة الإنسان العربي عامة ، والمغربي خاصة ، بمقابره وكيفية تعامله معها، وتعامل أصحاب القرار مع تدبير شأنها العمراني الذي هو جزء لا يتجزأ من المجال العام ، كما أسلفت ، والذي يشكل جزءا من التدبير اليومي للقطاع الترابي ، والذي جعل مقابرنا –مع الأسف الشديد- تعيش أوضاعا كارتية ، وتعاني الكثير من الإهمال على جميع المستويات، ، حيث أنها لا تتوفر في غالبيتها على سجلات للدفن ، ولا على نظام للحراسة ، وتفتقد ، في مجملها ، لأبسط شروط النظافة والصيانة ، ما حولها إلى مجال لرمي القمامة ونمو الأعشاب العشوائية ، وجعل منها مرتعا مفتوحا للمتسكعين والمتسولين والمتشردين والسكارى، والباحثين عن "المتعة الجنسية"، وكل الرذائل والممارسات الهمجية واللإنسانية المخالفة لمبادئ وقيم الإسلام السمحة" المشوشة بحق على مقاصد المقابر المتمثلة في الترحم على الموتى في أجواء مفعمة بالخشوع والصفاء الروحي، ومجال للتأمل والاستلهام يرتاده المبدعون وهواة الخلوات التأملية...

إن فكرة المقابر "المشاهدة "cimetières paysage ، التي يعمل بها في فرنسا ، لفكرة مفتاحية ومفصلية ينبغي تمثلها من أجل إنقاذ وإعادة الاعتبار لمقابرنا وبعث روح جديدة ، وفق رؤية متكاملة تأخذ بعين الاعتبار الجانب الوظيفي للمقابر من الزاوية الدينية والروحية وأيضا بعدها الجمالي المحترم للأموات والأحياء والذي وجب أن تتبوأه داخل المشهد العام الحضري والقروي ، وفق رؤية نسقية مندمجة ، بعيدة عما يشوه روحانية المقابر ويشوه جماليتها ، ويدنسها  بآفات الخرافة والسحر والجنس وباقي المويقات التي ترتكب فيها في بلاد المسلمين ..

حميد طولست [email protected]
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف