الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/26
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

دمعتان بقلم : محمود حسونة

تاريخ النشر : 2015-07-28
دمعتان بقلم : محمود حسونة
1-فوضى
في لحظات قليلة كاللمعة، لمحتها وسط واحة عاصفة، تحدق نحوي عبر الغبار الكثيف، بعينين حزينتين، تستنجد من وحل هائل، تحتضن بلوعة رضيعا يصرخ، مددت يدي لأنتشلها، لكن يدي لم تصل، مددت يدي الأخرى ولم أصل، بعيدة تحتاج مني زمنا بعيدا إلى الوراء، أتراجع إلى الأمام، خطوة، خطوتين، الخطوة التالية ستكون إلى الهاوية، المكان فوضى، الفوضى في داخلي، اللحظات تتساقط، اللحظة تفر، أتنفس وما ينقصني غير التنفس ... تيبس الصوت، صرخت في وجه الريح التي تعصف لتقصف زهرة.
2-وهج
فجأة التقت عيناي بعينين بلون العنب الطازج !! فصدرت مني شهقة غريبة ، قطعتْ أنفاسي ، آه يا للجمال الفاتن ، شعرت بدفقة عبير دافئة تلفني وتحوم بي ، تتبعت الجسد المرن وهو ينساب بتناسق كأنه يمشي على ماء ، جميلة ، فاتنة ، رشيقة ، بشرتها ناعمة بلون الخبز ، كان نسق ملابسها ينم عن ذوق رفيع ، وشعرها الأسود المجنون كالليل ينسدل على كتفيها من تحت قبعتها المجنونة ، كان ظهورها صاعقا سريعا وللحظات ، وسرعان ما اختفت في زحمة المكان ، أما أنا فبقيتُ واقفا مشدوها أجول ببصري بين الزحام لعلى أعثر عليها ، لكن دون جدوى ، لم أدر كيف انتهى المشهد ، لقد كان مباغتا كومضة برق لملاك فائق الجمال ، تبعه انهيار في داخلي ، دخلتُ بسرعة محلا تجاريا ، وقفت أمام صاحبه صامت كالأبله وهو يسألني عن غايتي ، أجبته بعد ارتباك واضح عن مشروب بارد يطفئ الحريق المشتعل داخلي !! لم أتذكر كيف تناولت المشروب دفعة واحدة ، ثم عدت لأقف على رصيف الشارع ، لعل الجمال الفاتن يظهر مرة أخرى ،أعرف أن الجمال الفاتن موجود في مكان ما قريب مني ،فرائحته ما زالت تحوم في المكان كالنسمة!! لكن لا أعرف أين ، يا رب ألهمني الشجاعة والصبر على الانتظار ، كنت مرتبكا هائما ، فلا أسمع ولا أفهم ما يدور حولي ، كان الجمال الفاتن يشغلني ، وفجأة ظهر الجمال الفاتن مرة ثانية لا أعرف كيف ومن أين ؟؟ كأنها جنية ، كاد قلبي يتوقّف عن النبض ، نظرت إلى عيني الملاك ؛ فأغدقت عليّ عزاء ، وخففت من حرقتي ، يا إلهي أنا أمام الجمال الفاتن من جديد ،أحسست باختناق ، أنا بحاجة لمن يسكب فوقي دلوا من ماء بارد ، لمن يهزني بعنف ، لجرعة هواء منعشـة ،لعملية انعاش فورية ، لسيارة إسعاف تخطفني لأقرب مشفى ، لطاقم أطباء من كوكب آخر ؛ لتشخيص حالتي المبهمة ، كانت بشرتها تحرّر عبيرا منعشا ، محاكيا صورتها ، إنه رائحة جمالها . اندهاش غيبوبة صمت ، تركت المكان وانسابت الرهيفة ، وكأن جزءا من جسدي تركني ، هناك موسيقى تنبعث من مشيتها ، يا إلهي ، تنقر بخطواتها بلاط الشارع كنفور غزال كإيقاع ، فتنقر ضلوعي ، تضفي سحرا ودفئا وهدوءا على المكان ، كان مجالها الحيوي الذي تتحرك فيه مبهرا ، كانت ظلال أحلام وردية تنبعث منها ، تصبغ المكان والزمان ، كانت الجميلة الناعمة ، تنساب كأنها تمشي في حديقة للورود ، وضعت كل شيء يخصها في مكانه المناسب ، حقيبتها ، منديلها ولونه ، شكل ولون سترتها ، مع لون عينيها وبشرتها الناعمة مع حركة جسدها و تسريحة شعرها ، وهيئة قبعتها كله يتناسق وفي متناول الجمال الفاتن ، شغلت حيّزا من الشارع كما لو لم تشغله واحدة من قبل ! ! كانت تنوي أن تترك مع كل خطوة أثرا متوهجا، يستحيل عليّ أن أهرب ولو للحظة واحدة من أسر ذلك المخلوق الفاتن الذي يخطو أمامي ، والذي لم أسمع عنه إلا في الروايات والأساطير ، صرت أتلوى وأتمتم مع نفسي عن الكلمات التي سأختارها لها لو شاركتني الحديث ،من يسعفني من هذا الخطب ، أشعر كأنني سأتحول لشاعر أسطوري و أهذي بكلمات لم يسمعها بشر من قبل في الجمال و العشق ، سأتحول لمجنون جديد يضاف لقائمة مجانين الجمال!! كانت تفعل كلّ شيء بثقة كبيرة ، وكأن لا شيء غير عادي قد حدث لها منذ ولاداتها ، حركة يديها رأسها و أقدمها كل حركة بنغم موزون !!
اثنتا عشرة دقيقة وثوانيها الأربعون الأبدية بالتمام و الكمال ، لم تكفني للتأمل بتمعن ، والتدقيق في جسمها شبرا بشبر ، كنت بحاجة لعشر ساعات، لعشر سنين !! وليس لعشرة دقائق ، كانت أظافرها الوردية تعكس صحتها الجيدة ، لا تبدو أنها أكبر من عشرين عاما ،لم أر شيئا سواها ، كانت كأنها تسخر مني ، كأنها تصفعني ، تقلبني على الجمر رويدا ، تنفث سحرا ، تنثر عطرا ، تلدغني كلسع النحل!!
رحت على وقع تأثيرها أردّد في سرّي روائع المرأة والحب والجمال
( كلما مرت أمامي
شفتي سرا تتمتم
ويدي فوق ضلوعي
تسكت الجرح تلملم
وجموح بفؤادي بشراييني يحمحم
بهدوء واتزان ألعق الصبر أكتّم
مشيها ينشر سحرا
أينما تغدو يخيم
خطوه تعطيك حلا
خطوة أخرى تحرم
ولها اشراق فجر باهر
والليل معتم
قدها تاريخ عصر
كيفما رف يعلم

ولغات الكون فيه
مثلما شاء يترجم
ان تكن رساما فارسم
أو موسيقيا فقسم
فإذا اختل اتزاني أهتف
اللهم سلم) عمر الفرا.
وأنا أراقب الجمال، أدركت معنى التألم الناجم عن الضعف البشري، وجرّبته وتذوّقت مرارته إلى أبعد الحدود، تتعذب من حرقة الشغف والحب، ولا تجرؤ حتى على محاولة التحدث إليه، تمنيتُ أن تكون عاصفة رعدية، لعل ملاك الجمال يخاف ويلجأ إلى حضني ليحتمي به ويدفن فيه خوفه وذعره.
قلت في نفسي وقد ازدادت آلامي واتّقدت أحاسيسي: ما فكّرت يوما في أن تكون بطلا من أبطال الأساطير القديمة.
كل ما كنت أرغب فيه خلال الدقيقة الأخيرة، أن أناديها لتلتفت وأرى عينيها اليقظتين فقط، حتى ولو كانت غاضبة، لأستردّ حريّتي المسلوبة وربما لأستعيد شيئا مفقودا، غير أنّني افتقدت الشجاعة الكافية لذلك، وقلت لنفسي باحتقار شديد: اذهب إلى الجحيم!
أخيرا غادرت مشهدي من غير كلمة وداع، أو على الأقل كلمة شكر على ما بذلته من جهد في سبيل تأمل جمالها، لتبقى ذكراها وشما في خاطري، ثمّ سرعان ما اختفت داخل المكان، وتركتني وحيدا هائما أنا والبرد والريح والمطر وصخب المشاعر، عدت مسرعا إلى البيت، ورحت أتأمّل نفسي في المرآة، فوجدتني مرهقا عابسا باردا مفجوعا، ومتعجبا من الجمال كيف يحطّم عاشقه إلى هذا الحد!!!

بقلم : محمود حسونة ( أبو فيصل)
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف