عندما كتبَ لي رسالته الثانية، قرأتُ في مُنتصفها: "قالت لي عرّافة قَريتنا يوماً أنّي سأموتُ وحيداً.. ستُطبقُ عليّ الوحدة أنيابها فتُنتَزع روحي وأموتُ رُغماً عني وجدران بيتيَ الأربعُ تحدق بي برعبٍ ووجَل!
يومها ضحكتُ حتى آلمني بطني.. إذ كيفَ لي أن أموت وحيداً وأنا أملكُ تسعةَ أبناء وسبعةَ أحفاد وزوجتانِ كالبدر..
رميتُ لها بضعةَ قروشٍ في وعائها النحاسي ومضيتُ لرؤية أبنائي ومداعبة أحفادي وأنا كلما تذكرت قولها ضحكتُ في قرارةِ نفسي من حديثها الساذج..
أما الآن.. وفي أثناء كتابتي لكِ هذه الرسالة.. أعترفُ أنني أكاد أصدقها..
أجلسُ وحيداً في منفايَ الذي لا يشاركني فيه سِوى لُفافاتٍ من التبغِ وأكوابٍ بائسة من القهوة.. ولا أنسى صديقي الذي لطالما شَكوتَ له وبكينا سوياً.. القلم..
كنتُ دائما أتذكر كلامها وأتخيّل موتي ها هنا إثر إصابتي بمرضٍ عُضال.. أتخيل نفسي وأنا أتأمل جُدران بيتي المظلمة التي أظنها قد امتعضت من رائحة سجائري وتمتمتي لنفسي بكلامٍ لا تفهمه هيَ.. ولا حتى أنا !
أتخيل صراع الروح مع الجسد لتُفارقه إلى بارئها ويتعفّن جسدي دون أن يجد من يُغسّله أو يدفنه.. ودون يدٍ تُعانقه أو شِفاهٍ تقبّله.. قبلة الوداع تلكَ التي لم يقبلني إياها أحدٌ حينما نُفيت من وطني!"
#سوسن_أبو_الرب
«رسائل من المنفى»
يومها ضحكتُ حتى آلمني بطني.. إذ كيفَ لي أن أموت وحيداً وأنا أملكُ تسعةَ أبناء وسبعةَ أحفاد وزوجتانِ كالبدر..
رميتُ لها بضعةَ قروشٍ في وعائها النحاسي ومضيتُ لرؤية أبنائي ومداعبة أحفادي وأنا كلما تذكرت قولها ضحكتُ في قرارةِ نفسي من حديثها الساذج..
أما الآن.. وفي أثناء كتابتي لكِ هذه الرسالة.. أعترفُ أنني أكاد أصدقها..
أجلسُ وحيداً في منفايَ الذي لا يشاركني فيه سِوى لُفافاتٍ من التبغِ وأكوابٍ بائسة من القهوة.. ولا أنسى صديقي الذي لطالما شَكوتَ له وبكينا سوياً.. القلم..
كنتُ دائما أتذكر كلامها وأتخيّل موتي ها هنا إثر إصابتي بمرضٍ عُضال.. أتخيل نفسي وأنا أتأمل جُدران بيتي المظلمة التي أظنها قد امتعضت من رائحة سجائري وتمتمتي لنفسي بكلامٍ لا تفهمه هيَ.. ولا حتى أنا !
أتخيل صراع الروح مع الجسد لتُفارقه إلى بارئها ويتعفّن جسدي دون أن يجد من يُغسّله أو يدفنه.. ودون يدٍ تُعانقه أو شِفاهٍ تقبّله.. قبلة الوداع تلكَ التي لم يقبلني إياها أحدٌ حينما نُفيت من وطني!"
#سوسن_أبو_الرب
«رسائل من المنفى»