الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/25
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

غريبة الدار بقلم:يونس عودة

تاريخ النشر : 2015-07-28
غريبة الدار
إنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ- صدق الله العظيم (2:يوسف)
يونس عودة/ الأردن

هل باتَ أهلُ العربية اليوم أيتاماً على مآدب لغات العالم الرحب، أم أضحوا لا حول لهم ولا قوةً في دفع الهجمة الشرسة، التي توشك أن تنال من حِواء كتاب الله الكريم، و بوتقة حضارتهم و تاريخهم المشرق، الذي لا يخفى فضله على البشرية جمعاء، و خصوصا تلكم الديار التي كانت تغط يوما في دياجير الظلام، حتى ترفق أهل الضاد بتبديد حلكة لياليهم ؟
أضحت لغة القرآن غريبة في ديارها وبين ظهراني أبنائها، فبالكاد يتقنها إلا النزر اليسير من أهلها، و على وجه الخصوص المختصون. ففي قاعات الدرس، وفي مواد كالتاريخ، الجغرافيا، العلوم، ونحوه، نجد أن المادة الدراسية، غالبا، ما تُقدم باللهجة المحكية البحتة. فهل هذا محض صدفة، أم أن وراء الأكمة ما وراءَها للنيل من لسان يشكل الرافعة الروحية بين ناطقيه من العرب والمسلمين و خالقهم؟ فما المانع لو بذلت الجهود وتعاضدت السواعد للحفاظ على لغة الضاد اسوةً بناطقي بعض اللغات الاخرى، الذين لا يألون جهدا في ابتكار أحدث الطرائق و الأساليب، و المعينات الصوتية و الكتابية و المنشورات، و عقد الدورات التخصصية لبث لغتهم في انحاء المعمورة؟ هذا عمل لا نكرهه أو نرفضه، لكن لماذا لا يحدث ذلك في مضمار العربية اسوة بغيرها ؟
هل جفا العرب لسانهم دون ادراك منهم، ودون قصد، وتعلقوا بلغات أخرى، ظنا منهم بأنها قبلة التقدم واكسير التواصل مع أحدث صيحات التكنولوجيا، واعتقادا منهم بان لغتهم لا تقوى على النهوض بالمركبات الفضائية، أو الحط بها على كواكب اخرى؟ إنها مقولة تهدف الى بث الوهن و الدونية والاستكانة . يخطر في البال قول حافظ ابراهيم :
وسعت كتاب الله لفظا و غاية ----- وما ضقت عن آي به و عظات
فكيف أضيق اليوم عن وصف آلة ----- و تنسيق اسماء لمخترعات
أنا البحر في أحشاءه الدر كامن ----- فهل ساءلوا الغواص عن صدفاتي
فاللغة التي تمثّلت - بل أضافت إلى- الحضارات الاخرى كالإغريقية و الفارسية و الرومانية و صهرتها بكليتها في بوتقتها، وعمّ فضلُ علمائها أرجاء كثيرة من البسيطة، لجديرةٌ بأن تبقى على نفس النهج والتوهج. أهو ضعف في اللغة، أم قوةٌ في التطور التقني الحديث، ما يحول دون استيعاب العربية لما يجري من قفزة علمية كونية ؟ لا ضير في ترجمةِ أو تعريبِ بعض المصطلحات، و تنشيطِ التلاقحِ الثقافي بين العربية و بقية لغات الآخر، بغية الوصول الى درجة رفيعة من التطور العلمي المتبادل. ففي بعض بلاد الغرب، ما زال هنالك احترام لتاريخ علماء و فلاسفة عرب كبار كابن النفيس، الرازي، ابن رشد، وغيرهم، كما لا يخلو عصرنا الحالي من وجود كفاءات عربية تضرب في بلاد الله الواسعة ، ضربت أروع الأمثلة في الهمة و النشاط في خدمة العلم. لربما قدر بيئتنا العربية السهر على الأبناء، ثم تقديمهم الى الغير- قربانا- على طبق من ذهب.
فاللغة أشبه بنبتة صغيرة متشوقة الى الماء و الهواء لأجل النمو، فان وجدت الرعاية من أصحابها نمت و اخضرّت وربت وزهت، وإلا ذبلت و هلكت وتقوقعت، إلا أن تأتي أيد اخرى أكثر دراية برعايتها و أكثر حنانا لحضنها حتى يشتد عودها، و تصبح وارفة الظلال حلوة الثمر. أحرام على الشبكة العنكبوتية أن تفخر بمواد أكثر عددا و زخما باللغة العربية أكثر مما هي عليه الآن؟ جهودهم تشكر من اتحفوا شبكات التواصل بمواد عربية راقية، و لكننا نأمل و نطمح بالمزيد، و الأهم من ذلك كله وجود القرّاء لهذه المواد؛ إذ لا خير في ذلك كله مالم يطرقه بنو اللغة.
يُتّهم أهل الضاد بأنْ ليس من اولوياتهم المطالعة ، و ربما يتندر الاخرون بقولهم إن العرب، وإن قرأوا، فالنسيان حليفهم. أهو ضرب من الإحباط أراده الآخر ليسم أبناء الضاد بهذا الميسم السلبي، أم ما الغاية من وراء هاتيك التهمة؟ هل من أسباب لا نعلمها تحاول حرف بوصلة الضاد عن الاتجاه الصحيح. نقر بأن المطالعة عند الآخرهي من السمات الاكثر ظهوراً و جلاءً؛ فهم يطالعون في الحافلات و في الحدائق العامة و على الشواطئ و غيرها من الامكنة؛ هذا ما نلحظه عيانا، وهو شيئ جميل، فالإحصائيات التي تقارن ما بين ابناء العربية و غير ابنائها من القرّاء و المطالعين- و التي تظهر تفوقهم- في أعداد الكتب التي يطالعونها، والكتب التي تنشر وتترجم في ديارهم كل عام، لخير دليل على تقصيرنا. فهل من ضياع نخشاه على لغتنا اكثر خطورة من عدم الإكتراث بانتاجها و قلة مطالعتنا. فهل العربية في وسائل الإعلام أفضل حالاً؟
من يتابع ما تبثه بعض الفضائيات لا يمكن إلا أن يرثي لتلك الحالة؛ فالمواضيع هزيلة في مجملها، و لغة التقديم لا تمت إلى العربية الفصيحة بكثير صلة. و إن كان حوارا على مستوىً عالٍ من الأهمية، فتراه- الى حد ما- في اللهجة الدارجة. لعمري لقد شاهدت ذات ليلةٍ برنامجاً حول ضرورة استخدام العربية الفصيحة بشكل اكبر في مجالات الحياة، و كان الضيوف من حملة الدكتوراة في اللغة العربية، وأقولها و بكل صدق و أمانة، فقد كانوا يناقشون الموضوع باللهجة العامية المحكية، حتى عجبت من مقدمة البرنامج، لعدم لفت انتباههم الى هذا الأمر. وفي إحدى الفضائيات العربية، و خلال نشرة الأخبار، كان الخبر عن صفقة صواريخ "جَوْ جَوْ" بين بلدين معينين، ولكن المذيعة قرأتها " صواريخ جُوجُو"، واستمرت في الإلقاء الى نهاية الخبر دون رقيب أو حسيب. هذه مرحلة من المفروض ان نتوقف عندها مليا و نعلنها عالياً بضرورة تمكن المذيع او مقدم البرامج من لغته ، إضافة إلى نسبة معقولة من حسن التصرف و الذكاء، وضرورة الاطلاع على المادة قيد التقديم سلفا،ً للوقوف على بعض الاشكالات التي قد تقع. هذا غيض من فيض، و لكن ميدان التدريس في المؤسسات التعليمية لا يخلو من بعض إمتهان للغة الضاد.
في الكثير من المؤسسات التربوية في الوطن العربي، فالعربية تستغيث ليل نهار. فالمادة الدراسية في مجال التاريخ و الجغرافيا و التربية الاسلامية وغيرها، عدا العربية- الى حد ما- تقدّم باللهجة الدارجة. في إحدى جامعات الوطن العربي، و العهدة على أحد اساتذتها، وهو من حملة الدكتوراة في اللغة العربية، وأحد الغيورين على لسان الضاد، فقد أسرّ اليّ بأن البعض من أساتذة لسان الضاد يقدم نسبة عالية من المادة المعطاة لطلبته باللهجة الدارجة. فلنا أن نتوقع مدى التغريب بين اللغة و أبنائها، ومدى امتهان بعض النخبة لها. فهل استخدام العامية الدارجة ،عوضا عن الفصيحة، هو افتقار للكفاءة، أم عمل متعمد- عند القلة- اعد للتخريب وتقطيع اوصال اللغة و ضياع ابنائها؟
الأصل أن يعتز ابن اللغة بلغته، و يظهر هذا الإعتزاز على الملأ لتصل رسالته الى الجميع، و فوق هذا و قبله، فالأولى أن يكون الإعتزاز من قبل مجالس التعليم العليا لينمازوا كقدوة للغير. ففرنسا تناضل و تكافح، ولا تفتأ تحض أبناءها على احترام لغتهم، و إظهار الإنتماء اليها دون غيرها. فقوّة اللغة من قوة ناطقيها. وقد نجد مِن أبناء الضاد مَن يتعلق بذيول لغة اخرى مفاخراً في الدفاع عنها كونها لغة العلم و التقنيات الحديثة، و لا يهدأ له بال إلا بتضمين حديثة العامي بكلمات غربية طالباً من محاوريه، وبكل فخر، المسامحة كونه لا يجيد لغته. ومما يزيد الطين بلة، فقد حدث و عقدت بعض مؤتمرات علمية في دول عربية بلغة أخرى، علما بأن المؤتمرين كلهم كانوا عرباً، بدءاً من عامل النظافة، وحتى رئيس المؤتمر. أما في الحياة العامة فلا تسل عما لحق بلسان الضاد.
يظهر بعض امتهان للغة الضاد على يافطات البقالات وأماكن التسوق، أحيانا. و تجد العجب العجاب إذ ما طرقتَ بعض الأحياء الخاصة بمهن معينة- مع فائق التقدير و المحبة لأصحاب تلك المهن- كالحدادة و النجارة و أماكن إصلاح المركبات وغيرها. فلكل مهنة مصطلحاتها الخاصة بها، و في كثير من الأحيان هي مصطلحات تم توليفها- إجتهادا من أصحابها- حتى غدت مستساغة في ذلك المجال. وقد تجمعك الصدفة بأخ لك عربي ومن بني الجلدة، و تجد نفسك تناضل كي تفهم ما يقول. فالوطن العربي الكبير المترامي الأطراف، أصبحت معاناة ابنائه كبيرة في التفاهم و التواصل السلس في ظل غياب الفصيح من القول.
ومما يساعد على انحدار مستوى ابناء اللغة في لغتهم، وجود بعض المدارس الدولية، و التي تعمل على جلب برامجها من بلدها الأصلي للعمل بها في الوطن العربي.
فبعض المؤسسات الأجنبية العريقة، تنشء مدارس خاصة لأبناء رعاياها العاملين في الوطن العربي كوسيلة للحفاظ على انتمائهم لوطنهم الام من جهة، ولئلا يتجرع أبناؤها الغربة الثقافية من جهة اخرى، و ربما فتحت ابوابها لكل الجنسيات، بما فيها العربية، الراغبة في الالتحاق بها، و القبول بالرسوم التي تكون في العادة مرتفعة، لكن البرامج مغرية. فمن قائل بأن هاتيك المؤسسة تتبع نظاما تعليميا عالميا يؤهل ابناءه للحصول على نوعية من التعليم عالية يمهد لدخول الجامعة بسهولة و يسر. هذا صحيح، لكن الأمر لا يخلو من إجحاف في حق اللغة العربية. فكونها مؤسسة غربية حطت في الوطن العربي، فليس من أولوياتها، أو ضمن برامجها، التركيز على اللغة العربية، و بالتالي فمن يلتحق بها، فذلك على حساب لغته الأم،علما بأن وزارة التربية و التعليم في ذلك البلد تلزمها بالإهتمام بلغة أهل البلد المضيف، ولكن ليس بذاك التركيز الذي يربط الدارس بجذور لغته. فالإلتحاق بمؤسسات أجنبية خاصة، يعد عند البعض من الوجاهة والبروز بين طبقات المجتمع ، متناسين ما يخلفه هذا الأمر من اتساع للهوة بين الفرد و تراثه و دينه. فالمدرسون هنا هم من غير ابناء الضاد بنسبة كبيرة، و هذا يفرض على المتلقي تأثرا بالغير لا يدرك كنهه الا متأخرا. فالتدافع المغالى فيه واللهاث للالتحاق بمؤسسات تعليمية أجنبية ،قد يتسبب في إهمال اللغة الام، و جعلها في المرتبة الثانية أو ربما لا حاجة لهم بها البتة.
" وفي ورقة مقدمة لندوة اللغة و الهوية/ دول مجلس التعاون انموذجا/ التي عقدها المجلس الوطني للثقافة و الفنون و التراث في الدوحة من 15-17 كانون ثاني "2009، فقد عبر أ.د. عبدالله جمعة الكبيسي- رئيس جامعة قطر آنذاك عن حرقته كعربي غيور على لغته. فقد ذكر حقائق تصب في تأثر اللغة العربية وناطقيها كثيرا إذا ما ذهبت دفة الأمر الى التركيز على اللغة الإنجليزية بكل قوة.
و حسب ما يقال: ما كان من القلب، يصل الى القلب، و خاصة إذا كان القلبُ قلبَ مسئول يمتلك القرار الرسمي، فقد ظهر ما نصه :" بعدما أثار فرض اللغة الإنجليزية سخطاً بين الطلاب، تعود قطر مجددا الى تعريب التعليم الجامعي، رغم اكراهات سوق العمل و مقتضيات الانفتاح على العالم. و حسب المواطنين و العديد من التربويين و الإعلاميين، فإن تعريب التعليم يعكس تمسكا بالثوابت وتعزيزا لحضور لغة المجتمع و هويته. وكان المجلس الأعلى للتعليم قد أصدر مؤخرا قرارا بتعريب لغة التعليم في جامعة قطر، و قبول الطلاب فيها مباشرة دون الحاجة الى دراسة برنامج تأسيسي باللغة الإنجليزية. و ينص القرار على أن تكون الدراسة باللغة العربية في تخصصات القانون و الشؤون الدولية و الإعلام و الإدارة و الاقتصاد".
نقول و نؤكد بأن تعلم لغة أو لغات غير لغة الام لا يعد من الموبقات، بل محضوض عليه، شريطة الا يشكل تهديدا للغة الام أو انحرافا للمجتمع و النشء عن مسارهم الاصلي و الأصيل من الموروث الديني و الأدبي، أو انفصاما لشخصيتهم. فخريج القانون في الوطن العربي يدرس القانون ليترافع عن ابناء امته في بلده، و ليس في محاكم دول ناطقة بلغات اخرى، فإن أراد التمكن من لغة ما، غير لغته، والتبحر فيها، فله ذلك بكل ما اوتي من قوة، وبمحض ارادته، و لن يمنعه أحد.
كذلك قامت دولة الامارات العربية المتحدة بخطوة جميلة تجاه اللغة العربية جاءت كما يلي :
"بلدية دبي واللغة العربية. ومن بين الجهود الحثيثة التي تبذلها كافة الجهات في دولة الإمارات، فقد أعلنت بلدية دبي، كما صرح مدير عام البلدية بالوكالة حسين ناصر لوتاه، عن قرار يلزم جميع المطاعم العاملة في دولة الإمارات بإصدار قائمة الطعام باللغة العربية جنبًا إلى جنب مع اللغة الإنجليزية، ومعاقبة كل من يتخلف عن ذلك بالغرامة المالية، وأكدت البلدية أنها تتوجه إلى إصدار جميع مراسلاتها مع عملائها باللغة العربية ".
وفي سلطنة عمان، وفي كليات العلوم التطبيقية على وجه الخصوص، فقد أولت وزارة التعليم العالي اللغة العربية ما تستحق من رعاية وتقدير. فعلى الرغم من أن مبدأ هذه المؤسسات الاكاديمية هو الأخذ بأيد الجيل الجديد، وتوفير كل الامكانات له ، ليس لدخول عالم التقنيات فحسب؛ بل التميز و فرض الذات في عالم يشهد زخما في الانفجار المعرفي والتقني، فقد رسّخت ارتباط الطلبة بلغتهم و بنيان حضارتهم. فها هو مقرر اللغة العربية يدخل كمتطلب اجباري في هذه الكليات، ليكون على قدم المساواة مع النهضة العلمية الكونية. ومن الجدير بالذكر، أن أعضاء الهيئة التدريسية للغة العربية في هذه الكليات هم من حملة الدكتوراة ونتاج جامعات عريقة. ففي كلية عبري للعلوم التطبيقية على سبيل المثال، تتألق عضوتا التدريس د. نورة الحوسني و د. حصة البادي لتسكبا في المهج الظمأى روائع العربية من نحو وصرف و شعر ونثر.
وفي بعض البلدان العربية يُفرض على موظفي بعض الاقسام الخضوعُ لاختبارات بلغات غير لغتهم لأغراض الترقية، علما بأن هذا الموظف لا يستخدم الا لغته في عمله ، وأحيانا تشترط بعض الجامعات على من يتقدم للدراسات العليا في غير المواد العلمية كالشريعة و التاريخ واللغة العربية مثلا، أن يحصل على درجة معينة في امتحان في لغة اخرى، و لا يعرف السبب من ورائه، علما بأن الدراسة تكون باللغة العربية.
لا ننسى كلمات عميد الأدب العربي طه حسين عن اللغة العربية حين كانت تشكل مقدمةً جميلة لبرنامج إذاعي عن اللغة العربية :" لغتنا العربية، يسر لا عسر، و نحن نملكها، كما كان القدماء يملكونها، ولنا أن نضيف اليها ما نحتاج اليه في العصر الحديث". حقا كلمات تثلج الصدر و تبث الحمية و الحماسة في قلوب أبناء العربية الغيورين.
ففي مقالة بقلم د. سعيد اللاوندي تاريخ 10 /2/ 2012 يذكر أنه دخل متحفا صينيا بجانب السفارة المصرية في باريس وأثناء تجواله في المتحف يقول:" وفوجئت بأن مديرة المتحف الصينى هى حفيدة عميد الأدب العربى وعرفت عنها أنها درست اللغة الصينية فى البداية ثم تعمقت فى آدابها وتعرفت الى أحد أبناء الصين، وأحبته ثم تزوجا.. وكان أن عملت فى المتحف الصينى وارتبطت باللغة الصينية التى أحبتها.. وكان الحديث يدور معها باللغة الفرنسية لأنها لم تكن تعرف من اللغة العربية التى كان يتغنى بها عميد الأدب العربى «جدها» الا أقل القليل مثل: السلام عليكم! وصباح الخير!".


صحيح أن عصرنا الآن هو عصر التقنيات و الابداع العلمي و الثورة المعرفية، لكن يجدر بنا كعرب أن نفسح المجال للغة الضاد، لغة أهل الجنة، و نعطيها ما تستحق. انها لغة عالمية كونها يستخدمها كل مسلمي العالم أجمع، و هي لغة معترف بها في الامم المتحدة، و لغة القرآن و الحديث النبوي الشريف، و لغة الحضارة الاسلامية الرائعة التي انارت – يوما ما- دروبا مظلمة، و لغة الشعراء و معلقاتهم الراقية، و لا نريد أن ينطبق عليها ماقاله المتنبي:
وترى الفتى العربي فيها / غريب الوجه واليد واللسان
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف