الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/26
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

الجسر وأنا! بقلم:عاطف سعد

تاريخ النشر : 2015-07-27
الجسر وأنا!

عاطف سعد

25 تموز 2015

أتجنب السفر عبر الجسر في فصل الصيف. فقد لُدِغتُ، في أكثر من سفرة، من إنتقاص في قيمتي كمسافر وانتقاص في كرامتي كمواطن.  وبرغم حذري من السفر في موسم "زوار  لصيف" إلا أن الوفاء لمناسبات اجتماعية مع الأهل عطل حَذَري. 

ع الجسر أشعر بأنني تحولت إلى  ذبيحة مستباحة للنهابين من كيانات تُسمي نفسها دولا مرورا بقطاع النقل وصولا إلى الشيالين. الكل من هؤلاء يقطع  بسكين غليظة ما يعتقد بأنه حصته إما على شكل ضريبة سفر أو تذكرة باص أو "بقشيش" اجباري أو سعر مضاعف  لزجاجة مياه أو لأجرة تاكسي. أشعر بحز سكاكين كل هؤلاء وأكز على أسناني و"أدفع" المعلوم!

لكن دفع المعلوم  لا يعالج إرتفاع الحرارة وبخاصة في قاعة المنتظرين لتسجيل سفرتهم غربا. فجأة يتعطل نظام التبريد. ويتعطل معه نظام ترتيب الدور. وتقرأ إعلان نيون باللون الأحمر يقول لك "مغلق". تضج القاعة بأنات المسافرين وصرخات الضباط.  خارج القاعة شاهدت مسافرين يتدافعون فيما بينهم على باص يتحرك في حرارة زادت ربما عن 45 درجة مئوية. الريح لافحة وحارقة في موقف الباص. 

سافرت كثيرا عبر نقاط عبور ومطارات لم اسمع موظف حكومة  يصرخ إلا هنا في جسر أسميناه ذات مرة بجسر العودة ويحلو لبعضنا ، من أولي الأمر، ممن لا يعبرون الجسر مثلنا، بتسميته جسر الأخوة أو جسر الصداقة الدائمة بين الشعبين الشقيقين!

حاولت تبريد جسمي ببعض من هواء لطيف ينبعث من  مروحة يدوية تعمل في غرفة ضابط تسجيل، لكنه سرعان ما يشعر بضغط  المتدافعين على شباك غرفته الصغيرة فيطلب من المتدافعين الابتعاد أو يضطر لوقف السير بإجراءات التسجيل. يتضاعف  مل فنعاني أكثر وأكثر! أسمع "دندنة" لحن اغنية "نسَّم علينا الهوا" لفيروز يدندن بها عازف عود، إختار ركنا بعيدا في قاعة المنتظرين وكأنه أراد تلطيف الجو علىهم. أبتعد، مضطرا عن نسمات الهواء الباردة التي تهب من على نحو شحيح من شباك الضابط المنرفز وأتجه لمصدر العَزف الذي تحول لنسمة هواء تُنعش الخيال أكثر مما تُبَرُد الجسم . لم أَكَد أصل لركن العازف اللطيف حتى سمعت صوتا غليظا يصدر من ضابط صغير الرتبة يأمر العازف بوقف العزف ويخاطبه  قائلا " ممنوع الدندنة هنا ..هاي منطقة عسكرية..!" يتوقف العازف المسكين عن الدندنة. أعود للشباك حيث نسمات المروحة فلا أجد مساحة تكفي لوقوفي لأنها إمتلأت بمنتظرين آخرين وكان بعضهم يتحدث عن مزايا السفر عبر خدمات VIP (الأشخاص المهمين) وبعضهم الآخر يسأل عن دور أولياء أمورنا. أخرجت الأيفون الذي بحوزتي لإلتقاط صور لكن مرافقتي أوقفتني قائلة ،" شو مجنون ، ما انت سامعه بيقول ها ي منطقة عسكرية .. ممنوع العزف فيها .. يعني ممنوع التصوير..برجائي عليك أن لا تصور .. هذا ترف في غير وقته أو مكانه..! "

بعد انتظار ساعتين في القاعة إياها ، طلعت روحي وعادت أكثر من مرة ، أكملت السفر وفق الخطوات المقررة. ووصلت للمحطة قبل الأخيرة التي يديرها الأعداء. في هذه المحطة  التي اكتظ بها المسافرون مع أمتعتهم ،اختبرت مفارقة لعينة  تمثلت بمروحة ضخمة إنبعث منها هواء ممزوج برشيشات ماء باردة لترطيب وجوه المسافرين. أشادت سيدة بفكرة المروحة وهي تتحدث مع زميلة لها. "شفتي هناك شو صار.. شفتي هون..!". أفكر مع نفسي بصوت غير مسموع. المهيمنون على الجسر أوصلوا رسالة  لتبييض سمعتهم!    

بعدها وصلنا استراحة أريحا  وخرجنا منها بيسر. وصلت رام الله بعد "طوشة" مع سائق الحافلة الذي طلب مني دفع أجرة 70 شيكل (لم أدفعها بالطيع).  أمضيت عدة ساعات وأنا غير مصدق إنتهاء تجربة كانت مثل  كابوس ثقيل شعرت، خلال معايشتيله،  باليُتْم الحارق والإنكشاف التام.

هل سأتعلم من التجربة وأتجنب السفر مرة أخرى في أشهر الصيف؟

من يدري.

 ربما نعم وربما لا.

لكن المؤكد أنني لن أتعلم!
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف