الأخبار
"عملية بطيئة وتدريجية".. تفاصيل اجتماع أميركي إسرائيلي بشأن اجتياح رفحالولايات المتحدة تستخدم الفيتو ضد عضوية فلسطين الكاملة بالأمم المتحدةقطر تُعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بغزة.. لهذا السببالمتطرف بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ السجوننتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيرانمؤسسة أممية: إسرائيل تواصل فرض قيود غير قانونية على دخول المساعدات الإنسانية لغزةوزير الخارجية السعودي: هناك كيل بمكياليين بمأساة غزةتعرف على أفضل خدمات موقع حلم العربغالانت: إسرائيل ليس أمامها خيار سوى الرد على الهجوم الإيراني غير المسبوقلماذا أخرت إسرائيل إجراءات العملية العسكرية في رفح؟شاهد: الاحتلال يمنع عودة النازحين إلى شمال غزة ويطلق النار على الآلاف بشارع الرشيدجيش الاحتلال يستدعي لواءين احتياطيين للقتال في غزةالكشف عن تفاصيل رد حماس على المقترح الأخير بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرىإيران: إذا واصلت إسرائيل عملياتها فستتلقى ردّاً أقوى بعشرات المرّات
2024/4/19
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

زيارة الباشا العثماني إلى الطنطورة بقلم: د٠محمد طرزان العيق

تاريخ النشر : 2015-07-25
زيارة الباشا العثماني إلى الطنطورة بقلم: د٠محمد طرزان العيق
زيارة الباشا العثماني إلى الطنطورة
**********************************
كثيراَ ما يرَدِّدُ الناسُ ويتندَّرونَ بهذا المثلِ الطريفِ الظريف!٠٠٠ ;
''جينا نتفرَّج عَ الباشا٠٠٠٠طِلِعْ الباشا زلمة''!٠٠٠
و يُروى هذا المثل الساخر عن أهالي قرية الطنطورة ومنها إنتشرَ في عموم فلسطين٠٠٠ولهذا المثلُ حكاية وسأرويها لكم ، ولكنْ بعد مقدِّمة صغيرة عن هذه القرية الوادعة٠٠٠
تقعُ قرية الطنطورة على شاطئ البحر الأبيض المتوسِّط إلى الجنوب من حيفا على بعد حوالي ال30 كم و وذلك على الطريق الواصل إلى يافا وبها محطة قطارات ، فضلاً عن كونها ميناءً طبيعياً و لقد توارَدَ بأنَّ الطنطورة كانت مركزاً لإستقبالِ وإمدادِ و لتوزيعِ السلاح والرجال، للقرى العربية المجاورة التي كانت ما تزالُ تقارعْ وتقاوم عصابات الهاغانا اليهودية ، بعد سقوط حيفا في أيديهم ٠وتعدُّ الطنطورة أيضاً من أواخر القرى التي صمدَتْ وقد جرى إحتلالُها بعد إعلان قيام دولة إسرائيل٠
ونتيجة السمعة الوطنية العالية للقرية ، فلقد نالتْ من الحقدِ الصهيوني عليها قسطاً كبيراً٠٠٠ وعليه فقد نُفِّذَتْ بها مجزرةٌ رهيبة على يد لواء جولاني التابع لعصابات الهاغانا [بعد شهرٍ من مجزرة دير ياسين و قد فاقتها وحشيَّة - ''م٠ط٠ع٠''] , حيث تمَّ تدمير القرية بالكامل وجرت إعداماتٌ جماعيةٌ ميدانية وتم دفن الشهداء [حوالي250] في مقابر جماعيّة و تمَّ تهجير الباقين من النساء والأطفال وكبار السن قسرياً ، بينما زُّجَّ بالرجال والشباب في معتقلات أسرى الحرب!٠٠وهذه تعتبرُ -وبحق- عملية تطهير عرقي نموذجي!٠٠٠
تعدُّ الطنطورة من أجمل قرى الساحل الفلسطيني قاطبةً ، حيثُ تقعُ على مرتفعٍ صغير وقد إصْطفَاها الله بمعجزةً من معجزات خَلْقِهِ ، إذ حَبَاها بنبعِ ماءٍ عذبٍ زلال يتفجَّرُ وسطَ مياه البحر الأجاج قُبالة شط الطنطورة ، دون أن تختلطَ مياههما ، فسبحانَه على بديع صُنعهِ٠٠٠ وأمَّا رمالها فهي ناعمةٌ بيضاء كحبَّات السكَّر!٠٠٠ وكانت بيوتها من الحجر والإسمنت فلقد كان معظم أهلها ميسوري الحال ويعتمدون بالأساس على صيدِ السمك وزراعة المحاصيل الزراعية من حمضيَّاتٍ وخضراوات وزيتونٍ وأعنابْ وهي في أيَّامِنا هذه ، تعدُّ من أجمل وأشهرِ المنتجعات السياحية في فلسطين المحتلة!٠٠٠٠
وكانت الطنطورة/ في القرن الماضي/ تمثِّل -لجمالِها وطيب جوِّها وهواءها العليل -إستراحةً على الطريق من حيفا إلى عكا ويافا وكانَ ينزلها الولاةُ وغيرهم من مسؤولي الدولة العثمانية !٠٠٠
وفي عام1234ه/1818ميلادية مرَّ بالطنطورة ، في طريقه إلى يافا ، وَالِي عكَّا ''الوزير سليمان باشا'' ويصفُ مؤلفُ ( تاريخ ولاية سليمان باشا العادل ) هذه السفرة / وإسمحوا لي أن أُثبِّتها باللغةِ والإسلوب الدارِجيْنِ في تلك الفترة العصمنليَّة ''م٠ط٠ع٠''/ قائلاً ;-
٠٠٠٠٠{وبعد الغروب بساعة ركب الوزيرُ القطار[من حيفا] بكامل دايرَتِه والموسيقى تَضرِبُ خلْفَه والقمرُ إذْ ذاكَ لَيلةَ بَدْرِهِ[15 شوَّال 1234ه] والدُّنيا بغايةِ الرَّوَاقة إلى حدِّ منزلة [ قرية ] الطنطورة وفي الليلِ وصلَ إليها ، ونزلَ في صيوانِه والمخلوقاتِ نَزَلتْ في خيامِها٠ و تقدَّمتِ الذَّخائِرُ للمطْبخْ ، وفي وقتِ الظُهرِ تفرَّقَتْ [توزَّعتْ-م٠ط٠ع٠] سُفَرُ الطعامِ على سَايرِ الخَلْقِ الموجودةِ وبزيادةٍ عن كِفايتها ، أكثر من النصف [ الطعامُ كانَ أضعافُ ما يُحتاجُ إليه-''م٠ط٠العيق'' ] وبقي أربعةُ عشرِ خروفٍ مذبوحةٍ مسلوخة! ، ينادوا عليها ; ''العيش يا جوعان'' ، [ وذلكَ ] عدا الروس والمقادم والمعاليق وأجواف الغنم ، الذي إنْطبَخْ ، بعدَ الذي أُخِذَ لأجل طبيخِ العشاءْ٠٠٠٠وبقي تلٌ عظيمٌ من حَطَبْ!٠٠ وغَنِمتْ أهلُ الطنطورة كلَّ تلك الذخائرِ٠ وبعد آذانِ المغرب بنصف ساعة ، بعدَ أن جعلَ الوزيرُ ذاكَ النَّهارَ يومَ صفاءْ ، إنهدَّتُ الخيامُ [ و ] تحمَّلتْ إلى منزلة [أم خالد ''وهي قرية على الطريق إلى يافا''] وبعد المغربِ بساعة قامَ الوزيرُ من منزلة الطنطورة الى منزلة أم خالد٠}٠٠٠٠٠٠إنتهى نصُّ المؤرِّخْ!٠٠٠ وتقتضي الأمانة الأدبيّة عليَّ أن أشير إلى أنَّ كلَّ ما وَرَدَ مابين الإشارتين [ ] هو من إضافاتي وملاحظاتي وشروحي على النَّص الأصلي!٠٠٠٠
وهكذا فعندما وصلَ الباشا تُخومَ الطنطورة شاعَ بين أهاليها الخبر بأنَّ الباشا سيكونُ في الطنطورةِ فتدافَعَ أهلوها بشيبِها وشبابها ونسائها وأطفالها ،بفعلِ الفضولِ والإنبِساط ، ليتفرَّجوا على هذا ''الباشا''!٠٠٠ وعندما وصلوا إلى موكبِه في ساحة الطنطورة إصطفوا كي يشاهدوهُ ، وبعد مراسم الإستقبال والترحيب من قبَلِ مختارِ الطنطورة وعليَّةِ القوْم والوجَهاء ، قدِّمتْ الأطعِمةُ من الخرافِ التي ذُبحتْ ، كما أسلفْنا أعلاهُ ،على شَرفِ الباشا، وصدحت الموسيقا وإرتَجَّت القريَةُ على قرْعِ الطبولِ والدفوف فأكلَ الناسُ حتَّى التُّخْمَة وإنبسطوا أيَّما إنبساطْ ، غيرَ أنَّ فضولَهم كان في إزدياد وهم ينتظرونَ لحظة رؤيَة ''الباشا'' ، الذي سمعوا به!٠٠٠فالكلُّ يريدُ أنْ يرى الباشا بأعينه و بالطبعِ فقد كانَ ''الباشا'' طيلةَ الوقتِ أمامَهُم وهم يرونه ، دونَ أن يدرونْ !!! ، فلقد كانوا يتصوَّرون بأنَّ الباشا شيئٌ آخر يستأهل الفٌرجة ولقد نفذ صبرَهم /وقد حان وقتُ غروب الشَّمسِ/، دونَ أن يعرِضَ أحدٌ ''الباشا'' عليهم!!!٠٠٠ فأصابهم غيظٌ شديدْ وخيبةُ أملٍ مريرة وعندما علا الهَرجُ والمَرجُ , تعالتْ الهَمهَماتُ حتَّى إستحالتْ إلى فوْضى وضوْضاءَ عارمة و إنْبرى أحد الطناطرة ،الذي فقد أعصابهُ ،فلم يتمالك نفسَهُ و صاح بأعلى صوتِه-وسط دهشةِ الضيوف- : أين الباشا ،بدنا نِتفرَّجْ عليه!؟٠٠٠ عند ذلك هاجَ وماجَ عامةُ الطناطرة وهم يبْدون علامات التأسُّفِ والعجبِ والإستغراب
حينئذٍ تصدَّى له أحد المثقفين من شباب الطنطورة قائلاً :
ها هو الباشا أمامكم ،إنَّهُ هذا الذي يلبسُ ثياباً لمَّاعة زرقاءَ فضفاضة ومزركشة وعلى رأسِه عمامةٌ بيضاء ضخمة!!!٠٠٠ولم يتمالك بدوْرِه أعصابَه وصاحَ بهم بلهجةٍ طنطوريّة قُحَّة[ حيث تنقلبُ ''القاف'' إلى ''الكاف'' ] :-
وِلْكُو العَمى فيكو , فظَحتُونا بين البشر و وَطِّيتوا عكَالْنَا[ يعني أهَنْتونا ] ، يخربْ بيوتكوا٠٠٠٠٠هَيَّاتو الباشا كُدَّامكُم ، كمان شويِّة رَح يكَلِّعِلْكُم عيونكم٠٠٠٠شرشَحتونا بين الخَلِكْ[ يقصد الناس] ٠٠٠ ولكو شو بدْكوا الباشا يكون ''سعدانْ'' ويللا ''بغلْ أجرَب'' ويللا ''حمار مقطوعة ذَنْبَتُه [ ذيلُهُ ]'' ،غُسْ بالْكُم والله فظَحتُونا بين الأكابر والظيوف ٠٠٠مليح إنُّو الباشا بيفْهَمِش عربي مليح!! ، كانْ واللهِ ، كَطَّعْ رُوسْكُو وما خَلَّاها هالليلة عَ كْتَافكو٠٠٠٠٠٠
إنصِرفُوا من هونْ كَبِل ما تُوكَعْ الفاس بالرَّاس!٠٠٠ ولمَّا سمعتْ الناسُ هذه الخطبَة العصماء ، تفَرْطَعَ شملهُمُ وتفرَّقوا وهم يضْرِبون كفاً بكفٍ من شدَّة الإستغراب والدهشة وإنصرفوا كلٌ إلى بيته وهم يحوقلون ويسبحون الله على غرائب صنيعه !!!٠٠٠ ولسان حالهم يقول ; ''باشا وإنسانْ''! ، في نفس الوقت، فهذا من أعاجيب العجب ولم يخطر لنا لا على البالِ ولا على الخاطر ٠ وهنا صاح أحدُهم ، معبِّراً عن أقصى مشاعر الخيبَةِ والخذلان والإندهاشِ والأسى ، على وقته الثمين الذي أضاعهُ طيلة النهار، وكأنِّي به يعبِّرُ عن حَالْ غالبية الحاضرين من مَكْسُوري الخَاطر أمثَالهِ ، فقال :
''جينا نتفرَّج عَ الباشا٠٠٠٠طِلِعْ الباشا زلمة''!٠٠٠
وبالطبع لم ينسوا أن يأخذوا ما رزقهم الله من غنايم نتيجة زيارة هاظا ''الزلمة/الباشا!'' إلى الطنطورة من طعامٍ وحطبْ !٠٠٠ غير أنَّ كثيراً منهم والى وقتنا الحاضر ما زالوا يتذكَّرون وبإستغراب هذه الواقعة الغريبة العجيبة وذهب ذلك القولُ البليغ لذاك الطنطوري الحانق: -
''جينا نتفرَّج عَ الباشا٠٠٠٠طِلِعْ الباشا زلمة''!٠٠٠
وأصبح مثلاً يتناقله أهل البلد وما جاورها ويتندَّرون به على فطنة وذكاء أهل الطنطورة الميامِين٠٠٠ وبما أنِّي طنطوري و لستُ من عامَّة الشعب قأقول مُصارحاً إيَّاكم ومتسائلاً ; بالفعل كيف يعني'' باشا'' وبنفس الوقت'' زلمة''٠٠٠ والله شَغلة ما بتدخُلْ الدماغْ!٠٠٠ عنجَدْ إرْسُوا على حلْ وريْحونا إمَّا زلمة أو باشا!!!!!٠ خَلْصُّونَا ، صَرَعتُونا٠

د٠محمد طرزان العيق
24.07.2013
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف