الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/25
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

عروبة السودان بقلم:الطيب النقر

تاريخ النشر : 2015-07-05
عروبة السودان بقلم:الطيب النقر
نخبة من الكتاب المُترسلين تطرقوا في الآونة الأخيرة لموضوع الهُوية التي كثر فيها الكلام، واشتدت فيها الخصومة، جميعاً يعلم بأن هناك من يعمل على إثارة عاصفة هوجاء من غير ريح، وحرب شعواء من غير جند، فحري بنا أن نتصدى لهذه
الترهات والخزعبلات التي تنسجها بعض الأقلام السقيمة، والتي تحمل في أطوائها معاني الاستخفاف والرغبة في الانسلاخ عن تلك الكينونة السياسية التي انصهر السودان في بوتقتها بعد الغزو التركي المصري عام 1820م وهى عبارة عن نزعات
يبعثها ضعف في القومية، واستهتار بالهُوية، وتنفيذ لمخططات وأجندة خارجية، غايتها فك وهدم النسيج الاجتماعي وتداعيه.
شككت بعض هذه الأقلام في عروبة القبائل التي تدّعي هذا الشرف الباذخ، وجادلت في ذلك جدال من أعطى أزمة النفوس، وأعنّة الأهواء، وسعت بكل ما أوتيت من حجج
وبراهين أن تطمس حقائق لا يُقدم على دحضها إلا من أوتي فكر فقير مدقع، أو جموح في الخيال، والذي اتضح لي جلياً أن أصحاب هذه الأقلام يعتقدون بأن لهم القدرة على رفع أقوامِ وخفض آخرين، وتصوروا أن باطلهم أشرف من الحق، وأن خطأهم أفضل من الصواب، وقد أطنبوا في تحقير هذه القبائل الممتدة على مدار خارطة السودان والزراية عليها، بل تناولوا رموزها بالتهكم والازدراء، رغم درايتهم بأن هذه الرموز كانت مصابيح الدجى، وأعلام الهدى، وفرسان الطراد، وحتوف الأقران، وأبناء الطعان، وأنهم مفخرة للسودان والسودانيين قاطبة.

دعونا نرد التاريخ على أعقابه ليصب في منبعه، ونتتبع مجيء العرب إلى السودان في إيجاز غير مخل، يقول الدكتور محمد سعيد القدال في سفره النفيس «الإسلام والسياسة في السودان»: «كان مجيء القبائل العربية إلى مملكتي المغرة وعلوة، في
شكل تسرب بطيء، وكان تسرباً سليماً، لم تصحبه أي صدامات، أو أحداث بارزة يمكن رصدها، ما عدا بعض الأحداث المتناثرة هنا وهناك، وقد تمت تلك الهجرات تحت مظلة «البقط» 651م، وهى عبارة عن عهدة أمان أو معاهدة عدم اعتداء بين العرب
والنوبة. هذه الهجرات تمت نتيجة عوامل مختلفة منها الاقتصادي والسياسي والديني، ومهما تعددت الأسباب فإن أغلب المجموعات المهاجرة جاءت هاربة من صراعات وضغوط كانت تلفظها خارج المجتمع الإسلامي، فسعت إلى بلاد السودان تنشد
لها مكاناً قصياً تحتمي به، وتبحث عن ظروف معيشية أفضل. كان استقرار العرب في بلاد السودان في مجموعات صغيرة متفرقة، ولعلهم استطاعوا أن يحافظوا على تكويناتهم ونظمهم القبلية، ووجدت مجموعات القبائل العربية في سهول السودان
الأوسط ظروفًا مواتية للاستقرار، من مناخ وتربة وماء. فانهمكوا في الزراعة والرعي واشتغلت مجموعات «الجلابة» منهم بالتجارة مع مصر والجزيرة العربية، وأخذوا يختلطون بالسكان الأصليين دون أن يُحدثوا ارتباكًا في التركيب الاجتماعي والعرقي والديني والسياسي».. انتهى
إن هذه القرون المندثرة من وجود العرب في السودان تنسخ هذه الافتراءات التي لا تمت للحقيقة بصلة كما تنسخ الشمس الضاحية سوابغ الظلال، إذن ففيم الخلاف، وعلاما الجدل؟ في عروبة السودان الذي لم يجد مداً هادرًا لحيويته، ولا سنداً صلداً لقوته، ولا أساساً متيناً لثقافته، إلا في رسالة العرب التي يدين بها
السواد الأعظم منه، إنه أمرٌ لا يستحق كل هذا العناء، ولا يتطلب كل هذا العنت، فعروبة السودان لا يغالي فيها إلا من امتلأ جوفه بالإحن والضلال الذي ران على قلبه. الأعراق الكامنة في بوتقة الوطن الرحيب قد اختلطت اختلاطًا عميقًا وتشابكت أوشاجها تشابكا ثراً ندياً، فكانت المحصلة هذا التنوع الفريد من
الألوان والسحنات والقيم والموروثات التي نزهو ونعتز بها. أما المغالون في أمر العروبة، المسترسلون في جهالتهم، المدعونين بأن أنسابهم محضة لا هجنة فيها، وأنهم ينحدرون من أثلة زكية، ودوحة كريمة، تجدهم يغلقون أبوابهم بمزاليج ضخمة أمام كل طارق لا يكافئهم تلك المنزلة الرفيعة، ويتعسفون في التحري والتقصي لأي راغب يخطب ودهم، ويروم وصالهم، عسى ألا يكون مغمور النسب، وألا تكون في أصلابه نزعة عرق، هؤلاء ضلّ عنهم أن السودان بأسره لا يخرج عن كونه هجينًا، وأن علائقه امتزجت فشملت القاصي والداني، ولم يكترث
لمعايير الشرف والخسة، مثل هذه الفئة هي التي أفضت لما آل عليه الحال اليوم من تصدع وبلبلة واضطراب، وهي زمرة تائهة فقدت ذاتها، وحري بها أن تؤوب إلى رشدها وتتمسك بأهداب الدين الذي حطم صنم التباهي بالأنساب والتفاخر بالأعراق، هذه
الناجمة ما زالت تعيش في كنف أمم قد خلت، وعهود قد قُبرت، وحقب قد ولت، وهى إلى زوال بإذنه تعالى، وهم على شاكلة رفقائهم نُفاة العروبة.
إن اللغة العربية أيها السادة أضحت جزءاً لا يتجزأ من حياتنا، فهي أداة بياننا، ومقوم وحدتنا، ومكون وطنيتنا، بها ينطق أشتات السودانيين الذين وحّدت بينهم الآلام والآمال وصهرتهم المظالم والخطوب.
أُناشد أصحاب الدعوات الهدامة، أن يكفوا أقلامهم التي تنتج القيح المنتن عنا، وأن يربأ كل واحد منهم عن فعل ذلك السلوك المشين، ويحرصوا على بقاء هذا الوطن الذي تركض فيه المصائب، وتتسابق إليه النكبات، والذي فقد ثلث مساحته، وحدة كاملة الأطراف، وطيدة الجوانب بحيث إذا انتزعت منه حجرًا انهارت منه أركان وإذا زعزعت منه أساسًا تداعت من حوله كثير من الأسس.
الطيب النقر


 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف