الأخبار
"عملية بطيئة وتدريجية".. تفاصيل اجتماع أميركي إسرائيلي بشأن اجتياح رفحالولايات المتحدة تستخدم الفيتو ضد عضوية فلسطين الكاملة بالأمم المتحدةقطر تُعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بغزة.. لهذا السببالمتطرف بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ السجوننتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيرانمؤسسة أممية: إسرائيل تواصل فرض قيود غير قانونية على دخول المساعدات الإنسانية لغزةوزير الخارجية السعودي: هناك كيل بمكياليين بمأساة غزةتعرف على أفضل خدمات موقع حلم العربغالانت: إسرائيل ليس أمامها خيار سوى الرد على الهجوم الإيراني غير المسبوقلماذا أخرت إسرائيل إجراءات العملية العسكرية في رفح؟شاهد: الاحتلال يمنع عودة النازحين إلى شمال غزة ويطلق النار على الآلاف بشارع الرشيدجيش الاحتلال يستدعي لواءين احتياطيين للقتال في غزةالكشف عن تفاصيل رد حماس على المقترح الأخير بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرىإيران: إذا واصلت إسرائيل عملياتها فستتلقى ردّاً أقوى بعشرات المرّات
2024/4/19
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

نادره امين وحب العقاد بقلم:وجيه ندى

تاريخ النشر : 2015-07-04
نادره امين وحب العقاد بقلم:وجيه ندى
نادرة امين وحب العقاد

وجيــه نــدى المؤرخ و الباحث فى التراث الفنى و المطربه المعشوقه للكاتب الكبير عباس محمود العقاد انها (نادرة) بطلة أول فيلم غنائي ناطق
(أنشودة الفؤاد) في تاريخ السينما العربية, وكان العرض في موسم 1932 ومنذ عرض وشغل حيزا من اهتمامات الفن السابع والحياة الغنائية والموسيقية ولا أحد يعرف أين ذهبت نسخته الأصلية, إلى أن أعلنوا في العام الأخير في مهرجان الفيلم العربي بمعهد العالم العربي في باريس أنهم توصلوا إلى هذه النسخة وأنهم بصدد ترميمها, غير أن الأمر اقتصر بعدئذ على الاعتراف باكتشاف بضعة فصول من هذا العمل السينمائي الذي لم يكتمل جزء العثور عليه كاملا, وليضيف هذا الأمر صفحة أخرى ضمن صفحات غياب التوثيق في حياتنا,
وغياب التوثيق هو الآفة التي تضعف ذاكرة أي أمة, وهذا التوثيق يكاد يغيب تماما عن غالبية النشاطات الثقافية والفنية في حياتنا المعاصرة ويمتد أيضا إلى جوانب ونشاطات حيوية أخرى!
ورغم كونية الحديث عن ثورة الاتصالات وعصر المعلومات, فإن الحديث عن (الأرشيف) جيد الفهارس, دقيق المعلومات, موثق المادة والمستند, متاح المادة, يكاد يختفي من ذاكرة حياتنا الإبداعية, ويتردد معه السؤال عن موقع الأرشيف السينمائي والمسرحي والموسيقي والغنائي وغير ذلك من ألوان التوثيق والحفظ المرجعي في حياتنا المعاصرة.
شعرت بضعف الذاكرة الفنية العامة عقب استماعي إلى قصيدة بشعر الفصحى كتبها عملاق الأدب العربي عباس محمود العقاد وشدت بها نادرة نجمة أول عمل سينمائي غنائي في تاريخ السينما العربية من ألحان أستاذ فن تلحين القصيدة الموسيقار رياض السنباطي.
وهى قصيدة (قلبي في الهوى زورق) المطربة نادرة نجمة الفيلم الغنائي الأول الذي أخرجه الإيطالي المتمصر ماريو فولبي ولعب بطولته جورج أبيض أمام المطربة نادرة وزكريا أحمد - شيخ الملحنين الراحل.
ونادرة صاحبة لقب أول مطربة وممثلة في تاريخ السينما العربية لعبت بطولة ثلاثة أفلام غنائية فقط, كان أولها (أنشودة الفؤاد) وكانت مازالت في سنوات المراهقة المبكرة وكان فيلمها الثاني (أنشودة الراديو) أمام بشارة واكيم واحمد علام وفؤاد فهيم ومارى منيب و عبد اللطيف جمجوم و صالحه قاصين و اسكندر كافورى ومن إخراج الإيطالي السكندري توليو كياريني وكان العرض 3 يناير 1936 بدار سينما كوزمو بالاسكندريه – وبعد مرور اكثر من شهر قدمت فيها أم كلثوم فيلمها الأول (وداد) في عام 1936,
تركت ساحة الغناء في الستينيات, وبعدما سجلت للإذاعة نحو 360 أغنية خلال ربع قرن ولم يرحمها من ذل السؤال وعوز الحاجة إلا صدور قرار بمنحها معاشا استثنائيا من الزعيم الراحل جمال عبد الناصر بعدما قرأ يوميات عنها للمفكر الكبير عباس محمود العقاد, والمطربة نادرة هي نادرة أمين مصطفى الشتاوى من مواليد مدينة بيروت في عام 1906 من أب مصري ينتمي إلى مدينة رشيد شرق الإسكندرية وأم لبنانية هي فاطمة دغيم, وقد تعرف والدها إلى والدتها عندما كان يعاون والده في أعمال التجارة عبر البحر من الإسكندرية إلى بيروت, وحيث أجبرته سنوات الحرب العالمية الأولى والأحداث التي مرت بالمنطقة على الاستقرار في بيروت, حيث أنجب ابنته نادرة التي تلقت تعليمها الابتدائي في المدارس العربية اللبنانية, لتنتقل العائلة بعدها إلى مصر, فتكمل نادرة تعليمها في القاهرة.
اكتشفت نادرة حلاوة صوتها وهي تشارك في حفلات النشاط المدرسي بتقديم أغنية أم كلثوم (حبك يا سلام) حيث أشاد الحضور بجمال صوتها. كانت نادرة تحب غناء أم كلثوم وتراه مدرستها الوحيدة, ورغم هذا العشق لم تفقد نادرة خصوصية التعبير التي تخصها وهي تؤدي أغنيات أم كلثوم في تلك المرحلة المبكرة من سنوات العشرينيات ومن الغناء في الحفلات المدرسية إلى الغناء في الحفلات والأمسيات الغنائية التي كانت تقيمها البيوت الكبيرة في ذلك الزمن, وتنتقل نادرة تدريجيا من الهواية إلى الاحتراف بعد أن أتقنت قواعد الغناء وأصول الموسيقى والعزف على يد الموسيقي المصري يهودي الديانة إيلي كنعان والذي وجهها للتعرف على المقامات والأوزان والضروريات الموسيقية المختلفة عندما شعر بموهبتها الفطرية وقدرتها الارتجالية على التلحين أيضا بجانب الغناء.
وفي حفل من حفلات البيوت الكبيرة جاءت لنادرة الفرصة التي جعلت منها نجمة أول فيلم في تاريخ السينما الغنائية العربية, فقد كان يحلو لنادرة بين فترات غنائها أن تقوم بتقليد نجمات التمثيل في ذلك الوقت, عندما وقعت أسيرة الإعجاب بقدرات نجمة التمثيل الرائدة بهيجة حافظ نجمة فيلم (زينب) قصة د.محمد حسين هيكل وإخراج محمد كريم, الذي عُرِض في عام 1930, وكان من حضور الحفل المخرج الإيطالي السكندري ماريو فولبي الذي أعجب بتقليدها لبهيجة حافظ ويتوسم خيرا في إمكانات نادرة و حضورها السينمائي فيرشحها لبطولة فيلمه (أنشودة الفؤاد) ثاني فيلم ناطق في تاريخ السينما العربية بعد فيلم يوسف وهبي (أولاد الذوات) وبعد مرحلة البدايات في السينما الصامتة, وتنجح نادرة في الاختبار وتلعب بطولة الفيلم الذي جرى تحضير غالبية مراحله في استوديوهات السينما الفرنسية في العاصمة باريس.
لعبت نادرة بطولة الفيلم أمام رائد التمثيل المسرحي جورج أبيض و عبد الرحمن رشدى وأمام الفنان الملحن زكريا أحمد الذي وضع لها ألحان الفيلم الذي كتب كلمات أغنياته شاعر القطرين خليل مطران, وكانت أشهر أغنيات أول فيلم في تاريخ السينما الغنائية العربية تلك الأغنية التي يقول مطلعها: (يقولون ليلى في العراق مريضة) وقصيدة (أين في الحب) وأغنية بالعامية المصرية عنوانها (يا بحر النيل).
وبنجاح (أنشودة الفؤاد) تتمكن نادرة من أن تصبح واحدة من المطربات المرموقات في الثلاثينيات, وتبدأ مع هذا النجاح رحلة تعرف الجماهير العربية إلى غنائها, حيث تسافر لإحياء حفلات الطرب في بلاد الشام والمغرب العربي, وتمنحها أقلام من يحررون الصفحات الفنية في الصحف لقب (أميرة الطرب) تمييزا لها عن سلطانة الطرب اللقب الذي حظيت به نجمة غناء ما قبل أم كلثوم المطربة منيرة المهدية.و ايضا فتحيه احمد ونجاة على و بهيجه حافظ
لقد أعطت السينما المطربة نادرة شهادة الميلاد الفني, غير أن السينما انشغلت بعد ذلك عن أول مطربة عرفتها الشاشة الكبيرة بتقديم غيرها من المطربات في مراحل زمنية تالية مثلما كان الحال مع أم كلثوم وليلى مراد وملك محمد وبديعه صادق و ليلى حلمى وأسمهان ورجاء عبده ونور الهدى واحلام وصباح و لور دكاش و شريفه فاضل ثم شادية و نجاة الصغيره و سعاد محمد وهدى سلطان و سميحه مراد وحوريه حسن و شهر زاد وبرلنتى حسن ودريه احمد و شريفه ماهر و فاطمه على و عصمت عبد العليم و كوكب صادق و عائشه حسن و نجاح سلام و ناديه فهمى و فايده كامل و فايزه احمد و مها صبرى و المطربه السوريه نازك وغيرهن خلال عمر السينما الغنائية, بداية من العام 1932 -
كان الراديو هو المدخل الحقيقي للتعبير عن النشاط الغنائي للمطربة نادرة بعدما انصرفت عنها السينما عندما لم يحقق فيلمها الثاني (أنشودة الراديو) ماحققه فيلمها الأول (أنشودة الفؤاد) من نجاح , ومع إقبال الإذاعات الأهلية الخاصة عليها ثم بعد ذلك الإذاعة الرسمية القومية, كانت نادرة تقدم وصلة غنائية منذ النصف الثاني من سنوات الثلاثينيات من القرن الأخير, كانت وصلتها في مساء يوم الاثنين أسبوعياً وكان تقديمها لرائعة الملحن القديم محمد عثمان (ياما انت واحشني) بمنزلة بطاقة التعارف بين صوت نادرة ومستمعي الراديو ثم تلت هذا الدور الشهير بموشحات وأدوار أخرى من ألحان داود حسني وزكريا أحمد ومحمد القصبجي – تغنت بالحان محمود الشريف الموسيقار السكندرى واغنيات انا الامل و النسمه من نظم ادوار سليمان ومقام راست – الناس ظلمونى و ظالمينك من نظم محمد على الهلاوى ومقام بياتى – حبيبى قلبى بيحبه من نظم عبد العزيز سلام ومقام جهار كاه – خلاص مابحبكشى ومن تاليف عصمت عبد الكريم – و تغنت بالحان فريد غصن و احمد صبرى النجريدى و احمد عبد القادر وأيضا غنت الحان موسيقار الشعب سيد درويش.وكامل الخلعى
و ايضا مارست المطربه نادره امين الموسيقى و قدمت للمستمعين اعمال لحنيه بصوتها العذب ومن تلك الدرر بينى و بين القمر لحسين حلمى امناسترلى – بيقولوا العمر يومين مننظم وفاء عزيز – زعلانه ليه من نظم سعد الدين مصطفى – غنى معايا ياموج البحر لعبد العزيز سلام يامصرى قوم احمى الوادىمن نظم المؤلف وفاء عزيز ياورده مالك دبلانه من نظم ادوار سليمان ومن يتأمل الإنتاج الغنائي لنادرة يلحظ أنها تفوقت في غناء القصائد وكان من أبرزها تلك التي لحنها أستاذ فن تلحين القصيدة الموسيقار رياض السنباطي وهي قصيدة (قلبي في الهوى زورق) من شعر عباس محمود العقاد الذي خص المطربة نادرة بعدد من قصائده الغنائية كان أشهرها (فضفض الماء يا قمر) من تلحين فريد غصن وقصيدة (ساعة الصفو) من تلحين رياض السنباطي
أعطني العود وغني
وقد بدأت نادرة التلحين لنفسها من خلال وصلتها الإذاعية الغنائية بداية من عام 1935 عندما كلفها الإذاعي الرائد الموسيقار مدحت عاصم تقديم وصلتها, ومنذ قررت نادرة التوقف عن تقديم الجديد والاعتزال في عام 1960 وقتما اختلفت مع الإذاعة تمضي السنوات والإذاعة لا تهتم بتقديم أغنيات نادرة بما يتناسب مع موقعها على الخريطة الغنائية ومع توسع الإذاعات العربية في بث إذاعات متخصصة في الغناء والموسيقى نراها لا تقدم أغنيات نادرة بل إنني لا أبالغ عندما أقول إن بعض من يعملون في تلك الإذاعات من المحسوبين على العمل الإعلامي لا يعرفون نادرة اتساقا مع هذا الغياب لضعف ذاكرة الأمة الثقافية.
إن العودة لذلك الغناء الذي لا تعرفه الأجيال الحالية والذي يمثل تقديمه مذاق الحنين لأغنيات الذكريات عند المخضرمين ممن عاصروا هذا الغناء الجميل وأتيح لهم أن يعاصروا هذا الكم المتردي من غناء اليوم غير الجميل, يجعلنا ننقب عن كنوز الغناء الجميل الذي يمكن إعادة اكتشاف روائعه من خلال العودة إلى تسجيلات الماضي الصالحة وعبر أعمال السينما والإذاعة والمسرح والتلفزيون.
ونادرة صاحبة قدر لا يستهان به من خزائن كنوز هذا الماضي, وقد تعرض صوتها للعديد من التغيرات منذ بداياتها في الثلاثينيات وحتى سنوات توقفها عن تقديم الجديد في أوائل الستينيات وعمرها 47 عاما, فقد تدرج الصوت من مرحلة إلى أخرى من عمل غنائي مبكر مثل أغنية (أين مني الحب) التي لحنها شيخ الملحنين زكريا أحمد ومن خلال حرصه في بداياتها على ضبط تنفس مطربته الشابة الناشئة والمعاونة على تدريبها وزيادة طول النفس, وحيث يعطي هذا التحكم للصوت القدرة على اختيار النبرة الملائمة للجو النفسي وللمعاني التي تغنت بها نادرة في هذه الأغنية. و أغنية (على نغم العود) التي وضع لحنها فؤاد حلمي وهو ملحن قدير كان زميلا لعبد الحليم حافظ وكمال الطويل في دراسته الموسيقى بالمعهد العالي للموسيقى في أواخر الأربعينيات, غير أن شهرة فؤاد حلمي لا تتناسب مع موهبته وإبداعاته وما أضافه من عطاء
في هذا النموذج الغنائي الذي لحنه فؤاد حلمي لنادرة نلحظ على غنائيات هذه المرحلة تفهم الصوت للمقامات والإيقاعات المختلفة وخصوصا في غناء القصائد ومنها أغنية (هيئ لنا من أمرنا رشدا) وهو غناء فيه الاستيعاب الصريح لقدرات هذا الصوت بملامحه الرصينة وغنائه السليم. وكان اعتزال نادرة للغناء في أوائل الستينيات والصوت يقارب في ملامحه ما يوجد في الصوت (الميتزو سوبرانو) وهو أصدق ما يميز غناء المرحلة الثالثة في التعبير الصوتي عن نجمة أول فيلم غنائي في السينما العربية.
وتمر السنوات وتمضي السنين و العقود وتغادر نادره امين عالمنا فى 24 يوليو 1990 رحمها الله و اسكنها فسيح جناته المؤرخ و الباحث فى التراث الفنى وجيــه نــدى[email protected]
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف