الأخبار
علماء فلك يحددون موعد عيد الفطر لعام 2024برلمانيون بريطانيون يطالبون بوقف توريد الأسلحة إلى إسرائيلالصحة تناشد الفلسطينيين بعدم التواجد عند دوار الكويتي والنابلسيالمنسق الأممي للسلام في الشرق الأوسط: لا غنى عن (أونروا) للوصل للاستقرار الإقليميمقررة الأمم المتحدة تتعرضت للتهديد خلال إعدادها تقرير يثبت أن إسرائيل ترتكبت جرائم حربجيش الاحتلال يشن حملة اعتقالات بمدن الضفةتركيا تكشف حقيقة توفيرها عتاد عسكري لإسرائيلإسرائيل ترفض طلباً لتركيا وقطر لتنفيذ إنزالات جوية للمساعدات بغزةشاهد: المقاومة اللبنانية تقصف مستوطنتي (شتولا) و(كريات شمونة)الصحة: حصيلة الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة 32 ألفا و490 شهيداًبن غافير يهاجم بايدن ويتهمه بـ"الاصطفاف مع أعداء إسرائيل"الصحة: خمسة شهداء بمدن الضفة الغربيةخالد مشعل: ندير معركة شرسة في الميدان وفي المفاوضاتمفوض عام (أونروا): أموالنا تكفي لشهرين فقطأبو ردينة: الدعم العسكري والسياسي الأمريكي لإسرائيل لا يقودان لوقف الحرب على غزة
2024/3/28
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

عندما يصبح الفاسدون مرجعيات بقلم: د.لؤي الشيخ

تاريخ النشر : 2015-07-04
عندما يصبح الفاسدون مرجعيات بقلم: د.لؤي الشيخ
*عندما يصبح الفاسدون مرجعيات*

*بقلم: د.لؤي الشيخ*

* لأنه اصبح ظاهرة عالمية تجتاح كل المكونات البنيوية للدولة الحديثة، فقد تتفاوت آثاره من دولة الى أخرى ومن مؤسسة داخل هذه الدولة الى غيرها، ورغم تفشي هذه الظاهرة في الدول دكتاتورية الحكم إلا ان الفساد يتناقص كلما زادت
ديمقراطية الحكم في الدولة والتي تبنى على أساس المساءلة النزيهة والشفافية في ظل قضاء عادل يُغيِّب المحسوبيات ويُعدم الواسطات وفي ظل رقابة فاعلة مسندة الى مجموعة من القيم الوطنية والمؤسسية، ويستوطن الفساد عادةً مجالات السياسة
والاقتصاد والإدارة والمال والقضاء والأخلاق والسلوك* *ليصبح موروثاً مكتسب لأجيال متعاقبة ليتطور ويصبح ثقافة يتفاخر فيها الفاسدون ويكون فيها غيرهم مهمشين مهما ارتفعت مكانتهم وعلا شأنهم علميا ودينيا وثقافيا واخلاقيا، رأيهم
مُخطأ وسلوكهم غير سوي وينتابهم شذوذ الفكر وعسر المخاض على حد ثقافة المجتمع الفاسد.*

*يتلخص تعريف الفساد بأنه استغلال للمنصب الاداري أو السياسي أو الاجتماعي لتحقيق أهداف شخصية، وتحقيق مكاسب ذاتية دون وجه حق، أو التستر بقصد عن أخطاء وإهمال وإخفاق الاخرين خدمة لأجندة شخصية أو محاباة لهم لمواقعهم ومناصبهم
ومراكزهم ونفوذهم، أو هو التسبب أو الاشتراك أو السكوت-بعلم مسبق- عن ضياع المال العام أو هدره، أو القيام بأي عمل أو الامتناع عن القيام به والذي من شأنه الاضرار بالمصلحة العامة او ما يرتبط بها من مصالح الخاصة، أو هو تيسير مصالح البعض أو الامتناع عنها ليس على أساس مهني ولا إنساني ولا قيمي ولا أخلاقي ولا معاييري وإنما على أساس شخصي أو مصلحي ليس إلا. *

*ولما كان الفساد مُحَقَّراً اجتماعياً وأخلاقيا وشذوذاً في السلوك بكافة صوره وأشكاله لكونه اعتداءاً صريحاً أولاً وقبل كل شيء على منظومة القيم والمبادئ الاجتماعية والأخلاقية. فكان المرتشي أو المختلس أو المتستر أو المتسبب في ظاهرة لا إنسانية، أو سارق المال العام أو المضر بالمصلحة العامة، اذا ما
انكشف أمره يسير في الشارع أو في الحارة مطأطئ الرأس، خجلاً من نفسه، يخشى مقابلة الناس، ويعيش منبوذاً من الجميع وحتى من أقرب الناس اليه، واليوم يطل علينا الفاسدون وكأنهم أشراف هذا الزمان يعيبونه ولا يستعيبوا من أنفسهم، وتراهم هم من ينادوا بمكافحة الفساد، هم من يطلبون صرامة الرقابة، هم انفسهم من يتظاهرون بحرصهم وكدهم وجديتهم على الوطن ومؤسساته، على الفقراء والمحرومين، ولكن ينطبق عليهم قول مظفر النواب "ونكابر ما أوسخنا"، فالناس كل الناس تعرفهم حتى وإن حافهم الجُبْن، ولكن قصص فسادهم أصبحت تحفَّظ للأطفال في رياض الأطفال، أصبحت مادة دسمة لإحياء مجالس ختياريات الحارة، لا يعلموا أن هذا وطن وهذه ارض لا يكتم فيها سر ولا يعمر فيها ظالم ولا يتم التحفظ فيها على فاسد.*

*أما أن تتبدل الأدوار لنصبح نحن من يخشى الفاسدين خوفاً من سطوتهم وطول باعهم وفجاعة نفوذهم، لدرجة أننا صرنا نتَلَهْوَقُ اليهم ونطلب ودهم ونتذلل اليهم.
وحتى في انجاز معاملاتنا الرسمية أصبحنا نفضل الموظف الفاسد على زميله الشريف، فرشوةٍ بمبلغ بسيط ندفعها لذلك الموظف تحت اسم اكرامية ننجز معاملاتنا بالسرعة
التي نريدها، ونحن في الواقع نكون قد اعتدينا على حقوق غيرنا من المواطنين، والأنكى من ذلك أننا صرنا نرشد أصدقاءنا ومعارفنا للتوجه الى ذلك الموظف أو أمثاله وهم كثر، لإنجاز معاملاتهم. فنكون بذلك ودون قصد منا قد ساهمنا في
تعميم الفساد وانتشاره, وهذا ما يجري مع موظف البلدية والكهرباء والمياه والشرطة والبنك وغيرها من الدوائر الرسمية وغير الرسمية**.*

*ان الكثيرين من المثقفين والمفكرين والوطنين الغيورين وكل المهتمين بالشأن العام يتحدثون عن الفساد بالنقد والرفض والادانة، ومع قناعة الجميع بخطورة الفساد على المجتمع حاضراً ومستقبلاً. الا أننا لم نتنبه الى أشكال أخرى من الفساد قد تكون أشد خطراً على المجتمع،* * وهو أن يرتبط كل هؤلاء بمنظومة
ينخرها الفساد وهم لا يشعرون، ويكونوا واجهة تطبيقية لها لا أكثر ولا أقل، وهنا يكمن أشر الشرور حين يكون الفاسد مرجعا وتكون النخبة ستارا مبطناً للفساد، يجملونه ويبررون تفشيه، وإن حدثت المواجهة يعتبرونه جزء بسيط وحالة عرضية أو هو حال كل الوطن وأن ما دون ذلك إستثناء، حينها على من يعوَّل
بالمكافحة والمحاربة لهذا التفشي القادم من فوق ومن تحت ومن الشرق ومن الغرب.*

*نتحدث عن الفساد في زمن غابر عابر، في وطن تكتمل اركانه ولا يكتمل شكله أو لونه، لنكتشف أن أشرَّ الفاسدين هم اتكأوا على وطنيتهم الزائفة وعلى ماضٍ لم يقدم لمستقبل الوطن حتى بريق أمل، فقد قادوا الوطن من إحباط الى إحباط حتى فسدوا وسادوا في فسادهم.*

*وأما أولئك الصامتون من أصحاب الكلمة الساكنة في صدورهم وبعض الابواق فليسوا أقل شرا ممن سبق، فيعلمونا بمحاضراتهم وندواتهم وخطبهم ومجالسهم ومن على منابرهم، ومن على صفحاتهم الإعلامية ما هو الواجب وما هو الأوجب، لنكتشف أنهم مداهنون ومهادنون ليطغوا في البلاد ويكثروا فيها الفساد، وأن هذا جزء ممهنج ليخدعونا بفسادهم بكافة اطيافة وأشكاله وألوانه.*

*ونبقى نحن نبحث عن مرجعية أو جهة نعتمد عليها ونطمئن لها وتهوي قلوبنا اليها، لا فساد فيها ولا شبهة عليها، لنكتشف اننا مازلنا نحلم وأن سباتنا عميق، وان حلمنا يمكن أن يتحقق في وطن غير وطننا وفي عالم غير عالمنا وفي كون غير كوننا
وفي دنيا غير دنيانا...حقاً إنها الآخرة يا صاحبي.*
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف