سلام عليك

سلامٌ عليك يوم ولدت ويوم لامست قدماك الأرض ،ويوم ارتويت من مياه الأرض ، ويوم زرعت حبك لبلادك في قلبك دالية وأدفأت حبك لبلادك بين أحضانك وامتد الفراق وحملتني على كتفيك المنهمكتين بين الغبار المتطاير بين بيوت قريتنا وقد أتاها المحتل ودمر كل بيتاً من بيوت القرية بالقنابل ، سلام عليك عندما أحرقت علماً أجنبياً يرفرف مكان علمك العربي ، وأحرقته أمام الجنود ، وعندما كنت تمضي مع جماعات وبأيديكم حجارة وتطرده من بلدك ،وعندما علمتني أن الفقر هو من أضاع الأبرياء وأن الجوع هو من أدبل أجساد الأطفال الهزيلة ، وأن الفدائي من تنزل حبات العرق ، على جبينه حفاظاَ على أرضه ،سلام عليك يوم وهبت السعادة بمكان الحزن ويوم أخبرتنا ببساطة الرجل المسن الذي يحلم بالعودة إلى أرضع ويشتم فيها رائحة ذكريات الطفولة ، وأحلامه السرمدية التي كان يحلم بها صباحاَ ومساءَ ،ويوم قلت لنا عن عفوية الطيبين والشهداء ،الفدائيين ،سلم عليك يوم اخترت العودة للوطن ويم علمتنا أن الوطن حق تتوارثه الأجيال بالنضال ، سلام عليك يوم انتفضت الخيام وجلست بين ركام منزلك ، سلام عليك يوم أخبرتنا أننا خلقنا على هذه الحياة للعيش بحرية وسلام وليس للعيش بالذل والاهانة ، سلام عليك يوم أخبرتنا إننا رحلنا من فلسطين إلى بلاد الشتات ومضينا على هذه الحياة ، سلامَ عليك يوم أخبرتنا كيف تمزقت أجساد الشهداء بين هذا الركام والدمار ، وكل رصاصة أطلقت من فدائي على رأس جندي نجس ، وتلقينك درساً لجندي إسرائيلي لاعتدائه على شيخاً ، سلام عليك يوم أخبرتنا عن بحثك عل أوراق ووثائق الأراضي بكل مكان من بلد تذهب إليها ، فلم يعد أحد من العرب يبحث عنها ويعلن سلام البلاد ،ويوم أخبرتنا كم من فرداً يحمل بجيبه كيساً مليء بحبات الرمل مختلطة مع دماء الشهداء ، سلمٌ عليك يوم أخبرتنا أن كل سنبلة من القمح تروي حكاية فدائي ، وجذور شجر الزيتون المنغرسة بالأرض كلما حاولوا اقتلاعها تنبت مرة أخرى ويوم علمتنا أن الوفاء يبقى ولا يختفي ، نبضات قلبك التي تشمل كل نبضة عن حبك واشتياقك لقدسك سلام عليك يوم رويت لنا حكايات الأطفال وكم من جدار يفصل بين طفل ووالده وكم من طفل يتمنى أن يغفو بأحضان والده الأسير ، وكم معاناة أم لفقدانها لابنها الفدائي ، وكم من رجل مسن ابنه قد ذهب لساحة المعركة ولم يعد ولا يعلم إذا كان على قيد الحياة أم الملائكة زفته إليها ، وكم من فدائي جسده منحوتاً بالأوجاع لكنه لا يتوجع ، سلام عليك يوم علمتنا أن قوة أعدائنا بلاء وقوتنا شفاء ، وكيف وطننا قد تعرض لكل متاهات الشيطان ، سلام عليك يوم أخبرتنا كيف ضل الفدائي اختفى كالشمعة الباكية ، كم هي الذكريات مؤلمة ، سلام عليك