قصة "سأكتفي بك حلما "
بقلم بسمة الشوبكي
تراه ينظر اليها ! بعينيه اللامعتين ، يشد قلبها إليه ،كي تقرأ ما تحكيه نظراته ،لكنها مضت ولم تلق له بالا ، فتتعلق بها قطرات الندى التى تأبى النزول من مقلتيه ، بل وتكتفي بالتجمع على أطراف أجفانه ، لكنها قطعت مغناطيسه و مضت ، لا أعرف إن كانت مضت بقلبها أم تركته معلق هناك ،
أراد أن يستوقفها ؛ ليعرف لماذا غلقت أبوابها على نفسها ، ولكنها لم تلتفت ،ولم ير وجهها ، بدأت علامات الانزعاج تأسر وجهه المفتون ، وصاح بها قائلاً : أنظري إلي ، لماذا تعطيني ظهرك ؟
، وقفت قليلاً ، لكنها اكتفت بجرعة من الصمت ، أعطته وجهها و أخذت تنظر في عينيه و تحملق ، ابتسم إليها وقال في لهفة : تكلمي ! تكلمي جوهر القلب !
تصارعت النظرات في عينيها ، فأدارت ظهرها ومضت ، انتابه شعور بالغضب الشديد ، ولكن لم يكن لديه وقت لتفريغه فمضى خلفها ، تعصره نظراتها ، ويمزق قلبه صمتها ، لم يكن يعرف ما الذي حصل لها ، لماذا تفعل ذلك ، بماذا يبرر صمتها ، مضت تسير إلى الأمام مسرعة الخطوات ، وأشعة الشمس ترافقها في كل خطوة ، وترافقه أيضاً ، يمضى ولا يعرف أين يمضى ،
آلام رأسه أثقلته ، واوجاع قلبه ثقلته ، بدأ العرق يسيل من شعره الأملس ويمضي مسرعا كي يطفئ لهيب وجهه المشتعل ، ويخفف من احمراره ، لم يكن يشعر بألم يهز كيانه سوى ألم قلبه ، لم تلتفت إليه أبداً ، و لم تتكلم أبداً ، كما أنها لم تنظر إليه أبداً ، مع أنها تدرك .. أنها تركت قلبها معه ،روحها معه ، فلماذا تكابر ؟
ما هو سر سيرها الطويل ؟
صاح قائلاً : انتظري !
لم تلق له بالاً ولا حتى اهتماماً ، وظلت تمضي وتمضي وتمضي ، فصاح بغضب شديد وقال : قلت لك انتظري ! انتظري ، صماء !
وقفت و أدارت وجهها إليه ، أخذت تنظر في عينيه و عينيها تقطر بالدمع ،
بهت عندما رأى حبات الدمع في عينيها ، وهدأت نفسه ، أخرج من جيبه معطفا و مسح عرقه المتصبب من وجهه المحمر ، ابتهجت عيناه ذات الجاذبية الساحرة ، وسرعان ما ابيض وجهه و رحلت عنه الحرارة، مسح شعره اﻷملس ، وأخذ ينظر إليها ، منتظراً أن تتحدث ، لكن برهة الصمت لم تفارقها ، لم يتحمل صمتها فتكلم قائلا : ما بك جوهرة ، ماذا حدث معك ؟ أنا لم أعد أحتمل صمتك الطويل، تكلمي!
نظرت إليه بعيون تحمل قاموس من الكلمات ، ولكنها أبت أن تفتحه، بدأت أوتار عقله تتضارب فصرخ بها قائلاً : تكلمي،أصممت ؟
بكماء أنت ؟
فما أن سمعته إلا وانهمرت عيناها بالبكاء وخرت ركبتاها أرضا ، و عجنت دموعها بالرمال ، صدم لما رأها ، حاول مساعدتها للنهوض ، لكنها أبت و استوقفت على قدميها وأدارت ظهرها كي تذهب ، تطلع إليها و يعتري عيناه الخوف والندم، الخوف من الذي تخبئه داخل قلبها ، ويجعلها تبكي كل هذا البكاء وتتألم كل هذا الألم ، خائف عليها ، لأنها تعني له الكثير ،
يعتري قلبه الندم لأنه خدش قلبها وقذفها قائلاً لها صماء ، بكماء ، نادم لأنه لم يضبط أعصابه ، أمسك بيدها واستوقفها قائلاً : أنا آسف ، نعم آسف ، سامحيني !
وقفت ولم تلتفت إليه ، كان الهواء يلوح في منديلها الأرجواني والغبار يغطي حذائها البني ، حاول أن يتمالك نفسه و يكبس على أوتار أعصابه و كرر سؤاله قائلاً: تكلمي ! ولو بكلمة واحدة !
كعادتها في كل وقفة أدارت وجهها وأخذت تحملق النظر في عينيه الساحرتين
حاول ان يتمالك نفسه أكثر
وقال لها : حسنا لا تتحدثي ! لكن استمعي إلى ما أقوله ، تعرفين أنني لم أحب إنسانة في حياتي غير أمي ، لكنك تعلمين جيداً مكانتك في قلبي ، أنت أغلى ما أملك بعد أن توفيت أمي ، وتعرفين جيداً محبتي العظيمة لك ، فهي أقوى بكثير من حب قيس لليلي و عنترة لعبلة وكثير لعزة ، وتعلمين أنني عندما تقدمت لخطبتك لم يكن لمال أحصل عليه من أبيك طامعاً ، أو لجاه أصير له كاسباً ، أو لمنصب ارنو لأكون له حاصلاً ، ما ربطني بك هو أقوى من ذلك بكثير ،
عفافك و عنفوانك ، تدينك و إلتزامك ، فهمك ورزانة عقلك ، ولأني أعرف أنك ستكونين حصاني و جلبابي ، دوائي و بلسم قلبي ، راحتي و سعادتي ، ليتك تعرفين كم أحبك !
ليتك تعرفين أني لم أقصد إيذاء قلبك ، لأنك قلبي ،روحي ومهجتي ، ليتني اعرف سر تلك النظرة في عينيك ؟
ليتني اعرف سر ذلك الصمت القاهر ؟
ليتني أعرف جرمي ، ماذا فعلت ؟ كي تجعليني في تلك الحيرة ؟
كانت نظراتها له تتصارع بين الفينة والأخرى ، لكنها لم تتحمل ما يقول فصاحت به قائلة : يكفي ، يكفي ، انت لست بمجرم ، أنا المجرمة ، أنا المذنبة ، أنا الخطأ كله ،
- ماذا تقولين ؟
- اقول ما يجب أن يقال ، كلمات صعبة جداً على قلبي ولكن يجب أن تقال و يجب أن يتقبلها كلانا .
ابنتابه اﻹندهاش و التعجب ، ترى ما هو الشيء الذي تضمره منذ ساعات وتحبس أنفاسها كي لا تخرجه ، وبعد برهة من الصمت الذي استمر لدقائق تكلمت بصوت يعتريه الضعف والهوان
قالت : محمد ؛ هذه هي نهاية طريقي معك ، أرجوك لا تقاطعي ، دعني أكمل حديثي .
كانت عيناه تحمل إشعاعات من الاستنكار ، ونبضات جيبه تتسارع ، تكاد تخترق قميصه من شدتها ، أكملت حديثها قائلة :
أبي لا يريد لذلك الزواج أن يتم ، ويأمرني أن أخلعك من عصمتي ، وإلا سيحل علي غضبه و سخط أعمامي أيضا
ً
صعق محمد وانتابه شعور بالصدمة ، بدأ يتهته وتتأتأ
- كيف ذلك ؟ كيف ؟ ك ك ك لماذا ؟
- لأن ابن عمي الذي شيع موته منذ سنين لم يمت ، بل كانت هذه إشاعة ، وقد عاد منذ يومين من المكسيك .
- تقصدين سمير ؟ وماذا يعني ذلك ؟
- يعني أنهم سينفذون ما كان قد اتفق عليه عندما كان حيا ، سيقومون بتزويجي منه
- وهل أنت راضية ؟
- وكيف أكون راضية وأنا على ذمتك ؟ كيف أكون راضية أن أقبر قلبي وروحي ، لكن هذا ما تريده شريعة عائلتنا .
- وهل تستسلمين لتلك الشريعة القاهرة ؟
أنا لن استسلم
- تعلم أن الامر خارج إرادتي ، سيتم خلعي منك وتزويجي له رغما عن أنفي ، سواء رضيت أو لم أرض ، كافحت و لكن لا حياه لمن تنادي ، فحياتي قبرت بعد أن عاد سمير ، وعقارب ساعتي معك قد توقفت.
كانت كلماتها تحمل بين طياتها قهر وألم ومرارة ، فشريعة العائلة لن تقبل التمرد و المخالفة وإلا ستكون مطرودة من العائلة ومتبرئ منها ، فهل ستخالف العائلة من أجل حب قلبها ، زوجها المستقبلي ، أم ستدفن قلبها وتعيش ميتة؟
للأسف كان هو خيارها ، الذي ترضي به ربها وضميرها ، فقبر قلبها مقدم على سخط والدها و عائلتها الذي يودي بها إلا آخرة الجحيم ، كان الألم يلح عليها شديدا وقاس جدا
فخيار كهذا كان الصفعة الدامية لقلب محمد ، عندما سمع كلماتها ارتعد لسانه وتولد الغضب في عينيه ، اللتان لا تناسبهما إلا الحب ، تكومت حبات الندى في عينيه وبدأت تسقط متتابعة و متوالية ، تنهمر مصحوبة بدم القلب النازف ، أمسك بذراعيها وثار بها قائلاً :
أتنسي محمد ؟
فأجابت بحرقة وعينيها تنزف بالدم : وهل ينسى القلب القلب
أمسكت بيديه بعد أن مسحت عينيها بمعطفه ، نظرت في عينيه ، نظراتها الاخيرة ، رفعت يديه بمحاذاة ذقنها وقبلتهما بحرارة ، ثم أنزلتهما ،
و دفعت إليه ورقة كانت قد كتبت عليها ،سأكتفي بك حلما ، مضت مسرعة ، سرعان ما غطاها الغبار ، ولم يعد لها أثر
بقلم بسمة الشوبكي
تراه ينظر اليها ! بعينيه اللامعتين ، يشد قلبها إليه ،كي تقرأ ما تحكيه نظراته ،لكنها مضت ولم تلق له بالا ، فتتعلق بها قطرات الندى التى تأبى النزول من مقلتيه ، بل وتكتفي بالتجمع على أطراف أجفانه ، لكنها قطعت مغناطيسه و مضت ، لا أعرف إن كانت مضت بقلبها أم تركته معلق هناك ،
أراد أن يستوقفها ؛ ليعرف لماذا غلقت أبوابها على نفسها ، ولكنها لم تلتفت ،ولم ير وجهها ، بدأت علامات الانزعاج تأسر وجهه المفتون ، وصاح بها قائلاً : أنظري إلي ، لماذا تعطيني ظهرك ؟
، وقفت قليلاً ، لكنها اكتفت بجرعة من الصمت ، أعطته وجهها و أخذت تنظر في عينيه و تحملق ، ابتسم إليها وقال في لهفة : تكلمي ! تكلمي جوهر القلب !
تصارعت النظرات في عينيها ، فأدارت ظهرها ومضت ، انتابه شعور بالغضب الشديد ، ولكن لم يكن لديه وقت لتفريغه فمضى خلفها ، تعصره نظراتها ، ويمزق قلبه صمتها ، لم يكن يعرف ما الذي حصل لها ، لماذا تفعل ذلك ، بماذا يبرر صمتها ، مضت تسير إلى الأمام مسرعة الخطوات ، وأشعة الشمس ترافقها في كل خطوة ، وترافقه أيضاً ، يمضى ولا يعرف أين يمضى ،
آلام رأسه أثقلته ، واوجاع قلبه ثقلته ، بدأ العرق يسيل من شعره الأملس ويمضي مسرعا كي يطفئ لهيب وجهه المشتعل ، ويخفف من احمراره ، لم يكن يشعر بألم يهز كيانه سوى ألم قلبه ، لم تلتفت إليه أبداً ، و لم تتكلم أبداً ، كما أنها لم تنظر إليه أبداً ، مع أنها تدرك .. أنها تركت قلبها معه ،روحها معه ، فلماذا تكابر ؟
ما هو سر سيرها الطويل ؟
صاح قائلاً : انتظري !
لم تلق له بالاً ولا حتى اهتماماً ، وظلت تمضي وتمضي وتمضي ، فصاح بغضب شديد وقال : قلت لك انتظري ! انتظري ، صماء !
وقفت و أدارت وجهها إليه ، أخذت تنظر في عينيه و عينيها تقطر بالدمع ،
بهت عندما رأى حبات الدمع في عينيها ، وهدأت نفسه ، أخرج من جيبه معطفا و مسح عرقه المتصبب من وجهه المحمر ، ابتهجت عيناه ذات الجاذبية الساحرة ، وسرعان ما ابيض وجهه و رحلت عنه الحرارة، مسح شعره اﻷملس ، وأخذ ينظر إليها ، منتظراً أن تتحدث ، لكن برهة الصمت لم تفارقها ، لم يتحمل صمتها فتكلم قائلا : ما بك جوهرة ، ماذا حدث معك ؟ أنا لم أعد أحتمل صمتك الطويل، تكلمي!
نظرت إليه بعيون تحمل قاموس من الكلمات ، ولكنها أبت أن تفتحه، بدأت أوتار عقله تتضارب فصرخ بها قائلاً : تكلمي،أصممت ؟
بكماء أنت ؟
فما أن سمعته إلا وانهمرت عيناها بالبكاء وخرت ركبتاها أرضا ، و عجنت دموعها بالرمال ، صدم لما رأها ، حاول مساعدتها للنهوض ، لكنها أبت و استوقفت على قدميها وأدارت ظهرها كي تذهب ، تطلع إليها و يعتري عيناه الخوف والندم، الخوف من الذي تخبئه داخل قلبها ، ويجعلها تبكي كل هذا البكاء وتتألم كل هذا الألم ، خائف عليها ، لأنها تعني له الكثير ،
يعتري قلبه الندم لأنه خدش قلبها وقذفها قائلاً لها صماء ، بكماء ، نادم لأنه لم يضبط أعصابه ، أمسك بيدها واستوقفها قائلاً : أنا آسف ، نعم آسف ، سامحيني !
وقفت ولم تلتفت إليه ، كان الهواء يلوح في منديلها الأرجواني والغبار يغطي حذائها البني ، حاول أن يتمالك نفسه و يكبس على أوتار أعصابه و كرر سؤاله قائلاً: تكلمي ! ولو بكلمة واحدة !
كعادتها في كل وقفة أدارت وجهها وأخذت تحملق النظر في عينيه الساحرتين
حاول ان يتمالك نفسه أكثر
وقال لها : حسنا لا تتحدثي ! لكن استمعي إلى ما أقوله ، تعرفين أنني لم أحب إنسانة في حياتي غير أمي ، لكنك تعلمين جيداً مكانتك في قلبي ، أنت أغلى ما أملك بعد أن توفيت أمي ، وتعرفين جيداً محبتي العظيمة لك ، فهي أقوى بكثير من حب قيس لليلي و عنترة لعبلة وكثير لعزة ، وتعلمين أنني عندما تقدمت لخطبتك لم يكن لمال أحصل عليه من أبيك طامعاً ، أو لجاه أصير له كاسباً ، أو لمنصب ارنو لأكون له حاصلاً ، ما ربطني بك هو أقوى من ذلك بكثير ،
عفافك و عنفوانك ، تدينك و إلتزامك ، فهمك ورزانة عقلك ، ولأني أعرف أنك ستكونين حصاني و جلبابي ، دوائي و بلسم قلبي ، راحتي و سعادتي ، ليتك تعرفين كم أحبك !
ليتك تعرفين أني لم أقصد إيذاء قلبك ، لأنك قلبي ،روحي ومهجتي ، ليتني اعرف سر تلك النظرة في عينيك ؟
ليتني اعرف سر ذلك الصمت القاهر ؟
ليتني أعرف جرمي ، ماذا فعلت ؟ كي تجعليني في تلك الحيرة ؟
كانت نظراتها له تتصارع بين الفينة والأخرى ، لكنها لم تتحمل ما يقول فصاحت به قائلة : يكفي ، يكفي ، انت لست بمجرم ، أنا المجرمة ، أنا المذنبة ، أنا الخطأ كله ،
- ماذا تقولين ؟
- اقول ما يجب أن يقال ، كلمات صعبة جداً على قلبي ولكن يجب أن تقال و يجب أن يتقبلها كلانا .
ابنتابه اﻹندهاش و التعجب ، ترى ما هو الشيء الذي تضمره منذ ساعات وتحبس أنفاسها كي لا تخرجه ، وبعد برهة من الصمت الذي استمر لدقائق تكلمت بصوت يعتريه الضعف والهوان
قالت : محمد ؛ هذه هي نهاية طريقي معك ، أرجوك لا تقاطعي ، دعني أكمل حديثي .
كانت عيناه تحمل إشعاعات من الاستنكار ، ونبضات جيبه تتسارع ، تكاد تخترق قميصه من شدتها ، أكملت حديثها قائلة :
أبي لا يريد لذلك الزواج أن يتم ، ويأمرني أن أخلعك من عصمتي ، وإلا سيحل علي غضبه و سخط أعمامي أيضا
ً
صعق محمد وانتابه شعور بالصدمة ، بدأ يتهته وتتأتأ
- كيف ذلك ؟ كيف ؟ ك ك ك لماذا ؟
- لأن ابن عمي الذي شيع موته منذ سنين لم يمت ، بل كانت هذه إشاعة ، وقد عاد منذ يومين من المكسيك .
- تقصدين سمير ؟ وماذا يعني ذلك ؟
- يعني أنهم سينفذون ما كان قد اتفق عليه عندما كان حيا ، سيقومون بتزويجي منه
- وهل أنت راضية ؟
- وكيف أكون راضية وأنا على ذمتك ؟ كيف أكون راضية أن أقبر قلبي وروحي ، لكن هذا ما تريده شريعة عائلتنا .
- وهل تستسلمين لتلك الشريعة القاهرة ؟
أنا لن استسلم
- تعلم أن الامر خارج إرادتي ، سيتم خلعي منك وتزويجي له رغما عن أنفي ، سواء رضيت أو لم أرض ، كافحت و لكن لا حياه لمن تنادي ، فحياتي قبرت بعد أن عاد سمير ، وعقارب ساعتي معك قد توقفت.
كانت كلماتها تحمل بين طياتها قهر وألم ومرارة ، فشريعة العائلة لن تقبل التمرد و المخالفة وإلا ستكون مطرودة من العائلة ومتبرئ منها ، فهل ستخالف العائلة من أجل حب قلبها ، زوجها المستقبلي ، أم ستدفن قلبها وتعيش ميتة؟
للأسف كان هو خيارها ، الذي ترضي به ربها وضميرها ، فقبر قلبها مقدم على سخط والدها و عائلتها الذي يودي بها إلا آخرة الجحيم ، كان الألم يلح عليها شديدا وقاس جدا
فخيار كهذا كان الصفعة الدامية لقلب محمد ، عندما سمع كلماتها ارتعد لسانه وتولد الغضب في عينيه ، اللتان لا تناسبهما إلا الحب ، تكومت حبات الندى في عينيه وبدأت تسقط متتابعة و متوالية ، تنهمر مصحوبة بدم القلب النازف ، أمسك بذراعيها وثار بها قائلاً :
أتنسي محمد ؟
فأجابت بحرقة وعينيها تنزف بالدم : وهل ينسى القلب القلب
أمسكت بيديه بعد أن مسحت عينيها بمعطفه ، نظرت في عينيه ، نظراتها الاخيرة ، رفعت يديه بمحاذاة ذقنها وقبلتهما بحرارة ، ثم أنزلتهما ،
و دفعت إليه ورقة كانت قد كتبت عليها ،سأكتفي بك حلما ، مضت مسرعة ، سرعان ما غطاها الغبار ، ولم يعد لها أثر