الأخبار
بعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكريا بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيينمسؤولون أميركيون:إسرائيل لم تضع خطة لإجلاء المدنيين من رفح..وحماس ستظلّ قوة بغزة بعد الحربنتنياهو: سنزيد الضغط العسكري والسياسي على حماس خلال الأيام المقبلة
2024/4/23
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

سأكتفي بك حلما بقلم: بسمة الشوبكي

تاريخ النشر : 2015-07-03
قصة "سأكتفي بك حلما "
                    بقلم بسمة الشوبكي
تراه ينظر اليها ! بعينيه اللامعتين ، يشد قلبها إليه ،كي تقرأ ما تحكيه نظراته ،لكنها مضت ولم  تلق له بالا ، فتتعلق بها قطرات الندى التى تأبى النزول من مقلتيه ، بل وتكتفي بالتجمع على أطراف أجفانه ، لكنها قطعت مغناطيسه و مضت ، لا أعرف إن كانت مضت بقلبها أم تركته معلق هناك ،
أراد أن يستوقفها ؛ ليعرف لماذا غلقت أبوابها على نفسها ، ولكنها لم تلتفت ،ولم ير وجهها ، بدأت علامات الانزعاج تأسر وجهه المفتون ، وصاح بها قائلاً : أنظري إلي ، لماذا تعطيني ظهرك ؟
، وقفت قليلاً ، لكنها اكتفت بجرعة من الصمت ،  أعطته وجهها و أخذت تنظر في عينيه و تحملق ، ابتسم إليها وقال في لهفة : تكلمي ! تكلمي جوهر القلب !
تصارعت النظرات في عينيها ، فأدارت ظهرها ومضت ، انتابه شعور بالغضب الشديد ، ولكن لم يكن لديه وقت لتفريغه فمضى خلفها ، تعصره نظراتها ، ويمزق قلبه صمتها ، لم يكن يعرف ما الذي حصل لها ، لماذا تفعل ذلك ، بماذا يبرر صمتها ، مضت تسير إلى الأمام مسرعة الخطوات ، وأشعة الشمس ترافقها في كل خطوة ، وترافقه أيضاً ، يمضى ولا يعرف أين يمضى ،
آلام رأسه أثقلته ، واوجاع قلبه ثقلته ، بدأ العرق يسيل من شعره الأملس ويمضي مسرعا كي يطفئ لهيب وجهه المشتعل ، ويخفف من احمراره ، لم يكن يشعر بألم يهز كيانه سوى ألم قلبه ، لم تلتفت إليه أبداً ، و لم تتكلم أبداً ، كما أنها لم تنظر إليه أبداً ، مع أنها تدرك .. أنها تركت قلبها معه ،روحها معه ، فلماذا تكابر ؟
ما هو سر سيرها الطويل ؟
صاح قائلاً : انتظري !
لم تلق له بالاً ولا حتى اهتماماً ، وظلت تمضي وتمضي وتمضي ، فصاح بغضب شديد وقال : قلت لك انتظري ! انتظري ، صماء !
وقفت و أدارت وجهها إليه ، أخذت تنظر في عينيه و عينيها تقطر بالدمع ،
بهت عندما رأى حبات الدمع في عينيها ، وهدأت نفسه ، أخرج من جيبه معطفا و مسح عرقه المتصبب من وجهه المحمر ، ابتهجت عيناه ذات الجاذبية الساحرة ، وسرعان ما ابيض وجهه و رحلت عنه الحرارة، مسح شعره اﻷملس ، وأخذ ينظر إليها ، منتظراً  أن تتحدث ، لكن برهة الصمت لم تفارقها ، لم يتحمل صمتها فتكلم قائلا : ما بك جوهرة ، ماذا حدث معك ؟ أنا لم أعد أحتمل صمتك الطويل، تكلمي!
نظرت إليه بعيون تحمل قاموس من الكلمات ، ولكنها أبت أن تفتحه، بدأت أوتار عقله تتضارب فصرخ بها قائلاً : تكلمي،أصممت ؟
بكماء أنت ؟
فما أن سمعته إلا وانهمرت عيناها بالبكاء وخرت ركبتاها أرضا ، و عجنت دموعها بالرمال ، صدم لما رأها ، حاول مساعدتها للنهوض ، لكنها أبت و استوقفت على قدميها وأدارت ظهرها كي تذهب ، تطلع إليها و يعتري عيناه الخوف  والندم، الخوف من الذي تخبئه داخل قلبها ، ويجعلها تبكي كل هذا البكاء وتتألم كل هذا الألم ، خائف عليها ، لأنها تعني له الكثير ،
يعتري قلبه الندم لأنه خدش قلبها وقذفها قائلاً لها صماء ، بكماء ، نادم لأنه لم يضبط أعصابه ، أمسك بيدها واستوقفها  قائلاً : أنا آسف ، نعم آسف ، سامحيني !
وقفت ولم تلتفت إليه ، كان الهواء يلوح في منديلها الأرجواني والغبار يغطي حذائها البني ، حاول أن يتمالك نفسه و يكبس على أوتار أعصابه و كرر سؤاله قائلاً: تكلمي ! ولو بكلمة واحدة !
كعادتها في كل وقفة أدارت وجهها وأخذت تحملق النظر في عينيه الساحرتين
حاول ان يتمالك نفسه أكثر
وقال لها : حسنا لا تتحدثي ! لكن استمعي إلى ما أقوله ، تعرفين أنني لم أحب إنسانة في حياتي غير أمي ، لكنك تعلمين جيداً مكانتك في قلبي ، أنت أغلى ما أملك بعد أن توفيت أمي ، وتعرفين جيداً محبتي العظيمة لك ، فهي أقوى بكثير من حب قيس لليلي و عنترة لعبلة وكثير لعزة ، وتعلمين أنني عندما تقدمت لخطبتك لم يكن لمال أحصل عليه من أبيك طامعاً ، أو لجاه أصير له كاسباً ، أو لمنصب ارنو  لأكون له حاصلاً ، ما ربطني بك هو أقوى من ذلك بكثير ،
عفافك و عنفوانك ،  تدينك و إلتزامك ،  فهمك ورزانة عقلك ، ولأني أعرف أنك ستكونين حصاني و جلبابي ، دوائي و بلسم قلبي ، راحتي و سعادتي ، ليتك تعرفين كم أحبك !
ليتك تعرفين أني لم أقصد إيذاء قلبك ، لأنك قلبي ،روحي ومهجتي ، ليتني اعرف سر تلك النظرة في عينيك ؟
ليتني اعرف سر ذلك الصمت القاهر ؟
ليتني أعرف جرمي ، ماذا فعلت ؟ كي تجعليني في تلك الحيرة ؟
كانت نظراتها له تتصارع بين الفينة والأخرى ، لكنها لم تتحمل ما يقول فصاحت به قائلة : يكفي ، يكفي ، انت لست بمجرم ، أنا المجرمة ، أنا المذنبة ، أنا الخطأ كله ،
- ماذا تقولين ؟
- اقول ما يجب أن يقال ، كلمات صعبة جداً على قلبي ولكن يجب أن تقال و يجب أن يتقبلها كلانا .
ابنتابه اﻹندهاش و التعجب ، ترى ما هو الشيء الذي تضمره منذ ساعات وتحبس أنفاسها كي لا تخرجه ، وبعد برهة من الصمت الذي استمر لدقائق تكلمت بصوت يعتريه الضعف والهوان
قالت : محمد ؛ هذه هي نهاية طريقي معك ، أرجوك لا تقاطعي ، دعني أكمل حديثي .
كانت عيناه تحمل إشعاعات من الاستنكار ، ونبضات جيبه تتسارع ، تكاد تخترق قميصه من شدتها ، أكملت حديثها قائلة :
أبي لا يريد لذلك الزواج أن يتم ، ويأمرني أن أخلعك من عصمتي ، وإلا سيحل علي غضبه و سخط أعمامي أيضا
ً
صعق محمد وانتابه شعور بالصدمة ، بدأ يتهته وتتأتأ
- كيف ذلك ؟ كيف ؟ ك ك ك لماذا  ؟
- لأن ابن عمي الذي شيع  موته منذ سنين لم يمت ، بل كانت هذه إشاعة ، وقد عاد منذ يومين من المكسيك .
- تقصدين سمير ؟ وماذا يعني ذلك ؟
- يعني أنهم سينفذون ما كان قد اتفق عليه عندما كان حيا ، سيقومون بتزويجي منه
- وهل أنت راضية ؟
- وكيف أكون راضية وأنا على ذمتك ؟ كيف أكون راضية أن أقبر قلبي وروحي ، لكن هذا ما تريده شريعة عائلتنا .
- وهل تستسلمين لتلك الشريعة القاهرة ؟
أنا لن استسلم
- تعلم أن الامر خارج إرادتي ، سيتم خلعي منك وتزويجي له رغما عن أنفي ، سواء رضيت أو لم أرض ، كافحت و لكن لا حياه لمن تنادي ، فحياتي قبرت بعد أن عاد سمير ، وعقارب ساعتي معك قد توقفت.  
   كانت كلماتها تحمل بين طياتها قهر وألم ومرارة ، فشريعة العائلة لن تقبل التمرد و المخالفة وإلا ستكون مطرودة من العائلة ومتبرئ منها ، فهل ستخالف العائلة من أجل حب قلبها ، زوجها المستقبلي ، أم ستدفن قلبها وتعيش ميتة؟ 
للأسف كان هو خيارها ، الذي ترضي به ربها وضميرها ، فقبر قلبها مقدم على سخط والدها و عائلتها الذي يودي بها إلا آخرة الجحيم ، كان الألم يلح  عليها شديدا وقاس جدا
فخيار كهذا كان الصفعة الدامية لقلب محمد  ، عندما سمع كلماتها ارتعد لسانه وتولد الغضب في عينيه ، اللتان لا تناسبهما إلا الحب ، تكومت حبات الندى في عينيه وبدأت تسقط متتابعة و متوالية ، تنهمر مصحوبة بدم القلب النازف ، أمسك بذراعيها وثار بها قائلاً :
أتنسي محمد ؟
فأجابت بحرقة وعينيها تنزف بالدم : وهل ينسى القلب القلب
أمسكت بيديه بعد أن مسحت عينيها بمعطفه ، نظرت في عينيه ، نظراتها الاخيرة ، رفعت يديه بمحاذاة ذقنها وقبلتهما بحرارة ، ثم أنزلتهما ،
و دفعت  إليه ورقة كانت قد كتبت عليها  ،سأكتفي بك حلما ، مضت مسرعة ، سرعان ما غطاها الغبار ، ولم يعد لها أثر  
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف