الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/25
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

طرْفَةُ عينْ!بقلم:د٠ محمد طرزان العيق

تاريخ النشر : 2015-07-02
طرْفَةُ عينْ!بقلم:د٠ محمد طرزان العيق
طرْفَةُ عينْ!٠٠
****************************
هل يمكنُ لإنسانٍ أن يكونَ في مكانيْنِ أو أكثرْ في نفس الأوانْ؟!٠٠
سبحان الله ، خلقَ فسوَّى٠٠٠خلقَ وأبدعْ٠٠٠
أنا في بلغاريا ، ولكنِّي لستُ في بلغاريا!!٠٠٠ كيفَ ذلك أهذه أُحجيّةٌ أم أعجوبَة؟!٠٠٠ لا ليست هذه ولا تلكْ وليست وهْمَاً أو شيئاً من بناتِ أفكاري أو هلوسةُ من هلوسات محمومْ٠٠٠٠ إنَّها الواقع الحقيقي بكلِّ تفاصيله ٠ نعم أنا هنا ، لكني لستُ هنا٠٠ أنا هناك ومع ذلك فأنا هنا ٠٠٠لا لست أحلمُ ولا أهذي فأنا أكتبُ خاطرتي هذه هذه في مكتبي ، في مكان عملي ٠٠٠ نعم أنا هنا في صوفيا فيزيائيّاً -بلغة العلم- أو جسدياً ولايمكنُ أنْ أكونَ في مكانٍ آخر إطلاقاً , حتى ولو كان يفصلُ بين المكانيْنِ مجرَّدُ شبر٠٠ إن هذا بالفعلِ إستحالة ، لكنني في ذات الوقت يمكنني روحياً وعقلياً أنْ أكونَ على بعد آلاف الكيلومترات عن مكان تواجدي الآني جسدياً وذلك في أقلِّ من ثانية ، بلُ و بِطُرْفَةِ عين!!!٠
إستيقظتُ كالعادةِ في الصبَاح الباكر وقبلَ أن أذهبَ إلى المطبخ لتسخينِ قهوتي وبحركةٍ إنسيابيَّة ،إعتدتُ عليها ضَغطتُ على زرِّ تشغيل الكمبيوتر٠٠٠ المهمْ ٠٠٠٠ شربتُ القهوةَ مع الحليب وأنا أتصفَّحُ الإنترنت وأستمعُ إلى الأخبار وبعد أن إرتديت ثيابي وحلقتُ ذقني وتعطَّرتُ إنطلقتُ الى عملي!٠
أنا في بلغاريا ، وهذه حقيقة ، ولا شيئ يميِّزَني عن باقي البلغار ، الذين هم في المحطَّة ، مثلي، ينتظرون الحافلَةَ ولا شيئَ ينمُّ عن جذوري ،التي أنتمي إليها ، كما أن مظهري لا يَشِي أيضاً بأصولي ٠٠٠ فأنا كهلٌ أشيبُ وتحتَّلُ نظارَتي الطبيَّةُ مساحةً لا بأس بها من وجهِي٠٠٠ ويتدلَّى على صدري جهازٌ صغيرٌ هو بالهاتِفِ المحمولِ أشبَهْ ، لكنَّهُ في الواقع جهازُ سمعٍ ، طالما حسدَني عليه كثيرٌ من الشبابِ والصبايا ظنَّاً منْهُم أنه من أحدثِ أجهزة الموبايل وبالمختصر المفيد يعني ''شايب وعايب'' و أرتدي معطفاً أسودَ اللون وبيدي مظلَّة طويلة و أستعملها أحياناً كعكازٍ إستندُ إليه بين الفيْنَة والأخرى ولي به [أي العكَّازُ] مآربَ أُخرى
وبحكم المعاشرة وطولِ المُقَام فقد أصبحتُ مثل باقي مواطني هذه الدولة ، أصبحتُ بلغارياً في عاداتي وتصرُّفاتي وطريقةَ تفكيري !٠٠وقديماً قالت العربُ ; ''منْ عاشرَ قوماً أربعينَ يوماً صارَ منهم'' وأنا أعقِّبُ وأتساءَل فكيف لمن عاشَرَهم أربعينَ عاماً!!! ٠٠٠٠ وأجيبُ من فوْري; ''صارَ ليس مثلهم فحسبْ وإنَّما صار جَدَّهُمْ''! ٠
أقبلَتْ الحافلةُ من بعيد تتهادى وتوقَّفت عندَ المحطَّةِ فصعدنا إليها وإتَّخذْتُ لي مقعداً ثمَّ وضعتُ سمَّاعتَيْ هاتفي المحمول في أُذُنَي وأخترتُ ألبوماً من ألبومات أم كلثوم فصدحت بصوتها العجيب فنقلتني دفعةً واحدة من أجواء أوروبا الجميلة والباردة إلى أجواءِ الشرق الساحرة والدافئة٠٠٠ و بالمناسبة ،لا يفوتني أن أخبركم بأن نقص السمع عندي، الذي يعتبرُه الكثيرُ نقيصةً ومصدراً للشفقة، فهو ،بالنسبة لي على الأقل، أفضليةٌ و نعمةٌ من نِعَمِ الله علي ، فجهازُ السمعِ يسمحُ لي بأنْ أتحكَّم بقوة الصوت كما أشاء فإنْ أزعجني ضجيج الشارع ، يكفيني حينها أن أُغلق الجهازَ فتختفي الأصواتُ مهما عَلَت!!!٠٠٠أو أذا أتْعَبَني صراخُ أحدِهم فإني أخرِسُهُ بأدَبٍ جَمّْ ،حيث أُغلقُ جهازَ سمعي وأدَعْهُ ينبحُ كما يشاءْ!٠٠
إذن جلستُ في الحافلة و بعد أن أطفأتُ جهازَ السمعِ فإنعزلتُ بذا صوتيَّاَ عن المحيطِ، أطلقتُ العنان لأم كلثوم وأغمضتُ عيناي ٠٠٠ فياسبحان الله!٠٠٠في هذه اللحظةِ بالذات وبسرعةٍ تفوقُ البرْقَ إنتقلتُ مع أنغام ''هوَّا صحيحْ الهَوى غلَّاب'' من بلغاريا إلى سوريا وبالذات إلى مخيَّم اليرموك وتحديداً إلى بيتِنا الأقدم[الأوَّل] الكائن على جادَّةٍ من جادَّاتِ شارع حيفا ، فتخيَّلتُ نفسي مع شقيقي الأكبر في الغرفةِ العلويَّة ، ذات ليلةٍ صيفيَّةٍ من أواخِر ستينيَّات القرن الماضي ونحن ندرس ونحضِّرُ لإمتحانات البكالوريا!!!٠٠٠٠ ألم أقل لكم أنِّني على الرغمِ من وجودي الآن في صوفيا إلَّا أنني في ذات اللحظةِ في دمشق!٠٠ نعم أنا في الحافلة وبها معي على الأقلِّ أربعينَ من الركَّاب٠٠٠٠لكنَّنا لسنا معاً أبداً ، فلكلٍّ عالمه الخاصُّ به و الذي لا يعلمهُ إلَّا الله ٠٠٠٠ نعم نحن فيزيائياً في مكان واحد/ هو الحافلة/ لكننا روحياً وعقليَّاً مبعثرون ٠٠٠هكذا هو العقل والدماغ ففي برهةٍ يقهرُ الجغرافيا ويهزمُ الزمنَ ، يتنقلُ بنا بأقلِّ من ثانية ،برمشةٍ واحدة في المكان والزمان في رحلة طولها عشراتِ السنين وآلاف الكيلومترات!٠٠
ألم أخبركم بدايةً أنِّي هنا ،لكنني هناك!٠ولا يحتاجُ الأمرُ لِأكثَرَ من طُرْفَةِ عَيْن٠
نحمدُكَ يا رب على جميلِ خَلْقِكَ وبديعِ صُنْعِكْ ونشكرك ، إذ وهبتنا هذا الدماغَ بحجْمِه الصغير وفعْلِه الكبير٠٠٠٠إنَّه جهازُ كمبيوتر فائق الدقَّة والسرعة ومهما إنبهرنا وتعجبنا من التقدُّم العلمي الكبير ومن تطوّر الأجهزة الإليكترونيّة والتي كادت تقاربُ حدَّ الإعجازِ والإبداع فيكفي الإنسانَ فخراً أنَّه هو صانِعُها وأمام هذه الأجهزة بوْنٌ شاسع حتي تستطيع أنْ تُجاري حتى أبسطَ الأحاسيس والإنفعالات الإنسانيّة ، ناهيك عن التعبير عن العواطف الجيَّاشة!٠٠٠
منحْتَنا عقلاً نستَدِلُّ به إليكَ ، فنعبدُك ونتأمَّلُ في مخلوقاتِكَ ، فنسبِّحُ لك ونؤمن بك !٠٠
اللهم ثبِّتْ علينا العقلَ والدِّين٠

==================
ولي ثلاثُ ملحوظاتٍ ، لم تغبْ عن بالي حين كتبتُ موضوعي أعلاه تحت عنوان ''طرفةُ عينْ'' ، فلمْ أٍضَمِّنها فيه وذلكَ حتى لا يطول الموضوع فيغدو مملَّاً وحتّى لا تفقِدهُ ملاحظاتي هذه الطابعَ الإنساني و الوجداني ، الذي غَلبَ عليه :

ملحوظة (1) ; أعرفُ أنَّنِي لمْ أُعِد إكتشاف العجلة من جديد وإنَّما هي إستذكارٌ وتفريغ لشحنَاتٍ عاطفيَّة حبيسةٍ داخلَ النَّفس البشريَّة ظهرتْ بعدَ أنْ تسرَّبتْ من أعماقي وشكلٍ عفويٍ ، ولا إرادي على السَّطحِ وأرغمتني على تدوينها!٠٠٠
ملحوظة (2) ; صدقت كوكب الشرقِ وكانتْ على حقٍّ إذْ تساءَلتْ عن الهَوى وقد تأكدتُ من أنَّ الهَوى فعلاً غلَّابٌ وتماماً هوَ كما الطَّبْعِ ، الذي لهُ الغَلبَةُ دوماً على التطبٌّعْ فمهما إقتربت تصرفاتي وعاداتي من ''الأوروبي'' ففي داخلي أبقى'' شرقيَّا'' فمايبدو على السطح إنْ هو إلاًّ قشورٌ سطحيَّة ومايبقى في الأعماق فهو الجوهر وشتَّانَ مابين التكلِّفِ أو التأقلمِ وما بينَ الفطرَةَ والطبيعة!٠٠٠
ملحوظة (3) ; حقَّاً أنا بلغاري ، لكنني فلسطيني فأنا بلغاري بالإكتساب وبحكم المعيشة وعلى هذا فقانونيَّاً و وثائِقياً أنا كذلك ،غير أنني فلسطينيٌّ بحكمِ المولد والتوارث والدَّم ولذلك إن شئتُ أمْ أبيتُ فأنا بلغاريُّ الجنسية لكني لستُ بلغاريَّاً ودائماً سأكونُ بلغاريَّاً مع بعض التَحَفُّظْ٠
وعلى الرغم من أنَّ القانون لا يميِّزُ بين مواطن وآخر إلاَّ أنَّه في لحظةٍ ما ، يمكن للتمايُّزِ وعمليات الفرْزِ أنْ يَطفُوانِ على السطحِ وبخاصَّةٍ عند الأمور القوميَّة أو الأمنيَّة ولو ليس بشكلٍ علني و صريحْ!٠٠ هناك بوْنٌ شاسع بين الجنسيَّة والقوميَّة ولا يمكن دمجهما بحال منَ الأحوال معاً٠
تحضرُني قصَّةٌ قرأتُها منذ أمدٍ بعيدْ عن مصريٍّ عاشَ ودرسَ الهندسة في الجامعات الألمانية وتزوجَّ من ألمانيّة وأقام في البلد وحصل على جنسيَّتها وفي أحد الأيَّام قرأَ في الصحفِ إعلاناً عن مسابقةٍ لتوظيف مهندس ألماني في وظيفةٍ حسَّاسة وهي في مجال إختصاص صاحبنا المصريَّ فذهبَ يقدِّم أوْراقه لشغل هذا المنصب فكان الرفضُ له مدويَّاً وحازماً فطلب تبريراً لرفضه فقيلَ لأنَّهُ ليس ألمانيَّاً فجادَلَهم في الأمرِ فأوضحوا له ما خفِيَ عنه ; نحن طلبناً ألمانياً وليس متجنِّساً!!٠٠٠ صحيحٌ أنَّ الدَّمَ لا يستحيلُ / مهما حاولنا / ماءً٠

د٠ محمد طرزان العيق
16.04.2013
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف