الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/25
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

داعش بين وزارتي الدفاع والتعليم بقلم:رائد محمد الدبعي

تاريخ النشر : 2015-07-01
داعش بين وزارتي الدفاع والتعليم بقلم:رائد محمد الدبعي
*داعش بين وزارتي الدفاع والتعليم*

*بقلم : رائد محمد الدبعي*
باحث بقضايا الإسلام السياسي *

يأتي حادث اغتيال النائب العام المصري هشام بركات بعد يومين من تنفيذ ثلاثة اعتداءات إرهابية في ثلاثة قارات في ذات اليوم، ففي الوقت الذي فجر فيه ” فهد القباع ” نفسه في مسجد الإمام الصادق في الكويت موقعا 26 ضحية من المصلين الركع، جلهم من الأطفال وكبار السن، و227جريحا، كان سيف الدين الرزقي يشرع بندقيته مستهدفا المدنيين المصطافين على شاطئ سوسة موقعا 38 ضحية وعشرات الجرحى من المواطنين التونسيين والسياح الأجانب، في ذات الوقت الذي كان فيه ياسين الصالحي يهاجم معملا لقوارير الغاز في منطقة “سان كانتان فالافييه” قرب ليون في وسط شرق فرنسا، بعد أن قطع رأس مديره في شركة النقل التي كان يعمل بها، وأرسل صورتها إلى رقم في قارة أمريكا الشمالية عبر “الواتس اب” ، قبل أن يصيب فرنسيين آخرين بجراح، في ظل استمرار المجازر بحق المواطنين الكرد في كوباني . تبنت داعش العمليات الثلاثة الأولى، فيما تبنت مجموعة تطلق على نفسها ” حركة المقاومة الشعبية” وهي أحدى الحركات الموالية للإخوان المسلمين مسؤوليتها عن اغتيال النائب العام في مصر، نظرة سريعة على تاريخ المنفذين تشي بحجم النفوذ الفكري، والتأثير الذي تتمتع به الحركات التكفيرية على ذهنية فئات مختلفة من المجتمع، فأي من المنفذين لم يكن على هامش المجتمع، ولم يتعرض لانتهاكات على يد النظام، فسيف الدين الرزقي كان طالبا متفوقا، وقد حصل على شهادة البكالوريس في الإلكترونيك، وكان قد بدأ فعليا بدراسة الماجستير قبل أن ينفذ جريمته الأخيرة التي أصابت السياحة التي هي عصب الاقتصاد التونسي، والتي يعتاش منها آلاف المواطنين البسطاء بمقتل، قبل أن يصب العشرات من أبناء شعبة وزواره، كذلك الحال بالنسبة لياسين الصالحي الذي كان أبا لطفلين، وملفه القضائي يخلو من أي سوابق، وكان يعيش حياة مستقرة في فرنسا قبل تنفيذه للهجوم الأخير في ليون، فيما رفض فهد القباع عدة عروض للعمل في القطاع الحكومي لحرمة العمل مع الحكومة في نظره، ولعدم حاجته نتيجة وضعه المادي المستقر. حينما قام عبد الرحمن بن ملجم بقتل علي بن ابي طالب كرم الله وجهه قال” الدين لله وليس لك ولأصحابك يا علي” ظانا انه بقتل أمير المؤمنين يقوم بعمل نبيل يتقرب به إلى الله، وبعد المحاولة الفاشلة لاغتيال الكاتب المصري الكبير إحسان عبد القدوس الحاصل على جائزة نوبل في الآداب، التقى محمد سلماوي رئيس اتحاد كتاب مصر بمحمد ناجي مصطفى الذي نفذ محالة الاغتيال، وسأله عن سبب قيامه بمحاولة الاغتيال، أجاب بأن نجيب محفوظ كافر، وأن رواية “أولاد حارتنا” تخرجه من الملة، وحينما سأله سلماوي إن كان قد قرأ الرواية، أجاب نافيا ” استغفر الله العظيم، أنا لا اقرأ لهذا الكافر، لكن الأمير قرأها وأفتى بوجوب إقامة الحد عليه، بناء على فتاوى الشيخ عمر عبد الرحمن”، قبل يومين صاح ” فهد القباع ” سأفطر مع رسول الله” قبل أن يفجر حزامه الناسف بالمصلين الركع في بيت الله، واهما أن قتل الأطفال والشيوخ سيشرع له أبواب الجنة ويقربه من الفردوس. فيما يعود اغتيال النائب العام في مصر بالذاكرة إلى حوادث الاغتيال السياسي التي نفذها النظام الخاص للإخوان المسلمين، الذي أسسه حسن البنا، والذي نفذ عددا من عمليات الاغتيال السياسي تحت إشراف عبد الرحمن السندي أول رئيس له ، منها اغتيال القاضي أحمد الخزندار ” عام 1948، على يد “محمود زينهم وحسن عبد الحافظ” ، ورئيس الوزراء المصري محمود النقراشي في ذات العام على يد الطالب ” عبد المجيد حسن ” ، ومحاولة تفجير محكمة الاستئناف التي كانت تضج بمئات المواطنين البسطاء الطيبين بعد اكتشاف أمر النظام الخاص للإخوان المسلمين، في القضية التي عرفت إعلاميا “بقضية الجيب، ومحاولة اغتيال الرئيس المصري جمال عبد الناصر في حادث المنشية الشهير، الذي أدى إلى احتراب طويل ودموي بين الجماعة والنظام في مصر. تشترك الجرائم السابقة على اختلاف عصورها، وأماكن حدوثها، واختلاف منفذيها،وضحاياها، بتبني موجهيها ومنفذيها قراءات ظلامية لجوهر الدين، ورسالته السامية، وانتهاج سياسات تكفيرية منغلقة، تشي بحالة اليأس واضمحلال هوامش الأمل للمنفذين، وصلت حد الاقتناع بأن قتل الأطفال والنساء والشيوخ الأبرياء جهادا مقدسا يشرع لفاعليه أبواب الجنة، وما يجمع عبد الرحمن بن ملجم، ومحمد ناجي مصطفى وفهد القباع وعبد المجيد حسن، ومحمود زينهم وحسن عبد الحافظ ، كونهم جميعا مجرمين وضحايا في ذات الوقت، هم ضحايا للجهل، والتطرف، وانعدام رؤى إستراتيجية معتدلة في مواجهة التطرف والقتل والإرهاب، وهم ضحايا انتصار الحلول الأمنية والعسكرية، التي تزيد تجار السلاح والحروب ثراءا وجشعا، وتزيد من أعداد القبور والأكفان، مقابل تراجع نسب الحرية والتعليم والماء النظيف وحرية التعبير والإبداع، فيما يعتاش عبد الرحمن السندي وابو بكر البغدادي والظواهري، وغيرهم من قادة التكفير والعنف الممنهج على انتعاش أفكار التكفير والتخوين واحتكار الحق ، مستخدمين طيبة الشباب، الذي هو حطب الفتنة ونارها، والقوة الكامنة في استخدام دين الملايين الطيبين لتحقيق مآرب العشرات، والفرق بين خوارج اليوم والأمس، وبين إرهابيي العصور الأولى والقرن الحادي والعشرين، هو أن إرهاب اليوم أكثر عنفا ودموية، ورفضا لقبول الآخر، فلم يسجل في تاريخ الخوارج اعتداء على ذمي في بلاد المسلمين، ولم يسجل أنهم اعتدوا على أملاك المواطنين وأعراضهم، ولا تلقيهم لتمويل خارجي مشبوه، فيما يبدع خوارج العصر الحديث بابتداع أساليب دموية في قتل المواطنين، تتباين بين الحرق والإغراق والذبح والتفجير، بالإضافة إلى استخدامهم لوسائل الإعلام الالكتروني لتحريف عقول الشباب، واستغلالهم لفضاءات الحرية المتاحة في بعض الدول الغربية التي يكفرونها لنشر فكرهم التكفيري، كما يحدث في فرنسا وغيرها من الدول، مستغلين القانون الذي لا يتيح للدولة التدخل في القضايا الدينية ودور العبادة، كما أن حركة كداعش تمثل اليوم خطرا حقيقيا يهدد إنسانيتنا جميعا، لامتلاك الإرهاب للمرة الأولى محددات الدولة بمفهومها الحديث، من أرض ومواطنين- وان كانوا في عداد المختطفين والمكرهين- ، وقوانين وأنظمة حتى وإن كانت ظلامية قائمة على تشويه جوهر الدين، كما أن إرهاب اليوم يمتلك مقومات استدامته من مصادر مالية تتمثل بالنفط وجمع الإتاوات من المواطنين في المناطق التي تقع تحت سيطرة التنظيم، وغطاءا فكريا يبرر جرائمها يتمثل بفتاوى محمد عبد السلام فرج صاحب كتاب الفريضة الغائبة، الذي يعتبر المرجعية الفكرية لمختلف حركات التطرف والإرهاب، وسيد قطب صاحب نظرية جاهلية المجتمع، وأبو الأعلى المودودي، واستخدام بعضا من فتاوى ابن تيمية، بعد تجريدها من إطارها الزمني والمكاني، وتعميمها، وإغفال استثنائية المرحلة التي واكبها ابن تيمية، وما مرت به من عدوان التتار على الأمة الإسلامية، كفتاوى التترس أو التمثيل بالجثث والخروج عن الملة. لا يمكن فهم توسع داعش ومثيلاتها من التنظيمات الإرهابية مثل القاعدة وبوكو حرام، وحركة الشباب المجاهدين،وحركة الحوثي، وجماعة أبو سياف، وغيرها من المجموعات الظلامية دون قراءة المخططات الصهيوامريكية في المنطقة، بما في ذلك الشرق الأوسط الكبير، والقرن الأمريكي، من خلال تبني الفوضى الخلاقة، وإعادة إحياء الصراعات الطائفية والقومية، وإثارة النوازع الانفصالية، تمهيدا لإقامة شرق أوسط جديد، يخدم المصالح الأمريكية والصهيونية، ويرفد جيوب تجار الأسلحة والنفط بمئات المليارات، على حساب أرواح الأبرياء من المواطنين، وهو الأمر الذي يحقق مبتغاه للأسف، في غياب إرادة عربية حقيقية لمواجهته والتصدي له . إلا أن داعش قبل كل شيء هي مرآة لضعفنا وانهزامنا الداخلي، وهي ترجمة لحالة التردي وانعدام الحصانة التي تعاني منها أمتنا العربية والإسلامية، فتدفق آلاف الشباب للإنضمام لتلك الجماعات الظلامية يشي بالكثير، ويدق نواقيس الخطر، ويثير في النفس نوازع الخوف المبررة على مستقبل الأجيال القادمة، فقراءة أسباب جنون التطرف والطائفية والعنصرية والاحتراب العقائدي التي تجتاح أوطاننا لا يمكن التعاطي معها في وزارات الدفاع ومكاتب رجال الأمن فقط ، على أهمية وجود قوة عسكرية رادعة لقوى التطرف والظلام، فالأجدر بنا أن نحارب تلك الأفكار في الجامعات والمدارس والمساجد ومؤسسات المجتمع المدني، فالعنف هو فكر قبل أن يكون بندقية وعبوة ناسفة، يمكن لبندقية أو تحيده قليلا، أو أن توقفه لفترة محدودة، لكنه الفكر المستنير والقراءات الإصلاحية للدين،وتبني أنماط تديّن تتوافق مع قيم مجتمعاتنا القائمة على الاعتدال والمحبة والتسامح هو الكفيل بتحقيق انتصار حاسم عليه، فيما تحقق الحلول الأمنية المجتزأة أرصدة مضاعفة في حسابات تجار السلاح والموت، على حساب حق المواطنين بالخبز والدواء والكرامة والحرية. لكي ننتصر على التحديات الحقيقية التي تواجهنا لا بد من توفر إرادة عربية وإسلامية حقيقية لنشر قيم التسامح والمشاركة والديمقراطية وقبول الآخر، من خلال تبني مناهج دراسية تقدمية، تحث على التعددية والنقد والإبداع، بدلا من التلقين وتقديس الحكّام، ومنح وزارات التربية والتعليم، موازنات حقيقية، تتخطى موازنات التسلح والعسكرة، ووضع خطط إستراتيجية لخلق جيل عربي واع ومثقف ومتمسك بالقلم والحرية والتعددية والنقد البنّاء، والاهتمام الحقيقي بالشباب، ومنحهم فرصة للأمل واستشراف الغد، لأن العقول الملىء بالحب والوعي هي التي تحمي المجتمعات، لا المخازن الملىء بالأسلحة وآلات الموت .
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف