كثر الصخب ٌ، والنمٌّ ، والثرثرة ، وشغبٌ أرعن على جموع رعناء ، لا ينفع ولا يغني ولا يسمن رشدٌ وقت الشدة ولا وقت الرخاء ، ولا يزيد الضوء حين العتم !!
( كثر النمُّ وإن بالصمت ما بين بني الإنسان هل لاحظت نمّا ً بين أبناء الحمير؟!! ) ( مظفر النواب )
جموع تعشق الثرثرة ، تلهي نفسها وآخرين بالهمز واللمز والنمّ ، وجموع أخرى تلازم الصخب وتستأنس به !! يبحلقون في مطربين ومطربات ، لا يجيدون إلا الصراخ والولولة من الحبيب وعليه ، أو ينحشرون في جلسات السياسيين المعربدين ، فيتلاكمون بالكلمات والأيدي ، صخب وضجيج يزيد الأوجاع في الأبدان ، ويفلس الروح من بهائها وحيويتها !! وأبدا إلى التفاهة أناس لا يطيقون الصمت أو التأمل ، ولا يتحملون الهدوء ولو للحظات ، يتابعون موسيقى المخاضات العسيرة ، وعالم افتراس الحيوان بدهشة وانجذاب ، و الأفلام ( الهوليودية ) الهائجة مع الإثارة و المطاردات المجنونة ، ونشر ظاهرة تبسيط القتل وإطلاق الرصاص بزخات !!! وصراعات الحلبة المجنونة من ركل ، ورفس ، في رياضة غاب عنها الذوق الرفيع ، والتحدي الشريف ، في جلسات أكلٍ نهمٍ بلا إحساس بالزمان ولا المكان ، إلى أن تسحبهم الغفوة في نوم مريع بلا هدوء !!!
أناس لا يطيقون الصمت الرشيق ، أو القراءة والتأمل ، لا يتحملون الانسياب والهدوء المتزن الرقيق ، لموسيقى الطبيعة العظيمة ، مع جوقة العصافير ، توزّع الفرح والغبطة علينا في مواجهة الضنك والتعب ، حشود عصافير تحتاج إلى خيال عينيكَ ، لتطير بك إلى النومَ اللطيف الطويل حتى الينابيع .
الصمت أستاذ التأمل والأمل ، عندما يعصف اليأس بالعقل والروح والوطن وتشتد الحلكة .
ليت الصمت لا يخدشه غير النسيم ، والغيم السابح غير المسموع ، والطيور الغفيرة المسافرة عن أمزجتنا الصعبة ، الصمت الأليف الأنيس من غير دخيل ، من أجل الألفة وإيجاد الحلول الحقيقة للأوجاع الماكرة . الصمت زهرة تطلع من خراب الثرثرة والضجيج الهالك ، موسيقى تتسرب من أعماقك الملبدة بلا عازفين ، ترى ملاكا فقط ، ينشد بالناي لوجع الأمل والحياة والغيوم والحرية ، ينشد للقلب وللجراح لتكون ضيفا في فضاء الكون الفسيح في عهدة النجوم والغيوم ، من هناك تواكب النجوم في سهرها واحتفائها ، تراقب الناس ساخرا ، في ركضها اللاهث خلف أوجاعها اللامتناهية !! فقط الصمت يشعرك بأنس الطبيعة ، يمتعك بدفء البرد ، يغيثك في صولة النفاق والرياء وخُبث النميمة وقذارتها .
هل حاولت أن تصمت وتتأمل ، وتسرح نظرك نحو الأفق البعيد الممتد ؟؟!! لتستكشف الجمال الذي يحيط بك في كل الاتجاهات ، لتعيش الهيام بحواس مفتوحة على آخرها ، تسمع هفيف النسيم ، وتستنشق عبير الماء ،وتلامس غيمة ، فتسكب الأمل والفرحة في وعاء النفس ، فينبثق النور من عينيك ، ويرشح من مسام جلدك بهيا لامعا خافتا وهادئا ، ويزهر الوعي في ربيع القلب وماء الدم الذي يسبح في جداول جسدك ، وتكون لديك رغبة للتحليق مع الطيور المسافرة إلى أحلامها .
مع الصمت ، يمكنك أن تكون في حضرة ما تشاء ، مع القمر وغيومه ، والسماء بفسحتها ونجومها ، والأحبة الذين غابوا ويتوهج جمر القلب على فراقهم ، اختر ما تشاء ، لكن في مساحة الصمت والتأمل ، أترغب في مواكبة المراكب ، بحثا عن الأحبة في العتمة المطلقة ، يمكنك أن تواكبها في سهرها بحثا عن الأمل الذي يكاد أن يجف ، و النجاة من عاصفة تلمع في المدى ، والضباب الكثيف البهيم الذي يشوه تفاصيل الجمال في وطن مرتهن ، تنقّل مع الباحثين المتألمين من زحمة وضغط الأوجاع ، أرسل معهم ولهم رسائل معبأة بوهج الحنين والشوق اللاسع لفراقهم ، وقل لهم : بالله عليكم أن تنثروا زهر الليمون واللوز فوق الأسيجة التي يرتد صدها فولاذا وأسلاكا شائكة ، علّها تستحي وتخجل من حمقها وحنقها !!
أكرر ، توقف لصق النافذة ، ولامس بعينيك الأفق الفسيح الرحيب ، تقيأ ما في صدرك ، كرّس بعض وقتك للهو مع الغيوم العابرة ، كأن تقول لها ، لا تحزني أيتها الغيوم من الصيف اللئيم المقيم ، لا تطيلي الغيبة عن أزهارنا ، فنحن نتشوق لرؤيتك قريبا جدا في الربيع القريب القادم ، بالله عليك كوني في ضيافة من يشبهونا ، حتى لا يتمكن العطش من فراخهم ، سنبقى على أمل العودة والحرية والخلاص برفقتك ، نحن في انتظارك ، اخترعي الأمل لنا ولهم مرة تلو أخرى ، كوني صديقة لهم ، إياك أن تغضبي من جنوننا وعبثنا وتعلني الخصام .
انهض واصعد من تحت الركام ، انشد للأمل والحياة والزهور العطشى ، وارفض الوجع المختبئ ، الذي يشعل النار في حنايا النفس المطمئنة ، فكك الأوجاع ، لا تستسلم لضعفها وغطرستها المتنكرة كالثعالب ، لن يتمكن العطش من خيالك ولن ينطفئ الشعاع المتّقد ، سيظل الأمل يخترع نفسه بنفسه .
قضيتنا هي الصمت ضد الثرثار الماكر، المنتقم المفتن .
( هنالك أناس يتكلمون كثيرا مع أنهم لا يقولون شيئا ! )
بقلم : محمود حسونة ( أبو فيصل )
( كثر النمُّ وإن بالصمت ما بين بني الإنسان هل لاحظت نمّا ً بين أبناء الحمير؟!! ) ( مظفر النواب )
جموع تعشق الثرثرة ، تلهي نفسها وآخرين بالهمز واللمز والنمّ ، وجموع أخرى تلازم الصخب وتستأنس به !! يبحلقون في مطربين ومطربات ، لا يجيدون إلا الصراخ والولولة من الحبيب وعليه ، أو ينحشرون في جلسات السياسيين المعربدين ، فيتلاكمون بالكلمات والأيدي ، صخب وضجيج يزيد الأوجاع في الأبدان ، ويفلس الروح من بهائها وحيويتها !! وأبدا إلى التفاهة أناس لا يطيقون الصمت أو التأمل ، ولا يتحملون الهدوء ولو للحظات ، يتابعون موسيقى المخاضات العسيرة ، وعالم افتراس الحيوان بدهشة وانجذاب ، و الأفلام ( الهوليودية ) الهائجة مع الإثارة و المطاردات المجنونة ، ونشر ظاهرة تبسيط القتل وإطلاق الرصاص بزخات !!! وصراعات الحلبة المجنونة من ركل ، ورفس ، في رياضة غاب عنها الذوق الرفيع ، والتحدي الشريف ، في جلسات أكلٍ نهمٍ بلا إحساس بالزمان ولا المكان ، إلى أن تسحبهم الغفوة في نوم مريع بلا هدوء !!!
أناس لا يطيقون الصمت الرشيق ، أو القراءة والتأمل ، لا يتحملون الانسياب والهدوء المتزن الرقيق ، لموسيقى الطبيعة العظيمة ، مع جوقة العصافير ، توزّع الفرح والغبطة علينا في مواجهة الضنك والتعب ، حشود عصافير تحتاج إلى خيال عينيكَ ، لتطير بك إلى النومَ اللطيف الطويل حتى الينابيع .
الصمت أستاذ التأمل والأمل ، عندما يعصف اليأس بالعقل والروح والوطن وتشتد الحلكة .
ليت الصمت لا يخدشه غير النسيم ، والغيم السابح غير المسموع ، والطيور الغفيرة المسافرة عن أمزجتنا الصعبة ، الصمت الأليف الأنيس من غير دخيل ، من أجل الألفة وإيجاد الحلول الحقيقة للأوجاع الماكرة . الصمت زهرة تطلع من خراب الثرثرة والضجيج الهالك ، موسيقى تتسرب من أعماقك الملبدة بلا عازفين ، ترى ملاكا فقط ، ينشد بالناي لوجع الأمل والحياة والغيوم والحرية ، ينشد للقلب وللجراح لتكون ضيفا في فضاء الكون الفسيح في عهدة النجوم والغيوم ، من هناك تواكب النجوم في سهرها واحتفائها ، تراقب الناس ساخرا ، في ركضها اللاهث خلف أوجاعها اللامتناهية !! فقط الصمت يشعرك بأنس الطبيعة ، يمتعك بدفء البرد ، يغيثك في صولة النفاق والرياء وخُبث النميمة وقذارتها .
هل حاولت أن تصمت وتتأمل ، وتسرح نظرك نحو الأفق البعيد الممتد ؟؟!! لتستكشف الجمال الذي يحيط بك في كل الاتجاهات ، لتعيش الهيام بحواس مفتوحة على آخرها ، تسمع هفيف النسيم ، وتستنشق عبير الماء ،وتلامس غيمة ، فتسكب الأمل والفرحة في وعاء النفس ، فينبثق النور من عينيك ، ويرشح من مسام جلدك بهيا لامعا خافتا وهادئا ، ويزهر الوعي في ربيع القلب وماء الدم الذي يسبح في جداول جسدك ، وتكون لديك رغبة للتحليق مع الطيور المسافرة إلى أحلامها .
مع الصمت ، يمكنك أن تكون في حضرة ما تشاء ، مع القمر وغيومه ، والسماء بفسحتها ونجومها ، والأحبة الذين غابوا ويتوهج جمر القلب على فراقهم ، اختر ما تشاء ، لكن في مساحة الصمت والتأمل ، أترغب في مواكبة المراكب ، بحثا عن الأحبة في العتمة المطلقة ، يمكنك أن تواكبها في سهرها بحثا عن الأمل الذي يكاد أن يجف ، و النجاة من عاصفة تلمع في المدى ، والضباب الكثيف البهيم الذي يشوه تفاصيل الجمال في وطن مرتهن ، تنقّل مع الباحثين المتألمين من زحمة وضغط الأوجاع ، أرسل معهم ولهم رسائل معبأة بوهج الحنين والشوق اللاسع لفراقهم ، وقل لهم : بالله عليكم أن تنثروا زهر الليمون واللوز فوق الأسيجة التي يرتد صدها فولاذا وأسلاكا شائكة ، علّها تستحي وتخجل من حمقها وحنقها !!
أكرر ، توقف لصق النافذة ، ولامس بعينيك الأفق الفسيح الرحيب ، تقيأ ما في صدرك ، كرّس بعض وقتك للهو مع الغيوم العابرة ، كأن تقول لها ، لا تحزني أيتها الغيوم من الصيف اللئيم المقيم ، لا تطيلي الغيبة عن أزهارنا ، فنحن نتشوق لرؤيتك قريبا جدا في الربيع القريب القادم ، بالله عليك كوني في ضيافة من يشبهونا ، حتى لا يتمكن العطش من فراخهم ، سنبقى على أمل العودة والحرية والخلاص برفقتك ، نحن في انتظارك ، اخترعي الأمل لنا ولهم مرة تلو أخرى ، كوني صديقة لهم ، إياك أن تغضبي من جنوننا وعبثنا وتعلني الخصام .
انهض واصعد من تحت الركام ، انشد للأمل والحياة والزهور العطشى ، وارفض الوجع المختبئ ، الذي يشعل النار في حنايا النفس المطمئنة ، فكك الأوجاع ، لا تستسلم لضعفها وغطرستها المتنكرة كالثعالب ، لن يتمكن العطش من خيالك ولن ينطفئ الشعاع المتّقد ، سيظل الأمل يخترع نفسه بنفسه .
قضيتنا هي الصمت ضد الثرثار الماكر، المنتقم المفتن .
( هنالك أناس يتكلمون كثيرا مع أنهم لا يقولون شيئا ! )
بقلم : محمود حسونة ( أبو فيصل )