الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/25
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

أيُّ إسلام يمنع أمريكا من السيطرة على العالم؟ بقلم:د. عصام نعمان

تاريخ النشر : 2015-06-30
أيُّ إسلام يمنع أمريكا من السيطرة على العالم؟ بقلم:د. عصام نعمان
لصموئيل هنتنغتون نظرية ونبوءة. النظرية هي صِدام الحضارات.. النبؤة هي عجز الغرب، بفضل الحضارة الإسلامية، عن السيطرة على العالم.
كان هنتنغتون يقول إن الفروق بين الحضارات ليست فروقاً حقيقية فحسب، بل فروق اساسية ايضاً. فالحضارات تتمايز الواحدة من الاخرى بالتاريخ واللغة والثقافة، والأهم بالدين. ولأن الإسلام والمسلمين يشكّلون حضارةً واحدة، فقد استشف هنتنغتون من تاريخ صراعات المسلمين مع جيرانهم ومنافسيهم خطراً مقيماً على الغرب. كثيرون فسّروا نظرية صِدام الحضارات بأنها دعوة عنصرية لشن الحرب على الإسلام والمسلمين. فما دام تاريخ الإسلام خلال اربعة عشر قرناً يشكّل، حسب نظرية هنتنغتون، خطراً على أي حضارة واجهها، خاصةً المسيحية، فإن المهدَدَين بهذا الخطر مدعوون إلى تداركه بشن حروب استباقية على المسلمين.

هنتنغتون غيّر رأيه لاحقاً، إذ اتهم أمريكا بأنها أوجدت بؤرةً كبيرة لنشر صِدام الحضارات بين الإسلام والغرب، بشنها الحرب على افغانستان والعراق، وأطلق نبوءةً جديدة مفادها أن الأمريكيين حققوا النصر على نظام صدام حسين، لكنهم لم ينجحوا ابداً في تحقيق النصر على الشعب العراقي.

في حديث كان أدلى به لمجلة «لوبوان» الفرنسية، وصف هنتنغتون الحرب الأمريكية على العراق بأنها «فعلة سيئة للغاية»، وحذّر من أن الولايات المتحدة ستكون اول من سيعاني من تداعيات الحرب على كلٍ من افغانستان والعراق. يقول هنتنغتون إنه توقع أن تواجه بلاده حرباً من الشعب العراقي بعد هزيمة نظام صدام حسين، مشيراً إلى أن هذه الحرب بدأت فعلاً لحظةَ سقوط الرئيس العراقي، و»على وجه الدقة مع بدء عملية عصيان اهل السنّة في مدينة الفلوجة».

لعل العنصر الجديد البارز، بل الابرز والاكثر إثارة للجدل في نبوءة هنتنغتون الدور الغالب للايديولوجيا في صراع الحضارات، مقارنة مع التكنولوجيا. ففي معرض تعداد الاسباب التي جعلته يعارض الحرب الأمريكية على العراق، أكد الفيلسوف الأمريكي أن الغرب لن يستطيع ابدا السيطرة على العالم، كما حدث عقب الحرب العالمية الاولى في الربع الاول من القرن الماضي. هنتنغتون برر ذلك بأن الحضارة الإسلامية، على وجه الخصوص، صارت تشكّل تكتلا ايديولوجياً سيجبر الغرب على التخلي عن أي طموحات في تعميم فكره وقيمه على العالم.

اكثر من ذلك، طالب الغرب بالاعتراف بأن الحضارات الكبرى، مثل حضارات العالم العربي والإسلامي والصين، تتقدم على الساحة الدولية، وفقاً لإيقاعاتها الخاصة ومن دون أن تكون لديها قيم الغرب وعاداته. مع نبوءته هذه، توقّفت العولمة عن أن تكون الأمركة، كما ينهار ادعاء فرانسيس فوكوياما بـ»نهاية التاريخ»، وانتصار ليبرالية الغرب الأمريكي وحداثته الكاسحة. فقيم الغرب وعاداته واساليبه في التفكير والتدبير ليست شرطاً للتقدم والانتصار. ثمة دور للايديولوجيا، على ما يبدو، ما زال فاعلا وغالباً مقارنة مع التكنولوجيا التي كان مفكرو الغرب الأمريكي قد بكّروا في إعلان انتصارها ـ السابق لأوانه ـ على الايدولوجيا. هنتنغتون خرج من تأملاته في الحرب الأمريكية على العراق باستنتاج مفاده أن صيرورة الحضارة الإسلامية تكتلاً ايديولوجياً، سيجبر الغرب، في قابل الأيام، على التخلي عن طموحاته في تعميم فكره وقيمه وتقاليده على العالم.

هنتنغتون لا تعوزه الامثلة لإثبات نبوءته، إنها حضارات العالم العربي والإسلامي والصين. المقصود بهذه الحضارات، باستثناء الصين، الحضارة الإسلامية الشاملة التي تنطوي على جملة حضارات او ثقافات: العربية والفارسية والتركية والهندية والملاياوية والاندونيسية. ولعل الفيلسوف الأمريكي استوقفته إنجازات ماليزيا الحضارية في ميادين عدة، كما اخذ بعين الاعتبار عودة ايران إلى النهوض في ظل حكم إسلامي له إيقاعاته المتميزة عن الغرب. كما أن تركيا التي كانت سلكت طريق الحداثة الاوروبية في ظل نظام مصطفى كمال اتاتورك العلماني عادت إلى مصالحة اصالتها الإسلامية، في ظل حكم حزب إسلامي متجدد – العدالة والتنمية – من دون التنكر لحداثتها ورغبتها في الانتماء السياسي للاتحاد الاوروبي.
ثمة امر آخر أعاد هنتنغتون النظر فيه، فقد كان يتهم الإسلام دائماً بأن له «حدوداً دموية»، مشيرً بذلك إلى النزاعات مع الصرب الأرثوذكس في البلقان، ومع الهندوس في الهند، ومع اليهود في «اسرائيل»، ومع الكاثوليك في الفلبين، بمعنى أن الإسلام والمسلمين كانوا دائماً البادئين في شن الحرب على جيرانهم ومنافسيهم واعدائهم. غير أن الفيلسوف الأمريكي اصبح بعدئذٍ يلوم بلاده في استفزاز الإسلام والمسلمين بشن الحروب عليهم، بل هو دان أمريكا بأنها «أوجدت بؤرة كبيرة لنشر صِدام الحضـارات بيـن الإسلام والغرب، بشنها الحرب على أفغانستان والعراق» (لكنه نسي او تناسى أن اليهود الصهاينة، بدعم من أمريكا، شنوا حروباً على العرب الفلسطينيين).

يتأسس على مسألة اتهام أمريكا باستفزاز الإسلام والمسلمين وشن الحرب عليهم حقيقة مفادها أن ما يقوم به المسلمون، أفراداً وجماعات، من أعمال معادية للغرب عموماً ولأمريكا خصوصاً، إنما هو من قبيل رد الفعل والدفاع عن النفس.
ليس المقصود بهذا الاستنتاج تبرير هجمات 11 سبتمبر 2001 في نيويورك وواشنطن، إنما تسجيل فكرة محددة هي أن هذه الهجمات وغيرها تندرج في خانة ردود الفعل على هجمات الغرب الأسبق منها زمنياً والأقوى فعاليةً والأسوأ نيّةً، التي أصابت المسلمين في مناطق شتى من العالم وتطورت لاحقاً لتتخذ شكل حروب استباقية صريحة القصد والغرض، وشديدة الوطأة والأثـر على بلدان إسلامية عدّة، بعضها بالوكالة كما في حرب «اسرائيل» على الفلسطينيين، وبعضها الآخر بالأصالة كما في حرب أمريكا على افغانستان والعراق.
لو لم تتخذ هجمات الغرب ـ الغرب الأمريكي تحديداً ـ طابعاً ثقافياً وإيديولوجياً متقدماً على طابعها الاقتصادي النفعي، لما كنا نشاهد اليوم ردة الفعل الغاضبة الشاملة على أمريكا خاصة، وبعض اوروبا عامة في أعماق العالم العربي والإسلامي، بل في أعماق أوروبا وأمريكا ايضا، حيث المسلمون جاليات وافدة تعتمد في تحصيل لقمة عيشها على اقتصادات دول غير إسلامية. إن شعور المسلمين في دول اوروبا وأمريكا، ناهيـك عن المسلمين في أوطانهم الأصلية المستباحة، بأنهم عرضة لهجمات تستهدفهم في كرامتهم الإنسانية ودينهم وثقافتهم وقيمهم وسلوكهم وتقاليدهم الاجتماعية، دفعهم ويدفعهم إلى التكتل والتمسك بدينهم وثقافتهم وتراثهم في قلب الحداثة الغربية التي ينهلون منها ويفيدون من إنجازاتها. كل ذلك أدى ويؤدي إلى جعل الإسلام والمسلمين في اربع جهات الأرض حضارة تشكّل، على حد قول هنتنغتون، «تكتلاً ايديولوجياً سيجبر الغرب على التخلي عن أي طموحات في تعميم فكره وقيمه على العالم».
بات صِدام الحضارات، بحسب اتهام هنتنغتون لبلاده، بعد حربها على أفغانستان والعراق، «بؤرةً كبيرة» لا يقتصر انتشاره على هذين البلدين، بل يلتهب ايضا في اعماق اوروبا وأمريكا. صحيفة «انترناشيونال هيرالد تريبيون» كانت نشرت تحقيقاً تحت عنوان « الدعوة إلى الجهاد تتصاعد في شوارع اوروبا «، تتضح منه دعوة حارة يستجيب لها المسلمون في «شوارع الطبقة العاملة في المدن الصناعية القديمة مثل كراولي ولوتن وبرمنغهام ومانشستر في بريطانيا، وشتى معاقل الجاليات العربية في المانيا وفرنسا وسويسرا وأنحاء اخرى من أوروبا». إنها حالة غضب وسخط عارمة ضد أمريكا، إذ نسبت الصحيفة الأمريكية العالمية ذاتها إلى احد مسؤولي مكافحة الإرهاب في أوروبا قوله: «لقد عززت الحرب على العراق بصورة دراماتيكية جهود التعبئة لدى الناشطين والمتطرفين الذين اتخذوا المساجد مسرحاً لأنشطتهم». كما نسبت إلى أحد زعمائهم في منطقة سلاو في لندن، الشيخ عمر بكري محمد، قوله مخاطباً زعماء الغرب: « بإمكانكم أن تقتلوا بن لادن، لكن ليس بامكانكم ابداً قتل الظاهرة… لا يمكنكم تحطيم الإسلام».
في الصحيفة ذاتها عنوان آخر عن نقد لاذع كان وجّهه 52 سفيراً ومسؤولاً دبلوماسياً رفيعاً في بريطانيا إلى رئيس الحكومة آنذاك توني بلير في مذكرة نددوا فيها بسياسة بريطانيا وأمريكا في الشرق الاوسط. انها، بمعنى من المعاني، صدى غضبة العرب والمسلمين في بلدانهم واخوانهم في دول الغرب، وردة فعل عقلانية مدّوية من طرف النخبة البريطانية المفكرة والجادة على دعم بلير، غير المتردد، لسياسة ادارة بوش الابن في العراق وموقفها من الصراع الاسرائيلي – الفلسطيني وإدانة لها وحكم صريح عليها بالفشل المحتوم.
المهم في هذا كله أن الفكرانية (الانتلجنسيا) الغربية، بشطريها الاوروبي والأمريكي، تحركت اخيراً في وجه هجمة بوش الابن وامثاله اللاحضارية على البلدان الإسلامية التي باتت في رأيهم تهدد الغرب، سياسياً واقتصادياً وثقافياً، بعواقب وخيمة. واذا كان إحباط هذه الهجمة يتوقف، في الدرجة الاولى، على نجاح المعارضة الداخلية السياسية والثقافية في أمريكا واوروبا لسياسات بوش الابن وامثاله الحمقاء، فإن ذلك النجاح يبقى مشروطاً بتصعيد الضغط العربي والإسلامي، بطريق المقاومة المدنية والميدانية، على حكومات الولايات المتحدة والدول المتحالفة معها لإحباط مخططاتها الشريرة في العراق وسوريا وفلسطين وسائر الدول والمناطق الساخنة في العالم العربي والإسلامي، ولاسيما بعد لجوئها إلى التحالف احياناً مع تنظيمات العنف الأعمى الإسلاموية لمواجهة قوى المقاومة العربية، المدنية والميدانية.
٭ كاتب لبناني
د. عصام نعمان



 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف