الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/26
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

حماية الفقراء وجيوب الأغنياء بقلم:د.عادل عامر

تاريخ النشر : 2015-06-30
حماية الفقراء وجيوب الأغنياء بقلم:د.عادل عامر
حماية الفقراء وجيوب الأغنياء

الدكتور عادل عامر

أن الدعم عرض لمرض وان عدم نجاح السياسات الاقتصادية للدولة فى تحقيق أهدافها أدى الى عدم وصول الدعم الى مستحقيه رغم الجهود التى تبذلها الحكومة طوال السنوات الماضية مشيرا إلى أن المشكلة تكمن فى عدم توزيع الدخل والناتج القومى بشكل عادل على فئات الشعب ،ففى غياب العدالة الاجتماعية التى يجب أن تطبقها الدولة بتشريعاتها المختلفة تحدث عشوائية الدخول ويحصل 20% من افرادالشعب على مبالغ تفوق الخيال و80% لايجد حد الكفاف وهذا هو الحادث حاليا .لان عدم وصول الدعم الى مستحقيه الى ان السياسات الاقتصادية خاصة بعد فترة الستينيات والثمانينيات والسبعينيات لم تراعى البعد الاجتماعى وعدالة التوزيع وانه للأسف لم نستطع منذ 60 عاما الوصول الى مستحقى الدعم موضحا ان هناك عوامل أخرى تربك متخذى القرار فى مصر فيما يخص مستحقى الدعم نظرا لسوء عدالة توزيع الدخل نظرا لقلة موارد الدولة وزيادة عجز الموازنة وزيادة المصروفات وارتفاع نسبة التضخم وارتفاع أسعار الغذاء  ان اصلاح منظومة الدعم يتطلب إصلاح النظام الضريبى وإصلاح عجز الموازنة فى مصر الذى بلغ 246 مليار جنيه فتبلغ الميزانية العامة للدولة حوالى 650 مليار جنيه منها 171 ملياراً مخصصة للدعم بجميع أنواعه منقسمة إلى 120 ملياراً جنيه دعما للطاقة و51 مليارا دعما لـ33 سلعة تموينية بجانب 18 مليارا دعما للصحة والتعليم والرياضة والثقافة وهذا يعنى أن أغلب الدعم موجه إلى الطاقة كما أن 80 % من هذا الدعم مقدم للمصانع كثيفة الاستخدام للطاقة فإن أغلب هذا الدعم يصل إلى رجال أعمال وهو ما يعنى أن الدعم لايصل الى مستحقيه. موضحا أن الوقت الحالى ليس مناسبا للتحول من الدعم العينى إلى الدعم النقدي، أن عدم وصول الدعم لمستحقيه طوال السنوات الماضية يرجع لعدة أسباب وعوامل أهمها عدم وجود خريطة واضحة وجهة محدده فى مصر عن مستحقى الدعم من عدمه وحصول الاغنياء وبخاصة رجال الأعمال على كم هائل من الامتيازات والتسهيلات خاصة من دعم الطاقة فى ظل تزاوج السلطة بالمال لان  من عدم أسباب وصول لدعم لمستحقيه أيضا فشل الحكومات السابقة فى ادارة منظومة الدعم ومنحته لغير المستحقين من الأغنياء وهى تعلم وكذلك غياب محاسبة من يسئء استخدام الخبز المدعم كأعلاف للطيور والحيوانات وبيع الدقيق المدعم فى السوق السوداء وهذا ماتنبه له وزير التموين الحالى بتطبيقة المنظومة الجديدة لتوزيع العيش المدعم والتى ستوقف الهدر فى الدعم الذى يقدر 12 مليار جنية  وتمنع السوق السوداء للدقيق المدعم كما ان انتشار وتعدد حلقات التداول للسلعة الواحدة يمنع وصول الدعم الى مستحقيه والذى يتضرر منة الفئات الفقيرة ولمهمشة .وطالب الأخرس بضرورة وجود هيئة مستقلة او وزارة محددة لادارة شئون الدعم يكون لديها حصر رسمي لمستحقى الدعم من خلال ضوابط ومعايير تحددها يكون عليها توافق مجتمعى تمكن متخذ القرار والدولة لاتخاذ القرار السليم ليصل الدعم الى مستحقيه وتتحقق العدالة الاجتماعية المنشودة . ان من المهام والاولويات الاساسية للدولة خاصة بعد ثورتين عظيمتين هو تحقيق العدالة الاجتماعية التى نصت عليها المادة 25 من الدستور الجديد فاذا تحققت العدالة الاجتماعية تحقق باقي أهداف ثورة 25 يناير . 3.1 مليارات جنيه لمساندة الصادرات فى اختراق الأسواق الخارجية منذ العمل ببرنامج مساندة الصادرات السلعية الذي خصص له فى البداية 500 مليون جنيه ارتفعت فى العام الحالي الى 3.1 مليارات جنيه ، يتجدد النقاش حول أهمية هذا البرنامج حيث يصفه البعض بأنه إهدار لأموال الدولة بدعوى توجه النصيب الأكبر من تلك الأموال الى عدد قليل من المصدرين وفى المقابل يتمسك المصدرون بأهمية استمرار البرنامج وزيادة مخصصاته بالموازنة العامة بما يتلاءم مع هدف مضاعفة الصادرات الى 175 مليار جنيه للعام الحالي 2014 نظرا لدور البرنامج الذي لايمكن إنكاره في تحقيق طفرة الصادرات المصرية التي تضاعفت 3 مرات في اقل من عقد واحد لترتفع من 45 مليار جنيه عام 2005 الى نحو 147 مليار جنيه العام الماضي في انجاز غير مسبوق. ان برنامج مساندة الصادرات هو البرنامج الوحيد بالموازنة الموجهة للتنمية الصناعية فبفضله تضاعف معدل النمو الصناعي 3 مرات ليصل الى معدلات تفوق معدل النمو الاقتصادي

فان السكان تحت خط الفقر هم المعدمون او «شديدو الفقر» حيث لايستطيعون الحصول على اقل القليل من الحدود الدنيا للحياة المعيشية، اما الافراد الذين يحصلون على مبلغ يتراوح ما بين 600 و700 جنيه شهريا فهم من الفقراء حيث لايستطيع رب الاسرة او ربة الاسرة توفير بعض متطلبات المعيشة الاخرى مثل التعليم والمسكن الملائم للحياة الكريمة والغذاء الصحى وغيرها من متطلبات الحياة. وطبقا لبيانات جهاز التعبئة العامة والاحصاء فان الفقراء تصل نسبتهم الى 26% من السكان، ويمكن تحديد اماكن الفقراء من خلال الابحاث والدراسات التى اجرتها وزارات التضامن الاجتماعى والتخطيط والمالية والتى حددت نحو الف قرية فقيرة فى العديد من محافظات مصر. بالاضافة الى سكان المناطق العشوائية فى مصر وتشمل سكان العشش والمقابر وغيرها من المناطق العشوائية التى يصل عددها الى 1230 منطقة عشوائية معظمها حول القاهرة والاسكندرية والجيزة وبورسعيد وبعض المحافظات الاخري. وبالاضافة الى سكان الالف قرية فقيرة او شديدة الفقر وسكان العشوائيات هناك ايضا ما بين 5ر2 الى 3 ملايين طفل من اطفال الشوارع والملاجيء – طبقا لبيانات جهاز الاحصاء ومركز البحوث الجنائية – وهم ايضا شديدو الفقر ومن المعدمين، وهؤلاء يصعب الوصول اليهم الا من خلال الجهات التى تساعد بعض هؤلاء الاطفال وهذه الجمعيات هى من الجمعيات الاهلية والخيرية وغيرها والتى يحصل معظمها على اعانات وهبات ومنح محلية ودولية. وطبقا لبيانات جهاز الاحصاء فان محافظات الصعيد تشمل العديد من مظاهر الفقر وترتفع نسبة الفقر الى 55% من سكان بعض هذه المحافظات ومن ثم فان سكان هذه المحافظات مثل سوهاج وقنا واسيوط هم الاكثر احتياجا للمساعدة والدعم سواء العينى او النقدي. وبالاضافة لما سبق فان العاطلين عن العمل والعمالة الموسمية هم الاكثر احتياجا للدعم وخاصة النقدى فى صورة اعانات بطالة ويمكن التعرف عليهم من خلال تعداد السكان او ابحاث الدخل والانفاق التى تصدر عن جهاز التعبئة والاحصاء، حيث تصل اعداد العاطلين عن العمل الى اكثر من 3 ملايين عاطل وتشمل هذه الاعداد العمالة الموسمية وشباب الخريجين الذين لايعملون ولايجدون فرص العمل وغيرهم من العاطلين. تباينت ردود افعال المواطنين ما بين مؤيد ومعارض حول استمرار منظومة الدعم الحالية وتحويله إلى نقدى فكل له وجهات نظر مختلفة وله مبرارته للدفاع عن رأيه ووجد أن الفئات محدودى الدخل والثافة تعترض على تغيير المنظومة أما فئات الفوق متوسطة توافق على تحويله إلى نقدى لضمان وصولها إلى المستحقين والحد من القضاء على الفساد فى المنظومة رصدت" الأهرام" استطلاع الرأى فئات مختلفة من المواطنين

ان الإحصاءات الرسمية توضح إن نسبة الفقراء الذين استفادوا من الدعم السلعي تتراوح بين 10و20 % من اجمالى نسبة الفقراء وحصلوا على نحو 11% فقط من قيمة الدعم الذي سيتجاوز في موازنة العام الماضي 300 مليار جنيه. وقد شهدت أغلب مؤشرات أداء الاقتصاد خلال العام المالي الجاري تحسناً نسبياً مثل ارتفاع معدلات النمو الاقتصادي إلى نحو ٥٫٦ % خلال النصف الأول من العام المالي الحالي مقابل ١٫٢ % خلال نفس الفترة من العام المالى السابق، وبدء تراجع مؤشرات البطالة إلى نحو ١٢٫٩ % فى ديسمبر ٢٠١٤ مقابل ١٣٫٤ % فى يونيو الماضى، وتراجع متوسط معدلات التضخم إلى ،٢٠١٤/ ٢٠١٥ مقا ن رة بنحو ١٠٫٨ % خلال الفترة يوليو- فبراير ٢٠١٣ / نحو ١٠٫٦ % خلال الفترة يوليو- فبراير ٢٠١٤ وتحسن أداء ميزان المدفوعات بشكل ملحوظ بعد إستبعاد المساعدات الخ ليجية التى وردت خلال العام المالى السابق، وتوقع انخفاض معدلات عجز الموا ن زة العامة إلى نحو ١٠٫٥ % من الناتج مقابل ١٢٫٨ % خلال العام المالى السابق، وتراجع معدلات الدين العام إلى نحو ٩٣٫٤ % من الناتج مقابل ٩٥٫٥ % فى العام السابق، وهى مؤشرات إيجابية نسعى لتدعيمها والبناء عليها للإسراع من وتيرة تحسن الأداء الاقتصادى.  ٢٠١٦ استكمال برنامجها الإصلاحي لتحقيق / وتستهدف الحكومة من خلال مشروع موا ن زة العام المالى الجديد ٢٠١٥ المزيد من التقدم على الصعيدين الاقتصادى والاجتماعي معاً. ويأتي في مقدمة سياسات الحكومة بدء التخطيط والتنفيذ لبرامج جادة للاستثمار في رأس المال البشري وكذلك زيادة الاستثمار في البنية التحتية، بالإضافة إلي تحسين سياسات استهداف الدعم وتوفير الحماية الاجتماعية للفئات الأولى بالرعاية، ورفع كفاءة الخدمات العامة وتحقيق عدالة أكبر في التوزيع، وهو ما يتزامن مع استكمال الخطوات التدريجية نحو الوفاء بالاستحقاق الدستوري لزيادة مخصصات الإنفاق على التعليم والصحة والبحث العلمي. وفي إطار إعادة ترتيب أولويات الإنفاق العام لتمويل هذه البرامج تعتزم الحكومة استكمال إصلاح منظومة ترشيد دعم الطاقة، والمنظومة الضريبية من خلال توسيع القاعدة الضريبية ورفع كفاءة التحصيل والانتقال إلى منظومة ضريبة القيمة المضافة ودون فرض أنواع جديدة من الضرائب. ويتضمن برنامج الحكومة أيضاً مواجهة مشاكل قطاع الطاقة بشكل جذري، مع زيادة ملحوظة في مخصصات قطاع الكهرباء لسد فجوة الطاقة التي عانى منها المواطنون والقطاع الخاص على حد سواء خلال الفترة الماضية خاصة فى فترة صيف .٢٠١٤  وفى نفس الوقت لا ينبغى الإ غفال أن الطريق لا يزال طويلاً والتحديات لا تزال جمة لتحقيق خفض مستمر فى معدلات الفقر، ومعدلات البطالة وٕاستيعاب الداخلين الجدد لسوق العمل، وتدعيم العدالة الاجتماعية، وتحقيق الاستقرار المالى والاقتصادى، وتحقيق نقلة نوعية فى مستوى معيشة المواطنين يشعر بها الجميع، وهو ما يتطلب مواصلة الإصلاحات ومواجهة المعوقات والمشاكل المزمنة بنفس الوتيرة ودون تأجيل حتى تحقيق تطلعات المواطنين.  إن مصر تتمتع باقتصاد واعد لديه من الموارد والطاقات ما يؤهله للمنافسة مع الاقتصادات الناشئة بل والمتقدمة. إلا أن إصلاح ما تراكم به من اختلالات عبر سنوات عديدة لا يتطلب فقط الوقت، وٕانما يتطلب تضافر جهود كل الأطراف والمشاركة فى تحمل الأعباء فيما عدا الطبقات الفقيرة. وتطبق الحكومة برنامجاً متوازناً ومتدرجاً يحظى بثقة المواطنين والمؤسسات الدولية ويقوم على دفع النشاط الاقتصادى وتحقيق الاستقرار المالى والتنمية البشرية والرعاية الاجتماعية.

لذلك يوجد  مليارات جنيه حائرة بين "حماية الفقراء" و"جيوب الأغنياء" فاتورة الدعم تزداد عاما بعد آخر، ففي العام الحالي2013/2014 ستصل طبقا للتقديرات إلى حوالي 205 مليارات جنيه، أما في العام المقبل والذي يبدأ في يوليو القادم فمن المنتظر أن تقفز إلى 350 مليار جنيه . ان تزايد فاتورة الدعم تسبب فى ارتفاع عجز الموازنة العامة وبالتالى الدين العام ليصل الى نحو 1.6 تريليون جنيه تعادل 92% من الناتج المحلى الاجمالي، والنسبة الأكبر منه هى دين محلى وهذا يمثل مصدر قلق للحكومة، أما الدين  الخارجى فهو فى الحدود الآمنة وأنه بالرغم من ارتفاع حجم الدعم وتزايد عجز الموازنة وتضاعفه فى السنوات الماضية، فإن الحالة المعيشية للمواطنين لا تعكس ذلك، فلم تنخفض معدلات الفقراء بل تزايدت الى نحو 25% من تعداد مصر وهو رقم جد خطير، كما لم تتحسن احوال قطاعى التعليم والصحة وهما التنمية البشرية الحقيقية لمصر وأرجع ذلك إلى سوء توزيع الموارد وسوء إدارة سياسات الدعم التى لم تحقق المستهدف منها ونتيجة لذلك لم يصل الدعم لمستحقيه.

والغريب أنه مع ذلك فإن هناك إجماعا على أن الدعم لا يصل إلى مستحقيه بشكل كامل, وأن هناك تسربا في مجالات عديدة منه يجعل جزءا كبيرا من المبالغ الطائلة المخصصة للدعم السنوي تفقد طريقها إلى الفقراء ومحدودي الدخل ، وتتجه بدلا من ذلك إلى الأثرياء والأغنياء من الطبقات غير المستحقة له .

ان حجم الدعم الحالي في مصر وتوقعات نموه والمسارات الأساسية التي يدخل فيها وتشمل الطاقة والسلع التموينية والخبز والطاقة والصناعة والتعليم والصحة ومدى تأثيره في كل منها . لان أفضل السبل لضمان وصول الدعم للمستفيدين المستحقين منه بالصورة المستهدفة . وإمكانية ترشيد استخدامه وإعادة هيكلته وتطبيق نظام التدريج حتى نقلل الفاقد منه إلى أقصى قدر ممكن .. حتى تشعر القطاعات العريضة من الفقراء ومحدودي الدخل بعائد حقيقي من المبالغ الطائلة الموجهة من الدولة لحمايتها ومساندتها .

على مدى العشر سنوات الماضية تطور حجم الموازنة العامة للدولة بصورة كبيرة فمن 145.988 مليار جنيه حجم الإنفاق العام عام 2003/2004 قفز الى 743 مليار جنيه بالموازنة العامة الحالية،وبالمثل قفز رقم الدعم والمنح والمزايا الاجتماعية وبنسبة اكبر حيث ارتفع من 24.787 مليار جنيه في عام 2003/2004 الى نحو 205 مليارات جنيه العام الحالي وهو رقم يفوق حجم الموازنة المصرية لعام 2003.2004.

ولكن أين يذهب هذا الدعم ومن هو المستفيد الحقيقي منه؟ فطبقا لبيانات وزارة المالية عن حجم الإنفاق الفعلي خلال السنوات العشر الماضية ، فان دعم الطاقة هو الرقم الأكبر بدعم الموازنة العامة بل يتخطى حجم الإنفاق على التعليم والصحة والإسكان وهى عناصر البعد الاجتماعي الحقيقية وبنظرة لأرقام الإنفاق الفعلي عام 2005/2006 والتي بلغت نحو 207.810 مليار جنيه نجد ان الإنفاق العام على الدعم بجميع صوره بلغ 54.2 مليار جنيه اى نحو 26% من جملة المصروفات وتضمن 41.778 مليار جنيه دعم المواد البترولية و 9.406 مليار جنيه للسلع التموينية و مليار و615 مليون جنيه دعم المزارعين و359.7 مليون جنيه لدعم فائدة قروض الإسكان ولم يرصد في تلك السنة أية مبالغ لإسكان محدودي الدخل وان ظهر في العام التالي بقيمة 450 مليون جنيه ، أيضا تم إنفاق مليار و81 مليون جنيه لدعم تنشيط الصادرات. أما المزايا الاجتماعية فقد رصد لها في عام 2005/2006 نحو 12.335 مليار جنيه تشمل 944 مليون جنيه لمعاش الضمان الاجتماعي و20 مليون معاش الطفل و11 مليار جنيه لصناديق المعاشات والتأمينات.

هذه الأرقام تغيرت بدرجة كبيرة في السنوات التالية بصورة لا تتماشى مع هدف الدولة في رعاية الأكثر فقرا ومحدودي الدخل الذين لا يستفيدون مباشرة من دعم الطاقة خاصة قاطني الأرياف والمدن الصغيرة ، ويكفى تحليل أرقام الحسابات الختامية للعام المالي 2012/2013 حيث نجد ان فاتورة الدعم قفزت الى 170.8 مليار جنيه مقابل 588 مليار جنيه اجمالى المصروفات العامة بنسبة 18%

ويشمل الدعم 32.55 مليار جنيه دعم السلع التموينية و120 مليار جنيه دعم المواد البترولية و3.066 مليار جنيه لتنشيط الصادرات و869.4 مليون جنيه لدعم المزارعين و8.55 مليار جنيه لدعم الكهرباء و1.2 مليار جنيه لدعم نقل الركاب و241 مليون جنيه لدعم الإنتاج الصناعي ورغم رصد 200 مليون جنيه لدعم التنمية بالصعيد الا انه لم يتم صرفها.

وعلى الجانب الاجتماعي نجد إنفاق نحو 722 مليون جنيه على فائدة القروض الميسرة و 350 مليون جنيه لدعم إسكان محدودي الدخل و20.778 مليار جنيه للمزايا الاجتماعية الأخرى منها 16.351 مليار جنيه مساهمات في صناديق المعاشات و و3.630 مليار جنيه لمعاش الضمان الاجتماعي و48.328 مليون جنيه لمعاش الطفل.

 لان معاش الضمان الاجتماعي المطبق حاليا هو أفضل نظام للدعم لأنه دعم نقدي يصل من الدولة إلى المواطن مباشرة وكاملا دون تسرب أو إهدار ولذلك فإن الدعم النقدي أفضل بكثير من نظام الدعم العيني المطبق حاليا والذي أسهم في إهدار موارد الدولة خلال الأعوام الماضية وزيادة الأغنياء ثراء  على حساب الفقراء. ان  اعادة ترتيب أوجه الانفاق فى الموازنة العامة للدولة للعام المالى 2014/ 2015 وذلك لعلاج الخلل فى سياسة وبرامج الانفاق فى الموازنة خاصة المبالغ المخصصة لدعم الطاقة ولا تصل للفئة المستهدفة من سياسة الدعم وسوف يتم توجيه فوائض هذه المبالغ إلى الاستحقاقات الدستورية واهمها زيادة الانفاق على قطاعى الصحة والتعليم التى تحتاج لنحو 140 مليار جنيه إضافية خلال السنوات المقبلة للتوافق مع النسب المحددة لهما من الدخل القومى بدستور 2013.لان التحول إلى الدعم النقدى سواء المشروط أو غير المشروط هو السبيل الوحيد لوصول الدعم لمستحقيه وحماية حقوق المواطنين، موضحا أن الدعم النقدى يضمن وصول قيمة الدعم كاملا لجيب المواطن، أما الدعم العينى فيتسرب نحو 60% من قيمته للوسطاء والتجار وغيرهم، وهذا من شأنه تحقيق ثراء لغير المستحقين على حساب الدولة والمواطن البسيط. أن الدولة انفقت نحو تريليون جنيه على الدعم خلال الـ 10 سنوات الماضية ومازالت معدلات الفقر كما هى بل تزداد، وهذا خير دليل على الخلل فى برامج وسياسات انفاق الدعم.

 أنه يجب وضع تصميم كامل ومفصل لبرنامج جديد للتحويلات النقدية يحدد من هى الاسر المستفيدة وسبل الوصول لها وقيمة المبالغ المالية التى سيتم تحويلها لهم وتحديد المناطق التى سيبدا بها البرنامج مع تحديد آليات وإستراتيجية الخروج من البرنامج بعد تحسن الوضع المالى للاسر المستفيدة وخروجهم من دائرة الفقر.

 إن هناك مشكلات خاصة بالمستحقين تتمثل فى انفاق الكثير من المال وإهدار الوقت لإثبات استحقاقهم للاستفادة من البرنامج، بجانب مشكلات غير مباشرة تتمثل فى إيجاد حافز سلبى لدى بعض المستفيدين للاستمرار فى الاستفادة بمزايا البرنامج رغم تجاوزهم مرحلة الاستحقاق نتيجة تغير حالتهم الاجتماعية مثل زواج الابنة أو سفر عائل لاسرة للعمل بالخارج بجانب مشكلات ناتجة عن تقليص حجم شبكات الدعم غير الرسمية.

أن الحكومة تدرس منذ فترة اعداد برنامج متكامل للدعم النقدى بالاعتماد على عدد من قواعد المعلومات الموجودة بالجهات الحكومية المختلفة لتحديد الاسر المستهدفة مثل خريطة الفقر التى تم وضعها عام 2004/2005 ثم حدثت فى عام 2010/2011. لان دعم المنتجات البترولية بلغ خلال العام المالى 2012/2013 نحو 128.2 مليار جنيه،استحوذ السولار على النصيب الأكبر منها بقيمة 56 مليار جنيه تمثل 44% من إجمالى دعم المنتجات البترولية، يليه البنزين فى المركز الثانى حيث حصل على دعم بقيمة 27 مليار جنيه بنسبة 21% ثم غاز البوتاجاز فى المركز الثالث وحصل على دعم بقيمة 20 مليار جنيه بنسبة 16% و 14 مليار جنيه للمازوت تضعه فى المركز الخامس بنسبة 11% وأخيرا دعم الغاز الطبيعى بقيمة 10 مليارات جنيه تضعه فى المركز السادس بنسبة 8% من الاجمالي.

هذه الأرقام مرشحة للارتفاع خلال العام المالى المقبل الى نحو 150 مليار جنيه فى حالة عدم تحريك الأسعار، وهو ما يهدد باتساع فجوة السيولة لدى قطاع البترول الذى يلجأ الى الاقتراض بالاضافة الى ان هذا الدعم اثر على جميع قطاعات الدولة الاخرى بصورة سلبية خاصة التعليم والصحة والنقل حيث لا تحصل على المخصصات المالية الكفيلة باحداث نقلة نوعية فى مستوى جودة حياة المواطنين. ايضا فان ملف الدعم مازال يواجه معضلة اخرى تتمثل فى تسربه لغير مستحقيه حيث من يستهلك اكثر يحصل على دعم اكبر وهو ما جعل الاغنياء الاكثر استفادة من الدعم وبنسب تقارب 4 اضعاف الفقراء. مشكلة الدعم وارقامه الخرافية كما يقول المصدر ليست وليدة اليوم وانما ترجع لسنوات طويلة لان اجمالى الانفاق الفعلى على دعم الطاقة منذ عام 2000/2001 وحتى العام الماضى بلغ نحو 685 مليار جنيه وهى تمثل الفرق بين تكلفة انتاج المنتجات البترولية وسعر بيعها فى السوق المحلية  حيث تستهلك مصر نحو 605 ملايين طن سنويا قيمتها بالسعر العالمى تبلغ نحو 365 مليار جنيه وتكلفتها على قطاع البترول نحو 187 مليار جنيه وايرادات بيعها نحو 59 مليار جنيه والمسدد الفعلى نحو 37 مليار جنيه ومبلغ 22 مليار جنيه الفرق يضاف كديون على الجهات العامة سنويا، اى ان قطاع البترول لا يحصل سوى 20% من قيمة مبيعاته بالسوق المحلية واذا راعينا الاسعار العالمية فستنخفض النسبة الى 10% فقط. ويوجد جانب آخر من مشكلة قطاع البترول تتمثل فى الاعباء السيادية من ضرائب وجمارك مفروضة على المنتجات البترولية ، فكما يقول المصدر ان سعر لتر السولار محليا يبلغ 110 قروش تحصل الدولة منه على 62 قرشا كضرائب بنسبة 57% من القيمة وما يحصل لقطاع البترول يبلغ 48 قرشا فقط، كذلك البنزين 80 اوكتين اعباؤه السيادية تبلغ 51% وما يدخل لهيئة البترول 49% فقط من حصيلة البيع  اما البنزين 92 اوكتين فاعباؤه السيادية تبلغ 61% وما يدخل للهيئة 39% فقط. واضاف ان هناك عوامل كثيرة تؤثر فى ازمة نقص الطاقة واختلال منظومة الدعم منها ثبات معظم اسعار المنتجات البترولية لسنوات طويلة، والزيادة المضطردة فى الاسعار العالمية للمنتجات البترولية وقفزات سعر الصرف خلال الأعوام العشرين الماضية فبعد اقل من 3 جنيهات للدولار وصل السعر الان لنحو 7.5 جنيه. على مدى نحو 4 عقود من الزمان ورغيف العيش هو "شماعة" الحكومات المتعاقبة "لتعليق" مشكلة الدعم عليها دون اتخاذ اجراء واحد لعلاج هذه المشكلة المزمنة والتى ادت بنا فى النهاية الى ان مليارات الجنيهات اما انها تهدر او تذهب الى غير مستحقيها ويتكسب من ورائها اصحاب النفوس الضعيفة ليحققوا مكاسب "خرافية".

فمنظومة دعم "رغيف العيش" والتى يقدر لها نحو 22 مليار جنيه سنويا، كانت تتسم بالفساد فى أحيان كثيرة والحكومات المتعاقبة كانت تدرك ذلك جيدا، ولكنها كانت عاجزة عن المواجهة اما بسبب مصالح بعض اصحاب النفوذ، او لفساد سياسى والرغبة فى شراء اصوات الغلابة فى الانتخابات المزورة تباعا، او خوفا من تكرار ازمة عام 1977. ومشكلة "رغيف العيش" تبدأ من اولى مراحلها وهو القمح سواء المستورد او المحلي، فالمستورد يتم بطريقة حكومية من خلال هيئة السلع التموينية ويقدر متوسط الكميات المستوردة بنحو 10 ملايين طن عن طريق مناقصات وهى الطريقة التى تفقدنا نحو 10% من الأسعار، فنحن على رأس قائمة الدول المستوردة فى العالم وهى الحالة الوحيدة التى نتميز فيها عالميا، ولابد من إعادة شروط الاستيراد بما يحقق مصالحنا  حيث طالب الخبراء بضرورة إعادة النظر في هذا الأسلوب ويطالبون بالاستيراد بنظام "الفيوتشر" اى التعاقدات المستقبلية وليس البضاعة الحاضرة حيث ان هناك فروق كبيرة في الأسعار بين النظامين،أما القمح المحلى  فمشكلته اسعار التوريد بالدرجة الاولي، فالفلاح لايحصل على حقه دائما، ولذلك يتجه المحصول الى غير الاستخدام المخصص له وهو الاستخدام الآدمى ولكن يذهب كعلف للحيوان، هذه الاشكالية بدأت الحكومة فى معالجتها بالاعلان المسبق عن اسعار التوريد قبل بدء موسم الزراعة على ان تكون الاسعار قريبة من الاسعار العالمية..اما اساليب تفريغ السفن والنقل والحصاد والتخزين فحدث ولاحرج فما يتم فقده سنويا يقدر بنحو مليون طن، سواء بسبب طرق الحصاد التى تفقدنا نحو 165 ألف طن وفق تقديرات مراكز البحوث الزراعية ثم عملية النقل المزرعى (نقل المحصول من الأرض الزراعية إلى أحد جوانبها تمهيدًا لوضعه فى الأجوله البالية وتخييطها يدويًا) أما فى مرحلة التخزين فنسبة الفاقد بسبب الفئران والطيور تصل الى 1.64% فكل عصفور يأكل يوميًا 4 جرامات قمح وكل يمامة تحصل على 15 جرامًا وكل حمامة تحصل على 23 جراما من القمح فتعود الطيور "شبعانة" ممتلئة البطون إلى عشها، والطيور المهاجرة لان  تطوير انتاج الخبز فى مصر وترشيد استهلاكه وخفض معدلات الدعم الموجهة اليه، ان الطيور المهاجرة لها نصيب وافر من القمح الذى يتم تخزينه فى شون مكشوفه، ومرحلة النقل فحجم القمح المفقود من ورائها يقدر بنحو 6% من اجمالى حجم القمح سواء المستورد او المحلي. هذا بخلاف نسب التسريب التى تتم من خلال المطاحن او الفاقد بسبب سوء حال اغلب المطاحن فى الوقت الراهن. اما مرحلة انتاج الرغيف فقد اثبتت التجربة العملية ان نسبة تسرب الدقيق تصل لنحو 30% من الكميات المخصصة للمخابز، فبعد بدء تجربة توزيع الخبز المدعم عن طريق البطاقات الذكية بمدينة بورسعيد فقد انخفض حجم استهلاك المحافظة من الدقيق بنحو 30% رغم حصول جميع المواطنين على احتياجاتهم من العيش. ونسبة التسرب هذه كان المستفيد الاول منها اصحاب "افران التكاتك" التى انتشرت أخيرا وتتصف بصغر حجمها وامكان انتاجها للعيش فى اى مكان وبعيدا عن اجهزة الرقابة مستخدمة الدقيق المهرب فى انتاج الرغيف الاكثر انتشارا على الارصفة فى الوقت الراهن ويباع باسعار تتراوح ما بين 25 و50 قرشا، بينما هذه النوعية من الدقيق مخصصة لانتاج رغيف بسعر 5 قروش فقط.لان  الامل معقود على نجاح تجربة توزيع "العيش المدعم" عن طريق البطاقات الذكية والتى يتبناها الدكتور خالد حنفى وزير التموين والتجارة الداخلية، والمتوقع لها ان تخفض حجم الدعم الموجه للرغيف باكثر من 50% مع حصول المواطنين المستحقين للدعم على جميع احتياجاتهم من العيش دون اي زيادات فى اسعاره. نستهدف 40 مليار جنيه لتحسين السلع التموينية دعم السلع التموينية له تاريخ طويل فى مصر حيث بدا عام 1941 بمبلغ مليون جنيه خصصته حكومة النحاس باشا، بسبب موجة غلاء الاسعار التى عانت منها مصر مع اشتداد الحرب العالمية الثانية. فى حين أن الدكتور خالد حنفى وزير التموين تقدم بطلب لرئيس مجلس الوزراء المهندس ابراهيم محلب لزيادة مخصصات دعم الخبز والسلع التموينية الى 40 مليار جنيه مقابل 32 مليار جنيه فى العام المالى الحالى منها 22مليارجنيه للخبز و10 مليارات جنيه للزيت والسكر.لان المنظومة الجديدة للخبز وفرت للمواطن رغيفا جيدا دون طوابير ووفرت له أيضا سلعا غذائية من الالبان والزيت والسكر وغيرها مجانا مقابل ماوفره من نقاط وأشار وزير التموين إننا نسعى حاليا الى تحسين وتجويد الزيت والسكر والأرز بجودة عالية وسوف نسمح للمواطن بان يحصل مقابل هذه السلع سلعا أخرى يحتاجها لدى البقال التموينى كما نسعى لزيادة عدد السلع التموينية بحث لأتكون قاصرة على الزيت والسكر والأرز او استبدالها بسلعة اخرى يكون البيت فى حاجة إليها.

إن منظومة الدعم الحالية فى مصر – دعم عيني- منقوصة، وتحتاج إلى ضرورة التحول للدعم النقدى بشرط أن توافر إدارة محترفة تراعى الشفافية والنزاهة فى إدارة المنظومة الجديدة للحفاظ على الطبقة الوسطي.لان ميزة الدعم العينى أنه وسيلة لاستهداف الفقراء وجميع مستحقى الدعم، لكن أهم الانتقادات المواجهة له أن يشمل فى مظلته فئات كبيرة غير مسحقة للدعم وبالتالى تزاحم الفئات المستهدفة الدعم بقوي. إن الدعم النقدى من أهم مزاياه أنه يستهدف الفئات الفقيرة والأقل فقراً مباشرة، لكن إدارته غاية فى الصعوبة، ويمكن أن يؤدى إلى زيادة فى الاسعار إذا تم إنفاقه فى غير البنود التى منح من أجلها. إن الطبقة الوسطى وهى فئة مهمة والتى تعتمد على دخل ثابت سواء من الوظائف أو المعاشات وبالتالى لابد من توفير برامح حمايه إجتماعية لها حتى لا تهبط الفئة الدنيا منها إلى مرتبة الطبقة الفقيرة، عن طريق توفير خدمات صحية مناسبة أو توفير قروض التعليم وغيرها من الوسائل التى تعتمد عليها هذه الطبقة، حتى لا لاتؤدى عمليات ارتفاع أسعا السلع والخدمات إلى وقوع فئة من هذه الطبقة فى براثن الفقر. إن أول خطوة فى منظومة هيكلة الدعم هى خروج الفئات غير المستحقة للدعم من تلك المنظومة، خاصة فى دعم الطاقة، وتجربة كروت البنزين والسولار بداية لحصر تلك الفئات، أما بالنسبة للكهرباء فيكفى أن نشير إلى أن أكبر مستهلك للكهرباء فى مصر هو القطاع المنزلي والذي يستهلك تقريباً نحو 70% من الكهرباء المولدة بمصر وهذه نقطة خطيرة لابد من معالجتها على الفور  وهناك خطة من 3 إلى 5 سنوات لهيكلة دعم الكهرباء من خلال ثلاث فئات الأولى المستحقة للدعم والتي يقل استهلاكها عن 100 كيلو وات ولا يتجاوز عداد الكهرباء 10 أمبير، أما الفئة الثانية ستدفع الكهرباء بسعر التكلفة، والفئة الثالثة ستدفع الكهرباء بسعر الطاقة المتجددة لمصلحة الفئتين السابقتين. إن أول خطوة فى العلاج هى ضرورة إعادة هيكلة الدعم بمعنى توجيهه لمستحقيه وليس إلغاءه، بهدف ضبط ميزانية مصر وهذا لن يتحقق إلا من خلال ضبط الدعم وإعادة توزيعه ولابد أن ينظر للدعم من منظور اجتماعي بحت ومن منطلق العدالة الاجتماعية وليس شيئ آخر. لان الخطوة الثانية التى لأبد أن تتزامن مع ذلك زيادة الناتج القومى لمصر، لأننا لن نستطيع تخفيض المديونية لكننا إذا زودنا الناتج القومى عن طريق العودة إلى العمل ومواقع الانتاج ستنخفض معه نسبة المديونية إلى الناتج المحلي، وبالتالى فإن شغل الناس داخل البلد هو الطريق الوحيد للخروج من تلك الأزمة. التعليم والصحة من أهم القطاعات التى لاقت فى العقود الماضية إهمالا جسيما، مما أدى لإهدار حقوق المواطن وبالتالى نتجت اجيال تعانى فى صحتها وتعليمها ولا تستطيع ان تنهض ولا تتقدم .

الحكومة الحالية لجأت لإعادة النظر فى هذه المشكلة، وأبدت اهتماما بهذين القطاعين، وهذا ظهر فى قرار وزير المالية الذى خصص فى الموازنه الجديده 51.6 مليارجنيه لقطاع الصحة، كما سيتم تخصيص 105 مليارات جنيه للإنفاق على التعليم وذلك طبقا للاستحقاقات الدستورية الجديدة.

 ان حوالى 206 مليار من الدعم موجه للطاقة ورغيف العيش والسلع الغذائيه اما ما يتعلق بالخدمات المهمة الاخرى مثل الصحه والتعليم، فدعمها بسيط لايؤدى الغرض، مشيرا إلى انه بإمكان الحكومة تخفيض نصف الدعم الموجه للطاقه واعادة توزيعه فى اولويات اكثر احتياجا مثل الصحه والتعليم، وخاصة ان الدعم فى هذين المجالين يذهب إلى المرتبات والغرامات، والقليل منه يذهب إلى الخدمات، أما الدعم الذى يستهدف به التغطية الاجتماعية والصحية وتجويد خدمة التعليم فهو غير متوفر بقدر كاف.و لابد من مزج الدعم وتخفيض دعم الطاقه الموجة للمصانع والشركات العملاقة التى فى الغالب يديرها رجال أعمال - ليسوا فى حاجة الى الدعم - مثل مصانع الاسمنت والحديد والسيراميك والتى تستهلك طاقة كبيرة، و5% من إنتاجها موجه للخارج ويباع فى السوق المصرى باسعار عاليه تفوق تكلفة انتاجه بشكل كبير واذا اعيد توجيه هذا الدعم سنوفر اكثر من 50 مليارا سنويا من الدعم وهو ما يمكن ان نمد به قطاعات اخرى فى حاجه إلى الدعم أكثر .

 ان الدعم الحالي لا يؤدى لخدمة تعليمية ولا صحية جيده لأنه دعم هامشي ولا بد ان تكون هناك اولويات للدعم ، وخطة لتوزيعه بشكل عادل ومتوازن وخاصة في مجالي الصحة والتعليم لان إنسانا بلا صحة وبالا تعليم لا ينتظر منه ان ينهض او يتقدم . أن ميزانية التعليم في السنة الماضية كانت 64 مليار جنيه ومعنى انه يرتفع الى 105 مليارات فهذا شئ جيد وسوف ننتظر خطه الحكومة لكي نعرف كيف توزعه، مشيرا الى انه متفائل جدا لارتفاع ميزانية التعليم ويتمنى ان يتم عمل دراسة جيدة وتوزيعه بشكل عادل.لان هناك مادة في الدستور تنص على أنه لا تقل ميزانية التعليم عن 4% من اجمالى الدخل القومي بالنسبة للتعليم الاساسى و6 % للتعليم العالى ولابد ان تنعكس هذه الزياده على جودة التعليم ، موضحا أن المعلم هو أساس العملية التعليمية. ان البلاد تمر بمرحلة صعبة حاليا و ليس كل مانتمناه يمكن تحقيقه ؛ لكن لابد ان تكون هناك اولويات لتوزيع الدعم فى قطاع الصحه لانه قطاع حيوى ومهم ويعانى من قصور شديد ، وفى البدايه لابد من الاهتمام بالطبيب ، وذلك بتحسين راتبه لرفع مستواه العلمى والاجتماعى لأن الطبيب هو الذى يفحص ويشخص ويعالج ، وإذا رفعت الحكومة مستوى الطبيب سيقدم الخدمه للمواطن بشكل صحيح

البنك الدولى باعتباره احد المؤسسات الدوليه الكبرى الممولة للعديد من المشروعات التنموية فى مصر الى جانب أهميته فى تقديم المساعدة الفنية فى القضايا والموضوعات الإقتصاديه المختلفة والذى يحظى البنك بخبرة واسعة فيها ومنها قضية الدعم ،يرى البنك الدولى من خلال تقاريره ودراساته المختلفة عن الإقتصاد المصرى ضرورة إصلاح نظام الدعم فى مصر معتبرا أن هذا النظام بوضعه الحالى ينحاز الى الأغنياء أكثر من الفقراء كما أنه يتميز بإرتفاع التكلفة . ويشير البنك فى تقريره السنوى الى أن أكثر الفئات التى تستفيد من الدعم هى الفئات الأعلى دخلا فى المقابل لايذهب سوى 85 من إجمالى الناتج المحلى الى برامج المساعدة الإجتماعية مما يحرم الفئات الأكثر إستفادة خاصة الأطفال وسكان الريف . ويعتبر البنك الدولى موضوع الدعم من الموضوعات شديدة الحساسية لدى متخذى القرار والحكومات المختلفة لما له من رد فعل سلبى على المواطنيين لذا يقترح البنك أن يتم إصلاح نظام الدعم بشكل تدريجى مصحوبا بإجراءات للتخفيف من تاثير ذلك على الفئات الأشد إحتياجا. موضحا أن المشكلة الرئيسية فى نظام الدعم ليس إصلاحه ولكن تكمن المشكلة فى إيجاد البدائل المناسبه لتعويض الفئات الأشد فقرا حيث لايزال الدعم يمثل شبكة أمان مهمة للعديد من الأسر. ويؤكد تقرير البنك الدولى أن قضية الدعم وإعادة هيكلته او تحويله الى الدعم النقدى هى قرار سيادى خاص بمصر

وتعتبر الموازنة العامة للدولة أداة أساسیة لتحقیق الأهداف الاقتصادیة والاجتماعیة للدولة، وتعبر عن برامج الحكومة لمواجهة التحدیات القائمة والعبور نحو آفاق المستقبل من خلال تعظیم موارد الدولة، وتوجیهها بما یحقق أفضل إستخدام لها وأكبر نفع لمختلف فئات المجتمع، وٕاعادة ترتیب أولویات الإنفاق العام تجاه مراعاة البعد الاجتماعى كهدف استراتیجى للسیاسة العامة للدولة.  ویعرض الجزء التالى المنطلقات الرئیسیة التى تحكم منهج عمل السیاسة المالیة والاقتصادیة، ثم الاطار المالى والاقتصادى والأهداف الكمیة والمعیاریة التى تمثل الأسس الرئیسیة لإعداد مشروع الموازنة العامة للدولة للعام المالى ٢٠١٦ فى مراحله المختلفة بدءاً من قیام الجهات الموازنیة بإعداد مشروع /٢٠١٥ موازناتها، ثم إجراء المناقشات مع وزارة المالیة، مروراً بعرضها ومناقشتها فى مجلس الوزراء لإقرارها تمهیداً لعرضها على السلطة التشریعیة.

أولاً: المنطلقات الرئیسیة للسیاسة المالیة والاقتصادیة

١. إحداث تغییر جذرى فى منهجیة إدارة الاقتصاد الوطنى بحیث تتم إدارتهكوحدة واحدة ومن منظور كلى، ولیس من منطلق إدارة قطاعات أو قضایا منفصلة، أو من واقع مصالح فئویة ضیقة.

0.    توسیع كافة القواعد الاقتصادیة وأهمها القواعد الانتاجیة، و قواعد الدخل،والقواعد الضریبیة لتشمل الأنشطة والدخول التى لاتخص الفقراء، وقواعد الاسواق الداخلیة والخارجیة، وقواعد وبرامج الحمایة الإجتماعیة بما یحقق تحسن فى الأحوال المعیشیة للمواطنین، وغیرها من المجالات التى من شأنها تحقیق العدالة الاجتماعیة وزیادة الثقة فى استقرار الوضع الاقتصادى وارٕساء دعائم السلام الاجتماعى.

1.    كاتب المقال

2.    الدكتور عادل عامر دكتور في القانون العام ومدير مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية والاجتماعية وخبير بالمعهد العربي الأوربي للدراسات السياسية والإستراتيجية وعضو المجلس الرئاسي للشئون القانونية والاقتصادية بالاتحاد الدولي لشباب الأزهر والصوفية

 
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف