الأخبار
قطر تُعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بغزة.. لهذا السببالمتطرف بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ السجوننتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيرانمؤسسة أممية: إسرائيل تواصل فرض قيود غير قانونية على دخول المساعدات الإنسانية لغزةوزير الخارجية السعودي: هناك كيل بمكياليين بمأساة غزةتعرف على أفضل خدمات موقع حلم العربغالانت: إسرائيل ليس أمامها خيار سوى الرد على الهجوم الإيراني غير المسبوقلماذا أخرت إسرائيل إجراءات العملية العسكرية في رفح؟شاهد: الاحتلال يمنع عودة النازحين إلى شمال غزة ويطلق النار على الآلاف بشارع الرشيدجيش الاحتلال يستدعي لواءين احتياطيين للقتال في غزةالكشف عن تفاصيل رد حماس على المقترح الأخير بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرىإيران: إذا واصلت إسرائيل عملياتها فستتلقى ردّاً أقوى بعشرات المرّاتإعلام الاحتلال: نتنياهو أرجأ موعداً كان محدداً لاجتياح رفحإصابة مطار عسكري إسرائيلي بالهجوم الصاروخي الإيراني
2024/4/18
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

عشاق المدينة(١٠)بقلم: نزهة الرملاوي

تاريخ النشر : 2015-06-29
عشاق المدينة (١٠)

لزهر اللوز في ذاكرتي رحيق عشق غفا على سور حبك مدينتي ولا زال ، وما ايقظته سنين الغياب ،أبقيته محمولا في سفني التائهة في بحر الحياة، وعدت لألقي حمولة عشقي بين احضانك مدينتنا الغالية.
نعم في حضرة مدينتنا، تأرجحت آهات عشقنا بين بخور معابدها المعتق في الأرجاء، واعتكاف المتصوفين في قبة العشق الالهي الصاعد الى السماء!
لم تغب المشاهد والصور الراكنة في فكري، رسمت من بقاياها قصص علقتها على أبواب الذاكرة، ولونتها من تسابيح الفجر وصلوات الليل في كل يوم حمل في جعبته نفس الحياة!
رسمته من بقايا القمح المعجون من عرق الخباز، أمام اللهب المتصاعد خلف أضلاعة المخضبة بالألم .
يا الله...هنا مشينا وعبثت أقدامنا بحجارة الطرقات وانحناءاتها، وسط ازدحامات اسواقها وخاناتها الساكنة في زوايا القلب بلا منازع....
صغارا كنا..حين ضجت الطيور في سماء مدينتنا، يوم تناوب الأولاد في اصطيادها دون رحمة أو اكتراث...، بكت الأعشاش في الزوايا العتيقة فحملتها الأسوار المتعالية ..علونا معها نحو الفضاء رصدت دقات قلوبنا، وخبأته خلف شعاع شمسها المغطى بسحب الامل..
اين غابت الطفولة؟؟؟
هنا كانوا كقنديل فرح أناروا ليل حزنها، وذهبوا مع الريح في طلعة فجر فقد من تأريخ الأيام!
لله درك ايتها المدينة، تحتبسين الألم لترسلي شعاع محبة لعشاقك القابضين على جمر الترحال والاغتراب!
على عتبة ذلك البيت جلست سعدية وأخذت تلف سيجارة الهيشي ، قدمتها الى زوجها عيسى، ابتسمت وراحت تسأله هل ستبقى اليوم في البيت؟
هل ستفتش عن عمل آخر بعد أن طردك شمعون من المصنع؟
نفث دخان سيجارته للأعلى وتنفس غضبا كاد أن يصبه عليها..
احتمت سعدية داخل صمتها... نزلت من عينها دمعة ثم نظرت الى عيسى نظرة اشفاق وقالت له:
انت رجلي وأعرفك جيدا ...ما الذي يغضبك ؟؟
هل أغضبتك كلماتي؟
نظر اليها ثم نهض تاركا ظهره لتساؤلها... خرج من البيت وتوارى في عتمة الحوش فاستقبله زقاق الطريق المؤدي الى سوق القطانين.
حطت رجلاه أمام مخبز ابو هاشم مد رأسه في عتم المخبز فامتعض لما رآه في ظلام الفرن ...وقال بصوت عال :
( إخص إخص )
تنحنح الفران وأطلقت يداه الصبي فانطلقت الخطوات الصغيرة نحو عيسى، وبقيت نداءات ابو هاشم لعيسى مهمشة اجتمعت حول الأصوات بعض الوجوه في اسواق المدينة، وبدأت تتزايد..واخذت البصقات تتراشق لتصل وجه ابي هشام الملتحي بالشعر الأبيض.
هاج القوم وسألوا الصبي عن اسمه وأهله ظل صامتا.. لم تنطلق الحروف من فمه ، بل أجرى سيلا من الدموع على خديه الشاحبة...وأطلقت منه الاشارات التي توحي بالضرب...
صرخ ابو هاشم واستغاث بالجيران، وراح لسانه يردد: خافوا الله يا عالم خافوا الله يا ناس....
اجاب عيسى: ( اخص عليك شايب وعايب
انت ما بتخاف الله ...قول لهم ماذا تفعل بالصبي )...
احمر وجه ابو هشام واختنق غضبا وبدأ يبرر ما شوهد قائلا:
في عصر كل يوم ، أخبز عشرة أرغفة لآخذها معي عند الاياب لبيتي فأطعم أولادي، وفي المدة الأخيرة، كانت تسرق بعض الأرغفة في غفلة مني ...احترت بما يحصل ولم أجد توضيحا..أكثرت من البسملة .. أجني يخرج جائعا فيسرقني دون أن أراه ...؟؟
أإنسي يستغفلني ويلوذ بأرغفتي؟؟
فكلما يحين موعد الذهاب الى البيت، أعد الأرغفة فأجدها سبعة من عشرة، قررت أن أمسك غريمي حتى ولو كان جني ازرق!!!
أنصت الحضور وأخذهم الفضول لمعرفة الحقيقة، وأردف ابو هاشم قائلا : أقسمت بالله إن أمسكت بالسارق لأخلعه ملابسه وأخرجه للملأ مضروبا على قفاه ...وعندما أمسكت بهذا الصبي الملعون وبدأت بتنفيذ قسمي ، طل عيسى برأسه وأنا آمر هذا الولد بخلع ملابسه وكنت أخلع حزامي حتى أبدأ بضربه، فظن بي السوء والعياذ بالله...( ان بعض الظن اثم )
هل رأيت شيئا غير ما أقول يا عيسى؟؟؟
أجاب عيسى وما ادرانا ان الذي تقول هو الصحيح ؟؟
اجاب ابو هاشم: لقد أعلمت أبا حمدان الأمر وما انوي فعله باللص إن وقع بين يدي..
ظل الولد يرتجف خوفا في يد عيسى.. وظل الحضور يرقب ابا حمدان حتى يخرج من حمام العين ليسألوه الحقيقة...
خرج البعض من الحمام محوقلين مرددين: لا حول ولا قوة الا بالله...
جهر أحد المنتظرين قائلا: أين أبو حمدان؟؟ نريد العودة لاشغالنا... استعجلوه...
أخرج ابو حمدان من إحدى زوايا الحمام محمولا، فاقد الوعي والدم يسيل من رأسه بعدما تزحلقت قدمه على بلاط الحمام ...
لا مجال لسؤاله ...ولا مناص من العقاب... توجهت العيون مجددا الى أبي هشام،جاء المختار وبعض تجار المدينة، وبدأوا بالتشاور لاختيار مكان يتحققون فيه من الأمر قبل ان تأتي الشرطة ويقاد أبو هشام لمخفر الشرطة في القشلة...أو يأتيه الشاويش حسنين ومعه خيزرانته التي ترقص بيده موقفا شواربه ليقف عليها صقر من صقور الحرم هيبة ووقار...
طلب المختار من الجميع الذهاب الى أعمالهم،
وطلب من الوجهاء مرافقة ابو هشام وعيسى والصبي والتوجه الى الأقصى قبل ان يحين موعد آذان المغرب.
أغلق الفرن ومشى ابو هشام بجانب المختار حتى وصل الجميع الى مسطبة ابو بكر في الأقصى، بدأ التحقيق وبدأ الصبي بالبكاء، سأله المختار عن بكائه المتواصل.. لم يجب، عاد وسأله ماذا فعل بك ابو هشام ؟؟
لم يجب .. رفع أبو هشام راسه المطأطأ وتوجه للصبي سائلا:
عندما أمرتك بخلع ملابسك، هل انتهيت من خلعها؟؟
هل بدأت بضربك ؟؟
هل آذيتك يا بني؟؟
لماذا تستغفلني وتسرق قوت أولادي؟؟؟
بكى الصبي وصرخ أبو هشام : سرقتني وضيعت سمعتي الشريفة، وتمتم بصوت منخفض:
( يلعن أبو... يا ابن ...) ثم صرخ ألما:
( حسبي الله ونعم الوكيل) ( ما اسمك )؟؟
نظر الصبي الباكي الى الرجال من حوله ونطق بعدما خيل للجميع ان الصبي أخرس قائلا:
اسمي ماجد، ( عشان الله ما تضربوني) ولا تنادوا الشاويش حسنين ليسجنني، دعوني أذهب أخاف ان ينام أبي المقعد وأختي الصغيرة بأمعاء خاوية.. قبل أن أفلح باستغفال خباز فأسرق الأرغفة وألوذ بالفرار...
اعترف الصبي بالسرقة .. ونفى أي تعد من أبي هشام عليه ...وقرر المختار وبموافقة الأعيان ، أن يعمل الصبي في فرن ابي هشام ويقوم بتوزيع الخبز على البيوت المجاورة بدءا من صباح الغد.
مر صبي من جانب الحضور وصاح بعدما رأى ماجد :
جبت أسواق المدينة أبحث عنك ..اسمع :
( أخذوا أبوك لمستشفى الهوسبيس... يا بتلحقوا يا لأ)...
فضت الجلسة ...قام الجميع مرددين:
( لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم )
رفع آذان المغرب وتجلت التكبيرات في سماء المدينة، لتملأ الدنيا بالعدالة...
عاد عيسى الى الزقاق ودخل الحوش المعتم ..وقع نظره الضعيف على سيدة غريبة تبكي في الزاوية المقابلة ..تنحنح واقترب منها ليسألها عن سبب انينها الذي يسمعه ...ارتطم بحجر أوقعه جانب السيدة ...فتح عينيه على أضواء
(اللوكس ) تتجه صوبه وبصقات الجيران ترشقه بلا رحمة.. راح يصرخ متألما:
( خافوا الله يا ناس ... خافوا الله يا عالم)
وهبت الألسن تستشيط غضباً وتقذفه شتائما :
( يا عيب الشوم عليك)..
(انت ما بتخاف الله )...
وجيء بالمختار والوجهاء للتحقق من الأمر....متداركين ما حدث قبل أن يعلم الشاويش حسنين ، فيفتت عظامه بالعصى ويلملم نبضه المتساقط على ادراج باب العامود حتى القشلة!!!!
نزهة الرملاوي
6/6/2015
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف