دويلات العراق ..
بين الواقع و المجهول !
عبدالزهرة الركابي
أكدت عملية إختطاف جثة طارق عزيز وزير الخارجية في النظام العراقي السابق من مطار بغداد ، و هي في طريقها الى العاصمة الأردنية عمان ، كي توارى الثرى هناك ، أن العراق كدولة ليس له واقع حقيقي على صُعد الأمن و السيادة و الهيبة ، ما عدا رسمه المطبوع على الخريطة .
و كان إعلاميون عراقيون متواجدين في المطار يوم الخميس 11 / 6 / 2015 ذكروا ، إن مجموعة مسلحة اختطفت جثمان نائب رئيس الوزراء العراقي الأسبق طارق عزيز قبيل نقله الخميس على متن طائرة تابعة للخطوط الملكية الأردنية إلى عمان ، و أضافوا أن سيارات رباعية الدفع كان يستقلها مسلحون مجهولو الهوية وصلت إلى مطار بغداد الدولي ، و تحفظت على الجثمان ، قبيل دقائق من وضعه داخل الطائرة التي أقلعت من المطار بدون جثمان عزيز .
و من أعلاه ، بماذا نُفسر قيام ( عناصر مجهولة ) بإختطاف الجثة قبل أن تعيدها الى المطار ، و ما دام الخاطفون عناصر مجهولة .. كيف تم إسترجاع الجثة من الخاطفين المجهولين ، و كيف تسنى لهذه العناصر المجهولة دخول المطار و قبل ذلك مرورهم عبر حواجز التفتيش و المراقبة على الطريق المؤدي الى المطار ؟
هذه الأسئلة الكثيرة و المتداخلة ، هي صورة مختزلة عن الواقع السائد في العراق حاليا" ، و هو واقع يثير الشجون بقدر ما هو يعكس صورة متردية و تمثل في نفس الوقت كيانات أو دويلات قائمة بشكل أو بآخر ، حيث أن هذه الدويلات لها وجود على صعيد البنى و المؤسسات و النفوذ و السطوة ، و قبل ذلك لها قاعدة جغرافية و لوجستية على الأرض ، كما هو حاصل للدويلة الكردية في شمال العراق ، و كذلك دويلة ( داعش ) في الشمال العربي و منطقة الوسط .
ناهيك عن دويلة الميليشيات الشيعية ( الحشد الشعبي ) ، و هذه الدويلة متحركة النفوذ و الجغرافيا ، بل هي إختطفت نفوذ و هيبة الحكومة ، بيد أن مشكلة هذه الدويلة التي تهيمن عليها عشرات الميليشيات المتوالدة من التبني و الدعم الإيرانيين ، تتمثل في تعدد زعمائها الأساسيين و الثانويين ، مع إختلاف أمزجتهم الشخصية و حساباتهم الطائفية في هذا الجانب أو ذاك ، كما حصل في عملية إختطاف جثة طارق عزيز من مطار بغداد ، و من ثم إعادتها للمطار ، حيث أن زعيما" ثانويا" لإحدى الميليشيات هو من أوعز بعملية الإختطاف قبل أن يقوم زعيم هذه الميليشيا بإعادتها ، بعدما إتصلت به أوساط حكومية ، طالبة منه التدخل و ( إطلاق سراح ) الجثة ! .
و تأتي في هذا الإطار ( ميليشيات العشائر ) التي باتت لكل ميليشيا دويلة في جنوب العراق ، و قد أحدث تناحر الميليشيات العشائرية في البصرة في الفترة الأخيرة ، الى إحداث أضرار مؤثرة في منشآت نفطية و كهربائية ، حتى إن إحدى الميليشيات العشائرية في البصرة ، إستولت على محطة كبيرة لتوليد الطاقة الكهربائية ، كما أعاد هذا التناحر العشائري الى الواجهة ( سبي النساء ) عندما طلبت إحدى العشائر من عشيرة أخرى ، تعويضا" يتكوّن من 40 إمرأة ، في مقابل إنهاء الخصومة بينهما ! .
هذا و قد اثارت تصريحات قاسم الأعرجي رئيس كتلة بدر ( فيلق بدر ) النيابية ، ضجة في مواقع التواصل الإجتماعي ، عندما طالب الأعرجي من خلال برنامج تلفازي ، إقامة تمثال في العراق للجنرال قاسم سليماني قائد فرقة القدس التابعة للحرس الثوري الإيراني للعمليات الخارجية ، زاعما" إنه ( رجل يقدم الكثير للعراقيين ) ، الأمر الذي أدى الى مطالبة الكثيرين من مستخدمي هذه المواقع ، الى إقامة تمثال للشاب الشهيد عثمان العبيدي ، الذي قام بإنقاذ الكثيرين من زوار الإمام الكاظم عندما سقطوا أو رموا أنفسهم من ( جسر الأئمة ) الى نهر دجلة في عام 2005 ، على أثر ترويج إشاعة من أن هناك من يحمل حزاما" ناسفا" و سيقوم بتفجيره في وسطهم ، و قد إتضح زيف و كذب هذه الإشاعة التي جعلت الشاب عثمان العبيدي يهرع الى النهر محاولا" إنقاذ الغرقى ، حيث أفلح في إنقاذ الكثيرين ، لكنه دفع حياته ثمنا" لهذا العمل البطولي و الإنساني ، عندما أُجهد في عمله هذا ، كما أن الكثيرين من الغرقى تشبثوا به و أغرقوه معهم ! .
المراقبون و المحللون في المشهد العراقي ، راحوا يستغربون من تصريحات رئيس الوزراء حيدر العبادي في هذا الوقت ، و هي تصريحات متوترة و متشنجة لا تلامس الحقائق و الوقائع ، بل إنها بدت إستفزازية للجمهور العراقي ، حتى أن المحللين أخذوا يقاربون بينها و بين تصريحات سلفه نوري المالكي التي سبقت عزله عن منصبه ، و هم في هذا الجانب عادوا الى تصريحه الشهير الذي أدلى به قبل يوم واحد من سقوط مدينة الرمادي مركز محافظة الأنبار .
في ذلك اليوم كان ( داعش ) يسيطر على بعض من أجزاء مدينة الرمادي ، و قد خرج العبادي من على محطات التلفزة العراقية في تصريح ( كرنفالي ) قال فيه ، ( أن الساعات القادمة ستشهد بشرى تطهير مدينة الرمادي من عصابات داعش ) ، بيد أن هذه الساعات الموعودة ، جرت رياحها على عكس ما تشتهي ( سفن العبادي ) ، عندما شهدت سقوط هذه المدينة بأكملها بيد هذا التنظيم الإرهابي .
يوم السيت المنصرم و المصادف 12 / 6 / 2015 ، خرج العبادي بتصريحات مليئة بالتشنج و الخيال و التهديد من على شاكلة ، ( بدأنا بالتخطيط لمرحلة ما بعد طرد داعش من العراق .. العراق سيحسم المعركة قريبا" إذا تلقينا دعما" دوليا" .. من يصف الحشد الشعبي بالشيعي مخطىء و ظالم .. لا يقاتل على أرض العراق غير العراقي ) ! .
و كي نفّند بما ورد في تصريحات العبادي الآنفة ، نحيله الى إعلان لجنة الأمن و الدفاع النيابية بخصوص ( لا يقاتل على أرض العراق غير العراقي ) ، الذي صرح به مقرر اللجنة شاخوان عبدالله الذي قال في الفترة الأخيرة ، أن لدى اللجنة العديد من الوثائق التي تؤكد وجود 30 ألف عسكري إيراني في العراق ، و أضاف هؤلاء موجودون بشكل غير قانوني في العراق .
علما" أن مصادر حكومة العبادي قالت في وقت سابق ، أن الموجودين متطوعون إيرانيون و ليسوا عسكريين نظاميين !
و هذا يعني ان العبادي بتصريحه الأخير ، ناقض حتى ما ذكرته مصادر حكومته ، و أن تسميته ( الجيش الفضائي ) التي أطلقها على الجيش العراقي ، راحت أيضا" تنطبق على تصريحاته هو الآخر ، بعدما أصبحت : تصريحات فضائية ! .
بين الواقع و المجهول !
عبدالزهرة الركابي
أكدت عملية إختطاف جثة طارق عزيز وزير الخارجية في النظام العراقي السابق من مطار بغداد ، و هي في طريقها الى العاصمة الأردنية عمان ، كي توارى الثرى هناك ، أن العراق كدولة ليس له واقع حقيقي على صُعد الأمن و السيادة و الهيبة ، ما عدا رسمه المطبوع على الخريطة .
و كان إعلاميون عراقيون متواجدين في المطار يوم الخميس 11 / 6 / 2015 ذكروا ، إن مجموعة مسلحة اختطفت جثمان نائب رئيس الوزراء العراقي الأسبق طارق عزيز قبيل نقله الخميس على متن طائرة تابعة للخطوط الملكية الأردنية إلى عمان ، و أضافوا أن سيارات رباعية الدفع كان يستقلها مسلحون مجهولو الهوية وصلت إلى مطار بغداد الدولي ، و تحفظت على الجثمان ، قبيل دقائق من وضعه داخل الطائرة التي أقلعت من المطار بدون جثمان عزيز .
و من أعلاه ، بماذا نُفسر قيام ( عناصر مجهولة ) بإختطاف الجثة قبل أن تعيدها الى المطار ، و ما دام الخاطفون عناصر مجهولة .. كيف تم إسترجاع الجثة من الخاطفين المجهولين ، و كيف تسنى لهذه العناصر المجهولة دخول المطار و قبل ذلك مرورهم عبر حواجز التفتيش و المراقبة على الطريق المؤدي الى المطار ؟
هذه الأسئلة الكثيرة و المتداخلة ، هي صورة مختزلة عن الواقع السائد في العراق حاليا" ، و هو واقع يثير الشجون بقدر ما هو يعكس صورة متردية و تمثل في نفس الوقت كيانات أو دويلات قائمة بشكل أو بآخر ، حيث أن هذه الدويلات لها وجود على صعيد البنى و المؤسسات و النفوذ و السطوة ، و قبل ذلك لها قاعدة جغرافية و لوجستية على الأرض ، كما هو حاصل للدويلة الكردية في شمال العراق ، و كذلك دويلة ( داعش ) في الشمال العربي و منطقة الوسط .
ناهيك عن دويلة الميليشيات الشيعية ( الحشد الشعبي ) ، و هذه الدويلة متحركة النفوذ و الجغرافيا ، بل هي إختطفت نفوذ و هيبة الحكومة ، بيد أن مشكلة هذه الدويلة التي تهيمن عليها عشرات الميليشيات المتوالدة من التبني و الدعم الإيرانيين ، تتمثل في تعدد زعمائها الأساسيين و الثانويين ، مع إختلاف أمزجتهم الشخصية و حساباتهم الطائفية في هذا الجانب أو ذاك ، كما حصل في عملية إختطاف جثة طارق عزيز من مطار بغداد ، و من ثم إعادتها للمطار ، حيث أن زعيما" ثانويا" لإحدى الميليشيات هو من أوعز بعملية الإختطاف قبل أن يقوم زعيم هذه الميليشيا بإعادتها ، بعدما إتصلت به أوساط حكومية ، طالبة منه التدخل و ( إطلاق سراح ) الجثة ! .
و تأتي في هذا الإطار ( ميليشيات العشائر ) التي باتت لكل ميليشيا دويلة في جنوب العراق ، و قد أحدث تناحر الميليشيات العشائرية في البصرة في الفترة الأخيرة ، الى إحداث أضرار مؤثرة في منشآت نفطية و كهربائية ، حتى إن إحدى الميليشيات العشائرية في البصرة ، إستولت على محطة كبيرة لتوليد الطاقة الكهربائية ، كما أعاد هذا التناحر العشائري الى الواجهة ( سبي النساء ) عندما طلبت إحدى العشائر من عشيرة أخرى ، تعويضا" يتكوّن من 40 إمرأة ، في مقابل إنهاء الخصومة بينهما ! .
هذا و قد اثارت تصريحات قاسم الأعرجي رئيس كتلة بدر ( فيلق بدر ) النيابية ، ضجة في مواقع التواصل الإجتماعي ، عندما طالب الأعرجي من خلال برنامج تلفازي ، إقامة تمثال في العراق للجنرال قاسم سليماني قائد فرقة القدس التابعة للحرس الثوري الإيراني للعمليات الخارجية ، زاعما" إنه ( رجل يقدم الكثير للعراقيين ) ، الأمر الذي أدى الى مطالبة الكثيرين من مستخدمي هذه المواقع ، الى إقامة تمثال للشاب الشهيد عثمان العبيدي ، الذي قام بإنقاذ الكثيرين من زوار الإمام الكاظم عندما سقطوا أو رموا أنفسهم من ( جسر الأئمة ) الى نهر دجلة في عام 2005 ، على أثر ترويج إشاعة من أن هناك من يحمل حزاما" ناسفا" و سيقوم بتفجيره في وسطهم ، و قد إتضح زيف و كذب هذه الإشاعة التي جعلت الشاب عثمان العبيدي يهرع الى النهر محاولا" إنقاذ الغرقى ، حيث أفلح في إنقاذ الكثيرين ، لكنه دفع حياته ثمنا" لهذا العمل البطولي و الإنساني ، عندما أُجهد في عمله هذا ، كما أن الكثيرين من الغرقى تشبثوا به و أغرقوه معهم ! .
المراقبون و المحللون في المشهد العراقي ، راحوا يستغربون من تصريحات رئيس الوزراء حيدر العبادي في هذا الوقت ، و هي تصريحات متوترة و متشنجة لا تلامس الحقائق و الوقائع ، بل إنها بدت إستفزازية للجمهور العراقي ، حتى أن المحللين أخذوا يقاربون بينها و بين تصريحات سلفه نوري المالكي التي سبقت عزله عن منصبه ، و هم في هذا الجانب عادوا الى تصريحه الشهير الذي أدلى به قبل يوم واحد من سقوط مدينة الرمادي مركز محافظة الأنبار .
في ذلك اليوم كان ( داعش ) يسيطر على بعض من أجزاء مدينة الرمادي ، و قد خرج العبادي من على محطات التلفزة العراقية في تصريح ( كرنفالي ) قال فيه ، ( أن الساعات القادمة ستشهد بشرى تطهير مدينة الرمادي من عصابات داعش ) ، بيد أن هذه الساعات الموعودة ، جرت رياحها على عكس ما تشتهي ( سفن العبادي ) ، عندما شهدت سقوط هذه المدينة بأكملها بيد هذا التنظيم الإرهابي .
يوم السيت المنصرم و المصادف 12 / 6 / 2015 ، خرج العبادي بتصريحات مليئة بالتشنج و الخيال و التهديد من على شاكلة ، ( بدأنا بالتخطيط لمرحلة ما بعد طرد داعش من العراق .. العراق سيحسم المعركة قريبا" إذا تلقينا دعما" دوليا" .. من يصف الحشد الشعبي بالشيعي مخطىء و ظالم .. لا يقاتل على أرض العراق غير العراقي ) ! .
و كي نفّند بما ورد في تصريحات العبادي الآنفة ، نحيله الى إعلان لجنة الأمن و الدفاع النيابية بخصوص ( لا يقاتل على أرض العراق غير العراقي ) ، الذي صرح به مقرر اللجنة شاخوان عبدالله الذي قال في الفترة الأخيرة ، أن لدى اللجنة العديد من الوثائق التي تؤكد وجود 30 ألف عسكري إيراني في العراق ، و أضاف هؤلاء موجودون بشكل غير قانوني في العراق .
علما" أن مصادر حكومة العبادي قالت في وقت سابق ، أن الموجودين متطوعون إيرانيون و ليسوا عسكريين نظاميين !
و هذا يعني ان العبادي بتصريحه الأخير ، ناقض حتى ما ذكرته مصادر حكومته ، و أن تسميته ( الجيش الفضائي ) التي أطلقها على الجيش العراقي ، راحت أيضا" تنطبق على تصريحاته هو الآخر ، بعدما أصبحت : تصريحات فضائية ! .