الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/25
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

البركة الجريحة بقلم:د.أنور غني الموسوي

تاريخ النشر : 2015-06-29
( البركة الجريحة )

د أنور غني الموسوي

قصيدة ثلاثية الابعاد ( قصيدة متعددة الاصوات ( بوليفونية تعبيرية )*

ظلّ انا و مرآة شاحبة ، أنثر ألمه المرّ في كلمات غريبة ، ذلك النحيل الذي تدمي الصخور ركبتيه ، لقد اعتاد السير عليهما نحو البركة الجريحة .    في الطريق تلقاه الأعمدة الحجرية القديمة ، تحدّثه عن الذين مرّوا من هناك ، و ايضا عن الارواح التي ملأت أعماق البركة بالنداء و الأغنيات الشجيّة  ، و عن صندوقها الخشبي ، الذي تخرجه كل مساء و بحبرها الاحمر تدوّن جراحها ، ما فعلته أيدي أبنائها الغالين .

لقد كان ذلك النحيل كثير الابتسام ، لا يهتّم كثيرا للنزيف اليومي من قلبه و ركبيه ، لا يريد أن يتوسّل عطف العالم الواسع  و لا كلماته الحماسية . ليتك تراه و انت تطلّ من تلك التلّة على  كذب العيون الباردة ، تقول في نفسك  : يا لشعره الأشعث ، يا لثيابه  الرثة ، ايها القارئ يا أنا ، متى ترى جراح ركبتيه و قلبه اليائس 

·                      البوليفونية  (polyphonic ) مصطلح ابتكره باختين في الادب ،  اساسا لمعالجة العمل الروائي استقاه من فن الموسيقى ،  و اساسها تعدد الاصوات المتجلية في النص .  عند التعمّق نجد ان للبوليفونية بعدين في النص ، بعد رؤيوي و بعد اسلوبي ، البعد الرؤيوي يدعو الى تحرير النص من رؤية المؤلف و سلطته فتتعدد الرؤى و الافكار و الايدولوجيات و تطرح بشكل حر و حيادي ، اما البعد الاسلوبي فيتمثل بتعدد اساليب التعبير و الشخوص  بل حتى الاجناس الادبية في النص الواحد .

من الواضح ان الفهم البوليفوني للنص يماشي عصر العولمة و ما بعد الحداثة و الدعوة الى الحريات الواسعة و الديمقراطيات الشعبية ، فيكون النص انعكاسا لهذا الجو و الفكر السائد . و قد يعتقد ان الاسلوب البوليفوني يتعارض مع التعبيرية التي تعكس الفهم العميق للمؤلف للاشياء و رؤيته المتميزة تجاه العالم ، وهذا لا يتناسب مع الحيادية الرؤيوية و تعددها ، الا انه يمكن فهم الكتابة على مستويين مستوى بنائي و مستوى قصدي ، فتكون البوليفونية و تعدد الاصوات و الرؤى في مستوى البناء ، بينما تكون رؤية المؤلف الخفية التعبيرية في مستوى القصد تتجسد بشكل عالم ايحائي و رمزي لكلمات النص و بناءاته و رؤاه و اصواته المتعددة . 

هذا و من الظاهر ان البوليفونية تحتاج الى حد ما الى السرد ، وهذا يعني انه في الشعر يكون من خصائص السردية التعبيرية لقصيدة ما بعد الحداثة ، و لا تناسب كثيرا الشعر التصويري للقصيدة الحرة .كما ان تعدد الاصوات و الرؤى  كما انه يمكن ان يتحقق بتعدد الشخوص و تعابريهم ، فانه يمكن ان يتحقق باسلوب تداخل الاصوات ، بان تطرح رؤية الغير على لسان المتكلم او ان يعطى نعت يناسب رؤية الاخر و ليس المتكلم . فمثلا في قصيد الموت و الحياة الطويلة  للدكتور انور غني الموسوي مقطع جاء فيه

( ليس لي ألا أن أحتضر . و ليس للحضارة الغالية ألا أن تسأم كل قطرة صفراء في المحيط . للشمس إشراقة تجعل الشجر قصائد ساكنة لا تعرف شيئا عن الخلود . هكذا تكذب الحضارة ، تتكاثر في أوردة غادرتها الاجراس ،تتمدد شارعا قديما ، أثلجه قلّة السائرين .)

 بينما  يكثر انور غني في تلك القصيدة  من وصف الحضارة بالميتة و الغاربة نجده يصفها هنا بالغالية ( و ليس للحضارة الغالية ألا أن تسأم كل قطرة صفراء في المحيط .)

و لا ريب ان الحضارة ليست غالية عنده و انما غالية عند الاخر ، و بهذا تجلى صوت الاخر و رؤيته بكلام المتكلم و تعبيره وها تداخل صوتي تم بشخصية واحدة .

ثم يقول

( للشمس إشراقة تجعل الشجر قصائد ساكنة لا تعرف شيئا عن الخلود .)في النظر النوعي الذي تتبناه كل ذات يحب الاشراق و النور ، و انما هذه نظرة من لا يرغب بالنور و الحرية  اي انه صوت الاخر الا انه جاء بلسان المؤلف  ، و الذي  يصرح بعد ذلك ان هذا القول هو قول الحضارة الكاذبة  و مريديها ( هكذا تكذب الحضارة )  

وهنا في نص ( البركة الجريحة ) ايضا يستخدم التداخل الصوتي في عبارة (ما فعلته أيدي أبنائها الغالين . ) اذ لا ريب ان النظرة النوعية و منها نظرة المؤلف الى هؤلاء الابناء الذين يجرحون امهم انهم قساة و خطاؤون  ، لكنه عبّر بصفة ( الغالين ) وهذا يعكس نظرة البركة الأم التي تحنّ على أولادها رغم قسوتهم و خطأهم . و كذلك في عبارة (ايها القارئ يا أنا ، متى ترى جراح ركبتيه و قلبه اليائس ؟ ) فان الذات لا ترى نفسها هكذا و انما هذا صوت الاخر النوعي الذي يلوم ( انا ) المتكلم و القارئ ، فيكون  تجلّ لرؤية الاخر بلسان المتكلم وهذا تعدد صوتي طرح بشخصية واحدة فيكون تداخلا صوتيا .
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف