الأخبار
2024/5/17
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

إرهاب الفوضى ,, وفوضى الإرهاب بقلم:عادل بن مليح الأنصاري

تاريخ النشر : 2015-06-22
إرهاب الفوضى ,, وفوضى الإرهاب بقلم:عادل بن مليح الأنصاري
إرهاب الفوضى ,, وفوضى الإرهاب
لعادل بن مليح الأنصاري

فوضى الإرهاب تجتاح العالم , هذه سمة أفقنا عليها حديثا لتصبح أخبارها روتينا يوميا نتعايش معه وكأنه أمر حتمي لا فكاك منه , ربما ساهمت ثورة الاتصالات وسرعة نقل الأحداث وتطور قنوات التواصل ونقل الأخبار بدءا من القنوات الفضائية وحتى أصغر جهاز كفي يعبث به مراهق هنا وهناك , ولم تعد الأرض سترا وغطاء لأحد فالأقمار الصناعية تجوب الفضاء بالآلاف لتنقل للمتلقي كل صغيرة وكبيرة تتحرك في رقعة من هذه الأرض المذهولة لما يحدث فوق أديمها من تقلبات تاريخية خلال عقود قليلة من عمرها المديد , فقابيل عندما قتل هابيل لخلاف بينهما لم يشهد تلك الكارثة البشرية غير غراب فقط علّم هذا الإنسان العاقل المرتبط بخالقه فكرا وعملا كيف يواري سوأته التي بدأها كأول عمل إرهابي على وجه البسيطة , أما اليوم فملايين الناس تتابع صفعة شرطي لسجين داخل زنزانة مظلمة .
الإرهاب يقتل نساء وأطفالا وشيوخا ويدمر مدنا ومقدرات ويؤخر عجلة التنمية عقودا وأجيالا , تدفع ثمنه وتنزف الدماء فوق نطعه بشرا ليس لهم أي ذنب في صنع وجهه القبيح , صفقات بالمليارات تدفعها دول متخلفة , وأخرى تملك مقومات النمو لملء مخازنها بشتى أنواع آلات القتل والدمار بدل أن توجه لخلق فرص حياة جديدة لأجيال شابة تنمو وتحلم بحياة هادئة بسيطة وتكوين اسرة سعيدة , تلك الكتل الحديدية التي صنعت للدمار والقتل والفتك والتشويه والإعاقة لا تلبث بعد سنوات قليلة أن تتحول لكومة من الحديد الخردة الصدئ , ثم تدفع الملايين مرة أخرى للتخلص منها بعد أن فتكت بمن فتكت به أو بعد أن أصبحت بدائية الأداء مقابل ما ظهر من آلات الموت الجديدة الأكثر فتكا والأعلى سعرا , كل ذلك بدعوى محاربة الإرهاب أو ربما صنع الإرهاب بطرق شتى .
ربما من الحماقة ومن السذاجة ومن الغباء أن نلعن الإرهاب ومن يصنعون الإرهاب ومن يخلقون فوضى الإرهاب , بعيدا عمن خلق هذا الإرهاب عبر نشر إرهاب الفوضى , نعم إن إرهاب الفوضى هو من صنع فوضى الإرهاب .
إن التدخل في شؤون الدول من قبل دول أخرى بشتى الحجج أو لفرض توجهات أو أيدولوجيات معينة هو من قِبل إرهاب الفوضى .
إن خلق الصراعات وخلق الطائفية هو من قِبل إرهاب الفوضى .
إن تقوية دولة لمواجهة دولة أخرى هو من قِبل إرهاب الفوضى .
إن تسليح معسكر في لمواجهة معسكر أخر هو من قِبل إرهاب الفوضى .
إن شراء الولاءات للتحكم في سياسات الدول والتدخل في أنظمتها هو من قِبل إرهاب الفوضى .
إن التدخل في الممارسات الدينية وطرق ممارسة الشعائر الدينية لأي جهة من قِبل جهة أخرى هو من قِبل إرهاب الفوضى .
إن إضعاف اقتصاديات والتحكم في طريقة تسييرها لرهن مصير دول بيد دول أخرى هو من قِبل إرهاب الفوضى .
إن الهيمنة العالمية وفرض سياسة شرطي العالم وتبني سياسة إدارة شؤون العالم والوصاية على الآخرين هو من قِبل إرهاب الفوضى .
إرهاب الفوضى ساهم في قتل ملايين البشر وتشريدهم , وبدد أحلام ملايين الشباب والأطفال لحياة كريمة , وأعاق عجلة التنمية عشرات السنين لشعوب ليس لها ذنب إلا أنها وقعت فريسة لإرهاب الفوضى .
أمريكا وفيتنام دولتان تقعان في طرفي العالم , بين عامي 1954م و 1973م , خسر الفيتناميين (مليون ومائة ألف قتيل , و3 ملايين جريح و 13 مليون نازح ) وخسر الأمريكان ( 57,522 قتيل , و 153,303 أسير) , الخلاف كان بين جمهورية فيتنام الديمقراطية (فيتنام الشمالية) و جمهورية فيتنام (فيتنام الجنوبية) , تلك الفوضى العارمة والتي صنعها الفرنسيين واليابان والأمريكان من أجل مشكلة تقسيم داخلية في فيتنام .
والسوفييت عاثوا فسادا وقتلا وتشريدا لمدة 10 سنوات في أفغانستان لمساعدة الحكومة الشيوعية في تلك البلاد وصنعوا فوضى مازالت أفغانستان تعاني منها حتى الآن .
وكذلك الفوضى العسكرية التي صنعها الروس في الجمهوريات السابقة عند محاولتها للانفصال عنهم .
هذه الأمثلة قليل من كثير في كيفية صناعة فوضى الإرهاب كنتيجة حتمية لإرهاب الفوضى , بل أن بعض الدول عبر التاريخ تحتل دولا بعيدة عنها بألاف الأميال وعندما يثور أبناء تلك الدول ويقومون بالدفاع عن بلادهم يصفونهم بكل صفاقة (بالإرهابيين) ! .
وإيران لتصدر ثورتها وتجبر العالم الإسلامي لمنظورها في التشيع خلقت إرهابا للفوضى في كل بقعة من العالم الإسلامي .
إرهاب الفوضى أنهى ودمر جيشان عربيان قويان , وإرهاب الفوضى حيّد ورهن جيوشا أخرى , وإرهاب الفوضى رهن مقدرات دول وسياساتها لخدمة صانعي ذلك الإرهاب .
إرهاب الفوضى أغرق العالم العربي في بحار من الدماء نزفت وما زالت تنزف والكثير منا يعرف لماذا , ونعرف من أغرقنا في تلك الفوضى .
إرهاب الفوضى أطلق مارد الطائفية الذي مازال يتمدد ويكبر ويغرقنا في فوضى الإرهاب دولة فدولة ومدينة إثر أخرى وحيا بعد حي .
إرهاب الفوضى جعلنا نطعم الآت الموت بدل أن نطعم الإنسان .
إرهاب الفوضى جعلنا نرمي أجيالا من فلذات أكبادنا في دوامات من الصراع والتكفير والأدلجة والتفجير والموت واليأس وربما الإرهاب .
نعم يا سادة , الإرهاب لم نصنعه نحن , بل صنعته أيديكم بعد أن أغرقتموا العالم في إرهاب الفوضى الذي نشرتموه في كل زمان وتحت كل سماء .
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف