الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/24
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

الكاتب التونسي لطفي الشابي : رواية "الطّلياني" ليست أفضل ما كتب في السّنوات الأخيرة

الكاتب التونسي لطفي الشابي : رواية "الطّلياني" ليست أفضل ما كتب في السّنوات الأخيرة
تاريخ النشر : 2015-06-21
الكاتب التونسي لطفي الشابي : رواية "الطّلياني" ليست أفضل ما كتب في السّنوات الأخيرة

حاوره حاتم النقاطي

تشهد الرواية التونسية في السنوات الأخيرة تطورا في مستوى أشكال ومضامين كتابتها وهو ما أدى مؤخرا إلى تتويجها بجائزة البوكار العربية  والتي كانت من نصيب الكاتب الجامعي التونسي شكري المبخوت .ولعل هذا الفوز هو صورة لساحة تونسية زاخرة بالعطاء الثقافي والفكري و هو ما يتطلب منا الحفر في وقائعها   ولذلك كان توجهنا إلى محاورة  روائي تونسي جريء صدرت له  رواية أولى  " ما لم يقله الشّاعر" سنة 2009  ثمّ مجموعة شّعريّة أولى " واقفون هنا و المدى واقف" سنة 2011 و رواية ثانية " المائت " سنة 2013 ، هو صوت يتميز بالصراحة فهو  يتحدث عن  الوجود من غير ستائر .

لطفي الشابي شاعر وروائي تونسي يتحرك في آفاق الممكن ولكن بعقلية التجاوز إذ هو يطمح لنص آخر وواقع ثقافي تونسي  وعربي وكوني مختلف يفجر الخيال ليتوّج القارئ

و النص معا  .

س: هل هو زمن الرّواية الذي يجعلك تكتبها مجاورة للشعر أم هي لذّة التجريب ؟

ج: لا أعتقد أنّ الكاتب يختار الجنس الذّي يكتب ويتقصّد أن يكون كاتبا أوشاعرا. الكتابة حسب رأيي، واعتمادا على تجربتي حين أستعيد أطوارها ومراحلها، هي رحلة لا نعلم أين تحملنا مسالكها ولا يمكن أن نستبق نهاياتها وحدودها. لم أكن أنوي أن أنشر كتابا مهما كان جنسه، ولم أخطّط لأن أكون شاعرا أو روائيّا، ولكنّ الكتابة قدر، والقدر أراد بمكر خفيّ لا أعيه، أن أراوح بين الرّواية والشّعر. أصدرت روايتي الأولى " ما لم يقله الشّاعر" سنة 2009 ثمّ كانت مجموعتي الشّعريّة الأولى " واقفون هنا.." التّي صدرت سنة 2011، ونشرت روايتي الثّانية " المائت " سنة 2013، وأنا الآن أستعد لنشر مجموعتي الشّعريّة الثّانية " نصف قمر على ليل الحديقة" مع الاستمرار في الاشتغال على روايتي الثّالثة التّي شرعت فيها منذ أكثر من سنة. حين أتأمّل هذا النّسق الذّي ينتظم عمليّة النّشر والكتابة عندي أجده يستند إلى منطق زمنيّ دقيق وصارم لم أفكّر فيه يوما ولم أخطّط له بوعي. إنّه نظام لا واع لا أستطيع أن أبرّره إلاّ بهذا التّعالق بين الجنسين، فما يفيض عن الرّواية ويرشح من لغتها وحالاتها يسعه فضاء القصيدة، في حين تفتح الرّواية أوساعها لما يثقل على الفكر ويربك الوجدان والخاطر وتمدّ له حيّزا أنسب وأقدر على رصد التحوّلات والمواقف على نحو يتيح الإحاطة بالأسباب وتفهّم الظّواهر الاجتماعيّة والسياسيّة والنّفسيّة. ومع ذلك، لست ممّن يحبّذون الفصل بين الأجناس وإقامة الحدود بين الأشكال الفنيّة والهياكل التّعبيريّة. كلّ تصنيفات المنظّرين القديمة والجديدة سقطت، وحدها الكتابة المنفلتة من كلّ قيد خارج عنها والمتمرّدة عن كلّ ما يحدّ من آفاقها ويحاصر حركتها تبقى وتفرض قانونها وجماليتها. الإبداع يسبق النّقد دائما. وما النّقاد إلاّ قرّاء أذكياء يستنبطون من داخل النصّ ما به يكون الأدب مدعاة للإبهار ومثارا للدّهشة التّي لا حدود لطاقاتها أبدا.

س: كيف تقيّم واقع الرواية التونسية الحديثة وآفاقها؟ ومن من أسمائها تراه قادرا فعلا على الإضافة العربية والإنسانية؟

ج: تشهد الرّواية التّونسيّة منذ سنوات عديدة، وربّما منذ عقود، تطوّرا لافتا في الشّكل وفي المضمون على حدّ سواء. أقرأ الكثير من الأعمال الرّوائيّة لروائيين متميّزين وأعتقد أنّ العديد منها يستطيع أن ينافس على المستويين العربيّ والكونيّ لو أتيح له الانتشار. هناك أصوات روائيّة شابّة تبهرني، وأرى أنّها تستفيد بشكل جيّد من اطّلاعها المستمرّ على آخر ما ينشر عالميّا من أعمال سرديّة. ولست أحبّ أن أذكر أسماء معيّنة، ولكنّي على مثل اليقين من أنّ الرّواية التّونسيّة تعيش أفضل أطوارها، وهي ما تنفكّ تتطوّر من حيث الكمّ ومن حيث الحرص على التّجديد في الشّكل وخاصّة في الانفتاح على مطلق المشاغل الإنسانيّة والنّفاذ إلى جواهر القضايا التّي تشغل العالم وتحرّك كلّ أسئلة الكتابة.

س: وعربيا من تراه الأقدر من الروائيين لخلق اهتمام بما يكتب لينقل نصه للعالمية؟

ج: إنّ الحكم على الرّواية العربيّة لا يختلف كثيرا عن الموقف من الرّواية التّونسيّة. فالعالم العربيّ يعيش منذ أكثر من عقدين تحوّلات سياسيّة واقتصاديّة واجتماعيّة تزداد عنفا وإرباكا لوعي المثقّف والمبدع من سنة إلى أخرى. وهذا المصير الواحد يخلق في وجدان المثقّف العربيّ نفس المخاوف تقريبا، ونفس الحالات التّي تحرّك عمليّة الإبداع وتوجّه الكتابة. في العالم العربيّ أصوات روائيّة جديدة متمرّدة على الأشكال القديمة وعلى المضامين التّي تجاوزتها الوقائع والأحداث. الرّواية العربيّة الحديثة، والتّونسيّة كذلك، هي مرآة لمشاغل الإنسان العربيّ وهذا من أهمّ ما يمنحها شرعيّة حضورها وانتشارها. يكفي أن نلقي نظرة على الرّواية السّعوديّة أو السّودانيّة أو الأردنيّة والمصريّة والمغربيّة أيضا، حتّى نتبيّن بجلاء أنّنا فعلا أمام زمن الرّواية العربيّة بامتياز. ولعلّ ما يتميّز به الرّوائيون العرب مقارنة بالتّونسيين، هو حركة النّشر والتّوزيع العربيّة المتطوّرة التّي تساعد كثيرا على انتشار الأعمال العربيّة وتيسير رواجها عربيّا وعالميّا.

س: استطاعت الرواية التونسية بفوز شكري المبخوت بجائزة البوكر عن روايته الطلياني  أن تنافس كبار كتّابها العرب. حسب تأويلك كروائي ما الذي أهّلها لتكون كذلك؟

ج: لا أشاطر الكثيرين هذا الطّرح. فالرّواية التّونسيّة ليست مدينة لرواية المبخوت، شكري المبخوت جزء من مشهد أدبيّ تونسي يتطوّر باستمرار، ولا شكّ انّه أفاد كثيرا من اختصاصه النّقديّ وجعله على معرفة دقيقة بواقع الرّواية التّونسيّة والعربيّة. أنا ممّن سعدوا بتتويج رواية الطلّياني لأنّه فتح مجال الاهتمام محلّيا بالكتاب التونسيّ، ولكنّي لست ممّن يندفع في المديح العشوائيّ الذي يخدع الكاتب ويلهيه عن النّظر بموضوعيّة في منجزه. قرأت رواية الطّلياني فوجدت أنّها ليست أفضل ما كتب في السّنوات الأخيرة، هي رواية شبيهة في مضمونها بالعديد من الرّوايات التّي صدرت بعد الثّورة، ولعلّ بعض هذه الرّوايات يتفوّق عليها من حيث البناء والأسلوب وحتّى من حيث الجدّة في البناء، ولكن يبدو أنّ للجان الجوائز الأدبيّة رؤية أخرى لم يتبيّن بعض المتابعين للمشهد الأدبيّ العربيّ ملامحها بعد. أقرأ من حين لآخر بعض المقالات النّقديّة الموضوعيّة التّي أرجو أن ينتبه إليها نقّادنا وخاصّة الأستاذ شكري المبخوت، لأنّي ممّن يؤمنون بأهميّة النّقد في تطوير الكتابة وتجويدها.

س- بوجه عام  هل ترى أن الجوائز الأدبية  في هذا الوطن الصغير كالكبير صدى جديد للوبيات السياسة والاقتصاد التي تخلط دائما أوراق أحكامها لتجعل من الإبداعي إحدى هذه الأدوات التي تعبر من خلالها على رهاناتها الخفية والمعلنة؟

ج: صيغة السّؤال تتحتوي على الإجابة. كلّ المتابعين للمشهد الأدبيّ الوطنيّ والعربيّ تقريبا يلاحظون أنّ الجوائز الأدبيّة تخضع إلى قرارات خارجة عن دائرة الإبداع ومقاييسه الموضوعيّة. هناك لوبيّات سياسيّة اليوم توزّع صكوك الاعتراف بأدبيّة لا نجد أحيانا أثرا لها في النصّ. وهناك جوائز تمنح لكتّاب كبار يكاد حضورهم يطغى على المشهد الأدبيّ ويطمس كلّ حضور جديد وإن كان يحمل ملامح تجربة متجاوزة طريفة. لا أحد اليوم تخفى عليه الدّوافع والغايات. ويكفي أن تلاحظ هذا التّنافس بين دولتين عربيّتين تمثّل كلّ واحدة منهما مشروعا سياسيّا إقليميّا وعربيّا ودوليّا حتّى تفهم ما يدور في الكواليس وكيف تُدار اللّعبة من وراء الحجب التّي لاتحجب.

س: شكّك عدد من المثقفين المشارقة خاصة في أهليّة فوز الكاتب شكري المبخوت بجائزة البوكر الأخيرة  فهل ترى أنت  كروائي تونسي  في ذلك ريادة مزعومة ووصاية للشرق العربي على مغربه؟

ج: قرأت بعض المواقف المشكّكة في جدارة فوز الطّلياني بالبوكر، ولم أبحث في هذه الأصوات إلاّ عن الدّوافع الموضوعيّة والمواقف النّقديّة التّي تحاول أن تكون موضوعيّة وتقدّم قراءة نقديّة رصينة. ولكنّ بعض النّصوص عكست تحاملا غير مقنع لأنّها تصدر عن خلفيّة ذاتيّة موغلة في الدّفاع عن هذه الوصاية الشّرقيّة المتهافتة على المغرب العربيّ الذّي برهن منذ عقود على تفوّقه الأدبيّ والإبداعيّ في مجالات فنيّة كثيرة. هناك نصوص مشرقيّة فازت قبل الطّلياني بالبوكر ولكنّها لم تكن تستحقّ هذا التّتويج ولم نسمع من احتجّ على ذلك لا من الشّرق ولا من المغرب. يبقى الموقف من الجوائز الأدبيّة ملتبسا وغائما.

س: يرى عدد من المثقفين أن الحكومات المتعاقبة على الحكم بعد الثورة التونسية أهملت الثقافي على حساب السياسي فما تراه ممكنا لبناء رؤية جديدة للثقافي والإبداعي في تونس الجديدة؟

ج: أوّلا أنا لا أرى " تونس الجديدة " هذه التّي يتحدّث عنها البعض إلاّ في مجالات محدودة أظنّ أنّها بدأت تفقد جدّتها أيضا. ثانيا، أشاطر رأي من يقول بتهميش الحكومات المتعاقبة على الحكم المجال الثّقافيّ، وأعتقد أنّ الكثير من الفوضى التّي نشاهدها الآن وعدم وضوح الرّؤية والتخبّط الذي تشهده البلاد إنّما يعود إلى الاستخفاف بهذا البعد الحيويّ. لا معنى لثورة لا تشمل الجانب الثّقافي والتّربويّ. لا بدّ من مراجعة اختيارات الدّولة وتغيير منظومة التّربية بإيلاء الجانب التّثقيفيّ والفنيّ أهميّة أكبر في مناهج التّعليم. أنا ممّن يتحمّسون منذ سنوات لإدماج وزارة الثّقافة في وزارة التّربية، هكذا في رأيي نبنى جيلا جديدا ونؤسّس لمجتمع أكثر توازنا أوسع آفاقا وأقدر على الاندماج في المشهد الإنسانيّ الجديد المستند إلى القيم الكونيّة التّي تضمن غدا إنسانيّا أفضل وأكثر رخاءً واستقرارا.

س: من تراه يقف وراء أزمة الكتابة التونسية إن وجدت؟ هل هي أزمة نصّ أم أزمة ناقد أم أزمة جمهور؟

ج: تونس لا تعيش أزمة كتابة، بل تعرف أزمة نشر وأزمة نقد. مشكلة الكتاب في تونس تعود إلى غياب خطّة واضحة تنظّم عمليّة النّشر وتهتمّ خاصّة بكلّ ما يساعد على التّعريف بالكتاب حتّى يصل إلى الجمهور الذّي تزداد الهوّة الفاصلة بينه وبين الكتاب من سنة إلى أخرى. النقّاد كذلك يتحمّلون قسطا كبيرا من تردّي وضع الكتاب، فالنّقاد عندنا لا يهتمّون بالقدر لكافي بالنّصوص ولا يسعون إلى الاشتغال على ما يصدر منها والتّعريف بها. الحركة النّقديّة عندنا ( هناك استثناءات قليلة غير فاعلة ) محكومة بأمرين في الغالب: الإخوانيّة المجامِلة، والنّفعيّة وتبادل المصالح. على النّقاد أن يعوا أهميّة الدّور المناط بعهدتهم، وهو دور لا يقلّ أهميّة عن دور المبدع، كلاهما مطالب بالارتقاء بالكتاب التّونسيّ ولا غنى لأحدهما عن الآخر.

س:  ما الذي تسعى إليه في كتاباتك بتوجهك الى  نشر ورقيّ ما بين الشعر والرواية وما تراك فاعلا زمن عولمة حولت القراءة إلى أداة إلكترونيه وافتراضية؟

ج: لا أعتقد أنّه يمكن الاستغناء عن الكتاب الورقيّ مهما تطوّرت حركة النّشر الإلكترونيّ أو الافتراضيّ. قد يتحوّل هذا الفضاء الافتراضيّ إلى عنصر مساعد على التّعريف بالكتاب والدّعاية له، ولكنّه لا يمكن بأيّة حال من الأحوال أن يستوي بديلا عن الكتاب الورقيّ. لهذا أصرّ على النّشر رغم الصّعوبات الماديّة ورغم عسر عمليّة التّرويج والتّوزيع في زمن يشهد زهدا متناميا في الكتاب وفي القراءة. أحلم بمشروع وطنيّ يدعم النّشر ويولي أهميّة للكتّاب ويساعد على تقريب الكتاب من النّاشئة. أحلم بأن تهتمّ وزارة الثّقافة والتّعليم بالكتاب التّونسيّ وتقدّم تسهيلات للنّاشرين ودعما أكبر للمبدعين. أحلم بأن تعرض الكتب على لجان محكّمة تأذن بأن يُطبع من كلّ كتاب جدير بالقراءة آلاف النّسخ توزّع في المدارس وفي المعاهد وفي الإدارات العموميّة. هذا مشروع وطنيّ لا يقلّ أهميّة عن سائر المشاريع الوطنيّة الأخرى المهتمّة بالأمن القوميّ.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف