الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/25
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

فلاسفة الواقعية والهروب من المسؤولية بقلم:غادة طقاطقة ‬

تاريخ النشر : 2015-05-30
يبدو أن من يرتكبون المفاسد بأنواعها، والجرائم بأوحش صورها وأشكالها، ومن يبيعون ويشترون بدماء الناس ومستقبلهم وأملاكهم وأعراضهم، وكذلك بالأوطان والقيم والأخلاق والأديان، وبكل شيء يمكنهم بيعه وشراءه، ورده منفعة لأنفسهم، أو درجة يرتفعون فوق الناس بارتقائها.. ويفعلون كل ما يستطيعون فعله، من دون رادع من أي نوع.. باسم السياسة والعدالة والحرية والسيادة ، وباسم الله والأديان والإنسان.. ويتمكنون من التملص من المسؤولية عن جرائمهم وأفعالهم.. يبدو أنهم يجدون ربيعهم الذي ليس كمثله ربيع، في هذا الزمن الوضيع، زمن قتل الإنسانية في الإنسان.. حيث لا يكتفون بتزوير الوقائع والحقائق، وتشويه القيم والأحكام الأخلاقية، والتفسيرات العقائدية والقانونية، ولا بالانحلال والنهب والقتل والإرهاب، وتعذيب الناس وتشريدهم وإرهابهم واستعبادهم، وجعلهم أشلاءً في قوارب الموت، أو في السجون، أو في المنافي ومعسكرات الذل والعار والموت، أو في ساحات الحرب المهلكة، والفتن المنهِكة.. بل يذهب بهم الغلو والغرور والشر والتيه والغي والبغي إلى حدود اعتبار ما يقطفونه من "ثمار الأنفس والبلدان"، ومن ممارسة أفعال هي الشر المحض، التي تزينها لهم أتفسهم بكل أنواع الزينة.. هي شطارة العباقرة، وقدرة الأفذاذ، وحق "العلية؟" على " السفلة؟"، فيرون أنفسهم أبطالاً في مناقع البؤس والدم وحرائق الأوطان، ودمار الحضارة، واستباحة الناس، والاستهانة بالحياة والحقو ق، وبكل ما يسمى حيوات وحقوقاً وحريات للإنسان. وسأقارب بعض ما يتصل بهذا الفساد النفسي والروحي، عبر واقعية مضت إلى الطبيعية، من خلال نص للألماني هاوبتمان ،وهو شاعر ومسرحي، وروائي حصل على جائزة نوبل في الآداب لعام 1912. ولد عام 1862 في مقاطعة (شيليزيا) في شرقي ألمانيا، وعاشر العمال والبؤساء، وارتبط بهم، وتبنى مشكلاتهم، وكان كغيره من كتاب القرن التاسع عشر، متأثراً بالنزعة الطبيعية، فأظهر كل ذلك في مسرحه.
وخاصة مسرحية معطف الفراء مسرحية جيدة محكمة البناء، وتتمتع بروح نقدي ساخر، يتبدَّى من خلال حوار رشيق، معبّرٍ عن الشخصيات وسلوكها ونفسياتها. وفي هذا النص يبين هاوبتمان وجهة نظره القائلة: بأنه من الممكن أن يخفي بعض المجرمين أنفسهم، لا سيما إذا مات في أنفسهم الحس الخلقي والضمير، وإذا فسد المجتمع من حولهم. ولكنه لا يظهر حكماً أخلاقياً مباشراً على الأفعال والشخصيات، ولا ينتصر للخير على الشر بفعل أو حكم مباشر. ، كما هي حال المثاليين وسياقات أفكار كثير من الكتاب في أعمالهم التي تظهر أو تجسد حكماً أخلاقياً مثالياً أو أقرب لما ينبغي أن يكون عليه الأمر في الأدب والفن.. فهو ينطلق من نظرة كان عليها في مرحلة من مراحل تفكيره وإنتاجه، ومن رغبة في تصوير واقع وترك الحكم عليه للناس، ومن معايشة لفئات أو طبقات من الناس كان قريباً منهم، أو مخالطاً لهم في حياته، قبل أن يتحول عن المذهب الطبيعي، الذي أخذ به في مرحلة من إنتاجه، وحسب نظرة قيل إنها "تعتمد على العلم"، سادت في القرن التاسع عشر، واعتبرها كثير من الكتاب والمؤلفين، نظرة مرتبطة "بواقع العالم؟!"، وأقرب إلى الواقع والحقيقة منها إلى المثالية. وهي نظرة لخصها أتباع المذهب الطبيعي naturalismeممن مضوا شوطاً بعيداً في الواقعية أو المذهب الواقعي realisme فقالوا، بعد تأسيس الفيلسوف البريطاني توماس هوبز لما بنيت عليه الواقعية الغربية أو "الليبرالية"، بقوله: إن الشر أساسي في تكوين الإنسان، والخير
طارئ بفعل التربية والدين والمجتمع والقانون و.. و.. إلخ، وبأن:"الإنسان للإنسان ذئبٌ ضار"، وقوله: "إن الحق الطبيعي، أو العدل الطبيعي justice naturelمعناه: حرية كل واحد في العمل بكامل قوته، وكما يحلو له، من أجل الحفاظ على طبيعته الخاصة، وبعبارة أخرى على حياته الخاصة، وبالتالي القيام بكل ما يبدو له، حسب تقديره الخاص وعقله الخاص، أنه أنسب وسيلة لتحقيق هذا الغرض.". وهذا يصب في نظرته القائلة بـ "التفسير الحر للقانون الذي يمنح الناس حرية فعل ما لم ينص القانون على تجريمه صراحةً.".. وقد ذهب الطبيعيون إلى حد القول بعدم التجريم وبعدم المسؤولية، ذلك لأن الخير والشر، بنظرهم، هما إفراز داخلي، ذاتي، في النفس البشرية، أو هما نتيجة تفاعل عوامل ومكونات فيها، يشبه التفاعل في المعادلات الكيمياوية. فحين نضع في طرف معادلة ما بعض المواد فإننا تستنتج، علمياً، ما سينتج في الطرف الثاني من المعادلة. وهذا المبدأ أو المذهب، الذي جاء نتيجة إيغال في الواقعية ومجاوزتها إلى الطبيعية، والنفوذ منها إلى المذهب الطبيعي، الذي كان من أتباعه أو المبشرين به الفرنسي إيميل زولا، يؤدي في نهاية الاستنتاج إلى عدم تحميل البشر مسؤولية أخلاقية عن أفعالهم، لأن واقع المجتمع :" الفقر، الظلم، السرقة، الاحتيال، الانحلال، الفساد، الخداع، والتواطؤ، و.. إلخ، عوامل مؤثرة في النفس البشرية التي تنطوي على شيئ طبائعي من الشر، ومن ثم لا يمكن أن يتحمل الشخص مسؤولية عما " فُطِرَ عليه؟!"، وما نمته البيئة والحاجة والأحوال الاجتماعية القائمة والسائدة.؟! وهذا المبدأ، يلغي الإرادة والمسؤولية الأخلاقية من جهة، ويبرئ، أو يكاد يبرئ، مرتكبَ الأخطاء والخطايا والجرائم من المسؤولية، أمام نفسه وأمام المجتمع والقانون. وهو يصب في نهاية المطاف في مجرى تسويغ كل ما يبيح كل ممارسة يتملص صاحبها من المسؤولية، أو يُساعد على ذلك.. ويحمي الفساد والإفساد والانحلال، ويضعف الأخلاق، والقيم، وما جاءت به الأديان. فهنا يلتقي القائلون بـ " الغاية تبرر الوسيلة"، بذريعة أن المجتمع فاسد، وللنفس حاجات وهي أمارة بالسوء، ولا يتحمل الفرد مسؤولية التكوين الطبيعي الذي يأتي نتيجة عوامل كثيرة منها الوراثة والتربية والبيئة و.. إلخ، ولا يتحمل مسؤولية فساد المجتمع والسياسة وغيرهما.. بل وقد يرى نفسه ضحية؟!

كتب 
غادة طقاطقة ‬
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف