الأخبار
مع بدء ترحيل السكان.. تصاعد التحذيرات الدولية من اجتياح رفحمجلس الحرب الإسرائيلي يُقرر المضي في عملية رفحطالع: تفاصيل مقترح وقف إطلاق النار الذي وافقت عليه حماسحماس تُبلغ قطر ومصر موافقتها على مقترحهم لوقف إطلاق النارممثل عشائر المحافظات الجنوبية يحذر من خطورة اجتياح الاحتلال الإسرائيلي لمدينة رفححماس: انتهاء جولة المفاوضات الحالية ووفدنا يغادر القاهرة للتشاور مع قيادة الحركةهنية يكشف أهم شروط حركة حماس للتواصل لاتفاق مع إسرائيلمقتل أربعة جنود إسرائيليين بقصف المقاومة الفلسطينية لمعبر (كرم أبو سالم) العسكريالحكومة الإسرائيلية تغلق مكتب الجزيرة تحت ذريعة أنها "قناة تحريضية"الخزانة الأمريكية : بيانات الاقتصاد تؤكد وجود تباطؤ بالتضخممسؤولون أمريكيون: التوصل إلى اتفاق نهائي بغزة قد يستغرق عدة أيام من المفاوضاتالمستشفى الأوروبي بغزة يجري عملية إنقاذ حياة لطبيب أردنيتحذيرات أممية من "حمام دم" في رفحالمقاومة الفلسطينية تكثف من قصفها لمحور (نتساريم)غارات إسرائيلية مكثفة على عدة مناطق في قطاع غزة
2024/5/11
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

سوف نجد حلاً ، أو سنصنع حلا بقلم : محمود حسونة

تاريخ النشر : 2015-05-29
سوف نجد حلاً ، أو سنصنع حلا بقلم : محمود حسونة
حنبعل أو هانيبال أي بمعنى محبوب الإله ، أحد أبناء الزعيم القرطاجي أميلكار برقا وتعني ( حملقار الصاعقة). قائد عسكري قرطاجي فذ من الفينقيين الغربيين ، صاحب العديد من التكتيكات العسكرية المميزة و الناجعة ، حتى أنّ بعض القادة العسكريين المعاصرين طبقوا تكتيكاته العسكرية رغم مرور آلاف السنين عليها !!! يقول نورمان شوارسكوف قائد قوات التحالف في الحملة التي عُرفت ب( عاصفة الصحراء ): ( تعلمت الكثير من حنبعل، حيث طبقت تكتيكاته في التخطيط لحملتي في عاصفة الصحراء !!) وصفه المؤرخون بقاهر روما ، كان الرومان إذا خشوا وقوع كارثة يقولون : ( حنبعل على أبوابنا!! ) يعتبر حنبعل واحدا من أعظم الجنرالات في العصور القديمة ، جنبا إلى جنب مع الإسكندر الأكبر ويوليوس قيصر. الكثير من قادة العصر الحديث أمثال نابليون بونابرت يعتبرون حنبعل قائداً استراتيجياً موهوباً وقد تناولت العديد من الأفلام والبرامج الوثائقية قصة حياته ، من أقواله المشهورة : ( سوف نجد حلاً ، أو سنصنع حلا ).
من أولى نظرياته وتكتيكاته العسكرية : نقل المعركة لأرض الخصم ، و الهجوم أفضل وسيلة للدفاع ، ولكي ُينفذ هانيبال هذا التكتيك ، قام بمعجزة عسكرية تاريخية ، عندما سار بجيش يضم فيلة حربية، من شبه جزيرة أيبيريا( أسبانيا و البرتغال ) إلى شمال إيطاليا عبر جبال البرانس وجبال الألب ،حيث استطاع هذا العبقري اختراق الجبال خلال 15 يوما ، كمغامر أوليمبي في رحلة قاسية ليقاتل الإمبراطورية الرومانية الطاغية في عُقر دارها ، ويحقق عدة انتصارات سريعة ومبهرة ، أشهرها الانتصار الساحق في معركة ( كاناي) العظمى ،عندما استطاع جيش حنبعل الذي يقل عن نصف جيش روما و الذي تعدى المائة ألف تحقيق انتصار ساحق بتكتيكات عسكرية بسيطة و لكنها فاعلة ، حين استدرج جيش روما شيئا فشيئا فوق سهل كاناي المكشوف ، ثم أطبق عليهم الخناق ، فوجد الرومانيون أنفسهم يقاتلون في ظروف سيئة للغاية ، كانوا منكفئين بعضهم علي بعض ، محصورين الكتف الي الكتف ، مكدسين في كتلة بشرية هائلة صماء ، بينما كان المقاتلون القرطاجيون يحومون حولهم بكامل حريتهم خفاف كالبرق ، تمعن حنبعل هذا الموج البشري المحاصر وترك قادة وحداته ينفذون خطته حرفيا في سحق هذا الجيش الضخم ، وهو يردد في نشوة وصية والده: (دع الأرض تقاتل عنك ) بمعنى أن تختار المكان الذي يهيئ لك النصر ، وتوظيف البيئة الزمانية والمكانية التي تسهّل الفوز .
بعد هذا النصر المعجزة أشار قادة الجيش وعلى رأسهم القائد العجوز صاحب الخبرة ماهربعل على حنبعل بالإسراع لمحاصرة روما نفسها ، وقال ماهر بعل موجها كلامه لحنبعل : ( اسمع لي جيدا، في خمسة أيام يستطيع الجيش أن يصل روما نفسها، سيسبقك فرساني كالبرق إليها، فيكتشف الرومانيون بحلولك بينهم من خلال هؤلاء الفرسان المردة قبل أن يعلموا بخروجك إليهم ) فرفض حنبعل هذا الرأي بالسعي لدخول روما ، وهنا لم يتمالك ماهربعل نفسه فصاح في غضب ، وقال قولته الخالدة : ( حنبعل لقد حبتك الآلهة بنعم كثيرة ، فأنت تعرف كيف تحرز النصر ، ولكنك لا تعرف كيف تستخدمه وتستغله... ) ويعقب المؤرخون فيجمعون علي أنه لو عمل حنبعل برأي القائد الفارس الأمازيغي ماهربعل لتمكن من احتلال روما وتغيير مجري التاريخ.
اختلفت آراء المؤرخين في تفسير رفض حنبعل لرأي ماهربعل في السعي لحصار روما ودخولها ، منهم من رأى أنّ جيشه لم يكن يمتلك أدوات الحصار للقضاء نهائيا على روما التي كانت حتما ستقاوم بكل عناد وقوة ضده ، ورأي آخر فسر ذلك بهيمنة امبراطورية روما الطاغية ، تلك الامبراطورية العظيمة والمهيمنة بأساطيلها وجيوشها على حوض البحر المتوسط على نفسية ذلك القائد العبقري و أنّ أقصى ما كان يريده أن يثبت لروما ، أن الشعوب أقوى من القهر، وأن إرادة الإنسان لا تردع بسهولة . ليدوّن القرطاجيون وعلى رأسهم العبقري حنبعل في سجل التاريخ هذه الملحمة البطولية ملحمة الدفاع عن الأوطان ، ملحمة الدفاع عن قرطاج ، المدينة التي ازدهرت أكثر من سبعمائة سنة ، وامتد نفوذها إلى مناطق كثيرة ، جزرا وبحارا ، وكانت ثرية في السلاح والأساطيل والفيلة والمال ، مثل الامبراطوريات العظمي ، بل فاقتها في الإقدام والشجاعة الفائقة .
استنفرت الامبراطورية الرومانية كل قواها العسكرية و الاقتصادية لمواجهة جيش حنبعل ، وكان حنبعل قد أعطاها الفرصة لالتقاط أنفاسها بعد سلسلة الهزائم المدوية التي لحقت بها ، وقد كان لها ما أرادت ، بفضل تصميم القيادة الرومانية ونظامهم العبقري في التحالفات والمعاهدات مع شعوب الرعية ، فبعد سلسلة مشاكل واجهها جيش حنبعل منها مصادر تمويل جيشه و الامداد اللوجستي ، درس وبتمعن القائد الروماني سكيبيو تكتيكات حنبعل العسكرية ، ونجح في افشالها والحد منها و تطوير خطط أكثر منها مرونة ، وبذلك تمكن من إيقاع الهزيمة بجيش حنبعل في معركة زامة ، لكن المعضلة الرئيسة التي واجهت القائد القرطاجي و أسهمت في هزيمته ، كانت مصادر تمويل جيشه ، كان بإمكان حنبعل تحطيم إمبراطورية روما لكن نقص الإرادة و الموارد حال دون ذلك .
بكى القائد الروماني بتأثر وهو يرى تدمير مدينة قرطاج بعد حصار دام ثلاث سنوات وقال : ( هذه لحظة عظيمة إنّ الخوف يتملكني من أن نفس المصير سيكون لوطني في يوم من الأيام )
عند دخول قرطاج قتل الجيش الروماني كل رجال المدينة وباع النساء والأطفال في سوق الرقيق , ومحقوا المدينة ، وبذلك انتهى وجود المدينة التي كانت تسمى قرطاجة عاصمة امبراطورية الفينيقين الغربية.
إنّ الأفراد والأمم والإمبراطوريات نهايتها محتومة ، انتهى حنبعل وانتهت قرطاج ، وزالت امبراطورية روما وزالت قبلها وبعدها امبراطوريات ، ولكن التاريخ سجّل لحنبعل ولمدينته قرطاج سجلا ناصعا بالبطولة ومقاومة الطغيان ملحمة الدفاع عن الأوطان ، سجل يفتخر به كل إنسان يعشق وطنه .
يقول هكتور في الياذة هوميروس: (سيأتي اليوم الذي تسقط فيه طروادة المقدسة ، وكذلك الملك بريام وجميع رجاله المسلحين معه)

بقلم : محمود حسونة ( أبو فيصل )
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف