الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/26
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

الديمقراطية في الجزائر بقلم:جلال سلمي

تاريخ النشر : 2015-05-29
الديمقراطية في الجزائر بقلم:جلال سلمي
الديمقراطية في الجزائر
1
قبل حوالي عقدين من الزمن وبالتحديد في تاريخ 11 يناير 1992 ألقي التلفزيون الجزائري الرسمي علي مسامعنا خبر إعلان الإنقلاب العسكري علي العملية الديمقراطية والشرعية في البلاد. ومن ذلك اليوم إلي يومنا هذا مازالت العملية الديموقراطية الحقيقية في الجزائر معطلة وغير فعالة؛ فالحاكم الفعلي إلي غاية الأن هو الجيش والإنتخاباتالتي تحدث كل فترة زمنية ماهي إلا مسرحية شكلية لتمثيل الديمقراطية الساخرة بأبطال جميعهم جنرالات عسكرية مخضرمة وخادمة للجهاز العسكري بكل إتقان وإخلاص، مثل عبدالمالك بن حبيلس ومحمد بوضياف وعلي حسين كافي واليمين زروال وأخيراً المُلقي علي كرسي متحرك عبدالعزيز بوتفليقة. حاول الشعب الجزائري مقاومة الإنقلاب في أيامه الأولي ولكن الجيش لم يرحم المنتفضين ضده حيث إرتكب ضدهم المجازر الفظيعة والدامية مثل مجزرة سيدي الكبير والرمكة وطلحة وغيرها الكثير، وقتل منهم أعداد كبيرة وصل تقديرها إلي أكثر من 200 ألف قتيلاً. الأمر الذيجعل الشعب الجزائري المنتفض يستسلم للعسكر ويقبل بهم كمشرعين ومديرين للبلاد.
2
ومع إنطلاق لهيب الربيع العربي تشجعت ثلة من الشعب الجزائري من جديد لتطالب بالإصلاح والتغيير، ولأن لهيب الثورة في حينها كان مشتعل وبشدة في عدة بلدان مجاورة ومماثلة في الحال سارع الرئيس بوتفليقة ممثل الجيش بالإنابة إلي سن بعض القوانين لتهدئة الشارع، من أهمها رفع حالة الطوارئ المفروضة منذ عام 1992 ومراجعة قانون الإنتخابات وإعطاء فرصة أكبر لجميع الأحزاب السياسية للمشاركة في الإنتخابات البرلمانية وفتح أبواب أوسع لضمان حرية أكبر للصحافة والإعلام. كان يمكن لهذه الإصلاحات أن تستمر وتأخذ مجري أكبر وأوسع لولا إنقضاض بعض الدول الملكية علي الربيع العربي ودعم الثورات المضادة وإشعال الفتن والإقتتال الداخلي في كثير من دول الربيع العربي الأمر الذي أرهب الثلة الجزائرية الثائرة وجعلها تتراجع وتقبل بواقع الحال بدلا من الفتن والضياع في مستنقع الإقتتال الداخلي.
3
من هذا الملخص نستطيع الإستنتاج أنه لا سبيل للتحركات الثورية الميدانية في حل عسرة الديمقراطية في الجزائر إذاً ما البديل؟ نستطيع عرض طرح نظري وتطبيقي لوضع الجزائر، هذا الطرح النظري تحول إلي تطبيقي في تركيا بعدما ذاقت الكثير من ويلات الإنقلابات العسكرية المعرقلة للعملية الديمقراطية الشرعية. صاحب نظرية
الطرح  هو المفكر السياسي الإيطالي أنتونيا غرامشي؛ يوضح غرامشي  صاحب نظرية الهيمنة أو السيطرة الإجتماعية، في نظريته هذه أن أساليب السيطرة السياسية  تتفرع إلي الأسلوب الأمني الخشن وإلي الأسلوب الفكري الناعم المعتمد علي تكوين حاضنة شعبية عن طريق عدة أدوات ناعمة مثل الإقتصاد والثقافة والتعليم ووسائل الإعلام والمؤوسسات التابعة للدولة والمؤوسسات المجتعية المدنية، وفي هذا الخصوص يؤكد غرامشي علي نجاعة الأساليب الناعمة المعتمدة علي إقناع العامة عن طريق أساليب الترغيب والإرضاء، حيث يؤكد أنه إذا  إنضمت العامة، التي ستكون صاحبة دور كبير في المؤوسسات الحقوقية والإقتصادية والسياسية والثقافية الحكومية والدولية والمدنية، إلي فكرة معينة وتبنتها بطريقة ناعمة وترغيبية فإن هذه العامة ستبقي متبنية لهذه الفكرة ومدافعة عنها مهما كلف الأمر. ويسمي غرامشي أسلوب الإقناع الناعم الناجح بإسم الإنقلاب الفكري الناعم.
4
هذا الإنقلاب الفكري الناعم تم تطبيقه في تركيا عن طريق حزب العدالة والتنمية؛ حزب العدالة والتنمية قبل إعلان نفسه كحزب أسس حركة مجتمعية مدنية سعت بكل جهد لنشر الوعي السياسي والإقتصادي والثقافي والتعليمي الداعي للديمقراطية والتحرر من وصاية الجيش الذي في كل إنقلاب يؤخر الدولة سياسياً وإقتصادياً خميس سنة للوراء كما قامت هذه الحركة المدنية  بدعوة كوادرها إلي تحصيل أعلي مستويات العلم والتجربة والدخول بمؤهلاتهم إلي جميع مؤسسات الدولة دون إستثناء لخلق كادر حكومي واعي قوي قادر علي الوقوف ضد الجيش وقرارته. نشر الوعي والثقافة  لم يكن بصورة مباشرة تستهدف الجيش بطريق علنية بل كانت بطريقة سياسية تلمحية بمعني كانوا يدعوا إلي السعي لإرساء الديمقراطية البحتة المعتمدة علي إرادة الشعب فقط الشعب لا غيره{كلمة غيره بشكل عام كانت تلمح للجيش}. بهذه الطريقة تم نشر الوعي وإيجاد كادر حكومي موجود في جميع مؤسسات الدولة وحتي المؤسسة العسكرية وبشكل قوي وتابع لمفهوم الديموقراطية والشرعية. وفي عام 2002 فاز حزب العدالة والتنمية في الإنتخابات البرلمانية  بحاضنة شعبية وحكومية قوية يُعتمد عليها؛ وبالفعل إعتمد حزب العدالة والتنمية علي هذه الحاضنة المثقفة والواعية والمتعلمة عام 2007 حينما أعلن الجيش أنه يؤمر حزب العدالة والتنمية بالإنسحاب من العملية السياسية وترك السلطة ولكن الحاضنة الشعبية والحكومية الموالية للديموقراطية والمؤمنة بها والتي أعدها حزب العدالة والتنمية ونشر فيها الوعي والمكونة من عدد كبير من المثقفين والبروقراطيين والإعلاميين والإقتصاديين والدبلوماسيين إنتفضوا ضد العسكر من خلال وسائل الإعلام والمؤوسسات والمحاكم الدولية والنشاط الدبلوماسي أي من خلال كسب تعاطف بعض الدول الغربية بحيث جعلواالعسكر يعيش الصدمة أمام هذا الحشد المعارض لإنقلابهم خاصة بعد قدوم هذه الإعتراض من داخل المؤوسسات الحكومية المدنية والعسكرية التي هددت بالإضراب والخروج ضد العسكر ومن الولايات المتحدة الداعم الدائم للإنقلابات العسكرية في تركيا, هذا التغيير والحشد كان الأساس فيه الحركات والمؤسسات المدنية التي نشرت الوعي والثقافة ضد العسكر الذي دائما كان يتحجج في حمايته لمبادئ تركيا الديموقراطية والعلمانية والمدنية ويبعد من يريد عن الحكم متي مايريد, ولكن الحركات المدنية نشرت الوعي الذي يبين خداع الجيش وبعض جنرالاته المستأجرة من قبل بعض الدول  والذي يبين ضرورة الإنقلاب الناعم الذي يتم عن طريق تقلد مناصب مهمة وعالية في جميع مؤوسسات الدولة,  نشر حزب العدالة والتنمية هذا الوعي عن طريق أسلوب الإقناع وعن طريق كسب العامة بلا إستثناء حيث أعلن نفسه أنه حركة ديموقراطية شاملة ولم يعلن نفسه أنه حركة إسلامية أو ليبرالية وبذلك إستطاع كسب تعاطف نسبة كبيرة من الشعب التركي الذي إحتضنه ودافع عنه وإعطاه الفرصة في أكثر من مرة ليمثله كسلطة حاكمة.

الجزائر وغيرها من الدول التي تعيش عرقلة في العملية الديمقراطية ليس لها وسيلة للتخلص من هذه العراقيل إلا من خلال الإنقلاب الفكري المدني المؤسساتي الناعم لتكوين حاضنة شعبية واعية و مثقفة تميز الأمور وتعيها وتكون حامية للعملية الديموقراطية والتشريعية ومتمركزة في مناصب مهمة في الدولة، كما ويجب أن تكون هذه الحاضنة وطنية قبل أي فكر أو إيديولوجية لتكون قوية وحامية بالفعل للعلمية الديموقراطية لأنه لو كانت ذات إيدولوجية واحدة فإنها ستبقي ضعيفة بجاتب الأحزاب الأخري التي ممكن أن تحيد للجيش ضد الإيدولوجية الواحدة مثلما حدث تماماً في مصر.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف