الأخبار
"عملية بطيئة وتدريجية".. تفاصيل اجتماع أميركي إسرائيلي بشأن اجتياح رفحالولايات المتحدة تستخدم الفيتو ضد عضوية فلسطين الكاملة بالأمم المتحدةقطر تُعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بغزة.. لهذا السببالمتطرف بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ السجوننتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيرانمؤسسة أممية: إسرائيل تواصل فرض قيود غير قانونية على دخول المساعدات الإنسانية لغزةوزير الخارجية السعودي: هناك كيل بمكياليين بمأساة غزةتعرف على أفضل خدمات موقع حلم العربغالانت: إسرائيل ليس أمامها خيار سوى الرد على الهجوم الإيراني غير المسبوقلماذا أخرت إسرائيل إجراءات العملية العسكرية في رفح؟شاهد: الاحتلال يمنع عودة النازحين إلى شمال غزة ويطلق النار على الآلاف بشارع الرشيدجيش الاحتلال يستدعي لواءين احتياطيين للقتال في غزةالكشف عن تفاصيل رد حماس على المقترح الأخير بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرىإيران: إذا واصلت إسرائيل عملياتها فستتلقى ردّاً أقوى بعشرات المرّات
2024/4/19
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

مذبحة اللد الثلاثية بقلم:سعيد العلمي

تاريخ النشر : 2015-05-29
  *مذبحة اللد الثلاثية

أمر بن غوريون بنفسه بتنفيذها وقام فيها ثلاثة من أكبر شخصيات إسرائيل السياسية بقتل مئات الفلسطينيين

سعـيد العَـلمي

(ترجمها من الإسبانية كاتب المقال)

أحيا الفلسطينيون والعـرب في شهر مايو الجاري الذكرى الـ 67 للنكبه والتي تدعى في إسرائيل (إستقلال). تصوروا حشدا من المهاجرين كانوا قد وصلوا الى فلسطين من أوروبا وقد صار لهم من الوقاحة – بفضل دعم الدول الأوروبية الكبرى- أن يعـلنوا استقلالهم على التراب الفلسطيني. حالة لا مثيل لها في التاريخ وقد اعـتـُبرت (عادية) من طرف قوى عـظمى أوروبية، لاسيما بريطانيا، تـُعـتبر جنبا إلى جنب مع الولايات المتحدة الأمريكية الغزاة ُوالمحـتـلون الحـقيقيون لـفلسطين.

واللد مدينة فلسطينية تقع على مسافة 38 كم شمال غربي القـدس ويعود تأسيسها إلى الكنعانيين في الفترة بين 5600 و 5250  قبل الميلاد. ولم تكن هذه المدينة وجارتها الرملة التي تبعد عنها 5 كم قـد شـُمِلتا ضمن الأراضي المخصصة للدولة اليهودية في قرار الأمم المتحدة 181 لتقسيم فلسطين الى دولتين والصادر في 29 نوفمبر 1948. ورغم ذلك فـقـد احـتـلت إسرائيل المدينتين بعد ثلاثة شهور من إعلان الدولة اليهودية في 14 مايو 1948.

إسرائيل التوراتية وإسرائيل الصهيونية... مذابح مستمرة للفلسطينيين

بما يمسى "إستقلال" تم دقّ ما يسمى دولة إسرائيل في المنطقة باستخدام قـوة السلاح ( أسلحة كلها أوروبية وبريطانية بشكل خاص). وكما حدث قبل 3200 سنة ، تماما كما ترويه التوارة (والعهد القديم) حول الغزو العبري الوحشي لفلسطين في ذلك العصر، فإن الغزو اليهودي الجديد  أيضا تم تأسيسه على المذابح التي لا نهاية لها في صفوف الشعب الفلسطيني والتي لن ننساها أبدا نحن الفلسطينيون ولن نغـفـرها  رغم ما تقوله أو لا تقوله  السلطة الوطنية الفلسطينية التي أسستها إسرائيل وأمريكا والإتحاد الأوروبي على أساس النسيان  والغفران ومن وراء  ظهر الشعب الفلسطيني. إن المحرقة الفلسطينية ما تزال أليمة ومفجعه في القلب والذاكرة الفلسطينية والعربية.

لقد ارتكبت العصابات اليهودية الأوروبية مذابح كثيرة في صفوف الفلسطينيين في الشهور التي سبقت 14 مايو 1948 لاسيما في شهر أبريل. وعلى سبيل المثال لا الحصر  نذكر المذابح التالية: مذبحة الحسينية في 16 مارس، ومذبحة دير ياسين في 9 أبريل، ومذبحة قالونيا في 12 أبريل، ومذبحتي تل ليتـفينسكي وهوشه في 16 أبريل، ومذبحتي حيفا والرامة في 22 أبريل، ومذبحة الخيرية في 25 أبريل، ومذبحة عين الزيتون في 2 مايو، ومذبحة عرب الصبيح في 6 مايو، ومذبحة برير في 12 مايو، إلخ.

وبعد الإعلان المشؤوم في 14 مايو فقد اشتـدت هذه المذابح وسط عـملية تنظيف عرقي هائلة الأبعاد. وأيضا على سبيل المثال لا الحصر نذكر المذابح التالية، وقد ارتكبت كلها في 1948: مذبحة أبو شوشه في 15 مايو، ومذبحة بيت دراس في 21 مايو، ومذبحة الطنطورة في 22 مايو والمذبحة المزدوجه في اللد وجامع دهـمش في 11 و 12 يوليو، ومذبحة الطيرة في 16 يوليو، ومذبحة الدوايمه في 29 أكتوبر،  ومذبحتي الفرضية وصلحة في 30 أكتوبر، ومذبحة الصفصاف في 30 ديسمبر، إلخ.

مذبحة اللد الثلاثية

بين 10 و12 يوليو 1948 ارتكبت مذبحتان في اللد على يد الجيش الإسرائيلي الحديث التكوين آنذاك والذي طرد من تلك المدينة كامل سكانها الذين كانوا في ذلك الوقت قد بلغوا ما يقرب من 70.000 نسمه نتيجة هجرة عشرات الآلاف إليها فارين من الهمجية الصهيونية في القرى والمدن المجاورة.

في العاشر من يوليو شنت الكتيبة الثالثة من القوات الخاصة الإسرائيلية المعروفة بالبالماخ والتي كان قد تم تشكيلها من أعضاء في المنظمتين الإرهابيتين اليهوديتين هغانا وإرغون. وفي البداية فقد انهال على المدينة وابل من قذائف المورتر مما أدى الى مقتل العشرات من أهاليها.

وكان أول رئيس للحكـومة الإسرائيلية، ديفيد بن غوريون قد أمر بنفسه  بارتكاب مجزرة اللد ومن أجل ذلك عين على رأس القوات المكلفة بهذه المهمة إيغال آلون أحد قادة قوات البالماخ والذي أصبح بمرور السنين رئيس وزراء مؤقت خلفا لغولدا مئير في 1969. وقد تبوء مجرم الحرب ذاك، والذي توفي في 1980، أربع مناصب وزارية حتى 1977.

وأصدر آلون أوامره بقصف اللد بالطائرات وبذلك كانت اللد أول مدينة فلسطينية تـم قـصفها من الجو. وحال انتهاء الغارات الجوية التي أودت بدورها بحياة العشرات وأوقع أضعافهم من الجرحى اندفعت إلى المدينة قوات الكتيبة الثالثة من البالماخ وقد فتحوا نيران رشاشاتهم ومختلف أسلحتهم على البيوت والمحال التجارية والمشاة  فتنائرت الجثث في الشوارع لمدنيين عزل من كافة الأعمار ومن نساء ورجال وأطفال.

وكان مسؤول العمليات العسكرية على الأرض كمساعد أول لآلون في اللد قائد آخر من قادة البالماخ وهو إسحق رابين (جائزة نوبيل السخيفه في 1994) وكان على رأس القوات التي هاجمت المدينة في اليوم الأول.

وشارك مجرم حرب ثالث في مذبحة اللد وهو موشيه ديان وهو ما شهد عليه الصحفي الأمريكي كينيث      الموفد الخاص  للنيويورك هيرالد تريبيون لفلسطين والذي دخل اللد في 12 يوليو Kenneth Bilbyبيلبي  1948 فكان بذلك شاهد عيان على تلك المذبحة. وأكد كينيث في رسالة له لصحيفته أنه شاهد موشيه ديان يقود الكتيبة 89 من الجيش على رأس طابور من عـربات الجيب تتقـدمها مدرعات من طراز مرمون    هارنيغتون  المصنوعة في جنوب إفـريقيا (رغم أن مكوناتها الأساسية كانت تصنع آنذاك في أمريكا          تستخدم ذخيرة 7,7 ملم  Vickersوبريطانيا). وكانت تلك المدرعات مزودة بمدفعين رشاشين فيكيرز

بقوة نارية تصل الى ما بين 500 و 600  رصاصة بالدقيقة. فليتصور القارئ طابورا من عربات الجيب والمدرعات المزودة بمثل هذه الأسلحة ضد الأهالي العزل وبيوتهم ومحالهم التجارية.

 أستاذة تاريخ اليهود في جامعة تل أبيب أن      Anita Shapiraوتؤكد  المؤرخة الإسرائيلية أنيتا شابيرا  موشيه ديان قد ارتكب تلك المذبحة بمبادرة شخصية منه ودون الرجوع الى رؤساءه. كما تؤكد شابيرا أن قافلة ديان من العربات والمدرعات اجتازت مدينة اللد من أقصاها إلى أقصاها مطلقة النيران الكثيفة بلا توقف وأنها واصلت إطلاق النار على طول الطريق المؤدية من اللد الى الرملة. وكانت المقاومة التي واجهها الإسرائيليون في كلتا المدينتين ضعيفه جدا ووقعت على عاتق ميليشيا ضعيفة التسلح.  (
وفي عدد يوليو- أغسطس 1994 من مجلة واشنطن ريبورت أو ذ ميديل إيست أفيرز

Donald Neff كتب الصحفي والكاتب دونالد نيف Washington Post of the Middle East Affairs

والذي كان مسؤولا لسنوات عن مكتب مجلة تايمز الأمريكية في القدس والذي وافته المنية قبل أيام من كتابة هذه السطور عن عمر يناهز الـ 85 سنة، يـقـول: " صحـفيان أمريكيان كانا شاهـدين على ما وقع في ذلك الذي كتب تحت عنوان  من مجلة شيكاغـو سن تايمزKeith Wheelerالهجوم (على اللد)، أولهما هو "تكتيكات فجائيه ومكثفه أدت إلى فتح اللد" حول عمليات قوات البالماخ في اللد ذلك اليوم:"فعليا لقد مات كل ما كان في طريقها. جثث مبعثرة كانت ملقاة في الشوارع". أما الصحفي الثاني فهو كينيث بيلبي الذي ذكرناه من قبل.

مذبحة اللد الثانية

أما المذبحة الثانية في اللد فارتكبت في جامع دهمش الواقع وسط المدينة. فعبر مكبرات الصوت أمرت القوات الإسرائيلية الأهالي في 11 يوليو التوجه إلى ذلك الجامع  واستجاب الكثيرون لتلك الأوامر فاحتشد في الجامع المئات منهم من كافة الأعمار وكان معظمهم من الرجال. 

وطيلة يومين ظل ذلك الحشد حبيسا هناك بدون طعام وقد تحولوا إلى أسرى. وعندما حاول البعض منهم الفرار فتح الجنود الإسرائيليون على الحشد داخل الجامع نار رشاشاتهم فقتلوا نحو مائتين منهم. إن المشاهد المرعبة التي دارت داخل ذلك الجامع في ذلك اليوم أدت بالسلطات الإسرائيلية إلى إغلاق جامع دهمش إغلاقا محكما فظل مهجورا حتى عام 1994 عندما جرى ترميمه وفتحه من جديد للمصلين.

لقد ارتفع عدد ضحايا تلك المذبحتين إستنادا إلى الجانب الفلسطيني إلى ما بين 1000 و 1500 شهيد بينما يخفض الجانب الإسرائيلي – الذي يطلق على تلك المذبحتين إسم "عملية داني"- عدد الضحايا إلى 250.

لقد وصف الصحفي والكاتب الإسرائيلي آري شافيت (من صحيفة هآريتز) مذبحة جامع دهمش في مقال بعنوان "مدينة ومذبحة  والشرق الأوسط اليوم" نشر في صحيفة ذا نيويوركر في 21 أكتوبر 2013 يقول:

"250 فلسطيني تم قـتلهم في ثلاثين دقيقه. الصهيونية قد ارتكبت مذبحة في مدينة اللد".

مذبحة اللد الثالثة

وبعد كل ما جرى في ذلك اليومين في اللد فإن مأساتها لم تكن قد انتهت بعد فلقد أجبرت القوات الإسرائيلية سكان المدينة الـ 70.000 مغادرتها نهائيا. ومن أجل تنفيذ ذلك تم تحديد مخارج معينة للسكان ليُغادروا عبرها باتجاه رام الله ولكن بعد تجريدهم من كل ما كانوا يحملوه معهم من مال ومجوهرات وأي شيء آخر ذا قيمة مثل دبلات الزواج.  لقد كان الأمر بمثابة سطو مسلح وجماعي في وضح النهار.

قبل 1984 كان سكان اللد نحو 20,000 نسمه ولكن بعد المذابح الأولى التي ارتكبها الإسرائيليون منذ شهر مارس من ذلك العام أدت الى هروب الآلاف من الفلسطينيين إلى اللد فوصل اليها نحو 50 الف لاجئ مما رفع عدد السكان الى نحو 70,000 نسمة. وكان الناس يفرون إلى اللد لاعتقادهم أنها ستبقى بيد العرب حسب القرار 181 للأمم المتحدة لتقسيم فلسطين لدولتين عربية ويهودية والذي كان قد صدر قبل ذلك بخمسة شهور.

وتم طرد سكان اللد في 13 يوليو 1948 في الوقت الذي يكون حر الصيف قد بلغ أوجه . وكان من بين المهجّرين من اللد والدي عبد الرحيم وظيف العلمي، المولود في اللد عام 1924 والمقيم حاليا في الإمارات العربية المتحدة (والمعروف بذاكرته الحديدية التي سمحت له كتابة مذكراته في قرابة 300 صفحة وبتسجيلها بالصوت والصورة في 32 حلقة موجودة على اليوتوب) والذي كان شاهد عيان على كل أحداث اللد من 10 إلى 13 يوليو.  ويقول عبد الرحيم وظيف العلمي بهذا الصدد:" في مسيرتنا على الأقدام كان الناس يتساقطون موتى على الطريق في محاولتنا الوصول إلى بلدة نِعلين وهي المحطة الأولى في طريقنا إلى رام الله".

وفي الحلقتين 26 و 27  من مذكرات العَلمي المذكورة على اليوتوب يقول صاحبها أن شقيقه سليمان الذي          Max Blumenthalكان عمره آنذاك 10 شهور كان أحد من ماتوا في تلك المسيرة التي وصفها ماكس بلومينثال بأنها كانت "مسيرة الموت". واستنادا إلى (Goliat Life and  Loathing in greater Israelفي كتابه العَـلمي فإن أولئك الذين سقطوا ميتين من العـطش والجوع وضربات الشمس والإنهاك قبل الوصول إلى نعلين كانوا يُدفنون على جانبي الطريق بينما حمل آخرون جثث أقربائهم حتى نِعـلين حيث وُوروا الثرى في مقبرتها بما فيهم الطفل سلميان.

واستنادا إلى مؤرخين فلسطينيين معاصرين لتلك الأحداث مثل عارف العارف (1891-1973) فإن قرابة الـ 350 فلسطيني لقوا حـتـفهم في تلك المسيرة الكارثية مشيا من اللد إلى رام الله لاسيما في الطريق حتى نِعـلين.  وكانت تلك مذبحة اللد الثالثة.

لقد تم طرد سكان اللد وجارتها الرمله – كما في كل حالات الطرد العنيف  لقرابة المليون فلسطيني من بيوتهم ومن وطنهم – بأمر مباشر مِن  بن غـوريون. ففي المقال المذكور لمجلة ذا نيويوركر يقول  آري   شافيت:"عندما وصلت الأنباء( يعني أنباء مذبحتيّ اللد) إلى القيادة العامة لعملية لارلار في قرية يازور سأل القائد يغال آلون رئيس الوزراء بن غوريون ماذا يفعل بالفلسطينيين، فما كان من بن غوريون إلا أن أشاح بيده مرددا: "أطردوهم". وبعد ذلك بساعات قام القائد المكلف بالعـمليات الميدانية إسحق رابين بإصدار أمر خطي موجه إلى كتيبة يفـتاش: "يجب طرد أهالي اللد وبسرعة دون الأخذ بعين الاعتبار أعمارهم".

دوله هي إسرائيل، في جوهـرها مُغـتـصِـبة ومجـرمه

ما جرى في اللد بين 10 و 13 يوليو 1948 كان بمثابة حـقارة مخجلة حاولت إسرائيل إخفاءها لعـشرات       السنين. ويشير إلى هذه الحـقيقة الصحفي الأمريكي   ديفيد كي شيبلر الحائز على جائزة بوليتزر لعام 1987 (على تحقيقات صحفية أجراها في الشرق الأوسط) والذي كان مراسلا لصحيفة نيويورك تايمز في القدس منذ 1979 حتى  1984. ففي رسالة له من القـدس نشرت في النيويورك تايمز في 22 أكتوبر 1979 تحت عنوان "إسرائيل تمنع رابين رواية طرد العرب في 1948" قال شيبلر أن " لجنة رقابية مؤلفة من 5 وزراء في الحكـومة منعـوا رئيس الوزراء السابق رابين أن ينشر ضمن مذكراته سردا على لسانه  حول طرد 50.000 مدني فلسطيني من بيوتهم في الرملة واللد إبان الحرب العربية الإسرائيلية في 1948 (رابين ينسب إلى بن غوريون  إصدار أوامر الطرد)".

إن الإسرائيليين من النفاق بحيث ينوّهون إلى مأساة اللد كما لو كانت فـصلا إستثنائيا من فصول غزوهم واحتلااهم لفلسطين، علما بأنها لم تكن سوى مشهدا آخرا من  سلسة الإغتصاب والتطهير العرقي بأعنف السبل التي ارتكبها  الإسرائيليون طيلة شهور في 1948 وبعد ذلك التاريخ.

وليس هذا كل شيء فبينما كان الفلسطينيون يجبرون على الخروج من اللد  تحت تهديد السلاح  فقد انصرف الجنود الإسرائيليون في المدينة الى النهب والسلب كجزء من أكبر عملية سطو مسلح في التاريخ، فما وقع في اللد كان مطابقا لما كان يقع في كل المدن والبلدات والقرى الفلسطينية فإن مدنا كاملة تم تفريغها من سكانها  على يد جنود ومستوطنين انصرفوا روحا وجـسدا  إلى السطو الذي بورك من طرف سلطات الدولة الجديدة التي قامت على أسس من المذابح والدمار والاغتصاب والنهب.

لا ننسى ولا نغفـر

وأخيرا من الملائم الإشارة إلى أنني "عشت" شخصيا مذبحة اللد الثلاثية منذ أن كنت طفلا (ولدت بعدها بأربعة شهور) فقد عشت عمري محاطا بأقرباء لي عاشوا تلك المذبحة  و"مسيرة الموت" تلك وعانوا منها  روحا وجسدا. أشخاص عاشوا يقصون منذ تلك الأيام  على أبنائهم ثم على أحفادهم وبشكل يومي تقريبا معاناتهم تلك والظلم الفادح الذي قاسوا منه الأمـرّيـن على يد أفاكين يهود أوروبيين كانوا قد وصلوا إلى فلسطين لهدف وحيد هو السلب والنهب والتـنكيل بشعب أعزل مسالم تحميهم حكومات أوروبية على رأسها بريطانيا البلد المسؤول بشكل رئيسي عن مأساة الشعب الفلسطيني ( ومن غرائب الصدف أن القديس جرجس أو جورج، شفيع إنجلتره، كان من مواليد اللد التي ولد فيها نحو عام 275م).

إن شهود  عيان كثيرين، بينهم والديّ، ما زالوا على قيد الحياة وما زالوا يعانون حتى اليوم من نتائج تلك المذبحة الفظيعه ومن "مسيرة الموت" تلك.

إن أولاد وأحفاد أولئك المجرمين اليهود الأوروبيين تابعوا وما زالوا يتابعون إذلال الشعب الفلسطيني والتنكيل به بشكل يومي وبمساندة غير مشروطه يتلقونها من لدُن نـفـس القوى العـظمى الأوروبية والولايات المتحدة وكندا  وهي البلدان التي تصف أنفـسها نفاقا بأنها  "أنظمة ديموقراطيه تدافع بصرامه عن حقوق الإنسان". يا له من زور!!.

22 مايو 2015

Rebelion.org مايو2015   25 مقال نشر في مجلة رييليون  الإسبانية الأليكترونية  في *
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف