الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/26
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

“أسرار” يعيد للجماهير نجمتها بقلم عبدالله بلال بعلبكي

تاريخ النشر : 2015-05-29
“أسرار” يعيد للجماهير نجمتها 

بقلم عبدالله بلال بعلبكي

"أسرار" هو ليس عنوانٌ تضمينيٌ لعملٍ أرجع الهدفيّة إلى الشاشة الصغيرة، ولا حتى كلمة ذي وقع مرادفي في قواميس الدلالات العبقرية الخفية لعملٍ، أعاد تاج الإحتراف إلى رأس الفن المصري. أنه مجرد مسلسل يحكي إسم الشخصية الأساسية ببساطة، اللغز هنا في تتر "أسرار": نجمة الجماهير نادية الجندي، يكفي ذكر إسمها لنفهم أنه عملٌ صعبٌ ولكن قيّم، وأن نجهّز بذلك الذهن والذاكرة سويةً لكي نحلل، نحفظ، ونستنتج العبر في حياتنا اليومية، وبوسط ذرة الواقع.

إن حلّت نجمة الجماهير على رأس عمل، هي لا ترفع معها العمل ذلك وحسب، بل ترفع من المستوى العام للساحة الدرامية للحد الأقصى، واضعةً بذلك حداً لتطّفل وسيطرة الأعمال الهابطة والمفلسة. هل يمكنك الشك بذلك بعد مسلسلها التاريخي الذي أعاد للدراما المصرية وطنها بعد عقود من مكوثها في منفى فكري وإبداعي، وبعد مشوارها كنجمة مكافحة وصلت إلى أعلى مستويات الإبداع التمثيلي، عندما أصغت لرغبتها في تضمين رسائل النصوص السينمائية بالبلاغة القيّمة وبالهدفية المُصلحة؟ في "أسرار"، لم يعد هناك سر لم تكتشفه نجمة الجماهير حيال محبتها العميقة للتمثيل، ولكن حيال إيمانها المطلق برسائله الإنسانية والإجتماعية الفعّالة كذلك. 

أكثر من ١٢ حلقة من مسلسل مشوّق، هادف، أو متكامل العناصر. بجميع الأحوال، لا أعتقد أن هنالك صفة ما قد تصنّف العمل وتعطيه ما يستحق، فالإثناءات هنا كثيرة؛ لا تعد ولا تحصى؛ حيث لا يكفيها مقال تحليلي، ولا حتى تحقيق موسع. سامحوني، قد أتجاوز القواعد الصحافية الموجب إتباعها في كتابة المقالات ، ولكنها "نادية الجندي"، أن تتحدث عنها كأن تشير إلى مانديلا وجبران ونزار ومحفوظ، فهي هم جميعاً في مجالها، حيث قدّمت ما قدموه، هي التي أغنت الثقافة السينمائية إلى حد الإرتواء. الموضوعية هنا؟! عذراً، على الصحافي أن يكون صاحب رأي حيث يمكّنه من إختلاق موقفه ثم شخصيته، فتصقيل موهبتها وإبراز كيانها. ورأيي اليوم هو كمولود نظرية سينضج وسط القواعد والمعايير المستقبلية: حسناً، نجمة الجماهير هي مادةٌ صعبةٌ، وليست مدرسة فالمدرسة قد تجد بها أساتذة فاشلين، مديرين فاشلين، أو عنصر فاشل ما، أما بطلة "أسرار" فهي المادة الناجحة المتكاملة، هي التي تفرض هويتها في أي زمن ووسط أي جيل، وبطاقة هويتها هي العبور المتواصل إلى قلوب المحبين.

يكثر الكلام عن نجمتي؛ كوني واحدٌ من الجماهير؛ وتبقى النقاط الفاصلة؛ التي جذبت المشاهد لمسلسلها "أسرار" خارج السباق الرمضان؛ محددة وواضحة المعالم حيث تتجلى بالتالي:

١- نجمة الجماهير، ولن أتحدث عنها هنا مطولاً، بعدما أفرغت نصف مشاعر الإعجاب بقدراتها على تحدي عاملي الزمان، والتغيير المسرف الذي أجلب الإنحطاط الخلقي والفكري للساحة الفنية المصرية. يكفيني أن أصفها بالنجمة، بالنجمة الوحيدة التي حافظت على عهدها ووفائها لرسالتها المهنية، ثم لجمهورها طوال عقود. فهي لم تثرها رغبة نجاح، ولم تطمئنها إحصائيات تفوق وتصدّر، لتبقى الممثلة التي تكافح في عملها وكأنه وبالنسبة إليها الإنطلاقة دائماً، وكأنه سيرسم الإنطباع الأولي لها في ذهن المتابع. 

منذ عقود، كانت هذه الممثلة الأنيقة تجري في ساحة التصوير، وتهتم برشاقتها ببلاغة. كانت حينها تُتصف بالغرور، اليوم هل فهم الجميع لمَ كانت تفعل ذلك؟ لأنها إستمرارية في عطائاتها. اليوم تبدو شابةً في الثلاثين، وما زالت متمكنة في أدائها، متميزة، ومنافسة شرسة كذلك.

٢- الأداء التمثيلي لها في "أسرار" نقطة لوحدها تحتاج لتفصيل دقيق وتستحق المديح: كيف قادرة على التنقل بين إنفعالات إنسانية عدة بلحظات متواترة ؟ كيف تجسد تلك الشخصية المعاصرة والحزينة بتلك الحرفية؟ من غيرها يستطيع فرض هيبةً خاصةً على الأداء؟ حتى في مشهدية الضعف السيكولوجي، تجد هناك طلّة مشرقة، حيث لا يمكنك أن تحمل جهاز التحكم وتغير القناة، حتى لو لم تحب العمل وإنتقده.. سحرٌ خاصٌ ليس له مثيل!

٣- الرؤية الإخراجية الممتازة للمخرج وائل فهمي عبد الحميد، والذي أثبت عن جدارة إستحقاقية الوقوف جانب نجمة الجماهير، والتعاون معها. حيث عملا سوياً على مشاركة الأراء والأفكار لإبتكار رؤى جميلة وعصرية في طريقة نقل النص الحرفي إلى الصورة الملموسة المحسوسة. يُحسب لعبد الحميد مجهودٌ آخرٌ في تقديم صورةً عصريةً مواكبةً لأهم التقنيات العالمية الحديثة، وفي ترجمة النص الإنشائي الجامد ولكن المؤثر الهادف إلى حركية بسيطة مشوّقة، غير أسلوبه السلس المتمثل في ترابط الأحداث ووضعية المشاهد ومواقع وإضافات المؤثرات البصرية والصوتية.

٤- مستوى جيد جداً أظهرته عناصر طاقم المسلسل بالكامل، حيث الأخطاء قليلةٌ حتى اللحظة، مع عدّة إشراقات وتميزات لوحظت ملياً على الشاشة. تشعر بأن هنالك إحساس عام بالمسؤولية، غير التأهب الواضح في إرساخ الأفكار والرسائل الهادفة بدقة. 

٥- تعاون جديد بين أكثر الثنائيات العربية نجاحاً عبر الزمن: نادية الجندي ومحمد مختار. فالعبقري محمد مختار لم يكن يوماً ما أفضل منتج سينمائي فقط، بل شكّل مع زوجته السابقة ثنائياً صنع أنجح الأفلام وأكثرها إشراقاً وهدفيةً، وجذب ملايين المشاهدين إلى أدوار العرض لميطر الملايين من الجينهات على جميع العاملين في الساحة الفنية. 

٥- تقديم صورة نمطية مخملية عن المجتمع المحيط بشخصية "أسرار" بإعتدال، وهنا نقطة أعدها ضرورية. فأستبعدت المبالغة، وعرضت المظاهر الراقية بوضوح لم يزعج النقاد ولا حتى المشاهدين، فيما كانت نقطة الإرتكاز على رسائل المسلسل القيّمة التي تجنبت التكرار والإنحطاط. 

إذاً، أسرار نجمة الجماهير ليست سوى في كونها النجمة المطلقة، على الممثل الشغوف أن يجتهد، ويلّقن نفسه دروساً، وأن يطلق صافرة الإستمرار عند كل نهاية عمل، وأن يستعد دائماً لتقديم كل ما هو صعب، سهل ممتنع، وهادف. وأن يحافظ كذلك على بنيته الجسدية دون إستخفاف، وأن يضحي بحرية وبمساحة خصوصية، وأن يبقى مخلصاً لفنه الذي منه وحده يستمد بدائل الحياة. 

عبدالله بلال بعلبكي
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف