الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/26
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

النظام العربي ولعبة التحالفات..بقلم:د. عز الدين أبو صفية

تاريخ النشر : 2015-05-28
النظام العربي ولعبة التحالفات..بقلم:د. عز الدين أبو صفية
النظام العربي ولعبة التحالفات...

منذ فجر التاريخ كانت التحالفات وكانت تأخذ أشكالاً مختلفة إما ثنائية أو مجموعات وكان المتحالفون يسعون لتحقيق مكاسب مختلفة أو تحقيق الأمن والأمان لأنفسهم ولشعوبهم، لذا كانت هناك التحالفات العسكرية بين جيوش الدول أو القبائل بهدف تحقيق انتصارات أو توسعاً على الأرض أو حتي تحقيق السيطرة على مقدرات أقوام أخرى، وقد مر العرب بهذا التجربة (تجربة التحالفات) ومارسوها منذ القدم لتأمين حياتهم وممتلكاتهم وقد تحدث القرآن الكريم عن هذه التحالفات في أكثر من آية وفي أكثر من سبب ونخص بالذكر ما ورد في سورة قريش (لإيلاف قريش إيلافهم رحلة الشتاء والصيف فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف) والإيلاف هذا هو التحالف، أيّ تحالفات قريش مع كثير من القبائل والأقوام المنتشرة على طول طريق التجارة بين الجزيرة العربية وبلاد الشام لتأمين تجارتهم من الغزو والنهب على أيدى أقوام أخرى مقابل تقديم قريش خدمات بعينها لمن تعقد معهم الإيلاف وكان يأخذ هذا الدعم  أشكالاً مختلفة منها الأمنية والمادية أو حتي العسكري.

وقد استمرت هذه التحالفات بين الدول و الامبراطوريات ولا نريد هنا الخوض في تفاصيلها فالتاريخ مليء بذلك، ولكن ما يعنينا في هذا الطرح هو أن العرب قد مارسوا لعبة التحالفات منذ فجر التاريخ وأصبح لديهم من الخبرات في هذا المجال ما يؤهلهم لأن يكونوا ويبقوا على دراية بخفايا أمور التحالفات إلا أن ما نشاهده اليوم على أرض الواقع يجانب ذلك، لأن ما ينتج عن تحالفاتهم كان يحقق مصائب لهم خاصة قبل وبعد اتفاقيات الدول العظمى معهم والتي تسعى دائماً على تجيير التحالف لتحقيق أهدافهم الاستعمارية والتوسعية، وما أن يتم لهم ذلك ينكثوا بوعودهم وبتحالفاتهم مع العرب ولا يعنيهم ما يحل بهم، والتاريخ أكبر شاهد على ذلك عندما عقدوا تحالفاتهم مع فرنسا وبريطانيا الدولتين الاستعماريتين الأكبر في العالم بهدف إسقاط الامبراطورية العثمانية وبعد أن تم لهم ذلك قاموا بتقسيم الوطن العربي وفق اتفاقية (سايكي بيكو) عام 1916 التي جزأت وشرذمت الوطن العربي.

لم تَعِ الدول العربية الدروس والعبر واستمرت على هامش التحالفات خاصة بعد الحرب العالمية الثانية والتي أفرزت أكبر تحالفين دوليين في العالم تمثلا في حلف (وارسو) وقادة الاتحاد السوفيتي وضم الكتلة الشرقية وكل من لف لفيفها ومؤيديها من العديد من الدول، والحلف الثاني (الحلف الأطلسي) أو ما يعرف (بحلف الناتو) والذي قادته الولايات المتحدة الأمريكية وضم معظم دول أوروبا وناصره العديد من الدول وقد تبنى هذا الحلف الفكر الرأسمالي في حين تبنى حلف دارسو الفكر الاشتراكي الماركسي اللينيني، وقد خاضا هذان الحلفان ضد بعضهما البعض حرباً أيدولوجية وفكرية وعسكرية أيضاً، إلا أنهما لم يصلا إلى درجة التصادم العسكري بينهما وإن أخذت الحروب بينهما شكل حروباً بالإنابة عبر دول أخرى، وقد استمر الصراع بينهما عبر الحرب الباردة والتي انتهت بانهيار الاتحاد السوفيتي وتفكك الكتلة الشرقية وكان نتيجة لذلك بروز روسيا الاتحادية كقوة تحاول إثبات وجودها في الساحة الدولية كقوة ثانية تعمل على منع الولايات المتحدة الأمريكية من التفرد بالعالم وعدم السماح بأن ينبني النظام العالمي الجديد على أساس أحادية القطب تترأسه الولايات المتحدة.

في تللك الحقبة الزمنية حاولت كثيراً من الدول العربية بان تبقى على الحياد ولكن ضعفها وتعرضها لكثير من النزاعات والتهديدات جعلها تعقد تحالفات أو معاهدات مع قوى عظمى وخاصة أمريكا لتشكل لها حماية من تلك التهديدات، وبموجب هذه التحالفات كان للتدخل الأمريكي المباشر لمساعدة تلك الدول أن أدى إلى شن الحروب ضد بعض الدول العربية كالعراق مثلاً، هذا ولم يكن التحالف الأمريكي مع بعض الدول العربية يهدف إلى مساعدتها بقدر ما كان يهدف إلى الحفاظ على إسرائيل وأمنها لذا لم تتوان في تدمير القوة العربية وجيوشها تحت ذرائع واهية كمحاربة الارهاب وتنظيم القاعدة مما أدى إلى تمزيق بعض الدول التي تشكل خطراً أو تهديداً على حلفاء أو أصدقاء الولايات المتحدة.

وفي ظل تنامي القوة الروسية وأصبحت تثبت وجودها في الساحة الدولية كقوة ثانية مناهضة للسياسة الأمريكية وعاد تأثيرها في الساحة الدولية والأمم المتحدة وسعت دائماً إلى افشال المخططات الأمريكية وتوجهاتها داخل أروقة الأمم المتحدة، لذا سعت الولايات المتحدة لمساندة ودعم حلفائها دولياً على حساب دول أخرى تعتبرها حليفة لروسا، ومن هنا عملت على صناعة سياستها الخارجية وفق محددات معينة مع إعادة صياغة تحالفاتها مع الدول الأخرى وفق الظروف الحالية والمصنوعة بأياديها وذلك لتحقيق ثلاثة أهداف أساسية وهي:

1- المحافظة على مصالحها الاستراتيجية والأمنية في المنطقة والحد من عودة انشار روسيا والحد من تمددها .

2- السعي المستمر للسيطرة على البترول العربي والحصول عليه بأسعار قليلة.

3- ضمان أمن اسرائيل وإبقائها القوة الأكبر في المنطقة.

وقد انطلقت الولايات الأمريكية لتحقيق تلك الأهداف إلى إعادة صياغة تحالفاتها مع الدول العربية وغيرها غير ناظرة إلى مصالح هذه الدول ومستغلة حاجتها إليها، وحتي تصبح تلك الدول بحاجة أكبر للولايات المتحدة فقد تطلب ذلك من الأخيرة صناعة مسببات لإحداث تلك الحاجة وذلك من خلال:

1- الفوضى الخلاقة وتمزيق الدول العربية خاصة تلك التي تناهض السياسات الأمريكية والتي تمتلك قوة عسكرية وجيوش قوية وتشكل خطراً كامناً ضد اسرائيل في ظل انفلات تلك الدول وتوجهها لشراء الأسلحة المتطورة من روسيا.

2- إبراز الجمهورية الإسلامية الإيرانية بأنها تشكل خطراً داهماً ضد الدول العربية وخاصة المملكة العربية السعودية ودول الخليج وتضخيم القوة الإيرانية وتهويل برنامجها النووي لتصبح فزاعة لهذه الدول يتطلب الأمر منها التمسك بالتحالف مع الولايات المتحدة التي تعمل على استنزاف بترولها وثرواتها من خلال شرائها لأسلحة متطورة من أمريكا والدول الغربية.

3- الربيع العربي الذي بدأ في دول عربية مستهدفة واكتشف النظام العربي متأخراً بأنه صناعة أجهزة المخابرات الأمريكية والغربية وكان الهدف منه تمزيق الوطن العربي وتقسيم دولة إلى دويلات طائفية وعقائدية تقارع بعضها البعض وتستقوى بعضها على البعض الآخر من خلال عقد تحالفات مع دول الغرب أو حتي دول كانت بمثابة العدو الأول للنظام العربي وهو (اسرائيل).

4- إعادة هيكلة وصياغة التحالف مع الحركات الاسلامية وخاصة حركة الإخوان المسلمين وتمكينها في خضم الفوضى الخلاقة والربيع العربي من السيطرة على أنظمة الحكم في الدول التي انهكتها الفوضى الخلاقة المتمثلة في الربيع العربي وذلك من خلال توفير الغطاء الدولي لتلك الحركات وتنقيتها من تهمة الارهاب وشطبها من قائمة التنظيمات الارهابية وتمكينها من السيطرة بشكل قوي على تلك الدول وسعيها لصياغة سياسات خارجية لها تصب في دائرة التحالفات التي تخدم الأهداف الامريكية والعمل على صياغة أعداء جُدد لتلك الدول كالدولة الإسلامية الإيرانية وبعض الدول التي شكلت سابقاً منظومة راديكيلية تناهض الساسة الأمريكية وتدور في إطار التحالف مع روسيا وإيران وفي هذا السياق إخراج إسرائيل من دائرة العدو الرئيس والوحيد للوطن العربي والدفع باتجاه التعاون والتحالف معها لما في ذلك مصلحة لها من درء الخطر الإيراني الشيعي.

5- إعادة صياغة الإرهاب الإسلامي (إرهاب الإسلام السياسي) حسب الرؤية الأمريكية الغربية من خلال انتاج مسميات جديدة وصناعة قوى إسلامية جديدة تعمل على تحقيق الأهداف الأمريكية في المنطقة، لذا عملت على انتاج (تنظيم داعش) من رحم تنظيم القاعدة وهذا ما أكدته هيلاري كلينتون في مذكراتها وكيف أنها زارت اكثر من مئة دولة وأخذت موافقاتها على الاعتراف بدولة الخلافة الإسلامية في بلاد الشام والعراق (داعش) فور أن تُعلن ويصبح تمددها الجغرافي يتناسب والاعتراف بها، وتحدثت عن تراجع هذا المشروع نتيجة الضربة القاصمة التي تلقتها السياسة الأمريكية نتيجة سيطرة الشعب المصري على مقاليد الحكم في مصر وإنهاء حكم الإخوان المسلمون فيها، ورغم ذلك بقي داعش يشكل الخطر الأكبر على دول المنطقة مدعوماً بإمكانيات هائلة من اللاعبين الأساسيين في المنطقة كالولايات المتحدة ودول أوروبا بشكل عام والتي تعتبر الداعم الأساسي للتنظيم مادياً وبشرياً وتسليحاً (ولنا في هذا الموضوع حديث في مقال آخر).

ومع بروز تنظيم داعش وتعاظم قوته وتمدده الجغرافي وسيطرته المتسارعة على أراضي شاسعة أصبح يشكل فزاعة أخرى للنظام العربي استوجب معها الأمر إلى إعادة صياغة تحالفاتها وتشكيل تحالفات جديدة تهدف لمحاربة تنظيم داعش مقابل إطلاق أيادي قوى أخرى تستمر بالمعارضة مدفوعة لمحاربة أنظمة عربية أخرى ولكنها تختلف مع تنظيم داعش وهذا ما يلاحظ في سوريا وليبيا ومصر ودول عربية أخرى وإن اختلف الشكل أو مستوى القوة للتنظيمات المعارضة.

في ظل هذه الصورة تكالبت كثير من الدول العربية لعقد تحالفات جديدة لتجنيب نفسها مخاطر تلك الصورة ولتصفية حسابات مع أنظمة معينة أو تحاول إبراز نفسها كلاعب مهم في الإقليم رغم صغرها، لذا يبرز الآن التحالف السعودي- القطري التركي الإسرائيلي بهدف اسقاط نظام بشار الأسد في سوريا وليس محاربة تنظيم داعش، ويظهر الدور التركي والإسرائيلي على أرض الواقع بمشاركات عسكرية ولوجستية غير معلنة داعمة لقوى المعارضة ضد النظام السوري بهدف تفتيت الجيش السوري حتي لا يبقَ يشكل خطراً على إسرائيل في مقابل علاقات معلنة وغير معلنة لقوى وسياسيّ المعارضة معها.

وفي ذات السياق تسعى الولايات المتحدة إلى تنشيط الفزاعة الإيرانية ولكن بشكل آخر من خلال إثارة الصراع السني الشيعي والذي تمثل في الدعم الأمريكي والغربي للنظام الشيعي في العراق لمحاربة داعش وفي مقابل ذلك الاستمرار في الحفاظ على داعش كقوة تشكل فزاعة وهاجساً لهذا النظام وتمثل ذلك في تقتيل الشيعة على أيدي داعش وتقتيل  السنة على أيدي الجيش العراقي (الشيعي) وقوات الحشد الشعبي العراقي (الشيعي)،

وفي ذات التوجه يُعمل على تأجيج الصراع الشيعي السني في الجانب الآخر من الوطن العربي من خلال إطلاق يد الحوثيين (الشيعة) بالسيطرة على اليمن بهدف خلق تحالفات جديدة تخدم الهدف الأمريكي غير المعلن والساعي لتأجيج الصراع الشيعي السني ومن هنا تم تشكيل تحالفات جديدة ارتقت إلى مستوى تشكيل قوى عسكرية (عاصفة الحزم) بهدف إنهاء التمرد الحوثي الشيعي في اليمن الذي يلقى دعماً سياسياً وعسكرياً من أطرف خارجية وعربية وعلى رأسها إيران التي وصل الأمر بها إلى التهديد باستخدام القوة لدعم الحوثيين انطلاقاً من التعاطف الشيعي الإيراني مع الشيعي اليمني، ولتأجيج الصراع السني الشيعي أيضاً في جنوب النظام العربي أُوعز بتفجير المسجد الشيعي في شرق المملكة العربية السعودية مما أثار حفيظة الشيعة فيها وإعلانهم عن نيتهم بتشكيل قوة تعمل على حمايتهم تسمى الحشد الشعبي على غرار الحشد الشعبي في العراق والذي تقوده إيران وبذلك يصبح السنة العرب بين فكر الكماشة الشيعية فكها الأول في الشمال (سوريا والعراق و لبنان متمثلة في حزب الله) وفكها الثاني في الجنوب (شيعة اليمن والسعودية والبحرين وعمان)، وقد كان هذا جلياً في تصريحات القادة السياسيين والعسكريين الإيرانيين اللذين تحدثوا بشكل صريح عن إعادة أمجاد الدولة الفارسية والتي أُنهي وجودها على أيدي المسلمين.

في ظل هذا الوضع غير المستقر ودائم التغير بأيادي كارهي النظام العربي الذين لا يعنيهم غير تمزيقه وتفتيته ليسهل السيطرة عليه وابتزازه ونهب مقدراته وإشغاله في همومه ومشاكله التي لن يُقدر لها أن تنتهي، في ظل ذلك يستمر عدم استقراره وهي الركيزة الأساسية ل: 1- استمرار الوجود الصهيوني الإسرائيلي في المنطقة وإبقائه اللاعب الرئيس في الساحة الإقليمية والدولية للحفاظ على أمن اسرائيل واستقرارها وإجهاض أيّ نشاط ساسي جماعي يسعى إلى إنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي أو على الأقل حل المشكلة الفلسطينية المتمثلة في إقامة الدولة على حدود الرابع من حزيران عام 1967 والقدس الشرقية عاصمتها وكذلك عودة اللاجئين إلى ديارهم التي هجروا منها، وكذلك الابقاء على دوامة المبادرات الأمريكية والأوروبية والتي تُوهم بأنها جدية وتسعى لإحقاق الحق الفلسطيني وإيهام النظام العربي المنشغل بهمومه بجدية تلك المبادرات ليتعاطى مع طروحاتها التي تتآكل في كل مرة حتي تصل يوماً ما إلى الصفر.

2- تفتيت دول النظام العربي دون استثناء على أساس عرقي وطائفي ولا يستثنى من هذه السياسة حتي دول الحلفاء لأمريكا والغرب وهذا هو أساس الفوضى الخلاقة التي بني عليها ما يدور الآن في الوطن العري، فهل يدرك النظام العربي بأن كلٌ آتيه دوره ولن تنقذه لعبة التحالفات مما ينتظره.

د. عز الدين أبو صفية

 
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف