تقع المنطقة العربية ضمن المناطق شحيحة المياه في العالم فهي تحتوي على 2% من موارد المياه في العالم و6% من سكان العالم، ويعتد السكان على المياه السطحية والجوفية وعلى تحلية مياه البحر في توفير مصادر المياه اللازمة لسد الحاجات الاساسية. وتعتمد المنطقة العربية على مجاري مائية تأتي من دول الجوار الجغرافي وهذا يشكل تحديا لكبيرا لواضعي السياسات المائية في العالم العربي، اذ يترتب عليهم الأخذ الاعتبارات التالية في صوغ علاقات دولية من منظور مائي:
المنظور الاول: تتحكم في منابع المياه في الشرق العربي دول الجوار الجغرافي حيث اشارات بعض الدراسات ان هذه الدول (تركيا واثيوبيا) تتحكم بجوالي 88 % من نسبة تدفق المياه الى دول المجرى والمصب العربية سواء في العراق وسوريا او في السودان ومصر.
ام بالنسبة احواض المياه الجوفية في العالم العربي فان الضخ الزائد من أحد الخزانات الجوفية في بلد يؤدي الى استنزاف المياه في الحوض بشكل عام مما يؤثر على كمية المياه فيه في البلدان الاخرى المشتركة في نفس الحوض كما في الحوض المائي المشترك في منطقة العين بالإمارات العربية المتحدة وعمان وكذلك استنزاف الموارد المائية من حوض مياه الساحل في قطاع غزة.
المنظور الثاني: خضوع الدول للنفوذ الفرنسي والبريطاني في الفترات السابقة وما ترتب عليه من اقامة الحدود بين بلدان الشرق العربي بناء على توزيع الموارد المائية كما في نهري الليطاني والحاصباني بين لبنان وفلسطين وسوريا (اتفاقية سان ريمو في ابريل 1920). وكذلك اتفاقيات المياه المبرمة بين دول حوض النيل.
المنظور الثالث: ان وجود الكيان الصهيوني في المنطقة العربية احتاج الى تامين مصادر مياه سواء جوفية او سطحية فكان لهذا الكيان ان سيطر على موارد المياه في الجولان والليطاني والحاصباني ونهر الاردن والمياه الجوفية في الساحل، حيث لم تخل اية حرب من الحروب الصهيونية على أطماع مائية.
المنظور الرابع: اعتبار امكانية تدمير المنشآت المائية اثناء الحروب حيث تشكل السدود المائية نقاط ضعف للدول في الحروب مثل السد العالي مصر والسدود المقامة على نهري دجلة والفرات في العراق وسوريا.
المنظور الخامس: نظرا لان الدول تحتاج الى قدرات تكنولوجية ومالية عالية في تطورية البنية المائية فإنها تضطر الى التعاون الدولي واستيراد التكنولوجيا والتمويل من المؤسسات الدولية والتي تعتبر ادوات للتحكم الغربي في المنطقة العربية والعالم كما هو في حالة اقامة السد العالي اذ احتاجت مصر الى التكنولوجيا الروسية في بناء ذلك السد.
من الواضح في النقاط السالفة الذكر انه عند وضع سياسة مائية فاعلة في العالم العربي لابد من الاتجاه الى تنمية علاقات دولية مبنية على المصالح المشتركة الاقليمية بما يضمن تنمية مشتركة في بلدان المنبع والمجرى والوادي.
توفيق جميعان
باحث في مجال المياه والبيئة
جامعة الازهر
المنظور الاول: تتحكم في منابع المياه في الشرق العربي دول الجوار الجغرافي حيث اشارات بعض الدراسات ان هذه الدول (تركيا واثيوبيا) تتحكم بجوالي 88 % من نسبة تدفق المياه الى دول المجرى والمصب العربية سواء في العراق وسوريا او في السودان ومصر.
ام بالنسبة احواض المياه الجوفية في العالم العربي فان الضخ الزائد من أحد الخزانات الجوفية في بلد يؤدي الى استنزاف المياه في الحوض بشكل عام مما يؤثر على كمية المياه فيه في البلدان الاخرى المشتركة في نفس الحوض كما في الحوض المائي المشترك في منطقة العين بالإمارات العربية المتحدة وعمان وكذلك استنزاف الموارد المائية من حوض مياه الساحل في قطاع غزة.
المنظور الثاني: خضوع الدول للنفوذ الفرنسي والبريطاني في الفترات السابقة وما ترتب عليه من اقامة الحدود بين بلدان الشرق العربي بناء على توزيع الموارد المائية كما في نهري الليطاني والحاصباني بين لبنان وفلسطين وسوريا (اتفاقية سان ريمو في ابريل 1920). وكذلك اتفاقيات المياه المبرمة بين دول حوض النيل.
المنظور الثالث: ان وجود الكيان الصهيوني في المنطقة العربية احتاج الى تامين مصادر مياه سواء جوفية او سطحية فكان لهذا الكيان ان سيطر على موارد المياه في الجولان والليطاني والحاصباني ونهر الاردن والمياه الجوفية في الساحل، حيث لم تخل اية حرب من الحروب الصهيونية على أطماع مائية.
المنظور الرابع: اعتبار امكانية تدمير المنشآت المائية اثناء الحروب حيث تشكل السدود المائية نقاط ضعف للدول في الحروب مثل السد العالي مصر والسدود المقامة على نهري دجلة والفرات في العراق وسوريا.
المنظور الخامس: نظرا لان الدول تحتاج الى قدرات تكنولوجية ومالية عالية في تطورية البنية المائية فإنها تضطر الى التعاون الدولي واستيراد التكنولوجيا والتمويل من المؤسسات الدولية والتي تعتبر ادوات للتحكم الغربي في المنطقة العربية والعالم كما هو في حالة اقامة السد العالي اذ احتاجت مصر الى التكنولوجيا الروسية في بناء ذلك السد.
من الواضح في النقاط السالفة الذكر انه عند وضع سياسة مائية فاعلة في العالم العربي لابد من الاتجاه الى تنمية علاقات دولية مبنية على المصالح المشتركة الاقليمية بما يضمن تنمية مشتركة في بلدان المنبع والمجرى والوادي.
توفيق جميعان
باحث في مجال المياه والبيئة
جامعة الازهر