دهاليز
يا سيّدتي كُفّي عن النّظر إلى ذاتك على أنّها تعني الكرةَ الأرضيّةَ، أنتِ لستِ إلّا واحداً يستوطن الكون، لكنّك لست محوره، الكون لا يدور حولك، أنت واحد من مليارات تعيش فوق الأرض، ومليارات تستوطن بطن الأرض، من فضلك تجنّبي سياسة محو الآخرين وإقصائهم، وتوقّفي عن تبنّي ثقافة إلغاء الآخر، فالآخرون بشر كما أنت موجودون كما أنت، لهم وجودهم كما أنت، يشعرون كما أنت، وليسوا صخوراً أو حجارة.
تنظرين إلى العالم على أنّك حدوده الشّماليّة والجنوبيّة، والشّرقيّة والغربيّة، وكأنّك تقولين العالم يحدّه من الشّمال أنا، ومن الجنوب أنا، ومن الشّرق أنا، ومن الغرب أنا، ويحدّه من فوق أنا، ومن تحت أنا أنا أنا، أنا ومن بعدي الطّوفان، أنا أو فنا.
ولّى زمن العبيد وكسح الملح، وما زلت تجرين دراسة جدوى للعبوديّة، ومفتاح سجن الباستيل ما زال معلّقاً في صدرك، على أنّه كان بيئة خصبة لتفتّق المواهب، تتحدّثين عنه بحسرة وتنهيدة عميقة قائلة: مضى الزّمن الجميل.
تتحدّثين أنت وأمثالك عن العمل بروح الفريق الواحد، أضحكتني إذاً لماذا تتصرّفين بروح الفرد الواحد، لماذا تكذبين؟ دعينا نرى أفكارك في سلوكياتك، وليس في شعاراتك، روح الفريق يا سيّدتي تتعارض مع اجتماعات الكهوف والزّوايا المظلمة، وتتطلّب العمل تحت ضوء الشّمس بعيداً عن الظلمة.
الرّتبة العسكريّة الوحيدة التي أتحفّظ على تسميتها هي رتبة فريق، هل يمكن للشّخص الواحد أن يدعى فريقاً إلّا في وطننا العربيّ الكبير؟ الفريق ليس واحداً، والواحد ليس فريقاً، أترين كيف تهاوت رتبتك العسكرية؟
هل تخشين نور الشّمس؟ تجنّبي سياسة خفافيش الظّلام، الشّمس تعني الضّوء، والنّور، والكشف، والوضوح، منذ خلقها الله وهي توزّع نورها، وتصيح هلمّوا إلى النّور، لا تدفنوا رؤوسكم في العتمة، كان بإمكان الله أن يظهرها مرّة واحدة إلى الأبد، لكنّه يسرّحها يوميّاً لتمحو العفن عن الذين يعشقون سياسة القبو المغلق، وحارات الغيتو، ولتجدد دعوة البشريّة للعمل في النّور.
لا تتكتّمي يا سيّدتي، ولا تبالغي في التّحفّظ ، نحن في عصر العولمة، في عصر نضع فيها فطورنا أو غداءنا على صفحة الفيس بوك فتشاهده كلّ الكرة الأرضيّة، ويعرفون أن فطوري اليّوم تضمّن صحن زيت، وزعتر، وحمص، وصحناً صغيراً للزّيتون، ورغيفاً من الخبز الأسمر، وأن طاولة الإفطار كانت فوقها مزهريّة، وأنّ بضع وردات كانت تطلّ برأسها من فوّهتها، وأنّ عيون الورد كانت تشرئب لتعانق شّمس الحرّيّة، وأن غطاء الطّاولة كان مزركشاً بوردات زهريّة، وأنّني أفطرت اليوم تحت ضوء الشّمس في حديقتي المنزليّة، وأنّ عيوني كانت تشعّ ببريق الرّجاء والأمل بربّ كريم، يطلّ بوجهه فيغني كلّ البشريّة.
أحمد الله الذي جعل رزقي بيده، لأنّه لو وكّل فيه أحداً من خلقه، لمِتّ جوعاً وعطشاً، وربما لحجبوا الأكسجين فمت خنقاً من قلّة الهواء، أحمده على أنّ انحداري أو صعودي بيده، وحياتي وموتي بيده، ولو كان بيد أحد من خلقه ربّما لحرمني الحياة منذ زمن، أحمده على أنّ كلّ ما أعطى، وكلّ ما منع بيده، اللهمّ لك الحمد حتّى ترضى، لا تكلني إلى أحد من خلقك طرفة عين.
الكاتبة عزيزة محمود خلايلة
مشرفة اللغة العربية
مكتب تربية الخليل
Email: [email protected]
يا سيّدتي كُفّي عن النّظر إلى ذاتك على أنّها تعني الكرةَ الأرضيّةَ، أنتِ لستِ إلّا واحداً يستوطن الكون، لكنّك لست محوره، الكون لا يدور حولك، أنت واحد من مليارات تعيش فوق الأرض، ومليارات تستوطن بطن الأرض، من فضلك تجنّبي سياسة محو الآخرين وإقصائهم، وتوقّفي عن تبنّي ثقافة إلغاء الآخر، فالآخرون بشر كما أنت موجودون كما أنت، لهم وجودهم كما أنت، يشعرون كما أنت، وليسوا صخوراً أو حجارة.
تنظرين إلى العالم على أنّك حدوده الشّماليّة والجنوبيّة، والشّرقيّة والغربيّة، وكأنّك تقولين العالم يحدّه من الشّمال أنا، ومن الجنوب أنا، ومن الشّرق أنا، ومن الغرب أنا، ويحدّه من فوق أنا، ومن تحت أنا أنا أنا، أنا ومن بعدي الطّوفان، أنا أو فنا.
ولّى زمن العبيد وكسح الملح، وما زلت تجرين دراسة جدوى للعبوديّة، ومفتاح سجن الباستيل ما زال معلّقاً في صدرك، على أنّه كان بيئة خصبة لتفتّق المواهب، تتحدّثين عنه بحسرة وتنهيدة عميقة قائلة: مضى الزّمن الجميل.
تتحدّثين أنت وأمثالك عن العمل بروح الفريق الواحد، أضحكتني إذاً لماذا تتصرّفين بروح الفرد الواحد، لماذا تكذبين؟ دعينا نرى أفكارك في سلوكياتك، وليس في شعاراتك، روح الفريق يا سيّدتي تتعارض مع اجتماعات الكهوف والزّوايا المظلمة، وتتطلّب العمل تحت ضوء الشّمس بعيداً عن الظلمة.
الرّتبة العسكريّة الوحيدة التي أتحفّظ على تسميتها هي رتبة فريق، هل يمكن للشّخص الواحد أن يدعى فريقاً إلّا في وطننا العربيّ الكبير؟ الفريق ليس واحداً، والواحد ليس فريقاً، أترين كيف تهاوت رتبتك العسكرية؟
هل تخشين نور الشّمس؟ تجنّبي سياسة خفافيش الظّلام، الشّمس تعني الضّوء، والنّور، والكشف، والوضوح، منذ خلقها الله وهي توزّع نورها، وتصيح هلمّوا إلى النّور، لا تدفنوا رؤوسكم في العتمة، كان بإمكان الله أن يظهرها مرّة واحدة إلى الأبد، لكنّه يسرّحها يوميّاً لتمحو العفن عن الذين يعشقون سياسة القبو المغلق، وحارات الغيتو، ولتجدد دعوة البشريّة للعمل في النّور.
لا تتكتّمي يا سيّدتي، ولا تبالغي في التّحفّظ ، نحن في عصر العولمة، في عصر نضع فيها فطورنا أو غداءنا على صفحة الفيس بوك فتشاهده كلّ الكرة الأرضيّة، ويعرفون أن فطوري اليّوم تضمّن صحن زيت، وزعتر، وحمص، وصحناً صغيراً للزّيتون، ورغيفاً من الخبز الأسمر، وأن طاولة الإفطار كانت فوقها مزهريّة، وأنّ بضع وردات كانت تطلّ برأسها من فوّهتها، وأنّ عيون الورد كانت تشرئب لتعانق شّمس الحرّيّة، وأن غطاء الطّاولة كان مزركشاً بوردات زهريّة، وأنّني أفطرت اليوم تحت ضوء الشّمس في حديقتي المنزليّة، وأنّ عيوني كانت تشعّ ببريق الرّجاء والأمل بربّ كريم، يطلّ بوجهه فيغني كلّ البشريّة.
أحمد الله الذي جعل رزقي بيده، لأنّه لو وكّل فيه أحداً من خلقه، لمِتّ جوعاً وعطشاً، وربما لحجبوا الأكسجين فمت خنقاً من قلّة الهواء، أحمده على أنّ انحداري أو صعودي بيده، وحياتي وموتي بيده، ولو كان بيد أحد من خلقه ربّما لحرمني الحياة منذ زمن، أحمده على أنّ كلّ ما أعطى، وكلّ ما منع بيده، اللهمّ لك الحمد حتّى ترضى، لا تكلني إلى أحد من خلقك طرفة عين.
الكاتبة عزيزة محمود خلايلة
مشرفة اللغة العربية
مكتب تربية الخليل
Email: [email protected]