الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/25
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

إشكالات التنفيذ العيني الجبري دراسة مقارنة بين الأنظمة القانونية العربية بقلم:د.عادل عامر

تاريخ النشر : 2015-05-25
إشكالات التنفيذ العيني الجبري دراسة مقارنة بين الأنظمة القانونية العربية بقلم:د.عادل عامر
إشكالات التنفيذ العيني الجبري دراسة مقارنة بين الأنظمة القانونية العربية

الدكتور عادل عامر

يلزم المدين كقاعدة عامة بتنفيذ التزامه تنفيذاً عينياً اختياراً أو جبراً عند عدم وجود مانع مادي أو قانوني. ولا يخرج عن هذا التصرفات الواردة على عقار ، إذ لا تزال العقود بشأنها في غالبية البلدان رضائية.

 إلا أن بعض القوانين العربية لا تجيز إجبار بائع العقار على تنفيذ التزامه عند امتناعه عن نقل الملكية إلى المشتري، وتعدّ هذا النوع من العقود شكلياً لا ينعقد إلا بعد تسجيله في دوائر التسجيل. وبهذا أحيط البائع بحصانة قانونية وقضائية لا مسوغ لها.

المقدمة:

من المعروف أن الأصل في العقود أنها رضائية؛ أي أنها تنعقد بمجرد ارتباط القبول بالإيجاب سواء تم ذلك كتابة أو مشافهة أو حتى بالإشارة المألوفة من الأخرس أو غير الأخرس. ويصدق هذا الكلام كأصل عام على الأشياء كافة المنقولة وغير المنقولة كالعقارات.

وعلى هذا الأساس فإن الأصل في التبادل التعاقدي هو الابتعاد عن الشكل الذي يتجلى في ضرورة صب العقد في قالب معين لا يجوز الخروج عليه كما كان الحال لدى الرومان، لأن اشتراط الشكل سيؤدي إلى وضع قيود على حركة التعاقد، قد يأباها العصر الذي يجنح نحو سهولة التعاقد وسرعته خدمته لحركة الإنسان الاقتصادية والحضارية.

ومع ذلك نظر المشرع إلى بعض الأشياء الهامة، أو ذات الأثمان العالية نظرة اهتمام وعناية؛ ولم يشأ تركها دون تنظيم، وسجلات دقيقة تحول دون حصول المنازعات بشأنها، ومن ذلك العقارات وما يرد عليها من تصرفات قانونية، إذ أخضعها القانون لإجراءات شهرية معينة، ولا يتم أي من هذه التصرفات إلا بإتمام هذه الإجراءات.

والغاية الأساسية من وجود هذه القيود التي تختص بالعقارات وما يترتب عليها من حقوق عينية أصلية أو تبعية؛ هي وضع التنظيم القانوني والميداني الدقيق لأهم عنصر من عناصر الثروة الوطنية، ومعرفة عائدية هذه العقارات بسجلات تتمتع بحجية قاطعة في مواجهة الكافة. ويستطيع مشتري العقار أو أي شخص ذو مصلحة العلم بكل ما يتعلق بالعقار مساحة وموقعاً، والعلم بصاحبه، وبالحقوق المترتبة عليه عند إجراء أي معاملة على هذا العقار. وتكاد الدول تجمع على ضرورة وجود نظام يبصّر الناس بما لهم وما عليهم، ولكن بعض هذه الدول أعطت نظام الشهر العقاري أكثر مما يستحق ، وربما خرجت على الغاية الأساسية التي جاء من أجلها وهي التنظيم إلى اعتبار هذه الإجراءات ركناً لانعقاد البيع، بحيث يعد العقد باطلاً عند عدم توافر هذا الركن، بل والأكثر من ذلك حرمان المشتري من حق مطالبة البائع بالتنفيذ العيني الجبري إذا كان محل العقد عقاراً حتى ولو كان هذا التنفيذ ممكناً وغير مرهق للبائع. وما يستطيع المشتري فعله هو المطالبة بالتعويض ليس إلا. وكل ذلك كما سيلاحظ القارئ الكريم يأتي بخلاف الأصل العام الذي يخول المشتري حق المطالبة بالتنفيذ العيني الجبري، بل وخلاف المنطق القانوني فلا يوجد أي مسوغ لحرمان مشتري العقار من هذا الحق، في الوقت الذي باع فيه المالك عقاره باختياره وبكامل قواه. والمشرع كما نعلم منزه من أن يجعل أحد طرفي العقد يلعب بمقدرات الطرف الآخر بحصانة قانونية لا تجد ما يبررها على الإطلاق.

وعلى كل حال فأن النظم القانونية محل دراستنا ستنقسم إلى أربعة:

أولها من جسد الغاية التنظيمية من التسجيل وأبقى على القاعدة الأساسية وهي أن العقود التي ترد على العقارات تنعقد بذات العقد، مما يؤدي إلى انتقال الملكية بمجرد التعاقد،

وثاني هذه النظم من أبقى على مبدأ الرضائية في العقود التي ترد على عقار، فلم يغير التسجيل من طبيعتها الرضائية مع تراخي أثر واحد من آثار العقد لحين التسجيل ؛ وهو انتقال الملكية، وبموجب هذين النظامين يتيسر للمشتري طريق المطالبة بالتنفيذ العيني الجبري عند نكول البائع عن تنفيذ التزامه.

وثالث هذه الأنظمة ما ذهب إلى أن التسجيل في دائرة التسجيل العقاري يأتي للانعقاد بحيث يعتبر العقد باطلاً دون استيفاء هذا الشكل . ونظراً لكثرة الانتقادات لهذا النظام وعقمه وخلقه الكثير من المتاعب، والحيف بالنسبة لطائفة كبيرة من مشتري العقارات، حاولت الدول التي أخذت به تزويقه وتجميله دون أن تجرؤ على تغييره، ففتحت أبواباً للتنفيذ العيني الجبري دون أن تفتح باب التنفيذ العيني الجبري على مصراعيه.

أما النظام الرابع وهو ما يمثله القانون الأردني فهو نظام حائر لم يأخذ بأي من هذه الأنظمة بشكل واضح، وجاء التنظيم القانوني لهذه المسألة الحساسة والهامة مشوشاً بسبب عدم اتساق النصوص القانونية وتناقضها.

، موقف القضاء الأردني الذي حسم الموقف باعتبار التسجيل ركناً للانعقاد وأوصد الباب أمام المشتري الذي لا يستطيع المطالبة بالتنفيذ العيني الجبري عند نقول البائع عن الصفقة. وبهذا الاتجاه القضائي يكون الموقف في مبرر. قد أخذ بالجزء العقيم من النظام الثالث أي بالجزء المنتقد دون تلطيفه، حتى بما أخذ به النظام الثالث. وفي ذلك خروج واضح على الشريعة الإسلامية والاتجاه العام في أغلب النظم القانونية المعاصرة.

وفي هذه الدراسة سنحاول تحليل الوضع القانوني في الأردن من الناحيتين النظرية والعملية لملاحظة ومتابعة النصوص القانونية ووضعها أمام القارئ لمعاينة دقة تفسيرها وصحته وتطبيقها ومعرفة النظام القانوني الأصلح لمثل هذا الموضوع الخطير. وسندلل على كل ما يرد بما لدينا من حجج تعيننا على الإقناع، من أجل إنصاًف طرفي العقد ووضع البائع والمشتري على وجه الخصوص والدائن والمدين على وجه العموم على جادة المساواة دون محاباة أحدهما على حساب الآخر بلا مبرر .

المبحث القاعدة:بيعة العقد وحق الدائن في المطالبة بالتنفيذ العيني الجبري كأصل عام

قبل أن ندخل في صلب الموضوع لا بد لنا أن نعرف الأصل العام لانعقاد العقود سواء في الشريعة الإسلامية وفقهها أو في القوانين الوضعية المعاصرة، وهل أن هذا الأصل يميل نحو تيسير الانعقاد من باب تسهيل التعامل والتداول بين الناس، ويجعله القاعدة الأساسية، التي لا يحق التوسع في الاستثناءات الواردة عليها إلا في حالات الضرورة، أم العكس هو المعول عليه، أي اعتماد الشكل كلما سنحت الفرصة لذلك، لضبط التعامل والتداول بين الناس بسبب تشابك العلاقات التعاقدية، وحاجتها إلى مزيد من الإجراءات التي لا ينعقد العقد دون استيفائها؟ومن أجل ذلك سنلاحظ الموقف المعمول به في الشريعة والفقه الإسلاميين ثم في النظم القانونية المختلفة لكي نحدد وجهتنا القانونية السليمة بهذا الشأن.

أولاً: القاعدة :الأصل أن ينفذ المدين التزامه عيناً

الأصل في تنفيذ الالتزامات هو التنفيذ العيني. أي وفاء المدين بعين ما التزم به. فالتنفيذ العيني هو حق للدائن فلا يستطيع المدين أن يعدل عنه إذا كان ممكناً وينفذ التزامه بطريق التعويض. كما أنه حق للمدين فليس للدائن أن يرفض التنفيذ العيني ويطالب المدين بالتنفيذ بمقابل (التعويض). إلا أنه وإذا كان التنفيذ العيني هو الأصل. فإن للدائن أن يلجأ إلى التنفيذ بمقابل كطريق احتياطي للتنفيذ. وذلك في الحالات التي لا تتوفر فيها شروط التنفيذ العيني الآتي ذكرها.

ثانياً: شروط التنفيذ العيني ( م 203 مدني)

الشرط الأول: أن يكون التنفيذ العيني ممكناً:

يجب لإمكان إجبار المدين على التنفيذ العيني للالتزام أن يكون هذا التنفيذ ممكناً. فإذا كان تنفيذ الالتزام مستحيلاً فلا يمكن جبر المدين على القيام به. إذ لا جدوى من المطالبة بالمستحيل. فإذا كانت استحالة التنفيذ ناجمة عن سبب أجنبي عن المدين فإن الالتزام ينقضي ولا يلتزم المدين حتى بالتعويض. أما إذا كانت الاستحالة ناجمة عن فعل المدين وخطئه فإنه يكون مسئولاً عن تعويض الدائن. على أنه يجب أن نلاحظ أن الالتزام بدفع مبلغ نقدي حتى وإن تعذر تنفيذه في حالة إفلاس أو إعسار المدين فإنه لا يعتبر مستحيلاً. ودليل ذلك أنه إذا أعقب الإفلاس يسار يسمح بالتنفيذ في أي وقت. فإن التنفيذ يتم عيناً مع حفظ حق الدائن في المطالبة بالتعويض عن التأخير.

 ويعتبر من قبيل الاستحالة التي تمنع من تنفيذ الالتزام عيناً تلك الحالات التي يرتبط فيها تنفيذ الالتزام بشخص المدين الممتنع عن التنفيذ. فمثلاً. إذا كان الملتزم طبيباً شهيراً لا يقوم غيره بإجراء نوع معين من العمليات الجراحية أو كان وحده محل ثقة المريض ثم امتنع عن إجرائها. فإن الامتناع يعد من قبيل الاستحالة التي تحرم الدائن من التمسك بالتنفيذ العيني لما في التنفيذ من مساس بشخص المدين وما يؤدي إليه من مصادرة لحرية المدين. لكن يمكن إجبار المدين الممتنع في هذا الفرض بطرق أخرى مثل الغرامة التهديدية. فإن لم يفلح هذا الطريق فليس أمام الدائن سوى الاكتفاء بالتعويض.

الشرط الثاني: ألا يكون التنفيذ العيني مرهقاً للمدين:

أجاز المشرع للقاضي بناءً على طلب المدين أن يرفض التنفيذ العيني إذا كان مرهقاً للمدين. لكن المشرع ألزم القاضي في هذه الحالة أن يتوثق من أن ذلك لا يسبب ضرر جسيم للدائن.

 

والمقصود بالتنفيذ العيني المرهق تلك الفروض التي يكون فيها تنفيذ الالتزام ممكناً في حد ذاته ولكنه يلحق بالمدين ضرراً جسيماً يتعلق تقدير خطورته بما لقاضي الموضوع من سلطة وقدرة على التحق من الضرر ومدى جسامته في كل حالة على حدة. ونحن نعتقد أن المشرع كان يهدف من وراء هذا المبدأ الالتزام بحسن النية في تنفيذ الالتزامات والمطالبة بها؛ ذلك أن إصرار الدائن على التنفيذ العيني بالرغم من كونه مصدر جسيم للمدين يعتبر تعسفاً في استعمال حقه مما يتعارض مع مبدأ حسن النية الذي يحكم تنفيذ الالتزامات.

واستكمالاً لهذا المنطق فإن المشرع اشترط للعدول عن التنفيذ العيني إلى التنفيذ بمقابل ألا يترتب على هذا العدول إلحاق ضرر جسيم بالدائن؛ ذلك أن الدائن لا يمكن أن يوصف بالتعسف في هذا الفرض لأن مصلحته في هذه الحال هي الأولى بالرعاية لأنه يطالب بالأصل في تنفيذ الالتزامات.

الشرط الثالث: أعذار المدين:

أعذار المدين شرط ضروري لإجبار المدين على تنفيذ التزامه إذا امتنع عن التنفيذ اختياراً. ويعتقد البعض أن الأعذار ليس شرطاً للتنفيذ العيني. ويدلل أصحاب هذا الرأي على صحة ما يقولونه بأن التنفيذ العيني يتم باختيار المدين بالإضافة إلى أن التنفيذ العيني قد يقع بقوة القانون كما هو الحال في نقل الحقوق العينية الواردة على منقولات معينة بالذات. وفي كلتا الحالتين فلا حاجة للأعذار. ونحن نعتقد ـ على خلاف الرأي السابق ـ بصحة شرط الأعذار؛ ذلك أن الأعذار أمر ضروري ومقدمة لازمة قبل اللجوء إلى إجباره على التنفيذ لسببين:

فمن ناحية أولى. لا يتصور أن يقضي القاضي بالتنفيذ العيني إلا بعد مطالبة الدائن للمدين بتنفيذ التزامه عيناً. ويعتبر الأعذار شكلاً رسمياً لهذه المطالبة. ومن ناحية ثانية. فإن النص التشريعي واضح في اعتبار الأعذار شرطاً لازماً لإمكان إجبار المدين على التنفيذ العيني.

 أما عن إجراءات الأعذار فإن المشرع بين هذه الإجراءات ونص في المادة219 مدني على أن أعذار المدين يكون بإنذاره أو بما يقوم مقام الإنذار. ويجوز أن يتم الأعذار عن طريق البريد على الوجه المبين في قانون المرافعات. كما يجوز أن يكون مترتباً على اتفاق بأن يكون المدين معذراً بمجرد حلول الأجل ودون حاجة إلى أي إجراء آخر. والإنذار المقصود هنا هو الذي يتم على يد محضر أو الذي يقوم الدائن بتسليمه للمدين مباشرةً مادام أنه تضمن البيانات التي يجب أن يتضمنها الإنذار. أما ما يقوم مقام الإنذار هو أي ورقة رسمية يوجهها الدائن إلى المدين يطالبه فيها بتنفيذ التزامه مثل إعلان السند التنفيذي أو صحيفة التكليف بالحضور. أما الأوراق غير الرسمية فإنها لا تقوم مقام الأعذار.

على أن يلاحظ أن القاعدة السابقة المتعلقة بوجوب الأعذار لا تتعلق بالنظام العام. أي يجوز للمتعاقدين الاتفاق على أن يكون الأعذار بأي طريق من الطرق حتى وإن كان ذلك باعتبار المدين معذراً لمجرد حلول أجل الوفاء. كذلك يجوز الاتفاق ـ ومن باب أولى ـ أن يتم الأعذار ولو بورقة غير رسمية أو حتى بالإخطار الشفوي. على أنه يصعب على الدائن في الحالة السابقة إثبات إتمام الأعذار.

وإذا كان جائزاً للمتعاقدين الاتفاق على الإعفاء من شرط الإعذار كما سبق وذكرنا. فإن المشرع نفسه قد أورد أربعة حالات استثنائية لم يتطلب فيها إعذاراً ( م 220 مدني ) وهي: إذا أصبح تنفيذ الالتزام غير ممكن أو غير مجد بفعل المدين. إذا كان محل الالتزام تعويضاً ترتب عن عمل غير مشروع. إذا كان محل الالتزام رد شيء يعلم المدين أنه مسروق أو شيء تسلمه دون وجه حق وهو عالم بذلك. إذا صرح المدين كتابة أنه لا يريد القيام بالتزامه.

المبحث الثاني الغرامة التهديدية

أولاً:تعريف الغرامة التهديدية وأصلها القانوني

الغرامة التهديدية أو التهديد المالي هو وسيلة لجبر المدين على تنفيذ التزامه بعمل إذا كان هذا التنفيذ يستلزم تدخله الشخصي. وذلك عن طريق صدور حكم قضائي بإلزام المدين بالتنفيذ مع حكم آخر تهديدي بإلزامه بمبلغ من النقود يتزايد مع استمرار إصراره على الامتناع عن تنفيذ التزامه ( م 213 مدني). وهذا النظام نظام مستحدث في القانون المصري وليس له نظير في القانون المدني الفرنسي. وإنما أخذه المشرع المصري مما كان القضاء يسير عليه في مصر وفرنسا.

ثانياً:شروط الحكم بالغرامة التهديدية

الشرط الأول:أن يكون تنفيذ الالتزام ممكناً

لأن الغرامة التهديدية تهدف إلى حمل المدين على تنفيذ التزامه فيجب أن يكون هذا التنفيذ ممكناً. فإذا أصبح التنفيذ مستحيلاً فلا جدوى من الحكم بالغرامة التهديدية.

الشرط الثاني:أن يكون التنفيذ غير ممكن أو غير ملائم إلا إذا قام به المدين بنفسه

مجال الغرامة التهديدية هو مجال التزام المدين بعمل. فيجب أن يكون التنفيذ غير ممكن إلا إذا قام به المدين بنفسه. ومثاله إذا التزم مهندس بالقيام بعمل فني معين لا يتقنه غيره أو لا يمكن الوثوق في إتمامه على النحو الأمثل إلا بقيامه به شخصياً. كما يجوز الحكم بالغرامة التهديدية حينما يكون محل الالتزام هو الامتناع عن عمل. وفي هذا الفرض يمكن الحكم على المدين بمبلغ من المال عن كل مرة يقوم فيها بالعمل الذي التزم بالامتناع عنه.

ثالثاً:طبيعة الحكم بالغرامة التهديدية

الحكم بالغرامة هو حكم تهديدي وقتي ولا يحوز حجية الأمر المقضي به فهو ليس حكماً قطعياً. لذلك لا يراعى في تقدير الغرامة أن تكون متناسبة مع مقدار الضرر لأنها ليست تعويضاً عن عدم التنفيذ. ولكن يغلب أن يكون مقدار الغرامة مبالغاً فيه حتى يتحقق الغرض منه في حمل المدين على الوفاء بالتزامه. وتقدر الغرامة عن كل فترة زمنية يتأخر فيها المدين عن التنفيذ كأسبوع أو شهر. ويجوز للقاضي أن يعدل عن الحكم بالغرامة أو يقلل من مقدارها أو يزيد فيه إذا رأي ضرورة لذلك. وإذا نفذ المدين التزامه فإنه سيطلب من القاضي أن يخفض مقدار الغرامة ولا يحكم عليه إلا بتعويض عن التأخير في تنفيذ التزامه.

رابعاً:أثر الحكم بالغرامة التهديدية

بما أن الحكم بالغرامة حكم وقتي. فإن مصيره إلى إعادة النظر فيه ولا يكون واجب النفاذ. كما أن المبلغ المحكوم به لا يعتبر دينا ًمحققا ًفي ذمة المدين وبالتالي فلا يجوز للدائن أن ينفذ به على أموال المدين. بل يجب عليه أن ينتظر حتى يعاد النظر في قيمة الغرامة ويحكم له بالتعويض النهائي. وعلى ذلك فأثر الحكم بالغرامة يجب أن نميز فيه بين حالتين:

الحالة الأولى: إذا نفذ المدين التزامه. فإنه يعاد في هذه الحال النظر في مقدار الغرامة ويحكم عليه بتعويض عن التأخير في تنفيذ التزامه.

الحالة الثانية: إذا استمر المدين في عناده ولم ينفذ التزامه. فإنه لا جدوى من الاستمرار في الحكم بالغرامة عليه لأن تهديده بها أصبح عديم القيمة. وفي هذا الفرض يلتفت القاضي عن قيمة الغرامة عند تقدير التعويض النهائي الذي يطلب الدائن الحكم به عن عدم التنفيذ.

لغة : تحقيق الشيء وإخراجه من حيز الفكر إلى حيز التطبيق والواقع. اصطلاحا له معنيين موضوعي والآخر إجرائي. المعنى الموضوعي هو الوفاء بالالتزام والوفاء إما يكون اختياريا أو يكون قهريا ذلك أن بعض الفقه يميز في رابطة الالتزام بين عنصري المديونية والمسؤولية فيكون الوفاء اختياريا عندما يستجيب المدين لعنصر المديونية في الالتزام. أما إذا امتنع المدين عن التنفيذ كأن يتأخر عن الوفاء بالالتزام فلا مفر من إدراج عنصر المسؤولية في الالتزام ومن ثم يلجأ إلى التنفيذ الجبري عليه من خلال لجوء الدائن إلى السلطة العامة لمطالبتها باقتضاء حقه، ومن ثم هناك بعض الفقه من يستعمل لفظ الوفاء للدلالة على التنفيذ الاختياري ولفظ الاقتضاء للدلالة على التنفيذ الجبري أو القهري، ولا يثير التنفيذ الاختياري أية مشكلة إجرائية، إلا في حالة واحدة وهي عندما يرفض الدائن ما يعرضه عليه المدين، ففي هذه الحالة يقوم المدين بعرض ما وجب عليه أداؤه عرضا فعليا بأن يودعه بقلم كتاب المحكمة ثم يطلب من هذه الأخيرة بأن تقضي له بصحة العرض إبراء لذمته التنفيذ الإجرائي أو الجبري : يقصد به مجموعة الإجراءات اللازم اتخاذها لتنفيذ السند عن طريق القوة عند رفض المدين التنفيذ الاختياري والقاعدة الأساسية للتنفيذ الإجرائي أو الجبري هي أن لا يجوز للشخص أن يقتضي حقه بنفسه بل يجب اللجوء إلى السلطة العامة لأن في ذلك حماية لحقوق الدائن والمدين والغير الذي قد يحتمل المساس بالمال الذي بين يديه لو ترك الأمر بيد الدائن لينفذ كيفما يشاء.

التنفيذ الجبري قد يكون عينيا وقد يكون بمقابل، فيسمى الأول في الاصطلاح القانوني بالتنفيذ المباشر، بينما يسمى الثاني بالتنفيذ غير المباشر. فالتنفيذ العيني هو حصول الدائن على عين ما التزم به المدين وهو الأصل في التنفيذ فإذا استحال التنفيذ العيني كهلاك العين المطلوب تسليمها فإن هلاكها يشكل مانع مادي يستحيل معه التنفيذ العيني وفي هذه الحالة يبقى أمام المنفذ اللجوء إلى القضاء لاستصدار حكم بالتعويض وهو ما يسمى التنفيذ غير المباشر إلا إذا كان محل الحجز أو التنفيذ مبلغا من النقود فيكون التنفيذ مباشرا عن طريق الحجز على المال وهو في هذه الحالة مبلغ النقود. فكلما كان محل الحق هو محل التنفيذ كنا بصدد تنفيذ عيني أو تنفيذ مباشر. أما التنفيذ غير المباشر فهو البديل الذي يحصل عليه الدائن مقابل عدم الوفاء بمحل الالتزام بعينه ومن أمثلة التنفيذ المباشر: التزام المدين بتسليم عين معينة كتسليم الشيء المبيع أو العقار فإنه يكون ملزما بتمكين الدائن من تلك العين ما دامت موجودة فإذا لم يتم التنفيذ اختياريا وجب الحجز وتسليمها إلى صاحبها وذلك بتحرير محضر لهذا الغرض وفي هذا تنص المادة 338 فقرة 01 قائم جزائري: ( إذا كان المدين ملزم بتسليم شيء منقول أو كمية من الأشياء المنقولة أو أشياء مثلية فإن مثل هذه الأشياء تسلم إلى الدائن ). أما التنفيذ غير المباشر فهو التنفيذ بطريق الحجز كلما كان محل الالتزام مبلغا من النقود سواء كان ذلك من الأصل كقرض محله مبلغ من النقود أو كنا بصدد تنفيذ بمقابل تحول فيه محل الالتزام إلى مبلغ من النقود يمثل المبلغ الذي حكم به القاضي كتعويض لفسخ العقد أو لهلاك العين التي تمثل محل الالتزام.

هل كل تنفيذ حجز ؟ وهل كل حجز تنفيذ ؟

إن معيار التفرقة بين التنفيذ المباشر وغير المباشر هو في محل الالتزام المطلوب تنفيذه فإن كان مبلغا من النقود كان الحجز هو مبلغا لتنفيذ الحجز على المبلغ المالي إن كان موجودا.

 أما إذا كان عينا أو عملا أو امتناعا عن عمل فالأصل هو اقتضاء الحق عينا ما لم يكن هذا العمل أو الامتناع مما يحتاج إلى تدخل المدين شخصيا بحيث يكون التزامه بالتنفيذ المباشر اعتداء على شخصه وهو ما يشكل مانع أدبي يحول دون القيام بالتنفيذ المباشر، غير أن القضاء الفرنسي قد ابتدع وسيلة قانونية لمواجهة هذه الأحوال التي يكون فيها تنفيذ الالتزام عينا غير ممكن أو غير ملائم إلا إذا قام به المدين شخصيا وتعرف هذه الوسيلة بالإكراه المالي وهي الحكم على المدين بمبلغ مالي عن كل يوم تأخير في أدائه لالتزامه، والغرامة بهذا المعنى ليست تعويضا فلا يراعى فيها التناسب مع الضرر وإنما يراعى كفايتها للضغط على المدين حتى يقوم بإجراء التنفيذ العيني وللقاضي أن يزيد فيها أو ينقص منها حسب أحوال المدين.

وتسمى بالغرامة التهديدية المادة 174 قام جزائري والمادة 171 قاإ جزائية جزائري وثمة أحكام لا يتصور تنفيذها بطريق الحجز كالحكم ببطلان عقد أو فسخه، ففي هذه الأمثلة يكون تنفيذها عينا باعتبار العقد موجود والتصرف على ذلك الأساس أو الحكم الذي يقضي بالإخلاء أو بالهدم أو الترميم أو إقامة بنيان معين لا يتم تنفيذه بطريق الحجز بل يتم تنفيذه مباشرة حسب مقتضيات كل حالة.

هل كل حجز تنفيذ ؟؟

نميز بين نوعين من الحجز: التحفظي والتنفيذي:

الحجز التحفظي: وهو بدوره نوعان تحفظي وتحفظي استحقاقي.

1) الحجز التحفظي : وهو إجراء وقائي كحجز منقولات المدين خشية فراره أو تهربيه لهذه الأموال وهو يهدف إلى ضبط المال المحجوز ووضعه تحت يد القضاء، ومن ثم لا يشترط فيه وجود السند ولا يسبقه إعلان لهذا السند أو تكليف بالوفاء ولا يعقبه بيع لأنه ليس حجز تنفيذي. ملاحظة : الرهن الرسمي هو رهن بإرادة الطرفين والرهن بأمر من القاضي هو رهن بالتخصيص كالعقار بالتخصيص. ولدينا حق الامتياز ويكون إما بإرادة الطرفين أو بأمر من القاضي أو بنص القانون. حق الإرتفاق معناه مساعدة العقار المجاور بما ينقصه من مصالح وهو يخص العقار. من أمثلة حقوق الامتياز الأجور والنفقة. كل من الرهن الرسمي والرهن بالتخصيص وحق الامتياز وحق الارتفاق هي حقوق تدخل ضمن الحقوق العينية التبعية.

 2) الحجز التحفظي الإستحقاقي : هو أيضا حجز تحفظي وهو الحجز الذي يوقع مالك المنقول أو صاحب حق عيني آخر عليه خوله حق التتبع في يد من يحوزه تمهيدا لتسلمه، فليست الغاية من هذا الحجز بيع الأموال المحجوزة بل إعادة المال المنقول إلى الشخص الذي يدّعي أنّ له حق امتياز أو حق ملكية.

‚ الحجز التنفيذي : وهو وضع المال، مال المدين تحت يد القضاء تمهيدا لبيعه وليس الحجز تنفيذا بذاته ولكنه يمهد له فلا يتحقق التنفيذ إلا ببيع الأموال المحجوزة وسداد حق الدائن من ثمنها على انه قد توقف إجراءات التنفيذ إذا قام المدين بالوفاء الاختياري فينقضي الدين حينئذ ويسقط الحجز ويزول أثره. للتنفيذ بهذا المعنى مرحلتان:

مرحلة 01 : وهي الحجز والغرض منها وضع المال المطلوب التنفيذ عليه تحت يد القضاء.

مرحلة 02 : وهي بيع ذلك المال جبرا واستيفاء حق الدائن من ثمنه. وللحجز بكل أنواعه وظيفة تحفظية هي تقييد سلطة المدين على مال معين حماية لحق الحاجز، غير أن للحجز التنفيذي وظيفة أخرى تتمثل في تحديد الأموال التي ستنتزع ملكيتها وهي الوظيفة التنفيذية للحجز التنفيذي.

ملاحظـة : تتفق المذاهب الإسلامية على إباحة التنفيذ بالبيع الجبري وهي متفقة على أحكامه إذ توجب هذه المذاهب مراعاة الموازنة بين مصلحة الغرماء ومصلحة المدين في نفس الوقت، فيبدأ الحاكم أو المنفذ ببيع الأيسر فالأيسر من العروض فإن لم يكفي ثمنها بيع العقار ما عدا ما لا يستغني عنه في حياة المدين كمنزله وملابسه، غذاؤه، فراشه وأشياء من يعوله، ويجب أن يكون البيع بثمن المثل وإلا ّ لزم الفسخ وتقسم حصيلة التنفيذ بين الغرماء – الدائنين -. والقاعدة العامة في التنفيذ أن جميع الدائنين متساوين ما لم يكن هناك دائن ممتاز كأصحاب الرهن. فالأحكام الشرعية متفقة مع القانون الوضعي في خصوص البيع الجبري (أول بيع جبري تم في عهد الرسول على أموال معاذ بن جبل ).

المبحث الثاني: أركان التنفيذ

التنفيذ هو تصرف قانوني يوجد علاقة قانونية وينشئ التزامات وحقوق للطرفين مثل تلك التي تنشأ عند قيام الدعوى أو الخصومة القضائية فالتنفيذ يشكل دعوى حقيقية تدعى خصومة التنفيذ، وهي علاقة إلزامية بأمر المشرع ومصدرها القانون، فالقانون ينظم علاقات الأفراد بإنشائه للحق الموضوعي وكذلك الحق في الدعوى للمطالبة بالحق الموضوعي مما يتطلب كذلك الحق في التنفيذ الذي نحن بصدده، فما هي إذن أركان خصومة التنفيذ ؟

أركان التنفيذ  : أشخاص التنفيذ + موضوع أو محل التنفيذ + سبب التنفيذ.

مطلب 01 : أشخاص التنفيذ : من بين أشخاص التنفيذ لدينا:

1 .طالب التنفيذ وهو الدائن أو الحاجز

2 .من يجري التنفيذ ضده وهو المدين أو المحجوز عليه وفي بعض الأحيان يقتضي التنفيذ تدخل الغير فيصبح هذا الغير من أشخاص التنفيذ.

3 .السلطة العامة التي يتم التنفيذ تحت سلطتها.

- طالب التنفيذ : وهو الدائن ومن بين الشروط التي يجب توافرها فيه أن يكون دائن فعلا أي أن له مصلحة في التنفيذ وان تتوافر لديه كذلك أهلية التقاضي كما يجب أن تثبت له صفة الدائن من وقت بدأ الحجز فإذا لم يكن دائنا إلا بعد الحجز فحجزه باطل بطلانا مطلقا تطبيقا للمادة 454 قاإ جزائية. وتطبيقا لنص المادة 50 قام.ج، التي تعطي للشخص المعنوي حق التقاضي فإن لهذا الأخير حق في التنفيذ.

- انتقال الحق في التنفيذ: إذ يحق لخلف الدائن أن يطلب التنفيذ كأثر من آثار انتقال الحق موضوع السند، فينتقل الحق في التنفيذ بطريق الحوالة أو الإرث أو الوصية.

كما يجوز التنفيذ بمعرفة نائب أو وكيل الدائن سواء كانت النيابة اتفاقية أو قانونية، فعند وفاة طالب التنفيذ للورثة متابعة الإجراءات التي اتخذها مورثهم بعد إعلان من يجب التنفيذ ضده بصفتهم ورثة انتقل الحق إليهم المادة 331 قاإم: ( إذا توفي من صدر الحكم لمصلحته قبل أن يباشر التنفيذ، يلزم ورثته الذين يطلبون التنفيذ بإثبات صفتهم، فإذا حصلت المنازعة في صحة هذه الصفة فإن القائم بالتنفيذ يحرر محضرا بذلك ويحيل الخصوم إلى الجهة القضائية المختصة وإنما يجوز له أن يقوم بإجراءات الحجز التحفظي لحفظ حقوق التركة ).

I- من يجري التنفيذ ضده (المدين ): وهو الشخص المحجوز عليه إذا كان التنفيذ حاصلا بتنفيذ الحجز كما يعبر عنه المدين إذا كان هو فعلا المدين الأصلي وتعلق الأمر بدين إلا أن عبارة من يجري التنفيذ ضده أوسع من حيث المفهوم لأنها تشمل الكفيل العيني وحائز العقار المرهون، فالأصل أن يتم التنفيذ على المدين ولكن يجوز استثناء التنفيذ على غير المدين كما أن هناك طائفة من المدينين لا يمكن التنفيذ عليهم أو ضدهم.

التنفيذ على غير المدين : وابرز مثال على هذه الحالة التنفيذ ضد الكفيل المادة 644 قام.ج، ويجري التنفيذ على العقار المرهون وهو في يد حائزه بمقتضى حق التتبع المقرر بيد الدائن المرتهن فإن التنفيذ يقع ضد الحائز الذي انتقلت إليه حيازة العقار المرهون مع انه ليس مدينا المادة 911 قام.ج.

المدينون الذين لا يمكن التنفيذ عليهم : وهم:

- الدولة والأشخاص المعنوية العامة : سواء كانت هذه الأموال المطلوب التنفيذ عليها من الممتلكات العامة أو الخاصة وذلك في التشريعات التي تفرق بين الممتلكات العامة والخاصة في الدولة كما هو الحال في القانون الفرنسي والقانون الجزائري، قانون 13/04/1990 ، في هذا الصدد تنص المادة 688 قام.ج: ( تعتبر أموال الدولة، العقارات والمنقولات التي تخصص بالفعل أو بمقتضى نص قانوني لمصلحة عامة أو لإدارة أو لمؤسسة عمومية أو لهيئة لها طابع إداري ) . وتنص المادة 689 قام.ج: ( لا يجوز التصرف في أموال الدولة أو حجزها أو تملكها بالتقادم غير أن القوانين التي تخصص هذه الأموال لإحدى المؤسسات المشار إليها في المادة 688 تحدد شرط إدارتها وعند الاقتضاء عدم التصرف فيها ).

- الدولة الأجنبية ورجال السلك الدبلوماسي : وهي الحصانة المقررة في القانون الدولي العام لعلاقة ذلك بسيادة الدولة الأجنبية ويدخل ضمن هذا العنصر ممتلكات رجال السلك الدبلوماسي غير أن هذه القاعدة قاصرة على المنقولات اللازمة لوظيفتهم الإدارية غير أن جميع ما يوجد داخل السفارة أو القنصلية تشمله الحصانة فلا يجوز التنفيذ عليهم.

أهلية من يجوز التنفيذ ضده : يرى بعض الشرّاح انه يشترط فيمن يقوم بالتنفيذ أهلية التصرف متى كان الغرض هو نزع ملكية المدين في بعض أمواله. غير أن القانون يستلزم في المنفذ عليه أن يكون أهلا للتصرفات لأن هذه الإجراءات تستهدف أمواله دون اعتبار لإرادته فإجراء التنفيذ الجبري على أموال المدين لا تعتبر تصرفا إراديا وبالتالي فهي لا تتوقف على إرادته وان كان من الضروري لصحة الإجراءات أن توجه إلى النائب القانوني في حالة التنفيذ على ناقص الأهلية وكل إجراء من إجراءات التنفيذ الموجه ضد ناقص الأهلية أو عديمها أو ضد الشخص المعنوي فيجب أن تتم ضد من يمثل هؤلاء وكل إجراء يتخذ ضد هذه الطائفة من غير أن يكون له ممثل فانه يكون إجراء باطل بطلانا مطلقا ولا يمكن الاحتجاج في هذه الحالات بعدم اعتراف المعني بالأمر القاصر أو عديم الأهلية لأنه ليس هناك دخل لإرادته تجاه هذه الإجراءات ذلك أن الأمر متعلق بمركز قانوني وعلى المحكمة أن تقضي بالبطلان من تلقاء نفسها.

طوارئ التنفيذ المتعلقة بالمدين :

• إذا طرأ على أهلية المدين ما يمنع إتمام إجراءات التنفيذ على شخصه يجوز لطالب التنفيذ متابعة هذه الإجراءات ضد ممثله القانوني دون إبطال الإجراءات السابقة.

• في حالة الوفاة : إذا انتقلت ملكية المال المحجوز إلى الورثة ولم يكن الدائن قد بدأ في إجراءات التنفيذ فعلى هذا الأخير أن يعلم هؤلاء الورثة بسند التنفيذ (تبليغهم بسند التنفيذ) ولهؤلاء مهلة 20 يوما طبقا لنص المادة 332 قاإم: ( إذا توفي من صدر الحكم ضده قبل التنفيذ عليه يبلغ الحكم إلى ورثته ولهؤلاء مهلة عشرين يوما من تاريخ تبليغهم الحكم إلا في حالة إذا ما اتبعت أحكام المادة 86 )، يتدبرون أمرهم فيها فيمنع على المنفذ خلال هذه الفترة القيام بأي إجراء من إجراءات التنفيذ. والحكمة من ذلك هي إعطاء فرصة للورثة لجمع المال اللازم أو على الأقل تقدير ما ينبغي عمله بشأن التنفيذ أما إذا توفي المدين بعد البدء في التنفيذ ففي هذه الحالة يباشر المنفذ الإجراءات اللازمة على تركة المدين المتوفى إلا أن هذه الإجراءات تتم ضد ورثته.

• صدور حكم شهر الإفلاس : من طوارئ التنفيذ الخاصة بالمدين التاجر صدور حكم شهر إفلاسه إذ أن نظام الإفلاس يوقف الإجراءات الفردية فلا يجوز للدائن بعد شهر إفلاس مدينه توقيع حجز على أمواله أيا كان نوعه. غير أن هناك طائفة الدائنين المرتهنين الذين تحصنوا مسبقا ضد إفلاس مدينهم فلس هناك فائدة من منعهم من التنفيذ أو من استمرارهم في أن لهم أولوية على الثمن والأسبقية في الحصول عليه غير انه لصحة الإجراءات يجب أن تتم ضد وكيل التفليسة.

أما الدائنون العاديون فلا يمكنهم بدء إجراءات التنفيذ العقاري بعد حكم شهر الإفلاس، أما إذا كانوا قد بدأوها قبل شهر الإفلاس فعليهم الحصول على إذن من القاضي المنتدب لإدارة التفليسة لغرض الاستمرار في الإجراءات ضد وكيل التفليسة مع العلم أن البيع في هذه الحالة يتم لحساب جماعة الدائنين.

لا يجوز للدائن في البدء في إجراءات الحجز بعد الإفلاس لكن نظام الإفلاس نظام جماعي يحل محل الإجراءات الفردية.

- السلطة العامة كطرف في التنفيذ : تشكل الدولة الطرف الثالث في التنفيذ ممثلة بعمال التنفيذ وهم الأشخاص الذين تسند إليهم الدولة مهمة أو القيام بأعمال التنفيذ لغرض اقتضاء حق الدائن وتأخذ الدولة في هذا الإطار بأحد النظامين:

نظام قضاة التنفيذ : ومؤدّى هذا النظام تخصيص دائرة قضائية في كل محكمة لشؤون تقدم إليها أوراق التنفيذ (الأحكام المراد تنفيذها) وهي عادة الأحكام النهائية الحائزة على الصيغة التنفيذية ولكن لا يعني ذلك أن القضاة أنفسهم هم الذين يقومون بالتنفيذ، وإنما التنفيذ الفعلي يتم بواسطة المحضر وهو موظف إداري بقلم كتاب المحكمة يتولى مباشرة أعمال التنفيذ تحت إشراف القاضي المختص وهو رئيس دائرة التنفيذ تحت أوامره وتوجيهاته وإن لم يثر بشأن التنفيذ أي نزاع. ومن بين الدول التي أخذت بهذا النظام القانون الإيطالي، العراقي، السوري، اللبناني والقانون الجزائري.

ويمتاز نظام قاضي التنفيذ بما يلي:

- إجراء التنفيذ بمقتضى نظام قاضي التنفيذ يتم تحت إشراف القضاء.

- توحيد جهة التنفيذ.

- إمكانية الرجوع بسهولة إلى القاضي لتذليل عقبات التنفيذ

- قاضي التنفيذ هو المختص بإشكالات التنفيذ.

- يجوز لقاضي التنفيذ أن يطلب إيضاحات من القاضي الذي أصدر الحكم بشأن أي غموض أو بشأن كيفية تنفيذه.

نظام المحضرين : هم موظفون عموميين من رجال السلطة التنفيذية مكلفون قانونا بمباشرة إعلان الأوراق القضائية وإجراء التنفيذ الجبري بناء على طلب من ذوي الشأن ولهم أن يستعينوا في ذلك برجال الأمن تحت إجراء النيابة العامة وإذا امتنع المحضر عن التنفيذ جاز لصاحب الحق أن يرفع أمره إلى رئيس المحكمة باعتباره قاضي للأمور الوقتية وإذا ثار نزاع بشأن التنفيذ يرفع إلى نفس القاضي للفصل فيه. ويعتبر المحضر ممثل للسلطة العامة ووكيلا عن طالب التنفيذ إذ يعتبر تسليم السند التنفيذي إليه بمثابة وكالة للقيام بهذا التنفيذ، أما إذا تعلق التنفيذ بعقار فيتعين الحصول على وكالة خاصة في ظل هذا النظام.

وكانت الجزائر تأخذ بنظام معاوني التنفيذ الذي نظام المحضرين مع هذا الفارق وهو أن القائم بالتنفيذ في التشريع الجزائري كان للعاملين في المحاكم وله تفويض من القانون بمباشرة التنفيذ دون حاجة إلى اعتباره وكيلا عن طالب التنفيذ. غير انه بموجب القانون 91/03 المؤرخ في 08/01/1991 أصبح عمل المحضرين في القانون الجزائري مهنة أخرى وطبقا للمادة 03 من هذا القانون يباشر المحضر مهامه تحت مسؤولية ومراقبة وكيل الجمهورية للجهة القضائية المختصة إقليميا. ويكون التنفيذ بناء على طلب من صدر الحكم لمصلحته ويقوم به لأداة محضر الجهة القضائية التي أصدرت الحكم أو محضر المحكمة أو المحضر الداخل في دائرة اختصاصها مكان مباشرة التنفيذ.

ويستعين المحضر في هذه المهمة بأعضاء النيابة العامة في حالة الضرورة وإلى جانب ذلك يقوم المحضر بتبليغ الأوراق القضائية المطلوب تنفيذها. وطبقا للمادة 330 قاإم، يقوم المحضر بتبليغ النسخة التنفيذية للمحكوم عليه في مهلة 20 يوما وعند انقضاء هذه المدة إذا لم يتم التنفيذ الاختياري يباشر المحضر التنفيذ الجبري عملا بالمادة 336 قاإم: ( عند انقضاء ميعاد 20 يوما … تباشر إجراءات التنفيذ ولا ي س وغ أن يجاوز التنفيذ القدر الضروري للوفاء بحق الدائن وتغطية المصروفات ).

فإذا كان المطلوب هو حجز منقولات المدين فإن المادة 342 قاإم: ( يصرح للكاتب القائم بالتنفيذ أن يفتح أبواب المنازل والحجرات والأثاث لتسهيل مأموريته وفي حدود ما تستلزمه مقتضيات التنفيذ )، تسمح للقائم بالتنفيذ بفتح أبواب المنازل والحجرات والأثاث لتسهيل مأموريته في حدود ما تستلزمه مقتضيات التنفيذ.

أما إذا كان المطلوب هو التزام بعمل أو الامتناع عن عمل ورفض المحكوم عليه تنفيذه فإن القائم بالتنفيذ يثبت ذلك في المحضر ويحيل الموضوع أمام المحكمة المختصة طبقا لما جاء في المادة 340 قاإم: ( إذا رفض المدين تنفيذ التزام بعمل أو خالف التزاما بالامتناع عن عمل يثبت القائم بالتنفيذ ذلك في محضر ويحيل صاحب المصلحة إلى المحكمة للمطالبة بالتعويضات أو التهديدات المالية ما لم يكن قد قضى بالتهديدات المالية من قبل )، وذلك إما للمطالبة بالتعويض أو للمطالبة بالتهديدات المالية مالم يكن قد قضي بها من قبل.

وفي حالة وجود إشكال في التنفيذ يرجع بشأنه إلى قاضي الأمور المستعجلة طبقا للمادة 183 فقرة 02 قاإم: ( وعندما يتعلق الأمر بالبت مؤقتا في إشكالات التنفيذ المتعلقة بسند تنفيذي أو أمر أو حكم أو قرار، فإن القائم بالتنفيذ يحرر محضرا بالإشكال العارض ويخبر الأطراف أن عليهم أن يحضروا أمام قاضي الأمور المستعجلة الذي يفصل فيه ).

- الغير كطرف في التنفيذ : تقتضي القاعدة العامة أن يكون للأحكام اثر نسبي مثل العقود فلا تفيد ولا تلزم إلا أطرافها، غير انه قد يتعدى اثر التنفيذ إلى شخص لم يكن طرفا في الحكم أو في العقد الرسمي المطلوب تنفيذه غير انه ليس المقصود بذلك أن الحكم هو في صالح هذا الغير. ولأن الأصل انه لا يجوز للمحكمة بأن تقضي لمصلحة شخص أو ضد مصلحة شخص لم يختصم أمامها، ولكن قد يتطلب تنفيذ الحكم إشراك الغير أو تدخله ومثاله حائز الشيء الذي يباشر التنفيذ عليه وفي هذا الصدد تنص المادة 341 قاإم:

( لا يجوز للغير أن يعترض على التنفيذ بادعائه أن له حق امتياز على هذا الشيء وإنما له أن يثبت حقوقه وقت توزيع الثمن ).

مطلب 02 : موضوع التنفيذ أو محله

الأصل أن التنفيذ لا يتم إلا على الأموال وهذا على خلاف ما كان عليه القانون الروماني القديم الذي كان ينفذ على شخص المدين. ولكن هناك حالات تجيز فيها بعض التشريعات التنفيذ على شخص المدين كوسيلة لإكراهه على الوفاء وهو ما يعرف بالإكراه البدني.

الإكراه البدن

قد نص ّ المشرع الجزائري عليه في المواد من 407 إلى 412 قاإم جزائري. وقد أجاز كذلك الفقه الإسلامي حبس المدين وذلك بشرط التفرقة بين الموسر والمعسر فمنع الفقه الإسلامي حبس المدين المعسر لأنه لا فائدة ترجى من وراء حبسه ولكن أجاز الفقه حبس المدين الموسر – الغني – الممتنع عن الوفاء بسبب تماطله وتقاعسه مع قدرته على الوفاء، مع العلم أن الإكراه البدني عمل به في فرنسا إلا انه ألغي بقانون صدر في جويلية 1867 حيث أوقف التنفيذ بالإكراه البدني في المواد المدنية واحتفظ به في المواد الجنائية، أما المشرع الجزائري فقد احتفظ بالإكراه البدني في المواد التجارية والمدنية كوسيلة استثنائية محدودة بعد استنفاذ الطرق العادية في التنفيذ وبشروط متعددة.

فنص ّ ت المادة 407 قاإم: ( يجوز في المواد التجارية وقروض النقود أن تنفذ الأوامر والأحكام الحائزة لقوة الشيء المقضي به والتي تتضمن الحكم بدفع مبلغ اصلي يزيد عن 500 دج بطريق الإكراه البدني ولا يجوز التنفيذ بالإكراه البدني إلا بعد استنفاذ طرق التنفيذ المنصوص عليه في القانون ).

ويمكن استخلاص شروط التنفيذ بالإكراه البدني في التشريع على النحو التالي:

لا يجوز التنفيذ بالإكراه البدني إلا بعد استنفاذ طرق التنفيذ العادية – الحجز والغرامة المالية -

طبقا للمادة 409 قاإم يجب التنفيذ بالإكراه البدني في خلال 03 سنوات تبدأ من تاريخ صيرورة الحكم لقوة الشيء المقضي به وإلا سقط الحق فيه – الإكراه البدني -.

طبقا للمادة 408 قاإم يجب أن يكون لطالب التنفيذ – الدائن - موطن بالجزائر.

أن يكون الدين المطلوب التنفيذ لأجله من المواد التجارية أو قروض النقود وان تكون قيمة هذا الدين أزيد من 500دج

أولا : التنفيذ الجبري وأنواعه: الأصل ان يقوم كل مدين بتنفيذ التزاماته اختيارا والوفاء بها طوعا امتثالا لعنصر المديونية وبدون تدخل السلطة العامة، لكنه اذا ماطل في ذلك جاز لدائنه ان يلجأ لهذه السلطة لإجباره على هذا الوفاء استنادا لعنصر المسؤولية  وذلك بتمكين الدائن من سند تنفيذي اذا لم يكن بيده هذا السند واعلانه للمدين مع تكليفه بابراء ذمته. والا ارغم على ذلك بالطرق القانونية، لان قواعد العدالة لا تقتضي اللجوء الى القضاء لاستصدار احكام وحماية الحقوق فقط، بل تتعدى ذلك الى التمكين من اقتضاء هذه الحقوق  لانه ( لا ينفع تكلم بحق لا نفاذ له) فالتنفيذ اذن هو الذي يترجم الاحكام الى واقع ملموس وبدونه تبقى مجرد توصيات لا طائل منها. وكما جاء في خطاب مولانا صاحب الجلالة الملك الحسن الثاني نصره الله بتاريخ 31/3/1982. " ومسؤولية التنفيذ هي اعتقد شخصيا.

اكبر المسؤوليات، ذلك ان عدم التنفيذ يصل به الانسان الى استنتاجين : الاستنتاج الاول: ان القضية لم تؤخذ بعين الاعتبار في الموضوع وحتى لو حكم فيها واعتقد المحكوم له والمحكوم عليه ان هذا على صواب وهذا على خطا فعدم التنفيذ او التماطل يجر المرء الى تفكير اخر وهو: "انحلال الدولة". فالتنفيذ الذي يعنينا الان في هذه الندوة هو التنفيذ الجبري الذي يجري عن طريق السلطة العامة وبالقوة الجبرية عند الاقتضاء

 وهو على نوعين: التنفيذ الجبري العيني : والتنفيذ الجبري بالتعويض :

 فالأول يحصل فيه الدائن على ذات ما التزم به المدين سواء كان مبلغا من النقود او القيام بعمل كفتح طريق ورسم لوحة او الامتناع عن عمل كعدم فتح محل او عدم اقامة بناء.

او كان التزاما بنقل ملكية منقول او عقار. والتنفيذ العيني هي الأصل احتراما لإرادة الطرفين، لكن اذا تعذر إجراؤه كما في حالة هلاك المنقول والعقار المتعاقد عليه فانه يتم اللجوء الى التنفيذ بالتعويض حيث يحصل الدائن على مقابل مالي يحدد من طرف المحكمة.

 وغالبا ما يكون التنفيذ بالتعويض في الحالات التي يكون فيها تنفيذ الالتزام الاصلي يتطلب تدخلا شخصيا من المدين ويمتنع هذا الاخير عن ذلك كما هو الشان في الالتزام برسم لوحة او اجراء عملية جراحية او احياء سهرة.

او الرجوع لبيت الزوجية ( وكذا الارجاع) ورؤية الابناء، في كل هذه الحالات لا يمكن استعمال القوة الجبرية للحصول على التنفيذ لان ذلك اما ان يكون مستحيلا او فيه مساس بالحرية الشخصية والذي لم يعد مقبولا في العصور الحديثة.

 وللضغط على المدينين بمثل هذه الالتزامات تقر التشريعات وسيلتين هما : ــــــــــــــــــــــــــ 2) أمينة النمر : قوانين المرافعات 3، ص7 و8. 3) أبو الوفاء : اجراءات التنفيذ، ص 11. 4) هذه العبارات ماخوذة من الرسالة المشهورة التي وجهها الخليفة عمر بن الخطاب لقاضيه ابي موسى الاشعري عند توليته، والمنشورة في عدة مؤلفات منها البيان والتبيين للجاحظ 2/43.

 الإكراه البدني والإكراه المالي : فالإكراه البدني : هو حبس المدين حتى يضطر الى الوفاء بدينه ويعتبر من بقايا العهود القديمة، حيث كان المدين يلتزم في شخصه لا في ماله ويحق لدائنه ان يحبسه او يسترقه اذا لم يف بالتزامه وقد تراجعت عنه كثير من التشريعات احتراما لكرامة الإنسان وتطبيقا لمبدا ( ان المدين يلتزم في ماله وليس في شخصه) وحصرته تشريعات اخرى في الغرامات والمصاريف الجنائية. أما في تشريعنا  فلا يزال الإكراه البدني يطبق في الميدانين المدني والجنائي. ورغم الانتقادات الموجهة، اليه فقد برهنت التجربة العملية على انه وسيلة فعالة وناجحة، بل اصبحت ضرورية اكثر من أي وقت مضى في وقت كثرت فيه الحيل وشاع تهريب الأموال وإخفاؤها من طرف المدينين ذوي النيات السيئة والذين يهدرون كرامتهم بانفسهم ولا مجال لرعايتها من قبل المشرع.

 أما الإكراه المالي: يكون بفرض غرامة تهديدية على المدين الذي يمتنع عن الوفاء ويقتضي هذا الوفاء التدخل الشخصي له ولا يكون محله مبلغا من المال كما في الأمثلة أعلاه، رسم لوحة وارجاع زوجة والغرامة تفرض من طرف قاضي الموضوع او رئيس المحكمة الابتدائية ( ف 448 من ق م. م) ولا يتم تنفيذها مباشرة بل لابد من تصفيتها بواسطة حكم آخر. وقد درج القضاء على فرض الغرامة التهديدية حتى في الحالات التي لا يتطلب فيها تنفيذا لالتزام التدخل الشخصي للمدين ( كإفراغ العقارات والمحلات التجارية والسكنية) وذلك باعتبارها وسيلة ضغط لمقاومة تعنت هؤلاء ، ومن جانب اخر يقسم التنفيذ الجبري الى تنفيذ مباشر وتنفيذ غير مباشر، أي بطريق الحجز على أموال المدين.

 فكل تنفيذ عيني هو تنفيذ مباشر لان الدائن يحصل فيه مباشرة على نفس ما التزم به مدينه كتسليم منقول او عقار معين او القيام ببناء منزل او هدم حائط او فتح مطل او الامتناع عن عمل ما. والتنفيذ الغير المباشر هو استخلاص مبلغ الذين عن طريق حجز اموال المدين ولا يستثنى من ذلك الا ما نص المشرع على عدم قابليته للحجز وسواء كانت هذه الأموال منقولات ام عقارات في حيازة المدين او تحت يد الغير. ثانيا : أطراف التنفيذ والجهة المكلفة به : قد يبدو لأول وهلة ان اطراف التنفيذ منحصرة في طالب التنفيذ والمنفذ ضده، لكن الواقع خلاف ذلك في بعض الحالات حيث يتطلب التنفيذ إشراك عدة اغيار في إجراءاته واستعراض فيما يلي اطراف التنفيذ بإيجاز.

 1) الحاجز: أو طالب التنفيذ وهو الدائن بالحق في الالتزام الأصلي ويحل محله نائبه او خلفه الخاص او خلفه العام : كالوكيل او الوصي، والمقدم، والوارث، و الموصى له. ويشترط في الحاجز ان تتوفر له الصفة في اجرائه التنفيذ كما ان ورثته ملزمون بإثبات صفتهم للحلول محله طبقا للفصل 442 من ق م. م. ويبت الرئيس في كل نزاع يثور في هذه النقطة. اما الاهلية التامة فلا تشترط في الحاجز.

 2) المحجوز عليه: أو المنفذ ضده هو المدين في الالتزام الاصلي سواء كان مدنيا اصليا او مجرد كفيل، او ضامنا او متضامنا، ويحل محله خلفه العام كالوارث او خلفه الخاص كالمحال عليه بالدين.

غير ان القانون اشتراط لمواصلة اجراءات التنفيذ ضد الورثة تبليغهم بالحكم الصادر على موروثهم سواء بلغ هذا الاخير في حياته ام لا. وسواء توفي بعد بدء اجراءات التنفيذ حيث تتوقف ام توفي قبل انطلاقها ( الفصل 443). ـــــــــــــــــــــــــــــ 5) ظهير 1962 للإكراه البدني على القضايا المدنية. 6) أبو الوفاء : م. س. صفحة 14 هامش 1. 7) يراجع ما كتبه : الأستاذان : عبد النبي المحترم وعبد الله درميش في الموضوع بمجلة المحامي، عدد 6، ص85.

 وقد لا تباشر اجراءات التنفيذ ضد المدين اذا نص القانون على ذلك كما في حالة اشهار افلاسه او طلبه التصفية القضائية حيث تتوقف المتابعات الفردية وتوجه الإجراءات ضد وكيل التفلسة او المصفى القضائي الفصلين 203 و341 من ق.

 ويجري التنفيذ ضد المدين سواء كان شخصا طبيعيا او شخصا معنويا وطنيا او أجنبيا. وقد ثار جدل حول امكانية التنفيذ الجبري على المؤسسات العمومية واملاك الدولة العامة والخاصة. وسأعرض له بايجاز عند الكلام على الاموال القابلة للحجز.

 3) الغير: رغم ان كل التزام هو رابطة قانونية بين طرفين احدهما دائن والاخر مدين مما يوحي بان اجراءات التنفيذ لا يمكن ان تشمل غيرهما، لكن الدائن قد يضطر الى توسيع دائرة هذه الاجراءات لتشمل اشخاصا اخرين هم في الواقع " اغيار" بالنسبة للالتزام ولكن لهم صلة بالحق او بالمال المراد التنفيذ عليه هذه الصلة تفرض عليهم الاشتراك في التنفيذ دون ان يكونوا اطرافا فيه

 كما هو الشان بالنسبة للحارس والمودع لديه. وأمين الأمانات ووكيل الحسابات بالنسبة للودائع، والمحافظ على الأملاك العقارية بالنسبة للأحكام الصادرة بالتشطيب او التسجيل بالصك العقاري، وضابط الحالة المدنية بالنسبة للأوامر الصادرة في هذه المادة، والمحجوز لدينه بعد تصحيح الحجز لدى الغير. الجهة المكلفة بالتنفيذ : ان أعوان كتابة الضبط هم المكلفون بالتنفيذ ولهم وحدهم الصفة في القيام به و تحرير المحاضر بعملياته، وما يجري أحيانا في إنابة بعض السلطات الإدارية أو رجال الدرك لا أجد له أي سند قانوني. ولا يستثنى من ذلك إلا الأحكام الصادرة عن حكام الجماعات والمقاطعات والتي اسند الظهير المحدث لهذه الجماعات مهمة تنفيذها للسلطات الإدارية " القائد" والقوة العمومية المرافقة لمأمور التنفيذ، وكذا الخبير عند مساعدته في عمليات الخبرة كل هؤلاء لا صلة لهم بالمحضر ولا تغني تقاريرهم عن المحضر الذي يحرره مأمور التنفيذ كما لا يجوز ان يجر التنفيذ بدون حضوره. كما لا يجوز لأعوان القوة العمومية او الخبير إثارة الصعوبة القانونية في وجه تنفيذ الحكم. ومحضر التنفيذ هو السند الوحيد الذي يدل على انهاء عمليات التنفيذ والكيفية التي تم بها أو ما صاحبها من اعمال الشغب، وما أثير من صعوبات وهو الذي يكون محل طعن في منازعات التنفيذ الموضوعية والتالية لتمامه والرامية عادة لإبطاله.

 ولما لهذه المحاضر من اهمية، ونظرا لضعف مستوى بعض اعوان كتابة الضبط فانه آن الوقت لاتخاذ التدابير الضرورية للحصول على محاضر تامة الشكل وافية المضمون، ولن يتاتى ذلك الا بتنظيم تداريب مكثفة وتكوين خاص هؤلاء الأعوان ووضعهم تحت مراقبة قاضي التنفيذ.

 ثالثا : السندات التنفيذية : مرت نظرية السند التنفيذي بعدة مراحل قبل ان تكتمل لها جميع عناصرها وتغدو أهم عنصر في التنفيذ الجبري، ولا يتسع الوقت لاستعراض هذه المراحل، لكن لا بد من التأكيد على ان لهذه النظرية الفضل الكبير في وضع حد نهائي لاقتضاء الشخص لحقه بيده التنفيذ العيني للإلتزام هو الأصل وقد أجملت شروط هذا النوع من التنفيذ 203 مدني حين قضت " بأنه يجبر المدين بعد اعذاره على تنفيذ التزامه تنفيذاً عينياً متى كان ممكناً على انه اذا كان في التنفيذ العيني ارهاق للمدين جاز له أن يقتصر على دفع تعويض نقدي اذا كان ذلك لا يلحق بالدائن ضرراً جسيماً "

وتتلخص شروط التنفيذ العيني فيما يلي :

1- أن يكون التنفيذ العيني ممكناً :

فاذا استحال التنفيذ العيني امتنع الحكم به على المدين لتتحدد بعد ذلك مسئوليته تبعاً لسبب هذه الاستحالة فاذا كانت بفعله أصبح مسئولاً بالتعويض بدلاً من التنفيذ العيني , اما اذا كانت هذه الاستحالة بسبب أجنبي لا يد له فيه انقضى الالتزام كلية وامتنع على الدائن حتى أن يطالب بالتعويض .

2- ألا يكون التنفيذ العيني مرهقاً :

التنفيذ العيني المرهق هو تنفيذ ممكن في حد ذاته , ولكنه يلحق بالمدين ضرراً جسيماً وكان الأصل الا يعتد بهذا الإرهاق أعمالا للمبادئ التقليدية التي تعطي للدائن بالتزام مدني الحق في جبر مدينه على الوفاء به .

3- ألا يكون في التنفيذ العيني الجبري مساس بحرية المدين الشخصية :

قد تكون شخصية المدين محل اعتبار في بعض صور الالتزام بعمل وعندئذ فإن مجرد امتناع المدين عن التنفيذ بالرغم من إمكانه وعدم ارهاقه انما يعد في الواقع من قبيل الاستحالة التي تحرم الدائن من مكنة الإصرار على طلب التنفيذ العيني لان في مثل هذا الاجراء في هذه الحالة مصادرة لحرية المدين الشخصية .

4- إعذار المدين :

فاذا لم يكن المدين قد نفذ التزامه عيناً بأختياره فانه يلزم بوجوب هذا التنفيذ قهراً عنه أن ينبه عليه بوجوب هذا التنفيذ وذلك من طريق اعذاره مسجلاً عليه بهذا الاجراء خطأه اذا هو تراخى عن التنفيذ من بعده .

لقد أنشأ المشرع نظام القضاء المستعجل إلى جانب القضاء العادي ، وهو يتميز ببساطة الإجراءات وسرعة البث في السائل التي تطرح أمامه بقصد حماية الحق ، حماية مؤقتة عاجلة إلى أن يفصل في أصل النزاع من محكمة الموضوع أو محكمة الطعن .

ولعل القرار القضائي الإداري كما رأينا في الفصل الأول يخضع لعملية التنفيذ متى استوف شروط قيامه ، بحيث يقوم المحكوم له بمجرد حصوله على نسخة تنفيذية للقرار القضائي الإداري بعملية التبليغ لتلي بعد ذلك عملية التنفيذ ولكن هذه العملية الأخيرة قد يترتب عنها عقبات مادية أو قانونية تحول وعملية التنفيذ وتجعل من عملية التنفيذ متوقفة إلى حين البت في الإشكال سواء كان إشكال موضوعي أو إشكال مؤقت .

فترفع المنازعة المطروحة والمتعلقة بإشكالات التنفيذ على القاضي والذي يصدر حكمه فيها والذي لا يغدو أن يكون عاجلا وقتيا لا يمس صميم الحق المتنازع عليه ، ولا تتقيد به محكمة الموضوع .إذ ووفقا لهذا التوجه إرتيأنا في هذا الفصل التطرق لإشكالات التنفيذ ضمن مبحثين أساسيين .

في المبحث الأول نبين فيه منازعات التنفيذ للقرار القضائي الإداري ، أما المبحث الثاني فخصصناه للجهة القضائية المختصة في البت في إشكالات التنفيذ الوقتية والإجراءات المتبعة في حل النزاع وكذا طرق الطعن في القرارات الصادرة في إشكالات التنفيذ الوقتية .

المبحث الأول : منازعات التنفيذ للقرار القضائي الإداري

تتمحور هذه المنازعات في الاعتراضات القانونية أو المادية التي قد تثار بمناسبة إجراءات تنفيذ القرار القضائي الإداري ، وهي في الأساس وسيلة قانونية الغاية منها الدفاع لتجنب تنفيذ القرار القضائي ولو مؤقتا ، يتخذها المحكوم عليه غالبا ويثيرها في شكل منازعة قضائية وقد تثار من الغير أحيانا أو من المحكوم له .

وهي تتعلق أساسا إما بعدم توفر الشروط الموضوعية اللازمة من حيث أطراف التنفيذ وقد تتعدى من أطراف التنفيذ إلى القرار القضائي الإداري محل التنفيذ أو إلى موضوع التنفيذ ذاته

المطلب الأول : مفـهـوم المنازعـة في التنفيـذ

الأصل في الأحكام والقرارات القضائية إذا حازت الحجية المطلقة أن تنفذ ، لكن قد تعترض هذه الحجية حالات يوقف فيها التنفيذ وتظهر بذلك منازعة أخرى ناتجة عن القرار القضائي محل التنفيذ . ولقد جرى القانون والقضاء والفقه على أن هذه المنازعات نوعان ، فإما أن تكون منازعات موضوعية وإما منازعات وقتية .

وطبقا لنص المادة 172/02 (ق.إ.م) فإن رئيس الجهة القضائية هو الذي يختص بنظر المنازعات التي تنشأ عن تنفيذ سند واجب التنفيذ ليتخذ بشأنها أمر أو قرار مؤقتا من غير أن يعترض لموضوع هذا السند أو تأويله.

الفرع الأول : المدلول القانوني

يراد بمنازعات التنفيذ كل ما يتعلق به أو أريد به عرقلة القرار القضائي وهي المنازعات سواء تعلقت بالإجراءات المتخذة في التنفيذ أو المتعلقة بموضوع التنفيذ أو معا .

وتعتبر هذه المنازعات الوسيلة الوحيدة للدفاع عن حقوق أطراف التنفيذ بما فيهم الغير ، وإن كانت هذه المنازعات في غالب الأحيان تهدف إلى عرقلة مجرى التنفيذ وتخلق بذلك إشكالات في التنفيذ إما موضوعية أو وقتية كما سوف نرى .

الفرع الثاني : طبيعة منازعة التنفيذ الإدارية

إن المشرع الجزائري قد أخذ بوحدة تشريع الإجراءات القضائية فلم يفصل بين الإجراءات المدنية والإجراءات الإدارية أو يعطي لكل منها استقلالية ذاتية متميزة بل العكس نجد أن قانون الإجراءات المدنية رغم تخصيصه بعض القواعد الإجرائية للمنازعات التي تفصل فيها الغرف الإدارية إلا أنه في كثير من هذه القواعد يحيل إلى القواعد الإجرائية الأخرى

لذلك يصعب القول باختلاف طبيعة المنازعة في التنفيذ في ظل هذا القانون عن نظيرتها المطبقة في المواد المدنية . وعلى هذا الأساس وإن كانت المنازعة في التنفيذ تنقسم إلى منازعات موضوعية ومنازعات وقتية فهي لا تختلف عن ما هو مطبق في المنازعة المدنية إلا أن ما يميزها هو إضفاء طابعها الإداري خاصة ما تعلق بقواعد الاختصاص .

لذا نخلص أن منازعة التنفيذ الإدارية لا تختلف عن باقي منازعات التنفيذ المدنية إلا ما تعلق منها بقواعد الاختصاص سواء الموضوعي منه أو الاستعجالي والذي يتحدد وفق نوع المنازعة في التنفيذ المثار كما سوف نرى ضمن المطلب الموالي .

من هذا المنطلق تتأكد أن الغرف الإدارية عند تعرضها لمنازعات التنفيذ سواء الموضوعية منها أو الوقتية نجدها تسنائنس بما هو ساري العمل به في القضايا المدنية مع إضفاء طابع خاص بمنازعات خاصة ما تعلق منها بقواعد الاختصاص . وتنقسم المنازعة في التنفيذ إلى قسمين منازعة موضوعية قد تتعلق باستئناف و إبطلال الحجر أو بصحة التنفيذ وهذا النوع لا يهمنا ضمن معالجتنا لهذا الموضوع . وإلى منازعات وقتية وهي أساس هذه المذكرة والتي يطلق عليها اسم إشكالات التنفيذ .

المطلـب الثانـي : المـنـازعــات الـوقـتـيــة

الأصل أن الإشكال هو إثارة مسألة لو صححت لأصبح التنفيذ غير قانوني لهذا فإن الغرض من المنازعة في إشكال تنفيذ القرار القضائي الإداري هو وقف تنفيذه مؤقتا .

الفرع الأول : وجود إشكال في التنفيذ

إن القرارات القضائية الصادرة في المواد الإدارية واجبة النفاذ ما لم يصدر قرار بوقف تنفيذها طبقا لنص المادة 283 من ق.إ.م رغم ذلك فإن تلك القرارات القضائية قد يتم وقفها كذلك بواسطة الإشكال في التنفيذ تبعا للشروط المقررة قانونا إذ يشترط لقبول إشكالات التنفيذ في القرارات الإدارية ما يشترط لقبولها في باقي الأحكام القضائية مع بعض الخصوصية .

أولا : شروط قبول الإشكال في التنفيذ في المواد الإدارية

ذكر المشرع في المادة الاستعجالية العادية في المادة 183 الفقرة الأخيرة بالخصوص صلاحية قاضي الاستعجال في البت في اشكالات التنفيذ فتقدم له الاعتراضات المتعلقة بوقف التنفيذ . وقد يكون الاعتراض المعلق بوقف التنفيذ مرفوعا من الغير أي من شخص ليس طرف في التنفيذ وذلك إذا كان قد بدئ التنفيذ فعلا بناءا على القرار القضائي الإداري.

ولعل الواقع أفرز مظاهر أخرى لإشكالات التنفيذ الغاية منها وقف تنفيذ القرار القضائي الإداري فقد يلجأ المنفذ ضده أو الغير برفع دعاوي استعجالية من أجل إيقاف التنفيذ مقدما أسباب موضوعية أحيانا متقديم استئناف ضد القرار القضائي أو معارضة أو براءة ذمة وغيرها أو على أسباب غير موضوعية كالتجريح في الحكم أو القرار القضائـي والدفع بعدم الاختصاص أو تقديم إلتماس إعادة النظر أو الطعن بالنقض كل ذلك من أجل إيقاف تنفيذ القرار القضائي  .

بعد شروط الإشكال الوقتي أما في المادة الإدارية 171 مكرر سكت وعلى العموم يرى الفقه أن الشروط تكاد تتماثل بين القضائيـن .

الفرع الثاني : شروط قبول منازعات الاشكالات في التنفيذ

إن الأشكال الوقتي في التنفيذ هو منازعة قانونية في التنفيذ يختص بها كأصل عام قاضي الأمور المستعجلة والذي هو الجهة القضائية المطروح على دائرتها النزاع  . ولكن كي يقبل الإشكال في التنفيذ في المنازعة المرفوعة أمام الغرفة الإدارية وقياسا على ما هو معمول به في المواد المدنية يشترط قيام شروط معينة .

(1) د/ محمد حسنين – المرجع السابق -ص 99 .

(2) حنيبة فرحات – القضاء الاستعجالي – الندوة الوطنية للقضاء المستعجل 1995 ، ص 47 –48 .

(3) عمارة بلغيث – التنفيذ الجبري واشكالاته – دار العلوم سنة 2004 ص 139 . - 32 -

01- الشــروط العامــة

وهي شروط يتطلبها قانون الإجراءات المدنية في أي دعوى أي كانت ، وهي تتعلق بالمطالبة القضائية ونظم المشرع هذه الشروط ضمن المادة 459 من ق.إ.م (1) وهي الصفة والمصلحة والأهلية . وكي لا نخوض في القواعد الفقهية لهذه الشروط نكتفي بتحديد حالات عملية نقف من خلالها على كل شرط

أ‌- الأهليــة :

إذا كان المستشكل أحد الأفراد فيشترط القانون توفره على الأهلية القانونية والمحددة بـ 19 سنة كاملة يوم رفع الدعوى حسب نص المادة 41 من ق.م .

وفي حالة وفاته فإن الخصومة القضائية تتوقف إلى غاية تصحيح الإجراءات وتتبع في هذه الحالة ما نصت عليه المواد 86 –87 –88 من ق.إ.م.

أما إذا كان المستشكل الإدارة فإنه يتبع في ذلك قواعد التمثيل القانوني وتخضع كل إدارة للقانون الذي ينظمها ويكون التمثيل إما للوزير إذا تعلق الأمر بالدولة وبالوالي إذا تعلق الأمر بالولاية وبرئيس المجلس الشعبي البلدي إذا تعلق الأمر بالبلدية وبالمدير أو من يمثله قانونا إذا تعلق الأمر بالمؤسسة الإدارية  .

ب-الصفــة :

ونعني بها التمثيل الإجرائي في الخصومة القائمة في الإشكال، وتحدد بحسب موضوع النزاع وأطرافه وغالبا ما تتعلق بمن له الحق أو عليه التزام على ذلك الحق .

ج- المصلحـة : إن الإشكال الوقتي لا يأتي من الفراغ إنما هو كأي دعوى يجب أن يكون في رافعه أو الذي أثاره مصلحة فيه وأن تكون هذه الأخيرة قانونية أي غير مخالفة للنظام العام ، ومؤكدة أي غير مستقبلية أو غير محققة الوقوع بالإضافة إلى كونها مشروعة أي أن تكون مصلحة في وقف التنفيذ وليس تعسفا أو امتناعا . ـــــــــــــ

(1) تنص المادة 459 من ق.إ.م ... " لا يجوز لأحد أن يرفع دعوى أمام القضاء ما لم يكن حائز لصفة وأهلية التقاضي وله مصلحة في ذلك ... " .

(2) نصت المادة 331 من ق.إ.م .... " إذا توفى من صدر الحكم لمصلحته قبل أن يباشر التنفيذ يلزم ورثته الذين يطلبون التنفيذ بإثبات صفتهم ، فإذا حصلت المنازعة في صحة هذه الصفة فإن القائم بالتنفيذ يحرر محضرا بذلك ويحيل الخصوم إلى الجهة القضائية المختصة ،وإنما يجوز له أن يقوم بإجراءات .." أما المادة 332 تضمنت نفس الحل بالنسبة للمحكوم عليه ( كلا المادتين تخاطب الشخص الطبيعي ).

(3) أنظر في ذلك المواد 07 و 467 من ق.إ.م .

02- الشــروط الـخـاصـــة

إذا ما توفرت الشروط العامة التي تم ذكرها بإيجاز يتطلب إلى جانب ذلك توفر شروط خاصة بدعوى أو منازعة الإشكال في التنفيذ وهـــي :

أ‌- أن يكون الإشكال مرفوعا قبل تمام التنفيذ

إن القرار القضائي الإداري إذا ما نفذ استوفى إجراءات التنفيذ في هذه الحالة لا محل من إثارة أي إشكال حوله ولا تكون هناك مصلحة من القرار بوقفه ، لكن إذا رفع الإشكال قبل تمام التنفيذ  جاز قبول الطلب . ومن ثم فإن تمام التنفيذ قبل رفع الإشكال الوقتي يؤدي إلى الحكم بعدم قبول هذا الإشكال . وإن كان جانب من الفقه يرى أن قاضي الاستعجال لا يجوز له الحكم بعدم الاختصاص باعتبار أنه مختص فعلا بنظر مثل هذه المنازعة إذن فحكمه يكون بعدم قبول الإشكال .

ولكن ذلك لا يمنع كما يرى الدكتور عبد الباسط جمعي " أنه إذا كان التنفيذ قد تم جعل في جملته أو في جزء منه ، وكان باطلا بطلانا جوهريا كحالة وقوع التنفيذ بدون سند التنفيذي فهنا يجوز رفع الأمر إلى قاضي التنفيذ بعدم الاعتداد بما تم من أعمال التنفيذ ويرد الحال إلى ما كانت عليه إذا كان ذلك ممكنا .." ويضيف الدكتور مبررا أن التنفيذ الذي تم في هذه الحالة لايعدو أن يكون عملا ماديا لا سند له أي عملا من أعمال العدوان .

ب - أن يكون أساسه وقائع لاحقة على صدور القرار

يشترط لقبول الإشكال الوقتي أن يكون موضوعه وقائع لاحقة على صدور القرار القضائي الإداري ، بمعنى أن يكون موضوع المنازعة التي سوف تطرح على القاضي فيها وقائع جديدة لم يتطرق إليها القرار القضائي محل التنفيذ وإلا كان مصير الطلب بالرفض وعدم القبول فلا يجوز للمستشكل إثارة تلك الوقائع من جديد أمام قاضي الإشكال لأن ذلك مساس بحجية الأمر المقضي ، أما أن يكون قد أهمل في إبداء حجته فيكون هو الملوم وأمامه باب الاستئناف ليتمسك بها

ج‌- أن يكون الطلب مجرد إجراء تحفظي لا يمس أصل الحق

كشرط أخير ولقبول الإشكال الوقتي أن يكون الإجراء المطلوب منه هو إجراء وقتي تحفظي أي يهدف إلى وقف التنفيذ مؤقتا أو الاستمرار فيه مؤقتا ، ويعتبر هذا الإجراء كذلك لأن مصيره يظل مرهونا بما يسفر عنه الحكم الفاصل في المنازعة الموضوعية المتعلقة بالتنفيذ 1) مصطفى مجدي هرجة – اشكالات التنفيذ الجنائية الإدارية في ضوء الفقه والقضاء – دار محمود للنشر والتوزيع ، بدون سنة نشر ص 147 .

(2) الدكتور عبد الباسط جمعي – طرق التنفيذ واشكالاته – مصر دار النشر 1975 ص 184 .

(3) عبد الباسط جميعي – مبادئ التنفيذ – القاهرة ، دار الفكر 1974 –1975 ص 182 .

(4) محمد عبد اللطيف – القضاء المستعجل – المرجع السابق ص 466 .

والمبدأ الذي قرره القضاء أن الحكم الذي يصدر من قاضي المختص باشكالات التنفيذ وبوصفه قاضيا للأمور المستعجلة في المنازعة الوقتية هو حكم أو قرار وقتي فلا يمكن أن يبت مثلا في مسألة الوفاء بل يؤسس على أرجحية براءة الذمة أخذا من ظاهر المستندات فمتى كان ظاهر المستندات كاشفا على أرجحية الوفاء الذي يقرره المستشكل حكم قاضي الإشكال بوقف التنفيذ مؤقتا حتى يفصل قاضي الموضوع في أصل النزاع المتمثل في شأن صحة الوفاء من عدمه أي براءة الذمة من عدمها. ومن جهة أخرى فإن الإجراء الوقتي ليس فيه مساس بأصل الحق إذ أنه ما هو إلا ترجيح لإدعاء المستشكل في حالة الوقف من ظاهر المستندات وقد ينتهي البحث الموضوعي إلى خلاف ذلك . نشير فقط أن في مصر يختص قاضي التنفيذ بوصفه قاضيا للأمور المستعجلة بالحكم في الإجراء الوقتي ولو كان النزاع الموضوعي مطروحا على محكمة الموضوع  . وإن كان الواقع العملي يظهر أن قاضي الأمور المستعجلة لا يستطيع أعمال ولايته دون أن يتحسس الموضوع ليصل إلى ما يستهدف من وقف التنفيذ أو الاستمرار فيه . بقي لنا أن نشير إلى عنصر توفر ركن الاستعجال إن كان يشكل أحد الشروط المطلوبة ، بطبيعة الحال فما دام القاضي الناظر في إشكالات التنفيذ هو قاضي الأمور المستعجلة فبالضرورة أي يلزم القانون توفر هذا الشرط .

يرى الفقه أن شرط الاستعجال في الإشكال هو في الواقع مفترض بقوة القانون ، رغم ذلك فإذا ما اثبت المستشكل ضده انتفاء الخطر وانعدام عنصر الاستعجال فإن ذلك يؤدي إلى عدم قبول الإشكال وبالضرورة عدم الاختصاص  .

ـــــــــــــ

(1) الأستاذ اسكندر سعد زعلول – قاضي التنفيذ علما وعملا – القاهرة سنة 1974 ص 22

(2) نقض مدني 07/06/1951 مجموعة أحكام النقض – س 02 ص 989 .

(3) لا شك أن هذا الفرض نادر الوقوع ويصعب تصوره بيد أن احتمال تحققه يفيد أن افتراض الاستعجال في اشكالات التنفيذ ليس افتراضا مطلقا بل هو قابل لإثبات العكس .

المطلـب الثالـث : سلطة القاضي الناظر في اشكالات التنفيذ والحالات التي تواجهه

الفرع الأول : سلطـة القاضــي

إذا عرضت على القاضي المختص اشكالات التنفيذ في المواد الإدارية ، حالة كأن يكون القرار القضائي عبارته غير ظاهرة المعنى أو كان منطوق الحكم مبهما بحسب الظاهر أو كانت أسباب الحكم الجوهرية تتعارض مع المنطوق فإنه لا يجوز له أن يقضي بعدم الاختصاص لأنه لا يملك تفسير السند التنفيذي ، بل يتعين عليه أن يأمر بوقف التنفيذ مؤقتا إلى أن تصدر الغرفة الإدارية المختصة قرار مفسرا لهذا القرار القضائي الذي هو محل الاستشكال .

وبالتالي فإن سلطة القاضي المختص في إشكالات التنفيذ بوجه عام تنحصر في اتخاذ إجراء وقتي إلى حين الفصل في المنازعة الموضوعية .

فالقاضي يفصل في إشكالات التنفيذ بصفته قاضيا للأمور المستعجلة وفقا للقواعد العامة المتبعة في الدعاوي الاستعجالية ، فيصدر حكما أو قرار إما بوقف التنفيذ أو الاستمرار فيه . ويبني قراره ذلك على أساس ترجيح موقف أحد الخصمين بناءا على ظاهر المستندات وفي هذا الصدد له أن يتعرض لما يثار أمامه من نزاع في الواقع ليقدر مدى جديته لكنه لا يتعرض إطلاقا لأصل الحق  .

وخلاصة القول أن القاضي المختص في اشكالات التنفيذ في المواد الإدارية تشابه اختصاصه ومهام قاضي الأمور المستعجلة العادي إذ يقتصر دوره على وقائع لاحقة على صدور القرار القضائي الحاصل التنفيذ بمقتضاه ، إذ ليس له أن ينظر في الوقائع السابقة على القرار ، لأن القرار القضائي قد حسم فيها ولو لم تعرض على الغرفة الإدارية المختصة إذ يجب أن تكون الأسباب التي يبني عليها القاضي المختص في اشكالات التنفيذ في المواد الإدارية قراره متصلة بظاهر الدعوى وليست حاسمة في النزاع .

وعندما تكون الدولة أو أحد هيئاتها هي المنفذ أي المحكوم لها وتكون المنازعة في قرار قضائي يتعلق بوقوع حجر  على أحد أموال المدين لها ، فلو عرضت على القاضي المختص في اشكالات التنفيذ في المادة الإدارية حالة معينة لهذه يوقف التنفيذ استنادا إلى تقرير القاضي ببطلان الحجر بسبب وقوعه على حال لا يجوز عليه  وبناء على ذلك ليس لقاضي التنفيذ أن يقدر ما إذا كانت الأموال أو الكتب المحجوز عليها لازمة لمهنة المدرس أو غير لازمة له لأنه ليس من اختصاصه .

1) تتعدد صور المنازعة الموضوعية ، فقد تكون دعوى من أجل تفسير القرار القضائي أو تحديد أطراف النزاع أو تحديد المبلغ المحكوم به بالأرقام ...إلخ

(2) أ / عمارة بلغيث – التنفيذ الجبري واشكالاته - المرجع السابق ، دار العلوم للنشر والتوزيع 2004 ، ص 146

(3) سواء كان حجز تنفيذي على منقول أو حجز على عقار

* لا نجد حالة واحدة في الجزائر يكون المواطن أو الشخص الطبيعي أو المعنوي كمدعي ويطلب فرض حجز على أموال الإدارة ، هذا مرجعه للحظر المضروب على أموال الدولة ، أنظر المواد 689 من ق.م والمادة 04ق 90/30 المادة 368 /1 من ق.إ.م .

(4) أن يقع ضمن الحالات الواردة في المادة 389 من ق.إ.م .

الفرع الثانـي : حالات الإشكال في التنفيـذ

01- حالات قانونية وعملية لمنازعة التنفيذ

قد يكون الإشكال الوقتي مبنيا على سبب إجرائي كعدم توافر إجراء معين أو على سبب موضوعي كإنقضاء الحق الذي يجري التنفيذ لاستيفائه بالوفاء أو المقاصة أو الإبراء ولكنه يستهدف في جميع الأحوال وقف التنفيذ مؤقتا أو الاستمرار فيه مؤقتا دون الفصل في النزاع الموضوعي  .

وقد يكون موضوع وقف التنفيذ أن القرار القضائي محل التنفيذ قد سقط بالتقادم عملا بنص المادة 344 من ق.إ.م.

أو بحجة أن القرار القضائي غير حائز لقوة الأمر المقضي فيه ففي هذه الحالة تضطر الإدارة المدينة لرفع دعوى استعجاليه تتضمن إشكال في التنفيذ بوقف تنفيذ القرار القضائي ، ويلجأ الدائن إلى القضاء الإداري  .

والخلاصة هي أن سبب الإشكال في التنفيذ ينبغي ألا يمس الحجية الواجبة في القرار القضائي الإداري فكلما تحقق في الواقع إشكال وقتي مؤسس على ما يمس الحجية الواجبة لها تعين على قاضي التنفيذ أن يقضي برفضه  .

02- حالات عملية لإشكالات التنفيذ

قد تثار عدة إشكالات في التنفيذ في القرار القضائي الإداري نذكر منهـــا :

(1) د.محمد حسنين – طرق التنفيذ في قانون الإجراءات المدنية - ديوان المطبوعات الجامعية ، طبعة 2001 ص 98 .

(2) نص المادة 344 من ق.إ.م ... " تكون الأحكام قابلة للتنفيذ خلال مدة ثلاثين سنة تبدأ من يوم صدورها وتسقط بعد انقضاء هذه المدة " .

(3) تطرح هنا مسألة الاختصاص هي تطبيق نص المادة 183 أو 171 أو 283 من قانون الإجراءات المدنية .

(4) مصطفى مجدي هرجة – المرجع السابق – ص 165 .

- أن يكون الإشكال في التنفيذ مبنيا على أن القرار صدر نحو شخص متوفي أو خصم لم يعلن بعريضة الدعوى أو صدر القرار من جهة غير مختصة أو أن القرار القضائي محل التنفيذ غير موصوف بأنه نهائي أو ابتدائي أو أن الغرفة الإدارية قد سهت أو أخطأت بالنفاذ المعجل ، أو في حالة ما إذا كان الشيء المحكوم به لم يعين تعيينا كافيا مثلا الإشكال المتعلق بوقف تنفيذ قرار قضائي إداري الذي قضى على مديرية أملاك الدولة بالتعويض العيني للأرض محل النزاع طبقا للمرسوم التشريعي 95/26 المعدل والمتمم للقانون 90/25 المتعلق بالتوجيه العقاري ، لكن عند التنفيذ ثبت أن الأرض قد تم التصرف فيها من طرف الولاية لمنفعة عامة

- ونذر كذلك القرار القضائي القاضي بإلزام مديرية أملاك الدولة بتحرير عقد تنازل عن السكن للمدعو (م.م) ، فإن هذا القرار رفعت بشأنه مديرية أملاك الدولة إشكال وقتي بوقف تنفيذه على أساس أن القانون 81/01 المتعلق بالتنازل عن السكنات يشترط لتحرير مثل هذه العقود أن يعرض الملف على لجنة الدائرة فإذا ما وافقت يحال الملف على مدير أملاك الدولة لتحرير العقد باعتباره موثق الدولة  .

 (1) قرار الغرفة الإدارية مجلس قضاء بسكرة رقم الفهرس 46/96 المؤرخ في 14/07/1996 بين ك.س و بلدية بسكرة .

(2) قرار الغرفة الإدارية – مجلس قضاء معسكر – رقم الفهرس 109/2000 المؤرخ في 20/01/2000 .

المبحث الثـانـي: الجهة المختصة باشكالات التنفيذ والإجراءات المتبعة وطرق الطعن

المطلب الأول : الجهة المختصة بنظر إشكالات التنفيذ في المواد الإداريـة

الفرع الأول : فـي فـرنـســا

تبنى المشرع الفرنسي نظاما خاصا في حل اشكالات تنفيذ القرارات القضائية الإدارية وهي طريقة بدون المخاصمة القضائية خاصة إذا كان الحكم الصادر من المحاكم الإدارية الاستئنافية ضد الإدارة . بحيث أنشأ الفرنسيون لجنة على مستوى مجلس الدولة (1) وجاء ذلك تطبيقا للمرسوم رقم 63 –766 الصادر بتاريخ 30 يوليو 1963 الذي أنشأ داخل مجلس الدولة الفرنسي قسما خاصا يختص بحل كل إشكال تنفيذي لحكم إداري صادر ضد الإدارة ، وقد أعطى الحق بطلب حل الإشكال لجميع الأطراف سواء للإدارة أو المجلس أو الأفراد وسواء كان هذا الحكم صادرا بالإلغاء أو بغير الإلغاء (2) .

ولقد نصت المادة 58 من المرسوم السابق ذكره على أنه عندما يتعلق الأمر بإلغاء قرار لتجاوز السلطة أو بحكم صادر في القضاء الكامل فإن الوزراء المعينون بالأمر لهم الحق أن يقدموا طلب لمجلس الدولة لتوضيح الحكم للإدارة والكيفية التي يتم بها تنفيذه كما يمكن لنائب رئيس مجلس الدولة ورئيس القسم القضائي أن يطلب من رئيس لجنة التقرير والدراسات لفت انتباه الإدارة بالنتائج التي تترتب على تنفيذ أحكام مجلس الدولة .

وبالتالي فإن المشرع الفرنسي قد وزع صلاحية حل إشكال التنفيذ على كل من الوزير المعني ونائب رئيس مجلس الدولة أو لرئيس القسم القضائي للمجلس ، فلكل واحد من هؤلاء الحق في أن يطلب من رئيس لجنة التقرير والدراسات تنبيه الإدارة بالنتائج التي تترتب على تنفيذ أحكامها (3) .

ولما جاء المرسوم 76/286 الصادر بتاريخ 24 مارس 1976 المعدل والمتمم للمرسوم 1963 سن هذا المرسوم للفرد صاحب المصلحة في التنفيذ وبعد مضي 03 أشهر من إعلانه بالحكم أن يشعر لجنة التقرير والدراسات بالمشاكل التي تواجهه في تنفيذ الحكم الإداري الصادر لمصلحته .

ـــــــــــــ

(1) لقد كان حل اشكالات تنفيذ الحكم الإداري الصادر ضد الإدارة في النظام الفرنسي قبل سنة 1963 يخضع لنظام الدعوى العادية أو الموضوعية التي تتطلب شروط وشكليات أمام المحاكم الإدارية المختصة .

(2) ، (3) تنفيذ الحكم الإداري الصادر ضد الإدارة – ابراهيم أوفائدة – المرجع السابق ص 202 - 203 .

وللذكر فقط أن رئيس لجنة التقرير والدراسات أن يعين مقررا تحت سلطته في متابعة تنفيذ الأحكام الإدارية ومساعدة الإدارة المعينة وتوجيهها توجيها صحيحا لتنفيذ الحكم بالكيفية التي يتطلبها لتحقيق مضمون الحكم الإداري نصا وروحا .

وسلطة مجلس الدولة تتوقف عند حل الإشكال التنفيذي ، فهو لا يستطيع أن يتخذ إجراءات تنفيذية عملية ، لأن ذلك يبقى دائما من صلاحيات الإدارة وحدها ، غير أنه إذا وجد أن هناك إشكال يصعب حله من طرف الإدارة المعينة أن يتصل بالسلطات العليا ويطلب منها التدخل لحل هذا الإشكال (1) .

الملاحظ فقط رغم هذا المسلك الذي انتهجه المشرع الفرنسي فإن الاشكالات لا زالت ترفع أما القضاء للبت فيه .

ويعرف القضاء الفرنسي وقف تنفيذ القرارات القضائية منظم بالمواد 125 –127 القسم التنظيمي من قانون المحاكم الإدارية ويتم طلب تنفيذ القرارات القضائية بنفس إجراءات وقف تنفيذ القرارات القضائية الإدارية وهكذا فإن دعوى وقف التنفيذ تقدم خلال 15 يوما من تاريخ التبليغ أمام محكمة الاستئناف الإدارية وأحكام هذه الأخيرة قابله للطعن بالنقض أمام مجلس الدولة في نفس الميعاد .

وأمام هذا يميز التشريع الفرنسي في هذه المسألة بين ثلاث حـــالات :

الحالة الأولـى : إذا تم رفع الاستئناف من غير المدعي في الدعوى الابتدائية فهنا المحكمة الاستئنافية تستطيع أن تأمر بوقف تنفيذ الحكم المستأنف إذا كان تنفيذ الحكم يعرض المستأنف نهائيا لخسارة مبلغ مال لن يبقى ملزما بها ولو قبل استئنافــه ( مرسوم 92/245 ) المؤرخ في 17/03/1992 .

الحالة الثانيـة : إذا كان موضوع الاستئناف هو حكم يتضمن التصريح بإلغاء قرار إداري فإن المحكمة تستطيع بناء على طلب المستأنف أن تأمر بوقف تنفيذ الحكم إذا ظهرت دفوع المستأنف في الدعوى .

 الحالة الثالثـة : في غير الحالتين السابقتين فإنه يجوز الأمر بوقف تنفيذ قرار قضائي إداري بناء على طلب المدعي إذا ما كان تنفيذ الحكم سيؤدي إلى نتائج يصعب إصلاحها إذا كانت الدفوع المقدمة في الدعوى جدية ومن طبيعتها أن تؤدي إلى إلغاء الحكم (2) .

ــــــــــــ

(1) وقد رأى بعض الفقهاء أن هذا النظام له مساوئ عدة لنفور الأفراد منه نظرا لأن إجراءاته غير مضمونة عمليا ، وأمام هذا قام المشرع الفرنسي باستحداث نظام الوسيط " Médiateur Le " الذي تم إنشاؤه بالقانون رقم 73/6 المؤرخ في 03/01/1973 هذا الأخير الذي هو موظف سامي يعين بمرسوم من مجلس الوزراء لمدة 06 سنوات وينحصر دوره في تلقي الاشكالات المعلقة بالتنفيذ للبت فسها .

(2) مسعود شيهوب – المبادئ العامة للمنازعات الإدارية - نظرية الاختصاص – الجزء 03 ، ديوان المطبوعات الجامعية 1999 ، الجزائر ص 520 .

الفرع الثاني : فـي مـصــر

سار المشرع المصري على خطى نظيره الفرنسي بحيث أنشأ المشرع داخل مجلس الدولة قسما خاصا بالفتوى ويتكون القسم من عدة إدارات متخصصة قد تصل إلى 17 إدارة وكل واحدة منها تختص بوزارة من الوزارات وهذه الأخيرة تتكفل بإبداء الرأي في المسائل التي يطلب فيها ذلك من طرف الإدارة المعنية (1) .

وبذلك فكلما اعترضت الإدارة المكلفة بتنفيذ الحكم الإداري الصادر ضدها بعض الصعوبات القانونية يمكن أن تلجأ إلى قسم الفتوى وهنا طالبة توضيح الحكم وبيان الآثار التنفيذية له .

للذكر فقط فإن هذا القسم غير مختص بطلبات الأفراد مباشرة على خلاف النظام الفرنسي غير أنه يمكن أن يتم ذلك بطريق غير مباشر وذلك بالضغط على الإدارة على رفع طلب حل الإشكال التنفيذي أمام هذا القسم (2) .

مع هذا فإن للأفراد اللجوء للقضاء الإداري العادي أي قاضي التنفيذ إذا الحكم الإداري يتعلق بجوانب مالية وهذا المبدأ ما أقرته محكمة النقض المصرية ".... أنه وإن كانت محكمة القضاء الإداري هي المختصة وحدها بالفصل في المنازعات المتعلقة بالعقود الإدارية إلا أنه متى صدر الحكم فيها بالإلزام أصبح سندا يمكن التنفيذ به على أموال المحكوم عليه فتختص المحاكم المدنية بمراقبة إجراءات التنفيذ والنظر في مدى صحتها وبطلانها باعتبارها صاحبة الولاية العامة بالفصل في جميع المنازعات المتعلقة بالمال ويختص القضاء المستعجل باعتباره فرعا منها بنظر الاشكالات الوقتية المتعلقة بالتنفيذ" (3) .

 ـــــــــــــ

(1) القانون رقم 47 لسنة 1972 خاصة المواد 58 –60 .

(2) الدكتور عبد المنعم عبد العظيم حيرة- آثار حكم الإلغاء – القاهرة 1989 ص 556 .

(3) نقض مدني جلسة 01/02/1973 – مجموعة المكتب الفني لسنة 24 ع01 الطعن رقم 347 س 37ق .ص ، ص 131 .

الفرع الثالث : فـي الـجـزائـــر

إن المشرع الجزائري بموجب المادة 171 مكرر من ق.إ.م خول لرئيس المجلس القضائي أو العضو الذي ينتدبه والذي عادة ما يكون رئيس الغرفة الإدارية للفصل في الأمور المستعجلة .

ولأن كان المشرع في المادة الاستعجالية الإدارية لم يحدد كل الحالات التي تعتبر من قبيل الأمور المستعجلة على غرار المادة الاستعجالية العادية (1) ، بحيث إكتفى في الفقرة الثانية من نفس المادة بعبارة عامة .... " في جميع حالات الاستعجال "... ثم عدة حالات منها .. توجيهية إنذار ، تعيين أحد موظفي قلم الكتاب أو خبير لإثبات حالة ، ثم عاد ليذكر كحالة أخيرة فقال ... " باتخاذ كافة الإجراءات اللازمة .

أول ملاحظة تطرحها المادة إهمال المشرع بالنص على حالة الإشكال في التنفيذ (2) وهذا ما خلق إشكالا عمليا بين القضاة سواء المشكلين للقضاء الإداري أو المشكلين للقضاء العادي .

وهنا يطرح الإشكال والذي يتعلق بمن هو المختص بنظر اشكالات تنفيذ الأحكام والقرارات الصادرة عن الغرفة الإدارية ؟

هل هذه الاشكالات يختص بنظرها رئيس الغرفة الإدارية باعتباره رئيس الجهة القضائية المختصة في الأمور الإدارية أم يختص بنظرها رئيس المجلس القضائي أم رئيس المحكمة العادية الموجودة بمقر المجلس القضائي ؟(3) .

أمام هذا الزحم الكبير من الاشكالات انقسم الفقه والقضاء حول المسألة إلى فريقين .

أولا : القاضي الإداري هو المختص

إن هذا الرأي يرى أن القاضي الإداري هو المختص بنظر اشكالات التنفيذ ، وهو اختصاص نوعي باعتبار أن المشرع قد حدد في المادة 07 من ق.إ.م معيار الخصومة القضائية الإدارية وفي المادة 07 مكرر حدد الاستثناءات التي تثار أمام القضاء العادي وبالتالي فإن اشكالات التنفيذ لم ترد ضمن القواعد المستثناة من اختصاص الغرفة الإدارية وعليه فإن هذه الأخيرة هي المختصة بنظرها ، تأسيسا على المادة الاستعجالية الإدارية م 171 مكرر والتي استبعدت تطبيق المادة 183 المتعلقة بحالات الاستعجال العادي والتي من حالاتها اشكالات التنفيذ .

ـــــــــــ

(1) حدد المشرع في المادة 183 من ق.إ.م حالات الاستعجال وهي بالخصوص :

- تدابير الحراسة القضائية

- تدابير تحفظية

- اشكالات التنفيذ

(2) كذلك الحراسة القضائية ، المعاينة ، الاستجواب .... إلخ .

(3)د/بشير بلعيد– قاضي الاستعجال في المادة الإدارية ،اشكالات وحلول -الندوة الوطنية للقضاء الاستعجالي ، مديرية الشؤون المدنية 1995ص 158

لكن هذا الاتجاه لم يسايره مجلس الدولة في أحد قراراتـه وهو القرار رقم 9934 الصـادر بتاريـــخ 05/11/2002 عن الغرفة الخامسة والتي جاءت بالمبدأ التالــي : "... يختص بإشكالات التنفيذ الوقتية المتعلقة بسندات التنفيذ الإدارية ,الأحكام القضائية الصادرة عن الجهات القضائية الفاصلة في المواد الإدارية ، قاضي الأمور المستعجلة التابع للقضاء العادي (1) .

إن مجلس الدولة في قراره المذكور أعلاه استند في موقفه على نص المادة 171 مكرر ق.إ.م

وحسب تعليق الأستاذ زودة عمر على القرار أشار أن المشرع في المادة 07 من ق.إ.م حدد المعيار العضوي الذي يحدد أن الغرفة الإدارية لها الولاية العامة بنظر كل النزاعات الإدارية إلا ما استثنى منها بنص خاص . وخلص الأستاذ لنتيجة أنه لم يبقى للقضاء الإداري في الجزائر من مجال الاجتهاد في تحديد المنازعات التي تختص بها القضاء الإداري وتلك التي لا يختص بها لأن الأمر يتعلق بوجود قاعدة عامة لا يجوز الخروج عنها إلا حيث ينص القانون على خلاف ذلك . وأضاف أن قاضي الأمور المستعجلة فرعا من القضاء العادي أو القاضي الإداري وبحسبانه فرعا يتبع الأصل ومن ثم ينعقد الاختصاص في نظر اشكالات التنفيذ إلى الفرع الذي يتبع الأصل حسب قواعد الاختصاص ، فإما يختص قاضي الأمور المستعجلة التابع للقضاء الإداري (2) .

ـــــــــــــ

(1) تتلخص وقائع النزاع بأن صدر قرار مؤرخ في 20/01/1977 عن الغرفة الإدارية مجلس قضاء البليدة القاضي على المدعى عليهم فريق (ح.ط) بالتخلي عن قطعة أرضية ذات مساحة 41 هكتار و20 أر ، تطبيقا للقانون 90/25 المتضمن التوجيه العقاري وذلك بعد إلغاء قانون الثورة الزراعية ، وقد شرع الوالي في تنفيذ القرار القضائي عن طريق المحضر القضائي ، إلا أن المحكوم عليه أثار إشكال في التنفيذ مفاده أنه لن يتخلى عن العقار محل النزاع حتى يتحصل على التعويض عن المنشآت التي أقامها ، فرفع الأمر أمام الغرفة الإدارية لمجلس قضاء البلدية فقضى بعدم التأسيس وأمرت بمواصلة التنفيذ .

(2) المستشار عمر زودة – تعليق – الإشكال في تنفيذ قرار قضائي والجهة القضائية المختصة بالفصل فيه – مقال منشور في مجلة مجلس الدولة العدد 2003/4 ص 179 –180 .

ويزداد الأمر تعقيدا لو سلمنا بأن القاضي الإداري هو المختص بالمنازعة المتعلقة بإشكالات التنفيذ فمثلا فالمدعي الذي ينازع والي معين يكون الفصل في هذا الموضوع للغرف الجهوية المختصة فهذا القرار الصادر هنا إذا وقع فيه إشكال في التنفيذ فهل يعرض على رئيس الغرفة الإدارية مصدرة القرار القضائي أم يعرض عل الغرفة الإدارية التي ينتمي لها الوالي ؟ (1) .

لو رجعنا إلى نص المادة 07 من ق.إ.م فإنها ضيقت من اختصاص الغرفة الجهوية حيث جعلت قضاءها ناقص لا يتعدى دعاوي إلغاء قرارات الولاة على خلاف الغرف الإدارية المحلية ، من هذا الطرح فإن أي منازعة عدا هذه الدعوى ( إلغاء قرار الوالي ) تعرض على الجهة القضائية المختصة المنتمي إليها الوالي باعتبارها الولاية العامة في الفصل في باقي المنازعات ، إذا ورجوعا للمثال المطروح فالإشكال يرفع لمجلس قضاء بسكرة أي إلى رئيس الغرفة الإدارية للبت فيه هذا من جهة ومن جهة أخرى فإذا رجعنا إلى نص المادة 8من ق.إ.م التي حددت الاختصاص المحلي لتدابير الاستعجال وجعلتها ترفع أمام الجهة القضائية التي وقع فيها الاستشكال(2) .

ثانيا : اختصاص القاضي العادي

يرى جمع من الفقهاء ويساند الاتجاه الأخير مجلس الدولة (3) بأن القاضي المختص بنظر اشكالات التنفيذ في القرارات القضائية الإدارية هو رئيس المحكمة بصفته القاضي المترأس للقسم الاستعجالي للمحكمة وهو صاحب الاختصاص الأصلي بنظر اشكالات التنفيذ .

وتبرير هؤلاء أن المادة 183 من ق.إ.م حددت هذا الاختصاص لرئيس المحكمة حصريا بالإضافة أن شروط قبول دعوى الإشكال في التنفيذ نظمتها هذه المادة وبينتها ، ولم تتطرق المادة 171 مكرر المتعلقة بالاستعجال الإداري لاشكالات التنفيذ (4) .

أما اتجاه مجلس الدولة فقد صار على هذا الاتجاه حيث أكد كذلك وبين أن اشكالات التنفيذ المتعلقة بسند تنفيذي أو حكم قضائي تخضع لمقتضيات المادة 183/2 من ق.إ.م التي تمنح اختصاص الفصل في اشكالات التنفيذ لقاضي الأمور المستعجلة المختص إقليميا والذي هو رئيس المحكمة عادة .

ـــــــــــــ

(1) نأخذ مثال : لو تم الطعن في قرار صادر عن والي ولاية بسكرة بالإلغاء أمام الغرفة الجهوية بقسنطينة وعند تنفيذه وقع إشكال فهل يرفع الأمر لرئيس الغرفة الجهوية أم يرفع لرئيس الغرفة الإدارية لبسكرة ؟

(2) تنص المادة 08 فقرة 17 .. ( في القضايا المستعجلة أمام المحكمة الواقع في دائرة اختصاصها مكان المشكل التنفيذي أو التدبير المطلوب ) .

(3) أنظر القرار الصادر عن الغرفة الخامسة – مجلس الدولة – رقم 9934 المؤرخ في 05/11/2002 .

(4) هذا هو المعمول به على مستوى مجلس قضاء بسكرة وهذا ما عيناه وما بينه لنا قضاة الغرفة الإدارية وكذا رؤساء المحاكم ضمن التدريب الميداني لسنة 2005/2006 .

 وحسب النتيجة التي توصلنا إليها فإن أنصار الاتجاه الأول هو الواجب الاتباع وهذا يتوقف على التبرير الآتـــــي :

- أن المشرع الجزائري قد أفرد مادة واحدة تتعلق بالاستعجال الإداري تضمنت 08 فقرات ، هذا خلاف ما سار عليه في الاستعجال العادي حيث نظمته المواد 183 حتى 190 لهذا وما دام المشرع قد أخرج الاستعجال الإداري من سلطة واختصاص القاضي العادي لا محالة ، إنما قصد أن إشكالات التنفيذ يختص بها كذلك القاضي الإداري الناظر في الأمور المستعجلة طبقا للمادة 171 مكرر من ق.إ.م .

- أن قرار مجلس المشار إليه أنفا غير سديد بحيث أنه اسند ولاية النظر لاشكالات التنفيذ للقاضي العادي بحجة تفسير أن المشرع الجزائري لم يشر في المادة 171 مكرر للحالة هذه ، لكن هذا الطرح يتناقض وما دأبت عليه الغرفة الإدارية سابقا بالمحكمة العليا ومجلس الدولة حاليا في بعض حالات الاستعجال الإداري . فمثلا الحراسة القضائية أيدت الغرفة الإدارية مرارا وتكرار أنها من صميم اختصاص القاضي الاستعجالي الإداري وكان اجتهاد الغرفة آنذاك مبينا على القياس على القضاء الاستعجالي في المواد المدنية لأن الحراسة القضائية كتدبير استعجالي لم يتم ذكرها في المادة 171 مكرر (ق.إ.م) رغم ذلك سلمت الغرفة الإدارية بوجوب تمسك القاضي الاستعجالي الإداري بنظرها (1) .

- أن المشرع الجزائري على خلاف المشرع الفرنسي فقد تبنى المعيار العضوي لوصف المنازعة أنها تكتسي طابعا إداريا وهذا ما كرسه في المادة 07 من ق.إ.م وعندما يريد المشرع التخلي عن هذا الاختصاص ينص صراحة كما فعل في المادة 07 مكرر من ق.إ.م وبتفحص هذه المادة لا نجد من ضمنها اشكالات التنفيذ وبالتالي فإن تلك الأخيرة تظل من اختصاص القاضي الاستعجالي الإداري (2) . ـــــــــــــ

(1) أنظر القرار رقم 38070 المؤرخ في 20/10/1984 بين الولاية و (ب.ومن معه) القرار غير منشور – أشار إليه –د/ مسعود شيهوب –المرجع السابق .

(2) إن قواعد الاختصاص النوعي من النظام العام لا يجوز مخالفتها من أي كان المادة 93 من ق.إ.م .

المطلـب الثانـي : الإجراءات المتبعة في حل اشكالات التنفيذ

الفرع الأول : الإجـــــراءات

جاء في نص المادة 183 فقرة أخيرة " وعندما يتعلق الأمر بالبت مؤقتا في إشكالات التنفيذ بسند تنفيذي أو أمر أو حكم أو قرار فإن القائم بالتنفيذ يحرر محضرا بالإشكال العارض ويخبر الأطراف أن عليهم أن يحضروا أمام قاضي الأمور المستعجلة الذي يفصل فيه".

هذه المادة عالجت الحل عندما يتعلق الأمر بإشكال في التنفيذ في المواد المدنية سواء للأوامر الصادرة أو الأحكام أو القرارات القضائية المدنية لكن ما هو الحل للمواد الإدارية ؟

إن كان المشرع حدد مادة وحيدة ويتيمة تتعلق بقواعد وإجراءات الاستعجال الإداري وهي المادة 171 مكرر إلا أنه لم يتطرق إلى الشروط وإجراءات البت في اشكالات التنفيذ ، وما زاد الأمر تعقيدا أن قام المشرع في المادة 171 مكرر في الفقرة 01 بالنص على " وتستبدل في المواد الإدارية 172 –173 –183 إلى 190 الخاصة بتدابير الاستعجال والقضاء المستعجل وترك الخصومة " ، وهذا يعني أننا لا يمكن العمل بالشروط التي أوردها المشرع في المادة 183 فقرة أخيرة المتعلقة باشكالات التنفيذية وهنا يطرح السؤال ما هي إجراءات دعوى الإشكال في التنفيذ في المواد الاستعجالية الإدارية ؟يرى بعض الفقهاء أن تطبيق القواعد العامة فلا يوجد ما يمنع باعتبار أن المشرع في الفقرة 01 /171 مكرر عندما استعمل عبارة تستبدل أحكام المواد وخاصة المادة 183 لم يكن ينبه إلى إلغاء أحكامها إنما يبقى قابلة للتطبيق كلما غاب الحل في المادة الاستعجالية الإدارية وهذا ما حصل فعلا في مشكلة اشكالات التنفيذ . ويرى البعض أن مسألة الإشكال في التنفيذ تعتبر أحد صور إثبات الحالة لذا يرون أن تطبيق الفقرة الرابعة من المادة 171 مكرر التي جاء نصها :" ويخطر المدعى عليهم المحتمل اختصامهم بأمر إثبات الحالة فورا ويحرر موظف قلم الكتاب المكلف بالإنذار (1) أو إثبات الحالة ، وكذلك الخبير محضرا يذكر فيه أقوال وملاحظات المدعى عليهم المحتمل اختصامهم أو من يمثلهم ويبلغ هذا المحضر إلى كل ذي شأن " . ولعل هذه المادة بينت لنا الإجراءات ونرى وجه الشبه بينها وبين المادة 183 من ق.إ.م .

ـــــــــــــ

(1) هذه المهمة كانت تستند للكتاب قبل صدور قانون المحضر القضائي رقم 90/03 خاصة المادة 05 منه التي حولت سلطة التبليغ والتنبيه والأعذار للمحضرين بدل الكتاب .

نخلص من كل هذا أن شروط رفع الإشكال في التنفيذ وكذا إجراءاته والتي تنحصر فـــــي :

01- يحرر المحضر من طرف القائم بالتنفيذ ويبلغ الأطراف ولمن يهمه الأمر الاستعجالي أو المستشكل رفع النزاع إلى رئيس الجهة القضائية وتتبع هنا القواعد المتعلقة بالاستعجال .

لذا يتعين في هذا الشأن تحرير في العريضة محل الإشكال الطلب القضائي مع الأسانيد ثم القيام بالتكليف بالحضور باعتباره هو الإجراء الثاني ثم الاستدعاء الذي يجب أن يكون بصفة قانونية وحسب الشروط المحددة (1) .

لقد قررت المحكمة العليا أنه عندما يتعلق الأمر بالبت مؤقتا في إشكالات التنفيذ فعلى المحضر القضائي المعني أن يحرر محضر بالإشكال المعروض ويخبر الأطراف بضرورة الحضور أمام قاضي الأمور المستعجلة للفصل فيها (2) وإن كان الواقع العمل أن مهمة المحضر تنتهي في تحرير المحضر فقط ليتسنى لخصم المستعجل رفع العريضة إلى رئيس الجهة القضائية المختصة .

الفرع الثانــي : الأشخاص المخول لهم رفع طلب الإشكال في التنفيذ

تتعدد صور مستعملي هذا الطريق فقد يكون المدين نفسه أو الدائن أو الغير .

أولا : مـن طـرف الـدائــن

يعتبر الدائن هو طالب التنفيذ أي هو المحكوم له (3) فقد يقيم إشكالا يطلب فيه الاستمرار في تنفيذ القرار القضائي الإداري سواء أوقف التنفيذ المحضر القضائي أو المدين ، ويقوم الدائن برفع الإشكال بدعوى أمام قاضي الأمور المستعجلة المختص فيطلب منه الاستمرار في تنفيذ القرار القضائي الإداري . وقد جرى العمل على تسمية ذلك الإشكال بالإشكال المعكوس وفيه يدعو طالب التنفيذ خصمه لإبداء ما يعن له من كافة الاعتراضات التي قد يبديها عند الشروع في تنفيذ الحكم ، ويفحص قاضي التنفيذ بوصفه قاضيا للأمور المستعجلة حجج الطرفين وأسانيد كل منهما ليستظهر من ذلك مدى حجية الصعوبات التي تقام في سبيل تنفيذ الحكم (4) .

ــــــــــــ

(1)إجراءات القضاء المستعجل – الندورة الوطنية للقضاء الاستعجالي – مديرية الشؤون المدنية 1995 ص 79

(2) أنظر القرار رقم 105320 المؤرخ في 18/04/1992 ، مجلة قضائية 1995 العدد 02 ص 110 .

(3) سواء كان المحكوم له الإدارة أو الشخص الطبيعي أو المعنوي .

(4) المستشار مصطفى مجدي هرجة – إشكالات التنفيذ الجنائية والمدنية – القاهرة ، دار محمود للنشر والتوزيع ص 157 .

ثانيـا : مـن الـغـيـــر

يجوز للغير الذي لم يكن طرفا في الحكم أن يستشكل في التنفيذ سواء أمام المحضر أو بدعوى يرفعها لقاضي الأمور المستعجلة المختص ، خاصة إذا ظهر له القرار القضائي محل التنفيذ يمس مال معين له أو يسيء له (1) .

ويتقرر منح هذا الحق للغير ضمن عدة مواد قانونية نجد أساسها القانوني في المادة 191 من ق.إ.م المتعلقة باعتراض الغير الخارج عن الخصومة وكذلك ما نص عليه المشرع ضمن المواد 360-377-387-388 من ق.إ.م المتعلقة بالحجوز التحفظية والتنفيذية لهذا فإن كان للغير مصلحة في توقيف إجراءات التنفيذ يحق له تقديم اعتراض أمام قاضي الأمور المستعجلة الواقع دائرتها إجراءات التنفيذ ، وتسرى عليه نفس الشروط التي تم الإشارة إليها سابقا .

ثالثـا : مـن المـديــن

يرفع المدين دعوى الإشكال في التنفيذ في أغلب المنازعات باعتباره هو المحكوم ضده وأنه هو الذي يقع على عاتقه تنفيذ الحكم ويكون طلبه يهدف على وقف إجراءات التنفيذ .

المطلـب الثالـث : طرق الطعن في القرارات الصادرة في إشكالات التنفيذ

الأصل أن الهدف من القرار القضائي الإداري الصادر في الإشكال الوقتي هو اتخاذ إجراء وقتي لحماية مصالح أحد الخصوم إلى حين الفصل في موضوع النزاع وبالتالي فإن الحجية التي تكتسبها هذه القرارات هي حجية مؤقتة متصلة ببقاء الظروف التي أدت إلى إصدارها دون تغيير رغم ذلك فإن هذه القرارات ومادامت تدخل ضمن اختصاص القاضي الإداري الاستعجالي فإنها تخضع بالضرورة لطرق الطعن العادية منها والغير عادية . طبيعة قرارات رئيس التنفيذ:

كانت المادة /6/ من قانون الإجراء العثماني تنص على ما يلي:

تتخذ دوائر التنفيذ القرارات الإجرائية مباشرة دون حاجة إلى حكم محكمة وللمتضرر من هذه القرارات حق الاعتراض كتابة فإن قبل اعتراضه وكان صحيحاً يمكن عندها تبديلها وتعديلها ورفعها.

وبمقتضى هذا النص كان رئيس التنفيذ هو مرجع الفصل في جميع المنازعات المتعلقة بإجراءات التنفيذ واعتبر المشرع قراراته فيها داخله في عداد سلطة الإدارة القضائية التي يجوز الرجوع عنها أو تعديلها بناءً على مراجعة المتضرر.

فلو اعتبرت أنها داخلة في عداد السلطة القضائية لما أمكن جواز التعديل والإلغاء لأن الحاكم لا يملك الرجوع عن الحكم الذي يكون قد أصدره بل يجب الالتجاء إلى المحكمة لإعادة النظر فيه.

احتفظ المشرع السوري بهذه السلطة لرئيس التنفيذ وهو دائماً قاضي حكم وذلك في نص المادة /277/ أصول محاكمات مدنية حيث نص فيها:

1- يفصل الرئيس في جميع الطلبات التنفيذية بالاستناد إلى أوراق الملف بدون دعوة الخصوم.

2- تقبل القرارات التي يصدرها رئيس التنفيذ الطعن لدى محكمة استئناف المنطقة.

3- يخضع الاستئناف للميعاد والأصول المتبعة في استئناف القضايا المستعجلة.

4- تفصل محكمة الاستئناف في غرفة المذاكرة في الطعن بقرار له قوة القضية المقضية.

يتبين مما سبق أنه في ظل التشريع العثماني كانت القرارات التي يصدرها رئيس التنفيذ ذات طبيعة ولائية إدارية خاصة. فقد كان للمتضرر منها حق الاعتراض عليها كتابة أمام رئيس التنفيذ الذي أصدرها فإذا تبين أن الاعتراض في مجلسه كان له أن يعدلها أو يبدلها أو يرجع عنها ويلغيها وألا صدقت وكانت نافذة.

أما الآن فقد أصبح رئيس التنفيذ بمقتضى الفقرتين 1 و 2 من المادة

/277/ أصول محاكمات مدنية يصدر قراراته بدون دعوى الخصوم وهي تخضع للطعن بطريق الاستئناف.

القرارات التي يصدرها رئيس التنفيذ بصورة خطية ومذيلة بتوقيعه الشخصي في المحضر العام للملف التنفيذي للفصل في جميع الطلبات أو الإشكاليات التنفيذية التي يثيرها ذوي الشأن بعد اختلاف وجهات نظرهم في كل ما يتعلق بإجراءات التنفيذ أصبحت من طبيعة خاصة تختلف عما كانت في ظل القانون القديم فهي تختلف من حيث طبيعتها عن الأحكام الأخرى التي تصدر في غرفة المذاكرة ودون دعوى الخصوم ولا يمكن أن تعطى لها صفة صحيحة رغم أن المشرع أخضعها للطعن بطريق الاستئناف وفق الأصول المنصوص عليها للطعن بقرارات قاضي الأمور المستعجلة.

صدر بلاغ وزير العدل رقم /26/ تاريخ 30/7/1963 نص فيه:

1- قرارات رئيس التنفيذ من الأعمال القضائية وليست من التصرفات الولائية.

وقد ذهب بعض الفقهاء إلى اعتبار القرارات الصادرة عن رئيس التنفيذ بأنها يمكن أن تصدر على نوعين قرارات ولائية وقرارات قضائية حسب طبيعة القرار الصادر إلا أنه لا يمكن اعتبار قرارات رئيس التنفيذ بهذه الصفة المزدوجة والسبب في ذلك أن جميع قرارات رئيس التنفيذ من نوع واحد ومن طبيعة واحدة تصدر في غرفة المذاكرة دون دعوى الخصوم وتخضع للطعن بطريق الاستئناف. وأن هذه القرارات من طبيعة قضائية خاصة تعمل على الفصل في جميع الإشكاليات التنفيذية بشكل موضوعي ويترتب على انقضاء مواعيد الطعن فيها أو على تصديقها بعد الطعن اكتسابها قوة الشيء المحكوم به فيما صدرت من أجله وفصلت فيه.

وهناك قرار لمحكمة النقض صدر في 2/9/1959 ينص على:

إذا فصلت محكمة الاستئناف التي تنظر في مشاكل التنفيذ برد الطعن الموجه ضد قرار رئاسة التنفيذ فلا يملك بعدها الخصم أن يثير نفس النزاع أمام القضاء وبخصومة عادية.

ولا بد من التنويه أن الضابط المميز بين القرار القضائي والتصرف الولائي أن الأول يصدر في نزاع ولو كان محتملاً أما الثاني فيصدر بناءً على الطلب ودونما منازعة أو احتمال منازعة وبناءً عليه فإن قرارات رئيس التنفيذ الصادرة في الخلافات التنفيذية من الأعمال القضائية لا التصرفات الولائية.

ثانياً: استئناف قرارات رئيس التنفيذ:

استئناف قرارات رئيس التنفيذ في قانون الإجراء العثماني:

كانت المادة الثالثة من قانون الإجراء العثماني تنص على ما يلي:

لا يمكن الاستئناف والتمييز تجاه المقررات الإجرائية بل يحق للمتضرر منها أن يراجع طريق الشكوى على الحكام بحق رئيس الإجراء فقط.

بمقتضى هذا النص كانت قرارات رئيس التنفيذ قبل عام 1953 مبرمة سواء صدرت وفق الأصول والقانون أو خلافه ويظهر أن قصد المشرع من ذلك هو عدم تأخير التنفيذ مدة طويلة تنافي السرعة المطلوبة في المعاملات التنفيذية. مما لا شك فيه أن هذا النص لا يأتلف من الحق والعدالة لأن رئيس التنفيذ لا يمكن اعتباره دائماً إنسانا معصوم من الزلل في الاجتهاد ولا معرض مهما اجتهد إلى الخطأ في تطبيق القانون كما أن الضمان الذي نص عليه المشرع العثماني وهو طريق الشكوى على الحكام لا معنى له لأن لكل متضرر من خطأ القاضي الجسيم بمقتضى أحكام القانون أن يشتكي على القاضي ضمن حدود الأصول المنصوص عليها رغم أن محكمة النقض العثمانية بهيأتها العامة كانت قد أقرت منذ عام 1327 مبدأ قبول دعاوى الأبطال الأصلية المقامة ضد المعاملات الإجرائية حتى لو تمت بعد البيع الجبري فإن هذا الاجتهاد المؤسس على عدم وجود ما يعاكس مبادئ العدالة العامة في قانون الإجراء لا يعطي المتضرر الضمان الكافي بل يزيد الأمر تعقيداً.

- استئناف قرارات رئيس التنفيذ في قانون أصول المحاكمات السوري:

إن المشرع السوري عام 1953 أخضع قرارات رئيس التنفيذ للطعن بطريق الاستئناف وجعل قرارات محكمة الاستئناف فيها لها قوة القضية المفضية ولقد أصاب في ناحيتين:

الأولى: في إلغائه النص القديم الذي يجعل قرارات رئيس التنفيذ مبرمة.

الثانية: في جعله قرارات محكمة الاستئناف لها قوة القضية المفضية حتى لا يؤخر ويطيل أمد الفصل في المعاملات التنفيذية لأنها تتطلب بطبيعتها سرعة البت والإنجاز.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف