الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/25
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

مكافحة المخدرات .. من غياب التشريع إلى الجملة المفيدة بقلم طارق عسراوي

تاريخ النشر : 2015-05-25
مكافحة المخدرات .. من غياب التشريع إلى الجملة المفيدة بقلم طارق عسراوي
مكافحة المخدرات .. من غياب التشريع إلى الجملة المفيدة. 

بقلم طارق عسراوي

حَمدنا الله كثيرا لمِا قامت به قوى الأمن في ضبط الكميات الهائلة من المواد المخدرة في مختلف أنحاء الضفة الغربية كما تناقلت وسائل الأنباء.

و إن ظاهرة المخدرات ليست ظاهرة حديثة إلا أنها كانت ظاهرة محدودة ( إن جاز التعبير ) و كانت مناعة المجتمع الذاتية تلفُظها و تحد من انتشارها بشكلها الواسع، و من خلال النظر الى الإنجازات التي حققتها قوى الأمن في ضبط هذا الكم الهائل من المواد المخدرة، و ما أعلنت عنه مشكورة  من ضبط لمصانع و مشاتل  واتلاف كميات في مناطق الخليل و طولكرم و قلقيليه و غيرها يضع هذا الموضوع على أول الأولويات و يوجب الحديث عنه من ثلاثة محاور. 

المحور التشريعي : إن التشريع الساري و المطبّق حتى يومنا هذا لمكافحة هذه الظاهره - لا تعجبوا - هو الأمر العسكري الصادر في العام ١٩٧٥عن الحاكم العسكري للإحتلال تحت الرقم ٥٥٨ و الذي تناول الظاهره تحت مسمى العقاقير الخطرة، وقد جاء هذا الأمر العسكري ( التشريع ) ناقصا و معيبا و لسنا آثمين إن قلنا أن فيه قصداً ممنهجا لخدمة أهداف الإحتلال في ضرب القيم الاجتماعية و ابقاء نمو آفة المخدرات مسيطر عليها بيد الإدارة العسكرية التي طالما سمعنا أنها سخّرتها إما لإسقاط الشباب و جرهم لمستنقع العمالة أو لأجل إيجاد أمراض إجتماعية مزمنة في جسد المجتمع الفلسطيني بشكل عام، و إلا لماذا كلّف الإحتلال نفسه في سنّ تشريع خاص للفلسطينيين مع أننا كنا سنقبل - في حينه - معاملة الفلسطيني في هذا الموضوع بنفس القانون الذي يُطبقه المحتل على مجتمعه و ملته.  عموماً، إن هذه الجريمة شأنها شأن كافة الجرائم، فهي متطورة بتطوّر المجتمع و إتساعه ولم تعد قاصرة على الأشكال النمطيّة أو التي كانت موجودة سابقا، و من هنا إن سريان هذا الأمر العسكري منذ العام ١٩٧٥ يجعل من نصوصه ضعيفة في التصدي للظاهرة المتطورة لانتشار و انتاج المخدرات في العام ٢٠١٥. 

في حقيقة الأمر إن غياب المجلس التشريعي الفلسطيني عن أداء أعماله، و إن كان له الأثر البالغ في عدم تطور الحياة التشريعية إضافة الى باقي الآثار السلبية التي ينتجها غيابه وليس هذا المقال مقامها، إلا أن غيابه لا يعني الإستمرار في بقاء الحالة التشريعية الراهنة في شأن مكافحة المخدرات، إذ أن النصوص الدستورية مكّنت رأس السلطة التنفيذية من صلاحيات إصدار القوانين و إصدار القوانين المُعدّلة حيث منحت المادة ٤٣ من القانون الأساسي الصلاحيّة التشريعية للسيد الرئيس بإصدار قرارات لها قوّة القانون وفق ضوابط أهمّها حالة الضروره ، و لم تحدد المواد القانونية ضوابط محدده لحالة الضرورة و إنما تركتها صلاحيّة تقديرية للظرف الذي يستدعي إستعمالها، أما الفقه القانوني فقد أطال في شرحه لمفهوم حالة الضرورة حيث يمكن إجمال ما قاله شُرّاح القانون بأنها " الأمر الطارئ الذي ينتج عنه ضررا اذا ما تأخر علاجه تشريعيا ، ويحدث خارج أدوار انعقاد المجلس التشريعي" و قد تعارفت الأنظمة القانونية على تمكين السلطة التنفيذيه من إصدار القوانين في حال غياب السلطة التشريعية وهو ما حمل لدينا إصطلاح القرار بقانون و في المملكة الأردنية مثلا بإصطلاح القانون المؤقت، ومن هنا فإن انتشار هذه الظاهره بهذا الشكل الكبير يجعل منها حالة تهدد المجتمع بأسره و يجعل أمر التصدي لها في ظل عدم انقاد المجلس التشريعي ضرورة لا خلاف عليها تشتمل في حدود المادة ٤٣ من القانون الأساسي، ولذا فإنه من الضروري إصدار قانون خاص يكافح ظاهرة انتشار المخدرات 

و لأجل أن يتصدى التشريع لهذه الظاهرة فإنني أرى وجوب أن يكون قانونا خاصا منفصلا بأحكامه و ليس بابا من أبواب قانون آخر، كأن يكون جزءا من قانون العقوبات مثلا ، لأن الحاجة التشريعية مرتبطة بتطور الجريمة كما أسلفت، و اكتشاف الوسائل الحديثه لمعالجتها و ردعها، و بإصدار قانون خاص لمكافحة المخدرات مستقلا عن قانون العقوبات يحقق الغاية من ذلك ويجعل من أمر تعديل مواده القانونية مقتصر عليه وحده، آخذين بعين الإعتبار أن قانون العقوبات يعتبر القانون الجنائي الأساسي الذي ينظم الحياة القانونية الجنائية و لا ضرورة لإخضاعة للجدل حول تحقق حالة الضرورة في حال إصدار قانون عقوبات جديد لكون مواده تحدد كافة الاعمال الجرمية و ليس موضوعا واحدا. 

و في حديثنا عن ضرورة وجود قانون فلسطيني خاص للتصدي لظاهرة المخدرات فإنه لا بد من الإشارة الى أن يتّسم هذا القانون بالنظرة العلاجية و الإصلاحية لمن يقعون في مستنقع تعاطي المخدرات و ليس العقاب فقط مع ضرورته للحفاظ على مفهوم الردع العقابي ، اضافة الى إيجاد نصوص عقابية رادعة لمن يروّج أو ينتج أو يتاجر في المواد المخدرة للحد من انتشار الظاهره.

المحور المؤسسي : لقد تحدثت النتائج الجيدة عن الجهود الكبيرة التي تقوم بها الأجهزة الأمنية ذات الإختصاص في متابعة ظاهرة انتشار المخدرات و التصدي لها ابتداءا من البحث عن المعلومة و انتهاءً بضبط المواد المخدرة و إحالة المشتبه بهم الى القضاء، إلا أن  أهمية هذا الموضوع توجب علينا إكتمال حلقة المؤسسات الرسمية لتحقيق الغاية من مكافحة هذه الآفة و التي هي الحفاظ على مجتمع خالي من هذا المرض، لذلك فإن عدم وجود مؤسسة رسمية واحدة تُعنى في متابعة المدمنين و المتعاطين يجعل سلسلة الإجراءات ناقصة، فلا يُعقل أن لا يوجد في فلسطين دارٌ رسمية واحدة لفطام المدمنين ، أو مصحة لعلاجهم ، أو مأوى لهم ، كما لا يُعقل أن يُسجن المحكوم عليهم من قبل القضاء في مراكز الإصلاح و التأهيل العامة و التي تفتقر بوضعها الطبيعي للإمكانيات العادية فما بالنا في حالة وجود مدمنين على المخدرات ! و ما المانع من تخصيص مركز إصلاح واحد و متخصص في التعامل مع المحكومين بجرائم المخدرات لكل المحافظات الشمالية، يكون فيه من الأخصائيين و المرشدين و الأطباء و ما يلزم للتعامل مع الظاهرة. 

من جهة أخرى، إن النقص الحاد في وجود المختبرات المتخصصة بفحص المواد المخدرة له الأثر في تأخير متابعة هذه الحالة، و أحيانا ضياعها، و أظن أن المختبر الوحيد الذي تلجأ له الجهات الرسمية في التحقق من كون المادة مخدرة أم لا منذ سنوات طويله هو مختبر جامعة النجاح مشكورة على هذه المقدرة ، ولكن يبقى  السؤال حول عدم توافر الإمكانية للمختبرات الرسمية لفحص المواد المشتبه بأنها مخدرة. 

إن هذه الأسئلة و للإجابة عليها لا بد أولا من وجود تشريع فلسطيني تكون الغاية منه حماية المجتمع الفلسطيني و يمهد لولادة باقي المؤسسات المتعلقة بالخصوص. 

المحور التوعوي : مكررا ما تناقله الأولون أقول " إن درهم وقاية خير من ألف علاج " وفي هذا الموضوع فإن جملة مفيدة و احدة تحد من انتشار الآفة خير من مئة عراكٍ سياسي متلفز ، و ان الأمر يحتاج الى وجود نشرات ثابته و غير تقليدية على القنوات الفلسطينية تظهر بشاعة الآفة، وتحذر منها، و لا يكفي القول الخجول في المناسبات كاليوم العالمي لمكافحة المخدرات إن ذلك يقع على عبء وزارة الإعلام و هيئة الإذاعة و التلفزيون و لا أريد الحديث عن دور المؤسسات الأهلية ليس انقاصا من دورها ولكن لكي تسبقها المؤسسة الرسمية لذلك ولكونه لا داعٍ لكي يصبح الأمر مشاريعا ، إنها فقط جملةٌ مفيدة تحذر من الآفة، كما يقع على وزارة التربية و التعليم إيجاد النشاطات الدائمة و ليس الموسمية فقط لبناء مناعة ذاتية و فكرية دائماً في ذهن الطلاب تقيهم من الوقوع في هذا المستنقع كما لا ضير من أن تقوم المؤسسات الرسمية ذات العلاقة بالنشاطات المعززة لذلك ، كأن تضع بلدية رام الله على الشواخص المرورية الدّاله على رام الله عبارة " رام الله خالية من السموم " مثلا او أي عبارة خلّاقة و لكن أرجوكم لا تقولوا أن الطريق الى المخدرات يبدأ من التدخين، و إن أكد الأخصائيون ذلك ، لن أكترث لهذا النصح.

أخيرا ، بالنظر لمجمل التشريعات الفلسطينية بطريقتيّ تشريعها - الطبيعية و الإستثنائية -  نجد أنها متأثرة ( منقولة ) عن تجارب تشريعيه لنظم عربية كمصر و الأردن، وهنا أرجو أن لا يتأثر التشريع الفلسطيني في هذا الموضوع بأي من التجربتين كثيرا ، فحتما هناك تجارب تشريعية برهن تطبيقها أنها أكثر نجاعة منهما يمكن الاستفادة منها لكونها تأخذ في مبدأ العلاج و العقاب.  ( فيما لو صدر تشريع فلسطيني ) .

وفي ظل هذا كُلّه أقول :  يمتاز الإنجاز عن غيره بالشكر ولو كان العمل واجبا، و الإخفاق عن غيره باللوم ولو كان العمل تطوعا ، لذا شُكرا للإنجاز ..
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف