هذا الفجر، يولد بين عدنان و مروان !
بقلم : طارق عسراوي
و من عاداتي أنّي نؤوم الغسق، متأخر اليَقظة ، و قد قلتُ ذات أمنية ماذا لو أنامُ كالبدءِ تسعة أشهر كامله ، فهل أستعيدُ البداية من أولها !
و ربما كان ذلِك واحد من أسباب تعلقي بذاكرة الولادة و البدايات بما لها و ما عليها.
أصغي لتراتيل الحمام المبكّرةِ و جوقة الدُوريّ ، تخطر في بالي كلمات محمود درويش " ليس من حق العصافير الغناء على سرير النائمين " أكررُ مبتهجا بصلاتها : أمنحُكِ كلّ الحق، أقلّب عناوين الأخبار سريعا، أقرأ مقالا عن خضر عدنان و رفاقه أبطال أسطورة الأمعاء الخاوية ،لقد تأثرتُ منذ البداية بصلابة إرادة خضر، فليس عاديا من يجتَرحُ حريّته في نِزال الإرادات، ليكون الآن في مخبزه يَرِقُّ الدقيق و ينفث فيه من نار شوقه عيشاً كريما ، و أيّ صمتٍ هذا الذي أطبَقَ على شفاهنا فانحدرنا أمام عُلُو قامته و إرادته !
قرب رأسي أرى كتاب " ألف يوم في زنزانة العزل الانفرادي " الذي بدأتُ في قراءته ليل أمس، و توقفتُ فيه عند كيف بدأ مروان المعزول في زنزانة رقم ٥ في سجن " أوهلي كيدار " في بئر السبع، باستغلال ساعة الشمس " الفوره" لتعليم زملاءه من أسرى العزل الأبطال من خلف نوافذ تلك القبور " كما يسميها " المفردات العبرية و كيف أنهم تعلّمو اللغة سماعيا ، و كلمةً كلمه ، و تخيلته كيف يمشي وحيدا في الساحة يلقّنهم الكلمة بصوت مرتفع ، وهم من داخل الزنازين يلتقطوها منه قبل ان يعود ليلقنهم كلمة أخرى .
لا يهزمُ من يتسلّح بالإرادة و يَسنّها رمحا ليجترح فيها الإنتصار.
أأكمل قراءته الان ؟ ماذا لو ألقت الكلمات طالعها في ساعة الفجر هذه على هذا النهار ! و لكن
أيُّ عزلة أسوأ مما نحن فيه الآن !!
إنها الرابعة فجراً ، لا أصحو بهذا الوقت و لكني إنبلجتُ من عتمتةٍ في مثل هذا الوقت ذات فجر ، لأدق بوابات هذا الصبح ، إنها ساعةٌ من ساعات البدايات المرتبكة ، أوّثِق هذا الفجر بهذه الكلمات و أستسلم لنداءات القهوة .
- صباحُ الخير،
للجباه المُشرقة بشمس الأمل و الوعد، الصابرة على الجوع و العزل و فراق الأهل.
لساعة الولادة المتفلّقةِ من رحم العتمة و تبشرنا بالغد الحر الجميل.
بقلم : طارق عسراوي
و من عاداتي أنّي نؤوم الغسق، متأخر اليَقظة ، و قد قلتُ ذات أمنية ماذا لو أنامُ كالبدءِ تسعة أشهر كامله ، فهل أستعيدُ البداية من أولها !
و ربما كان ذلِك واحد من أسباب تعلقي بذاكرة الولادة و البدايات بما لها و ما عليها.
أصغي لتراتيل الحمام المبكّرةِ و جوقة الدُوريّ ، تخطر في بالي كلمات محمود درويش " ليس من حق العصافير الغناء على سرير النائمين " أكررُ مبتهجا بصلاتها : أمنحُكِ كلّ الحق، أقلّب عناوين الأخبار سريعا، أقرأ مقالا عن خضر عدنان و رفاقه أبطال أسطورة الأمعاء الخاوية ،لقد تأثرتُ منذ البداية بصلابة إرادة خضر، فليس عاديا من يجتَرحُ حريّته في نِزال الإرادات، ليكون الآن في مخبزه يَرِقُّ الدقيق و ينفث فيه من نار شوقه عيشاً كريما ، و أيّ صمتٍ هذا الذي أطبَقَ على شفاهنا فانحدرنا أمام عُلُو قامته و إرادته !
قرب رأسي أرى كتاب " ألف يوم في زنزانة العزل الانفرادي " الذي بدأتُ في قراءته ليل أمس، و توقفتُ فيه عند كيف بدأ مروان المعزول في زنزانة رقم ٥ في سجن " أوهلي كيدار " في بئر السبع، باستغلال ساعة الشمس " الفوره" لتعليم زملاءه من أسرى العزل الأبطال من خلف نوافذ تلك القبور " كما يسميها " المفردات العبرية و كيف أنهم تعلّمو اللغة سماعيا ، و كلمةً كلمه ، و تخيلته كيف يمشي وحيدا في الساحة يلقّنهم الكلمة بصوت مرتفع ، وهم من داخل الزنازين يلتقطوها منه قبل ان يعود ليلقنهم كلمة أخرى .
لا يهزمُ من يتسلّح بالإرادة و يَسنّها رمحا ليجترح فيها الإنتصار.
أأكمل قراءته الان ؟ ماذا لو ألقت الكلمات طالعها في ساعة الفجر هذه على هذا النهار ! و لكن
أيُّ عزلة أسوأ مما نحن فيه الآن !!
إنها الرابعة فجراً ، لا أصحو بهذا الوقت و لكني إنبلجتُ من عتمتةٍ في مثل هذا الوقت ذات فجر ، لأدق بوابات هذا الصبح ، إنها ساعةٌ من ساعات البدايات المرتبكة ، أوّثِق هذا الفجر بهذه الكلمات و أستسلم لنداءات القهوة .
- صباحُ الخير،
للجباه المُشرقة بشمس الأمل و الوعد، الصابرة على الجوع و العزل و فراق الأهل.
لساعة الولادة المتفلّقةِ من رحم العتمة و تبشرنا بالغد الحر الجميل.